الإخوان المسلمون ومبارك الجزء السادس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون فى عصر مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة

موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

باحث بمركز نهضة ميديا للدراسات والأبحاث مؤسسة إخوان ويب

الفصل السادس: تنظيم الإخوان فى عهد مبارك الإخوان وإعادة بناء التنظيم فى أوائل الثمانينات

ارتبط تنظيم الإخوان المسلمين أو مصطلح فكرة التنظيم عامة بنظرة سلبية من قبل بعض الباحثين وخاصة أنهم يعتبرون ان فكرة وجود تنظيم للإخوان تتنافى مع فكرة الدولة الوطنية والانتماء الوطنى وقبل الخوض فى تحركات الإخوان فى بداية الثمانينات لإعادة بناء وهيكلة التنظيم سنتعرض بلمحات سريعة لأهمية التنظيم فى البناء الفكرى لجماعة الإخوان المسلمين.

المبحث الأول: التنظيم ودوره فى جماعة الإخوان

فكرة التنظيم يمثل أحد الأسس الرئيسية التى ركز الإخوان على بنائها بناء صحيح وشرعى منذ تأسيس الجماعة عام 1928، فقد قامت جماعة الإخوان المسلمين منذ بدايتها، على أساس أنها تنظيم يقوم بالتنفيذ العملي لمشروع، وهي مرحلة تمثل انتقال فكر التجديد الحضاري من مرحلة الفكر والنخبة، إلى مرحلة التوسع الجماهيري والعمل المنظم.

وبهذا أصبح التنظيم هو الأداة الرئيسة لجماعة الإخوان لتحقيق المشروع الحضاري الإسلامي وأصبح التنظيم يمثل المؤسسة التي تحمل الفكرة وتطبقها عمليًّا، وتحمل مسئولية الوصول إلى الأهداف النهائية، بتحقيق الوحدة السياسية الإسلامية، وتحقيق النهوض الإسلامي، وتحرير كامل أراضي الأمة الإسلامية من أي عدوان خارجي.

لهذا أصبح للتنظيم دور مركزي في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، فهو المؤسسة الجماعية، التي تقوم بعملية حماية المشروع ونشره وتنفيذه على أرض الواقع، فأصبح التنظيم يمثل الخطر الأكبر في نظر خصوم المشروع الإسلامي؛

لأنه يمثل الأداة البشرية الجماهيرية لتحقيق المشروع، فأصبحت حماية التنظيم ضمن أهداف الجماعة، بوصفه أداتها الرئيسة لتحقيق أهدافها، ومن هنا تحول العديد من المعارك، لتصبح حول التنظيم نفسه، والذي يحاول خصوم الجماعة الحد من قدراته، والحد من قدرته على البقاء والاستمرار وأصبحت الجماعة تدرك ضمنًا أن بقاء التنظيم ضرورة، وتوسعته ضرورة أيضًا.

أهمية التنظيم بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، ترتبط بفكرة الإصلاح السلمي المتدرج، والقائم على القوة الشعبية، فعندما أسس الإمام حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين، وضع تصوره منذ البداية معتمدًا على الأمة، على أساس أنها صاحبة الدور الأول في تحقيق الوحدة والنهضة؛ ولهذا أصبحت الطاقة البشرية هي عماد المشروع، وأصبحت قوة الجماعة تنبع من قوة القاعدة الجماهيرية المرتبطة بالمشروع والمرتبطة بالجماعة.

واتضح من اختيارات حسن البنا الأولى، أنه يرى أن الفكرة مهما كانت قويةً ومنتشرةً، لا يمكن لها أن تحقق الغايات النهائية لها، إلا إذا توفر لها الجهاز المنظم، الذي يعمل على نشر الفكرة وتحقيقها على أرض الواقع، فالجماهير ليست منظمة، وحركتها ليست منظمة أيضًا، لذا لا يمكن تنظيم حركة الجماهير، دون وجود حركة منظمة من تنظيم قوي، قادر على قيادة حركة الناس، حتى تصبح حركة منظمة وفاعلة.

لهذا كانت كل رسائل حسن البنا إلى الإخوان المسلمين، ترتبط بقدرة التنظيم على الصمود، وقدرة أعضائه على دفع فاتورة الإصلاح، فالإصلاح ليس عمليةً سهلةً؛ لأنه تغيير لواقع قائم، لهذا كان حسن البنا يرى خطورة المرحلة التي تدرك فيها القوى الحاكمة حقيقة مشروع جماعة الإخوان المسلمين، وكان دائمًا يقدر أن في تلك اللحظة سوف تواجه الجماعة بعواصف عاتية؛

وهو ما حدث، فالإصلاح عملية سلمية متدرجة، ولكنه في الوقت نفسه عملية تغيير للوضع القائم، بما يؤثر على القوى المستفيدة من الوضع القائم، ويحرمها من المكاسب التي تحققها من حماية الوضع القائم واستمراره، ولكل عملية تغيير ثمن، وكان حسن البنا يرى أهمية وجود تنظيم يدفع ثمن الإصلاح، فبدون وجود فئة قادرة على دفع ثمن الإصلاح، لا يمكن تحقيق عملية الإصلاح والتغيير، رغم أن الانتصار النهائي للمشروع الحضاري الإسلامي، سيعتمد على قدرة الأمة على تقديم التضحيات، وليس التنظيم فقط.

وكما يقول الباحث القبطى د رفيق حبيب

"العلاقة الجدلية بين التنظيم والجماهير في منهج الإخوان المسلمين، تمثل حلقةً مهمةً في فهم كيفية مواجهة الجماعة للأوضاع القائمة، وطريقها لتحقيق أهدافها رغم العقبات، فالجماهير هي القوة الحقيقية للمشروع الإسلامي في نظر الجماعة؛
ولكن الجماهير دون تنظيم، لا يمكن أن تحقق الغايات المرجوة، فالتنظيم هو الذي يمنح الجماهير القوة والتنظيم والعمل المرتب والمنهجي، كما أن التنظيم هو الذي يسمح بتراكم النتائج والإنجازات،والجماهير تحتاج للعمل المنظم حتى يتم تعظيم أثر حركتها، وتحتاج للعمل المنظم حتى تستطيع مواجهة العقبات التي تواجهها؛ لذا أصبحت الجماهير هي القوة الحقيقية في منهج الإخوان المسلمين، وأصبح التنظيم هو الوسيلة الأولى والمركزية، التي تحقق قوة الجماهير.
ومن هنا أصبح التنظيم هو الأداة القائدة لحركة الجماهير المؤيدة لمشروع جماعة الإخوان المسلمين، والمؤيدة للمشروع الإسلامي عامة، فكل عمل يحتاج إلى قيادة منظمة ومدربة، وقادرة على التحمل والاستمرار وتحقيق التراكم في العمل، لذا أصبح التنظيم هو القيادة الجماعية للجماهير المؤيدة للمشروع؛
لذا أسس حسن البنا التنظيم بوصفه وعاءً لكل الأمة، يفتح أبوابه للجميع، ويحاول أن يضم الكل له، رغم اختلافاتهم الفرعية، على أساس أن تتوافق الأمة على مرجعيتها الأساسية، وتحمل قيمها الحضارية الإسلامية، ويصبح التنظيم تعبيرًا عن قاعدة واسعة من الأمة، لم يكن حسن البنا يتوقع أن تصبح الأمة أو أغلبيتها أعضاءً في التنظيم، ولكنه كان يعمل من أجل توفير إطار جامع وواسع، لقطاع عريض من جماهير الأمة.
ومع مرور الوقت، أصبح التنظيم يُواجه بالعديد من القوى الأخرى التي تختلف معه، فصار يمثل مسارًا أساسيًّا في التيار الإسلامي، وليس كل التيار الإسلامي، وأصبح يمثل البديل الأكثر شعبيةً بين الجماهير، مع غيره من القوى الإسلامية، وظل التنظيم يمثل الأداة المركزية لحشد الجماهير وتحريكها من أجل المشروع الإسلامي، ليصبح عنوانًا للجماهير المؤيدة للمشروع الإسلامي.
لهذا يمكن فهم أسباب اهتمام قيادات جماعة الإخوان المسلمين بالحفاظ على التنظيم، فهو يمثل الأداة الرئيسة لتحقيق المشروع، وأي ضعف يلحق بالتنظيم يصيب المشروع في مقتل؛ لأنه يهدد بتراجع المشروع على أرض الواقع، حتى وإن لم يتراجع كفكرة يؤمن بها قطاع واسع من الناس.
فالاعتماد على الطاقة البشرية، جعل التنظيم هو النواة التي يرتكز عليها مشروع جماعة الإخوان المسلمين، وهو الركيزة التي تساهم في بقاء المشروع رغم كل التحديات والعقبات؛ ما جعل الجماعة تضع في أولوياتها الحفاظ على التنظيم، وأصبحت حماية التنظيم من ضمن الوسائل الضرورية للحفاظ على المشروع، والحفاظ على القدرة البشرية القادرة على تحقيق غايات المشروع.
من هنا جاء الترابط بين التنظيم والغايات التي أسس من أجلها، وليس صحيحًا أن التنظيم أصبح أهم من الغاية أو أهم من الأمة، لأن التنظيم دون الغاية التي أسس من أجلها، ينفرط عقده، فالغاية هي التي توحد التنظيم، بل إن حماية التنظيم تتم من خلال ربطه بغاياته العليا، وإبعاده عن الاختلاف في القضايا الفرعية، حتى يتم تحصين التنظيم ضد الآفة الشائعة في الجماعات والأحزاب، وهي آفة الخلاف والفرقة، وهو ما يؤدي إلى التشدد أحيانًا، في أمور التنظيم، وفي مواجهة الأفكار التي تثير الخلاف.
فجماعة الإخوان المسلمين، تعمل من أجل الغاية العليا، وترى أن أهمية النقاش حول الفروع والأساليب ترتبط بالظرف المناسب لها، وتحاول ربط المسار الفكري والمنهجي للجماعة بما تحقق على أرض الواقع، فلا تستغرق نفسها في قضايا قبل أوانها.
وفي المقابل سنجد أن التيارات غير الإسلامية، والنظم الحاكمة والدول الغربية، تحاول حصار الجماعة بالعديد من الأسئلة حول مختلف القضايا؛ ما يجعل الجماعة أحيانًا مضطرة للدخول في التفاصيل التي ترى أنها أصبحت ملحةً.
ولكن حصار الجماعة بالأسئلة، يهدف أيضًا إلى تخليق تيار داخل الجماعة يشق صفها أو يدفعها للمرونة بأكثر مما ينبغي؛ ما يجعل الجماعة محاصرة بمحاولة شق الصف، وفي نفس الوقت تواجه العديد من القضايا التي تتطلب اجتهادًا جديدًا ومرونة عملية، وتصبح الجماعة في كثير من الأحيان، محاصرة بين رغبتها في التجديد، وخوفها على التنظيم؛ ما يجعل الجماعة تركز على وحدة الصف، ووحدة الغايات العليا، التي قامت من أجلها.
حاول حسن البنا من البداية تشكيل تنظيم ليس فيه من صفات الحزبية شيء؛ لأنه كان يرى وقتها ما في الحزبية من سلبيات، تعوق عمل الأحزاب، وتفرط في مصالح الوطن، وتلك كانت وما زالت مهمةً شاقةً، فالجماعة تحاول الحفاظ على نمطها الخاص، بوصفها وحدة جماعية مترابطة حول غاية، ومتميزة بأعلى درجات إنكار الذات، في حين أن المجال السياسي المحيط بالجماعة يتميز بخصائص أخرى، غلب عليها الصراع والخلاف والتمزق.
من هنا أصبحت الجماعة تقاوم أمراض الحزبية، وتحاول تأكيد طبيعتها كجماعة دينية متماسكة، لها غايات يضحي الكل من أجلها، وأصبحت قيادات الجماعة تركز على أخلاقيات العضو، في مواجهة كل محاولات الضغط على أعضائها، حتى يتمسك العضو بطابع خاص، يتميز بالعمل الطوعي، والقدرة على التضحية ودفع ضريبة العمل من أجل الأمة.
من هنا نفهم لماذا تحاول الجماعة تمييز نفسها، وتحصين أفرادها ضد تقليد ما هو سائد من منافسة حزبية داخل التيارات والتنظيمات الأخرى، خاصةً أنها ترى أن التنافس على المقاعد والمناصب، يؤدي إلى جعل الجماعة مثل الأحزاب التي يرتبط أعضاؤها بها من أجل المصالح؛ ولهذا تتشدد الجماعة في مسألة تربية العضو، ويصبح العضو المنضبط هو القادر على الحفاظ على أمن التنظيم داخليًّا، وكل هذا يؤدي إلى ظهور الجماعة في صورة الجماعة المنضبطة، ويجعل لها صورة التنظيم الصارم.
والحقائق على الأرض، تكشف أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل تنظيمًا من أكثر التنظيمات انضباطًا، ولكن أحيانًا ما تحدث مشكلات أو أزمات، ولكن التنظيم يظل قادرًا على البقاء والاستمرار، رغم كل ما يتعرض له.
وفي ظل الضغوط التي تواجه الجماعة، يصبح من الصعب تحقيق التوازن بين المرونة الداخلية والانضباط الداخلي، وعندما تواجه الجماعة خطرًا، فهي تلجأ إلى الانضباط الداخلي، وتؤجل أي جدل داخلي يمكن أن يسحب من رصيد تماسكها، وهكذا يظل من أهداف الجماعة الأساسية تحصين التنظيم ضد أي مخاطر يتعرض لها، قد تؤثر على تماسكه، أو تعرضه للانشقاق.

