الحركة الإسلامية في المغرب "حزب العدالة والتنمية"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحركة الإسلامية في المغرب "حزب العدالة والتنمية"


موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

بقلم: أحمد فايق دلول .. باحث سياسي في وحدة التحليل الإعلامي والمعلوماتي بوزارة الشئون الخارجية بغزة


تقديم موقع إخوان ويكي

كتب هذا البحث قبل الانتخابات الأخيرة التي جرت في المغرب عام 2011م والتي حقق فيها التيار الإسلامي بقيادة حزب العدالة والتنمية أغلبية مما أهلته لتشكيل وزارة بقيادة عبد الإله بن كيران

تمهيد

حزب-العدالة-و-التنمية-المغربي.jpg

يتناول هذا البحث واقع الحركات الإسلامية المغربية (حزب العدالة والتنمية) بدءً باحتلال المغرب واستقلاله وتغيير الاسم القديم، ومن ثمّ نشأة وتطور الحركة الإسلامية، ومروراً بالضربة القاصمة التي تلقّتها الشبيبة الإسلامية، والتعرف على شخصية المؤسس الأول للحركة الإسلامية المغربية (الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي) ومن ثم الانشقاقات التفرعات التي تولّدت عن الشبيبة ورحلة التشظّي، ومروراً بمرحلة من الانتقال السلس والتعاطي مع النظام الملكي الحاكم، ودخولها غمار المعترك السياسي ومشاركتها في الدورات الانتخابية الماضية، وصولاً إلى وضعها الحالي على الساحة السياسية، وختاماً ينتهي البحث بإيجابيات المشاركة وسلبياتها ومن ثمَّ الخلاصة والنتيجة.

وقد استخدم الباحث المنهج التاريخي التفسيري في استعراض أبرز محطات التاريخ المعاصر للمغرب، علاوة على ذلك، فقد استخدم المنهج النسقي في جعل البحث كنسق ونظام متكامل، ويأمل الباحث في أن يقدم هذا البحث صورة واضحة حول التجربة الإسلامية المغربية.

وقد اعتمد الباحث في جمع البيانات حول هذه الدراسة على المراجع المتوفرة على شبكة الانترنت، بالإضافة إلى استشارة ذوي الخبرة ممن عايشوا الأحداث الجزائرية وعاشوا فيها، علاوةً على الاتصال بممثلين عن الحركة الإسلامية والاستفادة من خبراتهم في العمل السياسي.

ويفيد الباحث أن البحث في مواضيع الإسلام السياسي والحركات الإسلامية جديرة بالاطلاع والاهتمام وعلى درجة كبيرة من التشويق، لذا يدعو جميع الباحثين إلى تناول هذه المواضيع والإبحار في أعماقها ودراستها على محمل الجد.


المقدمة

مع نهاية القرن الثامن عشر، اتجهت أعيُن الغرب نحو بلاد المغرب العربي، فانكشف اللثام عن مطامع فرنسية وإسبانية في مراكش، حتى سارعت كل دولة إلى إنشاء قاعدة مركزية لها في البلاد، وازدادت الأطماع الفرنسية في عهد أبناء الملك الحسن عام 1907م، وكانت فرنسا قد اتفقت مع أسبانيا عام 1900م، على اقتسام الأجزاء الجنوبية من مراكش، فاحتلت أسبانيا الصحراء المغربية في الأعوام التالية، بينما احتلت فرنسا (طنجة وفاس ومكناس والرباط) في أول مسيرة احتلالها لمراكش. وبالتزامن مع تزايد أعمال القمع التي تنفذها القوات الفرنسية والإسبانية المستعمِرة بحق المواطنين المغاربة، انطلقت ثورة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي عام 1921م، والتي استبسلت في مقارعتها للمحتلين، وبخاصة الأسبان منه، فقتلت منهم نحو (15 ألف) جندياً أسبانياً، وأسرت نحو (750) منهم، علاوة على كافة الذخيرة والأسلحة التي خسرها الجيش الأسباني، فاضطرّت أسباني بتحرير أسراها ودفع فدية تقدّر بـ (138) ليرة استرينية. شكّلت هذه الثورة بحق، أكبر هزيمة في التاريخ المعاصر يلحقها جيش عربي بالغزاة.(1)

شكَّل عام 1934م، نهاية لمرحلة المقاومة المسلحة وبداية لمرحلة المقاومة السياسية مع الكفاح المسلح والتي بدأت بالمطالبة بالإصلاحات في ظل الحماية وانتهت بالمطالبة بالاستقلال التام مع استكمال الوحدة الترابية. فتمكن المغرب بعد الخضوع للحمايتين الفرنسية والاسبانية لمدة أربعة وأربعين سنة من استعادة استقلاله واستكمال وحدته الترابية بفضل الجهود التي بذلها المغاربة على اختلاف مشاربهم الاجتماعية والسياسية في المدن والبوادي، وبفضل التلاحم بين العرش والشعب، وتحت ضغط الرأي العام العالمي، تراجعتا فرنسا عن مواقفها التعنّتية واضطرت إلى عقد اتفاقية مع السلطان المراكشي، وذلك بتاريخ 2 مارس 1965م، تضمنت هذه الاتفاقية الاعتراف الصريح باستقلال مراكش ووحدة الأراضي المغاربية، ومن ثم اتخذت مراكش اسم "المغرب" رسمياً للدولة حديثة العهد بالاستقلال، وقبلت هيئة الأمم المتحدة عضويتها في العام نفسه.


مغرب ما بعد الاستقلال

ومع دخول المغرب عهد الاستقلال تحوَّل نشاط الأحزاب من النضال التحرري لأجل الاستقلال، إلى النضال السياسي لتدعيم أركان الدولة وإقامة دولة المؤسسات العصرية، إلا أن بواكر سنوات الاستقلال 1956-1959م، أظهرت رغبة (حزب الاستقلال) لوضع حد للتعددية الحزبية -التي شهدها المغرب في فترة ما قبل الاستقلال- وبتكريس نظام الحزب الواحد. هذا التوجه اصطدم بمعارضة باقي الأحزاب الأخرى وأثار تخوفات القصر الذي فضّل التعددية الحزبية باعتباره النظام الأنسب لملكية دستورية، وصدر العهد الملكي في خطاب الملك "محمد الخامس" للأمة المغربية في 08 مارس 1958م، فكرَّس هذا العهد خيار التعددية في ظل ملكية دستورية، وتم إصدار "ظهير الحريات العامة"(2) في 15 نوفمبر 1958م، ليصّب في نفس الاتجاه. فتم التأكيد على التعددية منذ أول تجربة دستورية لسنة 1962م، حيث نص الفصل الثالث من الدستور على أن "الأحزاب السياسية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم ونظام الحزب الوحيد ممنوع في المغرب".(3)

ونشط الإسلاميون في المغرب في الستينات نتيجة الاعتقاد بأن الدولة لا تُحسن تطبيق تعاليم الإسلام في مجالات الإصلاحات الاجتماعية وسياسات التنمية الاقتصادية. وخلافاً لدول أخرى في العالم العربي، تعتبر الحركة الإسلامية المغربية مجّزأة، فهي تضم مجموعتين رئيسيتين هما جماعتي التوحيد والإصلاح والعدل والإحسان، إضافة إلى عشرات المنظمات الأصغر حجماً. ولهاتين المجموعتين الرئيسيتين مسار إيديولوجي وتاريخي متباين، فمجموعة التوحيد والإصلاح تتشاطر قواسم مشتركة مع الإخوان المسلمين في مصر ودول أخرى، ومعظم كبار قيادييها أعضاء سابقون في الشبيبة الإسلامية التي اكتسبت ثقلاً في منتصف السبعينات، والتي سيتم التطرق إليها في سطور لاحقة.(4)


تأسيس الشبيبة الإسلامية

تأسست الحركة الإسلامية المغربية في مطلع السبعينات من القرن الماضي، وهي بذلك امتداد طبيعي لجماعة الإخوان المسلمين في الوطن العربي ومصر؛ حيث قامت أول خليّة منظمة لها في فبراير 1970م، على يد فضيلة الشيخ "عبد الكريم مطيع الحمداوي" المرشد العام للتيار الإسلامي، والذي كان قد تتلمذ من قبل على يد شيوخ الحركة الوطنية السلفية وفي مقدمتهم الشيخ "محمد المختار السوسي" والشيخ "محمد الحمداوي". وكان من أوائل المنضمّين إلى تلك الخليّة كل من الشيخ "عبد اللطيف عدنان" رحمه الله ثم الشيخ "محمد العبدلاوي المدغري" والشيخ "إبراهيم كمال". واتسع نطاق الخلايا المنظمة حركيّاً إلى كافة مدن وقُرى المغرب خلال أقل من ثلاث سنوات، وذلك على ثلاث شعب، هي: شعبة الأساتذة وشعبة العمال وشعبة الطلبة. كما نجحت الحركة في تكوين طائفة مباركة من الوُعَّاظ، نشرتهم في مختلف مدن المغرب وقُراه. وفي تأسيس جناح نسوي أشرفت على تكوينه الأستاذة "خديجة أبو بكر مطيع".

وعندما ظهر تأثير هذه الخلايا الجديدة (الحركة الإسلامية) على الساحة المغربية وتحجَّم نشاط التيارات المعادية للإسلام ضجَّت ساحة الأحزاب الشيوعية بالتحريض على هذه الحركة والتخويف منها، مجنِّدة كافة المنظمات والجمعيات اليسارية، مثل جمعية مُدرّسي الفلسفة والشبيبة الاتحادية والشبيبة الشيوعية، والأحزاب اليسارية الأخرى، كالحزب الشيوعي المغربي والاتحاد الاشتراكي ومنظماتهما الموازية؛ فصار حتماً أن تتأطَّر الصحوة في جمعيات تربوية قانونية، منها: جمعية الشبيبة الإسلامية، وجمعية شباب الدعوة الإسلامية، وجمعية خريجي مدارس المعلمين الإسلاميين، وجمعية الشباب المسلم، وجمعية طلائع الإسلام(5).

إلا أن الأجهزة المتمالئة مع الأحزاب اليسارية لم يُرضها هذا التوجه التربوي القانوني، فقرَّرت تصفية هذه الحركة، لاسيما وقد امتدت علاقاتها الإسلامية إلى خارج المغرب واتصلت بالإخوان المسلمين في مصر والجماعة الإسلامية في الباكستان والحركة السلفية التي كان يشرف عليها الشيخ "ابن باز" رحمه الله، والندوة العالمية للشباب الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي وأكثر الحركات الإسلامية والمنظمات الطلابية العالمية.

ولما كان الشيخ عبد الكريم مطيع هو مؤسس الحركة الإسلامية المغربية والأب الروحي لها بصفة عامة، وهو مؤسس الشبيبة الإسلامية بصفة خاصة، وهو جزء من البحث، فإن موضوعية البحث والدراسة تقتضي أن نتطرّق إلى سيرته.


الشيخ عبد الكريم مطيع

هو عبد الكريم مطيع بن المهدي الحمداوي. وُلد بـ "الزاوية التاغية" قرب مدينة "ابن أحمد" في الشاوية العليا- شرق الدار البيضاء بحوالي 80 كيلومترا بالمغرب صباح يوم الاثنين 25 نوفمبر 1935م.

اعتقل أوائل سنة 1954م، في مدينة مراكش على يد البوليس الفرنسي رغم أنه لم يثبت في حقه اتهام، ثم اعتقل مرة أخرى مع والدته والشيخ عبد اللطيف عدنان على يد الباشا الكلاوي، وكذلك لم تثبت في حقهم تهمة وأطلق سراحهم. ثم استطاع الإفلات من الاعتقال والاختفاء عندما كشف أمر التنظيم في صيف 1954م، وأعدم قائده الشهيد "حمان الفطواكي" رحمه الله.

أسس في مدينة ابن سليمان في سنة 1955م، تنظيما كشفيا وسمّاه "منظمة الكشفية الإسلامية" على أمل أن يحولها فيما بعد، جيشاً للتحرير في غابات ابن سليمان والمعمورة، إلا أن القضيّة المغربية انتهت في شهر نوفمبر من نفس السنة 1955م، برجوع المرحوم "محمد الخامس" ومعاهدة الاستقلال، فاحتفظت المنظمة الكشفية بطابعها الشبابي الكشفي.

عضو سابق في اتحاد كتاب المغرب عام 1964م، وله عديد من المقالات والإنتاج الأدبي والفكري والعقدي والتربوي ونقد السير التربوي والإداري للتعليم بالمغرب، منه المخصص للدراسات الحركية الخاصة، ومنه المنشور في صحف ومجلات مغربية ومشرقية مثل صحيفة العلم والمحرر والأهداف ومجلة المجتمع الكويتية و مجلة الثقافة وجريدة الإنقاذ الجزائرية… وعمل في العام 1970م، على تأسيس الخلايا الأولى للحركة الإسلامية المغربية، وهو بذلك يعتبر المرجعية الأولى والأب الروحي للحركات الإسلامية جميعا، وهاجر من المغرب سنة 1975م عقب قرار سري صدر من السلطة العليا بتصفيته.


الشبيبة الإسلامية والضربة القاصمة

وفي أواخر عام 1975م، تلقّت "حركة الشبيبة الإسلامية" أول ضربة وأعنفها على يد الأجهزة تحت غطاء تُهم ملفقة لا أصل لها؛ فاعتُقل الشيخ "عبد اللطيف عدنان" رحمه الله، وكذلك الشيخ "إبراهيم كمال" غيرهما. وهاجر "الشيخ عبد الكريم مطيع" إلى المملكة العربية السعودية، حيث مكث فيها خمس سنوات يترقَّبُ بروز ملامح الحكمة والتبصر في تصرفات المسئولين، ومن هناك عمل مشرفاً على الحركة في الداخل المغربي بمساعدة الشيخ "عبد اللطيف عدنان" رحمه الله. وجاءت هذه الضربة عقب عملية الاغتيال الغامضة للزعيم اليساري "عمر بن جلون"(6). حيث اتُّهم الشيخ "مطيع" وحركته الشبيبة بالوقوف خلف تلك العملية، فانتقل الشيخ "مطيع" للعيش في ليبيا واستقر بها. ومن مقرِّ إقامته بدأ بالتحريض على النظام المغربي الحاكم، وتورّط في دعم أعمال عنفية ضد النظام، بل وخرق الإجماع الوطني بدعوته لانفصال الصحراء المغربية عن مملكة المغرب.

والجدير بالملاحظة في تصرّف الدولة "النظام الحاكم" إزاء الحركة الإسلامية، أنه كان من عادتها في التعامل مع المعارضة، أن تتدرج في قمعها وتأديبها وترويضها تبعا لمستوى الاستجابة، ولكنها بالنسبة إلى الحركة الإسلامية، فكانت أول خطواتها أن جعلت هدفها الاستئصال الدموي مبتدئة بأعلى قمة هرم القمع، مما يكشف درجة حقدها وغيظها وحرصها على الانتقام، فوضعت الشيخ "مطيع" بتهمة لفقتها أجهزتها، تحت طائلة الإعدام بمظلَّة إعلامية خبيثة ألَّبت عليه من خلالها كافة التيارات المرتبطة معها. ثم أُتبعت هذه الحملة بحملات قمع أخرى متعددة، صدرت عقبها عشرات أحكام الإعدام لمجرد توزيع منشورات فبركها أعوانها، أو تهريب أسلحة أشرفت عليها أجهزة إدريس البصري.(7) فيما عرف بسنوات الرصاص.(8)

وخلال السنين التي تلت ضرب "الشبيبة" عام 1975م، بدأت رحلة التشظّي والانقسامات داخل الحركة الإسلامية المغربية، فخرج عن إطار الشبيبة من سُمّوا بـ "مجموعة الستة" أواخر السبعينيات، وكان من أبرزهم "عبد الإله بن كيران"، و "محمد يتيم"، حيث تطورت هذه المجموعة مكونة "الجماعة الإسلامية" عام 1981م، واستطاعت "الجماعة" خلال الأعوام التالية أن تضمَّ العدد الأكبر من أفراد حركة الشبيبة الإسلامية. ثم قررت عام 1992م، أن تحوّل اسمها من "الجماعة الإسلامية" إلى "حركة الإصلاح والتجديد".

وخرج عن إطار الشبيبة كذلك، مجموعة من كوادرها، وكان في مقدمتهم (محمد المرواني، ومصطفى المعتصم). حيث أسسوا (حركة الاختيار الإسلامي) في أكتوبر من العام 1981م. وكان لهذه الحركة، رغم مرجعيتها الإسلامية، مزاجاً يسارياً وثورياً، وكانت متعاطفة مع تجربة الثورة الإيرانية. فيما رفضت مجموعة من أفراد الشبيبة الانخراط في الصراع الذي حصل بين الجسم الرئيسي للحركة الذي كان يقوده "مطيع" من خارج المغرب، ومجموعة "الستّة" التي انفصلت عنها، فسُميت هذه المجموعة بـ (مجموعة التبيُّن)، وعلى الأثر، قرر "مطيع" فصلها من حركته، فكوَّن بعض أفرادها فيما بعد (جمعية الشروق الإسلامية) التي اعتُقل بعض أفرادها وأمنيها عام 1985م، ولم تُمنح رخصة رسمية للعمل. وكذلك انفصلت عن الشبيبة الإسلامية مجموعة صغيرة في الدار البيضاء اسمها (مجموعة التوحيد).(9)

وفي ظروف سياسية جد حرجة، خرجت المجموعة الرافضة لحالة الاستثناء، مضطرة إلى تأسيس إطار سياسي جديد، استمدت تسميته من تطلعاتها لحياة سياسية تسودها قيم الحرية والعدل، في ظل دستور يصوغه مجلس تأسيسي ينتخبه الشعب مباشرة .. فكانت: "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية". ومع الأزمة السياسية المفتوحة التي دخلها المغرب، تقدم الحزب، في شخص أمينه العام، بمذكرة تاريخية في 16 أكتوبر 1972م، عكست رؤيته لشروط الخروج من المأزق السياسي الخطير، والتي تلخصت في أربعة شروط:

  • اعتماد الكتاب والسنة في كل مناحي الحياة.
  • الخروج الفوري من حالة الاستثناء بإجراء انتخابات نزيهة.
  • حكومة مسئولة ومنبثقة من أغلبية برلمانية.
  • تطهير القضاء وإصلاحه إصلاحا شاملا. (10)


الإنتقال السلس والتعاطي مع النظام السياسي

لقد تميز النظام المغربي عن نظيريه الجزائري والتونسي بكونه لم يختر أسلوب المواجهة والإقصاء، كما كان سبَّاقاً إلى التقاط دروس المرحلة السبعينية التي طبعتها المنازعة القويَّة بينه وبين الشبيبة الإسلامية من جانب واليسار من جانب آخر، وإذا كان اليسار قد تخلّى عن أفكار الانقلاب وصوَّت على الدستور الجديد فإنه لم يبق سوى الإسلاميون، وجاءت مقاربة الإدماج عبر حزب الخطيب لتؤدي هذا الدور.(11)

ومنذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، أخذت ملامح للتبصر والحكمة في تصرفات المسئولين تتجلى في الأفق، خاصة بعد حركة تطهير واسعة في الأجهزة الأمنية أقصي بها بعض الحاقدين على الحركة الإسلامية. فبدأ يحدث نوع من الانفراج السياسي بعد أن أدخل الملك الحسن الثاني تعديلاً على الدستور المغربي عام 1992م، تلاه تنظيم انتخابات تشريعية شاركت فيها أحزاب المعارضة التقليدية، وفتحت تلك التحولات الداخلية الباب أمام مفاوضات بين القصر والمعارضة بدءًا من عام 1993م، للمشاركة في الحكم، لتبدأ طبقة الجليد بين المعارضة التي كانت تحمل بالأمس السلاح ضد النظام وبين هذا الأخير في التلاشي بشكل تدريجيّ.

وفي الجزائر تم القيام بتعديل دستوري منح لأول مرة منذ الاستقلال عام 1962 حق التعددية الحزبية وأنهى مرحلة حكم الحزب الوحيد الممثل في جبهة التحرير الوطني.

وفي تونس تم إقرار قانون جديد للأحزاب بعد مجيء (زين العابدين بن علي) في انقلاب أبيض على (بورقيبة) عام 1987م، والدعوة إلى توقيع "الميثاق الوطني" بين جميع التيارات بما فيها التيار الإسلامي. فانعقدت جلسات مفاوضات وتفاهمات بين أعضاء من الأمانة العامة وبين ممثلين رسميين للدولة من مستوى عالٍ، جرت في جوٍّ من الود والصدق والتناصح، واتفقت الأطراف المجتمعة خلالها على حل الإشكال القائم بين الدولة والدعوة، وذلك بإلغاء الأحكام الصادرة في حق المعتقلين والمنفيين، وعودة الجميع إلى ساحة العمل الإسلامي في الداخل للقيام بالدعوة الإسلامية على أسس من الحكمة والموعظة الحسنة والسلم الاجتماعي والمحافظة على ثوابت الأمة المغربية.


