الإمارات الإصلاحيون وفقه الثبات!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان الإمارات الإصلاحيون وفقه الثبات!


(11 - 12 - 2015م)

ليس هناك أكثر أهمية من الثبات للأمة الصابرة على الابتلاءات والمحن، والمواجِهة لكل صنوف الحصار والظلم والتنكيل. وليس هناك هدفا أهم لدى مناوئي الأمة أكثر من بث التعثر والتردد والتشكيك، إن لم تكن تهدف من الأساس أن تنقلب الأمة على أعقابها، فترتد خاسرة حاسرة، تضيع الدنيا والآخرة.

هذا الصراع، بين إزاحة الناس عن مبادئهم ودينهم وبين تمسك الأمة بدينها وعزتها وكرامتها وعقيدتها، لم يتوقف يوما من الأيام، ولن يتوقف ما دامت السموات والأرض، ولن يتوقف ما دام لله عباد موحدون ساجدون أناء الليل وأطراف النهار، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، قائمون على حدود الله، حافظون لها! وسيظل هذا الصراع مفتوحا، تتعدد أساليبه وأشكاله وأدواته بين عصر وعصر.

وسيظل هذا الصراع بين الثبات وبين التبديل، بين التمسك بالحق وبين التحويل، ما دام هناك أشقياء، شقوا عن سبيل الله والمؤمنين، يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، يأخذون من أحكام الإسلام ما يعتقدون بعد تحريفه أنه أدلة شرعية قطعية الورود والدلالة. لقد ثبت أن التحريف، ليس فقط إحلال نص عوضا عن نص، وإنما هو لي لأعناق النصوص، وتقديم فهم منحرف لأصوله الدين، على أنه أحكام الإسلام الحنيف!

مهما يكن من أمر، فمن الثابت، أن أول اختبار كان بين منهج الله وإرادته وبين المتكبرين والمتجبرين، هو اختبار الثبات. فعندما خلق الله سبحانه وتعالى آدم، سجد الملائكة كلهم أجمعون، فعلوا ما يؤمرون، ثباتا على إيمانهم بحكمة الله سبحانه من خلق الإنسان، رغم سؤالهم ربهم سبحانه عن مغزى هذا الخلق، فآمنوا واتبعوا، بثبات.

وإذا قضى سبحانه وتعالى بتثبيت المؤمنين بسورة إبراهيم: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة...) . فإن الشيطان تعهد بمحاربة ثبات المؤمنين بسورة النساء (ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) .. إذن هذه بعض مظاهر الصراع بين الثبات والردة، بين الثبات على الحق والزيغ عن الهدى.

لقد كانت حياة الأنبياء والرسل والصالحين، صورا عظمى من الثبات على الحق ومواجه المتكبرين والعنيدين. فثَّبتَ سبحانه وتعالى كليمه موسى عليه السلام عند إلقاء سحرة فرعون العصي، فأوحى إليه سبحانه بعد أن تسللت إليه خيفة، كما قال سبحانه في سورة طه: (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) .

وتمضي روائع الأمثلة الربانية في كتابه الحكيم، فتذكر في قصة موسى وحده أروع مواقف الثبات المقرونة بالانتصار. لا انتصار بدون ثبات، لو لم يثبت موسى أمام البحر، لما انشق له وأغلق على فرعون.

ولو لم يثبت إبراهيم لفتنه نمرود بنسج الأدلة المادية، عندما أمر بقتل رجل وعفى عن آخر، فثبت إبراهيم وقال له: فأتِ بالشمس من المغرب، ولما ثبت عند تحطيم الأصنام ومؤامرة إلقائه بالنار. ولو لم يثبت أحمد بن حنبل على الابتلاء، لضاعت أمة أهل السنة والجماعة. ولو لم يثبت ابن تيمية على الحق، لكان للأمة اليوم وجه آخر ..