ويجيب د رفيق حبيب عن هل أصبح التنظيم غايةً؟

فيقول تلك واحدة من الجدليات المهمة في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، فالتنظيم بالنسبة لها لم يصبح غاية في حد ذاته؛ لأنه لو أصبح الغاية، ما قدمت كل هذه التضحيات من أجل الحفاظ عليه، فهو في كل الأحوال وسيلة، ولكنه الوسيلة الأساسية التي لا يمكن للجماعة الاستغناء عنها، ومن هنا حدث الخلط بين الاهتمام المتزايد بالتنظيم، ودور ومكانة التنظيم في مشروع جماعة الإخوان المسلمين، ولكن الجماعة في المقابل، تحاول الحفاظ على غايتها، وهي تحقيق الوحدة والنهضة الإسلامية، وعلى وسيلتها المركزية، وهي التنظيم.
فالجماعة ترى أن التضحية بالتنظيم، يعني التضحية بالأداة التي تستخدمها لتحقيق المشروع الذي تتبناه، وليس للجماعة من أداة أخرى، كما أنها ترى أن التنظيم هو الأداة المناسبة لعملية الإصلاح السلمي المتدرج، وهو الأداة المناسبة لعمل يعتمد على التأييد الجماهيري، ويصبح التنظيم بالنسبة للجماعة مثل التأييد الجماهيري لمشروعها، فهي لا يمكن أن تستغني عن التأييد الجماهيري؛
لأنه الركيزة التي تبني عليها مشروعها، فمن خلال تأييد الجماهير ينتشر المشروع، وكلما وصلت الجماهير المؤيدة للمشروع إلى الأغلبية، أصبح من الممكن بناء المشروع وفرضه على أرض الواقع.
فأصبح التنظيم هو الجماهير المنظمة المؤيدة للمشروع، وهو الجزء القوي من الجماعة، وهو الذي يدفع ضريبة الإصلاح، ويحمل عبء الاستمرار في التبشير بالمشروع الذي تحمله الجماعة.
وهنا قد تبدو الصورة، وكأنَّ التنظيم قد توحَّد مع الهدف، والصحيح أن الجماعة ترى أن التنظيم هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الهدف، فإذا ضحت به، تكون قد ضحَّت بالهدف نفسه.
والصحيح أيضًا، أن الجماعة ترى أن الإصلاح يحتاج لقوة بشرية، ولا يمكن بناء تلك القوة البشرية دون التنظيم؛ لذا يصبح التنظيم هو مصدر القوة لبناء المشروع، وهو الوسيلة التي تحقق الغاية، ودونه لن تتحقق الغاية. (1)
ويشكل التنظيم الهيكل الداخلي وديناميات الحركة وهرمياتها وأغلب هذه الديناميات والهرميات كانت معروفة ومحددة علنا بواسطة اللائحة الداخلية للحركة في عهد مؤسس الجماعة حسن البنا إلا أنه بعد حل الحركة في العام 1954 أصبحت القضايا المتعلقة بالتنظيم سرية للغاية.

ويقول د عصام العريان

بأن التنظيم كان بمثابة مفهوم مركزي للإخوان المسلمين ولا تزال حركة جماهيرية تضم أعضاء من خلفيات اجتماعية متنوعة وأقساما متخصصة وفروعا محلية وخلال السنين الأولي من عقد الثمانينيات واصلت الجماعة عملية إعادة بناء أقسامها المتخصصة وفروعها بحيث أضافت إليها أقساما وفروعا جديدة سبق تطويرها تهيئة لدورها الجديد في المجتمع وفي المجال السياسي.
وبالإضافة إلى انشاء بعض الأقسام الجديدة وتطويرها حدث تطور هام في الثمانينيات طال طريقة إدارة التنظيم نفسه يعتمد على اللامركزية وطرحت فكرة اللامركزية في الإدارة في الثمانينيات كوسيلة لتطوير فاعلية الحركة ولأنها بدت صيغة عملية مناسبة بالنظر إلى الظروف السلطوية السائدة؛
وإلى رفض الدول الاعتراف بالحركة وفي الإدارة اللامركزية تتخذ القيادة المركزية من العاصمة (القاهرة) قاعدة لها وتكون هي المسئولة (من خلال مكتب الإرشاد) عن رسم السياسات الجوهرية التي تتبناها الحركة وبخاصة تلك المعنية بالدولة مباشرة ويجري الإعلان عن هذه السياسات في البيانات الرسمية التي تصدر عن المرشد أو الجماعة وعن طريق الخطابات في الاحتفالات العامة والتجمعات . الخ .
ويعود إلى القيادات المحلية المنتشرة في المحافظات والأقاليم القرار في السياسات المتبعة في مناطقها والجدير بالذكر أن الأقسام الداخلية الأحر عشر المذكورة آنفا توجد بالتالي على مستويين على المستوي المركزي الذي يخضع لإشراف القيادة في القاهرة وعلى مستوي المحافظات أى أنه توجد هذه الأقسام بصورة مصغرة في المحافظات الثماني والعشرين في مصر وبالطبع يجري عقد اجتماعات وإجراء اتصالات منتظمة بين أعضاء الأقسام المركزية والأقسام في المحافظات من أجل تبادل الخبرات وتوحيد وجهات النظر .
التطور الآخر المهم هو أن تشكيل القيادة داخل الحركة وداخل أقسامها صار يتم عن طريق إجراء انتخابات داخلية بدلا من تعيين الكبار من أعضاء الحركة على نحو تقليدي على غرار ما كان سائدا في الماضي وقد شكل هذا التطور وإن لم يكن مثاليا من حيث الممارسة خطوة بارزة كونه يتناقض مع الثقافة السياسية السائدة التي تمارسها أغلب النظم العربية ويجري انتخاب أعضاء كل قسم داخل التنظيم من قبل قواعده الناخبة في العاصمة أو في المحافظات
وربما ينتقل الأعضاء المنتمون إلى أحد الأقسام وبخاصة الأعضاء الأكبر سنا أو أوسع خبرة من قسم إلى آخر أو يكونون ببساطة أعضاء في أكثر من قسم وهذا يضمن عدم ضياع الخبرات غالبا بل يضمن تقاسمها وزيادتها وسيكون كلامي على التنظيم وماهيته مهما في الفصل الثالث حين أناقش دور التنظيم وصلته بتأثير الإخوان ونفوذهم في المجتمع وفي السياسة. (2)

ويقول د عمرو الشوبكي فى دراسته القيمة"مستقبل جماعة الاخوان المسلمين":

نجح الإخوان المسلمين في الحفاظ على تماسك بنيتهم التنظيمية رغم مرور كل هذه العقود الطويلة من الزمن، أفادهم في ذلك الطريقة التي شيد بها "الإخوان المؤسسون" الجماعة بمستوياتها المتعددة والخبرات المتنوعة التي اكتسبها أعضاؤها.
فتنظيم الإخوان ضم أثناء نشأته الأولى مستويات تنظيمية مركبة سمحت للجماعة باستقطاب نوعيات مختلفة من العناصر أغلبها على أرضية " دعوية" سلمية تدعو المجتمع إلى التمسك بتعاليم الإسلام، وبعضها على أرضية جهادية أعدته من خلال انخراطه في "المستوي الجهادى" لكي يصبح عضوا في التنظيم الخاص المسئول عن عمليات العنف التي خاضتها الجماعة منذ حرب فلسطين وطوال العصر الناصري.
وقد ترجم الإخوان هذه العقلية في بناء تنظيم متعدد المستويات والهياكل، حكمت حركتهم عادة مجموعة من الثنائيات التي تحمل في بعض الأحيان الرؤية ونقيضها.
صحيح أن مضمون هذه الثنائيات قد تغير جذريا من عصر إلى آخر إلا أن استمرار التنوع كنتاج لهذه الثنائيات المتغيرة ظل عابرا لكل عصور الجماعة.
ورغم أن الإخوان قد أحدثوا منذ بداية السبعينيات قطيعة فكرية وسياسية مع ميراث العنف الذي عبر عنه جناح التنظيم الخاص الذي نشط في حرب فلسطين وسيطر على مفاتيح العمل داخل الجماعة منذ محاولة اغتيال عبد الناصر في عام 1954 وحتى نهاية الستينيات، إلا أنه بقي لديهم تلك "الميزة التاريخية" وهي امتلاكهم لبناء تنظيمي متنوع المستويات؛
ولديه قدرة أكبر من غيره على استيعاب أفكار متنوعة تعكسها حركة الأجنحة والخبرات الجيلية المختلفة داخل صفوف الجماعة، والتي أصبح لديها ميل عام نحو التعايش مع التنوع الداخلي، رغم صرامة البناء الهيراركي وطاعة المستويات الأدنى لقرارات المستويات العليا بصورة صارمة تعكس في بعض الأحيان ثقافة "السمع والطاعة" أكثر من قيم الديمقراطية.
وقد ظلت الجماعة محافظة على قدرتها في امتلاك بناء تنظيمي متعدد المستويات ومتنوع التكوين، فكما احتفظت في عقدي الأربعينيات والخمسينيات ببناء تنظيمي عام ضم معظم الأعضاء ويقوم على مفاهيم دعوية، بالتوازي مع تنظيم خاص يضم قطاعا محدودا من أعضاء الجماعة يعدهم لممارسة العنف؛
فقد تحولت منذ بداية الثمانينيات إلى جماعة تحكمها على مستوى الفهم والتكوين رؤيتان، إحداهما دعوية والأخرى سياسية، وكثيرا ما حدث تداخل بينهما أدى إلى تقديم صورة خاصة لجماعة لها قدم في السياسة وأخرى في الدين، جعلها قادرة على التعايش مع تناقضات عديدة.
وقد نجح في التعايش داخل التنظيم أسماء مثل عمر التلمساني ومصطفي مشهور وحامد أبو النصر ومحمود عزت، مع آخرين مثل خيرت الشاطر ومحمد حبيب وعبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان وعلي عبد الفتاح، على مدار ما يزيد عن ربع قرن،وبصورة تدعو أحيانا للدهشة ولو على الأقل من زاوية استثنائيتها عن الصورة السائدة فى الحياة السياسية المصرية المليئة بالانشقاقات.
وفي الحقيقة، فإن قدرات تنظيم الإخوان تكمن ليس فقط في قدرته على استيعاب كل هذه الخبرات وأحيانا التناقضات الجيلية داخله، إنما أيضا وربما أساسا في قدرته على أن يفهم المرحلة التي يعيشها ويصيغ خطابا قادرا على التأثير فيها. وعبروا عن كفاءة تنظيمية واضحة، وقدرة على تقديم خدمات اجتماعية للمواطنين كبديل عن حالة الفوضى الحكومية وغياب الأحزاب المعارضة من الساحة السياسية.
وقد حكمت جماعة الإخوان المسلمين ثقافة سياسية قائمة منذ البداية على استهداف المجتمع وليس السلطة السياسية، واعتبرته طريقها للوصول إلى السلطة، وبالتالي نظرت للأخيرة باعتبارها جزءا من المجتمع وليست عدوة له. (3)

كما يجيب د. عمرو الشوبكي فى مقال آخر عن "لماذا لا ينقسم تنظيم الإخوان المسلمين؟.

فيقول

منذ عودة الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسية، ولو بصورة غير شرعية، منذ بداية السبعينيات، والجماعة مستمرة فى العمل العام المحظور رسميا كواحدة من أكبر الجماعات السياسية فى مصر، رغم تعرضها لبعض الانشقاقات التى لم تؤد إلى انقسامها بصورة تهدد قدرتها على الحركة والفعل .
والحقيقة، فإن سيناريو الانشقاق الذى تردد بعد رحيل الهضيبى سبق وتردد عقب رحيل مشهور، وتبدو هناك صعوبة كبيرة ربما تصل إلى حد الاستحالة أن تشهد الجماعة انقساما بين أعضائها بسبب التباينات الجيلية الموجودة داخلها، رغم أن هناك صراعاً حقيقياً بين مختلف أجنحتها، ولكنه لن يؤدى إلى حدوث انقسام عميق بين صفوفها نتيجة عدة اعتبارات.
أول هذه الاعتبارات يمكن القول إنه تنظيمى له علاقة بالخبرة التنظيمية والسياسية التى اكتسبها الإخوان على مدار تاريخهم الممتد منذ أكثر من 76 عاما.
فتنظيم الإخوان ضم أثناء نشأته الأولى مستويات تنظيمية مركبة سمحت للجماعة أن تستقطب نوعيات مختلفة من العناصر أغلبها على أرضية دعوية سلمية تدعو المجتمع إلى التمسك بتعاليم الإسلام وشعائره، وبعضها على أرضية جهادية أعدته من خلال إنخراطه فى المستوى الجهادى لكـــــى يصبح عضوا فى التنظيم الخاص المسؤول عن عمليات العنف التى خاضتهــــا الجماعة منذ حرب فلسطين وطوال العصر الناصرى .
أما الاعتبار الثانى فيتعلق فى جانب رئيسى بالثقافة السياسية التى تحكم حركة الجماعة، والقائمة منذ البداية على استهداف المجتمع وليس السلطة السياسية، والذى اعتبرته هو طريقها للوصول إلى السلطة .وبالتالى نظرت لها باعتبارها جزءا من المجتمع وليست عدوة له .
هذا الفهم أدى بالإخوان المسلمين أن يمتلكوا منذ البداية طريقة للحوار مع الحكام والمحكومين، وليس بالضرورة ثقافة حوار مع القوى السياسية المختلفة، وبالتالى فقد تجاوزوا الثقافة السياسية اليسارية أو الثورية التى علمت أعضاءها أن الهدف النضالى الأسمى هو مواجهة السلطة وقلب النظام القائم بصرف النظر عن ظروف المجتمع.
أما الإخوان فقد كانت عينهم منذ البداية على دعوة المجتمع وليس الحرب على السلطة حتى لو كان هدفهم النهائى هو تغييرها، ولكن ظلت ثقافتهم السياسية تحث أعضاءها على التفاعل مع المجتمع حكاما ومحكومين، فكان دورهم فى المساجد والزوايا والمستوصفات الصحية، جنبا إلى جنب مع دورهم فى النقابات والبرلمان.
الاعتبار الثالث يتعلق بحرص الجماعة على التمسك بخطاب العموميات الذى من الصعب القول إنه يحدد برنامجا واضحـــــــا للعمل السياسى، فهو يخلط بين المقدس والسياسى، والدينـــى والاجتماعى، والعمل تحت قبة البرلمان وتحت مآذن المساجد، ولازال غير واضح تماما فى عدم الإجابة عن الأسئلة المفصلية التى يمكن أن تثير خلافا داخليا فى صفوف الجماعة، حول مدنية النظام السياسى وقبول الشيوعيين والعلمانيين داخل لعبة تداول السلطة.
وعليه فإن انقسام الجماعة بصورة عميقة أمر لا يمكن تخيله ببساطة فى المرحلة الحالية، إنما يمكن فقط تصوره فى حال إذا تغير الظرف السياسى، وسمح للإخوان ببناء حزب شرعى، عندها سيكون الحسم لا مناص عنه بين العموميات الدعوية والدينية وبين الرؤى السياسية التفصيلية، وهو ما يمكن أن يترجم فى انقسام بين جيل الوسط ذى التكوين السياسى والخلفية الإسلامية، وجيل الكبار ذى التكوين الدينى المحافظ ورؤية إسلامية عقائدية تتسم بالعمومية والشمولية. (4)

المبحث الثانى: إعادة بناء تنظيم الإخوان بعد حادث المنصة

بالرغم من حالة النشاط والانتشار التى شهدتها الجماعة فى أيام السادات قبل أحداث سبتمبر إلا أن الأحداث الأخيرة فى عهد السادات أثرت بصورة كبيرة على تحجيم أو بمعنى أدق تجميد النشاط الإخوانى وخاصة مع حالة الارتباك الأمنية التى شهدتها مصر عقب اغتيال السادات كما أوردنا سابقاً وهو ما تطلب من قيادات الجماعة إعادة ترتيب التنظيم والصف الداخلى عقب حالة التجميد التى عاشتها فى تلك الفترة،فكان اهم الأولويات هى اعادة بناء التنظيم والتى تزامن مع تولى مبارك للحكم، ويقول د أبو الفتوح عن تلك الفترة:

قضينا معظم من اعتقلوا من الإخوان وخاصة أبناء جيلي- نحو عام في المعتقل، فلم نخرج إلا في سبتمبرمن عام 1982، وكان أول ما شغلنا بعد الخروج من المعتقل هو البدء في إعادة تنظيم جماعة الإخوان من جديد والاهتمام بالبناء الداخلي، وهو ما شرعنا فيه فور الخروج مباشرة، خاصة وأن نظام الرئيس حسني مبارك لم يغلق الباب مباشرة في وجه الإخوان فقد استمر نشاطنا قويا إلى نهاية عقد الثمانينيات تقريبا، وإن كنّا على قناعة وقت خروجنا أن عصر السادات لن يعود بما كان فيه من انفتاح وحرية في العمل والتنظيم السياسي.