تأسيس حزب العدالة والتنمية (DJP)

قرر بعض إسلاميي "حركة الإصلاح والتجديد" أن يلتحقوا بـ "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية" وذلك بعدما فشلوا في مايو/ أيار 1992م، في تأسيس "حزب التجديد الوطني" ذي التوجهات الإسلامية. وقد سمح الدكتور "الخطيب" لعناصر من "جماعة الإصلاح والتجديد" بالعمل في إطار حزبه شريطة دخولهم كأفراد وليس كتنظيم، فأصبحت "الحركة الشعبية الدستورية" إطاراً شرعياً مارست عبره جماعة الإصلاح والتجديد نشاطها السياسي. مع دخول عناصر من "الإصلاح والتجديد" في "الحركة الشعبية" جرت محاولات لتغيير اسمها حتى تعبّر عن الوضع الجديد، ومع نهاية عام 1998م، أصبح هذه التشكيلة السياسية تحمل اسم "حزب العدالة والتنمية".(12)

وحزب العدالة والتنمية هو حزب سياسي وطني يسعى -انطلاقاً من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين- إلى الإسهام في بناء مغرب ديمقراطي مزدهر ومتكافل.. مغرب معتز بأصالته التاريخية، ويسهم إيجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية، حيث يعمل الحزب على تأطير المواطنين والمشاركة في تدبير الشأن العام وترسيخ قيم الاستقامة والحرية والمسؤولية والعدالة والتكافل، من خلال منهج سياسي مرتكز على الالتزام والشفافية والتدرج وإشراك المواطنين والتعاون مع مختلف الفاعلين، ساعياً إلى تمثيل ذلك عبر ممارسته اليومية وبرامجه النضالية، وواضعاً المصالح الوطنية العليا فوق كل اعتبار. حيث يحرص العدالة والتنمية على ألا يقدم نفسه كحزب إسلامي... وهو بالطبع ليس الحزب الوحيد ذو التوجّه الإسلامي في المغرب هذه الأيام، فهناك أحزاب أخرى ذات توجهات إسلامية متقاربة معه أو متباينة، بعضها مشارك في العملية السياسية، وهي أصغر حجماً من «حزب العدالة والتنمية»، وبعضها الآخر يعزف عن المشاركة، مثل «جماعة العدل والإحسان»، وهي جماعة إسلامية ذات نفوذ ملحوظ.(13)

ونظرا لما عرفته الساحة السياسية منذ ذلك الوقت من انشقاقات داخل العديد من الأحزاب المغربية وإنشاء أحزاب جديدة تحمل أسماء شبيهة بسابقاتها مما يشكّل غموضاً ولبساً لدى المتتبعين والرأي العام عموماً، حيث إن هذا الأمر لم يسلم منه الحزب وعانى منه مبكرا، دفع به إلى طرح مسألة تغيير اسمه خلال عدة لقاءات ومناسبات إلا أن ظروفا صعبة مر منها الحزب لم تمكنه من عقد مؤتمره الوطني حالت دون تحقيق هذه الرغبة.. وتجنبا لمزيد من اللبس والخلط الذي عانى منه الحزب عبر تاريخه الطويل، ورغبة منه في المزيد من الحضور المتميز والتعبير الدقيق عن المرحلة التاريخية التي يجتازها المغرب والأمة الإسلامية عموماً، حيث عمَّت الصحوة الإسلامية المباركة أرجاء المعمور ونال منها المغرب نصيبه، والتي كان من الطبيعي أن يتفاعل معها هذا الحزب بعد أن وجد في مبادئها ومنطلقاتها ما كان ينادي به منذ نشأته الأولى.

واختار العدالة والتنمية تسميته الجديدة انطلاقاً من الشعار الذي رفعه خلال الحملة الانتخابية لاستحقاقات 1997م، وهو (من أجل نهضة شاملة: أصالة، عدالة، تنمية). ففي أكتوبر من سنة 1998م، وخلال انعقاد دورة عادية للمجلس الوطني للحزب، تقرر تغيير اسمه من "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية" إلى الاسم الجديد "حزب العدالة والتنمية"، كاسمٍ ينسجم مع الأهداف والمنطلقات والأولويات التي سطّرها في ورقته المذهبية وبرنامجه الانتخابي الذي طرحه خلال الانتخابات التشريعية سنة 1997م، والتي لخصها الشعار المرفوع خلال الحملة الانتخابية وهو "من أجل نهضة شاملة: أصالة، عدالة، تنمية".(14)

فاجتمعت من جديد نوايا حسنة وإرادات صالحة لانطلاقة جديدة، توِّجت بعقد المؤتمر الاستثنائي للحزب عام 1996م، ودخول أعضاء من حركة التوحيد والإصلاح للأمانة العامة للحزب. هذا الوضع السياسي والتنظيمي الجديد أعطى زخماً وروحاً جديدة جعلت الحزب يتطلع لآفاق أوسع وأرحب في إطار المزيد من الحضور والتأثير في الساحة السياسية المغربية، لذلك بات من الضروري إعادة النظر في اسم الحزب وهو ما تقرر بالفعل خلال انعقاد الدورة العادية للمجلس الوطني في أكتوبر من سنة 1998م.


العدالة والتنمية.. الحضور الشعبي

عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تفوز بالانتخابات الفلسطينية، والإسلاميون الأتراك يقودون السفينة بكل ثقة، والإخوان المسلمون في مصر ينتقلون من غيابات السجون إلى قبة البرلمان، وتونس تطلق سراح العديد من أعضاء حركة النهضة بعد عقدين من القهر والتعذيب الوحشي، والجزائر تطلق سراح من حرمتهم حريتهم وجرَّمتهم بالأمس، وليبيا تفتح أبواب سجونها ليخرج منها إسلاميون لم يروا النور منذ سنين طويلة، والحركات الإسلامية السياسية تعزز مواقعها في الأردن والمغرب وباكستان وفي كل بلد ذي غالبية مسلمة بدون استثناء.

