الزكاة في ضوء رؤية معاصرة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الزكاة في ضوء رؤية معاصرة


بقلم/ الأستاذ عز العرب فؤاد


تصدير

بسم الله الرحمن الرحيم

حمداً لله وصلاة وسلاماً على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

فإن فريضة الزكاة كادت أن تندثر فى هذا الزمن الذى نحن فيه , ذلك لأن إمام المسلمين كان هو الذى يقوم بجمعها عن طريق عماله فى الأمصار .

أما الآن , فالخلافة الإسلامية غير موجودة وشرع الله لا يطبق كاملاً , والحكام المسلمون الذين يحكمون دولهم وشعوبهم الإسلامية لا يقومون بجمع الزكاة . وأصبح إخراج الزكاة عملاً يقوم به بعض الناس الذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم , والبعض الآخر لا يقوم بأدائها .

ولما كانت هذه الفريضة هامة وخطيرة بالنسبة لمجتمع المسلمين وقاتل من أجلها الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضى اللع تعالى عنه وجدنا بدافع من ديننا أن نوضح مكانة هذه الفريضة فى دين الله ومدى أهميتها بالنسبة لمجتمع المسلمين .

ولم يكن هذا الدافع إلا حرصاً على إخواننا المسلمين الذين تجب فى أموالهم الزكاة , وهى حق الله الواجب الأداء والذى سيحاسبون عليه بين يديه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

وإننا بنشر هذا الكتاب الذى فيه توضيح لمكانة الزكاة وأهميتها والأموال والتى تجب فيها وصورها المستحدثة فى هذا العصر التى تجب فيهاالزكاة أيضاً ووجوه إنفاق الزكاة لمستحقيها كذلك نكون قد ساهمنا فى تجلية هذه الفريضة , سائلين الله عز وجل أن تقام هذه الفريضة كما كانت فى صدر الإسلام وعصوره الزاهرة , حتى تنعم الأمة برضوان الله لأنها قد فاءت إلى أمره واستجابت لندائه والله من وراء القصد وهو الهادى إلى أقوم طريق .

إبراهيم عبدالفتاح خليفة المحامى

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :

فلقد نشأت فكرة هذا الكتاب بعد أن كثرت لجان الزكاة التابعة لبنك ناصر الاجتماعى وفروعه خاصة فى محافظة القليوبية التى انتمى إليها.

وأيضاً مايثيره بعض الشباب المسلم عن أحكام الزكاة وصور الأموال التى تجب فيها , وعملت من الحوار والمناقشة أنهم بحاجة إلى كتاب مبسط فى هذا الموضوع يكون فيه الشفاء والاهتداء .

فقلت لهم بمشيئة الله وعونه سأحاول إصدار كتاب مبسط فى هذا الوضوع يكون له من محتوياته مع قلة صفحاته مايفى بالغرض المنشود.

وشاء الله عز وجل أن تظل الفكرة ماثلة إلى أن يسر الله لى أمر الكتابة , فكان هذا الكتاب بهذه الصورة المبسطة عساها أن تكون قد حازت القبول عند من أرادوا المعرفة بهذا الركن الإسلامى الهام .

ولقد حرصت كل الحرص على أن أعرض هذا الكتاب على إخوانى القراء بطريقة هينة لينة , ليس فيها تعصب لمذهب أو لرأى .

وإنما عرضت كل المسائل موضحاً المواقف والآراء المختلفة مرجحاً ما أراه أولى بالترجيح حتى أقدم شيئاً معلوماً مفهوماً , ولا أترك القارى فى حيرة بين تلك الآراء بل يكون على بينة وبصيرة .

كما حاولت إثبات جدولاً بأنواع الأموال التى تجب فيها الزكاة ونصاب ومقدار كل حتى يسهل على كل صاحب مال أن يخرج حق الله فيه .

واللهَ أسأل أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن أكون قد أديتُ بعض الواجب نحو إخوانى المسلمين .

عز العرب فؤاد
القاهرة فى الثلاثاء الموافق 14 من رجب 1406 هـ 25 من مارس 1986 م


الباب الأول: فى معنى الزكاة والأموال التى تجب فيها

الفصل الأول : في معني الزكاة

الزكاة لغة وشرعاً

الزكاة لغة : قال الوحدي أصل مادة زكا الزيادة والنماء يقال : زكا زرع يزكو زكاء وكل شئ أذداد فقد زكا وإذا وصف الأشخاص بالزكاة-بمعني الإصلاح – فذلك الي زيادة الخير فيهم .

زكي القاضي الشهود ، إذا بين زيادتهم في الخير .

وجاء في لسان العرب أن أصل الزكاة في اللغة : الطهارة والبركة والمدح ، وكله قد جاء ذكره في القرآن والسنة .

الزكاة شرعاً : توجد في كتب الفقه العديد من التعريفات المختلفة التعلقة بزكاة المال وتدور جميعها حول مفهوم واحد هو أنها : عليك جزء معين من مال إلي من يستحقه لتحقيق رضا الله وتزكية النفس والمال والمجتمع .

والزكاة الشرعية قد تسمي في لغة القرآن والسنة صدقة الأمر الذي جعل المارودي يقول : الصدق زكاة والزكاة صدقة يفترق الأسم ويتفق المسمي وقد جاء إطلاق أسم الصدقة علي الزكاة في القرآن والسنة . ففي القرآن (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) (1).

وفي السنة : (( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ،وليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة )) (2).

فالصدق هذه هي ليست التطوع علي الفقراء مثلاً ، وإنما هي دليل الصدق في الإيمان والتصديق بيوم الدين ولأمرٍ ما قال عليه الصلاة والسلام : (( الصدق برهان )) (3).

ومن التعريف السابق نجد أنه يتضمن المقومات الأساسية لزكاة المال وهي (4).

1. تعتبر زكاة المال نقل ملكية وليست منة أو فضلاً أو هبة م صاحب المال علي المستحق . ولا يجوز لمن نقل الملكية أن يعيد ملكيتها مرة آخري ممن نقلت إليه .

ونقل الملكية يترتب عليه قطع المنفعة عن المالك من كل وجه ، وهذا مصداقٌ لقوله تعالي في مواضع متعددة من القرآن : ( وآتوا الزكاة ) يعني تمليك الزكاة .

2. تتمثل زكاة المال في جزء معين معلوم من المال والذي يحدد وفقاً لقواعد معينة وهذه مصداق لقول الله سبحانة وتعالي في سورة المعارج : (والذين في أموالهم حق للسائل والمحرم ) (5) .

وقوله تعالي ( وفي أمولهم حق للسائل والمحروم ) (6) .

ولفظ حق في هذه الآيات يوضح أن زكاة المال فرض واجب الأداء ويمثل حقاً مستحقاً على صاحب المال .

3. يجب أن يتوافر فى مال الزكاة شروط معينة , ويعنى ذلك أنها لا تخضع كل الأموال للزكاة وتختلف هذه الشروط من مال إلى آخر حسب طبيعة هذا المال وطرق استثماره وتكلفة إنتاجها .

4. يجب أن يصل مقدار المال نصاباً معيناً فى معظم أنواع الزكاوات حتى يجب فيه زكاة المال تحقيقاً للعدالة الاجتماعية وتقريب الفوارق بين الطبقات ولضمان حد أدنى للكفاية .

5. توجه حصيلة زكاة المال إلى مصارف معينة محددة وفقاً لقوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) (7) .

6. تهدف زكاة المال إلى تحقيق العديد من الأغراض الخلقية والاجتماعية والاقتصادية من أهمها الامتثال لأمر الله الذى رزق الفرد هذا المال , وبذلك تطيب نفسه ويتطهر ماله كما أنها تساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية الاقتصاد .

وهذا مصداق قول الله عز وجل : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) (8) .


منزلة الزكاة فى الإسلام

الفقراء فيما قبل الإسلام : فى جميع الحضارات السابقة للإسلام كانت حالة الفقراء سيئة للغاية , ولقد سجل التاريخ نقطة سوداء فى جبين الإنسانية لهذه الفترة من الزمان .

ففى مصر القديمة على عهد الأسرة الثانية عشر باع الفقراء أنفسهم للأغنياء وساموهم الخسف وأذواقهم عذاب الهون .

و فى أثينا عاصمة الإغريق ((اليونان )) كان الأغنياء يتحكمون فى الفقراء إلى حد أنهم كانوا يبيعونهم بيع العبيد إذا ما كانوا يؤدون لهم ما كانوا يفرضونه عليهم من إتاوات .

وفي الإمبراطورية الرومانية والدولة الأروبية التي خلفتها أزدادت حالة الفقراء سوءاً فكانوا في جميع البلاد يباعون مع أراضيهم كالماشية .

ولقد دعت الأديان السماوية السابقة للإسلام الي البر بالفقراء الضعقاء وتعددت النصوص في ذلك . فيتحدث القرآن الكريم عن إبراهيم وإسحق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام فيقول : (( وجعاناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة إيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين )) (9) .

ويتحدث القرآن الكريم أيضا علي لسان عيسي عليه السلام : ( وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً ) (10) .

وأما في التوراة : (( من ىعطي الفقير لايحتاج ومن يحجب عنه عينيه عليه لعنات كثيرة )) (11) .

وفي الإنجيل : ((من له ثوبان فليعط من ليس له ، ومن له طعام فليفعل هكذا )) (12) ومثلها كثير . غير أن ذلك كله ما هو إلا ترغيب في الإحسان والعطف علي البؤاء والمحتاجين ،ظ ترهيب من الأنانية والبخل وذمهما .

كما أنه لم يتوفر فيها عنصري الإيجاب ولإلزام ، وليس فيها تحديد للمقادير ولا شروطها .

فلم يكن المقصود إذن علاجاً لمشاكل الفقراء وإنما كان الهدف هو محاولة التخفيف من بؤسهم وآلامهم . وهذا بلا شك يختلف تماماً عن علاج مشكلة الفقر فى الإسلام .

فالإسلام اهتم بعلاج الفقر ورعاية الفقراء وذوى الحاجات بما لانظير له فى أى ديانة سماوية سابقة ولا شريعة وضعية لاحقة سواء ماكان منها متعلق بجانب التربية والتوجيه أو بجانب التشريع والتنظيم او بجانب التطبيق والتنفيذ .

فرض الزكاة ومقاديرها 

فرضت الزكاة المطلقة بلا تحديد لمقاديرها في مكة كما اختار الشيخ يوسف القرضاوي ورجحه كثير من الأئمة (13) .

أما الزكاة ذات النصب والمقادير فلا يوجد دليل حاسم علي تعيين السنة التي وقع فيها هذا التحديد وإن كان من المقطوع به أنها فرضت في المدينة بعد الهجرة .

وفي حديث ضرام بن ثعلبة الذى وفدعلي رسول الله صلي الله عليه وسلم في السنة الخامسة للهجرة مايوضح أن الزكاة كانت مفروضة معروفة قبل قدومه كما ذكر الحافظ بن حجر ويراجع في ذلك باب السير في الروضة للإمام النووى .

وأيضاً حديث فرض صدقة الفقراء قبل الزكاة في مسند أحمد وابن خزيمة والنسائي وابن ماجة والحاكم وهو صحيح . وحديث ثعلبة وجزم عن طريقة ابن الأثير أن فرض الوكاة كان في السنة التاسعة من الهجرة . ولكن قال الحافظ في الفتح إن الحديث ضعيف لا يحتج به .

وحديث ضرام ابن ثعلبة وسؤاله للرسول صلي الله عليه وسلم وفيه إقرار الرسول صلي الله عليه وسلم بأخذ الصدقة ((الزكاة ))وكان قدوم ضرام سنة خمس كما خرج صاحب فتح الباري .

الزكاة الركن الثالث في الإسلام :

روي عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم الحديث المشهور : ((بني الإسلام علي خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من أسطاع إليه سبيلاً)).

وقد كان الاسول صلي الله عليه وسلم يكتفي بذكر بعض هذه الأركان دون بعض إلا الصلاة والزكاة فكانا دائماً في المقدمة يأمر بهما ويدعو إليهما .

من ذالك حديث ابن عباس في الصحيحين حينما بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم معاذاً إلي اليمن ووجهليه قوله : ((......... فإن هم أطاعوك في ذلك فاعلم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد علي فقرائهم .....)) .

وقد حذر القرآن الكريم وسنة النبي صلي الله عليه وسلم أشد التحزير من منع الزكاة . ويستدل علي ذلك بآيات الوعيد في القرآن الكريم لكانزي الذهب والفضة وأحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم مثل ما رواه مسلم عن صحيحه : ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها لا جعلت له يوم القيامة صفائح ثم أحمي عليها في نار جهنم فيكوى جبيه وجبهته وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتي يقضي بين الناس فيري سبيله .......)) .

وذلك بأضافة الي العقوبة الدنيوية التي وضحها رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله : ((مامنع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين ))(14) .

وقوله في حديث آخر : ((وما منعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا))(15) .

أما العقوبة الشرعية فهي قد حددها رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله : ((من أعطاها مؤتجراً فله أجره ، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا لا يحل لآل محمد منها شئ )) (16) .

ومما يدل علي أن الزكاة من دعائم الإسلام قتال أبي بكر للمرتدين ومنهم من منع الزكاة والقصة في لك مشهورة .

والزكاة هي من المعلوم من الدين بالضرورة لانتشار الإسلام وعلم ذلك بينالخاص والعام وثبوت فرضيتها بالآيات القرآنية والسنة الشريفة المتواترة وإجماع الأئمة .

ومن يعلم بوجوبها وهو جاحد لها فهو كافر .

فروق جوهرية بين الزكاة في الإسلام والأديان الأخرى :

بعد أن بيناً فريضة الزكاة ومنزلتها في دين الإسلام مستندين إلي الكتاب والسنة إجماع الأئمة نستطيع أن نسجل بعض الفروق الهامة حول هذه الفريضة التي تميزها عما دعت الديان السابقة من البر والإحسان إلي الفقراء والضعفاء :

1. ليست الزكاة إحساناً اختيارياً ولا صدقة تطوعية وإنما هي فريضة تتمتع بأعلي درجات الإلزام الخلقي والشرعي لدرجة الحكم بكفر من أنكر وجوبها .

2. ليس في الزكاة معني من معاني التفضيل والامتنان من الغني علي الفقير إذ هي حق معلوم النصاب والمقادير قرره مالك المال الحقيقي الله سبحانه وتعالي .

3. إن الدولة الإسلامية حملت مسؤلية جباية هذا الحق بالعد وتوزيعه علي المستحقين .

4. من حق الدولة أن تؤدب كل من يمتنع من أداء هذه الفريضة إلي حد أخذ شطر المال ومقاتلة أي فئة ذات شوكة تتمرد علي أداء هذه الفريضة .

5. إن الفرض مطالب عبادة أن يؤدي هذه الفريضة إن فرطت الدولة لسبب أو لآخر في المطالبة بها .

6. إن مهمت الزكاة في الإسلام هي أن تيسر للفقير عيشة طيبة وأن تقضي علي فقره وليست معونة وقتية للفقير يعود بعد أنتهائها فقيراً معدماً .

7. حدد الإسلام مصارف الزكاة ولم يتركها لأهواء الحكام أو الأفراد .

8. إن الزكاة مهمة روحية واجتماعية وسياسية ولهذا علي المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فضلاً عن الفقير والمسكين .

بهذا يمكن القول بأن الزكاة في الإسلام نظام جديد متميز يغاير ما جاءت به الأديان السابقة من وصايا ومواعظ ترغب في البر والإحسان وتحذر من البخل والإمساك ، كما أنها شئ يخالف الضرائب والمكوس التي كان يجيبها الملوك والأباطرة ، وكانت كثيراً ما تؤخذ من الفقراء لترد إلي الأغنياء وتنفق في مظاهر الترف وأبهة الحكام وإرضاء أقاربهم وأنصارهم وحماية سلطانهم من الزوال .


الفصل الثاني : في وجوب الزكاة

بالنسبة لغير المسلم

أجمع علماء الإسلام علي ان الزكاة تجب على البالغ العاقل الحر المالك لنصابها المخصوص بشرائطه , كما تجب فى مال الصبى وامجنون وإن كان فى ذلك خلاف والمختار أنه يجب فى مالهما الزكاة كما سيأتى بيانه بمشية الله تعالى .

واتفق الجميع من علماء الأمة على أن فريضة الزكاة لاتجب على غير المسلم بمعنى ان المطالبة فى الدنيا والثواب أو العقاب فى الآخرة , لأن المطالبة بالفرائض فى الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام ولأن الزكاة أحد أركان الإسلام فلم تجب على كافر كالصلاة والصيام.

بالنسبة للمرتد 

أما بالنسبة للمرتد فإنها لا تسقط عنه بالردة لأن الزكاة حق ثبت وجوبه فلم يسقط بردته وخالف فى ذلك أبو حنيفة ولكن فى فترة الردة هل تجب فيها زكاة إذا عاد للإسلام ؟ فى ذلك خلاف . والمختار أنها تجب لأنها حق للفقراء والمستحقين فلا تسقط .

هل يؤخذ مقدار الزكاة من غير المسلمين كضريبة اجتماعية ؟

للإجابة على ذلك فإن الأمر يحتاج إلى اجتهاد جماعى من علماء الأمة اليوم .

ولقد اجتهد الشيخ يوسف القرضاوي كواحد من العلماء (17) فاتحاً الطريق نحو اجتهاد جماعى . والمسألة يمكن تكيفها كالآتى :

1. إن غير المسلمين يدفعون الجزية للدولة الإسلامية وانكسار شوكة أهل الذمة .

فهل يمكن فى حال الخوف من نفورهم واللحاق بأعداء المسلمين , وهل يمكن والحالة بأعداء المسلمين , وهل يمكن والحالة هذه أن يسقط ذلك الاسم (( الجزية )) عنهم مع استيفاء حقوق المسلمين ؟

واجواب أن فيما رواه المؤخرون والمحدثون وفقهاء الإسلام عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى موقفه من نصارى بنى تغلب (18) بيعطى رخصة فى هذا الأمر .

ذلك أنهم أنفوا ورفضوا أن تفرض عليهم جزية مثل العجم وخاف عمر من شقاقهم واللحاق بالروم فيكونون ظهراً لهم على المسلمين , ففرض عليهم ضعف الجزية باسم الصدقة وقال لهم : سموها ماش~تم .

وفى هذا يقول أبو عبيد فى كتابه الأموال : ((غكانت فعلته هذه من تلك الأقران التى تعد فى كثير من محاسنه التى لانحصى )) .

وظاهر أنه لا يشترط فى ذلك التضعيف وإنما مرجع ذلك إلى السياسة الشرعية للدولة الإسلامية حسب الظروف والمناسبات .

2. إن وجوب الزكاة فى حق المسلمين واجب دينى يطالب به فى الدنيا ويثاب عنه ويعاقب عليه فى الآخرة .

أما فى حق غير المسلم فهو وجوب من باب الساسة الشرعية . وقد بوب ابن رشد فى ذلك (( باب الزكاة على أهل الذمة )) . وجاء فيه خبر نصاري ابن تغلب . وقال بهذا القول الشافعي وأبو حنيفة وأحمد والثوري .

