العميد الزيات في حديث شامل عن حرب غزة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


العميد الزيات في حديث شامل عن حرب غزة

العميد صفوت الزيات

"الأمل في المقاومة .. الأمل في النصر.. الأمل في أن هذه الأمة لم ولن تموت" شعار رفعه العميد أركان حرب صفوت الزيات، وسط تحليلاته خلال فترة العدوان على غزة، التي كانت تبعث برسائل الأمل بين الحين والآخر للأمة العربية والإسلامية؛ وسط كمٍّ كبيرٍ من دعاوى الهزيمة التي طالما حاول رجالات الطابور الخامس في وطننا العربي أن يبثوها في نفوسنا.

برز اسمه بقوة بين أوساط العامة قبل النخبة والعدو قبل الصديق، وبدا كعادته نجمًا لامعًا بتحليلاته الثاقبة، والتي كانت تقف جنبًا إلى جنب في "خندق المقاومة".

الزيات واصل توهُّجه وتألُّقه وثقته كما عهدناه في تحليلاته المتميزة أثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة على شاشة (الجزيرة)؛ امتدادًا لتحليلاته المتميزة إبَّان الغزو الأمريكي للعراق على شاشة فضائية (أبوظبي).

وفي أول حوار له بعد عودته من دولة قطر، والتي قضى فيها شهرًا بين تحليل ودراسة للوضع الميداني؛ التقينا به في حوارٍ حول الأوضاع الراهنة واستشرافه للمستقبل ورؤيته للتحركات الحالية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والطموح الصهيوأمريكي في المنطقة، توقع بأن يخضع أولمرت للجنة فينوغراد أخرى، فكان هذا الحوار:

دعاية صهيونية

* يثار بين الحين والآخر مصطلحات تثبيت الهدنة وتوجيه ضربة جديدة "قاصمة" لغزة؛ فهل ترتقي هذه التهديدات لحدِّ عدوان جديد على القطاع؟

    • أرى أن الحديث عن عملية عسكرية صهيونية واسعة في الوقت القريب أمرٌ مستبعَدٌ، رغم التهديدات المتتالية باستخدام القوة المفرطة في التعامل مع مطلقي الصواريخ؛ حسب تصريحات تسيبي ليفني وبن إليعازر ونتنياهو وزعيم حزب شاس وإسرائيل بيتنا؛ التي أعتبرها دعايةً أو "بروباجندا" إعلامية خاصة بالانتخابات الصهيونية التي تجري اليوم.

كما أن الحديث عن عدوان جديد في ظل انتخابات صهيونية وشيكة أمرٌ بعيدٌ عن الواقع؛ حيث لن يستطيع أي حزب من الأحزاب التي تخوض الانتخابات تحمُّل تبعات فشل جديد مثلما حدث في الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 م والهزيمة في عام 2006 م في الجنوب اللبناني أيضًا، أو في قطاع غزة يناير الماضي.

* ألا ترى في القصف المتقطِّع للقطاع بعد إطلاق صواريخ المقاومة باتجاه جنوب الكيان بدايةً لقصف وعدوان أوسع؟

    • أحبُّ أن أشير إلى أن العدوان على القطاع لم ينقطع رغم وقف إطلاق النار من جانب واحد وانسحاب قوات الاحتلال، ولا أستبعد أن يقوم سلاح الجو الصهيوني بعملية عسكرية محدودة تقتصر على قصف جوي على أهداف بعينها، وخاصةً البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية، وهو أمرٌ عبثيٌّ.

وأرى أن الحديث عن تهديدات صهيونية متصورة ومتوقَّعة شاملة مستبعدٌ تمامًا في ظل متغيرات سياسية داخل الكيان وعلى رأسها وجود حكومة جديدة، بالإضافة إلى وزير حرب جديد أو بقاء إيهود باراك في منصبه، وخاصةً بعد مشاهد القتل إلى رأيناها عبر شاشات التلفاز طوال فترة العدوان، وكذلك وجود إدارة أمريكية جديدة ومبعوث جديد للسلام بمنطقة الشرق الأوسط وبالتأكيد آليات تعامل جديدة مع القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى الظروف الدولية والإقليمية التي أعقبت العدوان الجديد ستحول بين حدوث عدوان شامل كالذي رأيناه في السابق.

وعلى الجانب الميداني فالحديث عن عملية عسكرية شاملة من ضروب الخيال؛ فالعملية تحتاج لقرار سياسي جريء، وهو أمرٌ مفتقدٌ في الفترة الحالية، بالإضافة إلى أن العدوان الجديد يتطلب خططًا وقواعد اشتباك وأهدافًا سياسيةً جديدةً، وهو أمر يحتاج إلى وقت.