بالرغم من أن العدالة والتنمية ليس الحزب الإسلامي الوحيد على الساحة السياسية المغربية، إلا أنه من أكبر الأحزاب السياسية في المغرب؛ حيث استمدّ شعبيته من عدة عوامل، كان العامل الأبرز يتمثل في خيبة آمال المواطن المغربي في الحركة الوطنية غداة الاستقلال، فخرج المستعمر من الأبواب، ومن ثم عاد من النوافذ، وبهذا لم يتحقق أي تحرر فعلي على أي مستوى في الحياة المغربية. وكذلك الهزيمة النكرات التي منيت بها الحركة الاشتراكية في حرب الأيام الست عام 1967م، الأمر الذي هيّأ جوا عاما لتقبل الفكرة الإسلامية على اعتبار أن الهزائم غالبا ما تكون في حق الأمة الإسلامية عقاباً من الله نتيجة الشرود عن المنهج القويم. وعلاوة على ما سبق ذكره، فإن الاختناق السياسي الذي عاشه المغرب في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، قد اعتمد سياسة شد الحبل والدسائس، ومن ثَمَّ الدسائس المضادة التي طبعت العلاقة بين اليسار والقصر. فهذه الحالة جعلت النظام الحاكم يعمد إلى إيجاد النقيض الأيديولوجي الجذري للشيوعيين، إذ لم يعد يجد توازن اليمين واليسار. وعليه، فقد غَضَّ النظام الحاكم طرفه عن ميلاد حركة "الشبيبة الإسلامية" في أواخر الستينيات لتأخذ شرعية الوجود القانوني سنة 1971م، فكانت مصلحته قد اقتضت شغل خصمه التقليدي بمعركة جانبية وإرغامه في النهاية على قبول اللعبة وفق شروط يمليها الطرف القوي(15) . هذا، وتتمثل النقطة الجوهرية لنجاح بعض هذه الحركات، وفي مقدمها "حزب العدالة والتنمية"، في تحقيق فصل وظيفي إلى حدٍ ما، بين أنشطة الدعوة الإسلامية وبين ممارسة العمل السياسي، وبذلك حوَّلت نفسها إلى منظمات سياسية بحتة يديرها سياسيون محترفون، وإن كانت تستلهم إطاراً مرجعياً إسلامياً؛ تاركةً أنشطة الدعوة في عهدة الحركات الاجتماعية الواسعة التي وُلدت هذه المنظمات من رحمها.(16)


دخول المعترك السياسي

منذ طلع التسعينات للقرن الماضي، شهدت المغرب جملة من الإصلاحات، فكان أوّلها الإصلاح الدستوري الذي جاء نتيجة مشاورات مطوّلة بين القصر الملكي والمعارضة، جرت مراجعة دستورية في سبتمبر 1992، ولكن المعارضة لم تتحمس لهذه المراجعة على أساس أنها لم تستجب لمطالبها التي ضمنتها في "مذكرة مشتركة" ووجهتها إلى القصر، فقاطعت الاستفتاء على الدستور، لكنها رغم ذلك اعترفت بنتيجة هذا الاستفتاء في 4 سبتمبر 1992م. وتلا ذلك من الإصلاحات، الإعلان 1993م، عن الانتقال نحو التناوب، والذي يعتبر بمثابة أول تحول حقيقي وجوهري عرفه مغرب التسعينات، مما شكّل مرحلة تحول كبرى في النظام السياسي المغربي شبيهة بتحول 1962م.(17)

وانطلق العمل البرلماني لحزب العدالة والتنمية بالإعلان عن ولادة المجموعة البرلمانية للحزب، فكان أول موقف سياسي هو التصويت بالإيجاب على ترشيح مرشح الاتحاد الاشتراكي كرئيس لمجلس النواب، ويأتي ذلك كتجسيد للاختيار السياسي للحزب آنذاك والتمثل في دعم تجربة التناوب السياسي، حيث عبّرت المجموعة البرلمانية عن موقف "المساندة النقدية" للحكومة أثناء مناقشة التصريح الحكومي.(18)


انتخابات 1997م

لقد أجريت الانتخابات في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1997م، حيث شارك فيها ستة عشر حزباً سياسياً، تمثِّل خمسة عشر منها في مجلس النواب المكون من 325 عضواً منتخبين بالاقتراع الأحادي الاسمي الأكثري في دورة واحدة، وهو أسلوب الانتخاب الذي دأب المغرب على اعتماده منذ أول اقتراع تشريعي في أيار/ مايو 1963م، كما أنه الانتخاب الأول في ظل الثنائية المجلسية التي عاود المغرب الأخذ بها مع دستور 1996م، بعدما انقطع عنها حين توقف عمل البرلمان عقب الإعلان عن حالة الاستثناء في حزيران/ يونيو 1965م.

في عام 1998م، اتجهت الحركة الإسلامية إلى السعي نحو بلورة تصوِّر واضح في العلاقة مع الحزب، خاصة بعد النجاح في المشاركات الانتخابية، وعند ذلك ظهر بقوة اتجاه واضح عند قياديي الحركة إلى اعتبار أن الوظائف الأساسية للحركة هي الدعوة والتربية والتكوين، وأن الحزب هو تنظيم سياسي يهتم بتسيير الشأن العام.(19)

توّجت حكومة "التناوب التوافقي مرحلة مهمة في تاريخ العلاقة بين الأحزاب سليلة الحركة الوطنية والملكية، وقد شكلت الإصلاحات الدستورية والسياسية أحد مداخلها (20) ، فقد ساهمت العوامل الداخلية والتغيرات الدولية في الدفع بالطرفين نحو التفكير في إعادة بناء العلاقة المتوترة على أسس جديدة قوامها إشاعة الثقة والابتعاد عن منطق الإقصاء المتبادل. فمن ناحية، أبدت الملكية قدراً من الاستعداد للانفتاح على المعارضة (الإتحاد الاشتراكي وبعض أحزاب اليسار أساساً) وإشراكها في تحمل المسؤولية الحكومية، ومن ناحية أخرى استغلت أحزاب الحركة الوطنية المناسبة لإبداء استعدادها لطي صفحة التوتر والمشاركة في البناء الديمقراطي عبر تعبيرها عن الليونة المطلوبة لإنجاح مهمة الحقبة السياسية الجديدة. وهكذا، وعلى الرغم من انتقاد الأحزاب الوطنية لنتائج هذه الانتخابات والاعتراض عليها، وعلى الرغم من عدم ارتياحها المطلق للإصلاحات التي أدخلت على وثيقة الدستور عامي 1992 و1996م، فقد قادت حكومة 14 آذار/ مارس 1998م، ودخلت في تحالف حكومي اضطراري مع تنظيمات سياسية متباعدة من حيث المسار التاريخي والتوجهات الفكرية والأيديولوجية، معتبِرة إياه توافقياً، أي متفقاً حوله، غير نابع من صناديق الاقتراع، وقد كان الأمل كبيراً في أن تقود هذه الحكومة البلاد نحو انتخابات تشريعية نزيهة وحرة عام 2002م، كي يتحقق التناوب الفعلي المنبثق عن إرادة الناخبين.


