"اعتقال الثورة .. من يدفع ثمن الحرية؟" دراسة حديثة لرفيق حبيب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"اعتقال الثورة .. من يدفع ثمن الحرية؟" دراسة حديثة لرفيق حبيب

بتاريخ : الثلاثاء 27 اغسطس 2013

كتبه : سامية خليل

مقدمة

- الانقلاب لا يستهدف فقط تصفية الإخوان والقوى الإسلامية بل يهدف لتصفية الثورة.
- معركة الاستئصال الدموي لجماعة الإخوان؛ لأنها القوة الأكبر في تيار مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة
- استهدف الانقلاب القوى الإسلامية أولاً للتمهيد لاستعادة دولة الاستبداد ونظامها على حساب الديمقراطية الوليدة.
- الحرية لها ثمن يجب أن يُدفع، والقوى القائدة لحركة النضال السلمي تدفع الثمن مضاعفا وجماعة الإخوان في مقدمة الصفوف.
- من لا يوافق على الدستور عليه الوقوف مع شرعيته لأنه جاء بموافقة الأغلبية ولجنة منتخبة وليست معينة بانقلاب.
- أصبحنا أمام معسكرين اثنين: إما الثورة والتحرر، أو الاستبداد والفساد.
- من يقف مع الثورة يقبل بوصول الإخوان للسلطة إذا اختارتهم الأغلبية.
- الصورة اتضحت كاملة: نظام بوليسي قمعي قتل الآلاف وأصاب الآلاف واعتقل الآلاف في أسابيع قليلة.

في دراسة حديثة له عنوانها "اعتقال الثورة .. من يدفع ثمن الحرية؟" كشف د.رفيق حبيب الكاتب والمفكر والباحث السياسي أنه لم يخرج رموز النظام السابق من السجن، لتدخل قيادات الإخوان وحركة مناهضة الانقلاب فقط، بل خرج عمليا النظام السابق من وراء الأسوار، وعاد للحكم، وأدخل الثورة برمتها خلف القضبان، فقد اعتقل النظام السابق، ممثلا في قادة الانقلاب ثورة يناير، وبدأ عملية انتقام وحشية من تلك الثورة، التي هددت سلطته. وفيما يلي عرض لأهم القضايا التي تناولتها الدراسة:

تصفية الثورة

أكد حبيب أن الانقلاب العسكري لا يهدف لتصفية جماعة الإخوان المسلمين فقط، ولا كل القوى الإسلامية فقط، بل يهدف أساسا لتصفية الثورة.

وإذا كانت الثورة أسقطت رأس النظام، ولم تسقط النظام كله، ففي الانقلاب العسكري، سيطر النظام السابق على السلطة، وخرج رأس النظام حرا مرة أخرى، في إشارة رمزية مقصودة، تشير إلى نهاية الثورة.

وإذا كان البعض لم يدرك بعد، فإن الحقيقة أصبحت متكاملة، والمشهد أصبح واضحا، لقد خرج الانقلاب العسكري، ضد الثورة برمتها، لأن قادة الانقلاب يرفضون أساسا أن يتمتع الشعب المصري، بالحرية كاملة غير منقوصة، وأن يصبح للمجتمع المصري، الحق في تقرير مصيره، كاملا غير منقوص.

مواصلة النضال السلمي

وخلص حبيب إلى أن معركة الزمن الدموية، تنتصر فيها إرادة الشعوب، إذا استطاعت مواصلة النضال السلمي.

لأن الحرية لها ثمن، يجب أن يدفع، والقوى التي تقود حركة النضال السلمي، تدفع الثمن مضاعفا، وجماعة الإخوان المسلمين، أصبحت في مقدمة الصفوف، مما يجعلها تدفع الثمن الأكبر.

ولكن معركة التحرر لا تنجح، إلا إذا أصبح لدى السواد الأعظم، القدرة على دفع ثمن الحرية، حتى يتمكن من الحفاظ على تلك الحرية، وحتى لا تسرق حريته مرة أخرى، وتسرق ثورته، بحجج فاسدة، كما حدث في الانقلاب العسكري على الثورة.

فلماذا الإخوان إذن؟

تحت هذا العنوان "فلماذا الإخوان إذن؟" فسر حبيب سبب استهداف قادة الانقلاب جماعة الإخوان المسلمين أولا، لأنها القوى الإسلامية الأكثر تنظيما والأبرز حضورا، اجتماعيا وسياسيا.

لذا، فالانقلاب بدأ بالقوى التي يمكن أن تقف أمامه، وتفشل مخططه، فاستهدفها أولا، وهو يمهد لاستهداف كل القوى الإسلامية، حتى يقضي أولا على كل قوى التيار الإسلامي، لأنه يعتقد أنها القوى السياسية الأبرز.

استعادة دولة الاستبداد

وعودة النظام السابق، تشير بوضوح لتصور قادة الانقلاب عن الحقيقة على الأرض، حيث أن القوى الإسلامية تمثل التيار السياسي الأكبر، في حين أن النظام السابق يمثل أوسع وأقوى شبكة مصالح، لذا يتم استهداف القوى السياسية ذات الشعبية الواسعة، حتى يتم التمهيد لعودة النظام السابق، واستعادة دولة الاستبداد مرة أخرى، على حساب الدولة الديمقراطية الوليدة.

كسر إرادة المجتمع

والثورة هي عملية تحرر شعبي حقيقي، ونجاح الثورة، يتحقق عندما تتحقق الحرية الكاملة، وغير المنقوصة.

ولم يأتي الانقلاب العسكري، حتى يحقق الحرية لمصر، بل جاء حتى يجهض الحرية التي تحققت. فمع بداية الانقلاب، بدأت سياسة أمنية قمعية، لم تحدث كثيرا في تاريخ مصر، ولم تشهد مثلها مرحلة ما قبل 25 يناير، حيث تم التوسع في الاعتقال والقتل والتعذيب، بصورة غير مسبوقة، شملت عشرات الآلاف في أسابيع قليلة.

والهدف من ذلك واضح، فالانقلاب يهدف أساسا لكسر إرادة الشعب، واختار أن يبدأ بكسر إرادة جماعة الإخوان المسلمين، والقوى الإسلامية المتحالفة معها، حتى إذا نجح، يبدأ في كسر إرادة المجتمع كله.

الخلاف على الثورة

استغلت نخبة الدولة العميقة الخلافات بين القوى السياسية، حتى تعمق الأزمة بين القوى العلمانية والقوى الإسلامية، ثم تستغل هذه الأزمة، لتعيد النظام السابق من جديد، وتجهض الثورة مرحليا.

والمشكلة العميقة في بنية المجال السياسي، أن توجهات النظم المستبدة كانت علمانية، ومعادية للمشروع والهوية الإسلامية، مما جعل القوى العلمانية، تمثل حليفا طبيعيا، للنظام السابق وقوى الدولة العميقة.

وبهذا، أصبح الخلاف حول الهوية العامة للمجتمع والدولة، يتحول إلى خلاف حول الثورة نفسها.

فقد انحازت القوى العلمانية والكتل المؤيدة لها، إلى النظام السابق ضد الثورة، لأنها رأت أن الثورة سوف تنتج نظاما إسلاميا.

الكتلة المضلَّلة

لم يكن من الممكن الانقلاب على الثورة، دون عملية تضليل إعلامي واسعة النطاق.

فمن خلال الحملات الإعلامية المضللة على جماعة الإخوان المسلمين، وعلى الرئيس محمد مرسي والحكومة، تم حشد كتل معارضة للإخوان المسلمين، وكتل معارضة للرئيس والحكومة، حتى تقف في صف القوى المعارضة لتحرر المجتمع المصري.

وكان هذا، من أكبر عمليات التضليل تاريخيا، حيث أخرجت كتل من عامة الناس، حتى تسقط الرئيس الذي لا تؤيده، وهي في الحقيقة تسقط حريتها في الاختيار عن طريق صندوق الاقتراع، وتسقط حقها في التظاهر والاعتصام في الشارع.

العودة للحقيقة

رصد "حبيب" أنه منذ اليوم الأول للانقلاب العسكري، ظهر أنه يعيد النظام السابق للحكم، ويقوض الديمقراطية ويجهض الثورة.

ولكن البعض احتاج المزيد من الوقت، حتى يدرك حقيقة ما حدث.

والبعض ظل يقاوم الحقيقة، ويساعده في ذلك إعلام الانقلاب المضلل.

ولكن الصورة اتضحت أكثر فأكثر، فإذ بنا أمام نظام بوليسي قمعي، قتل الآلاف، وأصاب الآلاف، وأعتقل الآلاف، في أسابيع قليلة.

فأصبحنا أمام وجه الحقيقة.النظام السابق، الذي قامت ثورة يناير في وجهه، يحكم مصر، والثورة اعتقلت.

وأصبحنا أمام معسكرين أثنين، معسكر الثورة والتحرر، ومعسكر الاستبداد والفساد.

ولم يعد هناك من موضع ثالث.

إما ثورة أو استبداد

فمن يقف مع الثورة، ويقف مع الحرية، سوف يقبل بوصول الإخوان للسلطة، إذا اختارتهم الأغلبية، حتى وإن لم يختارهم.