* معنى ذلك أننا يمكن أن نصف ما يحدث بالمناوشات السياسية؟

    • بالتأكيد هي سياسية في المقام الأول، فالطرف الفلسطيني المقاوم بصواريخه التي أصبحت تصل إلى مدى أبعد من المتوقع وقدرتها العالية التي أثبتتها إبَّان العدوان أضحى يبعث برسائل للناخب الصهيوني؛ مفادُها "إن قيادتك العسكرية والسياسية فشلت في إقناعك بقدرتها على الحفاظ على أمنك الشخصي، وإن حلم الكيان الصهيوني بالعيش والبقاء أصبح وهمًا لا حقيقة، رغم جرائم القتل والإبادة والتشريد"، وهو الأمر الذي سينعكس بلا شك على الوضع في الفترة المقبلة.

الصدمة والرعب

* بالعودة إلى العدوان الأخير على القطاع كيف قرأت مشهد هذا العدوان؟

    • في البداية حاول الكيان الصهيوني أن يستخدم إستراتيجية الصدمة والرعب "Shock and awe” الأمريكية، وهو القصف القوي والمركَّز والعنيف بغرض إيقاع أكبر قدر من الخسائر مما يُحدث إرباكًا لحركات المقاومة تفقد معه اتزانها، وهو ما حدث بالفعل؛ حيث إن الضربة الأولى شاركت فيها 110 طائرات صهيونية مقاتلة عالية التجهيز؛ دمَّرت 110 أهداف في الضربة الأولى يوم 27 ديسمبر؛ أغلبها أهداف مدنية أوقعت أكثر من 296 شهيدًا في أعلى نسبة قتل في الحروب الصهيونية العربية في يوم واحد، بل إن قُطر الإصابات التي تُحدثها الصواريخ الصهيونية عالية الدقة والتوجيه يصل إلى 200 متر!!.

* وهل نجح الكيان الصهيوني في فرض إستراتيجية الصدمة والرعب تلك؟

    • بالتأكيد فشلت الخطة، ففي اليوم الرابع للقصف الجوي العنيف أعلنت القيادة العسكرية الصهيونية عن استنزاف بنك الأهداف الذي أعلنته في بداية العدوان، ولجأت بعدها إلى خيار الحملة البرية التي شاهدناها في اليوم السادس والسابع تقوم بأعمال عرضية وهامشية، تحولت بعدها إلى توغلات محدودة على أمل حدوث تغيير في الوضع على الأرض، وفي ظل استمرار إطلاق المقاومة صواريخ لقصف مغتصبات جنوب الكيان ووصولها لمدى أبعد مما كان يتخيله القادة العسكريون؛ تحوَّل الردُّ الصهيوني مع وجود تسريبات عن قصف أماكن تجمعات للصحفيين أو الفنادق ومستشفيات، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك.


* متى شعرت أن الكيان الصهيوني فقد أعصابه؟

    • العدو الصهيوني فقد أعصابه في اليوم الثاني عشر تقريبًا، بل وصل للحظات الجنون القصوى، وإن القصف الذي شهدته مدرسة الفاخورة- والتي كانت تؤوي لاجئين فلسطينيين واستشهاد أكثر من 80 شهيدًا واستمرار القصف العشوائي للمنازل- يعكس تلك اللحظات الجنونية التي يعيشها الكيان، وهي حالة كانت متوقَّعة على أي حال في ظل استمرار إطلاق صواريخ المقاومة بمعدلات ثابتة، ووصولها إلى مدى أبعد على المغتصبات الصهيونية، وكذلك طول أمد العدوان الصهيوني على القطاع وانتهاء مرحلة القصف الجوي ومرور 8 أيام على العدوان البري دون تحقيق نتيجة تُذكَر.

ضبابية العدو

* ما تعليقك على ما يقال بأن العدوان الأخير جاء ردًّا على صواريخ المقاومة؟

    • العدوان الصهيوني كان يطبِّق خطة أعدَّ لها منذ عامين انتهت في يونيو الماضي إبَّان اتفاق التهدئة بين الفصائل والكيان الصهيوني، وصادق عليها الجيش الصهيوني في 18 نوفمبر الماضي، وصادق عليها وزير الحرب إيهود باراك يوم 19 ديسمبر، ثم صادق عليها مجلس الوزراء الصهيوني الأمني المصغَّر في 24 ديسمبر 2008 م وتم تنفيذها يوم 27 من الشهر نفسه، ومعنى ذلك أن العدوان لم يكن يحتاج إلى إذن من صواريخ المقاومة.