أمثلة لا تنتهي من الثبات على الحق، وعلى الابتلاء بسبب التمسك بالحق! حتى كان من الأقوام السابقة من كما وصفه سيد الثابتين وصاحب أروع عبر الثبات سيدنا محمد لمن طلب تحت وطأة تعذيب قريش أن يدعو لهم، فقال بثقة: (كان الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ له في الأرض فَيُجْعَلُ فيه فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ على رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وما يَصُدُّهُ ذلك عن دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ من عَظْمٍ أو عَصَبٍ وما يَصُدُّهُ ذلك عن دِينِهِ والله لَيُتِمَّنَّ هذا الْأَمْرَ حتى يَسِيرَ الرَّاكِبُ من صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إلا اللَّهَ أو الذِّئْب على غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ) . أخرجه البخاري.

وهنا، لا بد من التأكيد على أن سيدنا محمدا، كان يدرك فضيلة وقيمة الثبات على المكاره والابتلاءات كون شرط التمكين، وسبيل المجاهدين. فسلعة الله غالية، سلعة الله الجنة، ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر! كان الرسول صلى الله عليه وسلم قادرا على إنهاء كل الابتلاءات والعذاب الشديد، ولكن لن يكون هناك تمكين، ولا نشر لدعوته ولا لدين الله، ولبقي الدين حبيس شعاب مكة ، الثابتون هم المؤهلون لقيادة وريادة الأمة وصنع مجده وعزها وتخليصها من فرعون ونمرود وهامان وقارون وإبليس وجنودهم أجمعين.

واليوم، الدعاة في دعوة الإصلاح نساء ورجالا، أطفالا وشبابا كلهم تحت اختبار الثبات على المحنة والاحتساب في سبيل الله، ومجاهدة النفس، حتى تتحقق المنح والصبر على المحن ومغالبتها والتصدي لها، وفداء الدعاة لدعوتهم هو شرط الانتصار.

وفي حقيقة الأمر، ومهما بلغ ابتلاء دعاة الإصلاح، فهو على خطورة المحنة والابتلاء، فإنها تعتبر مقارنة بابتلاءات الأمم السابقة: ترف في الابتلاء. وهو ما يتطلب المزيد من الصبر والاستبشار. لكل زمان ومكان ابتلاءاته ونماذج الصبر والثبات. فإذا كان من قبلنا يقتل تلك القتلة الشنيعة، فإن ما يواجهه المؤمنون اليوم، لا يقل خطورة وإجراما عن تلك الطرق. ولا ينقص من أجر الثابتين أن قتل أحدهم أو سجن أوسحبت جنسيته، أو فصل من عمله، أو .. إن الثبات على التمييز بين التباس الحق بالباطل الذي يسوله البعض اليوم، هو أحدث وجوه الفتنة، والثبات عليه هو: ذروة الثبات!

لقد أمضى الشيخ سلطان بن كايد القاسمي، الداعية الإصلاحي والمؤمن الصابر المحتسب 3 سنوات ونصف في سجنه ولا يزال، يقدم نموذجا من الثبات ولا أروع، ومن الصبر على الابتلاء ولا أخلص .. ثبت الشيخ الداعية أمام حملة التشويه والتشكيك والضغوط والترهيب والترغيب! ثبت الشيخ الداعية على دينه وعقيدته، عندما دعا لاحترام حقوق الأمة وحرياتها بوصفها جزء لا يتجزأ من الإيمان بالله، وأولويات الدين، وضرورات الحياة الكريمة!

ثبات الشيخ الداعية، وثبات إخوانه ليس له سوى نتيجة واحدة، هي: انتصار الكف على المخرز وتمكين الأمة من حقوقها وممارسة شعائر دينها بحرية، وإطلاق العنان لحرية الفكر بدون تقييد. وكيف لا ينتصرون، ولا ينفك دعاؤهم: (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)! وكيف لا ينتصرون وقد تعهد سبحانه بالاستجابة!.

المصدر