يمكن القول بأن الدكتور أحمد الملط هو أبرز من حملوا عبء هذه المرحلة وتولّوا عملية إعادة البناء، وكان أول ما فعله رحمه الله الاتصال بمجموعتنا التي كانت ناشطة في قيادة الجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية، وكان كلامه واضحا في أن الأولوية هي لإعادة البناء الداخلي وهو ما بدأ العمل فيه على قدم وساق تحت مسؤوليته مباشرة بعد أيام قليلة من خروجنا من المعتقلات، وقد كنت على رأس تلك المجموعة المسؤولة عن إعادة البناء وترتيب صفوف الجماعة التي اهتزت كثيرا بعد أحداث سبتمبر 1981.

وقد أطلق على مجموعتنا (مكتب مصر) تمييزا عن التنظيمات القطرية للإخوان خارج مصر، ووضعنا خطة لتقسيم القطر المصري إلى قطاعات، فكان الأخ ممدوح الديري هو مسؤول شرق الدلتا، والأخ إبراهيم الزعفراني مسؤول غرب الدلتا، والأخ أنور شحاته مسؤول وسط الدلتا والأخ محمد حبيب مسؤول قطاع الصعيد، والأخ السيد عبد الستار المليجي مسؤول القاهرة... ولحق بنا في هذه المجموعة الإخوان جابر رزق وإبراهيم شرف رحمهما الله.

ثم بدأنا في ترتيب المكاتب الإدارية للجماعة في كل محافظات مصر والتي تنقسم إلى مناطق وشُعب، مع التركيز على تعميق وتقوية التنظيم ووضع القواعد الإدارية التي تضمن فاعليته وكفاءته وانسجام تكويناته وتراتبيته، وهو عمل استغرق الجهد الأكبر من نشاط الجماعة ما يقرب من سنوات متواصلة، فلم يأت عام 1987 حتى تبلور التنظيم وظهر بشكله الضخم واستقر النظام الإداري للجماعة.

وفي هذه الأثناء كان هناك جهد موازٍ في ترتيب الجماعة على المستوى الخارجي، فبعد تولي مكتب مصر مسؤوليته عن القطر المصري تحت إشراف الدكتور أحمد الملط، تفرغ الأستاذ مصطفي مشهور رحمه الله للتنظيم خارج مصر فكان صاحب الجهد الأكبر في تأسيس التنظيم الدولي وهيكلته ووضع لائحته التي صدرت في مايو من عام 1982، وكان أبرز الإخوة الذين ساهموا في بناء التنظيم الدولي وتنشيط عمله الأستاذ مهدي عاكف المرشد الحالي والمهندس خيرت الشاطر والدكتور محمود عزت، وكانوا جميعا قد خرجوا من مصر قبيل اعتقالات سبتمبر 1981 وبعدها واستمروا في الخارج حتى عام 1986. (5)

كما يوضح د محمد حبيب فى مذكراته الظروف التى مر بها العمل الإسلامى خلال تلك الفترة فيقول:

ظل التضييق على العمل الإسلامى قائما منذ اعتقالات سبتمبر 1981، وحتى الأشهر الأولى من عام 1984، وفى بدايات 1983 زارنى فى أسيوط الأخ الدكتور السيد عبد الستار وقال لى إن الإخوان قرروا استئناف العمل، وإنه مكلف من قِبلهم بإبلاغى بذلك (كان الأخ محمد سليم رحمه الله يتحرك فى محاولة للملمة أطراف العمل فى المحافظات المختلفة)..
التقينا فى القاهرة بعض الإخوان ممن وقَع عليهم الاختيار كى يكونوا ممثلين عن القطاعات المختلفة، هم الإخوة عبد المنعم أبو الفتوح، وممدوح الديري رحمه الله وإبراهيم الزعفراني، والسيد عبد الستار وآخرون.
تم إنشاء مكتب تنفيذى فى مصر على غرار ما هو موجود فى بقية الأقطار، على اعتبار أن لكل قطر مكتبا تنفيذيا له خصوصيته وسياقه وظروفه التى يمارس الدعوة فى إطارها.. ومصر رغم أنها صاحبة الريادة والقيادة ومنشأ الدعوة، لها خصوصيتها أيضا، فلها دستورها وقوانينها ومشكلاتها وتحدياتها، وهكذا، وبالتالى يجب أن تنحصر اهتمامات المكتب التنفيذى فى عمل الإخوان داخل القطر المصرى فقط، وذلك يعين على الإنجاز والإتقان.
وقد كان يرأس المكتب التنفيذى الدكتور أحمد الملط رحمه الله وكان ضمن أعضائه الإخوة الأساتذة: جابر رزق، وممدوح الديري رحمهما الله وعبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد حبيب، وآخرون، وأُسندت إلىّ مسؤولية الإخوان فى الصعيد.
كان علىّ أن أجوب محافظات: بني سويف، والفيوم، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، وأسوان، وأن ألتقى الإخوان على مستوى القيادات الوسيطة وأفراد الصف.. أعطى التعليمات والتوجيهات الصادرة من المكتب التنفيذى فى كل المجالات التربوية والدعوية وأتابعها من ناحية، وأستمع إلى الأسئلة والاستفسارات من هؤلاء الإخوان وأعمل على حل المشكلات التى تواجههم من ناحية أخرى.. هذا فضلا عن إلقاء المحاضرات العامة فى المساجد والجامعات.
وقد تطلب العمل جهدا كبيرا ووقتا وحركة دؤوبة، وأسأل الله تعالى أن يتقبل. كان نشاطنا مركَّزا حول الأمور المعتادة وهى التربية ونشر الدعوة بكل وسائلها وأدواتها، وما يتطلبه ذلك من ضبط إيقاع هيكل الجماعة فضلا عن المشكلة السياسية التى جرت بالتنسيق مع حزب الوفد فى خوض انتخابات مجلس الشعب عام 1984. (6)

كما يذكر د السيد عبدالستار المليجي بعض تفاصيل تلك الفترة فيقول:

لم يمضى على خروجى من السجن بضعة أيام حتى اتصل بى أخى جابر رزق واستضافنى فى بيته بشبرا، وابلغنى رسالة مؤداها أن الحاج مصطفي مشهور يسلم عليك ويقول لك اجمع من تعرفهم من قسم الطلبة وابدأوا العمل برئاسة أخيك عبدالمنعم أبو الفتوح وقلت أنا لا لأعرف عبدالمنعم أبو الفتوح ولم يكن معنا فى القسم فقال (الخميس القادم نصوم ونفطر سوى وأعرفك عليه)
وبالفعل تم ذلك وتعرفت على عبدالمنعم أبو الفتوح وخلال شهر تقريباً وفى ظروف أمنية بالغة الشدة تكونت أول لجنة مركزية للاتصال والمتابعة بعد أحداث المنصة تحت قيادة الأستاذ عمر التلمساني والدكتور أحمد الملط والأستاذ جابر رزق وشكلت اللجنة من (م. محمد سليم د. محمد حبيب د. ممدوح الديرى د. السيد عبدالستار د عبدالمنعم أبو الفتوح د. أنور شحاته، وانضم اليها آخرون تباعاً).
وكان لهذه اللجنة مهمتان، الأولى الاتصال بالمحافظات والثانية إعادة تكوين قسم الطلاب كأول اقسام الجماعة. (7)

المبحث الثالث: التنظيم ومرحلة الاستقرار

كما ذكرنا سابقاً قضت جماعة الاخوان المسلمين فترتها الأولى فى بداية الثمانينات فى إعادة إحياء التنظيم وتنظيم الصف الداخلى وكما يقول د عبدالمنعم أبو الفتوح بأن جماعة الإخوان المسلمين لم تستقر فكرًا وتنظيمًا على الصورة التي نراها عليها الآن إلا عام 1989 على الأرجح وهو العام الذي أجريت فيه أول انتخابات لاختيار مسؤولي الجماعة بعدما كانوا يتولون مناصبهم في كل القطاعات تقريبا بالتعيين، وأن الحسم على المستوى الفكري والتنظيمي بما يرسم الصورة التي عليها الآن مر بعدة محطات وأحداث تاريخية مهمة.

أما القطع مع العمل السري وحسم قضية علنية الجماعة ورفضها للسرية فقد تم بشكل رسمي ومكتوب عام 1987، حيث اجتمعت كل قيادات الجماعة من مسؤولي المحافظات إلى أعضاء مكتب الإرشاد وتداولنا هذه القضية وظهر ما يشبه الإجماع على الإقرار بعلنية الجماعة ورفض العمل السري، وخرجنا وقتها بوثيقة رسمية مكتوبة عرفت باسم "جماعة الإخوان جماعة علنية"، أقر بها مكتب الإرشاد وأرسلت إلى كل أقسام الجماعة ومكاتبها الإدارية للالتزام بما جاء فيها.