3. أخرج محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أن أرض المسلم العشرية

إذا بيعت إلي ذمي وجب علية العشر، والعشر زكاة .

4. روي عن عمر وبعض التابعين جواز صرف الزكاة إلي أهل الذمة ، فبجواز الصرف إليهم لا يمنع أن تؤخذ منهم ، فإذا ثبت هذا فيجب بعد ذلك أن تميز عن الزكاة الإسلامية حتي لا يكون في ذلك حرج بالنسبة لهم فتسمي باسم آخر ولتكن ضريبة التكافل الاجتماعي بأعتبارهم جزء من المجتمع الإسلامي .

الزكاة في مال الصبي والمجنون 

اختلف في زكاة مال الصبي والمجنون ويمكن حصر الاختلاف في فريقين:

الأول : لايرى وجوب الزكاة في مالهما مطلقاً او في بعض الأموال .

الثاني : يرى وجوب الزكاة في أموالهما جميعاً ، مثل عطاء وجابر بن زيد وطاوس ومجاهد والزهري وعمر وابنه وعلي وعائشة رضي الله عنهم جميعاً.

وأما القائلون بعدم الوجوب في بعض الأموال والوجوب في البعض الآخر فمثل الحسن : قال : ليس في مال اليتيم زكاة إلا في زرع أو ضرع ، وابن شبرمة وله مثل قول الحسن . ومجاهد قال : كل مال لليتيم ينمى وما كان من صامت لا يحرك اي لا يستثمر فلا زكاة فيه حتي يدفع اليه بعد رشده .

وقاس اللخمي المال المتروك للصبي أو المجنون علي المال المدفون الذي ضل عنه صاحبه ثم وجده في عدم وجوب الزكاة في الثاني فقاس عليه الأول ولا يسلم له لأن الأول عدم نماء من جهة بسبب المال ، فاختلفت العلة فبطل القياس .

وذهب أبو حنيفة إلي أن الزكاة في زرعه و ثماره دون بقية أمواله .

وحكى مثل ذلك عن زيد بن علي وجعفر الصادق .

أدلة الفريق الأول :

ادلة الفريق لا تنهض حجة وهي كما يلى مع الرد عليها :

1. قوله تعالي : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) فقالوا أن التطهير لا يكون إلا بإزالة الذنوب ولا ذنب علي الصبي والمجنون وليس بحجة ، فإن التطهير والتزكية ليست خاصة بالذنوب ، بل تشمل تربية الخلق وتنمية النفس علي الفضائل وتشمل التطهير للمال .

وإن سلمنا بأن الأية خاصة بما فسروها به ، فإن هذا ليس شرطاً في الزكاة ولا سبباً وحيداً لها ، ولكن لها سبب آخر هو سد خلة الإسلام والمسلمين والصبي والمجنون من جملتهم .

2. واستدالوا بحديث : (( رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتي يستيقظ وعن المجنون حتي يفيق وعن الصبي حتي يبلغ الحلم )) .

وهو استدلال في غير موضعه ، فلم يقل أحد أن الصبي والمجنون آثمان إذا لم يخرج من مالهم زكاة ،ولا تجب الزكاة بل تجب في مالهما ويطالب بها وليها .

3. استدالوا بأن الزكاة عبادة كالصلاة والعبادة تحتاج إلي نية وليس عند الصبي والمجنون نية فسقطت عنهما مثل الصلاة والصوم وهذا صحيح ، ولكن الزكاة لها شك تبعدي اجتماع مالي ، تجري فبها النيابة فتتأدي بأداء الوكيل ، كما يؤدي وكيل الصبي والمجنون حقوق الزوجات وذوي القربي فلم لا يؤدي حق المسكين وابن السبيل ؟

4. وهذا بخلاف العبادات البدنية والتعبدية المحضة فلا يجوز فيها توكيل وأناية .

أدلة الفريق الثاني :

1. عموم النصوص التي أوجبت الزكاة ليس فيها استثناء للصبي والمجنون ، مثل قوله تعالي : ( خذ من أموالهم صدقة ) والحديث : (( ابتغوا في مال اليتم لا تذهبها الصدقة )) وإسناده صحيح كما قال البيهقي والنووي . والصدقة هي الزكاة .

2. ما رواه الطبرني في الأوسد عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :((اتجروا في أموال اليتامي لا تأكلها الصدقة)).

قال السيوطي صحيح . وقال الحافظ زين الدين العراقي صحيح .

ووجه الاستدالال في هذة الأحاديث أن الذي يأكل مال اليتيم هو إخراج الزكاة ، وإخراجها لا يجوز إلا أن تكون واجبة لإنه لايجوز للولي أن يتبرع بمال الصبي والمجنون أويتصدق به صدقة غير واجبة.

3. صح عن الصحابة إيجاب الزكاة في مال الصبي عن عمر وعلي وعبدالله بن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله ، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة رضي الله عنهم إلا رواية ضعيفة عن ابن العباس لا يحتج بها .

كما عن علي كرم الله أنه كان يزكي أموال بني أبي رافع وهم أيتام .

والتفريق بين أنواع المال باطلة لعدم وجود نص لم يدل عليها وحكم ببطلانها ابن حزم وابن رشد فهي تحكم بغير دليل .

ولا فرق في قول الرسول صلي الله عليه وسلم (( فيما سقط السماء العشر )) . وقوله : ((وفي الرق ربع العشر)) .

ونلخص من ذك بأن مال الصبي والمجنون تجب فيه الزكاة لأنها حق يتعلق بالمال فلا استثناء من نقود أو أى نوع من أنواع المال التي تجب فيها الزكاة .

ويطالب ولى الصبي والمجنون بأخراج الزكاة عنهما .


الفصل الثالث: الأموال التي تجب فيها الزكاة

معني المال لغة وشرعاً :

في اللغة : في لسان العرب والمعاجم الغوية بوجه عام هو ما ملكته من جميع الأشياء . وذكر ابن الأثير أن المال في الأصل هو ما يملك من الذهب والفضة ثم أطلقه علي كل ما يمتلك ويقتني من الأعيان .

في الشرع : كل ما يمكن صيانته والأنتفاع به علي وجه معتاد (19) وهو خاص بالأعيان فخرج منه تمليك المنافع سواء أمكن حيازة أصلها ومصدرها مثل سكن المنازل وركوب السيارات ولبس الثياب فلا تعد مالاً خلافاً للشافعية ، أو لم يمكن حيازة أصلها ومصدرها كضوء الشمس وحرارتها .

ولم يحدد القرآن الأموال التي تجب فيها الزكاة تفصيلاً وترك ذلك للسنة القولية والعملية .

لكن الله سبحانه وتعالي نبه علي أنواع من الأموال طالباً أداء حق الله فيها إجمالاً وهي :

1. الذهب والفضة : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) (20) .

2. الزرع والثمار : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) (21) .

3. الكسب من التجارة وغيرها : ( أنفقوا من طيبات ما كسبتم ) (22) .

4. الخارج من الأرض من معدن وغيره : (ومما أخرجنا لكم من الأرض) (23) .

ثم عبر القرآن الكريم عما تجب فيه الزكاة بعد ذلك بكلمة عامة تجمع كل الأموال بقوله تعالي : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم .....) (24) .

وبقوله تعالي : ( وفي أموالهم حق معلوم ) (25) .

شروط المال الذي تجب فيه الزكاة :

هي الإجماع كما يلي :

1. الملك التام .

2. إمكان النماء .

3. بلوغ النصاب أي المقدار الواجب فيه الزكاه كحد أدني .

4. الفضل عن الحوائج الأصلية أي الزيادة عنها .

5. السلامة من الدين أي خلو المال من الدين .

6. حولان الحول أي مضي عام كامل .

وتفصيل ذلك :

1. الملك التام :

ويقصد بها الحيازة والاستيلاء علي الشئ بوسيلة من الوسائل المشروعة من عمل أو عقد أو ميراث أو غيرها .

ومعني تمام الملك : هة أن يكون المال بيده – أي متمكنا منه أو في حكم المتمكن منه ولم يتعلق حق غيره ، وأن يتصرف فيه باختياره وأن تكون فوائد حاصلة له (26) أي أن يكون المال مملوكاً له رقبة ويداً (27) .

الدليل :

1- إضافة الأموال إلي أصحابها في القرآن والسنة مثل قوله تعالي : (خذ من أموالهم ) وحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى معاذ : (( إن الله فرض عليهم فى أموالهم )) . ولا تكون أموالهم إلا إذا كانو يملكونها بحيث تختص بهم ويمتازون على غيرهم بحق الانتفاع بها .

2- إن الزكاة تمليك للمستحقين لها ، التمليك فرع عن الملك ، فكيف يملك الإنسان غيره شياء لايملكه هو ؟

وينبني عل ذلك أنه لا تجب الزكاة على المشترى فيمااشتراه للتجارة قبل القبض لعدم تمكنه من وضع يده ،ولافى المغصوب ولافى المال غيرالمستثمر إذاعادالى صاحبه حتى يستقبل له الحول،ولافى الرهن إذاكان فى يد المرتهن لعدم اليد عليه .

والخلاصة : إذا لم يكن المال متمكنا منه ولا مرجواُ لم تجب فيه الزكاة .

ما حكم المال الذى ليس له مالك معين ؟

كل ما يملك ملكية عامة مثل أموال الدولة التى تجمعها لا زكاة فيه , فلا تجب فى مال فئ ولا فى خمس غنيمة وذلك لعدم المالك الحقيقى المعين .

أما الأرض الموقوفة فهى كالآتى :

إما موقوفة على معين سواء واحد أو جماعة , والأصح تجب فيها الزكاة ، وكونه لايملك التصرف في رقبة الموقوف عليه يملكه ملكاً مستقراً فأشبه غير الموقوف (28) . وإما موقوفة على جهة علمية كالمدارس والمستشفيات أو المجاهدين ، والصحيح أن لا زكاة فيه . ومن الفقهاء من أوجب الزكاة في كل موقوف سواء خاص أم عام وهذ رأي لايستقيم ، كما قال الشيخ يوسف القرضاوي .

ما حكم المال الحرام ؟

أى مال حازه صاحبه بطريق غير مشروع كالسرقة والغصب ... إلخ وأكثر أموال امراء الجوروالسلاطين لا تجوز فيه الزكاة لأنه ليس ملكا لهم.

والدليل : هوالحديث الذي رواه مسلم :((لا يقبل الله صدقة في غلول )) . ولذا يجب رده الي أصحابه إن وجدوا أو تصدق به كله خروجا من الإثم .

وخلف أبو حنيفة ومعه ابن القاسم من أصحاب مالك بقوله : من غصب مالاً وخلاطة بماله فهو يملكه بهذا الخلط ويضمنه لأربابه وعليه أن يزكيه ولا يستقيم هذا الرأي لأنه مدين بمثل ما غصب . والمال المشغول بالدين لايصلح لوجوب الزكاة فيه . ومن أجل ذلك أمر علماء المسلمين أمراء الجور الذين عليهم حقوق الله مثل كفارة اليمين بالصيام ثلاثة أيام دون أطعام مسكين أو فك رقبة لأنهم فقراء غارمون في حقيقه الأمر ، ثم لا يجوز لهم التصدق مع فقرهم أو غرمهم لظلمهم (29) .

ما حكم زكاة الدين ؟

لا يزكيه الطرفان :الدائن والمدين للازدواج ,وذهب فريق منهم ابن حزم إلى إعفاء كليهما سواء أكان الدين مرجواَ أو غير مرجو استناداَ إلى قول عائشة رضى الله عنها : ((ليس فى الدين زكاة )) باعتبار أن ملك كل منهما غير تام وهو كما سبق شرط فى أداء الزكاة أما الجمهور ففصل فى القضية على النحو التالى :

1_ الدين المرجو الأداء :

وحكمه إخراج الزكاة مع ماله الحاضر وهذا هو مذهب عمر وعثمان وابن عمر وجابر بن عبد الله وجابر بن زيد ومجاهد وإبراهيم النخعى وميمون . أما مالك فقال :يزكى عند قبضه لسنة واحدة ,وذلك لفقد شرط النماء .والمختار الأول لكونه بمنزلة ما فى يده (30). ووافق مالك مخالفيه فى الدين المرجو للتاجر المدين فإنه يحسبها ويزكيها مع كل ماله فى كل عام .

2- الدين غير المرجو الأداء :

وفيه مذاهب ثلاثة :

‌أ- يزكى عند القبض لما مضى من السنين وهو مذهب على ابن عباس وابن عبيد , ولا يستقيم لأنه لا يد لصاحبه عليه وإن بقى على أصل ملكه فهو ناقص , والزكاة إنما نجب فى الملك التام .

‌ب- يزكى عند القبض لسنة واحدة وهو مذهب الحسن وعمر بن عبدالعزيز ومذهب مالك فى الديون كلها .

‌ج- لا زكاة مطلقاً بالنسبة لما مضى من السنين أو لسنة واحدة ويستقبل الحول وهو قول أبى حنيفة فهو مثل المال الضمان أى الغير مقدور على الأنتفاع به لعلة فيه وليس فى المال . والمال الضمان كالمال المستفاد فلا يزكى لما مضى من السنين .

والمختار : هو القول الثانى أى التزكية عند القبض لسنة واحدة لكونه مالاً مستقاداً فيزكى عند قبضه لسنه واحدة .

مكافآت الموظفين ومدخراتهم :

إن كانت منحة أو هبة فلا يتم ملكها إلا عند القبض فهى مال مستفاد فتزكى لسنة واحدة إذا بلغت نصاباً .

وإن كانت حقاً للموظف لا تملك الدولة أن تلغيه فحكمه حكم الدين المرجو على المختار فيزكى عند قبضه لسنة واحدة .

2. النماء :

معناه أن يكون المال فى نفسه ما من شأنه أن ينمى أى قابلاً للنماء , ومعنى النماء أن يدر على صاحبه ربحاً أو دخلاً أو غلة أو إيراداً , أو يكون هو فى نفسه نماء أى فضلاً وزيادة وإيراداً جديداً .

وهذا ماقرره فقهاء الإسلام وبينوا حكمته فى وضوح ودقة . والنماء فى اللغة الزيادة . وفى الشرع نوعان حقيقى وتقديرى .

فالحقيقى : هو الزيادة بالتواد والتناسل والتجارة ونحوها .

والتقديرى : تمكنه من الزيادة بأن يكون المال القابل لذلك فى يده أو يد نائبه .

الدليل :

1. عدم إيجاب النبى صلى الله عليه وسلم الزكاة فى الأموال المقتناة للاستعمال الشخصى كما فى الحديث الصحيح : (( ليس على المسلم فى فرسه ولا عبده صدقة )) . (31)

قال النووى : هذا الحديث أصل فى أن الأموال القنية لا زكاة فيها .

2. اتفاق جمهورالأمة على أن العلة فى إيجاب الزكاة فى الأموال المزكاة هو نماؤها بالفعل مثل الأنعام أو بالقوة (( الإمكان )) ولذلك لا يجب فى المقتنى لأنه لم يقصد به التنمية ومثله المغصوب .

ماحكم المال المعجوز عن تنميته ؟

العجز عن تنمية المال نوعان :

عجز من جهة المال نفسه وعجز من جهة صاحب المال .

فإن كان معجوزاً عن تنمية من جهة المال نفسه كأن يكون مغصوباً ولا بيٍنة له أو ديناً لا يرجى وفاؤه أو مدفوناً نسى مكانه أو نحو ذلك , فهذا لا زكاة فيه حتى يقبض .

وإن كان معجوزاً عن تنميته من جهة رب المال فلا اعتبار ويزكى فى كل حول لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يلوم على العجز )) (( أبو داود من حديث عوف بن مالك ))

هل كل مال نامِ وعاء للزكاة ؟

انقسم العلماء فى ذلك إلى فريقين :

الأول : قال فريق من العلماء منهم ابن حزم وغيره بحصر الأموال المزكاة فى الأصناف التى أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط , ووافقهم الشكوانى وصديق حسن خان من أنه لا زكاة عندهم فى عروض التجارة ولا فى الزبيب فلم يثبت فيه عند ابن حزم حديث صحيح .

وحجتهم فى ذلك هى :

1. صرف مال المسلم ثبت بالنصوص فلا يؤخذ منها إلا بنص .

2. الزكاة تكليف شرعى لا قياس فيها حتى لانشرع فى دين الله مالم يأذن به الله .

واسقط الشيخ يوسف حجتهم بقوله :

1. إننا لانعارض فى حرمة أموال المسلم , ولكننا نرى أن حق الله هو حق الجماعة وحق ذوى الحاجة ثابت أيضاً بالنصوص .

وقد أيد ابن حزم ذلك فأوجب فى المال حقوقاً سوى الزكاة وجعل من حق الفقير أن يقاتل من أجل ذلك .

والأولى تستوفى حقوق الزكاة أولاً من الأموال ثم إذا بقيت حاجة لم تسد رجعنا إلى حقوق الأخرى فى المال سوى الزكاة .

2. إن القياس أصل من أصول الشريعة الإسلامية عند جمهور علماء الأمة , والزكاة لها شق تعبدى وآخر اجتماعى , والشريعة لا تفرق بين متماثلين كما لا تجمع بين مختلفين . فالقياس هنا من الشرع .

3. عموميات القرآن والسنة تثبت أن فى كل مال حقاً أو صدقة أو زكاة , وقد مر فلم تجز الاستثناءات من هذه الأموال إلا بدليل ولا دليل .

4. لا يستقيم أن يكون الغرض من الزكاة هو سد خلة المسلمين وتوجب هذه الزكاة فى أربعين من غنم أو خمس من إبل ... إلخ وتترك فى باقى عظائم الأموال التى تحدث فى كل عصر مثل المصانع الآن والعمارات ووسائل النقل الخاصة التى يمتلكها الأفراد على نطاق واسع ... إلخ .

فوجب القول بما قاله الفريق الثانى وهو أخذ الزكاة من كافة الأموال النامية بشروطها (32) .

وقد ذهب هذا المذهب أيضاً فريق من العلماء المعاصرين (33) .

3. بلوغ النصاب :

فرض الإسلام الزكاة فى المال الذى يبلغ مقدار محدداً يسمى النصاب فى لغة الفقه . فقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مادون الخمس من الإبل ولأربعين من الغنم ، فليس فيها زكاة ، وكذلك ما دون مائتي درهم من الفضة (( الوَرٍق)) ، وما دون خمسة أوسق من الحبوب والثمار والحاصلات الزراعية .

وسيأتي الكلام عن الأنصة مفصلاً في موضوعه في الفصول القادمة .

