الإخوان والدستور والقانون

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٨:٠١، ١٢ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان والدستور والقانون


مقدمة

بعض الناس لا يعرف شيئا عن نظم الحكم إسلامية كانت أو غربية ، ومع هذا لا يتعب نفسه أو يكلفها مؤونة البحث ويكتفي برفض أي شيء، ولا يستطيع أن يوضح ما يريد أو يبين عما يقصد، مكتفيا برفض كل ما يقال أو يبحث أو يتوصل إليه في مجال البحث والاجتهاد الإسلامي سواء كان ذلك في نظم الحكم ، أو القانون المدني والجنائي والدولي ، والاقتصادي ، كما لا يستطيع أن يستوعب ما استوعبه العلماء من مصادر للتشريع ملحقة بالكتاب والسنة ، كالمصالح المرسلة والقياس والاستحسان وغيرها ، ومع هذا كله يوزع العداوة على العلماء والفاقهين والباحثين والمجتهدين الذين يميزون بين الطيب الذي ينفع المسلمين وينبغي أن يستفيدوا منه ، وبين الخبيث الذي يجب أن يحذروا منه ، وهم بهذا يعطون الناس دليلا خاطئا على أن الإسلام جامد لا يستوعب قضايا العصر وليس صالحا لكل زمان ومكان .

ومن قبيل ما ذكرنا اعتراض البعض على الشيخ البنا رضوان الله عليه ، في مقارنه بين الإسلام وبين الدستور الذي كان موجودا في جمهورية مصر العربية ، وأنا اعتقد تماما أن هؤلاء لا يعرفون ما هو الدستور فضلا عن قراءتهم للدستور المصري وبنوده التي تكلم الإمام البنا عنه ، وبين ما بينه وبين الإسلام من توافق أو تضاد ، وقد وصفوا الدستور بالصنم ، واكتفوا من الغنيمة بالإياب . وعلى هذا فكل من يذكر هذه الكلمة يكون قد حام حول الصنم ، ويحسن بنا أن نذكر الكلام العلمي وبدليله كما ذكره الشيخ البنا رحمه الله بنصه وفصه .


الإخوان المسلمون والدستور المصري

دستور مصر.gif

يقول رحمه الله ويتساءل كذلك فريق من الناس عن موقف الإخوان المسلمين من الدستور المصري ؟ وهذه فرصة طيبة أتحدث إلى حضراتكم فيها عن رأي الإخوان المسلمين ، وموقفهم من الدستور المصري . وأحب قبل هذا أن نفرق دائما بين (الدستور) وهو نظام الحكم العام الذي ينظم حدود السلطات وواجبات الحاكمين ومدي صلتهم بالمحكومين ، وبين (القانون ) وهو الذي ينظم صلة الإفراد بعضهم ببعض ، ويحمي حقوقهم الأدبية والمادية ويحاسبهم على ما يأتون من أعمال ، وأستطيع بعد هذا البيان أن أجلي لكم موقفنا من نظام الحكم الدستوري عامة ، ومن الدستور المصري خاصة:

( أ ) يقول علماء الفقه الدستوري إن النظام النيابي يقوم على مسؤولية الحاكم ، وسلطة الأمة ، واحترام إرادتها ، وأنه لا مانع فيه يمنع من وحدة الأمة واجتماع كلمتها ، وليست الفرقة والخلاف شرطا فيه ، وإن كان بعضهم يقول إن من دعائم النظام النيابي البرلماني : الحزبية . ولكن هذا إذا كان عرفا فليس أصلا في قيام هذا النظام ، لأنه يمكن تطبيقه بدون هذه الحزبية وبدون إخلال بقواعده الأصلية

. والواقع أيها الإخوان ، إن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها ، وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة ، وعلى مسؤولية الحكام أمام الشعب ومحاسبتهم على ما يعلمون من أعمال ، وبيان حدود كل سلطة من السلطات ، هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم.

