الإخوان والأمريكان والبديل التركي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

وضع السفير الأمريكي السابق "فرانسيس ريتشاردونى" بعض النقاط فوق بعض الحروف تجاه بعض القضايا فيما يخص الجدل حول علاقة الإخوان المسلمين بالإدارات الأمريكية المتعاقبة، وقد كتبت حول هذا الأمر أكثر من مرة إلا أن ما نشرته المصري اليوم في عددها (1689) الصادر في الثلاثاء 27/1/2009 ص 11 في حوار أجرته الأستاذة / نادين قناوى عبر الهاتف ولم يصدر أى تصحيح أو استكمال له حتى الجمعة 30/1 يستحق التوقف أمامه لأهميته.

اولاً: لقد استفاض السيد السفير والسكرتير الثالث السابق أثناء الثمانينات في حديثه حول علاقته بأسماء ورموز سياسية كانوا ينتقدون الدولة المصرية وبعضهم قريبون من الحكام أو أعضاء في الحزب الوطني، ضمن أسماء أخرى كثيرة لم يذكرها والعجيب أن المتهم الأبرز بعلاقة متميزة مع أمريكا ألا وهو " أيمن نور" لم يلتقه السفير قائلاً: لم أسعد بلقائه، ومع ذلك لا يتعرض أحد بانتقاد لكل تلك الأسماء وتدور الأحاديث فقط حول الإخوان بالذات.

ثانياً: عندما سألته المحاورة عن الإخوان المسلمين بدأ إجابته بإرساء مبدأ يتم تطبيقه في كل أنحاء العالم: "نحن نلتقي ممثلي المعارضة في كل برلمانات العالم وأعضاء الأحزاب المعارضة حتى عندما لا يكونوا أعضاء في البرلمان، وهذا ما نفعله في مصر ".

مؤكداً أن ذلك " ممارسة دبلوماسية طبيعية وكانت هذه هي الحالة بيننا وبين الناصريين والاشتراكيين و الإخوان المسلمين" لاحظ وجود الناصريين والاشتراكيين ضمن المنظومة.

ثالثاً: ذكر أنه عندما كان ضابط اتصال صغير منذ 25 عاماً أى في الفترة من 87 – 1990 تقريباً كان يزور مرشد الإخوان وبعض الشباب وذكر أسمى "ومنهم الآن الدكتور عصام العريان" إلا أن ذلك تحول عند محرر "الديسك" بقدرة قادر إلى عنوان مثير هو "وعلاقتي بعصام العريان كانت جيدة" وهو لم يذكر إلا مجرد العلاقة التي كانت بحكم تردده على مكتب الإرشاد .

وبهذه المناسبة فإن السيد ريتشاردونى كان بالفعل يتردد على مكتب مرشد الإخوان آنذاك في 1 ش سوق التوفيقية الذي بات مغلقاً حتى الآن ومنذ القضية العسكرية الأولى عام 1995 ، وكان يلتقي أساساً بالمتحدث الرسمي للإخوان المرحوم المستشار محمد المأمون الهضيبى الذي كان يرأس كتلة الإخوان في مجلس الشعب في إطار التحالف الإسلامي بزعامة مشتركة مع المرحوم المهندس إبراهيم شكري، وكان لي مكتب صغير بجوار مكتبه ونظراً لإجادتي الحديث بالإنجليزية ولعضويتي بمجلس الشعب كأصغر الأعضاء سناً ولنشاطي العام والنقابي والمهني كان يتحدث إلىَّ.

وحدث أن قام بإعداد زيارة لرموز سياسية وصحفية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وطلب لقائى بمكتبي في نقابة الأطباء، وكانت الزيارة تتم في إطار برنامج أعدته الخارجية الأمريكية لمدة شهر كامل يتم فيها جولة واسعة على الكونجرس والصحافة ومراكز البحث والتفكير، وزارني طالباً التحدث بالإنجليزية بدلاً من العربية التي كان يتمرن عليها وقتها مما يدل على أهمية الموضوع، وكانت الزيارة تواكب شهر يونيو ووقتها مناقشة الميزانية العامة بالمجلس وأيضاً امتحان نهاية العام في كلية الحقوق التي التحقت بها بعد فوزي بعضوية المجلس، واعتذرت له بلباقة لأسباب شخصية فإذا به يتهم المرحوم مأمون الهضيبى بإثنائي عن الزيارة وأنه يرفض ذهابي ضمن الوفد رغم ترشيحه لي، وذهب بالفعل ليناقش الهضيبى الذي أخبره بحسم معهود أن القرار قراري الشخصي وليس له دخل في هذا القرار، وقد كان أن سافر المرحوم الحمزة وعيس والصديق مجدي حسين وثالث لا أذكره وفاتتنى الزيارة التي لم أندم عليها.