* على مستوى الأهداف كان هناك حديث عن أهداف سياسية وعسكرية صهيونية مقابل أهداف لفصائل المقاومة، ما هي هذه الأهداف؟ وهل تحققت؟

    • مع زيادة أمد العدوان الصهيوني على قطاع غزة؛ اتضح لدى الجميع أن الكيان الصهيوني يعيش حالة هستيرية جنونية مع استمرار عدوانه وتقلُّص أهدافه المعلنة منذ بدء عملياته العسكرية؛ ابتداءً من القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس، ثم شلّ قدراتها العسكرية، وانتهاءً بالسيطرة على مناطق إطلاق صواريخ المقاومة، وفي النهاية أوقف إطلاق النار من جانبه فقط ثم انسحب بقواته خارج أراضي غزة.

ورغم الضبابية التي شابت أهداف الاحتلال السياسية والعسكرية قبل العدوان أو أثناءه وبعده وحديثه عن نجاحه في استعادة هيبة قوة ردعِه وخاصةً بعد حرب لبنان 2006 م وإنهاء وجود حركة حماس أو تقليص قدراتها العسكرية كأدنى تقدير وإعادة تشكيل البنية الأمنية لمدن الجنوب الصهيوني بوقف صواريخ المقاومة.. كان حديث أمانيّ لم تتحقق على الإطلاق.

* هذا عن أهداف الكيان.. على الجانب الآخر كيف تقيِّم أداء فصائل المقاومة وخاصةً حركة المقاومة الإسلامية حماس؟

    • بالنسبة للمقاومة الفلسطينية كانت على مستوى الموقف، فرغم التفوق العسكري الصهيوني الضخم الذي لا يستطيع أن ينكره أحد؛ تعاملت المقاومة مع الوضع العسكري المرتبك والمتأزم بحنكة مذهلة، كما أن القدرة الصاروخية للمقاومة حافظت على صمودها ومعدلات إطلاقها طوال أيام العدوان رغم شدة القصف في الأسبوعين الأول والثاني؛ فقد كان معدل إطلاق الصواريخ يتجاوز 40 صاروخًا في اليوم، وفي بقية أيام العدوان تجاوز هذا العدد الـ20 صاروخًا، بل إن مدى هذه الصواريخ أذهل العدو؛ فقد وصلت إلى مدن أبعد مما كان متوقَّعًا كعسقلان وأسدود وبئر سبع وكريات ملاخي وكريات جاد وتل نور وبيت زكريا وملاخيم وكريات شمونة وقاعدة نتساليم وحتسور الجوية وقاعدة ملاخيم الصاروخية وقاعدة بتسليم، بالإضافة إلى فشل الاحتلال في أسر أي عنصر من عناصر المقاومة ، بالإضافة إلى أن شبكة الأنفاق التي أعدتها المقاومة للتعامل مع تلك الاجتياحات والمواقف العسكرية الصعبة مكَّنها من التفوق في المعركة الأرضية.

انتصار حقيقي

* هذا على الصعيد العسكري.. لكن على المستوى السياسي هل حقَّقت المقاومة نصرًا حقيقيًّا أم يقال ذلك كنوع من رفع الروح المعنوية للشعبين العربي والإسلامي؟

بالتأكيد لم يكن انتصار المقاومة علي ساحة المعركة فقط بل كان على المستوى الجماهيري والسياسي أيضًا؛ حيث استطاع العدوان أن يوحِّد صفوف المقاومة ، وأدى ذلك إلى دعم استمرار حركة حماس في السلطة بإجماع شعبي، مع حصولها على الاعتراف الدولي بالحركة عبر قرار مجلس الأمن رقم 1860 لوقف إطلاق النار، وكذلك القرار الصهيوني الذي أعلنه أولمرت بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وهو ما يعني اعترافًا دوليًّا وصهيونيًّا ضمنيًّا بحركة حماس والمقاومة الفلسطينية.

* رأينا ما حدث للشعب الفلسطيني من مآسٍ بسبب العدوان؛ فهل كان لهذا تأثير على مكانة المقاومة عند عموم الشعب؟

    • أرى أن الشعب الفلسطيني لعب دورًا مهمًّا جدًّا في العدوان ولم تزد الحرب في هذا الشعب العظيم إلا إصرارًا على الصمود والمقاومة، مما كان له أكبر الأثر على المقاتلين في الميدان الذين تأكدوا وقتها أن الشعب كله يقف وراءهم رغم الوحشية والهمجية الصهيونية التي لم ترحم الأطفال والنساء والعجائز.


