الأزمة الاقتصادية وسكرات المشروع الأمريكي للهيمنة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الأزمة الاقتصادية وسكرات المشروع الأمريكي للهيمنة ..... بقلم / عزيز يوسف

أزمة.png

أعتقد أنه من الضروري ونحن في أوج الاستعدادات للانتخابات الأمريكية أن نُذكّر أنفسنا أن هناك أمور كثيرة تشكل ثوابت ومقررات متفق عليها في الاستراتيجية السياسية الأمريكية ولا تتغير بتغير هوية متخذ القرار شخصاً كان أو حزب.

لعل من أهم هذه الثوابت وتلك المقررات استكمال مشروع واستراتيجية الهيمنة العسكرية والعامة على العالم , ظهر ذلك واضحا من خلال حوارات وتصريحات ومناظرات المرشحين للرئاسة الأمريكية أوباما وماكين, الذين لم يبديا أي توجه للإنحناء بالسياسة الخارجية الأمريكية بعيداً عن المسار المنحرف الحالي للرئيس بوش رغم كل ما يقال عن خطئه وشذوذه .

أي أننا يمكننا القول أن مشروع السيطرة على العالم ومحاولة فرض الهيمنة الأمريكية على القارات الست واستعراض العضلات من خلال عولمة القطب الواحد ليست سلوكاً خاصاً ابتدعه جورج بوش الإبن ولا أحد من ادارته وإنما هو مشروع قديم جديد يصف بوضوح النفسية والعقلية الأمريكية وصفاً دقيقاً بغض النظر عن أشخاصها المرحلية ورموزها السياسية .

لاشك أن هناك عوامل كثيرة ساعدت في تكوين تلك النفسية واذكاء ذلك الكبر, ويجب أن نعترف أن إدارات ومؤسسات ومراكز بحثية واستراتيجية أمريكية وقرارات اُتخذت وسياسات رُسمت لتَنفُذ من خلالها أمريكا الى ما وصلت اليه في الطريق لتحقيق مشروعها الاستراتيجي التوسعي الحالم .

بصيغة أخرى يمكن القول أن الذين ذهبوا الى خطأ بوش وغباء سياسته أو حتى حَمّلوا الإدارة الأمريكية كلها خلال فترة حكمه المسؤلية . فإن هؤلاء جانبهم الصواب واختزلوا المشكلة في شخوص وصور رغم أنها في حقيقة الأمر استراتيجية مرسومة طويلة المدى وسلوك طبيعي لأي ادارة أمريكية تحكم حينئذ , وبمعنى آخر هو جُب فرضته المرحلة ودخله العملاق الأمريكي وراء طموحه بغض النظر عن اسم وصورة وحزب الجالس على عرش البيت الابيض .

ولكن كما يقولون تأتي الرياح أحياناً بما لا تشتهي السفن وبالفعل أتت رياح الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي ألّمت بأمريكا في سبتمبر 2008 لتضع هذا المشروع وطموحات الساسة الأمريكان ومن قبل ذلك تضع الاقتصاد الأمريكي برمته في مهب الريح وتهدد مسيرة الهيمنة خاصة اذا لم تفلح سياسات الانعاش التي تقوم بها ادارة بوش والكونجرس الأمريكي في الداخل , وكذلك اذا تخلى عنهم الاصدقاء من حلفاء أوربا , واذا لم تكف ثروات المغفلين العرب في الخليج في تطويق الأزمة .

لايجب أن نفصل بين حقيقة المشروع الأمريكي وبين الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أصابتها خاصة إذا تأكد للجميع أن السبب الحقيقي للأزمة هو انفاق أكثر من تريليون دولار على حربين في أفغانستان والعراق مع الاسراف في الدعم المادي لاسرائيل , واذا كنا نسميه إسرافاً فإن الإدارة الأمريكية تعتبر هذه الأموال وتلك الحروب بل والدماء من فروض الاعيان لتحقيق مشروعها الاستراتيجي للهيمنة على العالم والذي جعلته من مقررات أمنها القومي.

لاشك أن الأزمة الاقتصادية حادة وطاحنة وأكبر بكثير مما يتصورها البعض ومع هذا فلا أعتقد أن أحداً يمكن أن ينظر للضبع الأمريكي نظرة رثاء أو شفقة خاصة مع ماضيها وحاضرها الملوث في كل اتجاه, ويمكن أن نتعامل مع احتمال وشيك من بين :

·إما الإنهيار الأمريكي الكامل لأمريكا على غرار الاتحاد السوفيتي خاصة اذا فشلت "البرستوريكا" الأمريكية في انقاذ الموقف , وسيكون لذلك تداعيات خطيرة على الخريطة السياسية العالمية وبخاصة في منطقة الشرق الاوسط التي لا تدري من سيتبني من فيها ؟ , وموقف الحكام العرب اذا فقدوا ربهم الذي عبدوه واذا فُطموا من الثدي الذي طالما رضعوا منه لبن البقاء , وتداعيات أشد وأخطر على الإقتصاد العالمي وبخاصة الدول المرتبطة بالدولار الأمريكي .

·أو سيتوقف المشروع الأمريكي وستضطر أمريكا الى الانسحاب من العراق وافغانستان وترك قواعد عسكرية فقط تتحمل كُلفتها الخزائن الخليجية ولن تكون تلك القواعد لها التأثير القوي على الملف النووي الايراني أو الطموح النووي الباكستاني وستتغير خريطة الدول العربية وقد ترفع مشاعل الحريات أوتنطلق الثورات وستحل فوضى مؤقتة يحدد مسارها الشعوب.

قد لايتفق معي كثيرون ممن يستبعدون سرعة الاحداث وممن لا يرون الا القامة الطويلة للمارد الأمريكي , ولكني أبصر واقعاً أوشك أن يتغير , وآمل أن تتفهم ذلك الشعوب ويستعد قادتها الحقيقيون ويتسلموا زمام المبادرة؟ لا أن ننتظر ونتسائل : ماذا يا تُراه يُفعل بنا غداً ؟!!.

المصدر : نافذة مصر