وعاد السيد ريتشاردونى بعد حوالي 20 سنة قضاها في قوات حفظ السلام في سيناء سفيراً لبلاده فلم يتصل بي إطلاقاً أو أتصل به مطلقاً بل عندما أرسل إلىَّ سلامات مع بعض المراسلين الأمريكيين ضحكت قائلاً لمراسل مجلة "التايم" أبلغه أنني لا أتلقى سلامات عبر مراسلين وإن كان لديه الشجاعة فليرفع سماعة الهاتف ليتصل بي شخصياً، ولم أكن أبداً في حياتي حريصاً على أى علاقة مع أى دبلوماسيين سياسيين من أى بلد كان فأنا أعرف حدود عملهم وعلاقاتهم.

رابعاً: ذكر ما هو أهم: أن الإخوان هم الذين أوقفوا الاتصالات بطريقة مهذبة بعد أحداث 11 سبتمبر وليس الأمريكيين، وعندما دققت الصحفية الأستاذة نادين في الأمر أكد المعنى بوضوح لا يحتمل اللبس قائلاً: "على الأقل أصبح واضحاً في فهمي الخاص أنهم غير مرحبين بزيارات من السفارة الأمريكية.. بعد ذلك كان الحديث لائقاً بشكل غير ودي، نحن لا نحاول فرض أنفسنا ولكن نستمر في الحفاظ على علاقة احترام متبادل".

وأكد ذلك المعنى من تكرار السؤال ثالثاً في إلحاح شديد قائلاً: " وصلتنا فكرة واضحة أنهم غير مرتاحين في لقائنا.. لقد طلبوا منا التوقف عن الاتصال بهم.. وكنا دائماً نأخذ المبادرة بعد 11 سبتمبر وسألنا مرة أو مرتين وأوضحوا لنا أنه غير ملائم فتوقفنا عن الطلب ( أى طلب الزيارة)."

لقد كانت 11 سبتمبر وتصريحات الرئيس بوش حول الحرب على الإرهاب، وأنها حرب صليبية وأن العالم الإسلامي إما أن يكون معنا أو ضدنا، وعلاقته هو وإدارته بالعدو الصهيوني التي أعلن من العقبة وشرم الشيخ أنها يجب أن تكون دولة يهودية بما يعنى تهجير مليون ونصف فلسطيني من أرض 1948 وانحيازه التام لشروط "شارون" الـ (14) التي أفرغت كل المبادرات العربية للسلام من مضمونها ودمرت أى إمكانية لتسوية ولو كانت مهينة للعرب والفلسطينيين الباحثين عن سراب السلام في صحراوات المفاوضات كانت تلك التطورات مع بداية ولاية بوش الأولى والتي استمرت حتى اليوم الأخير في إدارته وولايته الثانية بالاتفاق الأمني المهين لمصر والعرب لمحاصرة قطاع غزة ومنع أى عون للمقاومة الفلسطينية نقطة فاصلة في أى استمرار لحوار ما مع الإدارات الأمريكية وكان انقلاب الإدارة أيضا على ما أعلنته من التزام بالديمقراطية كأداة للتغيير في المجتمعات العربية والإسلامية وكأداة للتفاهم على المستوى العالمي بعد انتخابات مصر 2005 ونجاح حماس في انتخابات يناير 2006 في فلسطين وحصار حكومة حماس الأولى ثم حكومة الوحدة الوطنية الثانية لمدة 3 سنوات حتى التأييد المطلق للحرب المجنونة على غزة بعد الحرب الأولى على جنوب للبنان وبذلك أصبح الصراع ليس بين الكيان العنصري الاستيطاني وبين حكومات ضمنت أمريكا ولاءها وتأييدها ورضاها بالحلول الأمريكية المتساوقة تماماً مع الهيمنة الصهيونية، بل أصبح بين خيارات الشعوب للمقاومة وحركات المقاومة الإسلامية سنية كانت أو شيعية كل ذلك أدى إلى ضرورة التقاط الأنفاس وإرسال رسالة واضحة أن على أمريكا أن تحترم التزاماتها ومبادئها وإلا فعليها أن تحترم حماية مصالحها، ومصالحها ليست على القطع مع الحكومات ولكنها على المدى الطويل مع الشعوب، وإن إستطاعت الحكومات بقوة الأمن والجيوش حماية المصالح الأمريكية فإن غضب الشعوب قادر على اختراق كل وسائل الحماية خاصة إذا خرجت عن الأطر التنظيمية المعهودة.

