العظام مكسورة يا شيخ عزيز! / د. امديرس القادري

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العظام مكسورة يا شيخ عزيز


بقلم:د. امديرس القادري


مرة أخرى ومن جديد نجد أنفسنا في مواجهة مع الوضع الفلسطيني الداخلي الذي أوصلتنا إليه سلطة رام الله، وذلك كناتج طبيعي عن قبح وسوء السياسات التي اختارتها لتكون نهجا وطريقا لقيادتها التي لا تزال تصر على أن هذا السلام العبثي، والمفاوضات الهزلية سوف تعيد لهذا الشعب حقوقه المسروقة والمسلوبة!.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه حالة الانقسام والتشرذم تسيطر على كامل المشهد الداخلي، وبالرغم من الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات والسلام المزيف جراء هذه العجرفة والتشدد والتنكر الصهيوني، فلا يكاد ينقضي أسبوع من دون أن نجد أنفسنا أمام أحداث وتطورات محزنة ومؤلمة لهذا المشهد الفلسطيني الذي طال ليله وزاد الخوف من ظلامه الموحش.

مضايقات واستفزاز هذه السلطة عبر أجهزتها الأمنية لعامة الناس أصبحت فعلا يوميا، وروتينا يتكرر في غالبية مناطق نفوذها التي تسيطر عليها، فالملاحقة والاعتقال والزج في السجون، و التهديد والتدخل في شؤون البشر الداخلية، قطع الأرزاق من خلال الرشاوي والفساد، الضرب والتنكيل وقمع حرية المعتقد والرأي، الاعتداء على الصحافة وأجهزة الإعلام، و على الجامعات والمعاهد ودور العبادة، إرهاب لا يتوقف عن تخريب كل ما له علاقة بالنسيج الاجتماعي الذي تقوم على أساسه العلاقات بين المواطنين، من خلال العيون والمندسين وعناصر المخابرات الذين لا هم لهم سوى المراقبة ورفع التقارير السوداء، ويأتي طبعا في مقدمة كل هذه الممارسات الإجهاز التام والنهائي على كل فعل أو قول له علاقة بالإفرازات الوطنية التي لا يزال أصحابها يؤمنون بضرورة مواجهة ومقاومة العدو الصهيوني الغاصب.

الجديد الذي أقدمت عليه هذه العصابات وأجهزتها خلال الأسبوع الذي مضى، تمثل بتهديد بعض القيادات والرموز الوطنية بالإبعاد والنفي إلى خارج الوطن، ولأن الوطن في نظرهم ليس سوى مزرعة أو جمهورية موز، فلا يوجد لديهم رادع يمنعهم من ممارسة هذا التهديد والذي وإن حصل فسينقل هذا الانقسام إلى مستويات جديدة ومتقدمة في خطورتها.

رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك اعتبر هذه التهديدات على أنها " خطوة في غاية الخطورة، وجريمة ما بعدها جريمة، وقد تنقل الساحة الداخلية وما يعتريها من خلافات إلى مرحلة كسر العظم، وطالب بعد الإنجرار إلى هذا المستنقع، وكيف يمكن لنا أن نطالب وندافع عن عودة اللاجئين ونقوم بتهديد بعضنا بعضا بالإبعاد خارج الوطن ؟ ".

بالمقابل، وبالبناء على ما وصل إليه الشيخ العزيز رئيس المجلس التشريعي الذي أبدى تخوفه وانزعاجه من مرحلة " كسر العظم " وما قد يترتب عنها، فأعتقد أننا لا نبالغ أبدا إذا ما قلنا بأن " العظام انكسرت " على أيدي هذه السلطة وأجهزتها، وبالتالي فإن هذه المهاترات التي تخرج عن الرؤوس الفارغة لضباط مخابرات هذه السلطة لن ترهب شعبنا، ولن تؤثر على تمسكه وتشبته بأرضه ووطنه، وعليه فليبحثوا لأنفسهم عن لعبة أخرى يتسلون بها.

نعم، لقد انكسرت العظام عندما اختاروا دروب الهوان والذلة، الدروب التي لا كرامة ولا شرف فيها، دروب المصالح الدنيوية الرخيصة التي تفوح منها رائحة التعامل والاستسلام والانبطاح لمرجعياتهم الأمريكية والصهيونية، انكسرت العظام في الوقت الذي وظفوا أنفسهم لعبادة اليورو والدولار بديلا عن عبادة الله والامتثال لأوامره والابتعاد عن نواهيه، انكسرت وتهشمت العظام بعد أن استباحوا الحرمات بالاعتداء على أمهاتنا وأخواتنا وكل الأعراض العفيفة و الطاهرة، أشباه الرجال الذين يتلذذون باستعراض طغيانهم وجبروتهم تنفيذا لقرارات المخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني هم الذين يجب أن يكنسوا من أوساط شعبنا ويطردوا، هم المنبوذون والمرفوضون، فأحرار وشرفاء جماهيرنا الفلسطينية أصبحوا على دراية تامة بمسلكهم المفضوح والمشبوه.

إن المواجهة مع هؤلاء الخارجين والمنحرفين عن طريق المقاومة والعمل الوطني الصادق آتية لا محالة ومهما تأخرت، وهذا ما يجب أن تعمل وتستعد له كل القوى والفصائل والحركات الوطنية الرافضة لتآمرهم، ولم يعد مقبولا تركهم يتدحرجون و يتكاثرون و ينتشرون ، وما عاد كافيا أن نبقى شوكة في حلوقهم، فعلى أرض الوطن تنتظرنا مهمات صعبة ومعقدة، ولا مفر لنا من التصدي لها واليوم وقبل الغد إذا ما أردنا أن نصون ونحافظ على ديمومة واستمرار صراعنا الأساسي مع عدونا الصهيوني.

إن العظام التي كسرها هؤلاء الأوغاد تبحث عن " المجبرين "، والأيدي التي تطاولت بغير الحق لا بد من قطعها، الاعتماد على الإعلام وبكل وسائله لتعريتهم لن يداوي المصائب والكوارث التي صنعوها لوأد الثورة، إن الأمل بإمكانية النهوض بالواجب المطلوب لا يزال موجودا في سواعد الرجال، ولكن مراكمة التأخير والاستمرار في التمسك بالمراهنات الخاسرة لن يجلب إلا مزيدا من الإحباط والخسائر، وعندها كم سيكون الشعور بالندم كبيرا، في اليوم الذي لا يجدي ولا يفيد معه الندم فعض الأصابع سيكون أكثر إيلاما!!.