وسوف يقبل أن تكون هوية الدولة إسلامية، إذا كان هذا هو خيار الأغلبية المجتمعية، ولا معنى أن يقف أحد ضد حكم العسكر وضد حكم الإخوان، وينادي بطريق ثالث لا يأتي بالعسكر أو الإخوان للحكم.

فالعسكر لا يحكمون من خلال صناديق الاقتراع، والإخوان إذا وصلوا للسلطة، سوف يصلون من خلال صناديق الاقتراع؛ وأي انتخابات حرة نزيهة، تصل بأي قوة سياسية للحكم، يمكن أن تصل بالإخوان للحكم.

لذا فالاختيار هو بين الديمقراطية والحرية من جانب، وبين استبداد من الجانب الآخر، ولا يوجد طريق ثالث.

حياة أو موت

الصورة الكاملة انقلاب متكامل الأركان على ثورة يناير، لم يعد أمام أحد من عامة الناس، أو من القوى السياسية، أو من الكتل الاجتماعية، إلا أن يقف في جانب من الاثنين، فإما يقف مع النظام السابق، أو يقف مع الثورة.

ولم يعد هناك طريق ثالث، إلا من اختار أن يكون متفرجا، وهو بهذا قد وقف عمليا مع الاستبداد؛ فالمعركة أصبحت معركة حياة أو موت، ليس فقط لمصر، بل ولكل دول الربيع العربي، وكل الدول العربية والإسلامية.

وفي معارك الحياة والموت، لا يوجد طريق ثالث بين الحياة والموت.

هل الدستور هو المشكلة؟

ونبه "حبيب" إلى أن من يقف اليوم مع الشرعية، يقف واقعيا مع الدستور الذي أستفتي الشعب عليه، ويقف ضد دستور الانقلاب، الذي يراد فرضه على المجتمع.

وحتى من لا يوافق على الدستور الذي أنتجته ثورة يناير،عليه أن يقف مع شرعية الدستور، التي نتجت من موافقة الأغلبية عليه.

ومن يقف معها يقف أيضا مع حق عامة الناس في تعديل الدستور، من خلال عملية سياسية لها قواعد منظمة، ويقف ضد أن يعدل الدستور من خلال لجنة يعينها الانقلاب العسكري، وبدون أي قواعد ديمقراطية.

وإذا كان البعض يرفض الدستور، بسبب الهوية الإسلامية، ويقف مع الانقلاب، حتى يتم تعديل الدستور، فهو بهذا وقف ضد الحرية والديمقراطية، ورضي بأن يتم فرض تعديلات دستورية أو دستور جديد على عامة الناس على غير رغبتهم.

إبادة سياسية لتمرير دستور الانقلاب

ومن يتصور أن قادة الانقلاب، سوف يضعون دستور الانقلاب، ويسمحوا لعامة الناس بالاستفتاء عليه بحرية ونزاهة، فقد غاب عنه تلك السياسة القمعية البوليسية، التي تهدف إلى إقصاء فصيل كامل، رافض للانقلاب، وسوف يرفض التعديلات التي يفرضها الانقلاب على الدستور.

فلأن قادة الانقلاب يدركون أن القوى الإسلامية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، سوف يرفضون أي تعديلات غير ديمقراطية للدستور المستفتي عليه؛ لذا يقومون بعملية إبادة سياسية لتلك القوى، حتى يتم تمرير التعديلات الدستورية التي يريد الانقلاب فرضها.

عملية إقصاء دموي

إذا كان قادة الانقلاب، ينفذون عملية إقصاء دموي لمن يعارض الانقلاب، فلا يمكن بحال، أن يعيدوا الديمقراطية، التي تم اعتقالها مع الثورة، بعد الانقلاب العسكري.

والبعض يتصور، أنه سوف يفرض تعديلات علمانية على الدستور، ثم يسمح بالحرية والديمقراطية بعد ذلك، وهذا تصور خطأ.

لأن قادة الانقلاب العسكري، يدركون أن الهوية الإسلامية، تمثل تيار الأغلبية المجتمعية، مما يعني أن تقليصها وتفريغها من مضمونها، سوف يلاقي رفضا شعبيا واسعا، مما يجعل تقييد حرية المجتمع في الاختيار، هي الهدف النهائي للانقلاب وفي كل الأحوال فإنه يعمل على تقييد الإرادة الشعبية الحرة، بأقصى درجة مما يعني، أن من يقبل دستور الانقلاب، يقبل عمليا تغييب الديمقراطية والحرية، وتغييب الثورة نفسها، فلا معنى لثورة لا تحقق التحرر الكامل وغير المنقوص للمجتمع.

