السيادة الوطنية ومفهوم الأمة والمقاومة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


بقلم م / علي عبد الفتاح

أثارت قضية (حزب الله) الأخيرة الكثير من الجدل بين النخب المثقفة حول عدة مفاهيم: السيادة الوطنية، الأمن القومي، مفهوم الأمة، ومشروعية المقاومة.

بدايةً.. السيادة الوطنية تعني الوجود الحر المستقل الآمن الذي به تتحقق مصالح البلاد، بعيدًا عن التهديد، ومعناه أن تملك الدولة سلطةً عليا حرةً في إدارة شئونها داخليًّا وخارجيًّا، أما علاقة السيادة الوطنية بالأمن القومي فهي علاقة طردية؛ بمعنى أنه كلما زادت مساحة السيادة الوطنية كلما أمكن تحقيق الأمن والاستقرار.

أما مظاهر السيادة فهي:

1) الحرية.

2) الاستقلال.

3) حق تقرير المصير.

والسيادة الوطنية مجالها نطاق حدود الدولة، تنتهي بنهاية حدودها، لكن في المقابل.. هل معنى السيادة الوطنية انفصال الدولة وعزلتها عن محيطها العربي والإسلامي؟ المفهوم العلماني للدولة يجعلنا نقبل بالدولة اليهودية؛ لأن ما يشغل العلمانيين هو حدودنا فقط، أما خارج الحدود فليس لنا به شأن، فأن تقام دولة صهيونية أو يهودية خارج الحدود على أرض عربية أو فلسطينية لا يهمُّ؛ لأن مفهوم العلماني للدولة يقطع أي انتماء للدولة الحديثة خارج حدودها الجغرافية، وبالتالي فهو يفصل الدولة عن انتمائها العربي والإسلامي، ويجعلها لا تهتم بقضايا العروبة والإسلام، وأن هدف الوحدة العربية غير مستهدف، وهي بالتالي ضد مفهوم الأمة الإسلامية و?وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً? (المؤمنون: من الآية 52) خارج السياق، وبالتالي هي ضد فكرة سوق عربية مشتركة، وضد فكرة دفاع عربي مشترك.

أما المفهوم الإسلامي للدولة فيجعلنا لا نقبل فكرة الدولة الصهيونية؛ لأنه يفرض على الدولة الإسلامية ألا تقبل على حدودها كِيانًا يهدد ثوابتها (اللغة، الهُوِيَّة، الامتداد، التواصل العربي والإسلامي) بل يفرض عليها إعلان الحرب؛ لأن دولة يهودية على الحدود تهديد واضح للأمن والاستقرار، وهو أيضًا ضد السيادة، فإذا انتقص الأمن انتقصت السيادة الوطنية، بل يفرض عليها أن تُجيِّش الجيوش وتوظِّف الإمكانيات والموارد في مواجهة الخطر الداهم على أمن الأمة واستقرارها وتواصل أطرافها وأجزائها.

أما عند العلمانيين فالبوصلة قد اختلَّت، فأضحى العدو صديقًا والصديق عدوًّا، المهم عندهم المصلحة، والمصلحة ربما تكون شخصيةً وضيقةً، فعندهم (المصلحة هي الحق)، أما عند الإسلاميين (فالحق هو المصلحة) فالحق مع الإسلام ، مع العروبة، مع فلسطين ، مع الدفاع عن الأرض والأمة والهوية.

لذا يرى العلمانيون أن كامب ديفيد مصلحة، وبالتالي هي حق، مع أنها عزلت مصر عن انتمائها العربي والإسلامي، وسلَّمت أرض فلسطين لليهود بحجَّة أن الدولة الحديثة تنتهي اهتماماتها بحدودها، وبالتالي ارتفعت أصوات المصالح الوطنية العليا، بغضِّ النظر عن تسليم القدس و الأقصى وكل أرض فلسطين، وبالتالي.. ما لنا و [فلسطين] ؟! ما لنا وما يحدث في السودان ؟! ما لنا والاحتلال في العراق ؟!!

فكل هذه الأشياء والأحداث خارج الحدود، مع أن تقسيم البلاد المحيطة إضعاف لمشروع الأمة، والدور سوف يأتي علينا إن عاجلاً أو آجلاً.. وأسأل العلمانيين الذين يقدِّسون كامب ديفيد:

- هل تحقَّق لمصر الأمن والسيادة على حدودها بعد توقيع كامب ديفيد؟

- هل وقَّعت مصر على اتفاقية كامب ديفيد بإرادة شعبية؟

- هل من علامات السيادة مقتل أكثر من 60 مصريًّا بأيدي الصهاينة على الأرض المصرية؟!

- هل من علامات السيادة أيضًا مقتل مصريين برصاص السفن الأمريكية في المياه الإقليمية المصرية؟!

- هل من علامات السيادة أننا مجبَرون على بيع ثرواتنا الطبيعية من الغاز الطبيعي للعصابة الصهيونية بأقل من سعره العالمي دعمًا للكيان الصهيوني العنصري؟!

- هل من علامات السيادة أن يعلن الكيان الصهيوني عن مشروع (غزة الكبرى)؟! والذي يقترح أن تعطي مصر 1600 كيلو متر مربع في رفح والعريش لإقامة (غزة الكبرى) كامتداد لغزة، ونقل عرب 48 إلى (غزة)؛ وذلك لإنهاء الصراع (الصهيوني الفلسطيني) وسوف يعطي الكيان الصهيوني جائزةً لمصر ولرئيسها؛ جائزة (نوبل للسلام)!!.

- هل من علامات السيادة أن يعلن ليبرمان عن ضرب السد العالي وخزان أسوان ولا يحرك أحد ساكناً؟!

- هل من علامات السيادة الوطنية أن يفعل الكيان الصهيوني ما فعل بالفلسطينيين، من تطهير عرقي وعنصري ونازية واضحة، ويلتزم الجميع الصمت الرهيب؟!

- هل من علامات السيادة الوطنية أن تعلن الحكومة الصهيونية عن (دولة يهودية) وأنه لا حلَّ للقضية إلا بالاعتراف بالدولة اليهودية، التي في وجودها خطر على الأمة العربية والإسلامية، ولا ينطق أحد بكلمة فضلاً عن وجوب قطع العلاقات، بل ما زالت الزيارات تتواصل والاستقبالات مستمرة؟!

يجب على الأمة دعم مشروع المقاومة ؛ لأنه السبيل الوحيد لحماية هويَّتنا الإسلامية وقيمنا وأعرافنا وحدودنا وأمننا القومي، فالجميع يعلم أن اللغة العربية أمن قومي، الهوية أمن قومي، الإسلام أمن قومي، ووجود دولة يهودية على الحدود خطر على كل هذا، وبالتالي وجودها خطر على الأمن القومي العربي والإسلامي.

المصدر : نافذة مصر