(ب ) وعلى هذا فليس في قواعد هذا النظام النيابي ما يتنافى في القواعد التي وضعها الإسلام لنظام الحكم ، وهو بهذا الاعتبار ليس بعيدا عن النظام الإسلامي ولا غريبا عنه وبهذا الاعتبار يمكن أيضا أن نقول في اطمئنان : إن القواعد الأساسية التي قام عليها الدستور المصري لا تتنافى مع قواعد الإسلام ، وليست بعيدة من النظام الإسلامي ولا غريبة عنه ، بل إن واضعي الدستور المصري رغم أنهم وضعوه على أحدث المبادئ والآراء الدستورية وأرقاها ، فقد توخوا فيه ألا يصطدم أي نص من نصوصه بالقواعد الإسلامية ، فهي إما متمشية معها صراحة كالنص الذي يقول : "دين الدولة الإسلام " أو قابلة للتفسير الذي يجعلها لا تتنافى معها كالنص الذي يقول : "حرية الاعتقاد مكفولة". سبب موافقته على النظام الدستوري :

ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلن الإسلام ، وهم لا يعدلون به نظاما آخر .

تخفظ الإمام البنا على الدستور المصري وقتها :

بقي بعد ذلك أمران :

أولهما،النصوص التي تصاغ في قالبها هذه المبادئ .

ثانيهما، طريقة التطبيق التي تفسر بها عمليا هذه النصوص . إن المبدأ السليم القويم قد يوضع في نص مبهم غامض فيدع مجالا للعبث بسلامة المبدأ في ذاته ، وإن النص الظاهر الواضح للمبدأ السليم القويم قد يطبق وينفذ بطريقة يمليها الهوى وتوجيها الشهوات ، فيذهب هذا التطبيق بكل س ا يرجئ من فائدة .

وإذا تقرر هذا فإن من نصوص الدستور المصري ما يراه الإخوان المسلمون مبهما غامضا يدع مجالا واسعا للتأويل والتفسير الذي تمليه الغايات والأهواء ، فهي في حاجة !لي وضوح وإلى تحديد وبيان . هذه واحدة ، والثانية هي أن طريقة التنفيذ التي يطبق بها الدستور ، ويتوصل بها إلى جني ثمرات الحكم الدستوري في مصر ، طريقة أثبتت التجارب فشلها وجنت الأمة منها الأضرار لا المنافع ، فهي في حاجة شديدة إلي تحوير وإلى تعديل يحقق المقصود ويفي بالغاية . .

وحسبنا أن نشير هنا إلي قانون الانتخاب ، وهو وسيلة اختيار النواب الذين يمثلون الأمة ويقومون بتنفيذ دستورها وحمايته ، وما جره هذا القانون على الأمة من خصومات وحزازات ، وما أنتجه من أضرار يشهد به الواقع الملموس . ولابد أن تكون فينا الشجاعة الكافية لمواجهة الأخطاء والعمل على تعديلها . لهذا يعمل الإخوان المسلمون جهدهم حتى تحدد النصوص المبهمة في الدستور المصري ، وتعدل الطريقة التي ينفذ بها الدستور في البلاد . وأظن أن موقف الإخوان قد وضح بهذا البيان ، وردت الأمور إلي نصابها الصحيح .

الإخوان المسلمون والقانون

قدمت أن الدستور شئ والقانون شئ آخر ، وقد أبنت موقف الإخوان من الدستور ، وأبين لحضراتكم الآن ، موقفهم من القانون .

إن الإسلام لم يجئ خلوا من القوانين ، بل هو قد أوضح كثيرا من أصول التشريع وجزئيات الأحكام ، سواء أكانت مادية أم جنائية ، تجارية أم دولية. والقران والأحاديث فياضة بهذه المعاني ، وكتب الفقهاء غنية كل الغني بكل هذه النواحي ، وقد اعترف الأجانب أنفسهم بهده الحقيقة وأقرها مؤتمر لاهاي الدولي أمام ممثلي الأم من رجال القانون في العالم كله .

