أصوات مزورة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

مارك لينش

اتخذت الحركات الإسلامية المعتدلة في العالم العربي قرارًا حاسمًا في اتجاه المشاركة في الحياة السياسية الديمقراطية على مدى السنوات الـ 20 الماضية وذلك عن طريق تطوير مبرر أيديولوجي لخوض الانتخابات التي يواجهون فيها انتقادات حادة من الأطياف الإسلامية المتشددة. في نفس الوقت، فقد أظهرت التزامها بالديمقراطية الداخلية وفقا لمعايير المنطقة، كما أثبت مرارا وتكرارا عن استعدادها لاحترام نتائج الانتخابات حتى في حال الخسارة.

ولكن بدلا من أن ترحب بهذا التطور فإن الأنظمة العلمانية المستبدة قابلت هذه الخطوة بمزيد من القمع. فمرارا وتكرارا، أدى نجاح المشاركة الانتخابية من قبل الإسلاميين إلى رد فعل عنيف، وغالبا بالموافقة عليه - إن لم يكن التشجيع - من قبل الولايات المتحدة. فعندما تغلبت حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في عام 2006، كان الرد هو المقاطعة والتخريب السياسي. كما أنه عندما قامت الحكومة المصرية بحملة على جماعة الإخوان المسلمين بعد الانتخابات التي جرت في عام 2005، فإنه لم يعترض على ذلك غير القلة.

وفي حين تم توصيد باب الديمقراطية أمام وجوههم، فكيف قامت الجماعات الإسلامية التي تبنت المشاركة بالرد؟ في بعض النواحي، اجتازت هذه الجماعات الاختبار بسهولة متناهية حيث لا تزال ملتزمة بالمشاركة الديمقراطية، حتى في مواجهة التزوير الانتخابي واسع النطاق وفي ظلال حملات القمع القاسية. من جانبهم، أكدت قيادتهم على المثل العليا للديمقراطية، وكثيرا ما تؤكد مجددا على التزامها الأيديولوجي والاستراتيجي للديمقراطية. وفي ظل هذا الإطار، أيد كثير منهم ملفات الحريات العامة والإصلاح الديمقراطي ولم تسجل بوادر حتى الآن تشير إلى تحول تنظيم من هذا القبيل إلى العنف كبديل.


من منحى آخر، تزايدت حصيلة القمع السياسي مما أجج شكوكًا حول قيمة المشاركة الديمقراطية داخل هذه الحركات. ومن ثم حدثت انقسامات في الصفوف العليا التي عكرت صفو الحركات في الأردن ومصر على وجه الخصوص. في كثير من الحالات، تفضل قيادة جماعة الإخوان المسلمين النهج التوائمي المعتدل مع النظام حيث تسعى جاهدة لإيجاد وسيلة للرد على الضغوط المتصاعدة من القمع وإغلاق المسارات نحو المشاركة الديمقراطية. ففي مصر، شعر الصف الإخواني بالإحباط إزاء الإعتقالات الموسعة التي طالت أبرز قادة الجماعة اعتدالاً وهو ما أثر على دعاوى الإخوان عن جدوى المشاركة في الحياة السياسية، فيس ظل وجود توجه يدعو إلى الانسحاب من الحياة السياسية، وإعادة التركيز على النشاط الاجتماعي والعمل الديني. وفي الأردن، تنامت التيارات والدعوات التي تسعى إلى التخلي عن قضايا السياسة الداخلية مدعين عدم جدواها، والتركيز بدلا من ذلك على دعم حماس.

المنتقدين لجماعة الإخوان المسلمين يرون في الصراعات الأخيرة دليلاً على أن الإسلاميين لا يمكن اسئمانهم على الديمقراطية. ولكن هذا يعد قراءة خاطئة للاتجاهات الحالية. فهذه الأزمات في الواقع تعكس تأخر الاستجابة إلى الوعد المقطوع من قبل الأنظمة بالمشاركة الديمقراطية. فجدل الإسلاميين اليوم ليس حول شرعية الديمقراطية لكنه حول كيفية التعاطي مع حالة الإحباط الحاصل والمشاركة في اللعبة الديمقراطية.


كنت مؤخرا في عمان حيث أمضيت بها أسبوعًا وقد تحدثت مع معظم كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن فضلا عن شريحة من النخبة السياسية والإعلامية في البلاد. فالصورة التي ظهرت لم تكن مجرد حركة إسلامية تعيش في أزمة لكنه أيضًا نظام سياسي يعيش في حالة تحلل وتدهور. فالحكومة هناك في طريقها للتراجع عن دعوة البرلمان للانعقاد للتصويت ضد قوانين يشوبها عوار دستوري إلى جانب فصول من الصراع الاجتماعي الواقع بين القبائل حيث باتت المشاكل الاقتصادية وسط تصاعد الفساد حديث الشارع الأردني اليومي.

جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، التي أنشئت في عام 1946، هي واحدة من اقدم واعرق فروع التنظيم الدولي. على عكس العديد من البلدان الأخرى التي قامت فيها الجماعة بأدوار معارضي السلطة، لعبت الجماعة في الأردن دورا حاسما على مدى عقود في دعم العرش الهاشمي ضد منافسيه في الداخل والخارج. في المقابل، تتمتع الجماعة بعلاقة مميزة مع الدولة الأردنية، يتجلى ذلك في السيطرة على وزارات رئيسية، وإقامة علاقات طيبة مع الملك حسين على الرغم من علاقاته الودية مع إسرائيل والولايات المتحدة.

عندما خسر الأردن الضفة الغربية في حرب عام 1967، كافحت المملكة للحفاظ على دورها في الأراضي المحتلة. في عام 1988 الذي وافق اندلاع انتفاضة الشعب الفلسطيني التي هددت على نحو ما بالانتشار في الضفة الشرقية، تخلت الأردن رسميًا عن مطالبها، كما قطعت علاقاتها مع الغربية وركزت على تطوير الضفة الشرقية مع "أردنتها" لتكون بذلك دولة مبتورة، وهو القرار الذي لم تقبله جماعة الإخوان المسلمين، التي لا زالت تقيم علاقات مع نظيرتها في الضفة الغربية.

عندما اندلعت أعمال الشغب في