الإخوان والأعياد.. نماذج مضيئة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان والأعياد.. نماذج مضيئة
مسيرة لشباب الإخوان للتهنئة بالعيد

انطلق الإخوان المسلمون، وفق المعايير التي جاءت في كتاب ربهم وسنة نبيهم، وقاموا بتطبيقها تطبيقًا عمليًّا، وتعاملوا مع كل شرائح المجتمع، فلم تكن دعوتهم موجهةً إلى شريحة واحدة من المجتمع أو إلى شعب واحد، ولم تكن في مجال واحد، بل تعاملوا مع كل الشرائح على السواء، سواء أكان بالتذكير أم بالنصيحة أم بتقديم الخدمات، كما طبقوا الإسلام بمفهومه الشامل في كل مجالات الحياة؛ سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية أم اجتماعية، فنالت دعوتهم استحسان وقبول الجميع بسبب هذا الفهم الشامل.

وفي ذلك يقول الإمام البنا عليه رحمة الله: "أيها الإخوان! أنتم لستم جمعية خيرية، ولا حزبًا سياسيًّا، ولا هيئةً موضعية الأغراض محدودة المقاصد؛ ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داوٍ يعلو مردِّدًا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى عنه الناس.

إذا قيل لكم إلامَ تدعون؟ فقولوا: ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم: هذه سياسة! فقولوا: هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام".

ومن ضمن هذه الجوانب- كما ذكرنا- الجانب الخدمي الذي قدَّمه الإخوان للمجتمع وفقرائه؛ انطلاقًا من دعوتهم التي تدعو إلى التعارف والتكامل والتكافل بين أفراد المجتمع؛ حتى لا يبيت أحد شبعان وجاره جائع لا يجد ما يسد حاجته، ولذلك كانوا حريصين على إدخال السرور على الفقراء بقدر المستطاع، فكان الأخ يقتطع من قوته وقوت أبنائه ليطعم الفقراء أو يكسوهم، وخاصة في الأعياد التي كان ينظر الفقير فيها للغني؛ فلا يفرح بالعيد، فعمل الإخوان بوسائل عدة على إدخال السرور عليهم، سواء كان بإطعامهم أم كسوتهم أم تنظيم رحلات ترفيهية، أم افتتاح ما يعود عليهم بالنفع كالمستوصفات وغيرها.

وهذا الأمر لم يكن في مرحلة من مراحل الدعوة فحسب، بل منذ نشأة الجماعة حتى اليوم، ففي عيد الأضحى كان الإخوان يقومون بجمع الأضاحي وتوزيعها على الفقراء الموجودين في بلادهم، خاصة أن البلاد كانت واقعة تحت الاحتلال، وكان معظمها من الفقراء.

ففي "أسوان" قام الإخوان بمشروع لسد حاجات الفقراء، حتى بلغ جملة ما أنفقوه في هذا المشروع نهاية عام 1941م حوالي 71 جنيهًا، ويوضح الجدول الآتي نواحي الإنفاق كما أوردتها مجلة (الصعيد الأقصى):

كما قامت "شعبة المنيا" بإطعام مائتين من فقراء المدينة.

وأيضًا "شعبة ميت غمر" التي قدَّمت الملابس والنقود والأكفان للموتى، وعلاجًا للمرضى من الفقراء في نفس العام.

وقد كان لشعبة "برمبال" بمحافظة الدقهلية السبق في عمل لجان جمع الزكاة وتوزيعها على الفقراء، وقد عُمِّمت لجان جمع الزكاة بعد ذلك ووُضِعَت لها لائحة.

ولقد كان من قرارات مجلس الشورى المركزي للإخوان "ببرمبال" في جلسته العاشرة المنعقد في شهر ربيع الأول 1353هـ الموافق يونيو 1934م:

يافطة تهنئة بالعيد.jpg
  • أولاً: تكملة جامع سيدي محمد السطوحي.
  • ثانيًا: إصلاح طريق الجبانة: حيث تمَّ تكليف محمد سويلم أفندي بإصلاح طريق الجبانة، على أن يبدأ ذلك يوم السبت القادم (من تاريخ الجلسة).
  • ثالثًا: الحث على تأدية الزكاة: حيث حث الإخوان على تقديم الزكاة المطلوبة منهم للجمعية مباشرة؛ لتوزيعها على المستحقين، وعلى السكرتير تجهيز المكان.