ويضيف د عبدالمنعم، لقد كان النصف الأول من عقد الثمانينات في رأيي امتدادا لعهد السادات؛ عهد الانفتاح وحرية العمل والتنظيم السياسي، فكان حاسما في بناء جماعة الإخوان المسلمين واستقرار منهجها الفكري واستراتيجية عملها وصورتها لدى الرأي العام ولدى قواعدها أيضا، وقد شهدت سنواتها القطع في قضايا كثيرة كانت غير واضحة من قبل مثل الموقف من العنف والعمل السري؛

كما شهدت وضع القاعدة الصلبة للتنظيم الإخواني وتحديد قواعده الإدارية ومناهج التكوين والتربية ورسم مسار حركته. وهو ما أهل الجماعة للانطلاق بقوة وملأ فراغ العمل العام في مصر والعالم العربي على الرغم من أن عقبات كثيرة بدأت تظهر في الأفق كان من شأنها أن تعرقل سير الجماعة وحركتها. (8)

وخلافاً لما يعتقده بعض الباحثين من أن هناك سيطرة لمجموعة المشايخ على آراء الجماعة ومواقفها السياسية كان المشهد مختلفاً ومغايراً لتلك النظرة تماماً خلال تلك الفترة ومابعدها، فالجماعة تدار بشكل مؤسسى واضح بعيداً عن التأثير الشخصى لبعض القيادات التاريخية ويوضح د عبدالمنعم أبو الفتوح تلك النقطة فى مذكراته فيقول:

ومما يجب التوقف عنده كثيرا عند حديثنا عن استقرار رؤية الجماعة ووضوح منهجها الفكري موضوع علماء الجماعة وشيوخها، فعلى خلاف ما يتصوره البعض لم تعرف الجماعة في هذه الفترة ما يمكن أن نسميه بجناح أو تيار المشايخ والعلماء، وإنما كان لدى الجماعة علماء وشيوخ أجلاء ظلوا طوال فترة إعادة بناء الجماعة جزءا من نسيج حركتها وبنيانها الفكري والتنظيمي، ولم نشهد في حركتنا ونقاشاتنا الطويلة التي قضيناها في إعادة البناء خلافات ذات وزن تؤشر إلى أن هناك انفصالا بين الشيوخ والعلماء وبين الحركيين أو إخوان العمل العام.

اللهم إلا مواقف قليلة بل ونادرة جدا أشهرها ما حدث مع الشيخ عبد الستار فتح الله سعيد.

كنّا قد حسمنا أمرنا بالدخول في تحالف مع حزبي العمل والأحرار عرف بـ "التحالف الإسلامي" في الانتخابات البرلمانية عام 1987، وقد رشح حزب العمل على قائمته بإحدى دوائر محافظة الجيزة امرأة هي السيدة عزيزة سند.

وكان الموقف المبدئي للإخوان هو الترحيب بهذا الترشيح وعلى أن يضم الإخوان امرأة في قوائمهم لما يعنيه ذلك من مواجهة الاتهامات التي تطلقها التيارات العلمانية وتشيع فيها أن الإخوان أعداء للمرأة وسيقفون ضد مكاسبها، لكن الشيخ عبد الستار فتح الله سعيد وهو أستاذ للتفسير في جامعة الأزهر من قدامى الإخوان وكان عضوا بمكتب الإرشاد وقتها رفض الأمر تماما وبقوة، وساق جميع الآراء الشرعية التي تعارض مشاركة المرأة بالبرلمان.

والحقيقة أن ما ساقه فضيلة الشيخ عبد الستار في المسألة كان أقرب لرأي شرعي يقبل المراجعة، فهو غير مجمع عليه كما أن كثيرا مما طرحه من حجج شرعية كان مردودًا عليها.

وكنت ممن عارضوا رأي فضيلته، فعرض عليه الإخوان في مكتب الإرشاد تكوين لجنة من علماء الشريعة تدرس القضية ثم تخرج بعدة آراء يختار منها مكتب الإرشاد ما يراه مناسبًا للجماعة، إلا أن فضيلته رفض الاقتراح وقال إن الرأي الراجح الذي ستراه اللجنة هو الذي يجب أن يلتزم به مكتب الإرشاد وأنه سيكون ملزما للجماعة، وهو ما قوبل بالرفض.

وقد كانت الواقعة مهمة جدا في تأسيس منهج للتعامل مع القضايا التي يختلط الشرعي بالسياسي فيها، فحين بدأنا النقاش عام 1994 لإصدار الوثيقة الشهيرة عن موقف الإخوان من الشورى والتعددية الحزبية وعمل المرأة في السياسة، وكان المستشار مأمون الهضيبي وقتها مسؤولا عن القسم السياسي، انتهينا في مكتب الإرشاد إلى دعوة مجموعة من علماء الشرع لحضور مناقشات القسم السياسي في الجماعة مع عدد من أعضاء مكتب الإرشاد وإدارة حوار موسع حول هذه القضايا خاصة قضية التعددية وإمكانية قبول الجماعة بالتعددية الحزبية، وقد دام هذا الحوار وقتًا طويلا نوقشت فيه قضايا أخرى مثل قضية الأقباط وكان ممن حضروه فضيلة الشيخ طه ريان عميد كلية الشريعة آنذاك مع الإخوة من القسم السياسي عصام العريان وعبد الحميد الغزالي (الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة). (9)

وكانت من اهم مميزات تلك الفترة الطبيعة الشخصية المنفتحه للأستاذ عمر التلمساني "رحمه الله" والتى استطاع بها تطبيق فكرة الانتشار المجتمعى بصورة رائعة سواء من خلال الجامعات أو النقابات والتى يقول عنها الأستاذ جابر رزق "رحمه الله" لقد اختار الله الشيخ عمر التلمساني ليقود الجماعة في سنوات ما بعد محنة السجون التي استمرت قرابة ربع قرن من الزمان، فاستطاع بحكمه الشيخ الذي حنكته السنون، وأنضجته السجون، وبميزات شخصه منحه الله إياها. وبأخلاق الإسلام التي صبغت سلوكه وتصرفاته.

المبحث الرابع: تطور البناء التنظيمى والهيكل الداخلى

شهد عهد مبارك قدرة فائقة من الإخوان على تطوير أدائهم التنظيمى بصورة كبيرة، فقد اعتمدت الجماعة على الأكاديميين فى تطوير الهيكل المؤسسى للجماعة بل وتنظيم دورات تدريبية على مستويات عديدة للصف الاخوانى؛

وتم انشاء قسم التنمية وهو المعنى بالتطوير الهيكلى وتدريب الكوادر واعداد الخطة اعتماداً على رفع الواقع المقدم من أقسام الجماعة المحتلفة.

اللائحة الداخلية عام1982

على مستوى الهيكل التنظيمى فقد اعتمدت الجماعة خلال عهد مبارك عدة لوائح إدارية لتحديد اختصاصات كل مستوى فكانت أول لائحة تصدر فى عهد مبارك لائحة عام 1982 والتى نظمت الهيكل الإدارى ثم أعقبها لائحة عام 2009 لتطوير الهيكل الداخلى بما يتناسب مع المستجدات.

ففى بدايات عهد مبارك تم وضع لائحة جديدة لتنظيم العمل والهيكل الإدارى الإخوانى، وهى استمرار لتنظيم الجماعة وإعادة هيكلتها والذى بدأ فى السبيعينات، فمن المعروف أن هناك لائحة وضعها قادة الجماعة وساروا عليها فقد اعتمدها المرشد العام للجماعة في اجتماعه المنعقد بتاريخ 9شوال 1402هـ الموافق 1982/7/29 وما يليها من الاقتراحات المقدمة لتعديل هذه اللائحة انتهى إلى إقرار النظام العام للجماعة في شكل ابواب جاء في الباب الاول منها اسم الجماعة ومقرها على النحو التالي:

في شهر ذي القعدة 1347ه 1928 تألفت جماعة الاخوان المسلمين ومقرها الرئيسي مدينة القاهرة، ويجوز نقل القيادة في الظروف الاستثنائية بقرار من مجلس الشورى اذا تعذر ذلك من مكتب الارشاد.

اما الباب الثاني فقد تناول الأهداف والوسائل كما يلي: الاخوان المسلمون هيئة اسلامية جامعة تعمل لاقامة دين الله في الأرض وتحقيق الاغراض التي جاء من اجلها الإسلام الحنيف، وما يتصل بهذه الاغراض.

وتبلغ دعوة الإسلام إلى الناس كافة والى المسلمين خاصة، وشرحها شرحا دقيقا يوضحها ويردها إلى فطرتها وشمولها، ويدفع عنها الاباطيل والشبهات.

وجمع القلوب والنفوس على مبادئ الإسلام، وتجديد اثرها الكريم فيها، وتقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية. والعمل على رفع مستوى المعيشة للافراد وتنمية ثروات الامة وحمايتها.

وتحقيق العدالة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي لكل مواطن، ومكافحة الجهل والمرض والفقر والرذيلة، وتشجيع اعمال البروالخير.

وتحرير الوطن الاسلامي بكل اجزائه من كل سلطان غير اسلامي، ومساعدة الاقليات الإسلامية في كل مكان، والسعي إلى تجميع المسلمين جميعا حتى يصيروا أمة واحدة.

وقيام الدولة الإسلامية التي تنفذ أحكام الإسلام وتعاليمه عمليا، وتحرسها في الداخل وتعمل على نشرها وتبليغها في الخارج.

ومناصرة التعاون العالمي مناصرة صادقة في ظل الشريعة الإسلامية التي تصون الحريات وتحفظ الحقوق، والمشاركة في بناء الحضارة الانسانية على اساس جديد من تآزر الايمان والمادة كما كفلت ذلك نظم الإسلام الشاملة.

ويعتمد الاخوان المسلمون في تحقيق هذه الاغراض على الدعوة بطريق النشر والاذاعة المختلفة من الرسائل والنشرات والصحف والمجلات والكتب والمطبوعات وتجهيز الوفود والبعثات في الداخل والخارج.

والتربية بطبع اعضاء الجماعة على هذه المبادئ وتمكين معنى التدين قولا وعملا في انفسهم افراداً او بيوتا وتربيتهم تربية صالحة عقديا وفق الكتاب والسنة وعقليا بالعلم وروحيا بالعبادة، وخلقيا بالفضيلة، وبدنيا بالرياضة وتثبيت معنى الاخوة الصادقة والتكافل التام والتعاون الحقيقي بينهم حتى يتكون رأي عام اسلامي موحد، وينشأ جيل جديد يفهم الإسلام فهما صحيحا ويعمل بأحكامه ويوجه النهضة اليه.

والتوجيه: بوضع المناهج الصالحة في كل شؤون المجتمع من التربية والتعليم والتشريع والقضاء والادارة والجندية والاقتصاد والصحة والحكم التقدم بها إلى الجهات المختصة، والوصول بها إلى الهيئات النيابية والتشريعية والتنفيذية والدولية لتخرج من دور التفكير النظري إلى دور التنفيذ العملي والعمل بجد على تنقية وسائل الإعلام مما فيها من شرور وسيئات والاسترشاد بالتوجيه الاسلامي في ذلك كله.