التصفية الدموية للتيار الإسلامي

من اللحظة الأولى للانقلاب العسكري، وهو يمارس سياسة بوليسية قمعية دموية ضد قوى وجماهير التيار الإسلامي، وصلت لسلسلة من المذابح على الهوية، لم يعرفها التاريخ المصري. فأصبحت القوات النظامية تصفي تيارا سياسيا، على أساس هويته السياسة والاجتماعية.

وعملية الإبادة السياسية، تهدف أساسا إلى إقصاء القوى الإسلامية، مما يتيح السيطرة على المجال السياسي، وبناء نظام سياسي يقوم على العسكرة والعلمنة.

تصفية الخصوم السياسيين

ومن يفترض أن الانقلاب العسكري، سوف يقضي على القوى الإسلامية، ثم يحقق الحرية والديمقراطية، لفصيل من المجتمع، مما يجعل القوى العلمانية تتمتع بالحرية والديمقراطية، التي يحرم منها التيار الإسلامي، لم يقرأ بعد تاريخ الأنظمة المستبدة.

ففي كل الأنظمة المستبدة، يتم تصفية الخصوم السياسيين أولا، ثم يتم حصار القوى الباقية، حتى لا تخرج على السلطة المستبدة المطلقة.

استئصال الإخوان

ينفذ قادة الانقلاب مخططا، يقوم على ضرب تنظيم الإخوان المسلمين، ضربات متتالية موجعة، حتى يتم تفكيك التنظيم مرحليا، ويتم عرقلة قدرته على الحركة.

والهدف من ذلك، وقف حركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة، حتى يتم تمرير مخطط الانقلاب العسكري، والقضاء على ثورة يناير، وأيضا تقويض الديمقراطية.

ومخطط الانقلاب، يبدأ بتصفية أو استئصال جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها القوى الأبرز في المجتمع، وداخل التيار الإسلامي، والتي تستطيع الوقوف أمام قوى النظام السابق، وهي أيضا القوة المتهمة من قبل النظام السابق، بأنها السبب في إنجاح الثورة.

وفي النهاية، سوف يعمل الانقلاب على تصفية القوى الإسلامية، والتي تمثل الثقل السياسي الجماهيري، الذي يمكن أن يتصدى للانقلاب، حتى تبقى النخب العلمانية، لتعمل داخل إطار النظام المستبد مرة أخرى.

واستمرار السياسة القمعية البوليسية تجاه التيار الإسلامي، تحصر المعركة بين قادة الانقلاب والقوى الإسلامية، وتبرز أيضا معركة قادة الانقلاب مع جماعة الإخوان المسلمين، مما يجعل للثورة المضادة عنوانا علمانيا، ويجعل للثورة عنوانا إسلاميا.

وإذا أعتبر البعض ما حدث ليس انقلابا عسكريا، بل ثورة، إذن فلقد أصبحت مصر تعيش بين ثورتين، ثورة علمانية تعتمد على القوات النظامية، وثورة إسلامية، تعتمد على القوى الشعبية.

ومعركة الاستئصال الدموي لجماعة الإخوان المسلمين، ولأنها القوى الأكبر في تيار مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة، سوف يربط مسار الثورة والحرية والديمقراطية، بمستقبل جماعة الإخوان المسلمين.

لأنه إذا انكسرت جماعة الإخوان المسلمين مرحليا، فإن الثورة سوف تجهض، والديمقراطية والحرية سوف تجهض أيضا، ولكن ليس مرحليا، بل لزمن كبير.

فجماعة الإخوان المسلمين، إذا انكسر تنظيمها نسبيا، يمكن أن تستعيد بناء التنظيم في وقت قليل، ولكن انكسار الثورة المصرية، يدخل مصر، وغيرها من دول الربيع العربي، في مرحلة من الحكم المستبد، تستمر لعقود.

أهم معارك الثورة

فتطور الأحداث، ربط جماعة الإخوان المسلمين، بأهم معارك الثورة، مما جعل الجماعة في قلب معركة فاصلة، من معارك الأمة.

فالمعركة بين الثورة والثورة المضادة، أصبحت معركة حياة أو موت بالنسبة للأمة.

وإذا كانت معركة الانقلاب العسكري، هي معركة حياة أو موت بالنسبة لقادة الانقلاب، فهي أيضا معركة حياة أو موت، بالنسبة للتيار الإسلامي، والأمة الإسلامية.

تحولات ثورة يناير

تلك الأحداث والتحديات التي واجهت ثورة يناير، أدت عمليا إلى تحولات كبرى في مسار الثورة، بعد أن واجهت انقلابا عسكريا، أجهض الثورة مرحليا.