ولم يقتصر الأمر على هذه الشُّعَب فحسب بل بادرت "شعبة بور فؤاد" بتعليم أولاد الفقراء على حساب الإخوان في مدرسة بور فؤاد الأولية، وقامت الجمعية بمساعدة الكثير من المحتاجين؛ الذين لجئوا إليها في كثير من الظروف.

ولم يقتصر دور الإخوان الخدمي على مناسبة بعينها؛ ففي شهر رمضان من عام 1364هـ الموافق 1945م قامت "منطقة دشنا" بإطعام مائتي فقير.

كما اهتم الإخوان بتقديم الرعاية الطبية للناس بأقل تكلفة، عن طريق إنشاء العيادات والصيدليات، فقد كتبت مجلة (العيون) عام 1941م تمتدح عيادة وصيدلية الإخوان الطبية بمدينة المنصورة فتقول:

"هذه عيادةالإخوان المسلمين وصيدليتهم تنافس المستشفيات الأميرية بما حازته من ثقة المرضى، وأينما سرت في الشوارع سمعت على ألسنة العامة من البنات والنساء والأطفال النصيحة للمرضى بالذهاب إلى عيادة الإخوان المسلمين. ولا شك أن هذا نجاحٌ باهرٌ يدل على صدق عقيدة هؤلاء السادة، الذين يقومون بهذا الأمر في هذه الشعبة".
وكتبت أيضًا جريدة (الوفد المصري) تحت عنوان: "إطعام 500 فقير في جمعية الإخوان المسلمين بجرجا": "بمناسبة الاحتفال بنصف شعبان المعظم تبرعت جمعية الإخوان المسلمين بجرجا بإطعام خمسمائة فقيرٍ بدار الجمعية، وقد وزَّعت على الفقراء اللحوم والأطعمة، وكان يشرف على النظام حضرة السيد محمد الأنصاري (رئيس الجمعية)، وباقي أعضاء الجمعية".
الأستاذ فرج النجار

ومن النماذج الطيبة التي تركت في نفوس المجتمع أثرًا ما قام به الأستاذ فرج النجار- عليه رحمة الله- وإخوانه، أمثال: الأستاذ محمود علي خليل زناتي، ومحمد توفيق إبراهيم زناتي، ومحمد عبد العزيز الشيخ، وسعد شعيب، وغيرهم في "شعبة ميت خاقان" حيث قاموا بالاتصال بصرَّاف القرية، وكان من الإخوة المسيحيين، وطلبوا منه كشفًا بأسماء مواليد القرية سنة 1941م وعناوينهم، وكانت جميع المواليد تسجل في ذلك الوقت عند صراف القرية، فأعطاه كشفًا به 430 طفلاً، وقاموا بعد ذلك بتقسيم كشف المواليد حسب الأحياء التي يوجد فيها المواليد؛ بحيث يقوم كل أخ بالذهاب لوالد المولود ليطمئن عليه، ويسأل عن صحته وأخباره، وإذا كان يشتكي من مرض– أو ما شابه- يأخذه لمستوصف الإخوان، أو يحضر له الطعام، كما قام الإخوة بعمل قسم في الشعبة للترزية الذين كانوا يقومون بحياكة الملابس التي كان يحتاجها المواليد.

ولقد قامت "جوَّالة الإخوان" بدور في نشر الوعي الصحي وسط الناس، والقيام بأعمال إسعافية لتعويد الناس على الاهتمام بالجانب الصحي؛ حيث قامت بأعمال كنس الطرقات والشوارع، وحث القرويين على التردد على المستشفيات والعيادات الطبية، وتقديم الإسعافات الأولية.

كما نشط "القسم الطبي للإخوان" فأنشأ مستوصفًا خيريًّا عامًّا يفتح أبوابه لكل طوائف الشعب بدارهم بميدان الحلمية الجديدة في 15 نوفمبر 1944م.

ولا ننسى ما ذكره الرئيس محمد أنور السادات في مذكراته عن موقف الإمام البنا وقت محنة السادات وطرده من الجيش في الأربعينيات، من أن الإمام كان يرسل المبالغ المالية إلى أسرته وزوجته، وظل يكفلهم فترة طويلة.

