الأمة الإسلامية في مواجهة الاستعمار والفساد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإسلام ونهوض الشعوب فى مواجهة الاستعمار وفساد الأنظمة

رسالة من الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابع للإخوان المسلمين

إن الناظر في حال الأمة الإسلامية وما آلت إليه، وقد أحاط بها الأعداء الصهاينة والمحافظون الجدد، ينفطر قلبه لما ألمّ بالأمة من ظلم الأنظمة وفسادها وغطرسة الأعداء وحقدهم وبطشهم، فلا يرقبون في الأمة إلا ولا ذمة، ولا يكادون يرضونها حتى بأفواههم، وما تخفي صدورهم أشد وأنكى فيمكرون ويتآمرون ويدبرون بليل ويخططون للهيمنة والسيطرة على العالم، فضلاً عن المنطقة العربية والإسلامية..

وها هم يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ ويحرمون الأمة من خيرة أبنائها وشبابها فيشغلونهم باللهو والغواية والخنا ولا تنام لهم عين ولا يهدأ لهم بال حتى يطمئنوا أن الظلم يعم البلاد وأن الفقر يأكل العباد.وأصبحت الأمة للأسف تأكل من إنتاج عدوها وتُوالي من يخطط لقتلها وكأنها رمية تحتفي براميها، وانطلق بعض الحكام ينشرون اليأس في نفوس الأبناء والخوف من الأعداء والاستسلام للصهاينة في منظومة غريبة لا مثيل لها في تاريخنا القديم والحديث!!

لقد كان للأمة دولة وخلافة دامت مئات السنين ونشرت العدل والحق وبنت حضارة يعرفها الأعداء قبل الأبناء.. ثم انتشر في الأمة الفساد وظهر الخور ودب فيها السوس من الظلم والتواكل، وترك أبناؤها الجهاد وتقطعوا شيعًا فغزاهم أعداؤهم واستعمروهم وأرهبوهم، وعمقوا فيهم البعد عن دينهم وعن منهجهم.. ثم ظهرت حركات وثورات قومية وإقليمية، وتحركت في الشعوب بعض نخوة وبقايا ماض تليد مجيد، فقرر المستعمرون الانسحاب بالجيوش، ولكنهم تركوا خلفهم أذنابهم والموالين لهم، وأمدوهم بالمكر والتدبير والتأييد، حتى يمكنوا لهم ليعتلوا ظهور الأمة، ويُحكموا قبضة الأعداء عليها، ويلفوا حبال التخلف والعجز حول رقاب شعوبها، فظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس.

وتحرك المخلصون من أبناء الأمة خلال المئوية الماضية، فرفعوا راية الأمة ومنهجها "الإسلام" ونادوا في الناس: هلموا إلى الخلاص وهيا إلى التمسك بقرآن ربنا والاقتداء بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وبدأت الأمة في الاستيقاظ، وأدركت ووعت الكثير مما يحاك لها وما يقترفه أعداؤها ومن يواليهم في حقها، وظهرت مسيرة يعلوها الولاء لله، ويلفها الشوق إلى سنة رسوله بوسطية سمحة، وفهم صحيح، واستعداد للعطاء؛ رغبة فيما عند الله وحسبة له سبحانه..

فكانت الحركة الإسلامية الرشيدة وانطلاق شبابها وتنامي مدها، واستقرت وتجذرت في المجتمع أُسرها بفضل الله، وانتشرت واتسعت مساحة الخير حولها.. وكانت بعض الثمار في مقاومة رشيدة لمشروع الصهيونية الأمريكية في كل المجالات الفكرية والثقافية والحضارية.. وفي فلسطين يد تقاوم المحتل الآثم، ويد تبني وتعمر، وتنشر الخير بمشروع سياسي، إلى جانب الدفاع عن الأرض والعرض، فأقضت مضاجع الصهاينة، وزلزلت عروش الغزاة اليهود على أرض فلسطين العربية المسلمة.

وفي العراق يدافع الشعب المجاهد صاحب الخلافة في بغداد عن وطنه ودينه وعرضه. وعلى الرغم مما يحاك له والكيد والإجرام الذي يمارس في حقه، إلا أنه دك بمطارق المقاومة الصادقة معاقل وفلول جيش الاحتلال، وهاهم حكام وقادة المشروع الظالم الباغي يعلنون عن يأسهم وخورهم وقلة حيلتهم وعجزهم عن مواجهة المقاومين الشرفاء.

وفي هذا الصدد فإننا نؤكد موقفنا الثابت من ضرورة لم الشمل وتوحيد الكلمة والمواقف بين كل أبناء العراق حقنًا للدماء وحفاظًا على الوطن وهويته الإسلامية الممتدة عبر قرون طويلة، فلا مجال لصراع مذهبي ولا خلاف عرقي وأهل العراق أولى ببعض من المستعمر الغاصب الذي لا يرقب فيهم إلاّ ولا ذمة.

وهكذا نرى في فلسطين والعراق نموذجًا للمقاومة وآخر للمؤامرة، فصحوة ومقاومة واستشهاد وبسالة وتضحية وعطاء ودولة توشك أن تولد، فيتصدى لذلك الأعداء وشراذم وفلول من نظم وبعض الحكام، وتجري سنة الله في الكون فيوالي أهل الباطل بعضهم بعضًا، ويظهر أهل الحق رويدًا رويدًا كالفجر وفلق الصبح أمام هذا الباطل.

وإنهم لمنتصرون بحول الله، ويأتي الحق ويزهق الباطل، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال (17) (الرعد) ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون 82 (يونس).

فيا من تحملون راية الحق وتقارعون الباطل، حتى وإن كنتم خلف أسوار السجون، اعلموا جميعًا أن عدوكم من خارج أوطانكم ومن يواليه من بنى جلدتكم لن تدوم له دولة، ولن يهنأ أبدًا براحة البال لأن عوامل فنائه في منهجه وغيه وظلمه وعدوانه على الناس، وإنكم وما تحملون من حق من غير تزكية وبفضل الله جند الله ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين 139 (آل عمران) والله غالب على" أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون 21 (يوسف).

المصدر: مجلة المجتمع عدد 1735 - 20/01/2007