فالثورة الآن، أصبحت تعتمد على الجماهير أكثر من أي وقت مضى، ولم تعد ثورة تسع الجماهير والنخب، بل تعتمد أساسا على السواد الأعظم، أي تعتمد على تلك الكتلة الواسعة من المجتمع، والتي حاول الانقلاب أن يدعي أنها معه، وهي واقعيا لم تكن معه، ولن تكون معه.

ثورة شعبية خالصة

فثورة يناير، كانت ثورة شعبية، أي كانت ثورة السواد الأعظم، ولكنها سرقت من قبل نخبة الدولة العميقة، والنخب السياسية، والنخب العلمانية. فالنخبة، سرقت ثورة الشعب، ولن تعود ثورة الشعب، إلا بإرادته الحرة مرة أخرى، لتصبح ثورة السواد الأعظم، أي ثورة شعبية خالصة.

وإذا كانت هوية السواد الأعظم في مصر، وغيرها من دول الربيع العربي، إسلامية، فإن الثورة تستعاد مرة أخرى، بهوية واضحة وظاهرة، وهي الهوية الإسلامية.

فإذا كانت الموجة الأولى من الثورة، التي تم سرقتها أو إجهاضها، لم تكن بهوية واضحة، فإن استعادة الثورة مرة أخرى، سوف تكون بهوية واضحة، وهي هوية السواد الأعظم من المجتمع، فهو الوحيد القادر على استعادة الثورة.

وإذا كانت جماعة الإخوان المسلمين، تمثل النواة الصلبة للمجتمع، لذا فهي أصبحت تمثل النواة الصلبة للثورة، وأصبح للثورة قيادة تتمثل في حركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة، ولم تعد الثورة بلا قيادة.

فإذا كان الانقلاب نفسه، له قيادة عسكرية علمانية نخبوية، فإن الحركة المناهضة له، لها أيضا قيادة إسلامية في أغلبها. مما يعني، أن أي قوى تلتحق بموجة استعادة الثورة، ستعمل تحت مظلة الهوية التي يختارها السواد الأعظم من المجتمع.

مما يعني، أن جماعة الإخوان المسلمين، بحكم التطور التاريخي لثورة يناير، أصبحت تحمل مسئولية قيادة الحركة المنظمة للثورة، ومسئولية تحقيق الاستمرارية والتواصل والاستدامة لحركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة، مع القوى الإسلامية الأخرى المدافعة عن الثورة.

وأصبح تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، مرتبطا بتاريخ ثورة يناير، وتاريخ الربيع العربي. وهو

ما يعني ضمنا، أن جماعة الإخوان المسلمين، أصبحت النواة الصلبة الظاهرة، لاستعادة ثورة يناير، وحماية الربيع العربي.

إجهاض الربيع العربي

كل مشهد الربيع العربي، أصبح يتجه نحو مسار مشترك، فما يحدث في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، يتجه نحو معركة شاملة ضد الربيع العربي كله؛ معركة تحتاج إلى فعل منظم فاعل، يوحد حركة السواد الأعظم، حتى تتحقق إرادة المجتمع، وينال الحرية كاملة.

وما يحدث في مصر، يمثل المعركة المركزية، التي يراد إعادة إنتاجها في دول الربيع العربي، بعد أن تم عرقلة مسار الربيع العربي في سوريا.

فالمراد، هو إجهاض الربيع العربي في مصر، حتى يتم تعميم هذا الإجهاض في دول الربيع العربي الأخرى.

طليعة وليست نخبة

وجماعة الإخوان المسلمين، لا تمثل نخبة المجتمع، بل تمثل طليعة المجتمع، التي تتقدم المشهد وتدفع الثمن، حتى يتمكن المجتمع من تحقيق ما يريد.

والقوى الإسلامية المناهضة للانقلاب العسكري، تتقدم المشهد دفاعا عن خيارات المجتمع الحرة، وبهذا تقوم بدورها كطليعة للمجتمع، تقود الحركة، وتدفع الثمن.

فمادامت خيارات السواد الأعظم، هي خيارات القوى الإسلامية، أصبحت القوى الإسلامية، هي الطليعة المكلفة بحماية الثورة والحرية، والعمل على تقوية حركة مناهضة الانقلاب، حتى لا تضعف أو تتراجع، فيتمكن الانقلاب من فرض هيمنته، وتعميم حالة الخوف في المجتمع، فلا يتمكن المجتمع من مواجهة الانقلاب العسكري، واستعادة الثورة.

المصدر