أحمد ياسين .. ما أصغرني أمام عطائك!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
أحمد ياسين .. ما أصغرني أمام عطائك!

بقلم: إسماعيل إبراهيم الثوابتة

قبل أن أكتب هذا المقال فإنني أعتذر بشدة لأنه بالطبع لن يوفي الشيخ الشهيد أحمد ياسين حقه في الوصف، ولكن إنها محاولة يكتبها صغير مثلي أمام عطاء الشيخ أحمد ياسين الذين رحل وهو يأمل رضا الله عز وجل، ونقول له: يا شيخنا إن البيع قد جرى وإن الرحمن قد اشترى.

تهب علينا هذه الأيام رياح معطرة بذكرى استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وأحد عظماء التاريخ المعاصر، شيخ أبى الرحيل قبل أن يسطر بمداد من ذهب تاريخه العظيم في مقاومة الاحتلال على أرض فلسطين المسلمة.

كان الشيخ ياسين شيخ قعيد لا يقدر على الحراك إلا بلسانه، ولكنه بالرغم من ذلك فقد استطاع الشيخ أن يوقظ الأمتين العربية والإسلامية، حتى في شهادته أوصل رسالة قوية بل وصارخة مفادها أن هذا الاحتلال المجرم الذي أمضيت حياتي في مقاومته بالكلمة والإعداد ها هو اليوم يقتلني وأنا على كرسي متحرك.

لقد صدقت يا شيخنا فأنت صاحب الهمة وهم الضعفاء والمرتزقة الذين جاءوا من أصقاع الأرض لكي ينتهكوا حرمة بلاد ليس لهم، هجّروا أهلها - كما هجّروا الشيخ من بلدة الجورة – وقتلوا أبناءها واستولوا على خيراتها.

لقد كانت حياة الشيخ أحمد ياسين حياة حافلة بالتضحيات الجسام، ولعل هذه التضحيات بدأت منذ أن رحت عائلته قسرا وتحت ضربات العصابات الصهيونية من بلدة الجورة عام 1948 م، ثم كان صبره على القضاء والقدر الذي كتبه الله عليه منذ أن أصيب بالشلل الكامل عندما كان يمارس الرياضة، ثم حاول الشيخ مواصلة حياته رغم إصابته فواصل دراسته وأصبح مدرسا وحاول إكمال مسيرته التعليمية، بيد أن ظروفه الحياتية كانت الأقوى وكانت السبب الأول والأخير في استمراره في التعليم.

ولكن على الرغم من ذلك فقد عمل الشيخ منذ صغره على خدمة المجتمع الفلسطيني من كافة النواحي وأولها النواحي الاجتماعية، فعمل رئيساً لجمعية المجمع الإسلامي الذي له تاريخ عريض في خدمة القضية الفلسطيني والشعب الفلسطيني.

وبدأت جسارة وقوة الشيخ تقوى كلما تمكن المرض منه أكثر، ففي عام 1982 م اعتقلته قوات الاحتلال بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري ضدها، وحكمت عليه المحكمة ثلاثة عشر عاما، ولكنه أفرج عنه عام 1985 م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال الصهيوني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة.

وكان تأسيس حركة حماس عام مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 م نقلة نوعية في حياة الشيخ أحمد ياسين وفي تاريخ القضية الفلسطينية حيث قلبت الحركة المعادلة من خلال تنظيمها القوي الذي أصبح التنظيم رقم 1 لاحقا في الساحة الفلسطينية.

اعتقل الشيخ ياسين عام 1989 م، وحكم الاحتلال عليه حكماً بالسجن المؤبد مدى الحياة مع إضافة 15 عاما بتهم عديدة أبرزها اختطاف جنود "إسرائيليين"، وتأسيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بجهازيها السياسي والعسكري.

وبقي الشيخ أحمد ياسين في الاعتقال والمعاناة في سجون الاحتلال وكانت له مواقف مشرفة ومشرقة كل يوم، حتى تم الإفراج عنه في أكتوبر عام 1997 م بعدما اتفقت الأردن مع الاحتلال بإتمام عملية تبادل لعميلين للموساد حاولا اغتيال الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وأطلق سراح الشيخ ياسين وعاد من جديد يمارس نشاطه السياسي في مواجهة الاحتلال ومخططاته الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.

نجح الشيخ بل وبرع في نشر فكرة الحركة الإسلامية في كافة أنحاء دول العالم من خلال مواقفه وإصراره على حقوق الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، حتى وصل الأمر بخروج العديد من القادة السياسيين وغيرهم عن صمتهم والإعراب عن إعجابهم بالشيخ أحمد ياسين وبطريقته في عرض القضية الفلسطينية وحقوق شعبه وهموم الناس.

ولكن أبت الحقارة أن تفارق أهلها، فتجرّأ الاحتلال في محاولة جبانة وفاشلة لاغتيال الشيخ أحمد ياسين في سبتمبر عام 2003 م، حيث استهدفه بصاروخ أطلقته طائرات حربية تابعة لسلاح الجو "الإسرائيلي".

وبعد هذه المحاولة وتحديدا يوم الاثنين الموافق 22 مارس 2004 م، عاودت طائرات الاحتلال استهداف الشيخ أحمد ياسين بعدة صواريخ بينما كان عائدا من صلاة الفجر على كرسيه المتحرك، فنال الشهادة التي طالما حلم بها، وتمناها، فناوله إياها ربه في ذلك اليوم الفارق في القضية الفلسطينية، ولكن كان ذلك اليوم لعنة - ومازال - على الاحتلال، حيث كبرت حركة حماس أكثر وأكثر بل وازداد التنظيم صلابة وقوة وانتشارا، فرحل الشيخ بجسده ولكن مواقفه لازالت حية فينا، فهنيئا لك يا شيخنا أحمد ياسين الشهادة وإلى لقاء في الجنان بإذن الله.