انتخابات 2002م

شارك في انتخابات 27 أيلول/ سبتمبر 2002 ست وعشرون حزباً سياسياً، أي بزيادة عشرة أحزاب عن اقتراع 1997م، ولعل مردّ ذلك إلى التوسع الذي شهده الحقل الحزبي ابتداءً من عام 1999م، حيث تأسّس ستة عشر حزباً بين الأعوام 1999 و2006م، رأى النور أغلبها بين 1999 و2002م. كما أنه من اللافت للنظر في هذه الانتخابات هو انتقال المغرب من "الاقتراع الأحادي الاسمي الأكثري على دورة واحدة" إلى "الاقتراع باللائحة"، مع العلم أن الأخذ بالنمط الجديد لهذه الدورة الانتخابية جاء نتيجة مناقشات بين مكونات الحقل السياسي المغربي، وفي سياق مطالبة الأحزاب السياسية بتطوير التجارب الانتخابية إلى ما هو أحسن.(21)

ودخل العدالة والتنمية بـ56 دائرةً فقط من إجمالي عدد الدوائر الانتخابية. وقد كانت نتائج مشاركة حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات أكثر من لافتة، حيث الحزب حصل على 42 مقعد، وبعد أن أُقصي من المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة، على الرغم من احتلاله المرتبة الثالثة بفارق قليل عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال وبالتالي أصبح المعارضة الأولى بالبلاد.

شكلت محطة الأحداث الإرهابية 16/05/2003م، بالدار البيضاء منعطفاً خطيراً في تاريخ حزب العدالة والتنمية، فقد وُظّفت سياسياً ضده، حيث جعله منافسوه في موطن اتهام واعتبروه يتحمل المسؤولية المعنوية لما وقع، من حيث أن الذي نفذوا تلك العمليات ينتمون إلى التيارات السلفية المتشددة، هذا، على الرغم من مسارعته إلى إصدار بيان إدانة في صباح اليوم الثاني أي يوم 17/5/2003م، وتم منعه من المشاركة في المسيرة المنددة بالأحداث الإرهابية التي دعت إليها القوى المدنية، وتعالت بعض الأصوات السياسية وأعضاء من الحكومة (اليسارية منها على الخصوص)، أصبحت تعرف فيما بعد بالاستئصالين، مطالبة بحله وتم وضع نقطة حل حزب العدالة والتنمية على أجندة لقاء المجلس الحكومي، ولكن الملك محمد السادس حال دون استمرار هذا الاحتقان السياسي، وقد كان للأحداث الإرهابية وقع قوي حيث أن الحزب قلّص مشاركته أكثر بفعل ضغوط خارجية، وعلى الرغم من ذلك حقق نتائج معتبرة وتمكّن من تسيير عدد من الجماعات المحلية.(22)

وعلى مستوى حصيلة العمل البرلماني خلال الفترة الماضية، فقد استقطب محور الدفاع عن الهوية الإسلامية للمغرب ومواجهة الانحراف عنها معظم عمل الحزب داخل البرلمان، من خلال التركيز على:

  • مواجهة التشريعات الربوية، واقتراح اعتماد الصيغ الشرعية في المجال الاقتصادي.
  • مكافحة انتشار الخمر، والعمل من أجل حظر ترويجها وبيعها للمسلمين.
  • مناهضة الفساد الأخلاقي وانحرافات العمل في القطاع السياحي.
  • مواجهة قرار منع عرض وبيع المصحف الشريف بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء في نوفمبر 2000م.
  • التأكيد على الهوية الإسلامية للنظام التعليمي المغربي.
  • إثارة تجاوزات الإعلام الوطني وحماية مكانة الإسلام في قانون الصحافة الجديد.
  • إلقاء الخطابات والندوات حول الفساد المصاحب للاحتفال برأس السنة.
  • تقديم تعديلات تهم حماية الإنتاج السينمائي من الانحراف الأخلاقي، وذلك أثناء مناقشة قانون الصناعات السينماتوغرافية.
  • طرح المشاكل المتعلقة بموسم الحج وبخاصة المتعلقة بسنة 1423هـ.(23)

وفضلاً عمّا سبق ذكره، فقد شكّلت الدعوة إلى التشبث بثوابت الشريعة الإسلامية أبرز نقطة في عمل البرلماني الوحيد الذي مثّل الحزب بمجلس المستشارين كمستشار عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.


انتخابات 2007م

بدأ المغرب انتخاباته التشريعية 1937م بحزب واحد عام، ليجد نفسه عام 2007م، أي بعد سبعين عاماً، أمام كَمٍّ من التنظيمات زادت عن ثلاثين حزباً سياسياً، وهو مسار أثار العديد من الملاحظات من زاوية التقييم العددي والنوعي لتجربة التعددية، والتي كان المغرب سباقاً إليها في البلاد العربية.

في هذه الدورة الانتخابية، استهلّ العدالة والتنمية حملته بالتأكيد على محاربة الفساد الإداري، والعمل على أن يكون القضاء مستقلاً، واعداً بأن يحل في المرتبة الأولى في أي انتخابات نيابية مقبلة. فاُجريت هذه الانتخابات يوم 7 أيلول/ سبتمبر 2007، وهي الانتخابات الثانية في عهد الملك محمد السادس. حيث قُدِّر عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم بـ 37٪ من إجمالي الشريحة المؤهَّلة للتصويت، وهي أدنى نسبة في التاريخ السياسي المغربي، وقد تنافس فيها 33 حزبا من الأحزاب المختلفة تتوزع على 3 اتجاهات سياسية رئيسية، بجانب عدد من الأحزاب الصغيرة، و13 مرشحاً من المستقلين، على 325 مقعداً برلمانياً.

وفاجأت نتائج الانتخابات البرلمانية لهذا العام، العديد من المراقبين، فقد تبوّأ حزب الاستقلال الصدارة بفوزه ب 52 مقعداً 16% من الأصوات الشعبية، فيما تلاه حزب العدالة والتنمية تقلّد على المرتبة الثانية بحصوله على 46 مقعداً 14% من الأصوات، أي ما يقارب 503396 صوتاً. وحلّت الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار في المرتبتين الثالثة والرابعة بفوزهما ب 41 و 39 مقعداً على التوالي. أما الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان يستأثر بمعظم المقاعد فانحسرت حصته إلى 38 مقعداً، وهو ما كان متوقعا بسبب سلسلة من الخلافات والانقسامات الداخلية التي شقَّت صفوفه، ناهيك عن أداء الائتلاف الحاكم المتواضع.(24)

ومثلت نتائج حزب العدالة والتنمية المفاجأة الكبرى، فقبيل الانتخابات، كان من المتوقع أن يحقق الإسلاميون نتائج كبيرة، خاصة في ضوء استطلاعات الرأي الغربية والمحلية التي تكهَّنت بصعود لا يمكن وقفه للحزب. خلال المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية، أبدت قيادة الحزب الكثير من التفاؤل وأعلنت جهاراً أنّها تستطيع الاستئثار بـ 70 إلى 80 مقعداً، ليشكل الحزب بذلك الكتلة الأقوى في البرلمان. وحين لم يضِف الحزب سوى أربعة مقاعد جديدة إلى المقاعد الـ 42 التي حصدها العام 2002م، شكّل ذلك صدمة لقيادته ولخصومه على حد سواء. ومن هنا كانت اللهجة الغاضبة والقاسية التي طغت على التصريحات الأولية التي أدلت بها شخصيات بارزة في الحزب والتي اتهمت أحزاباً أخرى بشراء الأصوات.

