الحلقة التاسعة والعشرون: أول زيارة للجزائر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أول زيارة للجزائر

موقع القرضاوي/16-12-2008

جمعية العلماء الجزائريين

كان لجمعية العلماء الجزائريين دور كبير في الحفاظ على هوية الجزائر الإسلامية في ربيع سنة 1982م - ربما كان في شهر مارس أو أبريل- زارني في مكتبي في كلية الشريعة بجامعة قطر: أحد الإخوة الجزائريين – نسيت اسمه – وبعد الترحيب وتبادل الأحاديث الودية، وجه إلي سؤالا مباشرا: لماذا تقاطع الجزائر، ولا تعطيها شيئا من اهتمامك؟

قلت له: أنا لم أقاطع الجزائر، ولكن لم تتح لي الفرصة حتى اليوم لأزورها.

قال: ولكنك طوفت في العالم مشرّقا ومغرّبا، ولم تجعل الجزائر ضمن اهتماماتك!

قلت: لم يكن هذا إهمالا للجزائر أو قصدا مني، وقد عرفت الجزائر عن طريق بعض أبنائها الذين حببوها إلي، ثم عن طريق جهادها ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، الذي لفت إليها أنظار العالم، ولاسيما المسلمين.

قال الأخ الزائر الكريم: من عرفت من الجزائر؟

قلت: أول من عرفت هو: العالم المجاهد الكبير الشيخ الفضيل الورتلاني، العضو البارز في جمعية العلماء بالجزائر، الذي هاجر إلى مصر، واتصل بحركة الإخوان المسلمين، وكان قريبا من مؤسس الحركة الإمام حسن البنا، كما كان على صلة بحركة الإصلاح والتغيير في اليمن التي قادها ابن الوزير، وبعض أبناء الإمام يحيى. وقد جرى ما جرى له في اليمن أيام ثورة ابن الوزير ضد الإمام يحيى، وخرج أو أخرج من اليمن، وظل في البحر نحو شهرين لا يجد بلدا يقبل نزوله فيه، حتى رتب له بعض الفضلاء النزول في لبنان، التي عاش فيها عدة سنوات، ينادى فيها باسم (أبو مصطفى). وقد لقيته حين زرت لبنان في أغسطس سنة 1952م بعد قيام ثورة يوليو في مصر، وتحدثت إليه طويلا. ثم لقيته مرات أخرى، بعد نزوله إلى مصر في عهد جمال عبد الناصر.

وعرفت من علماء الجزائر خليفة ابن باديس العلامة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي أمير البيان العربي في المغرب الإفريقي، وقد استمعت إليه، وهو يتدفق في حديثه كالبحر الزاخر، ويفيض كالسحاب الهاطل.

وعرفت من الجزائر الشاب الأديب الطموح محمد بن الحاج الصغير الشهير باسم: محمد اكسوري، وكنا نطلق عليه: محمد الأقصري. وقد كان يسكن معي في شقة واحدة في حدائق شبرا، وقد انتسب إلى كلية أصول الدين، وبعد أن أكملها، التحق بمعهد الدراسات العربية العليا، التابع للجامعة العربية، بشعبة القانون فيه، وقد رحب به الدكتور السنهوري رئيس الشعبة، كما أشرت إلى ذلك فيما مضى من المذكرات.


محمد البشير الإبراهيمي

وكان الذي عرفني به هو الفضيل الورتلاني نفسه، فقد كان من بلده، وقال: هو في عهدتك. وكان نعم الأخ والصديق.

ولقد ألقيت خطبة سنة 1957م[1] من جامع الزمالك، مؤيدا ثورة الجزائر، أذيعت من إذاعة القاهرة في تلك الأيام.

فليس بيني وبين الجزائر ما يدعوني إلى مقاطعتها، بل إني لأتمنى أن أزورها عندما تتيسر لي أول فرصة.

قال الأخ الجزائري: ألم تدع يوما إلى (ملتقى الفكر الإسلامي) الذي يعقد سنويا بالجزائر، ويشارك فيه العلماء والمفكرون من أنحاء العالم العربي؟

قلت: أحسب أنه وصلتني دعوة منذ مدة، واعتذرت عن عدم الاستجابة إليها.

