التقريب بين السنة والشيعة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
التقريب بين السنة والشيعة


Ikhwan-logo1.jpg

ينتقد البعض الإخوان لبعض الولاءات المؤقتة التي قد تتخذها الجماعة كالتحالفات وحسن التصنع لقوم لغرض مفيد، ولاشك أن الجماعة قد تنتهج هذا المنهج في بعض الأحيان، وهو ما يفرض نفسه، وذلك لأن من أصول الشرع المتفق عليها ارتكاب أخف الضررين الحرامين.

وقد ثبت أن رسول الله (صلي الله علية وسلم) اتخذ هذا الموقف في مواقف متعددة، ومن ذلك أنه يوم الأحزاب عرض على بني غطفان أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة وينصرفوا عنه، وكذلك صالح اليهود وعقد معهم الهدنة، وأيضا درجهم فبدأ أولا بإخراج بني قينقاع ثم بإخراج بني النضير، ثم بقتل بني قريظة جعلهم اخرا، وكذلك دخل (صلي الله علية وسلم) في جوار المطعم بن عدي حين رجع من الطائف، وكان أبو بكر دخل في جوار الأخنس بن شريق أو غيره من قادة الكفر في ذلك الوقت، وكلها تحقق مصالح معينة وتزول تلك الولاءات بعد زوال المصلحة. وطبعا هذه التحالفات التي قد تدخل فيها الجماعة، ى لتحالف مثلا مع الناصريين القوميين أو التحالف مع الشيوعيين أو التحالف مع بعض الحكومات الجائرة في بعض الأحيان، لنجل بعض المكاسب ولتقليل بعض المضار، ويدخل في عموم القاعدة التي ذكرناها، وهي: ارتكاب أخف الضررين، وهذه القاعدة دليلها قوله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام: " في هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد" (هود: 78)، فإن زواج الكافر بالمسلمة محرم، ولكن ضرره أخف من ضرر الاعتداء على الملائكة، فلذلك قال لوط: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ".

فالمسألة هنا ليست مسألة عقدية وإنما هي خلاف في تحديد: هل الضرورة تقتضي هذا أو هل المصلحة تقتضيه ؟ وكذلك الهدنة في بعض الأحيان في بعض الجوانب، ونظير هذا ما اتهمت به الجماعة في التقارب بين السنة والشيعة، وفي الجمع بين كلمة المسلمين، وهذا أمر من مصلحة المسلمين لتحقيق أهداف عليا، أقلها حفظ دماء المسلمين وديارهم. يقولون مثلا هؤلاء قد أيدوا ثورة الخميني حين قامت، وهذا يقتضي أنهم يوالون الروافض، والجواب أن الخميني خير من الشاه، وأقل ضررا منه، وقد يستفاد منه في بعض الأحيان، وقد أستفيد من ثورته في بعض المواقف التي اتخذتها، وأيضا فإن مثل هذا من رسول الله (صلي الله علية وسلم) والمؤمنين حين فرحوا بانتصار الروم على فارس، وكان ذلك في أيام غزوة بدر، وفيه يقول الله تعالي : " ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء " (الروم: ا –ه).

ففرح المؤمنون بنصر الروم على فارس لأن الروم أهل كتاب وفارس كانوا مجوسا، فكان المشركون يحبون انتصار فارس والمسلمون يحبون انتصار الروم، وكذلك فإن المسلمين الذين هاجروا إلي الحبشة قد كان لهم دور في انتصار النجاشي على خصمه وكلاهما في ذلك الوقت كافر، ومع هذا فإن الأمر ليس من الأمور العقدية، وإنما هو راجع إلي الأمور الفقهية في ترتيب الأولويات وفي انتقال بعض التحالفات المؤقتة التي تتخذ باعتبار المصالح، لي إنما يرجى من ورائها مصالح محددة، فإذا زالت تلك المصالح فإنها تراجع، وهذا هو الأصل الشرعي كما ذكرنا في ارتكاب أخف الضررين، إن كان هناك ضرر، ولا أظن ذلك، بل هم قوة للمسلمين وظهير، ولأن هؤلاء مسلمون، يدخلون الحرم ويقولون لا إله إلا الله، والأمة في حاجة إلى جمع الكلمة لمواجهة العدو المشترك، الذي يريد أن يستأصل شأفتهم.

وعلى هذا تكون التحالفات المؤقتة التي تحكمها المصالح ويكون فيها نفع المسلمين، فإذا رأي الإخوان أن في مصلحة الإسلام اتفاقهم مع جماعة أخري أو حزب آخر فلا بأس، وإذا رأت الجماعة العمل الدنيوي مع آخرين ولو كانوا كافرين سيفيد الدولة الإسلامية كتجارة أو صناعة أو معاهدة فلا بأس من ذلك.

يقول الإمام ابن تيمية-رحمه الله -في الفتاوى –جـ 25، ص 56، 57:

ثم الولاية وإن كانت جائزة أو مستحبة أو واجبة، فقد يكون في حق الشرع غيرها أوجب أو أحب، فيقدم حينئذ خير الخيرين وجوبا تارة، واستحبابا أخري. ومن هذا الباب تولي يوسف الصديق على خزائن الأرض لملك مصر، بل ومسألته أن يجعله على خزائن الأرض، وكان هو وقومه كفارا كما قال تعالي:

" ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به " (غافر: 34)، وقال تعالى عنه:" يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم " (يوسف: 39 - 40). ومعلوم أنه مع كفرهم لابد أن يكون لهم عادة وسنة في قبض الأموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته، ولا تكون تلك جارية على سنة الأنبياء وعدلهم، ولم يكن يوسف يمكنه أن يفعل كل ما يريد وهو ما يراه من دين الله فإن القوم لم يستجيبوا له، لكن فعل الممكن من العدل والإحسان، ونال بالسلطان من إكرام المؤمنين من أهل بيته ما لم يكن يمكن أن يناله بدون ذلك، وهذا كله داخل في قوله: " فاتقوا الله ما استطعتم " (التغابن: 16).

فإذا ازدحم واجبان لا يمكن جمعهما فقدم أوكدهما، لم يكن الأخر في هذه الحال واجبا، ولم يكن تاركه لأجل فعل الأوكد تارك واجب في الحقيقة).

إن قضية الموازنات بين المصالح والمفاسد هي المدخل إلي فقه هذه المرحلة، وهي مفتاح الرشد في التعامل مع الناس. والدول في واقعنا المعاصر بكل علله ومتناقضاته، وهي وسيلة للدفاع عن بيضة الإسلام، كما أنها تتضمن الإجابة عن كثير من الأفعال التي يراها قادة العمل الإسلامي نافعة للدعوة، ويتجاوز بها العمل الإسلامي كثيرا من العقبات، وعقد التمحول حول الذات والتهارج مع الآخر.


إقرأ أيضاً

روابط داخلية

روابط خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو