الشهيد صهيب عدوان..قدم روحه فداءً لإخوانه المحاصرين في مسجد أم النصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


الشهيد صهيب عدوان..قدم روحه فداءً لإخوانه المحاصرين في مسجد أم النصر
المنشد الشهيد صهيب العدوان

من منا لا يذكر تلك الأيام التي مرت على شمال غزة ، وتحديدًا مسجد النصر في بيت حانون حيث معركة الوجود والصمود التي خاضها شباب البلدة، حيث حوصروا بدبابات الاحتلال من كل جوانب المسجد الذي كانوا يتواجدون فيه ، لتكون سابقة للاحتلال الصهيوني لم يجرؤ على فعلها من قبل ، فما كان من الحرائر إلا الهبة والنصرة من أجل فك حصار إخوانهن المجاهدين .

صهيب رفيق عدوان 21 عام واحدًا من الشباب المجاهدين الذي حوصروا في المسجد لكنه الوحيد الذي ارتقى شهيدا من بينهم،والدة الشهيد الحاجة أم إياد تروي حكاية ابنها فتقول:"في ليلة الاجتياح كان صهيب مرابطًا ، وفي الساعة الواحدة ليلًا تقريبًا سمعناه وهو ينادي بوجود قوات خاصة فاستيقظنا ، فسألته عما يحدث فأخبرني بأن هناك اجتياح ووجود لقوات خاصة على أطراف المنطقة ، فخرجت على باب المنزل ووجدت عددًا من المرابطين والأوضاع متوترة والطائرات تحلق بكثافة في السماء ، فطلبت من صهيب وإخوانه المرابطين أن يبقوا جانبًا نظرًا للوضع الأمني السيئ والبرد القارص ، وسأقوم بمراقبة الوضع لهم ، وبعد قليل تفاجئت بوجود صهيب على أطراف منطقة السكة ، وينادي (الله أكبر الله أكبر ..)، ثم اشتبك مع القوات الخاصة ، وأصاب عددًا منهم وكان فرحًا بذلك، وبعد حوالي ساعة أخبرني صهيب بإصابة أحد أصدقائه بجراح خطيرة وكان هو الشهيد أحمد سعادات رحمة الله عليه".

وتتابع" وفي صباح ذاك اليوم بعد صلى الشباب الفجر ثم تناولوا فطورهم قلت لصهيب مداعبة له :"اشتريت الموز" فقال لي لا تخافي سأقدمه للشباب حيث كان رحمه الله كلما اشترينا شيئًا يقدم منه لإخوانه، وبعد قليل طلب أن أحضر له محمد ابن أخيه حتى يراه ، وكان يقبّله بحرارة ، وكانت له تصرفات غير اعتيادية جعلتني أشعر بشعور غريب ، وبعدها طلب منا صهيب أن نخرج من البيت سألته عن السبب فلم يجب ، فخرجنا إلى بيت قريب لنا، وعلمت بعدها أنه كان قد زحف لمنطقة الاجتياح بالرغم من أنها أرض مليئة بالأشواك والحجارة ، وقد زرع عبوة ناسفة لجرافة صهيونية وقام بتفجيرها ، وهذا ما فسر لي سروره الكبير والابتسامة التي كانت تزين محياه عندما رأيته بعدها، وكانت هذه آخر مرة أراه فيها ".

آخر كلمات

وتضيف:" في ثاني يوم للاجتياح لم أتمكن من الاتصال معه، فاتصلت على أحد أصدقائه وسألته عنه ،فأخبرني أن الجميع بخير وأن لا أقلق، وبعد قليل عاودت الاتصال به مرة أخرى ، فسألته عن أحواله فرد عليَّ بكلمات معدودة وكانت تلك هي آخر كلمات أسمعها منه "سامحيني يا أمي.. فنحن محاصرون في المسجد" ثم انقطع الاتصال لأن شحن هاتفه النقال قد نفذ، سمعت هذه الكلمة ولم أدرك ما أشعر به بالضبط ؟ فخرجت إلى بيت أختي فأخبرتها بما قاله صهيب فوجدت الجميع يبكي ، لم أملك شعوري وقتها خرجت إلى الشارع وفي طريقي وجدت دبابة كبيرة أمامي فعبرت من تحتها ، حيث كنت أبحث عن أي أحد من إخوانه عّلي أجد أخبارًا وتفاصيل أخرى عما يحدث معه ، لكن دون جدوى ، فرجعت إلى البيت الذي كنا فيه وكان وقت العصر ، وبالرغم من القلق الشديد والخوف على ابني ومن معه، جلست ولم أحرك ساكنًا وكأن الله تعالى قد ألهمني الصبر والسكينة".