قال: ولماذا؟

قلت: سمعت أن هذا الملتقى إنما أنشئ لخدمة أهداف الدولة الاشتراكية ذات النظام الشمولي، التي تحكم الشعب بالحديد والنار، عن طريق الحزب الواحد، ولا يسمح لأحد بنقد ولا معارضة، ومن اجترأ على ذلك فمصيره معروف.

كما قيل لي: إن رئيس المؤتمر ـ وهو وزير الشؤون الدينية ـ لا يحترم ضيوفه، ويعقب عليهم تعقيبات خشنة، ولا يستطيع أحد أن يرد عليه (كان المعني هو الأستاذ مولود قاسم رحمه الله).

الشيخ عبد الرحمن شيبان قال: على كل حال، لقد تولى الوزارة وزير جديد، من تلاميذ ابن باديس، ومن جمعية علماء الجزائر، وهو الشيخ عبد الرحمن شيبان، وأعتقد أنه يرحب بوجودك. كما أن الرئيس الحالي له توجهات انفتاحية طيبة، وهو: الشاذلي بن جديد.

قلت: إذا كان الأمر كذلك، فأنا أرحب بقبول الدعوة إذا جاءتني.

قال: سأسعى بعد رجوعي لتصلك الدعوة المنشودة، ويسعد بك شعب الجزائر ضيفا على أرضه، بل كما قال الشاعر:

يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل!

وانصرف الأخ الكريم من عندي، ولم تمر إلا أيام قلائل، حتى وصلتني دعوة من وزير الشؤون الدينية الجزائري، يدعوني فيها إلى المشاركة، في الملتقى الذي يعقد بمدينة تلمسان في الصيف القادم، ويدور موضوعه حول (السنة المطهرة)، وألحّ الوزير الداعي عليّ ألا أتخلف، قائلا: إن من حق الجزائر عليك أن تزورها وتلتقي بشيوخها وشبابها، وتشارك في بناء نهضتها.

وفعلا أرسلت إليهم في الحال بقبولي للدعوة، وعزمي على الحضور في الوقت المطلوب.

وعندما حانت إجازة الصيف، سافرت مع الأولاد إلى القاهرة، ومن القاهرة سافرت إلى الجزائر، على الخطوط الجوية الجزائرية، وعند وصولي إلى العاصمة، استقبلني الإخوة المسؤولون عن إدارة الملتقى من كبار الموظفين في وزارة الشؤون الدينية. وأحاطوني بهالة من الترحيب والتكريم، وقالوا: هذه زيارة طال انتظارها، وقد تأخرت كثيرا، وسيكون وقعها على الشعب الجزائري وقع الغيث الهاطل على الأرض العطشى.

ابن باديس مؤسس جمعية العلماء الجزائريين

قلت: كل شيء له أوان وأجل مسمى عند الله. وأرجو أن نعوض ما فات.

وصحبوني إلى الفندق، واختاروا لي جناحا مجاورا لجناح شيخنا الشيخ الغزالي، وهو ما أضاف إلى سعادتي بزيارة الجزائر سعادة أخرى بمجاورة الغزالي.

كان هذا الفندق هو فندق (الأوراسي) ذي الموقع الرائع على البحر الأبيض، وذي المبنى الشامخ، الذي صممه مهندس مصري، قيل لي: إنه مصطفى مؤمن زعيم طلاب الجامعة المصرية في وقته.

وكان هذا الفندق مع فخامته، في غاية من إهمال المرافق، كما هو شأن البلاد الاشتراكية دائما. ولكن كان يعوض هذا إقبال عمال الفندق علي، وحفاوتهم بي، بل إقبال الشعب الجزائري كله. وهذا من فضل الله.

كان أول من تعرفت عليه وزير الشؤون الدينية الشيخ عبد الرحمن شيبان، الذي هرع لمقابلتي والترحيب بي، والاعتذار عن عدم مقابلتي في المطار، وأنه قرأ عددا من كتبي، ويعرفني جيدا قبل أن يلقاني، وقد رددت على تحيته بمثلها أو أحسن منها. وقال لي: معك دعوة دائمة لحضور الملتقيات التي نرجو ألا تتخلف عنها بعد اليوم.