والعمل: بانشاء مؤسسات تربوية واجتماعية اقتصادية وعلمية، وتأسيس المساجد والمدارس والمستوصفات والملاجئ، والنوادي، وتأليف اللجان لتنظيم الزكاة والصدقات واعمال البر والاصلاح بين الأفراد والاسر؛

ومقاومة الآفات الاجتماعية والعادات الضارة والمخدرات والمسكرات والمقامرة وارشاد الشباب إلى طريق الاستقامة وشغل الوقت بما يفيد وينفع ويستعان على ذلك بانشاء اقسام مستقلة طبقا للوائح خاصة.

وإعداد الامة إعدادا جهاديا لتقف جبهة واحدة في وجه الغزاة المتسلطين عن اعداء الله تمهيدا لاقامة الدولة الإسلامية الراشدة.

بينما جاء الباب الثالث من الأعضاء وشروط العضوية في هذا السياق

يقضي المرشح لعضوية الجماعة مدة ستة اشهر على الاقل تحت الاختبار ،فاذا ثبت قيامه بواجبات العضوية مع معرفته بمقاصد الدعوة ووسائلها وتعهد بان يناصرها ويحترم نظامها. ويعمل على تحقيق اغراضها ثم وافقت الجهة المسئولة عنه تم قبوله عضوا في الجماعة فيصبح اخا منتظما لمدة ثلاث سنوات.

واذا ثبت خلال السنوات الثلاث الآنفة الذكر قيام الاخ بواجبات عضويته فللجهة المسؤولة ان تعتبره أخاً عاملا و على كل عضو ان يدفع اشتراكا ماليا شهريا او سنويا وفق النظام المالي لكل قطر، ولا يمنع ذلك من المساهمة في نفقات الدعوة بالتبرع والوصية والوقف وغيرها كما ان للدعوة حقها في زكاة أموال الأعضاء القادرين على ذلك.

و اذا قصر العضو في بعض واجباته، او فرط في حقوق الدعوة اتخذت الإجراءات الجزائية اللازمة في حقه وفق النظام الجزائي الخاص بقطره بما في ذلك الاعفاء من العضوية.

و على الأعضاء ان يتكافلوا فيما بينهم، وليتعهد بعضهم بعضا بالسؤال والبر، وليبادر كل إلى مساعدة اخيه ما وجد إلى ذلك سبيلا، كما يأمرهم بذلك الاسلام، وذلك صريح الايمان ولب الاخوة.

و الهيئات الإدارية الرئيسية للاخوان المسلمين هي: المرشد العام، مكتب الإرشاد العام، مجلس الشورى العام.

ويشترط فيمن يرشح مرشدا ألا يقل عمره عن اربعين سنة هلالية.

وان يكون قد مضى على انتظامه في الجماعة اخا عاملا مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة هلالية.

وان تتوافر فيه الصفات العلمية (وخاصة فقه الشريعة) والعملية والخلقية التي تؤهله لقيادة الجماعة.

يتم اختيار المرشد العام وفق المراحل الآتية

يقوم مكتب الإرشاد العام بعد استشارة المكاتب التنفيذية في الاقطار لترشيح اكثر اثنين قبولا لدى هذه المكاتب اذا لم يتم الاجماع على واحد ممن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة .

وبناء على ذلك وبقرار من مكتب الإرشاد العام يوجه نائب المرشد العام الدعوة إلى مجلس الشورى العام لاجتماع مدته اسبوع كحد اقصى مخصص لانتخاب المرشد العام الجديد - ويحدد في الدعوة الزمان والمكان والموضوع والنصاب - وتوجه الدعوة قبل شهر على الاقل من الموعد المحدد.

وينعقد اجتماع مجلس الشورى العام برئاسة نائب المرشد العام، فان كان هو المرشح فاكبر الأعضاء سنا، وبحضور اربعة اخماس اعضاء المجلس على الاقل، فاذا لم يحضر العدد القانوني خلال اسبوع اجل الاجتماع إلى موعد آخر لا يقل عن شهر ولا يزيد على شهرين من تاريخ الاجتماع الاول، ويجب ان تتوافر في هذا الاجتماع اكثرية ثلاثة ارباع اعضاء المجلس فاذا لم يحضر هذا العدد اجل الاجتماع مرة اخرى، وعلى المجلس تحديد موعد الاجتماع الجديد في مدة كالسابق بيانها مع الإعلان عنه وعن المهمة التي سيعقد من اجلها وانه سيكون صحيحا بالاغلبية المطلقة.

واذا كان المرشح واحدا فيجب ان ينال ثلاثة ارباع اصوات الحاضرين على الاقل ويمكن اعادة التصويت مرة اخرى، فاذا لم ينل الاكثرية المطلوبة يدعى المجلس إلى جلسة اخرى خلال اسبوع، ويرشح مكتب الارشاد العام اخا آخر، ويمكن اعادة التصويت لهذا المرشح مرة واحدة ايضا، فاذا لم ينل الاكثرية المذكورة يعاد التصويت بين المرشحين اذا كان هناك مرشحان يعتبر منتخباً من ينال العدد الاكثر من الاصوات على ان لا يقل عن نصف اعضاء مجلس الشورى.

وعندما يتم اختيار المرشد العام يؤدي العهد المثالي امام مجلس الشورى العام و يضطلع المرشد العام بمهمته فور انتخابه وادائه للعهد، وعليه ان يستقيل من عمله الخاص ويتفرغ كل التفرغ للمهمة التي اختبر لها، ويبقى في مسؤوليته ما دام أهلا لذلك.

ولا يصح للمرشد العام بشخصه ولا بصفته ان يشترك في ادارة شركات او اعمال اقتصادية حتى ما يتصل فيها بالجماعة واغراضها صيانة لشخصه وتوفيرا لوقته ومجهوده على ان يكون له الحق في مزاولة الأعمال العلمية والادبية بموافقة مكتب الارشاد العام.

و تتحمل الجماعة نفقات المرشد العام وفق اللائحة المالية الخاصة بالمتفرغين.

وتنتهي ولاية المرشد العام في الحالات التالية

اذا اخل المرشد العام بواجباته، او فقد الاهلية اللازمة فلمجلس الشورى دراسة الوضع واتخاذ القرار المناسب فاذا وجد ان مصلحة الدعوة تقتضي اعفاءه يدعو إلى جلسة اخرى مخصصة لذلك، ويجب ان يصدر قرار الاعفاء باكثرية ثلثي اعضاء المجلس.

واذا قدم المرشد العام استقالته يدعو مكتب الإرشاد مجلس الشورى لدراسة اسباب الاستقالة واتخاذ القرار المناسب، وفي حالة إصرار المرشد على استقالته يتم قبولها بالاكثرية المطلقة لاعضاء المجلس.

واذا توفي المرشد العام يتولى نائبه صلاحياته كافة ويتم انتخاب مرشد جديد يقوم مكتب الإرشاد العام بالمهمات الآتية

تحديد مواقف الجماعة الفكرية والسياسية من كافة الأحداث العالمية أو تلك التي ترتبط بسياسة الجماعة أو تؤثر في أي قطر من الأقطار وذلك في ضوء الخطة العامة التي يضعها مجلس الشورى ، وله أن يقوم بنفسه أو يكلف من يرى تأليف الرسائل وإصدار النشرات والتعليمات التي تكفل شرح الدعوة وبيان أغراضها ومقاصدها؛

ومراجعة ما تصدره تنظيمات الأقطار قبل نشره لصلته بصميم الفكرة والإشراف على سير الدعوة وتوجيه سياستها وتنفيذ أحكام اللائحة العامة ومراقبة القائمين على التنفيذ ورسم الخطوات اللازمة لتنفيذ قرارات مجلس الشورى العام في جميع الأقطار وتكوين اللجان والأقسام المتخصصة في المجالات اللازمة واعتماد لوائحها ومحاسبتها ووضع الخطة العامة وعرضها على مجلس الشورى العام لاعتمادها وإعداد التقرير السنوي العام عن أعمال القيادة وأحوال الجماعة والوضع المالي لعرضه على مجلس الشورى العام واختيار مراجع للحسابات من غير أعضائه .

و يقوم مجلس الشورى العام بالمهمات الآتية

انتخاب المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد العام وإقرار الأهداف والسياسات العامة للجماعة وتحديد موقفها من مختلف الاتجاهات والتجمعات والقضايا المتنوعة وإقرار الخطة العامة والوسائل التنفيذية اللازمة ومناقشة التقرير العام السنوي والتقرير المالي وإقرارهما واعتماد الميزانية للعام الجديد وانتخاب أعضاء المحكمة العليا التي تنظر في القضايا التي تحول إليها من قبل المرشد العام أو مكتب الإرشاد العام أو مجلس الشورى العام

ومحاسبة أعضاء مكتب الإرشاد العام مجموعة وأفراداً وقبول استقالتهم بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس واعفاء المرشد العام أو قبول استقالته من هذه اللائحة وتعديل اللائحة بناء على اقتراح يقدمه فضيلة المرشد العام أو مكتب الإرشاد العام أو اقتراح يوافق عليه ثمانية من أعضاء مجلس الشورى العام ويجب إبلاغ الأعضاء بنص التعديل قبل شهر من النظر فيه ويتم التعديل بموافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس إلا في المواد التي نص عليها بنصاب خاص . فلا تعدل إلا بموافقة ثلثي الأعضاء .

كما اعتمدت الجماعة وسائل تنظيمية جديدة مثل الأوراق والنشرات الداخلية لتوعية الصف سواء كانت نشرات تربوية أو سياسية، لمواجهة بعض الحملات الاعلامية والأمنية التى استهدفت الجماعة وكوادرها، ومن هذه النشرات التى كانت ترد على استهداف قيادة الجماعة والتشكيك فيها نشرة أو كتيب " الدين النصيحة" والتى صدرت عام 1995 .