وعلى الرغم من أن العدالة والتنمية قد أخفق في تحقيق التوقعات في هذه الدورة الانتخابية، إلا أنه انتقل من وضعية الدخيل الخارجي إلى وضعية العنصر الداخلي الفاعل والمتجّذر في الحياة السياسية المغربية. فقد تقدم الحزب بمرشحين في 94 دائرة من أصل 95 دائرة انتخابية، واعترفت وسائل الإعلام والمراقبون السياسيون بقدرات تنظيمه السياسي وبرنامجه التقدمي. ثم إن الحزب لا يزال في صفوف المعارضة ما قد يصب في مصلحته نظراً إلى حجم الاستياء الشعبي من الحكومات السابقة والحالية.

وعزا قادة العدالة والتنمية عدم تحقيق طموحاتهم الكبيرة إلى سبب رئيسي، وهو "استعمال المال من قبل بعض المرشحين لشراء الذمم، وتلكؤ الإدارة في منح الناخبين بطائقهم الانتخابية؛ مما أدى إلى نسبة مشاركة ضعيفة"(25)


إيجابيات المشاركة السياسية

لقد عزّزت الممارسة السياسية للحركات الإسلامية المغربية منذ عام 1997م، تاريخ انخراطها في العمل السياسي وحتى آخر دورة انتخابية لها في العام 2007م، الأبعاد الآتية:

  1. المساهمة في دفع عجلة الديمقراطية والتنمية في البلد وتعزيز ثقافتها وتحصينها.
  2. تعزيز خيار الوسطية والاعتدال، وتفويت الفرصة على الذين كانوا يرغبون في إعادة إنتاج النموذج الجزائري أو التونسي.
  3. تقديم نموذج سياسي إسلامي حضاري، نظيف الكف، ملتزم المبادئ الأخلاقية في الممارسة.
  4. تعزيز الهوية المغربية المرتبطة بالأصالة الإسلامية، وخاصة بعد فشل التوجهات اليسارية واللبرالية في مسيرتها السياسية.
  5. إيجاد جو من التقارب والتقاطع بين مصالح حزب العدالة والتنمية، وبين مصالح النظام الحاكم.
  6. إقناع المترددين من التيارات الإسلامية بجدوى المشاركة السياسية وبأهمية التغيير من خلال العمل السلمي الديمقراطي، فيقلع هؤلاء عن العنف كوسيلة للتغيير ومن ثمَّ حقن الدماء.(26)


سلبيات المشاركة

وعلى النقيض من جملة الإيجابيات التي حققها العدالة والتنمية في مشاركته-والتي تم ذكرها، فإن مكمن الضعف والسلبية الذي يعتري المشروع السياسي الإسلامي يتجلى في النقاط الجوهرية التالية:

  1. إن العمل التنظيري والتجديد الفكري لميدان السياسة الشرعية ظل أحد أكبر نقاط ضعف القوى الإسلامية، وبخاصة بعد الفصل التام بين الجانح الدعوي والجناح السياسي للحركة الإسلامية.
  2. لقد اتبعت الحركات الإسلامية في عملها السياسي الوجهات المثالية، دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المغرب وبخاصة بعد الاستقلال من المستعمر الفرنسي.
  3. ضعف التحليلات الاقتصادية التي اتسمت بالهشاشة في القوة الاقتراحية والتنظيرية، وفي الحلول العملية التي يمكن أن تخرج البلاد من المعضلات التنموية التي تقض مضجعها كالتخلف والبطالة والفقر والأمية، والمشاكل المزمنة التي تعتري جسدها السياسي والاجتماعي كالفساد والرشوة والانتهازية، وهو حكم ينطبق على باقي القوى السياسية بمختف توجهاتها.
  4. لقد عكست رؤية الحزب للإصلاح الدستوري والسياسي تطور تجربته السياسية، ومطالبته بإصلاحات سياسية دون المس بالتوازنات السياسية لنظام الحكم، بطريقة بدا معها منظور الحزب بصفة المعتدل، الذي يطالب بما تطالب به باقي القوى السياسية من إصلاحات، كتوسيع سلطات الوزير الأول والبرلمان.(27)

إن استجلاء حصيلة الفعل البرلماني التشريعي والرقابي داخل الهيئة التشريعية، اصطدم بمحدودية الأدوار السياسية والصلاحيات المنوطة بها داخل البرلمان، فالأداء البرلماني للإسلاميين الذين احتلوا فيه المرتبة الأولى بتحقيقهم لأرقام قياسية مقارنة مع الولايات التشريعية السابقة، عكس جدّية وانضباطاً في العمل البرلماني عند الإسلاميين، وقدرة على استمالة الجماهير وخدمتها على المستوى الاجتماعي، إلا أن أهم عائق يواجه الإسلاميين ينحصر في الصلاحية المخوّلة للهيئة التشريعية التي منحتها وظائف شكلية غير مؤثرة، وهو ما جعل البرلمان يفتقد لرهانات سياسية حقيقية داخل النظام السياسي المغربي.


الخلاصة والنتيجة

إن تجربة «حزب العدالة والتنمية» المغربي تستحق الاهتمام والمتابعة مثلما هي تجربة نظيره العدالة والتنمية التركي، والأمل أن تشكّل هاتان التجربتان حافزاً أمام بعض الأحزاب الإسلامية القائمة في معظم بلداننا العربية والإسلامية، وليس جميعها بالطبع، لمواجهة استحقاقات التحوّل إلى أحزاب ديمقراطية إسلامية.. وهذا ما يُؤَمَّل أن تنتبه إليه وتستفيد منه، وليس أن تستنسخه أو تقلّده. فهذه مسيرة حزب، كان ولا يزال يؤدي وظيفة الشهادة على الواقع السياسي المغربي، وهو في ذلك يتفاعل إيجابا وسلبا، قائما بواجبه الشرعي، تارة بإقامة الحجة، وتارة أخرى بالتفاعل والمشاركة، وهو في كل ذلك أحرص ما يكون على الوصول بهذا الواقع إلى تحقيق شرع الله عز وجل، وما يجلبه ذلك الشرع من مصالح محققة للبلاد والعباد.(28)

وإن أهم ما يمكن للحركات الإسلامية استخلاصه من الممارسة السياسية لـ "العدالة والتنمية" للاستفادة منها مع مراعاة الخصوصية المغربية، هو ما حققه من نجاحات في الأمور الآتية:

