الشعب المصرى يناشد الواشنطون بوست

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


بقلم / احمد غانم

السجن.jpg

كثيراً ما كنا نقرأ على صدر الصفحات الأول فى جرائدنا المصرية هذه النداءات وهذه المناشدات والأستغاثات فهذه أمرأة تناشد السيد وزير الداخلية أن يفرج عن زوجها المحبوس ظلماً لأن حالته الصحية حرجة للغاية , وهذه مناشده من مجموعه من العمال المطرودين من أحدى الشركات تناشد السيد رئيس الجمهورية أن يتدخل لدى مجلس ادارة الشركة لألغاء أمر الطرد ... وهكذا .

وفى بعض الأحيان كنا نقرأ بعض المناشدات ذات الطابع السياسى ومثال ذلك مناشدات نقابة الصحفيين لمؤسسة الرئاسة من أجل الغاء قانون الحبس أو الأفراج عن صحفيين معتقلين , وايضاً وجدنا مناشدات تطالب بالأصلاح السياسى واطلاق الحريات والغاء قانون الطوارىء .

وهناك نوع آخر من المناشدات التى من الممكن أن نطلق عليها اسم " التسول السياسى " ومثال ذلك أن تعقد بعض القوى السياسية المعارضة مؤتمر جماهيرى من اجل الاصلاح والتغيير وفى نهاية المؤتمر يصدر بيان ختامى وتوصيات المؤتمر وغالباً ما تكون هذه التوصيات ليست إلا عبارة عن توسلات ومناشدات للحزب الحاكم ( المفترض أنه خصم لهذه القوى السياسية ) تطالبه فيها .. بأطلاق الحريات .. والغاء قانون الطوارىء .. واجراء انتخابات نزيهه .. ومحاكمة الفاسدين .. وغير ذلك من المناشدات بل قل التوسلات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع ولا يتحقق منها شىء , ولا تتم الأستجابه لها لأن المنوط به أن يستجيب لهذه المناشدات هو خصم لهذه القوى السياسية وهو الجهة التى لايصح ان نناشدها بل الصحيح هو ان نواجهها ونتحداها وننتزع منها حقوقنا لا أن نتسولها .

كان هذا فيما مضى ولكن يوم الأثنين الماضى 16 فبراير ، 2009

حدث انقلاب تاريخى فى حكاية المناشدات المتعارف عليها وهذا الأنقلاب التاريخى سيجعل كل من يفكر فى كتابة مناشدة أو استغاثه أن يغير وجهته وأن يغير الصحيفة التى كان ينتوى أن ينشر فيها مناشدته

ففى صباح يوم الأثنين الماضى صدرت صحيفة الواشنطون بوست وبها مقال هام جداً ومضمون هذا المقال عبارة عن مجموعة من النصائح وجهتها الصحيفة للرئيس المريكى براك اوباما عليه أن يعمل بها قبل أن يوافق على زيارة الرئيس مبارك لأمريكا وكان من هذه النصائح :-

أن يشترط اوباما الأفراج عن ايمن نور وحل قضية سعد الدين ابراهيم حتى يتنازل ويوافق على مقابلة الرئيس مبارك .

وقد نقلت العديد من وسائل الأعلام ما ذكرته صحيفة الواشنطون بوست على صدر صفحتها وقال البعض أن الأمر لا يعدوا نوع من انواع الأبتزاز المكشوف والمفضوح وظن الكثير وبعض الظن اثم أن مصر أكبر من أن تحركها صحيفة أمريكية وأن الرئيس مبارك أكبر من أن يضعف امام مقال من عدة سطور فى صحيفة أمريكية ولكن ما حدث عصر يوم الأربعاء كان غير ذلك تماماً , ففى خبر عاجل تناقلته وسائل الأعلام المصرية والعربية عصر يوم الأربعاء أى بعد يومين فقط على نشر مقال الواشنطون بوست ... يقول الخبر " اعلن النائب العام المصرى الأفراج عن ايمن نور لأسباب صحية " وبالطبع هذا القرار الذى اتخذه النائب العام ليس قرار نابع من احترام نص قانونى أو نص دستورى بل هو قرار سياسى بأمتياز لأن عشرات التقارير الطبية التى تؤكد احقية حصول نور على افراج صحى كانت على مكتب النائب العام منذ شهور بل منذ أكثر من عامين من الأن ومع ذلك لم يتحرك النائب العام وهذا ما يؤكد أن ما فعلته الواشنطون بوست كان له تأثير السحر فى القرار ومتخذ القرار فى مصر , ويدلل أيضاً على أن التأثير الأمريكى على الأدارة المصرية ليس تأثيرأ معنوياً فحسب بل تأثير مادى منظور ومعروف وملموس ايضاً .

فهل سيأتى علينا اليوم فى ظل حكم نظام لا يستمع لشعبه , نظام لايستجيب لآهات المكلومين وانات المظلومين , أن نقول أنه على من يريد أن يناشد جهةً ما فى مصر لكى تستجيب لمطالبه أو أن تنظر فى شكواه أو ان تستعيد له حق قد اغتصب أو كرامة قد اهدرت فعليه أن يتوجه بهذه المناشده وهذه المطالب لأحدى الصحف الأمريكية وبالذات صحيفة الواشنطن بوست .. صاحبة السر الباتع .. وعلينا من الأن فصاعدا أن نتوجه بمناشداتنا ومطالبنا لصحيفه هنا او هناك أو لحاكم غربى أو اجنبى هنا او هناك وهل يعى النظام المصرى خطورة تجاهله للمطالب المشروعة للشعب المصرى وللقوى السياسية المصرية ؟

هل تعى الأدارة المصرية خطورة ظهورها بهذه الصورة المخزية وهى ترتجف امام مقال كتبه صحفى امريكى بصحيفة مهما بلغت قوتها وبلغ انتشارها وتأثيرها ' ولم يتوقف الأمر عند الأرتجاف والأضطراب بل يدفعها هذا الضعف وهذا التخبط لأتخاذ قرار بالأفراج السريع والمتعجل للدكتور أيمن نور , وليس معنى هذا الكلام أن نور لا يستحق هذا الأفراج بل الصحيح هو أن نور لا يستحق أن يسجن من البداية والقضية مفبركة من الأساس وفى اسوء الأحوال كان يجب الأفراج عن ايمن نور منذ شهور طويله بسبب حالته الصحية فهذا الأمر ليس فيه جدال .

ولكن المحزن والمخزى أن يصبح قرار الأفراج عن السياسيين والشرفاء من المعارضين للنظام المصرى مرهون بضغوط خارجية وليس مرهوناً بمتطلبات داخلية ونابعاً من حرص القيادة السياسية على وحدة الصف واحترام الدستور والقانون بل ونابعاً ايضاً من احترام النظام لأختيارات الشعب وقواه الحيه ولذلك اجدنى مضطراً أن اتوجه بالنصح للنظام الحاكم " مع علمى انه لا يستمع للنصح " أن يستمع للشعب المصرى وأن يستمع للداخل المصرى حتى لا يأتى علينا اليوم الذى نجد فيه مناشدات المصريين تنشر على صدر الصحف الأمريكية وليست المصرية وحتى لا يأتى علينا اليوم الذى نجد فيه مطالب المصريين تقدم للرئيس الأمريكى وليس الرئيس المصرى !!!


المصدر : نافذة مصر