4. الفضل عن الحوائج الأصلية :

هو ما يدفع الهلاك عن الناس كالنفقة ودور السكني وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر والبرد ، أوتقدير كالدين يحتاج إلي قضائه بما في النصاب ليدفع عن نفسه الحبس الذي هو كالهلاك وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب أو السيارات الخاصة وكتب العلم لأهلها فإن الجهل كالهلاك بالنسبة لطلاب العلم ، فإذا كانت هناك أموال تصرف في تلك الحوائج صارت كالمعدومة ، كما أن الماء المستحق بصرفه إلي العطن كان كالمعدوم وجاز عنه التيمم (34)

ويرى السيخ يوسف أن الحاجات الأصلية للإنسان قد تتغير وتتطور بتغير الأزمان والأحوال ، والأولي أن تترك لتقدير أهل الرأي واجتهاد أولي الأمر في كل عصر (35) .

وحجتهم في ذلك هو قول الرسول صلي الله عليه وسلم عن أبي هريرة في مسند الإمام أحمد ورواه البخاري معلقا ً : ((إنما الصدقة عن ظهرغني)) وفي رواية ((لاصدقة إلا عن ظهرغني)) .

وقول الله عز وجل : ((ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو))(36) قال ابن عباس : العفو ما يتفضل عن أهلك . وقال غيره : هو الفضل .

5. السلامة من الدين :

اختلفت نظرة الفقهاء إلي تكييف الزكاة ، هل هي حق العباد أم هي حق الله ؟ فمن رأي أنها حق العباد قال إنه لا زكاة في مال من عليه الدين ، لأن صاحب الدين متقدم بالزمان علي حق المساكين .

ومن رأي أنها حق الله قال : تجب الزكاة لأنه تعارض حقان : حق الله ، وحق الآدمي فقدم حق الله (37) .

والرأي الأول هو الأولي بالأتباع لأنه الأصوب الذي كثرت أدلته من الشرع ولا عبرة بالأموال الظاهرة أو الباطنة من نقود وعروض تجارة ....إلخ .

قال ابن رشد : والأشبه بغرض الشرع إسقاط الزكاة عن المدين(38) .

وهذا ما يتفق ونصوصه الشرعية وروحها زمبادئها العامة بلنسة للأموال ظاهرة وباطنة .
وهذا أيضاً هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الدين يمنع وجوب الزكاة ، في الأموال الباطنة مثل النقود وعروض التجارة .

أما الأموال الظاهرة مثل الزروع والمواشي فذهب بعض الفقهاء إلي أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة فيها .

واختار أبو عبيد : أن الدين إذا علمت صحته يسقط الزكاة عن صاحب الزرع والماشية اتباعاً لسنة الرسول الذي أمر أن تؤخذ الزكاة من الأغنياء لترد علي الفقراء . والمدين من أهل الزكاة لأنة من الغارمين كما تنص الآية التي تحدد وتبين مصارف الزكاة ((إنما الصدقات .... )) إلخ .

6. حولان الحول:

ومعناه أن يمر علي المال في يد مالكه اثنا عشر شهراً تقريباً وهذا الشرط بالنسبة للأنعام والنقود وعروض التجارة وما في حكمها ويمكن تسميه بزكاة رأس المال .

أما الزروع والثمار والعسل والمستخرج من الأرض مثل المعادن والكنوز فلا يشترط حولان الحول وإنما تزكي عند استفادتها ويمكن تسميته بزكاة الدخول .

وشرط حولان الحول هو ما ثبت عن الخلفاء الراشيدين الأربعة وانتشر في الصحابة رضي الله عنهم فلا يجوز إلا عن توقيف .

وإيضاً ما روي مرفوعاً عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم: (( لازكاة في مال حتي يحول عليه الحول ))

وهذا بالنسبة لزكاة رأس المال كما قدمنا .

وأما بالنسبة لزكاة الدخول أي بالنسبة للمال المستفاد فإليك الآتي :

أولا : إن كان المال الحولي المستفاد نماء لمال عنده وجبت الزكاة فيضم لما عنده من أصله ويزكي الجميع قي ميعاد الأصل بلا خلاف .

وإن كان المال الذي عنده قد مر بعض الحول فإن المال المستفاد يضم إلي ما عنده من أصله ويزكي عند تمام الحول للمال الذي كان عنده ، وهذا ما قال به أبو حنيفة.

وما قاله أبو حنيفة فهو الأيسر وهو ما نرجحه قال تعالي : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) .

ثانياً : أما إن كان المال الحوالي المستفاد من غير جنس ما عنده فلا يضم إليه . فأن بلغ نصاباً زكي في الحال وهو قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما .

زكاة الثروة الحيوانية :

تعتبر الثروة الحيوانية في صدر الإسلام من أهم الثروات التي كانت معروفة في ذلك الوقت . وكان من أكثرها شيوعاً الإِبل والبقر والغنم وكان يطلق عليها الأنعام أو الماشية .

وتعتبر الأنعام من أعظم مخلوقات الله التي سخرها لعباده قال تعالي : ( أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون* وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون * ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون) (39) .

أنواع الأنعام الواجب فيها الزكاة :

تنقسم الأنعام وفقاً لذلك إلي ما يلي :

1. أنعام تقتني لغرض إشباع الحاجات الأصلية لمالكها مثل ما يستخدم في الحرث والنقل وهي معفاة بنص حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( ليس علي المسلم في عبده أو فرسه صدقه )) (40) .

2. أنعام تقتني لغرض تحقيق الإيراد والنماء مثل التي تكري أو تسمن أو لإنتاج الألبان وهي معلوفة وتجب فيها الزكاة باعتبارها من المستغلات بواقع 10 % من صافي الإيراد وليس من رأس المال كعروض التجارة .

3. أنعام سائمة معظم ايام العام وتقتني لغرض النماء تجب فيها الزكاة علي ذات الأموال المستثمرة في الأنعام .

ويشترط فيها حولان الحول أي مضي عام كامل . والزكاة في الأنعام نسبية فهي في الإبل والبقر تبلغ 2.5 % من رأس المال بينما تبلغ في الغنم والماعز حوالي 1 % وسنعود لبيان ذلك في جدوال خاص ، كما يشترط فيها النصاب فلا زكاة فيها .

وتؤدي البزكاة الأصل عيناً رولا يجوز إخرج الزكاة ما يعادلها نقداً إلا لعذر وتقوم حسبالقيمة السوقية أي السعر الساري وقتئذ . وهذا مصداق لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم لمعاذ عندما بعثه إلي اليمن : ((خذ الحب من الحب ، والشاة من الغنم ، والبعير من الإبل ، والبقرة من البقر )) (41) .

وتؤخذ الزكاة من وسط المال ، فلا يجب أن توخذ المعيبة لأن ذلك ينقص من قيمتها . فقد جاء في الحديث الشريف ((ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان : من عبد الله وحده ، وأن لا إله إلا هو ، وأعطي زكاة ماله طيبة بها نفسه ، رافدة عليه كل عام . ولا يعطي الهرمة والدرمة ولا المريضة ولا الشرط ولا اللئيمة ولكن من وسط أموالكم فإن الله يسألكم خيره ، ولم يأمر كم بشره )) (42) .

واتفق معظم فقهاء الإسلام علي أن زكاة الأنعام تجب في كافة الأنعام سواء ما كان منها معروفاً في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم أو التي عرفت بعد ذلك لأن ما ذكر في الأحاديث من أنواع الحيوان كان علي سبيل المثال وليس الحصر ، وعلي ذلك فإنها تجب في الإبل والبقر والجاموس والغنم والماعز .

الخلاصة : أن النوع الأول وهو المستخدم في مساعدة صاحبها في العمل لا زكاة فيها وأن النوع الثاني وهو الأنعام المعلوفة بهدف التسمين إنتاج الألبان أو الكراء يقع في نطاق زكاة المستغلات .

وأما النوع الثالث فهو الذي تجب فيه الزكاة بالنسب المقررة في كل بحسب كل صنف .

نصاب زكاة الأنعام :

قسم فقهاء الإسلام الأنعام إلي مجموعات وحدد لكل مجموعة نصاباً وذلك علي النحو التالى :

أولاً : الإبل : خمسة , ليس فيما دون خمسة إبل زكاة . وهى ما كانت تعادل 200 درهماً من الفضة في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم .

ثانياً : الغنم : وما في حكمها : أربعون , أى ليس فيما دون أربعين شاة زكاة .

ثالثاً : البقر : وما حكمها : لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث يوضح نصاب البقر , ولقد اختلف الفقهاء في ذلك علي النحو التالى :

أ. الرأى الأول : ليس فيما دون ثلاثين بقرة زكاة , وهذا هو المشهور .

ب. الرأى الثانى : ليس فيما دون خمسين بقرة زكاة وهذا هو رأى الإمام الطبرى .

ج. الرأى الثالث : مثل نصاب الإبل وهو رأى المسيب والزهرى والرأى الأول هو الذى يرجحه الفقهاء المعاصرون وهو المختار عندنا (43) .

رابعا : بقية الأنعام : يمكن بالقياس علي ما يماثلها في الأنواع الثلاثة الرئيسية السابقة ، فمثلاً يقاس الماعز علي الغنم والجاموس علي البقر وهكذا .

ملاحظة : لا يؤخذ نصاب الزكاة من صغار الأنعام ، فإن كان النصاب تاماً من الكبار فالصغار تحسب ويخرج عنها من الكبار .

مقادير زكاة الأنعام

تختلف مقادير زكاة الأنعام من نوع إلى آخر , وفيما يلى المقادير التى اتفق عليها معظم الفقهاء :

أولاً: مقادير زكاة الإبل :

لاشئ حتى تبلغ خمساً , فإذا بلغت خمساً سائمة وحال عليها الحول ففيها شاة . فإذا بلغت عشراً ففيها شاتان , وهكذا كلما زادت خمساً زادت شاة . فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض وهى أنثى الإبل التى لها سنة ودخلت فى الثانية فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها ابنة لبون (( أنثى الإبل التى لها سنتان ودخلت فى الثالثة )) .

وفى ست وأربعين حقه وهى أنثى الإبل التى لها ثلاث سنين ودخلت فى الرابعة . وفى إحدى وستين جذعة وهى أنثى الإبل التى لها أربع سنين ودخلت فى الخامسة , وفى ست وسبعين بنتاً لبون وإحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين , فإذا زادت ففى كل أربعين ابنة لبون وفى كل خمسين حقه .

ثانياً: مقادير زكاة البقر :

لازكاة فى البقر حتى تبلغ الثلاثين سائمة وحال عليها الحول ففيها تبيع او تبيعة وهو ماله سنة ولا شئ فيها حتى تبلغ اربعين , فإذا بلغت أربعين ففيها تبيعان , وفى السبعين مسنة وتبيع . وفى الثمانين مسنتان وفى التسعين ثلاث أتباع , وفى المائة مسنة وتبيعان , وفى المائة وعشرة مسنتان وتبيع , وفى العشرين والمائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع , وهكذا ففى كل ثلاثين تبيعة وفى كل أربعين مسنة .

ثالثاً: مقادير زكاة الغنم :

لا زكاة فى الغنم حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين سائمة وحال عليها الحول ففيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتان إلى مائتين , فإذا بلغت مائتين وواحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة . فإذا زادت على ثلاثمائة ففى كل مائة شاة . ويؤخذ الجذع من الضأن والثني من الماعز وهو ما دخل في الثانية . وهكذا . ويجوز إخراج من الذكور إذا كان نصاب الغنم كله من الذكور ، فإذا كان إناثاً أوجاز إخراج الذكور عند الأحناف وتعينت الأنثي عند عداهم ولقد حدد فقهاء المسلمين نصاباً ومقادير معينة لكل متشابهة من الأنعام علي النحو الموضح سابقاً .

رابعاً: مقادير زكاة الخيل :

اتفق الفقهاء علي أن خيل الركوب والحمل والجهاد لا زكاة فيها كما اتفقوا علي أن الخيل للتجارة تجب فيها الزكاة سواء كانت سائمة أم معلوفة . ولكنهم اختلفوا في الخيل السائمة للنماء والنسل ، فيري الجمهور عدم وجوب الزكاة فيها خلافاً لأبي حنيفة إذ يري وجوب الزكاة فيها ودليله ما يلي :

1. ما رواه البخاري وأحمد ومسلم عن أبي هريرة : (( الخيل لرجل أجر ولجر ستر ولرجل وزر .

فإن الذي له أجر فرجل رابطها في سبيل الله فهي لذلك أجر ورجل ربطها تغنياً وتعففاً لم ينس حق الله في ربطها في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر ورجل ربطها فخراً ورياً ونواء لأهل الإسلام فهي علي ذلك (44) . ووجه الدلالة في الحديث : أن الرقاب هو الزكاة وحق الظهور هو إعارتها .

2. ما أخرجه الدارقطني والبيهقي عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم في في كل سائمة دينار أو عشرة دراهم .

3. القياس علي الإبل .

4. ما جاء عن الصحابة : روي الدارقطني بغسناد صحيح إلي السائب بن زيد قال : رأيت أبي يقوم الخيل ويدفع صدقتها إلي عمر بن الخطاب (45) .

5. قال عمر ليعلي بن أمية : (( خذ من كل فرس ديناراً وذلك عندما رأي علو سعرها في اليمن وأن الفرس يباع هناك بمائة ناقة شابة . فقال أتأخذ من أربعين شاه ولا تأخذ من الخيل فجعل علي كل فرس ديناراً ويري الشيخ يوسف أن الأمر مفوض في زكاة الخيل إلي أئمة العدل من بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم علي ما تقضيه المصلحة العامة يجاباً أو عفواً فإذا كانت أهم وأعظم من ثروة الإبل ، فمن حقه بل من الواجب أخذ زكاتها حتي لا يفرق بين الأغنياء . وهذا هو التفسير المقبول لأخذ عمر الزكاة فيها إن صح أن النبي صلي الله عليه وسلم عفا عنها ، ربما لأن الحاجة كانت ماسة إليها في ذلك العصر للجهاد والرباط وربما لأنها لم تكن ثروة منتشرة في بلاد العرب .

ولم يحدد أبو حنيفة نصاباً معيناً وقيل ثلاث وقيل خمس والخمس هو الأرجح قياساً علي الإبل ولأن ما دون ذلك قليل فيعفي وأما المقدار الواجب من الزكاة فيها فهو ما روي عن النخي وأبي حنيفة من تقويم الخيل ودفع ربع عشر قيمتها ... لأن التزام الدينار الذي التزمه عمر رضي الله عنه علي كل فرس ليس بلازم فإن القوة الشرائية للدينار تختلف من بلد إلي آخر ومن زمن إلي آخر أيضاً فالأصل دفع القيمة (46) .

ولقد حدد الفقهاء المسلمون نصلباً ومقادير معينة لكل مجموعة متشابهة من الأنعام علي النحو الموضح سابقاً .

مسائل :

1. هل تضم صغار الحيوانات إلي الأنعام الكبيرة عند تحديد وعاء زكاة الأنعام وتحديد النصاب ؟ اختلف الفقهاء في ذلك ، إلا أن معظمهم يحبذ أن تدخل في الوعاء إذا ما بلغت الأنعام الكبيرة النصاب ، ولا تسقط من الحساب كلية لأن المكلف بأداء الزكاة أصبح غنياً متي وصل النصاب ولذلك لا يقع عليه إجحاف إذا ما دفع الزكاة مما يزيد علي النصاب حتي ولو كان صغيراً (47) .

2. هل تضم الأنعام الي بعضها البعض لتصل النصاب متي كانت مملوكة لمكلف واحد ويصبح مجموعها وهو الوعاء الذي يحدد النصاب علي أساسه ؟ .

يمكن ضم البقر الي الجاموس لأنه من نفس النوع أيضاً ، أما في غير المتشابه فلم يرد يشأنه رأي في كتب الفقه ويمكن دراسة وتحليل هذه المسألة من قبل فقهاء الإسلام المعاصرين (48) .

3. هل يجوز في حساب نصاب الزكاة الجمع بين المفترق والتفريق بين المتجمع ؟

نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الجمع لتقليل أو لزيادة مقدار الزكاة الواجبة ، كما نهي عن تقسيم نصاب متجمع بغرض تقليل أو زيادة مقدار الزكاة الواجبة .

يقول الرسول صلي الله عليه وسلم في ذلك : (( إنا لا نأخذ من راضع لبن ، ولا نفرق بين مجتمع ، ولا نجمع بين مفترق ....))(49) .

وتأتي عملية الجمع أو التفريق إما من قبل صاحب المال أو من قبل العامل علي الزكاة . يقول الإمام مالك رضي الله عنه في شرح هذه المسألة :

((معني هذا يعني الجمع والتفريق أن يكون النفر الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها واحدة ، أو يكون للخليطين مائتا شاه ، فيكون عليهما لا فيهما ثلاثة شياه فيفرقونها حتي علي كل واحد منهما إلا شاة واحدة .

وتوضيح هذا النص كما يلي :

الحالة الأولي : أن يتم الجمع بين ثلاثة يملك كل منهم أربعون شاة بغرض تقليل مقدار الزكاة ، وقبل الجمع يجب علي كل منهم شاة ، بعد الجمع يصبحون خلطاء ويجب عليهم شاة فقط وهذا غالب يتم من جهة أصحاب المال .

الحالة الثانية : أن يتم التفريق بين ثلاثة خلطاء : مثلاً يكون عندهم مائة وعشرون شاة ويجب عليهم شاة واحدة ، فيقوم العامل علي الزكاة بالتفريق بيت الثلاثة خلطاء بهدف أخذ ثلاث شياه ، أي شاة علي كل أربعين (50) .

4. كيف تحسب الزكاة عند الخلطاء والشركاء ؟

الخلط أن يكون لدي اثنين أو أكثر قطيع من الغنم أو الإبل أو البقر— ويتفق الجميع علي خلط كل واحد نصيبه مع الآخر بحيث تجتمع حيوانات الجميع في الذهاب إلي المرعي وفي العودة وفي المشرب وفي البيت ، والفحل يكون للجميع .

وحكم الخلطاء هو أنه أذا بلغت الحيوانات مجتمعة النصاب فأن الواجب عليهم إخراج الزكاة ، ولا يجوز لهم التفليق لإتقاص مقدار الزكاة ، وانفراد أبو حنيفة بالخلاف حيث يري أّلا أثر للخلطة علي مقدار الزكاة . وما ينطبق علي الخلطاء ينطبق علي الشركاء في شركة سواء بسواء (51) .

نتائج :

بعد عرض الناحتين الفقهية والمحاسبة لزكاة الثروة الحيوانية توصلنا الي بعض النتائج التي يمكن أن يهتدي بها المسلمون عند حساب زكاة ما يملكون من هذة الثروة ومن أهمها ما يلي :

1. تعفي الحيوانات العوامل من الزكاة بأعتبارها رأس مال منتج يساعد الأنسان في إشباع حاجاته الأصلية أو في عملياته الإنتاجية . وهكذا تبدوا الصورة جلية واضحة في أن الفكر الإسلامي يحافظ علي الطاقات الإنتاجية وينميها .

2. الحيوانات السائمة والتي يمر عليها الحول والمقتناة بغرض النماء والتكاثر تجب فيها الزكاة بنسبة 2.5 % في البقر والإبل وحوالي 1 % في الغنم باعتبارها أموال منقولة . وهذه النسبة قليلة جداً وبيان الحكمة في هذا هو المحافظة علي رأس المال المستثمر وتحفيزه علي العمل بدون معةقات .

3. أعف الإسلام المال القليل المستثمر في الحيوانات لاشتراطه نصاباً معيناً وهذا تطبيق عملي لمبدأ المقدرة التكليفية وتنمية رأس المال .

4. عرق الإسلام من قديم الشخصية المعنوية للشركات كما ظهر ذلك واضحاً في حساب زكاة الأنعام فيما يتعلق بالخلطاء والشركاء .

5. الإسلام يهتم تماماً ويعتني جيداً بالنواحي المعنوية وسلوك المزكين حيث أقر بأخذ الزكاة من وسط الأنعام لا الجيد ولا الرديء .


الفصل الرابع : زكاة الثروة التجارية

لقد أعطي الإسلام اهتماماص كبيراً بانشاط التجاري لدوره الكبير والهام في تصريف المنتجات الصناعية والزراعية والخدمية وغيرها من الثروات اللازمة لإشباع الحاجات الأساسية لبني الإنسان ، ولأ مر ما قال عليه الصلاة والسلام : (( تسعة أعشار الرزق في التجارة )) (52) .

وقوله أيضاً : (( من ولي يتيم له مال فليتاجر ولا يتركه حتي تأكله الصدقة ))(53) .

وقوله أيضاً : (( تسعة أعشار رزق أمتي في البيع والشراء ))(54) .

وتتمثل عروض التجارة في الأشياء المعروضة للبيع والشراء بنية التجارة فيها لغرض الكسب .

وأدلة وجوب الزكاة في عروض التجارة تقوم علي مبدأ عمومية زكاة المال العدالة والتكافل الأجتماعي ومبدأ النماء . ولقد ورد في القرآن آيات منها قوله تعالي : ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض )(55) .

وقوله تعالي : ( وفي أموالهم حق لسائل والمحرم )(56) وقوله تعالي : ( والذين في أموالهم حق معلوم لسائل والمحرم )(57).

كما ورد في السنة ما رواه الترمزي عن رسول الله صلي اللع عليه وسلم : (( أدوا زكاة أموالكم )) . فلم يفصل الرسول بين مال ومال .

وما رواه أبو ذر أيضا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( في الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البر صدقتها )) .

كما ورد عن الصحابة والتابعين من ذلك ما روي أبو عبيدة بسنده عن القاري قال : كنت علي بيت المال زمن عمر بن الخطاب فكان إذا أخرج العطاء جمع أموال التجار ثم حسبها شاهدها وغائبها ثم أخذ الزكاة من شاهد المال علي الشاهد والغائب (58) .

وما قاله القاضي ابن العربي أن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ الزكاة من العروض وحكم بذلك علي الأمة فارتفع الخلاف بحكمه . فثبت بذلك الإجماع علي وجوب الزكاة في أموال التجارة ونقله ابن المنذر وبو عبيد . ........كما يقول البعض (59) .

فلو كان هناك إعفاء زكاة لعروض التجارة لأدي ذلك إلي توجيهه الأموال إلي النشاط التجاري وهذا بدورة يقود إلي تضخيم الثروات وتكدسيها مع فئة محدودة من الناس مما يسبب مضاراً اجتماعية واقتصادية وسياسية (60) ويتعارض مع قول الله عز وجل : ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) . خصائص زكاة عروض رالتجارة :

تتسم زكاة عروض التجارة بعدة خصائص أساسية هي :

1. زكاة مباشرة علي رأس المال القائم المتداول عن طريق البيع والشراء لغرض الكسب .

2. زكاة عينية حيث تجب في عين المال النامي وحق تابع له ومتعلق به(61) أي أنها تأخذ في الأعتبار مبدأ تبعية المال أينما كان ، ولكن من الممكن أن تؤدي نقداً حسب الأيسر للمزكي والأفضل عيناً .

3. زكاة حولية لحديث : (( لا زكاة في مال حتي يحول عليه الحول )) . وحيث أن عروض التجارة من الأموال النامية لذلك فهي زكاة حولية .

4. زكاة تأخذ في الأعتبار المقدرة التكليفية للشخس المكلف بأدي الزكاة حيث تحسب علي المال النامي المتداول بعد استبعاد تكلفة الحوائج الأصلية للحياة وما قد يكون علي المزكي من ديون حالة أومؤجلة . ولذلك فهي تفرض علي صافي الذمة المالية للمكلف إذا وصلت النصاب .

5. زكاة نسبية ومقدارها 2.5% من صافي الذمة المالية لتاجر المزكي (62) .

شروط زكاة عروض التجارة :

1. توافر النية والعمل بمعني أن تكون نية المالك عند تملك العرض هي التجارة بقصد الكسب ويكون قد مارسها فعلا .

2. أن يملك المزكي العرض بفعله سواء كان ذلك بعوض أم بغير عوض مثل المكية بطريق الإرث والهبة .

3. أن يكون مقدار الرزكاة بعد استبعاد تكلفة الحوائج الأصلية والديون قد وصل النصاب وهو ما يعدل 85 جراماً من الذهب أو 200 درهم من الفضة .

4. أن يحول علي ملكية حولاً كاملاً ، ويكفي فيه علي أصح الأقوال وهو لمالك والشافعي أن يعتبر اكتمال النصاب في آخر الحول فقط لأنه يتعلق بالقيمة .

صور عروض التجارة التي تجب فيها الزكاة :

1. عمليات الشراء والبيع لغرض الكسب ويدخل في ذلك المشروعات التجارية سواء أكانت في شكل منشآت فردية أو شركات مساهمة أو ما شابهها .

2. عمليات الوساطة بين التجار مثل الدلالين والجلابين أو التي تسمي أعمال السمسرة أو تقوم به شركات الاستيراد والتصدير في الغالب.

3. تأجير عروض التجارة للغير بأجرة .

4. أعمال الصيارفة علي اختلاف أنواعها ما دامت لا تتعامل بالربا المحرم شرعاً .

ملاحظة : عروض القتنية التي يستعين بها التاجر في أداء أوجه نشاطه التجاري مثل الموازين والمكاييل وما شابهها والحيوانات أو السيارات التي تستخدم في نقل البضائع والسلع لاتدخل في نطاق الزكاة ، لقياسها علي اللأنعام العوامل المعفاة من الزكاة بنص أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وإجماع فقهاء الإسلام فهي ليست مالاً نامياً معداً للبيع ، بل إنها من مستلزمات الإنتاج والمتاجرة فقط باعتبارها مخصصة للحاجات الأصلية للمشروع التجاري .

تحديد وعاء زكاة عروض التجارة:

اتفق جمهور الفقهاء علي أن وعاء زكاة عروض التجارة تتكون من صافي رأس المال العامل في نهاية الحول مضافاً إلي ذلك الربح الذي نتج من العمليات التجارية التي تمت خلال الحول بلأضافة الي المال المستفاد بسبب مستقل عن النشاط التجاري . ويؤيد ذلك ما رواه أبو عبيد قال ميمون بن مهران : إذا دخلت عليك الزكاة ، فانظر ما كان عندك من نقد أوعرض فقومه قيمة النقد ، وما كان من دين في ملأة فأحسبه ، ثم أطرح منه ما كان عليك من الدين ثم ذاك ما بقي (63) .

ومعني لفظ ملأة : الديون المرجوة الجيدة المستحقة للتاجر علي الغير وهي ما يطلق عليها بلغة العصر المدينون وما في حكمها .

ويتبين مما سبق أن مكونات وعاء زكاة عروض التجارة تتكون من:

1. صافي رأس المال العامل النامي .

2. الربح الناشئ من النشاط التجاري .

3. المال المستفاد بسبب مستقل عن النشاط التجاري .

وهذه العناصر الثلاثة تمثل عناصر الذمة المالية للتاجر والتي يجب أن تضم ويخصم منها الحوائج الأصلية والديون ويزكي مابقي .

نتائج هذا الفصل

بعد عرض الجوانب المختلفة لزكاة عروض التجارة يمكن القول بأننا توصلنا إلي مجموعة قيمة من النتائج التي يمكن أنتكون دليلاً للتجار عند أداء ما عليهم من فريضة الزكاة ، هذه النتائج فيما يلي :

أولاً : تجب زكاة عروض التجارة في صافي الذمة المالية للتاجر والتي حال عليها الحول والتي تتمثل في صافي رأرس المال المستفاد بسبب مستقل عن النشاط التجاري كالميراث أو الهبة .

ثانياً : ياعي في زكاة عروض التجارة استبعاد تكالبف حوائج التاجر الأصلية وما قد يكون عليه من ديون وذلك عملاً بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( لا صدقة إلا عن ظهر غني )) .

ثالثاً : مقدار زكاة عروض التجارة 2.5% من الصافي الذمة المالية والتي وصلت النصاب وحال عليها الحول ، وهذة نسبة قليلة جداً مما يدعوا إلي عدم الاكتناز والحرص علي الاستثمار .

ومعني ذلك أن الإسلام يحفز الناس علي الدخول في المشروعات الزراعية والتجارية وغيرها عن طريق نظام الزكاة .


الفصل الخامس: زكاة المنشآت الصناعية والمستغلات

زكاة المنشآت الصناعية

طهرت فى الوقت الحاضرالمشروعات الصناعية الكبيرة ذات الأنتاج الوفير الغزير والتى لم يكن لها مثيل من قبل , الأ مر الذى جعل الفقهاء والعلماء المعاصرين يختلفون من حيث التكييف الفقهى لتلك المشروعات . هل تقاس على زكاة الزروع أو الثمار أم على زكاة المستغلات أم على زكاة عروض التجارة ؟

وظهرت الآراء وانقسمت إلى فرق ثلاثة:

الفريق الأول : ويرى هذا الفريق قياسها على زكاة الزروع والثمار لأن المصانع رأس مال ثابت , ولما كان الإسلام يقرر أنه بالنسبة للأموال الثابتة فإن الزكاة تؤخذ من نمائها , فإنه بالقياس يؤخذ من صافى إيراد المشروعات الصناعية , وذلك بعد استبعاد التكاليف والمصاريف وما فى حكمها من الربح الإجمالى . ويكون قيمة الزكاة 10% من الربح الصافى (64) .

الفريق الثانى : يرى قياسها على زكاة المستغلات , وتجب الزكاة فى صافى غلتها عند توافر النصاب وحولان الحول ومقدار الزكاة يكون 2.5 % .

ويوافق الدكتور القرضاوى هذا الرأى , ولكن يرى أن يكون مقدار الزكاة 10 % من الصافى قياساً على زكاة الزروع والثمار التى بدون كلفة .

الفريق الثالث:ويرى قياسها على زكاة عروض التجارة ولاتدخل قيمة الأصول الثابتة عند حساب الوعاء , وتجب الزكاة فى صافى رأس المال المتداول إن وجد , وفى صافى الغلة وإضافة المال المستفاد , وذلك عند توافر النصاب وحولان الحول , ومقدار الزكاة يكون 2.5 % وهذا الرأى الأخير أيده معظم الكتاب والباحثين المعاصرين .

ونحن نميل إلى هذ ا الأى لأن طبيعة الأصول الثابتة فى المصانع تختلف عن طبيعة الأرض , كما أن النشاط الصناعى أقرب إلى النشاط التجارى منه إلى النشاط الزراعى .

وسنتحدث عن طبيعة النشاط الصناعى فيما بعد .

وبناء على هذا الرأى الذى نرجحه تحسب زكاة النشاط التجارى ومقدار الزكاة يكون 2.5 % .

ومما تجدر الإشارة إليه أن حساب زكاة الأنشطة التجارية والصناعية يفضل أن يقوم به محاسب قانونى فاهم للزكاة حتى يكون التقدير دقيقاًى والقيمة تامة لا يشوبها نقص . ماهى المنشأة الصناعية ؟

هى تلك التى تنتج سلعاً للسوق يحتاج إليها الناس فى قضاء حوائجهم المختلفة مثل مصانع حديد التسليح والأسمنت والجبس والأدوات الصحية والكهربائية التى تستخدم فى البناء ومثل مصانع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والأحذية والسجاد والأدوات المنزلية وغيرها .

فمثل هذه المصانع تتكون من رأس مال ثابت وهو المبانى والآلات المنتجة , ورأس مال متغير وهو المواد الخام ومستلزماتها لإنتاج السلع وبيعها فى السوق .

ورأس المال الثابت تنتهى استخداماته بعد مدة معينة لايصلح بعدها للإنتاج . وهذا هو الفرق الجوهرى الذى لايجعلها تقاس على الأرض الزراعية التى تنتج دائماً بفلاحتها والخدمة الدائمة عليها .

ولذلك تكون الأدوات التى تعرض عليها السلع المختلفة ووسائل النقل الخاصة بالعمل .

وقد جرى العمل فى حسابات المنشآت الصناعية أن تحدد مدة اقتراضية لانتهاء تلك الآلات المنتجة . فإذا افترضنا أن المدة عشر سنين فيخصم كل عام 10 % من قيمة تللك الأدوات باعتبار هذه القيمة مستهلكة, فإنها تضاف إلى المصروفات التى تخصم من وعاء الزكاة عند حساب الزكاة .

أما رأس المال المتغير الذى يتحول إلى سلع للسوق فهو الذى يعتبر رأس مال ووعاء حقيقى للزكاة .

وعلى ذلك تكون المنشأة الصناعية شبيهة إلى حد كبير بالمشروعات التجارية المختلفة .

ومن أجل ذلك كان الرأى الراجح هو أن تحسب زكاتها مثل عروض التجارة وليس مثل الزروع والثمار وسائر المستغلات .

وينبنى على ذلك أن المنشآت الصناعية لها صبغة خاصة تختلف تماماً عن المستغلات الأخرى مثل العمارات ذات الإيراد ومشروعات النقل بالكراء خلافاً لما ذهب إليه الدكتور القرضاوى من عدم التفرقة بين المصانع والمستغلات وقياسها فى حساب زكاتها على الزروع والثمار التى تنتجها الأرض .

زكاة المستغلات

المستغلات التى تمللك بغرض الانتفاع بها لذاتها وليس الغرض منها هو الحصول على إيراد مثل العقارات المبنية المخصصة لسكن مالكها أو السيارات المخصصة للركوب والدواب المخصصة للخدمة لا زكاة فيها , لأنها من العروض المخصصة لحاجات الإنسان الأصلية كما جاء فى الحديث : (( ليس على المسلم فى عبده أو فرسه صدقة )) .حديث متفق عليه .

أما المستغلات التى تمتلك بقصد الاستغلال وتحقق من وراء ذلك إيراداً مثل العقارات المبنية ذات الإيراد والسيارات والآلات والمعدات ذات الإيراد والتى تستخدم فى تسوية الرض أو الحرث أو الرى والتى لم تكن موجودة فى صدر الإسلام حتى ظهور عصر الانقلاب الصناعى وما بعده فليس هناك خلاف بين الفقهاء على النوع الأول حيث لاتجب زكاة المال .

أما الخلاف فهو فى النوع الثانى بما يحققه من إيراد .

انقسم فقهاء الإسلام فى هذا الخصوص إلى فريقين :

الأول : يرى أنها لاتخضع لزكاة المال لعدم وجود مثلها فى الصدر الأول .

الثانى : يرى انها تخضع لزكاة المال وفقاً لمبدأ عمومية الأموال التى تجب فيها الزكاة ومبدأ النماء وأطلق على زكاتها زكاة المستغلات.

ويبرر الفريق الثانى رأيه بما يلى :

1. خضوع نتاج عروض المستغلات للزكاة استناداً لعمومية أموال الزكاة عملاً بقوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } ولم يحدد القرآن أنواع الأموال فهى مطلقة . وما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال الأربع كان على سبيل المثال وليس الحصر فى ضوء ما كان شائعاً فى عصره , ويؤخذ ذلك من قوله علي الصلاة والسلام :((أدوا زكاة أموالكم)) . حديث متفق عليه .

2. يتوافر فى عروض الاستغلال شرط النماء ولذلك لا حجة لإعفائها من الزكاة .

3. من ناحية العدالة لاينبغى التمييز بين الأموال التى تستغل فى الأراضى الزراعية التى تخضع غلتها للزكاة والأموال التى تستثمر فى حيازة الذهب والفضة وتخضع عينها للزكاة والأموال التى تستثمر فى عروض التجارة وتخضع ذاتها للزكاة والأموال المستغلة وتدرإيراداً فلا يخضع لإيرادها للزكاة . 4. ن مفهوم زكاة المال وخصائصها من حيث العمومية والعدالة والنماء وحفظ مستحقى الزكاة يجعلنا نسير مع هذا الرأى لما فيه من حجة ومنطق معقول وحرص على حقوق الفقراء والمساكين وأصحاب الحقوق .

خصائص زكاة المستغلات :

تتميز زكاة المستغلات بالخصائص الآتية :

1. زكاة مباشرة على نتاج رؤوس الأموال المستثمرة فى عروض غير متداولة بقصد تحقيق الإيراد والنماء , أى أن الزكاة تجب على الإيراد أو الغلة وليس على رأس المال ذاته مثل الحالة الخاصة بزكاة الزروع والثمار .

2. زكاة حولية حتى يسهل حسابها وهذا فيه مصلحة للفقراء والمساكين.

3. زكاة تفرض علىالإيراد الصافى بعد طرح مصاريف الصيانة وأجور العاملين واستهلاك المبانى وغيرها .

4. مقدار زكاة المستغلات نسبى ويقاس على زكاة الزروع والثمار . ويرى معظم الفقهاء المعاصرين تقديرها بنسبة 10% من اٌيراد الصافى .

5. زكاة تأخذ فى الاعتبار حالة وظروف المكلف , وأن يصل الإيراد الصافى نصاباً معيناً يقدر بمقدار 85 جم من الذهب أو 200 درهم من الفضة .

6. زكاة تؤدى نقداً لأن الإيراد الغالب هو النقدى .

وفى ضوء مفهوم زكاة المستغلات السابق يمكن القول بأن زكاة المستغلات تجب على الأموال المستثمرة فى عروض غير متداولة وغير مخصصة للحاجات الأصلية لمالكها وتحقق إيراداً أو إنتاجاً .

وعلى ذلك يمكن استنباط الشروط الواجب توافرها فى العروض التى تجب فى إيرادتها أو إنتاجها زكاة المستغلات على النحو التالى :

أولاً: عروض غير مخصصة للتجارة .

ثانياً: عروض غير مخصصة للحاجات الأصللية لمالكها .

ثالثاً: عروض تكرى أو تنمى بهدف تحقيق إيراد سواء أكان دورياً أو غير دورى .

بعض صور المستغلات :

1. المبانى السكنية ذات الإيراد: نجد فى الوقت الحاضران كثيراً من الأموال توجه نحو الاستثمار فى تشييد المبانى وتأجيرها نظير إيجار معين . وعليه وفى ضوء ما تقدم تخضع القيمة الإيجارية لها لزكاة المستغلات .

2. وسائل النقل المختلفة ذات الإيراد : يقوم نفر كبير من الناس بإستثمار أموالهم فى صورةشركات النقل البرى والبحرى والجوى التى تقوم بنقل الناس والبضائع والدواب من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى نظير أجرة معينة . وهذه الأجور تخضع لشروط زكاة المستغلات .

3. مشروعات تربية الأنعام المعلوفة : لقد انتشرت هذه الأيام محطات تسمين المواشى خاصة العجول المعلوفة بقصد النماء والتوالد وبيع الناتج . وتنطبق على إيرادات هذه المشروعات زكاة المستغلات لأن هذه الأنعام غير سائمة كما أنها تقتنى بقصد الحصول على نتاجها سواء فى صورة ألبان أو نتاج .

4. مشروعات المنتجات الحيوانية : تقوم هذه المشروعات بإنتاج الألبان وملحقاتها عن طريق اقتناء بعض الحيوانات المعلوفة , ولذلك ينطبق على إيرادات هذه المشروعات زكاة المستغلات .

5. مشروعات مزارع الدواجن : لافرق بين مشروعات تربية الأنعام وتربية الدواجن , وعليه فينطبق على إيرادات مزارع الدواجن زكاة المستغلات سواء أكانت للتسمين أم لإنتاج البيض .

6. المؤسسات المعمارية : وتقوم هذه المؤسسات ببناء العمارات وأبنية المصانع والمدارس والمستشفيات وغيرها وتخضع إيرادات هذا النوع لزكاة المستغلات .

وبعد : فهذه بعض صور المستغلات عرضناها كنماذج على سبيل المثال لا الحصر لبيان هذا النوع من النشاط الغنسانى الذى يخضع لنظام الزكاة والذى لم يكن معروفاً فى صدر الإسلام .

نصاب زكاة المستغلات:

يرى فريق من العلماء أن نصاب زكاة المستغلات يقاس على اساس نصاب زكاة الزروع والثمار لأن كلا منهما نتاج ثروة عقارية .

ويرى فريق آخر قياسه على أساس نصاب عروض التجاة والنقدين باعتبار أن إيراد المستغلات فى الغالب الأعم تكون فى شكل نقدى .

ولما كان عملياً يصعب التحديد والقياس على اساس فترات قصيرة نسبياً مثل الزروع والثمار وهى ليست حولية .

لذا يرى معظم الفقهاء تحديد النصاب بالقياس على نصاب عروض التجارة والنقدين وهو مايعادل 85 جراماً من الذهب أو 200 درهماً من الفضة ويكون ذلك على أساس سنوى أى تضم الإيرادات الشهرية أو غير الدورية إلى بعضها البعض خلال السنة فإن وصلت النصاب يزكى .

وعلى ذلك يمكن القول بأن زكاة المستغلات حولية ويكون النصاب هو 85 جراماً من الذهب أو 200 درهم من الفضة أو ما يعادلها بالعملات السائدة .

مقدار زكاة المستغلات :

يرى الفقهاء المعاصرون (64) بالقياس على زكاة الزروع والثمار أن سعر زكاة المستغلات يكون 10% من الناتج الصافى .

ويرى الدكتور شوقى إسماعيل شحاته أن تحديد سعر زكاة المستغلات يستلزم دراسة وبحث ويقترح أن يكون السعر بين 5%,

7.5% من الإيراد الصافى لأن التكاليف والمصاريف الواجبة الخصم تحتاج إلى دراسة وتحليل وسوف تكون موضع جدل (65).

ويرى الدكتورحسين حسين شحاتة أنه من الأسهل والأيسر عملياً أن تكون سعر زكاة المستغلات 10% من الإيراد الصافى , على أن توضع معايير ذات مدى لبنود التكاليف والمصاريف التى يجب أن تخصم من الإيراد حتى لا تتضمن نواحى إسراف وضياع(66) .

كيف يتحدد وعاء زكاة المستغلات ؟

ويحدد وعاء زكاة المستغلات بالقياس علي زكاة الزروع فتجب علي الإيراد الصافي بمعنى التكاليف والمصاريف التي أنفقت فى سبيل الحصول علي الإيراد من الإجمالي.

ونظراً لاختلاف طبيعة عناصر التكاليف والمصاريف الواجبة الخصم حسب نوع المشروع الاستغلالى يمكن وضع قاعدة عامة تتمثل في أنه يمكن أى مبالغ أنفقت من أجل الحصول علي نتاج العروض المستغلة بلا إسراف أوإهمال , كما يجب حساب استهلاك العروض المستغلة على أساس القيمة لها وقت الاقتناء وذلك بهدف المحافظة على القيمة الحقيقية لرأسالمال المستثمر . وأيضاً يتم تحديد وقياس عناصر التكاليف والمصروفات والاستهلاك على اساس سنوى لأن ذلك هو الأيسر .

وإذا كانت هناك ديون تخصم تحقيقاً لمبدأ حد الكفاية للمسلم حيث لا تجب الزكاة إلا عن ظهر غنى كما سبق بيان ذلك .

ويرى الدكتور يوسف القرضاوى أن يخصم من صافى الإيراد مايعادل الحد الأدنى للأعباء العائلية أى حد الكغاية إذالم يكن هناك دخول أخرى لمعيشته (67) .

ونحن نرى أن هذا الرأى هو الذى يساير روح الإسلام وقواعده العامة وتقييمه للفرد المسلم حيث أن الدولة تضمن له على الأقل حد الكفاية له ولأسرته , فإذا كانت الدولة تعطى الفقير والمسكين من الزكاة لتحقق لهما حد الكفاية , فمن باب أولى تحقق الكفاية لصاحب المال المستغل .

ويرى الدكتور حسين حسين شحاته وبعض العلماء المعاصرين أن تطبيق هذا الرأى سوف يؤدى إلى المساس بحقوق مستحقى الزكاة من الفقراء والمساكين .

ولذلك يرى الاكتفاء بضمان النصاب للمكلف ويكتفى بخصم التكاليف والمصاريف واستهلاك العروض من نصاب الزكاة . فإن كان أقل من ذلك النصاب فلا زكاة , أما إذا وصله تحسب الزكاة على أساس 10%من الإيراد الصافى فالرأى الأخير هو الذى يرى عدم خصم تكاليف المعيشة أى حد الكفاية لصاحب المال المستغل وهذا هو الفرق .

كيفية حساب زكاة المستغلات :

تحسب زكاة المستغلات على الوجه التالى :

1. الإيراد الإجمالى من العروض المستغلة تستبعد منه التكاليف والمصاريف التى أنفقت من أجل الحصول على الإيراد أو الناتج وبذلك تحصل على الإيراد الصافى بعد خصم تلك التكاليف والمصاريف .

2. تخصم أيضاً نسبة استهلاك من الأصول الثابتة للمستغلات .

3. تخصم كذلك الديون إن وجدت ونفقات حد الكفاية لمعيشة صاحب المستغلات .

4. الصافى المتبقى يقارن بالنصاب , فإذا وصل النصاب خصم منه 10% وهى قيمة الزكاة المستحقة

5. المتبقى الأخير هو الإيراد والصافى بعد خصم الزكاة .

خلاصة ونتيجة:

لقد ظهر لنا بوضوح أن هذا النوع من أنواع الزكوات لم يكن موجوداً فى صدر الإسلام وهو زكاة المستغلات , وتجب هذه الزكاة على الإيرادات التى تقتنى للكسب ولا تدخل فى نطاق زكاة عروض التجارة وغيرها .

ولقد استنبطنا أن زكاة المستغلات تجب على الإيراد الصافى بعد طرح التكاليف والمصاريف التى أنفقت أو استهلكت فى سبيل الحصول على الإيراد , كما يجب استبعاد الديون التى على المكلف وتكاليف المعيشة إن وجدت ,فإن بلغ الباقى النصاب تؤدى الزكاة مثل عروض التجارة , والنقدين . ويفهم من ذلك أن الإسلام قد فرق بين الأصول الثابتة التى تستخدم فى إيجاد الطاقة الإنتاجية وإعفاءها من الزكاة , واكتفى فقط بإخضاع إيرادها الصافي للزكاة تطبيقاً لمبدأ المحافظة علي الطاقات الإنتاجية وتنميتها(68) . وهذا لم يتوصل إليه رواد الفكر الضريبى إلا حديثاً .


الفصل السادس المال المستفاد وكسب العمل والأسهم والمستندات

يعرف الدكتور شوقى إسماعيل شحاته المال المستفاد بقوله : ويقصد بالمال المستفاد بصفة عامة بأنه الكسب الذى يحصل عليه صاحبه ليس عن مال ما عنده لا بديلاًعنه بل استفاده بسبب مستقل كأجر عن عمل أو مكافأة أو هبة أو نحو ذلك سواء أكان من جنس مال عنده أم من جنس غيره (69) .

وعرف آخرون المال المستفاد من غير تجارة بأنه كل مال مكتسب من غير نماء لرأس المال وبسبب مستقل عن التجارة والصناعة ويشمل :

1. كل عقد متوقف قبوله وليس بمبادلة مال كالهبة والوصية والميراث.

2. ما تجدد عن مال غير مزكى مثل الأرباح بالنسبة لرأس المال فى الفكر المعاصر وهى ماتعرف بعروض القنية قديماً

3. مايتجدد من عروض التجارة بلا بيع لرقابها وهو مايسمى بالغلبة قديماً ويسمى بالأيرادات العرضية فى الفكر المعاصر .

رآى العلماء فى كيفية حساب زكاة المال المستفاد :

أولاً : يرى أكثر العلماء أن المستفاد بسبب مستقل عن التجارة مثل الهبة والوصية والإرث والأرباح بالنسبة لرأس المال فى الفكر المعاصر والتى تعرف بالفائدة عروض القنية قديماً , والإيرادات العرضية لعروض التجارة يعتبر من مكونات وعاء زكاة عروض التجارة لأنها أموال تضم إلى الأموال الأخرى ويمثل الجميع وعاء الزكاة .

ثانياً: قال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية رضى الله عنهم بوجوب تزكية المال عند استفادته دون اشتراط الحول .

ثالثاً : وفرق البعض بالنسبة لموعد إخراج الزكاة وجنس المال على النحو التالى :

‌أ- إن كان المال الحول نماء لمال عند المزكى وجبت فيه الزكاة فيضم لما عنده أصله ويزكى الجميع فى ميعاد الأصل .

‌ب- إن كان المال قد مر عليه بعض الحول , فإن المال المستفاد ٍيضم إلى ماعنده من أصله ويزكى الجميع عند تمام الحول للمال الذى عنده وهذا مذهب أبى حنيفة .

‌ج- وقال الشافعى :لا يزكى حتى يمضى عليه حول وحده .

ونحن نرجح مذهب أبى حنيفة ليسره ولعدم تجزئة الواجب واختلاف أوقات الوجوب والحاجة إلى ضبط موعد التملك ... وهذا حرج مدفوع بالشريعة الميسرة ( وماجعل عليكم فى الدين من حرج ) .

‌د- وإن كان المال الحولى المستفاد من غير جنس ماعند المزكى فلا يضم إليه , فإن بلغ نصاباً زكى فى الحال على الصحيح وهو قول ابن عباس وابن مسعود ومعاوية وبهذا يظهر لنا أن المال المستفاد نوع آخر من الأموال تجب فيها الزكاة وهو يختلف تماماً عن المستغلات مثل العمارات والمصانع ومعالف العجول وإنتاج الألبان وصناعتها ومزارع الدواجن بأنواعها سواء كانت للتسمين أم لإنتاج البيض والمطابع ودور النشر ووسائل النقل ((بضائع وأشخاص )) فخذا شئ مستقل , وقد أفردنا له الفصل السابق .

زكاة كسب العمل والمهن الأخرى

الدخل هنا نوعان :

1. دخل مهنى يحصل عليه الشخص بنفسه دون أن يرتبط برباط الخضوع لغيره مثل دخل الطبيب من عبادته والمهندس من مكتبه الهندسى والمحامى من مكتبه والفنان والخياط والتجار وغيرهم من ذوى المهن الحرة .

2. دخل الناتج عن ارتباط الفرد بغيره سواء حكومة أو شركة أو فرداً آخر ليقوم بعمل ما بدنى أو عقلى أو هماً معاً فدخله حينئذ يتخذ صورة الرواتب والأجور والمكافآت . وهذه الدخول تعتبر مالاًمستفاداً وهذا مارجحه الشيخ يوسف القرضاوى بمعنى أنها إذا بلغت النصاب وجبت فيها الزكاة .

ولكن هل يشترط لهذا المال حولان الحول ؟

لم يثبت حديث صحيح مرفوع إلى النبى صلى الله عليه وسلم بتحديد حولان الحول لإخراج زكاة بالنسبة للمال المستفاد . وهذا ماوصل إليه الشيخ يوسف القرضاوى فى رسالة فقه الزكاة وكما قال الحافظ البيقهى , ولهذا فقد رجح عنده تزكية المال المستفاد عند قبضه كراتب الموظف وأجر العامل ودخل الطيب والمهندس والمحامى وغيرهم من ذوى المهن الحرة فلا يشترط فيه مرور عام .

نصاب الزكاة :

ونصاب الزكاة هنا أنه يساوى نصاب النقود وهو ماقيمته 85 جراماً ذهباً , ويحسب المصاب على أساس صافى الإيرادات والراتب بعد إخراج الديون والضرائب , وما تقدم به الحاجات الحياتية للمزكى والمقدار الواجب هو ربع العشر أى 2.5% خلافاً للمستغلات ففيها العشر أى 10% كما قدمنا .

زكاة الأسهم والسندات

السهم: هو حق ملكية جزئى لرأس مال كبير للشركات المساهمة أو التوصية بالأسهم , وكل سهم جزء من أجزاء متساوية لرأس المال .

فالسهم بهذا التعريف مشارك فى ملكية الشركة , لا غبار فى التعامل به لأنه مشارك فى الربح والخسارة . ولا ترد القيمة الأسمية للسهم الإ عند تصفية الشركة .

السند : هو تعهد مكتوب من البنك أو الشركة أو الحكومة أى الجهة المصدرة بسداد مبلغ مقدم من قيمته فى تاريخ معين لصاحب السند نظير فائدة مقدرة . فهو بهذا التعريف قرض للجهة المصدرة مقابل فائدة ثابتة محددة بغض النظرعن ربح أو خسارة الجهة المصدرة فهى ربا وهو محرم شرعاً .

كيفية زكاة أسهم االشركات ؟

تعتبر الأسهم من عروض التجارة ويلاحظ فيها مايلاحظ فى عروض التجارة أى تحسب الزكاة بنسبة 2.5% من قيمة الأسهم والربح بشرط بلوغ النصاب مع إعطاء صاحبها حاجات الحد الأدنى ((حد الكفاية )) للمعيشة , أماإذاكانت له دخول أخرى لمعيشته فتخرج النسبة المقررة عليها بكاملها .

وهذا رأى الشيخ أبو زهرة والشيخ عبدالرحمان حسن والشيخ عبدالوهاب خلاف والشيخ يوسف القرضاوى وهو ما نرجحه .

س: هل تؤخذ الزكاة من صاحب الأسهم وأيضاًمن الشركات المساهمة ؟

لا ينبغى إلا من جهة واحدة لأن ذلك يؤدى إلى التكرار وهو ممنوع شرعأً عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام : (( لا ثنى فى صدقة )) .


الفصل السابع: العسل ومستخرجات الأرض والبحر

1- زكاة العسل

لقد كثرت مناحل العسل فى وقتنا هذا وأصبحت تدر دخلاً على أصحابها , خاصة تلك المناحل ذات الخلايا الخشبية ((الأفرنجية )) , بالأضافة إلى الخلايا البلدية التى عرقت قديماً وما زالت موجودة حتى الآن .

ولقد رويت الأحاديث والآثار من طرق مختلفة يقوى بعضها بعضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن جاء بعده أخذ من العسل العشر .

مقدر الواجب فى العسل :

نقل عن ابن عمر وأبو عبيد بسنده أنه قال : (( ما كان منه فى السهل ففيه العشر وما كان منه فى الجبل ففيه تصف العشر (70) .

ويرى الشيخ يوسف القرضاوى أن يؤخذ العشر من صافى إيراد العسل أى بعد رفع النفقات والتكاليف كما فى عشر الزرع والثمر .

نصاب العسل :

لم ترد فيه آثاربحد معين والمختار عند الشيخ يوسف القرضاوى أن يقدر النصاب بقيمة خمسة أوسق 653 ك جم أو 50 كيلة مصرية كالقمح باعتباره قوتاً من أوسط الأقوات العالمية , وقد جعل الشارع الخمسة أوسق نصاب الزروع والثمار , والعسل يقاس عليها , ولهذا يؤخذ العشر وتجعل الخمسة أوسق هما الأصل في نصابه .

2. زكاة مايستخرج من باطن الأرض

الكنوز المدفونة ومايجب فيها :

يجب فيها الخمس علي من وجدها لقوله عليه الصلاة والسلام ))في الركاز الخمس)) . ولا يشترط نصاب معين كما لا يشترط فيه حولان الحول أي مضي عام , بل يجب إخراج الخمس في الحال .

والمعدن التي تؤخذ منه الزكاة هو أي معدن خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة .

مقدار الواجب في المعدن :

هو ربع العشر أي 2.5% كالذهب والفضة فهما من المعادن فيقاس عليهما بقية المعادن .

3. مستخرجات البحر ومقدار الواجب فيها

صحت روايات عن ابن عباس أنه فيها الخمس أي أنه كالركاز.

السمك :

إذا بلغت قيمته مائتى درهم فضة أى نصاب عروض التجارة تؤخذ الزكاة . فقد روى أبو عبيد قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلي عامله إلي عامله علي عمان ألا يأخذ من السمك شيئاً حتى يبلغ مائتى درهم , فإذا بلغ مائتى درهم وجبت الزكاة (71) . وقد روى ذلك عن أحمد نفسه (72) .

ويرى الشيخ يوسف القرضاوى أن مقدار الواجب فيه خاضع لرأى الخبراء .


الفصل الثامن : زكاة الثروة التجارية

أدلة وجوب زكاة التجارة

1. القرآن الكريم :

‌أ- ( يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الأرض ) (( البقرة : الآية 267)) .

وقال الأمام الطبرى فى تفسير الآية وكذا الحسن ومجاهد : (( من طيبات ماكسبتم )) . يعنى من التجارات .

‌ب- عموم الآيات الأخرى مثل : ( وفى أموالهم حق للسائل والمحروم ) ((الذاريات اآية 18 )) .

وقوله تعالى : (والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) ((المعارج الآية 25,24 )) .

قال ابن العربى : هذا عام فى كل مال , فمن أراد أن يخص بشئ فعليه الدليل (73) .

2. السنة :

قوله عليه الصلاة والسلام : (( أدوا زكاة أموالكم )) (74) .

3. إجماع الصحابة والتابعين :

‌أ- أموال التجار ثم حسبها شاهدها روى أبو عبيد بسنده عن القارى قال : (( كنت على بيت المال زمن عمر بن الخطاب فكان إذا خرج العطاء جمع وغائبها ثم أخذ الزكاة من شاهد المال على الشاهد والغائب (75) .

