الشهيد محمد يوسف هواش

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشهيد محمد يوسف هواش


مقدمة

الاسم: محمد يوسف هواش مواليد: 1923م- كفر الحمام- مركز بسيون- غربية العمل: مراجع صرف طلمبات بالجمعية التعاونية للبترول ثاني الشهداء الثلاثة الذين عُلِّقوا على أعواد المشانق في1966 29/8/م.

ارتباطه بالدعوة ونشاطه فيها

شجاعة الشهيد في المحكمة

يقول عن نفسه: "بدأت نشاطي في جماعة الإخوان المسلمين سنة 1945م؛ حيث انضممت لشعبة طنطا، وكنت وقتها طالبًا في مدرسة طنطا الصناعية، ثم أصبحت وكيل شعبة مصر القديمة وكنت عضوًا في فصيلة جنوب القاهرة وكان رئيس الفصيلة الأخ الشهيد كمال السنانيري.

ولما حدث حادث المنشية لم تتمكن أجهزة عبد الناصر من القبض على الشهيد محمد يوسف هواش عندما ذهبوا للقبض عليه واختفى الشهيد هوَّاش، ولكنه أخذ ينظِّم من بقي من الإخوان خارج السجون وأخذ يقودهم، واستطاعت أجهزة الأمن أن تكتشف نشاط هوَّاش الجديد، فألقت القبض على التشكيل، وتمكَّن هوَّاش من الإفلات للمرة الثانية.

وأخذ يشكِّل تنظيمًا آخر من شباب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات، وكان هذا التنظيم الأخير من أجل تمويل أُسَر المسجونين التي لا عائل لها، وفي هذه المرة ألقي القبض عليه قدرًا"

مذبحة الإخوان في ليمان طرة- جابر رزق- ص 30)

وقبض عليه في 19554/8/م، وقُدِّم للمحاكمة أمام محكمة الشعب في أكتوبر 1955م، وحُكِم عليه بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة، ونفِّذت العقوبة في ليمان طرة، وقضى المدة كلها في مصحة طرة؛ لأنه مريض بالصدر من سنة 1947م.

وقُدِّر له أن يشهد مذبحة الإخوان في ليمان طرة في 19571/6/م، والتي قُتِل فيها 21 من شباب الإخوان وجُرِح فيها مثلهم وفَقد 6 منهم عقولهم من هول المأساة الرهيبة، وسجَّل عنها يوميات كُتبت على ورق كانت تُلفُّ بها الجبنة، ثم تنظف وتجفف ويكتب عليها وتسرب إلى خارج السجن يومًا بيوم، ثم نُشرت تحت عنوان "يوميات الشهيد محمد يوسف هواش"، وخرج من مصحة السجن في أغسطس سنة 1964م بموجب عفوٍ صحيٍّ".

صراحة ووضوح في التحقيقات هذه مقتطفات مما جاء في التحقيق معه من أسئلة وردوده عليها:

س- ما صلتك بسيد قطب؟!

س- ما الفكرة التي خرج بها سيد قطب عن "الحاكمية لله"؟!

  • ج- هو قال إن موضوع الحكم حاجة من اثنين: إما حكم إسلامي وهو الحكم الذي تكون فيه الحاكمية لله وحده، أي يكون مصدر التشريع فيه الشريعة الإسلامية فقط والحكم بكتاب الله.. أو حكم جاهلي، وهو كل حكم يحكم بغير كتاب الله.. وأن علينا أن نوضح هذه الفكرة للمسلمين عمومًا والدعوة إلى إقامة حكم إسلامي.

س- وما هو السبيل إلى إقامة المجتمع المسلم؟!

  • ج- بالدعوة، أي بدعوة الناس وتفهيمهم لهذه الحقيقة، والاستدلال عليها من كتاب الله وسنة الرسول، ونظل ندعو حتى يكون الفرد قد أدى واجبه نحو الله وينجو من عقوبته.

س- وما الحل في حالة عدم اقتناع الأفراد والمسئولين عن الحكم في البلاد في إقامة هذا المجتمع الإسلامي.

  • ج- إحنا مش مكلَّفين بالنتيجة.. إحنا مكلفين بالواجب فقطن وهو الدعوة وتكرارها.

س- وما الحل إذا لم يقتنع القائمون على الحكم في البلاد بهذه النظرية؟!

  • ج- الحكام مش دايمين، وعمومًا مفيش تفكير في الحاجة دي دلوقتي، وواجب علينا في الظرف الحاضر هو مجرد الدعوة وبعد كده نفكر ونشوف إيه الواجب إللي يعمل بعد كده.