ومن الأمثلة الخدمية للإخوان ما قام به الأستاذ حسن الجمل عقب خروجه من السجن؛ حيث شرع في العمل الخيري في أوساط الناس- وبخاصة الفقراء والأرامل واليتامى- فساهم مع إخوانه في إنشاء العديد من الجمعيات الخيرية، ودور الحضانة، والمدارس، والمشاغل، ودور الأيتام، والمساجد، ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، والمستشفيات، وتيسير الزواج للشباب، وتقديم العون للمرضى، حتى وصفته جريدة (الجمهورية القاهرية) بالرجل الذي لا ينام إلا أربع ساعات، ويقضي بقية وقته بين الناس.

ولم تقتصر خدمة الفقراء على "الإخوان المسلمين" بل نافسنهم "الأخوات المسلمات"؛ فقد خصصن صندوقًا للتبرعات المالية والعينية لإنشاء "دار التربية الإسلامية للفتاة"، والتي كان مقرها شارع قنطرة السكرة بالمنيرة, وكانت ترسل التبرعات باسم "رئيسة قسم الأخوات المسلمات" شارع إسماعيل باشا سري بالمنيرة رقم 16.

وكانت هذه الدار تقوم على:

1- مساعدة أسر الفتيات وبعض العائلات الفقيرة، من كساء وعلاج وتقديم إعانات مالية.
2- إطعام الفقراء في شهر رمضان.
3- توزيع أغطية وملابس على العائلات الفقيرة في الشتاء، وفي المواسم والأعياد.
4- المساهمة في الإرشاد الاجتماعي والوعظ عن طريق المحاضرات.
5- القيام بالإصلاح بين السيدات في البيوت.

ولا ينس أحد آمال العشماوي زوجة الأستاذ منير الدلة- أحد قادة الإخوان- وأخت حسن العشماوي ومسئولة قسم الأخوات؛ حيث شاركت أخواتها في النشاط الاجتماعي؛ فتصدين لحملات التبشير، فقد وقفت بعض الأخوات يطرقن أبواب الموسرين قائلات لهنَّ: إن الإرساليات التبشيرية الأجنبية ترسل الحلوى والهدايا لتشتري بها العقيدة، وأنتم مسئولون أمام الله، فقوموا الآن بواجبكم، وتعالوا معي نزور هذه الأحياء، ولتلقوا إلى أهلها بالهدايا، وببعض ما للناس عندكم من حق معلوم، وبذلك قطعن خط الرجعة على المبشرات؛ فولَّين الأدبار.

كما كانت الأخوات قد قسمن أنفسهن في فرق ولجان، فلجنة في كل شعبة من شعبهن؛ للتعرف على سيدات الحي، وبث الدعوة الصحية والاجتماعية والدينية بينهن، سيما الطبقة العامة، فتذهب الأخوات ومعهن الحلوى والهدايا والعقاقير الصحية يطرقن أبواب المنازل، ويجلسن إلى الأطفال ويرشدن الأمهات، حتى إذا ما عدن إلى دار الشعبة قدمن تقريرًا عن حالة الأسرة، وإن كانت الناحية الخلقية في حاجة إلى إرشاد قام بذلك قسم الإرشاد، وإن كانت في حاجة إلى معونة مالية أو كان رب الأسرة متعطلاً، كان كل ذلك موضع الدراسة، وكذلك شأن قسم زيارة المستشفيات، وتقديم الهدايا للفقيرات المريضات، وقسم لإرشاد سيدات الطبقة العامة في الجنازات عن الوقار اللازم لاحترام الموتى، والإقلاع عن العادات الذميمة التي ليست من الدين، ثم مدارس الجمعة للفتيات الصغيرات، وقد أصبح عددا وفيرا من مثقفات المدينة من طبيبات ومعلمات وناظريات، يتابعن بعطفٍ وتقديرٍ هذه الأنشطة.

كما اشتركت أم أحمد (فاطمة عبيد) - من شبرا الخيمة- في مجموعة رعاية الأسر، وقامت بدورها على أتم وجه، فعملت على صيانة الزوجات ورعاية الأولاد.

هذه نماذج مما كانوا يقومون به نحو الفقراء في الأعياد وشتى المناسبات الإسلامية والأعمال التي قدموها لهم في هذا الجانب، وإن كان تاريخهم مليئا بذلك، وملموسا حتى يومنا هذا.


المراجع

1- جمعة أمين عبد العزيز: سلسلة أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، (نشاط الشعب).

2- مجلة المجتمع الكويتية - نساء مجاهدات.


للمزيد من كتابات الإخوان في العيد

مرشدو وقادة الإخوان في العيد

.

مقالات وأخبار متعلقة

.

تابع مقالات وأخبار متعلقة

وثائق وأحداث في صور