‌ب- قال القاضى ابن العربىإن عمر بن عبد العزيز كتب يأخذالزكاة من العروض وحكم بذلك على الأمة , فارتفع الخلاف بحكمه .

فثبت بذلك الإجماع على وجوب الوكاة فى ~أموال التجارة ونقلها ابن المنذر وأبو عبيد .

شروطها :

1. توافر البنية والعمل .

2. اكتمال النصاب وهو ما يعادل 85 جراماً من الذهب .

3. حولان الحول .

كيفية إخراجها :

يحسب النقد ويضاف إليه قيمة التجارة الموجودة ثم يتم إخراج الزكاة بواقع 2.5 % .
ملاحظات :

1. إذا كانت هناك ديون تخصم ثم يزكى الباقى .

2. المبانى والأثاث بالمحلات التجارية وغيره مما لا يباع فلا يقوم ولا تحسب له زكاة , وإنما تؤخذ الزكاة من الكال المتداول فقط .

3. تقدر السلع بالسعر الحالى فى السوق .

4. تخرج الزكاة مقدرة بالقيمة نقداً وذلك لمصلحة الفقير والمحتاج .


الفصل التاسع : زكاة الزروع

أدلة وجوب الزكاة في الزروع

1. القرآن الكريم :

قوله تعالي : (يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كيبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) ((البقرة 267))

وقوله تعالي : (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلف أكله ، والزيتون والرمان متشابهاً وغير مشابه كلوا من مره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده) ((الأنعام 141)) ، وقال المفسرون (76) أن المراد بالحق هو الزكاة المفروضة .

2. السنة :

أ‌. روي الجماعة إلا مسلماً عن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( فيما سقت السماء والعيون أو كان عَشَرياً ، وعند أبي داود وابن ماجة ، أو كان بعلا ً العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر .

ب‌. عن جابر عن النبي صلي الله عليه وسلم : ((فيما سقت الأنهار والغيم العشر وفيما سقي بالساقية نصف العشر)) (77).

الزروع التي تجب فيها الزكاة :

تجب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض ، وهو قول عمر بن عبد العزيز وفعله وأبو داود الظاهري وأصحابة وقول مجاهد وحماد وداود والنخعي ومذهب أبي حنيفة .

ويعضد ذلك عموم النصوص من القرآن والسنة .

أما احاديث حصر الصدقة في الأقوات الأربعة : الحنتة والشعير والتمر والزبيب فلم يسلم حديث من الطعن ، فلزم التعميم لا التخصيص في هذه الأربعة .

النصاب في زكاة الزروع : في المكيلات :

هو خمسة أوسق للحديث : (( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )) (78) . والوسق ستون ساعاً . فالأوساق الخمسة ثلآثمائة صاع ، والصاع خمسة أرطال وثلث بالحجازي وهو القول الذي تعضده البراهين كلها . وبالرطل المصري 4.8 فيكون نصاب القمح بالأرطال المصرية هو : 4.8 قجم أي أربعة أرداب وتساوي خمسون كيلة .

في غير المكيلات مثل القطن ونحوه :

اعتبار القيمة فيما لا يوسق ولا يكال ، والقيمة تقدر بما قيمته خمسة أوسق للنص عليه بشرط أن يكون من أوسط ما يوسق لا من الأعلي ولا من الأدني رعاية للطرفين : الممولين الفقراء معاً .

مقدار الوجب :

كا ما سقي بكلفة من دالية أو ساقية أو دولاب أو ناعور أو غير ذلك ففيه نصف العشر أي 5 % وماسقي بغير مؤنة ففيه العشر أي 10 % .

ويدخل في التكلفة أن يشتري الماء لأرض أو بستان .

تقدير الواجب بالخرص :

ما هو الخرص ؟ : هو مراعاة مصلحة رب المال والمستحقين ليملك رب المال التصرف فيه بما شاء علي أن يضمن قدر الزكاة ؟

دليل مشروعيته :

1. عمل به النبي صلي الله عليه وسلم فخرص على امرأة بوادي القري حديقة لها عام تبوك ,وكان خرصه عشرة أوسق . وقال للمرأة أحصي ما يخرج فأحصته فكان كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم . متفق عليه من حديث أبي حميد الساعدي .

2. قوله صلي الله عليه وسلم ((وإذا خرصتم فخذوا ودعواالثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع )) (79) .

'س:'هل يخرص في غير النخيل والأعناب؟

الجواز متوقف علي إمكان الخرص والحاجة إليه وارأي فيه متروك لأهل الاختصاص والخبرة .

زكاة الأرض المستأجرة :

العدل أن يشترك الطرفان في الزكاة كل فيما استفاده فلا يعفي المستأجر أعفاء كلياً كما ذهب إلي ذلك أبو حنيفة بأعتبار أن الزكاة حق الأرض ، ولا يعفي المالك إعفاء كلياً من وجوب الزكاة ويجعل عبء الزكاة علي المستأجر كما ذهب إلي ذلك الجمهور ، بأعتبار أن الزكاة حق الزرع ،ولكن يشترك صاحب الأرض وصاحب الزرع ، لأن الزكاة حق الأرض والزرع معاً .

وهذا ما يراه ويوضحه الشيخ يوسف القرضاوي ، وهو ما نميل إليه ونرجحه وعلي ذلك :

يقتطع المستأجر ما يقابل الجرة مع باقي الديون والنفقات ثم يخرج الزكاة من الباقي إن بلغ نصاباً .

وكذلك يخرج المالك زكاة الأجرة وذلك بشرط أن تبلغ قيمة نصاب الزكاة من الزرع القائم بالأرض لأنها بدل عنه ، فإن كان عليه دين أو إخراج – ضريبة علي الأرض بلغة العصر – أخرجه من الأجرة ، وزكي ما بقي ومثل الدين والخراج ما يفتقر إليه في حوائجه الأصلية كالقوت له ولعائلته والملبس والمسكن والعلاج .


الفصل العاشر : زكاة الذهب والفضة

زكاة الذهب والفضة وهي قسمان :

الأول : زكاة النقود .

الثاني : زكاة الحلي والتحف الذهبية والفضية .

زكاة النقود

أنواع النقود : الذهب والفضة والنقود الورقية .

أ‌. نصاب النقود الذهبية : عشرون ديناراً أي 85 جراماً .

ب‌. نصاب النقود الفضية : مائتا درهم والدرهم يساوي 2.975 جراماً . فيكون النصاب مقداراً بالجرام هو : 595 جراماً .

ج. النقود الورقية تزكي قياساً بأعتبار قيمتها الوصفية نظراً لاتفاق الأمة علي أتخاذها أثماناً للمقومات .

وجوب الزكاة في النقود

1. القرآن الكريم :

قوله تعالي : (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ، فبشرهم بعذاب أليم ) التوبة 34 .

2. السنة :

قوله عليه الصلاة والسلام : ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي فيها حقها .....))(80) .

3. الإجماع :

اتفق المسلمون في كل العصور علي وجوب الزكاة في التقدين : ((الذهب والفضة )) .


زكاة الحلي والتحف الذهبية والفضية

أواني الذهب والفضة وتحفهما :

تجب فيها الزكاة ، ومثلها التماثيل ، وذلك تفريعا علي أصي لا خلاف فيه بين العلماء ، وهو أن ما حرم استعماله واتخاذه من الذهب والفضة تجب فيه الزكاة . وتزكي إذا بلغت النصاب وحدها أو بمال يضاف اليها بأعتبار وزنها أو باعتبار قيمتها لأن براءة الصنعة ترتفع بقيمه هذه الأشياء أرتفاعا كبيراً .

وهذا ما نقله ابن قدامة في كتاب المغني عن بعض الحنابلة .

حلي الرجال المحرم :

تجب فيها الزكاة ومثل الأواني التحف الذهبية والفضية للرجال والنساء ما يتحذه الرجال من الحلي حرمه الشرع عليهم .

ويتزكي إذا بلغ نصاباً بنفسه أوإذا أضيف إليه ماعند المسلم من حال .

ويستثني من ذلك ما كان لضرورة مثل ربط الأسنان بالذهب لمنعها من السقوط مثلاً ، وهذا ما قاله الإمام أحمد .

حلي اللآلئ والجواهر للنساء :

الحلي من الجواهر مثل اللؤلؤ والمرجان والزبرجد والماس ونحوها لا زكاة فيها لأنها مال غير نام ، بل هو حلية ومتاع للمرأة .

وقال تعالي : (وتستخرجوا من حلية تلبسونها) سورة النحل :14 .

وخالف هذه الكثرة البعض من الشيعة إذ أوجبوا فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً لقوله : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) .

أما ما اتخذ للكنز والادخار فيجب أن يزكي .

قيمة الواجب في زكاة الذهب والفضة :

هو ربع العشر أي 2.5 % .

وبعد ، فهذه ه أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة ومقدار الواجب فيها , عرضنها في هذا الباب بطريقة أحسبها ميسرة وواضحة , وأسأل الله عز وجل أن ينفع بها .

وسيأتي في الباب الثاني أوجه أنفاق الزكاة أي مصارف الزكاة كما حددها الله عز وجل في القرآن الكريم .

الباب الثانى : فى مصارف الزكاة

قال تعالى: ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) (( سورة التوبة الآية 60 )) .

ومن هذا النص القرآنى يتضح أن مصارف الزكاة ثمانية هى :

1- الفقراء .

2- المساكين .

3- العاملون عليها .

4- المؤلفة قلوبهم .

5- فى الرقاب .

6- الغارمون .

7- فى سبيل الله .

8- ابن السبيل .

وسنتناول كل صنف من هذه الأصناف الثمانية بالشرح المبسط والتوضيح فى الفصول التالية :

الفصل الأول : (1 , 2 ) الفقراء والمساكين

هناك خلاف بين العلماء على تعريفهما والفرق بينهما , ولكن اتفقوا على أن المستحق للزكاة باسم الفقر والمسكنة هو أحد ثلاثة :

الأول  : من لا مال له ولا كسب أصلاً ة وهو الفقير المعدم .

ثانياً : من له مال أو كسب لا يبلغ نصف حد الكفاية وهو الفقير .

ثالثا: من له مال أوكسب يبلغ أكثر من نصف حد الكفاية ولكن لا يجد تمام الكفاية وهو المسكين .

والمراد بالكفاية للفقير او المسكين كفاية سنة عن المالكية والحنابلة . وأما عند الشافعية فالمراد كفاية العمر الغالب لأمثاله في البلدة .

ويري الشيخ يوسف القرضاوي في رسالته فقة الزكاة أن لكل من الرأيين مجاله الذي يعمل فيه ، ذلك أن الفقراء والمساكين نوعان :

الأول : يستطيع أن يعمل ويكسب ويكفي نفسه بنفسه كالصانع والتاجر والمزارع ، ولكن ينقصه أدوات الصنعة أو رأس المال للتجارة أو آلات الزرع والحرث للزراعة . فالواجب لمثل أ، يعطي من الزكاة ما يمكنه من اكتساب كفاية العمر وعدم الاحتياج الي الكاة مرة أخري لشراء ما يلزمه لمزاولة حرفته وتمليكه إياه .

الثاني : عاجز عن العمل والكسب كالمريض مرضاً مزمناً والشيخ الهرم والأرملة والطفل اليتيم ةوما شباههم ، فهؤلاء لابأس أن يعطوا كفايتهم لمدة سنة أو يعطوا راتباً شهرياً إن خيف بعثرة المال في غير حاجة ماسة وعدم الانضباط في النفقات .

كما يري من الممكن أيضا إقامة مشروعات وتمليك الفقراء والمساكين لأسهمها تملكاً يمكنهم من الحصول علي ربح يكفيهم ويسد حاجتهم ، وفي نفس الوقت لا يمكنوا من سحب أسهمهم أو بيعها .

ونحن نميل إلي رأي الشيخ يوسف ، ولكننا نري بالنسبة للمشروعات أن الأنسب أن تقوم بها الدولة وتعطي من أربحها الفقير العاجز عن الكسب.

والي أن تقوم الدولة بذلك تقام المشروعات بمعرفة لجان الزكاة أو الهيئات الاجتماعية الخيرية .

الفصل الثاني :(3) العاملون عليها

وهم الذين يقومون بجمع الزكاة وتوزيعها في مصارفها كموظفين ويتقاضون مرتباتهم من مال الزكاة .

والدولة المسلمة يجب عليها أن أن تنشئ جهازاً إداريا منظماً لجمع الزكاة بأنواعها ممن تجب عليهم وصرفها في مصارفها المشروعة .

شروط العاملين عليه :

الإسلام والعقل والبلوغ والعلم بأحكام الزكاة علي قدر مسئولياتهم وموقعهم داخل الجهاز الإداري للزكاة ، كما تشترط الأمانة والكفاءة .

مقدار دخل العامل علي الزكاة :

يعطي العامل ما يكافئ وظيفته من أجر دون وكس ولا شطط بشرط أن يكون حدة الأدني الكفاية .

ويري الشافعي أن العاملين عليهل يعطون منها في حدود الثمن ، فهو يري التسوية بين الأطراف الثمانية .

ونحن نري ما يراه الإمام الشافعي من التسوية بين الأصناف الثمانية بحد أدني هو حد الكفاية ، بمعني أن الثمن الخاص بالعاملين عليها قد لا يكفي ، وهنا يؤخذ من أموال الزكاة لإعطائهم ما يكفيهم فهم في ذلك كالفقراء والمساكين .

وهنا سؤال : هل يعطي العامل علي الزكاة من الزكاة ولو كان غنياً ؟

روي أبو داود عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : (( لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله ، أو لعامل عليها ، أو لغارم ،أو لرجل اشتراها بماله ، أو لرجلي كان له جار مسكين فتصدق علي المسكين فأهدها المسكين للغني )) .

قال النووي في المجموع هذا الحديث حسن .

توجيهات نبوية للعاملين :

1. الرفق بالمولين فلا يأخذوا من كرائم اموالهم , ةبل من أوسطها.

2. الدعاء لأصحاب الأموال .

3. ألا يقبلوا هدايا فإنها رشوة .

ملاحظة : بالنسبة للجان الزكاة القائمة الآن فإن أعضاء اللجان يقومون متطوعين بهذا العمل يبتغون رضوان الله وحسن مثوبته فى الدار الآخرة.


الفصل الثالث: (4) المؤلفة قلوبهم

يرى بعض العلماء أن هذا الصنف غير موجود الآن , وأن هذا المصرف قد نسخ من العالم الإسلامى , ولكن كثيرين يرون أنه لم ينسخ , ويرون أنه من حق الإمام وحده صرفه لأنه أقدر الناس على معرفة ما يحتاجه المسلمون وما يصلحهم .

وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصرف لأنواع منها :

1- نوع يرجى إسلامه .

2- نوع يرجى بإعطائه كف شره عن المسلمين .

3- نوع يعطى لتثبيت قلوبهم على الإسلام .

  • سؤال : هل يدخل فى المؤلفة قلوبهم الكفار ؟

ذكر بعض العلماء دخلوهم , غير أن الإمام الشافعى يرى أن الصدقة لا تعطى لمشرك .

  • سؤال : أين يصرف سهم المؤلفة قلوبهم فى عصرنا ؟

يرى الدكتور يوسف القرضاوى أن سهم المؤلفة قلوبهم يصرف على النحو التالى :

‌أ- إعطاء بعض الحكومات غير المسلمة لتقف فى صف المسلمين .

‌ب- معونة بعض الهيئات والجمعيات والقبائل ترغيباً لها فى الإسلام .

‌ج- شراء بعض الأقلام والألسنة للدفاع عن اإسلام وقضاياه .

‌د- يعطى للداخلين فى الإسلام المضطهدين .

وأضيف إلى ماسبق الآتى :

1. الوقوف بجانب المراكز التى كثرت هذه الأيام فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية حتى تقوى فى تلك الدول لأنها تحتاج بجانب الوقوف المعنوى مساندتها مالياً, وثقافياً بالكتب اإسلامية المترجمة إلى لغات تلك البلاد , وإلى إنشاء المدارس اإسلامية ذات الطابع العربى والأجنبى وإلى إنشاء المدارس الإسلامية ذات الطابع العربى والأجنبى وإلى إنشاء المجلات والصحف المحلية والدولية لنشر الفكر الإسلامى هناك .

2. تخصيص بعض الدعاة لنشر الإسلام فى البلاد الوثنية .

3. إنشاء محطات إذاعية موجهة إلى العالم الخارجى لبث الدعوة الإسلامية بلغات دول العالم المختلفة .

4. عقد المؤتمرات فى الدول الإسلامية لإيجاد حوار يقصد به عرض مفاهيم الإسلام الصحيحة , وتنقية المفهوم الخاطئ عن الإسلام والمسلمين , حيث تقوم الصهيونية العالمية والشيوعية الدولية والصليبية المتعصبة بعمل دعاية غاية فى السوء ضد الإسلام والمسلمين .


الفصل الرابع: (5) في الرقاب

وهم الذين لم يتحرروا بعد من أسر نظام الرق الذي كان سائداً في دنيا الناس حينما ظهر الإسلام ، وهم ونوعان :

الأول : أن يعان المكاتب ، وهو العبد الذي اتفق مع سيده علي أن يدفع العبد مبلغاً لسيده نظير أن يعتقه . وقد امر الله المؤمنين أن يكاتبوا من أراد ذلك من عبيدهم ، كما أمرهم المسلمين باعطاء العبد ما يعنيه علي دفع المبلغ الذي كاتب عليه . قال تعالي : (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم أن علمتم فيهم خيراً وآتوا من مال الله الذي آتاكم ) .

الثاني : أيشتري الرجل وحده من زكاتة او يشترك معه آخرون لشراء عبد يعتقه أو أمة يعتقها من أموال زكاته . ولكن الأفضل أن تقوم الدولة بتحرير العبيد والإماء بواقع ثمن الزكاة أي بواقع 12.5 % من مجموع زكاة المال . تحريرهم من رق وعبودية البشر بعد أن تحرروا وجدانياً وأضحوا لا يشعرون بذل العبودية إلا لله الواحد القهار .

  • سؤال : هل يفك الأسير المسلم من سهم الرقاب ؟

جائز في مذهب الإمام أحمد . ورأي آخرون أن فك الأسير المسلم من تحرير العبد وذكر الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار أن الشعوب المستعمرة تعان علي التحريرمن سهم الرقاب


الفصل الخامس:(6) الغارمون

الغارم على مذهب أبي حنيفة هو من عليه دين و لا يملك نصاباً زائدا عن دينه . أما عند مالك والشافعي وأحمد نوعان : غارم لنفسه ، وغارم لغيرة.

1. الغارم لنفسه : من استدان في نفقة أوشراء أثاث ثم لم يستطع السداد,كمايشمل أصحابا الكوارث.