س- ما هو الواجب الذي يمكن عمله بعد ذلك؟!

  • ج- المسألة متروكة للظروف؛ لأن كل ظرف يولد التفكير المناسب له.

''س- أليس المفهوم من كل ذلك أن الدعوة التي تنادون بها لإقامة مجتمع مسلم لا يمكن أن تقوم إلا بقلب نظام الحكم بالقوة واستعمال العنف؟!

  • ج- المسألة متروكة لحجم المجموعة التي تقتنع بالفكرة وبالظروف، وجايز الحكام يقتنعون بذلك، وجايز الموضوع لا يحتاج إلى قوة، إنما إذا تحتَّمت القوة لإقامة المجتمع الإسلامي فلا مناصَ وقتها من استعمال القوة، إلا إذا كانت هناك طريقة أخرى لذلك، وجايز هذا الجيل ينتهي وتكون المرحلة الأولى لا تزال مجرد دعوة، وإحنا عندنا قدوة بالرسول- عليه الصلاة والسلام- في أنه كان يفكر في واجب اللحظة، ولم يفكر في المستقبل، وقعد 13 سنة يدعو إلى الإسلام فقط، وكان منهجه عدم التفكير في المستقبل، وترك الأمر للمستقبل هو الذي يحدد طريقة العمل، وانتهى به الأمر للقتال، ولكن يمكن ظروفنا إحنا تنتهي بنا إلى غير ذلك!!

بشاعة التعذيب الذي تعرض

له كانت يداه ورجلاه ممزقةً من التعذيب أثناء التحقيق؛ حتى إنه لم يستطع أن يكتب التقرير الذي سُجِّلت فيه اعترافاته بخط يده، فقد جاء في آخر تلخيص البيان لإقراراه هذه الملاحظة "حُرر بإملائي.. محمد يوسف هواش"، ويقول ممثل النهاية الذي حقق معه: "استدعيناه وعرضنا عليه الإقرار المقدَّم لنا فقرر أنه ليس بخطة وإنما هو بإملائه لشخص آخر؛ حيث إن أعصابَ يده اليمنى كانت مشدودةً، ولم يستطيع الكتابة وقت كتابة هذا الإقرار؛ وذلك نتيجةَ ضربه على يده، وأنه لم تحدث به إصابات ولكنه لم يمكنه الكتابة بها، وأضاف أنه وقَّع فقط على كل ورقة من ورقات الإقرار المذكور "انتهت ملاحظة النيابة".

وعندما سأله ممثل النيابة:

- هل حدثت بك إصابات؟

  • - أنا مفيش في إصابات ظاهرة دلوقتي ووقتها إيدي كانت وارمة وكانت أعصاب يدي مشدودة وما أقدرش أكتب بها وهي في تحسن دلوقتي.

هذا أقصى ما كان يستطيع أن يشير به الشهيد هواش إلى التعذيب الذي وقع عليه ولن تجد مثل هذه الملاحظة التي تشير إلى التعذيب إلا عند النادر في تحقيقات الإخوان؛ لأن الأخ الذي يتحدث عن التعذيب كان يعلم ماذا يمكن أن يحدث له، ولكن الشهيد هواش لم تمنعه آلامه ولم يمنعه احتمال تعذيبه على جراحه- التي لم تندمل بعد- من أن يقول إنه عذِّب، وكذب من النيابة أن الشهيد هواش لم تكن به إصابات ظاهرة.. لقد كانت رجلاه ممزقتين بصورة بشعة حتى بعد أن مرَّ أكثر من خمسة أشهر على تعذيبه!! وقالت الحاجةزينب الغزالي: "لقد رأيت الشهيد محمد هواش يذهب إلى مكاتب التحقيق وهو يزحف على مرفقيه وركبتيه!!".

داعية لا يهدأ حتى في أتون المحنة

"كانت طوابير التعذيب الجماعي التي بدأها زبانية السجن الحربي بعد انتهاء التحقيقات فرصةً لأن بيلغ هواش إخوانه ما وصل إليه فهمه لدعوته ومنهج حركتها، ولم يعقه مرضه ولم يمنعه إرهاب الحراس الذين كانوا يسوموننا سوء العذاب إذا رأوا واحدًا تتحرك شفتاه..

كان الشهيد هواش ينظر إلى الأرض فتختفي شفتاه في شعر شاربه وذقنه ويتحدث لاثنين من الإخوان واحد عن يمينه وواحد عن يساره.. كان هواش يحس بثقل الأمانة الملقاة على عاتقه وكان يريد أن يحملها إلى أكبر عدد من الإخوان الشبان".