قلت: إني حريص على المشاركة فيها، وأسأل الله العون والتسديد.

ثم عرفت مع الوزير الشاب النابه المتوقد عبد الوهاب حمودة مدير الملتقيات ومنظمها، و (الدينامو) المحرك لها، والذي استرحت إليه بمجرد لقائه ورؤية وجهه، فلما شاهدت تحركه، وسمعت كلامه بعد ذلك: ازددت حبا له وتقديرا لما يبذله من جهد وإعداد وتنظيم، في سبيل إنجاح الملتقيات.

وعرفت من أعوانه كذلك من الشباب الواعين والمرجوين: الهادي الحسني من رجال وزارة الشؤون الدينية، ومن المعاونين من أساتذة الجامعات: الدكتور عبد الرزاق أبو جسّوم، والدكتور عمار الطالبي، والدكتور أحمد عروة، والدكتور سعيد شيبان طبيب العيون الذي أحبه كل من عرفه وعايشه.

كما لقيت العالم الجليل الشيخ أحمد سحنون، شيخ العلماء، الذي كنت تعرفت عليه من قبل في المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة، الذي عقد بالمدينة المنورة.

وكانت فرصة لتأكيد التواصل مع الأخ الداعية الشيخ محفوظ نحناح الذي تعرفت عليه من عدة سنين، إذ كان ممثلا لحركة الإخوان المسلمين بالجزائر.

ثم تعرفت على كثيرين بعد ذلك، بالتدريج، والجزائريون قوم -على ما فيهم من شدة وصلابة- يتميزون بسلاسة الطبع، وصفاء النفوس، وعدم الالتواء، فلا غرو أن تحبهم ويحبوك.

الفيلسوف الجزائري الكبير مالك بن نبي

كانت ملتقيات الفكر الإسلامي تجمع صفوة من خيار علماء الأمة في العادة من أقطار عربية وإسلامية مختلفة، وكانت تطرح فيها موضوعات حية، تقدم فيها البحوث، تناقش من العلماء، وتصدر بعد ذلك التوصيات من الملتقى.

وقد قالوا: إن الذي أشار بفكرة الملتقى الإسلامي السنوي هو المفكر الجزائري الشهير مالك بن نبي رحمه الله. رأى فيه فرصة يلتقي فيها رجال السياسة ـ أو بعضهم ـ ورجال الفكر على بساط واحد، ليفيد بعضهم من بعض.

وكان شعار الملتقى قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11] وهو نفسه شعار جمعية العلماء الجزائريين.

في العادة يصل المدعوون إلى الجزائر قبل الملتقى بيوم أو يومين أو أكثر حسب ظروف الأشخاص والمواصلات، ثم ينتقلون مع الوزير والمسؤولين في طائرة خاصة، تنقلهم مرة واحدة إلى المدينة التي يقام بها الملتقى.

وفي اليوم المحدد نقلتنا الطائرة إلى مدينة تلمسان في غرب الجزائر، وإليها ينتسب جدود مرشد الإخوان الأسبق الأستاذ عمر التلمساني.

ولم يكن لدي وقت لكتابة بحث حول أحد محاور الملتقى، وهو: موضوع (السنة النبوية) وهو من اهتماماتي الأصلية، واكتفيت بالمناقشة.

وكان للشيخ الغزالي بحث عنوانه (لا سنة بغير فقه) يؤكد فيه نزعته الناقدة للاتجاه الظاهري في فهم الأحاديث، دون ربطها بالقرآن وبمقاصد الشريعة العامة.

كان الشيخ البوطي من ضمن المشاركين وكان من المشاركين: د. محمد سعيد رمضان البوطي، ود. أحمد عمر هاشم، وغيرهما من أساتذة الحديث في كليات الشريعة وأصول الدين في الجامعات المختلفة.