اليوم: نحن أمام إدارة جديدة وخطاب جديد وتحديات خطيرة تواجه تلك الإدارة وتدهور كارثى في الاقتصاد الأمريكي وهموم ينوء بحملها الجبال رغم كل تلك الابتسامات العريضة التي تلوح على وجوه أركان الإدارة الجديدة وواكب ذلك التطورات الكارثية في العالم العربي والصعود الإسلامي من العراق إلى أفغانستان إلى لبنان إلى الصومال و فلسطين و مصر وغيرها مما يوجب خطاباً جديداً قد يكون تحذيراً للعالم الإسلامي وقد يكون جاداً يحتاج إلى قراءة متأنية ورداً يتناسب مع الإجراءات على الأرض وليس مع مجرد الكلام الذي بدا جميلاً ومعقولاً.

ويصاحب ذلك ترويج واضح للدور التركي الذي يمثل إن صح التعبير "إسلاماً علمانياً" رحبت به أوربا وشجعته أمريكا وروجت له كبديل لما سمته "الإسلام الأصولي" وقد زادت أسهم "أردوغان" في العالم العربي وعاد من جديد مصطلح "العثمانية" ليطل برأسه في إعادة اعتبار ربما لحقبة كانت قبل الدولة الوطنية الحديثة ولينافس بقوة الدور الإيراني الذي يمثل هاجساً ومقلقاً للجميع، فهل يقبل العرب المتساوقون مع المشروعات الغربية راعياً إسلامياً تركياً معتدلاً بالمفهوم الغربي كبديل لراعى فارسي إيراني شيعي يتزعم المقاومة الممانعة.. ربما .. فلله في خلقه شئون وقد فشل العرب حتى في إظهار احتجاجهم في ندوة بعد أن فشلوا في إقامة مشروع للنهضة في بلادهم بعدما يزيد على ثلاثة أرباع قرن من الانفصال عن تركيا بينما بنت تركيا دولة حديثة سياسياً واقتصادياً. ولكن هذا حديث طويل كالمسلسلات التركية يحتاج إلى مقال منفرد.


مصر تحت الحصار القطري

بنجاح شيخ شريف أحمد برئاسة الصومال وهو الرئيس السابق لاتحاد المحاكم الإسلامية الذي كان لاجئاً في قطر عقب الاجتياح الأثيوبى للصومال ثم عاد إلى جيبوتي ليؤسس جناجاً متصالحاً مع الحكومة الانتقالية وليجرى مفاوضات أثمرت رحيلاً للقوات الإثيوبية وتحت ضغط الجناح الأخر للمحاكم الذي استمر في القتال، هنا أحكمت قطر الحصار حول مصر في العمق الصومالي الذي كان جزءاً كالسودان من إمبراطورية مصرية قديمة، ولم يبق إلا ليبيا والبحر المتوسط لتعلن مصر خضوعها للسيادة القطرية آه يا للصغار.. صغار السياسة وقصار النظر، ولكن ماذا نقول ؟

نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا

النفوذ القطري امتد من فلسطين إلى السودان إلى الصومال إلى لبنان ، ونحن نتراجع بانتظام، ونكتفي بسب قطر صباح مساء في وسائل الإعلام.

زلزال غزة: هل يؤثر على علاقة النظام المصري بالإخوان ؟

قطعاً سيؤثر ولكن هل يدفع الإخوان ثمناً باهظاً جديداً كما دفعوه من قبل بسبب حملهم للقضية الفلسطينية: دفعوه عام 1948 في الحل الأول واغتيال الإمام المؤسس حسن البنا ، ودفعوه قبل العدوان الثلاثي عام 1954 بالحل الثاني وإعدام ستة من قياداتهم على حبال المشانق والتغييب القسرى خلف الأسوار لمدد متطاولة، ودفعوه عام 1965 في الحملة الشهيرة باعتقال كل من سبق اعتقاله قبل نكسة 1967 م، وعندما أخرج السادات الإخوان بدءاً من عام 71 – 1972 وكان الإعداد الجيد لانتصار رمضان عام 1973 الذي ضاعت ثماره على موائد المفاوضات لتعود الأجواء إلى التلبد من جديد عام 1981 بعد كامب ديفيد واتفاقية السلام، وما زلنا داخل نفق السلام ولم نخرج منه بعد.


المصدر : نافذة مصر