الشيخ أحمد ياسين ... وريث الأنبياء والصحابة والصالحين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الشيخ أحمد ياسين ... وريث الأنبياء والصحابة والصالحين

بقلم: إبراهيم المدهون

كنت استمع إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن العلماء ورثة الأنبياء" فأمر عليه مرور الكرام، وأظن أن هذه الوراثة تقتصر على تناقل النصوص وتعليمها الناس، إلى أن عشت في رحاب الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، فأدركت المغزى الحقيقي لحديث رسول الله، بل رايته مجسد بكل معنى من معانيه وكل جانب من جوانبه في هذا الشيخ المقعد صاحب الهمة والعمل الدءوب، والله كأن هذا الحديث يشرح بكل دقة حياة هذا الرجل.

فأي جانب من جوانب سيرته وأيامه ومعاناته وأمله وصبره وعبادته لم يرثه من نبي من الأنبياء، أو صديق من الأولياء أو صحابي جليل من صحابة رسول الله، فما نظرت إلى شطر وزاوية من زوايا الشيخ إلا وشاهدت شطر نبي و زاوية صالح و عمل صديق.

فاخذ عن نبي الله إبراهيم عليه السلام انه امة، فكان رحمة الله امة في قومه، تَحرك حينما نام الناس وتقدم حينما تأخر الناس، وحمل اللواء حينما تقاعس الزعماء، ووقف بوجه الباطل حينما جبن الشجعان، حتى باستشهاده زلزل الأمة وأحيىاها وأيقظها، وواجه شارون كما واجه الخليل النمرود، وقُذف بالنار واللهب كما القي فيها إبراهيم عليه السلام.

وورث عن نبي الله يوسف بان خُير بين الباطل والسجن، فكان السجن أحب إليه مما يدعونه إليه، ولم يخرج من معتقله إلا بمعجزة من الله.

فالله عز وجل الذي أخرج يوسف من غياهب الجب أول مرة، وأخرجه من خلف سدود السجن، هو من هيأ الظروف وسبب الأسباب ليخرج الشيخ من السجن أول مرة، ومن المؤبد القات في المرة الثانية، وما ظننا انه عائد إلى بيته لولا قدر الله الغالب.

وورث عن نبي الله أيوب انه ابتلي بكل جزء من جسده، فجسده هامد لا يقوى على أن يحرك أصبع من أصابعه، وكان يتحمل من الأوجاع والألم ما لم يتحمله جبل.

فيأكل بألم، ويشرب بألم، ويتكلم بألم، ويسمع بألم. حياته مجموعة من الآلام والأوجاع، ومع ذلك لا تسمع منه إلا لسانا شاكرا وقلباُ خاشعا.

وأما عن حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم فلم يترك شيء يفعله الرسول ويحض عليه إلا ويلتزم بأدق تفاصيله، ولا غرابة إن ردد شعاره الخالد الرسول قدوتي يعلمها للأجيال من بعده.

أضف إلى ذالك انه هُجر عن أرضه ووطنه، وابعد عن مكان آبائه وأجداده ظلما وعدونا وطغيانا، فكان مهاجر في سبيل الله كما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا شبهه بالأنبياء والمرسلين، فكيف حاله مع الشهداء والصالحين؟

فان كان الصحابي الجليل عمرو بن الجموح رضي الله عنه قال: (إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة) ، فماذا سيقول الشيخ وهو يتقدم إلى الجنة بجسد هامد لا حراك فيه، ويسير مسرعا في ركب الجهاد والشهادة بهذا الشلل الذي أصاب أركانه ولم يصب همته وحبه للجهاد.

حتى استشهاده رحمه الله كان يشبه استشهاد الصالحين وعظماء هذه الأمة، فان استشهد عمر بن الخطاب وهو في صلاة الفجر، وان ارتقى علي بن أبي طالب وهو يسير إلى الفجر ، فالشيخ أكمل المثلث انه استشهد بعد صلاة الفجر، ليكون رفيق عمر وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

رحم الله الشيخ الذي نال ما تمنى وارتقى إلى العلى بأفضل صورة وأجمل طله وأبهى منظر، فأي سيناريو هذا الذي اعد لزفافه إلى جنة الحور، والله إن استشهاده بهذه الهيبة والعظمة لتدل بما لا يدع مجالا لشك أن عناية الله تعالى كانت ترعى هذا الزفاف المهيب إلى الجنان.

فمن يتصور أن يقوم المجرم شارون بحشد الطائرات والإعلام ويختار الفجر، ليفجر اللهب في جسد الشيخ القعيد، أكان يحتاج رجلٌ كالشيخ استنفار كيان غاصب؟

رحل الشيخ كما أحب وتمنى، وبقي قاتله شارون اللعين " اليوم ننجيك ببدنك لنجعلك آية لمن خلفك"