شجاعة وصراحة في المحكمة

عندما سأل الدجوي الإخوان في القضية الأولى السؤال التقليدي: - هل لك اعتراض على هيئة المحكمة؟! أجاب الشهيد سيد قطب: "لا أعترض على أشخاص المحكمة"، والتزم إخوان القضية الأولى نفس الإجابة إلا الشهيد محمد يوسف هواش.. وقف وقال: إنني كمسلم ومن وحي عقيدتي أرفض أن أتحاكم أو أُحاكَم إلى محكمةِ لا تَحكمُ بمَا أنزل الله.. وهذه هي عقيدتي.

يوسف هواش وسيد قطب

كان يوسف هواش توأم روح شهيد الإسلام سيد قطب، جمعت بينهما محبةٌ وأخوةٌ في الله عميقةٌ وراسخةٌ، فصدق فيهما قول رسولنا القدوة "ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه".. كما جمعت بينهما وحدة الفكر والفهم والتصورات للإسلام والدعوة والحركة، كما جمعت بينهما مستشفى ليمان طرة التي عاشا فيها معًا فترة الاعتقال الأولى كلها، من أغسطس 1955 حتى أغسطس 1964، وفي الختام جمعت بينهما الشهادة التي نالاها معًا فى يوم واحد.

يقول الأخ أحمد حسنين: "جمعه الله مع الأستاذ سيد قطب في مكان واحد على سريرَين متجاورَين بمستشفى ليمان طرة لمدة عشرة أعوام، وحَّد الله- سبحانه وتعالى- خلالها أفكارَهما وعواطفَهما، فكنتَ ترى الاثنين كأنهما جسدان وروحٌ واحدةٌ وتفكيرٌ واحدٌ، وكنتَ تحس أن كلاًّ منهما لا يستطيع أن يظل على قيد هذه الحياة بعيدًا عن أخيه، وكان من فضل الله عليهما أن اختارهما معًا للشهادة ليجمع الله بينهما في الجنة في مستقر رحمته، كما جمع بينهما في هذه الحياة الدنيا".

ويؤكد ذلك شاهدٌ آخر عايشَ الشهيدَين فترةً طويلةً هو الأخ سيد أبو سالم، الذي يقول: " كان- رحمه الله- صورةً طبقَ الأصل من فكر الأستاذ سيد قطب.. التقيتُ به طوال 6 سنوات يوميًّا، وزرت الشهيد سيد قطب في منزله بحلوان سنة 1965م، ووجدت الشهيد يوسف هوَّاش عنده، وكان- رحمه الله- مثالاً لفهم الدعوة من منبعها الإمام الشهيد حسن البنا، وعاش مع الشهيد سيد قطب لمدة عشر سنوات تقريبًا، وكان يقرأ كل ما يكتبه ويبادله فيه الرأي" (مجلة لواء الإسلام- عدد 3و4- سنة 42- حوار صلاح عبد المقصود).

حتى إنه عندما صدر الحكم بالإعدام على الشهيد محمد يوسف هواش قال بعض إخوان السجون الذين عايشوا هواش وسيد قطب: "جاءت لك الشهادة بالطبطاب يا هواش.. كان الله رحيمًا بك؛ لأنهم ما كانوا يتصورون أن يعيش هوَّاش بعد إعدام سيد قطب".. رحمه الله رحمةً واسعةً، وتقبَّلَه في منازل الشهداء.

الجلاد شمس بدران يتحدث عن براءة الشهيد

يقول العقيد شمس بدران- مدير مكتب المشير عامر ووزير الحربية أيام النكسة- في حديث له مع مجلة الحوادث اللبنانية بعد هروبه من مصر بجواز سفر دبلوماسي: "اتفقت مع الرئيس عبد الناصر أنه بعد صدور الأحكام في القضية يخفِّف أحكام الإعدام، ثم سافرتُ إلى لندن للعلاج، وهناك علمتُ أنه تم تنفيذ الإعدام في ثلاثة، ولما عدت سألت فعلمت أن الرئيس صدَّق على هؤلاء الثلاثة؛ لأنه سبق الحكم عليهم في 1954م.. وقد تألمت جدًّا لإعدام هوَّاش؛ لأنه من واقع التحقيقات لم يشترك في أي اجتماع للقيادة، وأقصى ما يمكن أن يُتَّهم به هو أنه علِم ولم يبلِّغ، وقلت للمشير: أنا لازم أكلم الرئيس في موضوع هواش؛ لأنه لا يستحق الإعدام.. فقال لي المشير: بلاش لحسن الرئيس ضميره يتعبه (مذابح الإخوان في سجون ناصر- جابر رزق- 125).

المصدر

الشهيد محمد يوسف هواشإخوان أون لاين