* أكد عدد كبير من الخبراء والمتابعين أن الاتفاق الأمني "رايس- ليفني" لحد تهريب الأسلحة والإجماع الغربي وبعض القوى الإقليمية حوله سيُضعف قدرة الردع للمقاومة.. هل هذا صحيح؟

    • بالطبع وجود اتفاق مثل هذا سيجعل عملية تهريب السلاح صعبةً، ولكنها لن تكون مستحيلة، فالضغط يولد الابتكار وستنجح المقاومة في الحصول على السلاح حتى من الصهاينة أنفسهم، ومن ناحية أخرى فسلاح المقاومة معظمه سلاح مُصنَّع محليًّا وليس مستوردًا، ومن ناحية ثالثة فإن تقنيات الأسلحة الحديثة تشير إلى قدرة صانعيها على تركيبها من مواد صغيرة يمكن أن تهرب وتجمع داخل القطاع، وعلى هذا فاتفاق ليفني- رايس "يبلوه ويشربوا ميته".

الجيل الرابع

* برز في تلك الحرب الحديث عما يسمى "الجيل الرابع" من الحروب، هل من الممكن أن تحدثنا عنها؟

    • قبل أن نتكلم عن الجيل الرابع للحروب "Fourth generation of wars" لا بد أن نمر مرورًا سريعًا على الأجيال السابقة للحروب، فالمرحلة الأولى كانت مرحلة الحرب بالسيوف والخيل، وهي ما تسمى حروب الحشد، تلتها مرحلة مدافع البارود التي بدأها نابليون بونابرت، وتلتها المرحلة الثالثه وهي الحرب التقليدية بين جيشين نظاميَّين يستخدمان أسلحة تقليدية تعتمد على المدرَّعات واختراق الصفوف؛ مع التمهيد النيراني العنيف مصحوبًا بالتغطية الجوية المرنة.

أما الجيل الرابع من الحروب فهي الحرب غير المتكافئة بين جيش نظامي محترف ومجموعة من الثوار المحليِّين، وهذه الحرب غير المتكافئة صعبة جدًّا؛ لأنها لا تعطي الجيش النظامي الفرصة للحرب، فهي حرب عصابات ومغامرات ومفاجآت.

وقد بدأ هذه الإستراتيجية في الحروب ماو تسي تونج الزعيم الصيني العظيم الذي أراد أن يحارب الحكومة المركزية في بكين بما تملكه من سلاح وعتاد؛ بتجنيده الفلاحين وسكان القرى وتدريبهم على استخدام وسائل بدائية لتكبيد الجيش المدرَّب خسائرَ، وقد نجحت هذه الخطة، وحقَّق ماو تسي تونج أهدافه بوسائل بدائية كانت هي الشعاع الأول للجيل الرابع.

* وما هي مواصفات الخطة العسكرية التي يمكن التعامل في حرب العصابات من خلالها؟

    • أول عنصر من عناصر آية خطة هو الاستطلاع وجمع المعلومات من أرض الواقع، فلا بد أن تكون أمام القائد الميداني معلوماتٌ دقيقةٌ عما هو خلف الأشجار وداخل البيوت ودور العبادة، وهو ما يؤكد ضرورة وجود جواسيس، وهؤلاء الجواسيس لا بد أن يكونوا محليين أي من سكان المنطقة.


* وهل نجح الكيان الصهيوني في تلك الحرب الجديدة؟

    • بالطبع لا.. هو فعلاً قصف المساجد والمساكن المأهولة والمستشفيات، ولكن في النهاية أوقف إطلاق النار وانسحب دون أن يحقق أيًّا من أهدافه التي أعلن عنها قبل عدوانه على غزة.

* من وجهة نظرك هل ترى أن العدوان الأخير أعاد إلى أذهان قادة الكيان مأساة حرب لبنان عام 2006 ؟!

    • بلا شك فذاكرة الإخفاق العسكري التي مُنِيَ بها جيش الاحتلال في الجنوب اللبناني أصبحت مسيطرةً على التفكير العسكري للكيان الصهيوني، وهو ما جعل إيهود باراك وزير الحرب يجعل أولى أولياته هو القضاء على صواريخ المقاومة حتى لا يقع في أخطاء عمير بيرتس ودان حالوتس في حرب لبنان الأخيرة؛ حيث تركا شمال الكيان عرضةً لصواريخ حزب الله 36 يومًا، وهو ما فشل فيه أيضًا، واستمرت في غزة تطلق الصواريخ حتى الثانية الأخيرة، وعلى رأي المثل الشعبي المصري "وأصبحا في الهوا سوا".