شروط إعطاء الغارم لنفسه :

‌أ- ألا يكون غنيا قادرا علي السداد ، ولو وجد معه ما يقضي بعض الدين ، أعطي بقدر ما يقضي به الباقي . ولو لم يملك شيئا وقدر علي قضائه بالعمل والكسب أعطي ايضا لنه لايمكن قضاؤه إلا بعد زمن ، قد يعرض ما يمكنه من قضائه ولايشطرت أن لا يملك المدين شيئا ليعطي من الزكاة فقد صرح العلماء بانه لايعتبر المسكن والملبس والفراش والآنية والخادم والركوب إن اقتضاها حالة ، بل يقضي دينه وإن ملكها . ولو كان للمستدين ماله لو قضي منه دينه لنقص ماله عن الكفاية ترك له ما يكفية لسنة أوللعمر علي خلاف بين المذاهب كما سبق بيانه ، ويعطي ما يقضي به الباقي .

‌ب- أن يكون قد استدان في طاعة أو امر مباح ليس فيه معصية ولا إسراف ، اما ان كان عاصيا وتاب اعطي من الزكاة .

ج-أن يكون الدين حالاً ، فإنه كان مؤجلا فقد اختلف فيه ، فأجاز بعضهم إعطاءه من الزكاة لهذا السنة ومنع بعضهم ذلك .

د- أن يكون شأن الدين مما يعاقب عليه بالحبس ، فيدخل دين الوالد علي والده والدين علي المعسر ويخرج منها دين الكفارات والزكوات فهي لله .

مقدار ما يعطي الغارم لمصلحة نفسه : يعطي بقدر قضاء دينه .

2- الغارم لمصلحة غيره :

وهم اصحاب المرؤة والمكرمات والهمم العالية ، فهم يغرمون لإصلاح ات البين , فمن تحمل على نفسه مبلغاً نظير الصلح بين فئتين من المسلمين فيأخذ من مال الزكاة لسداد ماتحمله . ويقاس عليه كل من مال الزكاة لسداد ماتحمله.

ويقاس عليه كل من أنفق علي مؤسسة لليتامي ومستشفي لعلاج الفقراء أومدرسة لتعليم المسلمين وتحمل في سبيل ذلك ديناً يعطى من الزكاة .

روى قبيصة بن مخارق الهلالى قال : ((تحملت حماله فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال : أقم حتي تأتينا الدقة فنأمر لك بها . ثم قال :يا قبيصة : إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة :رجل تحمل حماله فحلت له المسألة حتي يصيبها ثم يمسك , ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتي يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش ,ورجل أصابته فاقه حتي يقول ثلاثة من ذوى الحجا من قومه أصابت فلاناً فاقه فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش , فما سواهن من المسألة يا قبيصة فسحت يأكلها صاحبها سحتاً (81) .

القرض الحسن : هل يمكن أن يعطى القرض الحسن من سهم الغارمين قياساً علي إعطاء الغارم الذى عليه دين ؟

قال بجوار ذلك الشيخ يوسف القرضاوى ومشايخنا أبو زهرة والباحث العلامة محمد حميد الله الحيدر أبادى الأستاذ بجامعة أستانبول وباريس وغيرهما , وليتحقق من ذلك محاربة القرض الربوية الشائعة الآن .


الفصل السادس: (7) في سبيل الله

المعنى الأصلى للكلمة لغة : هو كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلي الله .

المعنى الغالب للكلمة : الجهاد حتى صار لكثرة استعمالها كأنه مقصور عليها .

واتفقت الماهب الأربعة المشهورة فى ها المصرف علي الآتي :

1. أن الجهاد داخل في سبيل الله قطعاً .

2. مشروعية الصرف من الزكاة لأشخاص المجاهدين ,بخلاف الصرف لمصالح الجهاد ومعداته فقد اختلفوا فيه .

3. عدم جواز صرف الزكاة في جهات الخير والأصلاح العامة من بناء السدود والقناطر وإنشاء المساجد و المدارس وإصلاح الطرق وتكفين الموتى ونحو ذلك , وإنما عبء هذهالأمور علي موارد بيت المال الأخرى .

وانفرد أبو حنيفة باشتراط الفقر في المجاهد , كما انفرد أحمد بجواز الصرف للحجاج والذين يؤدون العمرة .

واتفق الشافعية والحنابلة علي اشتراط أن المجاهدين الذين يأخذون الزكاة من المتطوعين غير المرتبين في الديون .

واتفق ما عدا الحنفية علي مشروعية الصرف علي مصالح الجهاد في الجملة .

أين يصرف في سبيل الله في عصرناً ؟

بعد أن ذكر الشيخ يوسف القرضاوى في رسالة فقه الزكاة آراء الفقهاء القدامى والمحدثين حصر هذا المصرف على الوجه التالي :

أولاً: تحرير أرض الإسلام من حكم الكفار سواء أكان هؤلاء الكفار يهوداً أم نصاري أم وثنيين أم ملحدين لا يدينون بدين مثل فلسطين وكشمير وأريتريا وتشاد والصومال الغربي , وتكون مثل هذة الحرب جهاداً إذا قام بها مسلمون همهم أن يطروا حكم الكفر ليقيموا مكانه حكم الإسلام ويسقطوا راية الجاهلية ليرفعوا مكانها راية التوحيد .

ثانياً :السعى لإعادة حكم الإسلام جهاد في سبيل الله .

أجل إنأهم وأول ما يعتبر الآن في سبيل الله هو العمل الجاد لاستئناف حياة إسلامية صحيحة تطبق فيها أحكام الإسلام كله , ونعنى بالعمل الجاد ذلك العمل الجماعي المنظم الهادف لتحقيق نظام الإسلام , وإقامة دولة الإسلام .

ونستطيع أننضرب أمثلة لبعض الأعمال التي تحتاج إليها رسالة الإسلام في هذا العصر :

أ-إنشاء مراكز الدعوة إلي الإسلام الصحيح , وتبليغ رسالته إلي غير المسلمين في كافة القارات .

ب-إنشاء مراكز إسلامية واعية في داخل بلاد الإسلام نفسها تحتضن الشباب المسلم وتقوم علي توجيهة الوجهة الإسلامية الصحيحة .

ج-إنشاء صحف إسلامية خالصة , ونشر كتاب إسلامى أصيل بصفة دورية يحسن عرض الإسلام .

3-تفرغ رجال أقوياء أمناء مخلصين للعمل في المجالات السابقة , ومعاونة الدعاة إلي الإسلام الحق .


الفصل السابع: (8) ابن السبيل

ابن السبيل عند جمهور العلماء هو المسافر الذي ينتقل من بلد إلي بلد , والسبيل هو الطريق .

المنشىء في للسفر والمنقطع في الطريق :

هل ينطبق وصف ابن السبيل علي المسافر الذى انقطع به الطريق دون غايته فقط ؟ أم يشمله ويشمل الذى يريد أن يبدأ السفر إلي بلد أيضاً؟

قال الجمهور : إن المنشىء للسفر أي الذي سيبدأ في السفر لا يدخل في وصف ابن السبيل .

وقال الشافعى : ابن السبيل هو الغريب المنقطع والمنشىء للسفر أيضا أي من يريد سفراً ولايجد نفقة , فيدفع إليهما ما يحتاجان إليه لذهابهما وعودتهما .

رأى الشيخ يوسف القرضاوى :هو رأى الجمهور لأنه أكثر انطباقاً علي وصف ابن السبيل في الآية وأقًرب إلي هدف التشريع .

ويقول أيضاً :إن رأى الإمام الشافعى رضى الله عنه يؤخذ به فيمن يسافرون لمصلحة عامة يعود نفعها علي الإسلام والمسلمين.

شروط إعطاء ابن السبيل من مال الزكاة :لإعطاء ابن السبيل من مال الزكاة شروط بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه :

الأول :أن يكون محتاجاًفي ذلك الموضع الذى هو به إلي ما ينتقله إلي بلده , فإن كان عندهما ينقله فلايعطى من مال الزكاة .

الثانى :أن يكون سفره في غير معصية , أما من كان سفره معصية فلا يعطى من الزكاة شىء .

الثالث:ألايجد من يقرضه في ذلك البلد الذى هو فيه , وهذا فيمن له مال ببلده ويقدر علي سداد القرض منه .

وهذا الشرط إنما اشترطه بعض المالكية والشافعية وخالفهم آخرون من علماء المذهبين :

ابن العربي والقرطبي : رجح ابن العربي والقرطبي أن ابن السبيل يعطى من الزكاة ولو وجد من يقرضه , قال ((وليس يلزم أن يدخل تحته منة أحد , وقد وجد منة الله ونعمته )) .

النووى : وقال النووى : لو وجد ابن السبيل منيقرضه لغايته لم يلزمه أن يقترض منه , بل يجوز صرف الزكاة إليه .

الحنفية : وقالوا الأولى له أن يستقرض إن قدر , ولا يلزم ذلك لجواز عجزه عن الأداء , وهذة علة أخرى تضاف إلى ما ذكره ابن العربي والقرطبي فهما علتان تمنعان وجوب الاستقراض علي ابن السبيل .

الأولى : أن في الاستقراض قبولاً لمنة الناس ولم يكلفه الله ذلك .

الثانية : جوازعجزه عن سداد الدين وفي ذلك ضرر به وبالدائن .

كم يعطى ابن السبيل ؟

1. يعطى ابن السبيل من النفقة والكسوة ما يكفيه إلي مقصده أو موضع ماله ,و إن كان معه مال لا يكفيه أعطى مايتم به كفايته .

2. ويوفر له ما يركبه إن كان سفره طويلاً .

3. ويعطى جميع مؤن سفره .

4. ويعطى إن كان قادراً على الكسب أم لا .

5. ويعطى مايكفيه فى ذهابه ورجوعه إن كان يريد الرجوع , وليس له فى مقصده مال .

6. وأما نفقة الأقامة فقد فصل فى ذلك الشافعية فقالوا : إن كانت إقامته دون أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج أعطي لها لأنه في حكم المسافر ، وإن طال مقامه إذا كان علي مقيماً لحاجة ينجزها .

وإذا رجع ابن السبيل وبقي معه شئ من مال هل يسترجع منه أم لا ؟

قال الشافعية : نعم سواء قَترَ علي نفسه أم لا .

وقيل : قَترَ علي نفسه لم يرجع بما بقي .

حالات ابن السبيل :

1. من انقطع عن بلده وماله ولو كان غنياً .

2. المشردون واللاجئون ، إن كان لهم مال وملك في أوطانهم ولكن لا سلطان لهم في حاضرهم عليه ، ولا سبيل لهم إليه فهم اغنياء ملكاً فقراء يداً .

3. من له مال ولا يقدر عليه ولو في بلده .

4. المسافرون لمصلحة بشرط أن يكون هذا السفر في مصلحة معتبرة للإسلام أو للجماعة المسلمة . 5. اللقطاء .


الفصل الثامن: أقوال الفقهاء حول أصناف المستحقين

مذاهب الفقهاء في استيعاب الأصناف :

اولاً: الشافعي ومن وافقه: يرى الأمام الشافعى أنه إن قسم بين الأصناف الثمانية بالسوية إن وجدوا , وإلا كالموجود منهم .

ولا يجوز ترك صنف منهم مع وجوده . وأن يدفع كل نف ثلاثة فصاعدا إلا العامل فيجوز أن يكون واحداً .

ووافقه عكرمة وعمر بن عبدالعزيز وداود وراوية عن الإمام أحمد .

ثانياً : المخالفين : وخالف مالك وأبو حنيفة وأصحابهما ولم يوجبوا استيعاب الأصناف الثمانية في القسمة .

وأجاز بعض العلماء وضعهافي صنف واحد .

وقال البعض : إن كان كثيراً فرقه في الأصناف وإن كان قليلاً أعطاه صنفاً واحداً .

وقال البعض الآخر : إذا قام المزكى بالتوزيع جاز له ألا يستوعب الأصناف وأما إذا وزعه الإمام وجب عليه استيعاب الأصناف إن وجدوا .

ويرى الإمام مالك أن ذلك يخضع لرؤية ولي الأمر فيؤثر أهل الحاجة والعدد إذا كان في أحد الأصناف , وقد يتحول عنه إلي غيره إذا تحول العدد والحاجة إليه .

ثالثا  : ويفضل في ذلك الشيخ يوسف القرضاوي علي النحو التالي :

1. ينبغي تعميم أصناف المستحقين إذا كثر المال ووجدت الأصناف وتساوت حاجاتهم أو تقاربت وهذا في حق الإمام أو الخليفة .

2.عندما التعميم للأصناف الموجودة ليس بواجب أن نساوي بين كل صنف وآخر في قدر ما يصرف إليه ، إنما يكون ذلك حسب العدد والحاجة .

3. يجوز صرف الزكاة كلها لصنف واحد لتحقيق مصلحة معتبرة شرعاً تقتضي هذا التخصيص ويجوز هذا التفصيل بين أفراد الصنف الواحد حسب حاجاتهم .

4.ينبغي أن يقدم الفقراء والمساكين أثناء التوزيع فلا يجوز حرمانهم من الزكاة لأجل صنف آخر إلا في ظرف خاصة مؤقتة تجعل علاجها مقدماً علي علاج الفقر والمسكنة .

5.ينبغي الأخذ بمذهب الإمام الشافعي في تحديد الحد الأقصي الذي يصرف للعاملين علي الزكاة وهو الثُمْنُ أي 12.5 % فلا يجوز الزيادة عليه حتي لا يضيع الهدف الأساسي من الزكاة .

6.إذا كان مال الزكاة قليلاً كزكاة فرد واحد ليس بذي ثروة ، فهنا يعطي لصنف واحد أو فرد واحد إذا كان في ذلك المصلحة بدلاً من أن توزع علي عدد كثير فتضيع الفائدة المرجوة من الزكاة .

ملاحظة : نري ألا يحرم من الزكاة الفقراء والمساكين في حالة الكوارث والظروف الطارئة لأن الله سبحانه وتعالي ذكر الفقراء والمساكين في صدر الآية التي تحدد مصارف الزكاة فلا يقدم عليها صنف آخر ، ولأن الظروف الطارئة أو الكوارث ستؤدي إلي زيادة الفقراء والمساكين فيكونون سواء .

هل يعطي الفساق من الزكاة ؟

أجاز بعض الفقهاء إعطاءهم ما داموا باقين علي أصل الإسلام .

وقال بعض المالكية لا يجوز صرف الزكاة لأهل المعاصي إن ظن أنهم يصرفونها في تلك المعاصي ، والظن هنا هو الظن الغالب .

ويري الشيخ يوسف القرضاوي أن الفاسق إن كان لا يؤذي المسلمين بفسقه ولا يتحداهم بفجوره وماعصيه فلا يعطي من إعطائه ، أما إن كان يجاهر بفسقه ويتبجح بإبحيته فلا يعطي من الزكاة حتي يتوب ويعلن عن توبته ، ولكن يعطي أولاده ومن يعولهم من أموال الزكاة فلا يؤخذوا هم بجريرته .

هل يعطي أهل البدع من الزكاة ؟

أجاز ذلك أهل السنة إن لم تكن بدعتهم من أنواع البدع المكفرة .

هل تدفع الزكاة للزوج والوالدين والأقارب ؟

يرى الشيخ يوسف أن الأقارب هم أولي بالزكاة ما عدا الزوج والأولاد والأبوين إذا لم توفر الدولة لأقارب من أموال المسلمين ما يكفيهم .

وللزوج أن يأخذ من زكاة زوجته لأنه لا تجب عليها نفقته ويرى بعض الفقهاء أن زكاة الرجل لا تخرج إلي أقاربه الذين تجب عليه نفقتهم .

زكاة القطر

حكمها :الوجوب .

الدليل : ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ((أن رسول الله صلي الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر في رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير علي كل حر أوعبد , ذكراً أو أنثى من المسلمين )) .

على من تجب الزكاة ؟ فريضة عامة علي الأشخاص من المسلمين , لافرق بين حر وعبد ,ولا ذكر وأنثي , ولا بين صغير وكبير , بل ولا بين غنى وفقير إذاتوافر عنده قوت يومه وليلته هو ومن يعول .

المقدار الواجب :صاع من غالب قوت أهل البلد ويجوز إخراج القيمة .

وقت الوجوب: من غروب الشمس آخر يوم في رمضان حتى صلا ة العيد .

لمن تصرف : اختلفت الآراء إلي ثلاثة أقوال :

1.قول بوجوب قسمتها علي الأصناف الثمانية , أو من وجد منهم بالسوية وهو المشهور عند الشافعية .

2.قول يجوز قسمتها علي الأصناف ويجوز تخصيصها بالفقراء وهو قول الجمهور .

3. قول بوجوب تخصيصها للفقراء وهو مذهب المالكية وأحد قولي الإمام أحمد ورجحه ابن القيم وابن تيمية .

4.والرأى المختار تقديم الفقراء علي غيرهم إلا لحاجة ومصلحة إسلامية معتبرة .


الفصل التاسع: كيفية أداء الزكاة

الزكاة حق ثابت مقرر في شريعة الإسلام ((فريضة من الله)) , وهذا الحق ليس موكولاً للأفراد يؤديه منهم من يرجو الله واليوم الآخر , ويدعه من ضعف يقينه بالآخرة وقل نصيبه من خشية الله , وأخلد إلي الأرض واتبع هواه .

كلا إنها ليست إحساناً فردياً , وإنما هى تنظيم اجتماعى تشرف عليه الدولة ويتولاه جهاز إدارى منظم يقوم علي هذة الفريضة جباية ممن تجب عليهم , وصرفاً إلي من تجب لهم .

برهان ذلك في الكتاب والسنة :

القرآن الكريم :

قوله تعالى : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليمٍ حكيم) .
وقال تعالى في نفس السورة التى ذكر فيها مصارف الزكاة : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) .

السنة النبوية :

أما في السنة النبوية ففي حديث ابن عباس في الصحيحين وغيرهم أن النبى صلي الله عليه وسلم حين بعث معاذاً إلي اليمن قال له : ((أعلمهم أن الله افترض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم , فإن هم أطاعوك لذلك , فإياك وكرائم أموالهم , واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )) (82) .

وقال شيخ الإسلام الحافظ بن حجر معقباً علي الحديث : ((استدل به علي أن الإمام هو الذى يتولى قبض الزكاة وصرفها , إما بنفسه وإما بنائبه , فمن امتنع منهم أخذت منه قهراً )) .

وقد جاءت أحاديث كثيرة في توجيه هؤلاء العاملين علي الزكاة , وهذا الذى جاءت به السنة النبوية القولية أكدت السنة العملية والواقع التاريخي الذى جرى عليه العمل في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده .

وكان عليه الصلاة والسلام يزودهم بالنصائح والتعليمات اللازمة لهم في معاملة أرباب الأموال ويوصى دائماً بالرفق بهم والتيسير عليهم دون تهاون في حق الله , كما كان يحذر هؤلاء الجباة من تناول شىء من المال بغير حق مهما يكن قليلاً .