إحتجاج على زيارتي من الشباب المتحمس

ومما لا أنساه في ذلك الملتقى: تلك الزيارة لي في محل إقامتي بالفندق الذي أقيم فيه، والتي فاجأني بها عدد من شباب الجزائر الملتزمين المتحمسين. أذكر أني بعد أن استقبلتهم وحييتهم ورحبت بهم، قالوا لي بصراحة: ما كنا نود لمثلك أن يشارك في هذا الملتقى، لقد فوجئنا بحضورك واستغربناه، كيف تشارك في ملتقى كهذا، إنما أقيم أول ما أقيم، لتأييد الاتجاه الثوري اليساري الذي تتبناه حكومة هواري بو مدين؟ حكومة الحزب الواحد الذي لا يسمح بوجود تيار آخر، وبخاصة التيار الإسلامي؟! ولقد شارك في هذا الملتقى كثيرون ممن يسيرون في ركاب الحكومات، ولكنا نعتقد أنك لست من هؤلاء.

قلت لهم مازحا: أهذه تحية الاستقبال لضيفكم: أن تقولوا له: لا مرحبا بك في بلدنا!!

قالوا: لا والله، بل نحن نحملك على رؤوسنا، ونفتح لك دورنا وصدورنا، ولكنا لا نرضى لمثلك أن تشارك في هذه المهزلة.

قلت لهم: ولماذا تعتبرون مشاركتي موالاة أو مداهنة للحكومات البغيضة إليكم؟

قالوا: هذا ملتقى تقيمه الحكومة، وتدعو إليه، وتشرف عليه إشرافا كاملا، وهو يدور حول أهدافها التي تسعى إليها.

الشيخ أحمد سحنون قلت: ولكني أرى الملتقيات وخصوصا هذه السنوات، تدور حول موضوعات إسلامية خالصة، مثل ملتقى القرآن الكريم السابق، وملتقى السنة اليوم.

وهل تظنون أن رجلا مثل الشيخ الغزالي يبيع نفسه لحكومة من الحكومات؟

قالوا: اعتقادنا أن الشيخ الغزالي لا يفعل ذلك، ولكنهم يخدعونه، حتى يستجيب لهم.

قلت: أصدقكم القول: أني دعيت من قبل للمشاركة في هذا الملتقى، فاعتذرت، ولما قيل لي: إن الوزير الجديد من تلاميذ ابن باديس، استجبت لدعوته.

ومن أهم ما برر لي الاستجابة: أنهم قالوا لي: إن الجزائر فيها مدّ وصحوة إسلامية مبشرة بين شبابها، فحفزني هذا أن آتي لألقاهم، وأشدّ من عزائمهم. فالحقيقة أني جئت من أجلكم، وليس لي أي مصلحة أو هدف من زيارتي للجزائر، ومشاركتي في هذا الملتقى، فإن رأيتم أن وجودي لا يخدم الدعوة الإسلامية، والصحوة الإسلامية، فأنا مستعد أن أغادر الجزائر بأي عذر من اليوم.

قالوا: لا، ما دمت قد حضرت، فالخير فيما اختاره الله، ويكون القرار بعد ذلك على ضوء الواقع والنتائج.

إلقاء كلمة الضيوف

وفي اليوم التالي بدأ المؤتمر، وتفضل الوزير رئيس المؤتمر، فأسند إلي أن أقول كلمة الضيوف، فألقيت كلمة ضافية مرتجلة عن الجزائر وأصالتها وجهادها، ودور جمعية العلماء فيها وابن باديس والبشير الإبراهيمي، والعربي التِّبِسِّي، الذين حفظوا على الجزائر هويتها: المتمثلة في الدين واللغة، وعبر عن ذلك نشيد الجمعية الذي ألفه الشيخ ابن باديس:

شعب الجـزائر مسلـم وإلـى العروبة ينتسب

من قال: حاد عن أصله أو قال: مات فقد كذب

نشاط مكثف في الملتقى


ألقى الشيخ القرضاوي كلمة الضيوف في هذا الملتقى والحقيقة أني قمت في هذا الملتقى بنشاط وافر مكثف، في لقاءات مسائية بالطلاب في مدارسهم أو جامعاتهم، والطالبات في مدارسهن أو جامعاتهن اللاتي ينزلن بها.

وقد جرت سنة الملتقيات أن تدعو عددا كبيرا من الطلاب والطالبات من الجامعات المختلفة، يشاركون في أنشطتها، ويتوجهون بأسئلتهم المباشرة إلى العلماء المشاركين، ليتلقوا الإجابات عنها.