ومما جاء فى النشرة " أخى الحبيب:

إن القيادة بشر من بشر، تصيب وتخطئ وإلا فما معنى النصيحة؟ فهلا سددت وقاربت، وحملت الأمانة، وأنكرت ذاتك وقدمت نموذجاً عملياً فى موقعك يدفع الآخرين بالقدوة، ويقيم الحجة على القاعدين، وتكون برهانا على صدق ادعائك، ومسئولياتك التى حملك الله إياها، قد يقع المسلم فى خطأ غير مقصود حين يرسم فى مخيلته صورة لقيادته أى مستوى قيادى صورة مثالية غير واقعية، قبل أن يدخل بيت الدعوة ويشاهد الواقع المعاش.. فإذا دخل وتعرف على حقيقة وطبيعة وواقعية القيادة، اهتزت ثقته لنقص فى بشريتها وخطأ فى تقديره، أو شدة فى معاملة،لأنه لم ير فى الخيال الذى رسمه فى مخيلته واقعاً أمامه.

وتضيف الورقة فى نفس الموضوع

"فى السلوك والفردى للقيادة حين تتعامل كبشر وكفرد من الأفراد ابتلاها الله بالقيادة ،ففعلت المأمور، وتركت المحظور، وصبرت على المقدور، وتناولت المباح، وتسامت عن الصغائر، وتحلت بالأخلاق الكريمة، والمبادئ القومية، واجتهدت ان تقتدى بالرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو المقياس الذى بدونه لاتٌقدر ولا تعتبر، لأن رسالتنا رسالة أخلاق وقيم قبل أن تكون رسالة تنظيم وتشريع وتخطيط وسياسية. (10)

كما توجه الرسالة بعض الوصايا التنظيمية تحت عنوان" استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان":

"أخى الحبيب: إن أى مستوى من مستويات الإدارة فى شركة من الشركات له خصوصياته وله معلوماته التى لاتتعداه إلى مستوى آخر؛ حفاظاً على نجاح الإدارة وتحقيقاً للأهداف، فلايعلم بمايدور فى مستوى إلا من فيه، ولا ينتقل إلى مستوى آخر إلا لمصلحة، فما بالك بجماعة تريد خلافة إسلامية ضاعت، وهوية إسلامية انمحت، هل تتصور أن كل أمر وكل تكليف على أعلى مستوى لابد أن يعرفه الجميع؟
حقيقته ومرماه، والغرض منه، ولم كان الحكم على هذا الشكل؟ إنه من الطبيعى أن يحجب عنك بعض الأمور التى ليست فى مستواك، لا لعدم الثقة فيك، ولكن كل كلام لاينبنى عليه عمل فالخوض فيه من التكلف الذى نهينا عنه، أو طالما أنك لاتفيد الجماعة فيه كان لابد من حجبه، لكى لايطلع عليه عدوك، فيحبط خطتك حين تنتشر بين الأفراد"استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان". (11)

وتضيف الورقة، أخى الحبيب:

هل تظن أننا نستطيع أن نواجه أعداءنا بهياكل تنظيمية أو أحزاب سياسية، وأوامر تكليفية، وتخطيط بغير إخلاص فى القلوب وسلامة فى الصدر وحب للأخوة؟.

أخى الحبيب:

إذا استغرقنا فى هياكلنا التنظيمية، وأعمالنا الإدارية وهى ضروية دون إخلاص فى القلوب، تعكر الصفو، داخل الصف، وإذا اختل الصف انتصر العدو، وهذا دليل قلة الإخلاص أو انعدامه، فوحدة القلوب سابقة على وحدة الصفوف، ووحدة المشاعر سابقة على وحدة الشرائع، لتتحقق قوة الرباط الإيمانى بالإخلاص. (12)

كما نجد بعض التوجيهات التربوية فى كتيب آخر تحت عنوان "من زاد السائرين إلى رب العالمين" الجزء الثانى ويتناول قضية الثبات والمعينات عليها فى ظل استمرار المواجهة مع النظام فتحت عنوان مظاهر تحقق صفة الثبات

(أ‌) مظاهر يجب التحلى بها:

  1. ألا تبالى بالشبهات المثارة ولابمن يثيرها وتمضى بثبات فى طريق دعوتك.
  2. أن تتصدى لمثيرى الشبهة بالحجة والبرهان.
  3. أن يكون لك جهد فى دفع أصحاب الفتور والأعذار الكثيرة للعمل والتضحية.
  4. أن يزيد عطاؤك لدعوتك كلما طال بها عهدك.
  5. أن تأخذ نفسك بالعزيمة إذا ماتعرضت لمحنة ولاتفشى سراً لدعوتك.
  6. أن توظف المحن توظيفاً جيداً.
  7. أن يزيد عطاؤك عند تغيب قادتك.
  8. أن تحترم آراء غيرك وأن تكون على استعداد للتنازل عن آرائك.
  9. أن تراجع نيتك قبل كل رأى تبديه أو عمل تؤديه وبعدهما كذلك.
  10. أن تبادر بالاعتذار لغيرك وخاصة لقيادتك إذا مابدر منك خطأ فى حقهم.

(ب‌) مظاهر يجب التخلى عنها:

  1. أن تصاب بالإحباط عند إثارة الشبهات وأن تحدث غيرك بالشبهة المثارة.
  2. أن تفتر همتك عند مواجهة المشكلات الدعوية والمعوقات.
  3. أن تتوارى عن الأعين أو يقل نشاطك عند المحنة.
  4. أن تتهم جماعتك باستدعاء البلاء لا دفعه.
  5. أن ترى فى رأيك الصواب مطلقاً.
  6. أن تيأس من شيوع المنكر وكثرته.
  7. أن تطيع أهلك فيما يهوون إن كان على حساب دعوتك.
  8. أن تنتظر الثناء على مجهود وإلا قل عزمك.
  9. أن تكثر أعذارك عند إقبال الدنيا عليك.
  10. أن تضعف همتك عندما تكثر أعباؤك.
  11. أن تنشط فى حال القيادة وتفتر فى حال الجندية.
  12. أن ترغب فى مجالسة من يثنى على آرائك وأدائك، ولاترغب فى مجالسة من يخالفك.

كما توجه الجماعة خلال نفس الإصدار توجيهات تربوية إلى كوادرها وخاصة المربين وهم مسئولى الأسر واللقاءات التربوية فتقول تحت عنوان "وصايا إلى المربى":

  1. تعهد الأفراد بالتربية الإيمانية العالية والروحانية الفياضة.
  2. احرص على توظيف كافة الأفراد فى عمل يناسب طاقاتهم، فشعور الفرد بعدم الإنتاج يشعره بعدم قيمته وأهميته فى هذه الدعوة فيدفعه هذا إلى الإختفاء والسقوط فى لجة المجتمع ومتاهاته.
  3. اهتم بنفوس الأفراد وظروفهم الخاصة، فهم كسائر الناس يتعرضون لأزمات ومشكلات مختلفة، ومعاونتهم على تجاوزها، يفرغ أذهانهم وطاقاتهم لمواصلة السير على طريق الدعوة.
  4. كن متفائلاً، فأثرك على الص بليغ وعميق ، فإن تخاذلت أو يئست – لاقدر الله- عرضت الصف كله للتخاذل واليأس.
  5. احسم الأمور وحاصر المشكلات فى بدايتها قبل أن تتفاقم فيستعصى حلها.
  6. ذكر إخوانك بأن ارتباطهم بالدعوة يجب أن يكون قائماً على أساس الارتباط بالله وبالاسلام، الدعوة وسيلة لتحقيق أمر الله، وليست غاية. (13)

كما طورت الجماعة خطابها السياسى والدعوى بما يتناسب مع كل مرحلة، وكذلك طورت خططها فبعد أن كانت ترتكز بصورة كبيرة على التنظيم وإعادة ترتيب الصف الداخلى للجماعة خلال السبعينات، أصبحت خططها ترتكز بصورة أساسية على تحقيق الانتشار المجتمعى وتهيئة أفراد الصف للتعامل مع المجتمع والانتشار فيه سواء عبر مؤسساته المنتخبة (مجالس ونقابات مهنية وعملية) أو من خلال الاحتكاك اليومى والمباشر بعموم المجتمع؛

فتم تطوير المناهج التربوية للجماعة لتتناسب مع مرحلة العمل مع المجتمع فنجد فى أحد المناهج التربوية للجماعة ماعنوانه " إرشاد المجتمع فريضة شرعية وضرورة اجتماعية" وكذلك نجد عدد من الأهداف العامة والمرحلية التى يسعى أفراد الصف لفهمها واستيعابها ومن هذه الأهداف:

الهدف العام : أن يعمل الدارس على إرشاد المجتمع

الأهداف المرحلية

  1. أن يوضح الدارس مفهوم العمل على إرشاد المجتمع .
  2. أن يوضح الدارس شرعية وضرورة العمل على إرشاد المجتمع .
  3. أن يوضح الدارس نماذج من الهدى النبوى والقصص القرآنى فى إرشاد المجتمع .
  4. أن يوضح الدارس أمثلة من تاريخ حركة الدعوة للعمل على إرشاد المجتمع .
  5. أن يوضح الدارس الأسس أو الطرق العامة لإرشاد المجتمع .
  6. أن يوضح الدارس الآداب والعوامل التى تعينه على إرشاد المجتمع .
  7. أن يوضح الدارس وسائل وأساليب تعين على إرشاد المجتمع .
  8. أن يوضح الدارس الأعمال التى يمكن القيام بها من خلال منافذ ومسارات الحياة.
  9. أن يرتبط الدارس بأفراد من المجتمع تمكن مشاركتهم فى إرشاد المجتمع. (14)

ويقول د. عمرو الشوبكى

"علي عكس الصورة الواسعة والمترهلة أحيانا في أعين البعض التي بدا عليها تنظيم الإخوان المسلمين، إلا أنه في داخل جنبات هذه الصورة بدت هناك خيوط وقنوات محددة ومعدة بدقة لكي يقوم كل عضو بدوره التنظيمي على نحو محدد ودقيق، لا يعبر عنه بدقة المظهر الخارجي الواسع والمترهل في بعض الأحيان.
وحرص الإخوان على تشييد تنظيمهم على أسس مركبة شديدة الدقة، ضمت مستويات متعددة، لكل منها برنامجها الخاص في التثقيف الديني والعقائدي، على نحو أدى إلى تمايز تنظيم الجماعة عن باقي التنظيمات السياسية والجماعات الدينية الأخرى.