فمن غير المفهوم ولا المعقول أن يكون القانون في أمة إسلامية متناقضا مع تعاليم دينها وأحكام قرانها وسنة نبيها ، مصطدما كل الاصطدام بما جاء عن الله ورسوله ، وقد حذر الله تعالي نبيه (صلي الله علية وسلم ) ذلك من قبل ، فقال تبارك وتعالي : " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم و أحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " (المائدة : 49 - 50)، وذلك بعد قوله تعالي : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك فم الكافرون . . الظالمون . . لفاسقون " (المائدة : 4 4 ، 45 ،47) ، فكيف يكون موقف المسلم الذي يؤمن بالله وكلماته إذا سمع هذه الآيات البينات وغيرها من الأحاديث والأحكام ، ثم رأي نفسه محكوما بقانون يصطدم معها ؟ فإذا طالب بالتعديل قيل له : إن الأجانب لا يرضون بهذا ولا يوافقون عليه ، ثم يقال بعد هذا الحجر والتضييق إن المصريين مستقلون ، وهم لم يملكوا بعد أن يتمتعوا بحرية الدين ، على أن هذه القوانين الوضعية كما تصطدم بالدين ونصوصه تصطدم بالدستور الوضعي نفسه الذي يقرر أن دين الدولة هو الإسلام ، فكيف نوفق بين هذين يا أولي الألباب ؟

وإذا كان الله ورسوله قد حرم الزنا وحظر الربا ومنع الخمور وحارب الميسر وجاء القانون يحمي الزانية والزاني ويلزم بالربا ويبيح الخمر وينظم القمار ، فكيف يكون موقف المسلم بينهما ؟ أيطيع الله ورسوله ويعصي الحكومة وقانونها والله خير وأبقي ؟ أم يعصي الله ورسوله ويطيع الحكومة فيشقي في الآخرة والأولي ؟ نريد الجواب على هذا من رفعة رئيس الحكومة ومعالي وزير العدل ومن علمائنا الفضلاء الإجلاء . أما الإخوان المسلمون فهم لا يوافقون على هذا القانون أبدا ولا يرضونه بحال . وسيعملون بكل سبيل على أن يحل مكانه التشريع الإسلامي العادل الفاضل في نواحي القانون . ولسنا هنا في مقام الرد على ما قيل في هذه الناحية من شبهات أو ما يعترض سبيلها من توهم العقبات ، ولكنا في مقام بيان موقفنا الذي عملنا وسنعمل عليه ، متخطين في سبيله كل عقبة، موضحين كل شبهة، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله . ولقد تقدم الإخوان المسلمون إلى معالي وزير العدل بمذكرة ضافية في هذا الموضوع ، ولقد حذروا الحكومة في نهايتها من إحراج الناس هذا الإحراج ، فالعقيدة أثمن ما في الوجود ، وسوف يعاودون الكرة ، وسوف لا يكون ذلك آخر مجهودهم " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " (التوبة : 31 ). وبعد أيها الإخوة فهذا حديث الحقيقة ، وبيان الطريق ، وليس الخبط في الأمور بغير عقل أو علم أو بصيرة ، وليس اتهام الناس بغير الحق عملا سهلا تتلهى به الصغار وتلوكه الأفاعي السامة التي لا تعرف إلا لدغ المصلحين العاملين .

ومع هذا لابد وأن يعلم القاصي والداني أن [[الإخوان المسلمين]] ما قاموا وما تحملوا ما تحملوه إلا لإقامة شرع الله وتحكيم كتابه ، فمنهاجهم واضح وطريقهم ناصع وجهادهم مشرق فماذا يبدي الباطل أو يعيد . يقول الشيخ البنا رحمه الله موضحا منهاجه في هذا المجال تحت عنوان المنهاج واضح :