وزرت بعض القرى القريبة من تلمسان، وألقيت فيها محاضرات.

وفي الاستراحات المعتادة بين الجلسات، يلتف حولي الطلاب والطالبات، ويمطرونني بأسئلتهم، ولا أضنّ عليهم بالإجابة ما استطعت.

كما أن ولعهم بالتصوير وحرصهم على التقاط الصور التذكارية أفرادا وجماعات معي، قد فاق الحد، ومع إرهاق هذا لي، عاملتهم برفق ومودة، مقدرا بواعثه الطيبة.

وقد نوّه الوزير بما قمت به من نشاط مكثف على كل المستويات، وشكرني على ذلك. وفي الملتقى تعرفت على عدد من الجزائريين، منهم الأستاذ مولود قاسم وزير الشؤون الدينية السابق، وقد وجدته رجلا لطيفا، أحسن استقبالي، ولم أجد فيه الخشونة التي قيل: إنه يعامل بها الناس.

والمهم أنه بعد انقضاء مدة المؤتمر الذي يستمر نحو ثمانية أيام، زارني الشباب الذين زاروني في أول وصولي إلى تلمسان، فقلت لهم: ماذا ترون اليوم على ضوء النتائج؟ القرار قراركم، فإن رأيتم أن لا فائدة من وجودي إلا تأييد الحكومة، فلن أشارك في هذا الملتقى بعد اليوم، وإن رأيتم غير ذلك فأخبروني.

قالوا: بل نصر على حضورك، وضرورة مشاركتك في كل ملتقى، ونرجوك، ونلح عليك في الرجاء: ألا تتخلف عن هذه الملتقيات أبدا، فقد رأينا بأعيننا ولمسنا بأيدينا آثار مشاركتك، ولا سيما في جيل الشباب والشابات، الذين أحبوك وتعلقوا بك، وأعجبوا بأفكارك. وهذه نعمة كبيرة يجب أن تقابل بالشكر والعرفان.


الشيخ الغزالي قلت لهم: الحمد لله، وما توفيقي إلا بالله، وأدعو الله تعالى أن يجعلني عند حسن ظنكم وظن أبناء الجزائر بي، وأن يغفر لي ما لا تعلمون، ولا يعلمون.

ورتبت عودتنا بالطائرة الخاصة إلى الجزائر العاصمة، وبقيت يومين أو ثلاثة في فندق الأوراسي، وفيها نظم الإخوة في وزارة الشؤون الدينية: محاضرة عامة لي في أحد المساجد، وعرضوا علي الأمر، فرحبت بذلك، وكان منطقهم: أن أهل العاصمة يجب أن ينالهم نصيب من حضوركم إلى الجزائر. ولا يستأثر أهل تلمسان ومن حولها بكل الغنيمة.

قلت: منذ وصلت إلى الجزائر غدوت جنديا في كتيبتكم، فحيثما وجهتموني توجهت، سائلا الله أن يرزقنا التوفيق والإخلاص.

وبعد ذلك عزمت على السفر والعودة إلى القاهرة، وجاء الشيخ عبد الرحمن شيبان، ليودعني، ويؤكد عليّ أن أحرص على الحضور في الملتقى القادم، الذي سيكون في مدينة (قسنطينة) مدينة الشيخ ابن باديس، ومنطلق نشاطه، وقال لي: لقد رأيت كيف تعلق الشباب الجزائري بك، وهذا يوجب عليك ألا تتخلى عنهم.

صورة تاريخية لأعضاء جمعية العلماء الجزائرين قلت: وأنا أيضا تعلقت بهم، ورأيت فيهم بشائر الخير، وبواكير البعث المنشود، وقد قال أبو تمام:

وإذا رأيت من الهلال نموه أيقنت أن سيصير بدرا كاملا

وافترقنا على نية اللقاء في العام القادم في بلد ابن باديس. وعلى الله التيسير.

طالع في الحلقة القادمة:

افتتاح مبنى جمعية الإصلاح بالبحرين

[1] - اقرأ نصها في الجزء السابع من خطب الشيخ القرضاوي صـ144وما بعدها، نشر مكتبة وهبة. القاهرة.