وكثير من الأحاديث الصريحة أيضاً والفتاوى الحاسمة من الصحابة الكرام تجعلنا ندرك بل نوقن : أن الأصل في شريعة الإسلام أن تتولي الحكومة المسلمة أمر الزكاة فتجبيها من أربابها , وتصرفها على مستحقتها , وأن على الأمة أن تعاون أولياء الأمر في ذلك إقراراً للنظام وإرساء لدعائم الإسلام , وتقوية لبيت مال المسلمين وذلك للأسباب الآتية :

أولاً: أن كثيراً من الأفراد قدتموت ضمائرها فلا ضمان للفقير إذا ترك حقه لمثل هؤلاء .

ثانياً : في أخذ الفقير حقه من الدولة لا من الشخص الغنى , حفظ لكرامته وصيانة لماء وجهه من أن يراق بالسؤال ورعاية لمشاعره أن يجرحها المن أو الأذى .

ثالثاً: أن ترك هذا الأمر للأفراد يؤدى إلى الفوضى في التوزيع , فقد ينتبه أكثر من غنى لإعطاء فقير واحد ,وعلى حين يغفل عن آخر , فلا يفطن له أحد , وربما كان أشد فقراً .

رابعاً: إن صرف الزكاة ليس مقصوراً على الأفراد من الفقراء المساكين وأبناء السبيل ,فمن الجهات التى تصرف فيها الزكاة مصالح عامة للمسلمين لا يقدرها أولياء الأمر وأهل الشورى فى الحماعة المسلمة .

خامساً: أن الإسلام دين ودولة وقرآن وسلطان , ولابد لهذا السلطان وتلك الدولة من مال تقيم به نظامها ,ويكون للزكاة ميزانية خاصة وحصيلة مستقلة قائمة بذاتها ينفق منها على مصارفها الخاصة المحدودة .

جاء في شرح المهذب وغيره والذى نص عليه المحققون أن الإمام أو السلطان إذا كان جائراً لايضع الصدقات في مصارفها الشرعية , فالأفضل لمن وجبت عليه أن يؤديها لمستحقيها بنفسه إذا لم يطلبها الإمام أو العامل من قبله .


الفصل العاشر : أحكام عامة

أحكام عامة

أ‌- النية : اشترط الجمهور وجود النية عند إخراج الزكاة لأنها عبادة فاحتاجت إلى نية لقوله عليه الصلاة والسلام : (( إنما الأعمال بالنيات....)). رواه البخارى .

ب‌- دفع القيمة : اختلف الفقهاء فى جواز دفع القيمة بدلاً عن العين فى الزكاة , فمنع منه الشافعية والظاهرية وظاهر مذهب الإمام أحمد , وعند المالكية روايات .

وأجاز الحنيفة وروى عن الإمام أحمد القول بالجوازفيما عدا زكاة الفطر وبعض أقوال المالكية .

وأما الفقهاء المحدثون فمالوا إلى المجوزين لإخراج القفيمة لما تقتضيه المصلحة فى هذه الأيام ولقوة أدلة المجوزين .

ت‌- نقل الزكاة : الأصل المتفق عليه أن الزكاة تصرف فى بلد المال الذى وجبت فيه الزكاة .

ومن المتفق عليه أيضاً أن أهل البلد إذا استغنوا عن الزكاة كلها أو عن بعضها لانعدام الأصناف المستحقة أو قلة عددها وكثرة مال الزكاة جاز نقلها إلى غيرهم .

والأمر موكول إلى الإمام يتصرف فيها حسب الحاجة أو إلى اقرب البلاد إليهم .

أما النقل عند عدم استغناء أهل البلد فاختلفوا فيه على النحو التالى :

قال المالكية : يجب صرفها فى موضع الوجوب أو قربه , وهو مادون مسافة القصر .

الشافعية والحنابلة: شددوا فقالوا لايجوز نقل الزكاة من بلد إلى آخر , بل يجب صرفها فى بلد المال .

الحنفية : فقالوا بكراهية نقلها إلا أن ينقلها إلى قرابة محتاجين لما فى ذلك من صلة الرحم , أو إلى أفراد أو جماعة أو من دار الحرب إلى دار الإسلام أو إلى عالم أو طالب علم لإعانتهم على رسالتهم أو نقلها إلى من هو أورع أو أصلح أو أنفع للمسلمين أو كانت زكاة معجلة قبل تمام الحول , فإنه فى هذه الصورة جميعاً لا يكره النقل .

المحدثون : ويميل الفقهاء المحدثون إلى رأى أبى حنيفة ومدرسته .

ث‌- تعجيل الزكاة وتأخيرها :

وجوب الزكاة على الفور : يرى الجمهور أن إخراجها يجب على الفور إلا فى حالة الضرر فى النفس أو المال فله تأخيرها مالم يطالب .

تقديم الزكاة قبل موعدها : الأموال الزكوية قسمان :

الأول : يشترط له حولان الحول كالماشية والسائمة والنقود وسلع التجارة.

الثانى : لا يشترط له حولان الحول كالزروع والثمار .

فأما القسم الأول فاجاز أكثر الفقهاء تقديم الزكاة قبل حلول الحول إذا اكتمل النصاب , بل ويجوزون تعجيلها لحولين أو أكثر .

وأما القسم الثانى فلا يجوز التقديم .

تأخير الزكاة عن موعدها :

لا يجوز تأخير الزكاة عن موعدها إلا لحاجة أو مصلحة معتبرة مثل:

أ‌- تأخيرها ليدفعها لفقير غا~ب هو أشد حاجة من الحاضرين , أو تأخيرها إلى قريب ذى حاجة لمال فحقه مؤكد .

ب‌- عذر مالى حل به فأحوجه إلى مال الزكاة فينفقه ويبقى ديناً فى عنقه وعليه الأداء فى فرصة تسنح له .

والزكاة لا تسقط بالتقادم ولا بموت المزكى وعليه زكاة . وإذا فصل الزكاة عن ماله فضاعت أو احترقت أو سرقت فهل يضمنها ؟

اختلفت الأقوال :

1. قول انه لايضمن بإطلاق .

2. قول أنه يضمن بإطلاق .

3. قول أنه فرط ضمن , وإن لم يفرط لم يضمن .

4. قول أنه إن فرط ضمن , وإن لم يفرط زكى مابقى .

الضريبة والزكاة:

الضريبة ليست من الزكاة ولا تصلح بديلاً عنها وهناك حقوق فى المال طارئة غير ثابتة ولا مقدرة بمقدار معلوم كما فى الحديث : (( فى المال حق سوى الزكاة )) . وهو مايعرف فى الفقه الإسلامى بالتوظف أو الكلف السلطانية , والذى يجد فيه إعادة التوازن المالى والاجتماعى فى حالة الظروف الاستثنلئية أو الحالات الطارئة .

ويعتبر هذا فرض من فروض الكفايات , ونسميه بالفرض الاحتياطى وهو الذى أشارت إليه أيضاً الآية الكريمة : ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والنغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر واملائكة والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى ...) .

وعلى ذلك يكون الفرض الاحتياطى المشابه للضريبة الآن غير الزكاة التى تخرج سنوياً بمقادير ثابتة .


جداول الزكاة وأنصبتها


النوع الأول : الذهب والفضة وعروض التجارة ومافى حكمها ويشترط فيها حولان الحول أى مضى سنة

نوع المال
قيمة النصاب
قيمة الواجب
ملاحظات
الذهب
85 جرام 2.5% يتخذ نصاب الذهب مقياساً للنصاب فى هذه الأنواع
الفضة
200 درهم 2.5% الدرهم 3.1 جرام فيكون النصاب 624 جرام فضة
أوراق البنكنوت
ما يساوى 85 جم ذهب
2.5% .
ما أتخذ للكنز من الحلى أو جاوز المعتاد
85 جرام أو 624 جرام فضة 2.5% أوانى الذهب والفضة تجب فيها الزكاة وما اتخذ للزينة المعتادة لا تجب فيه الزكاة .
سلع التجارة
ما يساوى 85 جم ذهب
2.5% ويحسب رأس المال والربح وتقوم عروض التجارة بالسعر الحالى ويجوز إخراج عين السلعة أو قيمتها وهو أفضل
الأسهم
ما يساوى 85 جم ذهب
2.5% ويحسب قيمة الأسهم وأرباحها
السندات
ما يساوى 85 جم ذهب
2.5% وحسابها كالأسهم ولا عبرة بكون السندات والأسهم إلا من جهة واحدة أما الشركة أو صاحب الأسهم والسندات منعاً من الازدواج .
المفارخ وما شابهها
ما يساوى 85 جم ذهب
2.5% وهى فى حكم السلع التجارية


النوع الثانى : الزروع والثمار والمنتجات الحيوانية وما فى حكمها ولا يشترط فيها حولان الحول وهى :

نوع المال
قيمة النصاب
قيمة الواجب
ملاحظات
الزروع والثمار :

‌أ- مايكال

‌ب- مالايكال

خمسة أوسق
10 % بلا مشقة

5 % بمشقة

*الوسق 60 صاعاً والصاع 4.8 رطلاً فيكون النصاب 1440 رطلاً أو 653 كيلو جرام = 60 كيلة والزرع الذى يسقى بماء المطر يقال إنه يزرع بلا مشقة .
  • أما ماتستخدم فى ريه الآلات مثل الساقية أو الميكنة فيقال إنه يزرع بمشقة .
  • ووقت تزكية الزرع هو يوم حصاده .
العسل
ما قيمته خمسة أوسق من أوسط مايكال أو إذا بلغ وزنه 653 كجم 10 % بلا مشقة

5 % بمشقة

ويزكى عند إنتاجه وتسويقه
المنتجات الحيوانية مثل الألبان والبيض والحرير وغيرها
ما قيمته خمسة أوسق من أوسط مايكال أو إذا بلغ وزنه 653 كجم 10 % بلا مشقة

5 % بمشقة

والمشقة هنا بالجهد والتكاليف وتزكى عند إنتاجها فى حالة تزكية الأصل
الركاز والمعادن:

أ- الكنوز

‌ب- المعادن

ليس لها نصاب ، وعند الشافعية وحدهم ماقيمته 85 جم ذهب
20% ، 10% ، 5% ، 2.5% وتزكى عند العثور عليها ، تحسب التكاليف وتزكى بعد إنتاجها
السمك ومستخرجات البحر
ما قيمته 85 جم ذهب
10% بلا مشقة

5% بمشقة من صافى الربح

ويقدر مقابل الاستهلاك وحوالى الثلث أو الربع من الربح ويخصم منه
المستغلات مثل العمارات والمصانع
مايبلغ قيمته فى عام أو أقل 85 جم ذهب
10 % أو 5 % من صافى الربح ويقدر مقايل الاستهلاك وحوالى من الثلث أو الربع من الربح ويخصم منه
كسب العمل والمرتبات والمال المستفاد من المكافآت
ما يبلغ قيمته 85 جم ذهب
2.5 % ويزكى بعد إخراج النفقات عند نهاية الحول ويحسب نصاب المرتب خلال سنة كاملة

النوع الثالث : الأنعام

نوع المال
قيمة النصاب بالرأس
قيمة الواجب
ملاحظات
الأبل
5 ـ 9

10 ـ 14

15 ـ 19

20 ـ 24

25 ـ 35

36 ـ 40

46 ـ 60

61 ـ 75

76 ـ 90

91 ـ 120

121 ـ 129

130 ـ 139

140 ـ 149

150 ـ 159

160 ـ 169

170 ـ 179

180 ـ 189

190 ـ 199

200 ـ 209

شاة

2 شاة

3 شاة

4 شاة

بنت مخاض

بنت لبون

حقة

جزعة

2 بنت لبون

2 حقة

3 بنت لبون

2 بنت لبون +حقة

2حقة + بنت لبون

3 حقة

4 بنت لبون

3 بنت لبون + حقة

3 بنت لبون + 2 حقة

3 حقة + بنت لبون

4 حقة أو 5 بنت لبون

ليس فى الأوقاص شئ أو ليس فيما بين الحدين شئ .

بنت مخاض: أنثى أتمت سنة ودخلت الثانية

بنت لبون: أنثى أتمت سنتين ودخلت الثالثة

حقة: أنثى أتمت ثلاث سنين ودخلت الرابعة .

جزعة: أنثى أتمت أربع سنين ودخلت الخامسة .

البقر والجاموس
30

40

60

70

80

90

100

تبيع

مسنة

2 تبيع

مسنة + تبيع

2 مسنة

3 تبيع

2تبيع + مسنة

.
الغنم
40 ـ120

121 ـ 200

201 ـ 300

وهكذا فى كل مائة

شاة

2 شاة

3 شاة

... شاة


الخيل
5 وتقوم الخيل ويدفع 2.5 % مثل عروض التجارة
ويقاس عليه كل الحيوانات السائمة.


تم بعون الله تعالى

والحمد الله رب العالمين


المراجع

الباب الأول

1. سورة التوبة 58

2. رواه الشيخان وغيرهما

3. جزء من حديث صحيح رواه مسلم (( الصلاة نور والصدقة برهان والصوم ضياء ))

4. محاسبة زكاة المال للدكتور حسين حسين شحاته ص 27 : 28

5. سورة المعارج الآية 24 .

6. سورة المعارج الآية 24 .

7. سورة الذاريات الآية 19 .

8. سورة التوبة الآية 60 .

9. سورة التوبة الآية 103 .

10. سورة الأنبياء 73 .

11. سورة المائدة 31 .

12. سفر الأمثال .

13. إنجيل لوقات الفقرات من 10 – 11 .

14. فقه الزكاة ج1 ص 61 للدكتور يوسف القرضاوي .

15. رواه الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي وقال الحاكم صحيح علي شروط مسلم .

16. رواه ابن ماجة والبزار والبيهقي واللفظ له من حديث ابن عمر ، ورواه الحاكم وصححه ووافقه . 17. رواه أحمد والنسائي وأبو داود .

18. فقه الزكاة ج1 ص 98 وما بعدها مرجع سلبق .

19. الأموال ص 541 وما بعدها لأبي عبيد .

والخبر المشهور رواه ابن أبي شيبة يوسف في لبخراج ويحيي بن آدم في الخراج والبلاذري في فتح البلدان .

قال الشيخ أحمد شاكر روي من طرق كثيرة تطمئن النفس أن له أصلاً صحيحاً .

20.هذا التعريف لفقهاء الحنفية .

21. سورة التوبة الآية 34 .

22. سورة الأنعام الآية 141 .

23. سورة البقرة الآيه 279 .

24. سورة البقرة الآية 276 .

25. سورة التوبة الآية 103 .

26. سورة الذاريات الآية 19 .

27. مطلب أولي النهي شرح غاية المنتهي ج2 ص 116 .

28. البحر الرائق ج2 ص 318 .

29. المجموع النووي ج2 ص16 .

30. البحر الرائق ج2 ص 221 .

31. الأموال ص 23 .

32. صحيح مسلم بشرح النووي ج2 ص55 .

33. فقد الزكاة ج1 ص 146 _ 149 مرجع سابق .

34. محاسبة الزكاة للدكتور حسين حسين شحاتة ص 141 وما بعدها طبعة الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية غام 1400 ه _ 1980 م .

35. حاشية ابن عابدين ج2 ص6 نقلا من فقه الزكاة ج1 مرجع سابق.

36. فقه الزكاة ج1 ص153 مرجع سابق .

37. سورة البقرة الآية 219 .

38. انظر بداية المجتهد ص 238 .

39. بداية المجتهد ص 238 مرجع سلبق .

40. سورة يس 71 _ 73 .

41. حديث متفق غليه .

42. رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي والحاكم .

43.رواه أبو داود والطبراني بسند جيد .

44. فقه الزكاة ج 1 ص193 وما بعدها مرجع سابق .

45. في الصحيحين عن أبي هريرة .

46. نصيب الراية ج3 ص359 نقلا عن فقه الزكاة . المرجع السلبق .

47. فقه الزكاة ج1 ص222 _ 232 المرجع السابق .

48. محاسبة زكاة المال 183 للدكتور حسين حسين شحاتة مرجع سابق .

49. محاسبة زكاة المال 184 للدكتور حسين حسين شحاتة مرجع سابق .

50. رواه أحمد وأبو داود والنسائي .

51. محاسبة زكاة المال للدكتور حسين حسين شحاتة مرجع سابق ص185 .

52. الزكاة في الإسلام للشيخ حسن أيوب ص79 وما بعدها .

53. رواه الطبرني .

54. رواه الطبراني .

55. أخرجه الدارقطني .

56. سورة البقرة 267 .

57. الذاريات 18 .

58. سورة المعارج .

59. الميزان ج1 ص105 .

60. مذهب الظاهرية والإمامية والشوكاني .

61. محاسبة زكاة المال للدكتور حسين حسين شحاتة مرجع سابق ص197 .

62. أصول المحاسبة لزكاة عروض التجارة وضريبة الأرباح التجارية والصناعية دراسة مقارنة تأليف رفعت ناصف محمد عوض ص33 نقلا من كتاب محاسبة زكاة المال للدكتور حسين حسين شحاتة مرجع سابق صض197 .

63. محايبة زكاة المال مرجع سابق ص198 .

64. أبو عبيد بن سلام ((الأموال)) ص426 وما بعدها مرجع سابق .

65. حلقة الدراسات الاجتماعية ((أبحاث خاصة بالزكاة )) جامعة الدول العربية _ الدورة الثالثة دمشق _ ديسمبر 1952 ص272 .

66. من الفريق المالكية والحانبلة المتأخرين ومن العلماء والفقهاء المعاصرين محمد أبو زهرة وعبد الوهاب خلاف وعبد الرخمن حسن وشوقي إسماعيل شحاتة ويوسف القرضاوي وحسين حسين شحاتة وعبد الخالق النواوي .

67. منهم عبد الوهاب خلاف ومحمد أبو زهرة وعبد الرحمن حسن ويوسف القرضاوي .

68 . و 69. محاسبة زكاة المال للدكتور حسين شحاتة ص151 مرجع سابق .

70. فقه الزكاة ص485 مرجع سابق .

71. محاسبة زكاة المال مرجع سابق .

72. محاسبة الزكاة ص167 مرجع سابق .

73. البادئ الإسلامية في نظريات التقويم في المحاسبة ص62 عام 1959 رسالة دكتوراة .

74. محاسبة زكاة المال للدكتور حسين حسين شحاتة مرجع سابق ص258 وما بعدها .

75. الأموال ص 498 .

76. الأموال ص348 .

77. المغني ج3 ص28 .

78. شرح الترمذي ج3 ص104 .

79. رواه الترمذي وقال حسن صحيح فلم يفصل الرسول صلي الله عليه وسلم بين مال ومال .

80. الميزان ج1 ص105 .

81. هم : أنس بن مالك وجابر بن زيد والحسن وسعيد بن المسيب ومحمد .

82. رواه أحمد والنسائي ومسلم وأبو داود .

83. صحيح ومتفق عليه .

84. رواه الخمسة إلا ابن ماجة ، وذكره ابن حزم في المحلي عن سهل بن ابي خيثمة .

85. صحيح مسلم والبخاري وأبو داود وابن المنذر وابن حاتم ثم مردويه عن أبي هريرة .


الباب الثاني

1. رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود .

2. رواه الجماعة عن ابن العباس .