وكانت هناك ثلاثة أبعاد أساسية ميزت هذه التنظيم

البعد الأول يتعلق بمستويات التنظيم، حيث حرص الإخوان على أن تتم عملية التجنيد على أكثر من مستوى، وهو ما ذكره حسن البنا بشكل واضح حين أشار في مذكرات الدعوة والداعية إلى ضرورة أن تعنى المكاتب والهيئات الرئيسية لدوائر الإخوان بتربية الأعضاء تربية نفسية صالحة تتفق مع مبادئهم. وتحقيقا لهذه الغاية يكون الانضمام لعضوية الإخوان على ثلاث درجات، هي:
  1. الانضمام العام، وهو من حق كل مسلم توافق على قبوله إدارة الدائرة ويعلن استعداده للصلاح ويوقع استمارة التعارف، ويسمى "أخا مساعدا".
  2. الانضمام الأخوي ، وهو من حق كل مسلم توافق على قبوله إدارة الدائرة. وتكون واجباته ـ بالإضافة إلى الواجبات العامة السابقة- "حفظ العقيدة"، والتعهد بالطاعة، ويسمى العضو في هذه المرتبة "أخا منتسبا".
  3. الانضمام العملي ، وهو من حق كل مسلم توافق إدارة الدائرة على قبوله.
وتكون واجبات الأخ فيه فضلا عن الواجبات السابقة إعطاء البيانات الكافية التي تطلب منه عن شخصه، ودراسة شرح عقيدة الإخوان، وحضور مجالس القرآن الأسبوعية ومجالس الدائرة، والالتزام بالتحدث باللغة العربية الفصحى بقدر المستطاع، والعمل على تثقيف نفسه في الشئون الاجتماعية العامة وليس السياسية والاجتهاد في حفظ 40 حديثا نبويا. ويسمي العضو في هذه الدرجة "أخا عاملا".
وهناك درجة رابعة، أصر الشيخ المؤسس ألا يضعها مع الدرجات السابقة وبصورة لا تخلو من دلالة وهي التي أسماها درجة "الانضمام الجهادى"، وهي ليست درجة عامة ولكنها من حق الأخ العامل الذي يثبت لمكتب الإرشاد محافظته على واجباته السابقة.
أما واجبات "الأخ" في هذه المرتبة فضلا عما سبق فتتمثل في تحري السنة النبوية والصلاة في الليل، والعزوف عن مظاهر المتع الفانية، والبعد عما هو غير إسلامي في العبادات والمعاملات، والاشتراك المالي في مكتب الإرشاد وصندوق الدعوة، والوصية بجزء من تركته لجماعة الإخوان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحمل المصحف ليذكره بواجبه نحو القرآن، وأخيرا الاستعداد لقضاء مدة التربية الخاصة بمكتب الإرشاد. ويسمي الأخ في هذه المرتبة "مجاهدا".
وقد بدا التنوع في مستويات التجنيد داخل الجماعة ذا دلالة، فالفارق يبدو هائلا بين تكوين "الأخ المساعد" و"الأخ العامل" من جهة، وبين نظيرة "الجهادى" من جهة أخرى، حتى لو أعلن الاثنان ولاءهم لمرجعية سلمية واحدة.
البعد الثاني يتعلق بالتكوين العقائدي لكادر الإخوان، فمثلما حمل التنظيم مستويات متعددة من التجنيد حمل أيضا مستويات متعددة من التكوين.
فإذا أخذنا برنامج النشاط الشهري والأسبوعي للإخوان، والذي أشار إليه المؤتمر الخامس الذي عقد في عام 1938، فسنجد أنه قد عبر إلى حد كبير عن تلك الرؤية المتنوعة والمركبة للبناء العقائدي لكادر الإخوان.
فقد اقترح مكتب الإرشاد المستوى القيادي للجماعة أن يحدد الإخوان لأنفسهم أياما معينة من كل شهر لتنفيذ البرنامج التالي:
  1. يوم النصيحة، ويقومون فيه بتوجيه النصيحة لجيرانهم بالتي هي أحسن، وينهونهم عن المنكر، ويدعونهم للخير.
  2. يوم الآخرة، الذي يزور فيه الإخوان المقابر للعظة وتذكر الآخرة.
  3. يوم العيادة، ويزورون فيه مرضى المسلمين.
  4. يوم التعارف، لزيادة أواصر الصداقة بين الإخوان.
وقد تواكب مع هذا النشاط السلمي ذي الطابع الاجتماعي والأخلاقي نشاط آخر مواز أكثر حدة، وتمثل في الأعمدة الثلاثة للنشاط الأسبوعي للإخوان، وهي:
  1. نشاط ليلة الدرس، ويُخصص لمذاكرة الدرس الذي يلقيه المرشد كل أسبوع.
  2. نشاط ليلة الكتيبة، حيث الاستعداد لتحمل المشقة ومقاومة النفس في سبيل الله.
  3. نشاط يوم المعسكر، أي الجندية والتدريب والاستعداد للجهاد المقدس، ذلك هو ما يعنى به "الإخوان المسلمين" لتكوين الجيش الإسلامي. ولم يكتف منشور مكتب الإرشاد بما سبق،

إنما أضاف معلقا على هذا اليوم:

"نرجو أن يكون لهذه الناحية أكبر قسط من اهتمام الإخوان، فيعطون لأنفسهم كل أسبوع عرضا عسكريا يتدربون فيه، أو رحلة يزورون بها البلدان المجاورة فيثابون، ويكونون نموذجا حسنا للناس".
البعد الثالث يمكن اعتباره تجسيدا عمليا للبعدين السابقين أو الثمرة "الواقعية" لهما، وتتمثل في ثنائية الخاص والعام التي حكمت حركة الإخوان المسلمين طوال الفترة الممتدة من عام 1938، أي عقب اشتعال المعارك والثورات على أرض فلسطين وحتى نهاية العهد الناصري تقريبا.
وقد تبلورت تلك الثنائية بشكل واضح في التنظيم "الخفي" و"الموازي" لتنظيم الجماعة الأساسي وهو ما عرف لأعضاء الجماعة باسم "التنظيم الخاص"، وعُرف خارجها باسم "التنظيم السري".
وقد نجحت الجماعة في استيعاب أعضاء التنظيم الخاص، رغم تكوينهم العقائدي الصلب والمخالف لتكوين معظم أعضاء الجماعة، على مدار ما يقرب من ثماني سنوات إذا اعتمدنا رواية محمود عبد الحليم أحد مؤسسي التنظيم الخاص والتي أعلن فيها أن التنظيم قد تقرر إنشاؤه في عام 1940 إلا أن تغير البيئة الاجتماعية والسياسية في الداخل، وتحول البيئة الإقليمية باندلاع حرب فلسطين قد أدى إلى تفجر الخلافات داخل الجماعة بين "الكادر الخاص" و"الكادر العام". (15)
كما تطورت أقسام العمل داخل الجماعة بما يتوافق مع المتغيرات التى حدثت خلال السنوات الأخيرة فيوجد نحو تسعة أقسام داخل التنظيم يشمل : قسم نشر الدعوة وقسم البر،وقسم الأشبال،قسم الطلاب ، قسم الجامعة وقسم العمال وقسم الأخوات وقسم الاتصال بالعالم الخارجى وقسم المهنيين،القسم السياسى، قسم التنمية؛
ويمكن أن تتفرع بعض الأقسام إلى لجان متخصصة مثل : اللجنة المالية ولجنة التاريخ , ولجنة العلماء , وتعتبر لجنة العلماء مثلا مسئولة عن ضمان توافق آراء الحركة ومواقفها السياسية مع أحكام الشريعة فى حين أن لجنة التاريخ معنية بكتابة رواية " رسمية " لتاريخ الإخوان المسلمين وجري استحداث أقسام أخري مؤخرا لتنظيم الدور السياسي الجديد الذي يلعبه الإخوان في البرلمان والقسم السياسي الذي يتضمن لجنة الإعلام أشبه بمؤسسة فكرية وهو متخصص بتنسق الدراسات التي تتناول القضايا والتطورات السياسية المتنوعة كما يتضمن القسم السياسي اللجنة البرلمانية التي تضم في عضويتها نواب الإخوان في البرلمان .
وهكذا استطاعت جماعة الإخوان أن تطور مناهجها وخططها وخطابها للاندماج فى المجتمع وتحقيق عدد من النجاحات على مستوى الانتشار المجتمعى والذى ظهر واضحاً فى الانتخابات التشريعية عام 2005 وكذلك الانتخابات التشريعية الأخيرة التى جرت عقب ثورة 25 يناير 2011 ومن قبلها الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية.

المصادر

  1. الإخوان وإستراتيجية التنظيمإخوان أون لاين
  2. صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك1982 – 2007، هشام العوضي، مركز دراسات الوحدة العربية، ص110
  3. عمرو الشوبكي، مستقبل جماعة الإخوان المسلمين، كراسات استراتيجية ص18، مركز الأهرام للدراسات السياسية
  4. لماذا لا ينقسم تنظيم الإخوان المسلمين؟مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية
  5. مذكرات عبد المنعم أبو الفتوح : "شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر"ص117 الى 127
  6. مذكرات نائب المرشد السابق.. د.محمد حبيب يكشف أسرار الإخوان من الداخلموقع جريدة التحرير
  7. تجربتي مع الاخوان من الدعوة إلى التنظيم السري، د السيد عبدالستار المليجي، الزهراء للإعلام العربى، ص215
  8. مذكرات عبد المنعم أبو الفتوح : "شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر"ص129
  9. مذكرات عبد المنعم أبو الفتوح : "شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر" مصدر سابق ص132
  10. الدين النصيحة، أبو عبدالله محمد صالح، ص10
  11. الدين النصيحة، أبو عبدالله محمد صالح، ص13
  12. الدين النصيحة، أبو عبدالله محمد صالح، ص26
  13. عبدالرحمن الجندي، من زاد السائرين إلى رب العالمين،ص34 الى ص37، كتيب داخلى خاص بالصف، طبع عام 1998
  14. أحد كتب المنهج التربوى للجماعة والتى تم اعتماد كمنهج تربوى عام 1995
  15. مستقبل جماعة الإخوان المسلمين،د. عمرو الشوبكي، السنة السادسة عشرة- كراسات استراتيجية العدد رقم (163)- مايو 2006،ص18

للمزيد عن الإخوان ومبارك