  1. بعد انقضاء مرحلة سنوات الدم، استطاع إسلاميو المغرب، وكخطوة أولى في العمل السياسي، أن يعتمدوا على الفصل التام بين العمل الدعوي القائم على الشمولية والممارسة السياسية عبر الفصل التام بين «حركة التوحيد والإصلاح» المعنية بالعمل الاجتماعي والدعوي وبين «حزب العدالة والتنمية» المحصور عمله بالعمل السياسي فقط، والذي تخضع خياراته السياسية وخريطة تحالفاته للأخذ والرد، بعيداً عن الطوباوية والمطلقية في الممارسة.
  2. خاض الحزب الانتخابات ببرامج انتخابية مكتوبة، استعرض فيها المشاكل وقدم الحلول المقترحة بناءً على إحصائيات علمية دقيقة، دون استخدام للعبارات الإنشائية المزخرفة التي درجت عليها الأحزاب العربية على اختلافها.
  3. نأى العدالة والتنمية في دعاياته الانتخابية عن الشعارات القدسية الغارقة في العمومية مثل «الإسلام هو الحل»، و«تطبيق الشريعة» دون تقديم آليات واضحة لتنفيذها، والتوجه نحو شعارات أكثر واقعية مثل شعاره الأخير «معاً نبني مغرب العدالة» الذي يؤكد فيه على انتمائه القطري دون أن يستبعد أي منافس آخر أو يتهمه.
  4. ابتعد الحزب تماماً عن أي توتر بينها وبين البلاط الملكي، عبر تأكيدها المستمر أنها جزء من المملكة المغربية التي يحكمها الملك (أمير المؤمنين)، والتركيز على ما يمكن إصلاحه.
  5. تعامل العدالة والتنمية بحكمة وواقعية مع قلق الدول الأوروبية من صعود الإسلام السياسي في المغرب، الأمر الذي دفع الحزب للإحجام عن الترشح للانتخابات البلدية عام 2003م، علماً بأنه كان قد حقّق نجاحاً منقطع النظير في الانتخابات النيابية 2002م، وتوجه عوضاً عن ذلك نحو المؤسسات الأوروبية، شارحاً لها برامجه وأهدافه.
  6. نوّع في قائمة مرشحيه التي خاض بها الانتخابات، حيث حوت على مستوى متنوع في الخلفية العلمية والعملية والتخصصات المختلفة، من اقتصادية وسياسية وشرعية وعلمية، ومن رجال ونساء، ومناطق متعددة، وفي ذلك «نزعة تكنوقراطية» مع الحفاظ على أكبر قدر من نظافة اليد والشفافية وحماية الثروة العامة.
  7. أكَّد على الالتزام بالاتفاقات الدولية التي أبرمها المغرب مع المؤسسات الدولية، وإن كانت مجحفة، مؤمناً بعلاقات متوازنة مع الشرق والغرب، مرجعاً الإجحاف إلى المفاوض المغربي، لا إلى التآمر الدولي.
  8. آمن الحزب بأن الإصلاح هو عملية متدرجة وطويلة المدى وتحتاج إلى نفس طويل، لأن من يرفض التدرج في الإصلاح فإنه يشترط شروطاً تعجيزية.


الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية المغربي

موقع-حزب-العدالة-والتنمية-المغربي.jpg

المصادر والمراجع

1- د. إسماعيل أحمد ياغي: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر، الجزء الثاني، دار المريخ للنشر والتوزيع، الرياض-السعودية، 1992م.

2- هو مجموعة الأحكام والقواعد القانونية الخاصة بتأسيس الأحزاب والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، والذي صدر في 15 نوفمبر 1958م.

3- رشيد لزرق: الأحزاب السياسية المغربية والقضايا العربية، الحوار المتمدن، 18/10/2009م.

4- عمر حمزاوي: حزب العدالة والتنمية في المغرب: المشاركة ومعضلاتها، يوليو/تموز 2008، ص22.

5- Morocco Islamic Youth (Shabiba), Historical background, 2001

6- لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، انظر: المؤامرة على الشبيبة الإسلامية المغربية- خلفيات اغتيال بنجلون: www.achabibah.com

7- ولد بمدينة سطات بالمغرب عام 1938م، وبدأ مشواره المهني بالعمل ضمن سلك الشرطة كعميد ممتاز بالأمن الإقليمي بالرباط قبل أن يلتحق بوزارة الداخلية كمدير للشؤون العامة ورجال السلطة لفترة طويلة من حكم الملك الحسن الثاني، وخاصة في الفترة من 1979 إلى 1999م، ارتبط اسمه بسنوات الرصاص، وخلال فترة توليه منصبه، قتل حوالي (600) من المعارضين السياسيين للنظام، وكذلك من الإسلاميين.

8- هو مصطلح متداول بين الفرق السياسية والصحفية المستقلة والمعارضة في المملكة المغربية، ويُشار به إلى فترة منذ منتصف ستينات القرن العشرين، وحتى نهايته، شهدت تلك الحقبة التاريخية، بعد قصف الريف، انتهاكات دأب النظام المغربي وقتها على ممارستها ضد معارضيه من اعتقال قسري بدون محاكمة إلى سرية أماكن الاعتقال أو حتى الاختفاء.

9- نواف القديمي: قصة الحركة الإسلامية في المغرب، 30 أغسطس 2009م.

10- المصدر السابق.

11- إدريس الكنبوري: إسلاميو المغرب من تحدي المشاركة السياسية إلى ما بعد صدمة 11 سبتمبر 2001، 22/11/2003.

12- انظر: www.islamicnews.net

13- أحمد الديين: تجربة المغرب تستحق المتابعة.

14- انظر: www. wikipedia.org

15- انظر: www.wikipedia.org

16- عمر حمزاوي: حزب العدالة والتنمية في المغرب: المشاركة ومعضلاتها، يوليو/تموز 2008، ص22.

17- إبراهيم إبراش: الحياة السياسية في المغرب: تجربة في الديمقراطية تستحق الاهتمام، ب ت.

18- أبو اللوز عبد الحكيم: الإسلاميون والمشاركة السياسية - دراسة وتقييم لمشاركة الإسلاميين في المغرب ، 2007م، ص5.

19- حسام تمام: خلفية تاريخية عن تطور التجربة المغربية، 2007م.

20- إصلاح 4 أيلول/ سبتمبر 1992، و15 أيلول/ سبتمبر 1996.

21- محمد الراوي: الأحزاب السياسية المغربية تدين تفجيرات الدار البيضاء، الشرق الأوسط، العدد 8937، الأحد 18 مايو 2003م.

22- محمد المالكي: تطور الأحزاب السياسية في البلدان العربية: حالة المغرب الأقصى، بيروت، 2007.

23- أبو اللوز عبد الحكيم: الإسلاميون والمشاركة السياسية - دراسة وتقييم لمشاركة الإسلاميين في المغرب ، 2007م، ص5.

24- عمر حمزاوي: حزب العدالة والتنمية في المغرب: المشاركة ومعضلاتها، يوليو/تموز 2008، ص19.

25- د. عصام العريان، الانتخابات البرلمانية المغربية.. ظواهر ودلالات وخيارات، 30/10/2007.

26- أحمد الديين: تجربة المغرب تستحق المتابعة.

27- رشيد مقتد، الإدماج السياسي للإسلاميين بالمغرب، جامعة الحسن الثاني، 2009.

28- أحمد الديين: تجربة المغرب تستحق المتابعة.


للمزيد عن الإخوان في المغرب

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

من أعلام الإخوان في المغرب

وصلات فيديو

.

تابع وصلات فيديو

.