يعتقد الإخوان المسلمون أن الله تبارك وتعالى حين أنزل القرآن وأمر عباده أن يتبعوا محمدا (صلي الله علية وسلم )ورضي لهم الإسلام دينا ، وضع في هذا الدين القويم كل الأصول اللازمة لحياة الأم ونهضتها وإسعادها ، وذلك مصداق قول الله تبارك وتعالى  : " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم " (الأعراف : 157 ) ، ومصداق قول الرسول (صلي الله علية وسلم ) في الحديث الشريف ما معناه : "والله ما تركت من شر إلا ونهيتكم عنه " . وأنت إذا أمعنت النظر في تعاليم الإسلام وجدته قد وضع أصح القواعد وأنسب

النظم وأدق القوانين لحياة الفرد رجلا وامرأة ، وحياة الأسرة في تكوينها وانحلالها ، وحياة الأصم في نشوئها وقوتها وضعفها ، وحلل الفكر التي وقف أمامها المصلحون وقادة الأم .

فالعالمية والقومية والإشتراكية والرأسمالية والبلشفية والحرب وتوزيع الثروة والصلة بين المنتج والمستهلك ، وما يمت بصلة قريبة أو بعيدة إلى هذه البحوث التي تشغل بال ساسة الأم وفلاسفة الاجتماع ، كل هذه نعتقد أن الإسلام خاض في لبها ، ووضع للعالم النظم التي تكفل له الانتفاع بما فيها من محاسن ، وتجنب ما تستتبعه من خطر وويلات . وليس ذلك مقام تفصيل هذا المقال ، فإنما نقول ما نعتقد ونبين للناس ما ندعوهم إليه ، ولنا بعد ذلك جولات نفصل فيها ما نقوله .


لابد أن نتبع

وإذا كان الإخوان المسلمون يعتقدون ذلك فهم يطالبون الناس بأن يعملوا على أن تكون قواعد الإسلام الأصول التي تبني عليها نهضة الشرق الحديث في كل شأن من شؤون الحياة . ويعتقدون أن كل مظهر من مظاهر النهضة يتنافى مع قواعد الإسلام ويصطدم بأحكام القرآن فهو تجربة فاسدة فاشلة ، ستخرج منها الأمة بتضحيات كبيرة في غير فائدة ، فخير للأم التي تريد النهوض أن تسلك إليه أخصر الطرق باتباعها أحكام الإسلام .

والإخوان المسلمون لا يختصون بهذه الدعوة قطرا دون قطر من الأقطار الإسلامية ، ولكنهم يرسلونها صيحة يرجون أن تصل إلى آذان القادة والزعماء في كل قطر يدين أبناؤه بدين الإسلام . وإنهم لينتهزون لذلك هذه الفرصة التي تتحد فيها الأقطار الإسلامية وتحاول بناء مستقبلها على دعائم ثابتة من أصول الرقي والتقدم والعمران .


احذروا الإنحراف

وإن أكبر ما يخشاه الإخوان المسلمون أن تندفع الشعوب الشرقية الإسلامية في تيار التقليد ، فترفع نهضاتها بتلك النظم البالية التي انتفضت على نفسها وأثبتت التجربة فسادها وعدم صلاحيتها . إن لكل أمة من دول الإسلام دستورا عاما فيجب أن تستمد مواد دستورها العام من أحكام القران الكريم ، وإن الدولة التي تقول في أول مادة من مواد دستورها : إن دينها الرسمي الإسلام ، يجب أن تضع بقية المواد على أساس هذه القاعدة ، وكل مادة لا يسيغها الإسلام ولا تجيزها أحكامه يجب أن تحذف حتى لا يظهر التناقض في القانون الأساسي للدولة .


أصلحوا القانون

وإن لكل أمة قانونا يتحاكم إليه أبناؤها ، وهذا القانون يجب أن يكون مستمدا من أحكام الشريعة مأخوذا عن القرآن الكريم متفقا مع أصول الفقه الإسلامي .