وبعد ساعات اتصل صهيب على عمه ليخبره بأنهم بالرغم من حصارهم إلا أنهم ما زالوا يقاومون الاحتلال بما جاد الله عليهم من أسلحة خفيفة ، عندما سمعت ذلك اطمأن قلبي قليلًا ، و في ليلة هذا اليوم وكان يوم الجمعة الساعة الثالثة فجرً، كنا نسمع أصوات انفجارات كثيرة بين الفينة والأخرى ، وشعرت بإحساس غريب ما بين قلق وحيرة ، ورغبة في معرفة أي أخبار عنه ، وبعد لحظات سمعنا بوجود خبر عاجل ، فتحنا المذياع وإذا به يزف خبر استشهاد المجاهد القسامي صهيب رفيق عدوان، صمت برهة لأستوعب ما سمعت ، بقيت صامتة لم أتفوه بكلمة واحدة حتى قمت وسجدت لله تعالى ودعوته اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها،وأن يمنحني الصبر على فراقه"

وتذكر أم الشهيد أن جثته كانت ملقاة ولم يستطع أحد الوصول إليها ، وكل المحطات الإذاعية كانت تتناقل هذا الخبر وتستجدي طواقم الإسعاف والصليب الأحمر للوصول إلى جثته مما يزيد القلب حرقة وحزنًا ،فهو قلب الأم الذي لا بد له وأن يحترق على فراق فلذة الكبد ، ومهجة الفؤاد، لكن عندما يعمر الإيمان القلب نجد كلمات الحمد والصبر ترطب اللسان ، وتهون على المؤمن مصيبته وإن كان الفراق عظيم .

وعن رؤيتها لجثته بعد الاستشهاد تقول أم إياد:" لم أتمكن من رؤية جثته إلا بعد أن انفك الحصار عن المسجد ، في حين بلدة بين حانون مازالت ترزح تحت نيران الدبابات لا يتمكن أحد من دخولها ولا الخروج منها ،فأتوا بجثته إلى البيت وبقيتْ يومين إلى أن سمح الاحتلال بنقل الجثث والجرحى إلى المشفى ، وبعد انتهاء الاجتياح ذهبت إلى مشفى الشهيد كمال عدوان،لإلقاء آخر النظرات عليه ..حيث نظرة الوادع".

وتتحدث أم إياد عن شعورها حينما رأته لآخر مرة :" قلت في نفسي أن موتة العمر هي واحدة فلتكن في سبيل الله ، والحمد لله أنه استشهد مقبل غير مدبر "

كرامات الشهيد

ويذكر أصدقاء الشهيد أنهم حين دفنوه كان جسمه ما زال دافئًا والدماء تسيل من عينه كما هي لحظة استشهاده بالرغم أنه جثته لبثت أربعة أيام قبل دفنه ما بين المسجد المحاصر وثلاجة الموتى في المشفى، وكذلك تحدث أقرباؤه عن رائحة المسك التي فاحت في المكان الذي استشهد فيه في المسجد حتى بعد أن هدمت جرافات الاحتلال المكان.

الجميع يفتقده

وبعد استشهاده - رحمه الله- ، كان الجميع في المسجد والجيران والعائلة يفتقدون صهيب ، ويذكرون أيامه بكل خير، وتذكر إسلام أخت الشهيد أنه حتى الأطفال في الحي يفتقدونه وبشدة حيث كان يحبهم كثيرًا ويلعب معهم ويحضهم على الصلاة في المسجد ، وكذلك المجاهدون الذين كانوا محاصرين معه في المسجد ذكروا بأن صهيب رحمه الله كان حتى في أحلك لحظات الحصار كانوا يضفي أجواء المرح والتسلية على قلوب الشباب ، وكان ينشد أناشيد جهادية للرفع من معنوياتهم مما أثر كثيرًا عليهم بعد استشهاده.

هكذا هم أبناء فلسطين يعيشون حياتهم بعزة ويموتون عظماء ، هم أموات بالنسبة للبشر لكنهم عند خالق البشر أحياء، ينعمون بجوار ربهم نعيمًا لا يُضاهى حتى يتمنوا العودة للدنيا ليقتلوا في سبيله تعالى ليعودوا مرة أخرى للجنان بإذنه الله.


المصدر:كتائب الشهيد عز الدين القسام-المكتب الإعلامي