وأعتقد أننا سنكون أمام لجنة فينوغراد أخرى عقب الانتخابات الصهيونية ورؤوس كبيرة سيُطاح بها كما تعوَّدنا عقب كل عدوان وكأنها أصبحت عادةً لدى الكيان لا تنقطع.

* الكثير من المحللين حاولوا تشبيه صمود المقاومة في غزة بالمقاومة في الجنوب اللبناني، فالكيان الصهيوني انسحب من الجنوب عام 2000 م ثم هُزِم في 2006 م، وكذلك الحال في غزة انسحبت قواته عام 2005 م فيما عُرف بخطة فك الارتباط ثم حققت المقاومة الانتصار عام 2009 م هل ترى أن هذا التشابه كبير أم أنه شيء آخر؟

    • نعم هناك تشابه كبير، فالقضية تقريبًا واحدة؛ حيث الأرض محتلة وكذلك المقدسات، والعدو واحد، والعملاء من نسيج واحد، ومنطقة الصراع واحدة.

ومن الناحية الأخرى نجد الكثير من الاختلافات كثيرة؛ حيث البيئة الجغرافية والسياسية التي تعمل من خلالها المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية، كما أن المعادلات الإقليمية التي يتحركان من خلالها مختلفة.

الطابور الخامس

* ما هي أكثر الأمور التي لفتت انتباهك أثناء العدوان على غزة؟

    • من أكثر الأمور التي لفتت انتباهي لدرجة أذهلتني وأحزنتني في نفس الوقت الهجوم العنيف الذي شنَّته مجموعة من الكتَّاب والسياسيين في وسائل الإعلام المصرية على الفلسطينيين تحت لافتة الخطر الفلسطيني على الأمن القومي المصري، وأن لديهم مخططًا لاقتحام معبر رفح والعبور إلى سيناء والتوطن فيها، أو الحديث عن مخطط "صهيو فلسطيني" يجرونا به إلى مواجهة غير محسوبة العواقب مع الكيان الصهيوني، وبالطبع "دا كلام فارغ" وعارٍ تمامًا من الصحة، ولذلك كرَّمت وزارة الخارجية الصهيوينة هؤلاء الكُتاب بوضع أسمائهم في قائمة الشرف عندها وقائمة العار عندنا.

* ماذا تقول للطابور الخامس الذي ظهر دوره مستفحلاً أثناء العدوان؟

    • أتمنى لهؤلاء رغم مقالاتهم وكتاباتهم التي أخرجتهم من الصف العربي العودة إليه مرةً أخرى، وبدلاً من الحديث عن الخطر الفلسطيني التحدث عن الخطر الصهيوني على الأمن القومي المصري والعربي، على الأقل بإدانة العدوان الصهيوني والصمت الدولي المريب تجاه المجازر التي عُرضت على شاشات الفضائيات، وعدم المساواة بين الضحية والجلاَّد.

وأحب أن أوجِّه رسالةً إلى سلطة رام الله بأن دورها انتهى في القضية الفلسطينية ، وعليها إما أن تعيد حساباتها وتقف بجوار المقاومة، أو أن ترحل بعيدًا وتترك من يدافع عن الأرض والعرض يستكمل المسيرة؛ طالما أنها غير قادرة على ذلك.

كما أقول للمجتمع الدولي بأن يتعامل مع المقاومة كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، خاصةً بعدما رأيناه من تلاحم الشعب مع المقاومة رغم ما أحدثته آلة الحرب الصهيونية من كوارث في غزة .

* ماذا تقول للمقاومة بشكل عام ولفصائل المقاومة في غزة بالتحديد؟

    • أقول لهم مثلما كنت أقول دائمًا أثناء العدوان "slowly but surely" كوني بطيئة للغاية وكوني متأكدة للغاية وأرسلي صواريخك بمعدلات متأنية للغاية، واتبعى أسلوبك أنت لا أسلوب العدو؛ لأن الأضعف دائمًا يبقى ناجحًا طالما بقي في أرض المعركة "والله معك".

* هل نستطيع الآن أن نجمل كل التفاصيل الخاصة بالعدوان والانتصار من حيث المكاسب والخسائر في كل طرف أم أن هذا أمرٌ سابقٌ لأوانه؟

    • أؤكد أن القصة الحقيقية للحرب لم تنتهِ بعد، وما زال هناك العديد من التفاصيل التي لم تتكشف إلى الآن، وأمامنا ما لا يقل عن عام كامل حتى نكتب الشكل النهائي أو القصة الكاملة للحرب.

المصدر:فلسطين الأن