وان في الشريعة الإسلامية وفيما وضعه المشترعون المسلمون ما يسد الثم ض ة ، ويفي بالحاجة وينقع الغلة ، ويؤدي إلي أفضل النتائج وأبرك الثمرات - وإن تأصل في نفسه العدوان - ويريح الحكومات من عناء التجارب الفاشلة ، والتجربة تثبت ذلك وتؤيده ، وأصول التشريع الحديث تنادي به وتدعمه ، والله تبارك وتعالي يفرضه ويوجبه : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " (المائدة : 44 ) .


اصلحوا مظهر الإجتماع

وإن في كل أمة مظاهر من الحياة الاجتماعية تشرف . عليها الحكومات وينظمها القانون وتحميها السلطات ، فعلى كل أمة شرقية إسلامية أن تعمل على أن تكون كلى هذه المظاهر مما يتفق وآداب الدين ويساير تشريع الإسلام وأوامره . إن البغاء الرسمي لطخة عار في جبين كل أمة تقدر الفضيلة ، فما بالك بالأم الإسلامية التي يفرض عليها دينها محاربة البغاء والضرب على يد الزناة بشدة : " ولا تأخذكم بهما رأفة نجي دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " (النور : 2) .

إن حانات الخمر في أظهر شوارع المدن وأبرز أحيائها ، وتلك اللوحات الطويلة العريضة عن المشروبات الروحية ، وهذه الإعلانات الظاهرة الواضحة عن أم الخبائث مظاهر يأباها الدين ، ويحرمها القران أشد التحريم .


حاربوا الإباحية

وإن هذه الإباحية المغرية والمتعة الفاتنة واللهو العابث في الشوارع ، والمجامع والمصايف والمرابع ، يناقض ما أوصي الإسلام باتباعه من عفة وشهامة وإباء وانصراف إلى الجد وابتعاد عن الإسفاف . " إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها" .

فكل هذه المظاهر وأشباهها ، على الأمم الإسلامية أن تبذل في محاربتها ومناهضتها كل ما في وسع سلطانها وقوانينها من طاقة ومجهود، لا تني في ذلك ولا تتواكل .

نظموا التعليم

وإن لكل أمة وشعب إسلامي سياسة في التعليم وتخريج الناشئة وبناء رجال المستقبل ، الذين تتوقف عليهم حياة الأمة الجديدة ، فيجب أن تبني هذه السياسة على أصول حكيمة تضمن للناشئين مناعة دينية وحصانة خلقية ، ومعرفة بأحكام دينهم ، واعتدادا بمجده الغابر وحضارته الواسعة .

هذا قليل من كثير من الأصول التي يريد الإخوان المسلمون أن ترعاها الأم الإسلامية في بناء النهضة الحديثة ، وهم يوجهون دعوتهم هذه إلى كل المسلمين شعوبا وحكومات . ووسيلتهم في الوصول إلى تحقيق هذه الغايات الإسلامية السامية وسيلة واحدة : أن يبينوا ما فيها من مزية وإحكام ، حتى إذا ذكر الناس ذلك واقتنعوا بفائدته انتج ذلك عملهم له ونزولهم على حكمه : " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين " (يوسف : 108 ).


انتفعوا بإخاء إخوانكم

ينادي الإسلام أبناءه ومتبعيه فيقول لهم :

" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين ! قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا " (آل عمران : 153 ) .

ويقول القرآن الكريم في آية أخرى  : " إنما المؤمنون اخوة " (الحجرات : 10 ) . وفي آية أخرى  : " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " (التوبة : 71) . ويقول النبي الكريم (صلي الله علية وسلم ) : "وكونوا عباد الله إخوانا" وكذلك فهم المسلمون الأولون - رضوان الله عليهم - من الإسلام هذا المعني الأخوي ، وأملت عليهم عقيدتهم في دين الله أخلد عواطف الحب والتآلف ، وأنبل مظاهر ا لأخوة والتعارف ، فكانوا رجلا واحدا وقلبا واحدا ويدا واحدة ، حتى امتن الله بذلك في كتابه فقال تبارك لم وتعالي : في وألف بين قلوبهم " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " (الأنفال : 63) .


إقرأ أيضاً