القضية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
القضية الكبرى

المستشار عبد الله العقيل

إن الحديث عن المآسي التي أصابت وتصيب المسلمين في أنحاء الأرض أضخم وأكبر من أن نلخصها في كلمة موجزة. إنها سجل دامٍ من المآسي المتلاحقة التي يأخذ بعضها بخناق بعض بحيث أصبح المسلمون بسببها يسيرون في منحدر هاوٍ رهيب لا يعلم مداه إلا الله.

العلاج:

ومن هنا؛ فإن القضية الكبرى التي تواجه العاملين في الحقل الإسلامي والدعاة إلى الله منهم على وجه الخصوص، هي كيفية العمل وسط هذا الخضم المتلاطم من المشكلات المستعصية والأعداء المتكالبين على الإسلام، أهله ودياره، وما هي أفضل السبل للسير في طريق الدعوة البناءة التي تنظر إلى المشكلات بمنظور إسلامي يستوعب جوانبها كلها، ويخلص إلى العلاج التدريجي المستقى من منهج الرسول (صلى الله عليه وسلم) والسلف الصالح، في تشخيص العلل وطرح الحلول لمعضلاتها بالدواء الناجح والبلسم الشافي، ومن نظرة فاحصة متبصرة وخطوات حكيمة متئدة.

إن أول مشكلة تواجهنا هي جهل المسلمين بحقيقة الإسلام، وبأنه نظام شامل كامل لجوانب الحياة كلها، وظنُّ الكثيرن منهم أن مجاله دور العبادة فقط، والعلاقة بين الخالق والمخلوق في الذكر والعبادة، وترك أمور الدنيا تُنظم وفق التصورات البشرية غير الملتزمة بمنهج الإسلام في مجالات الحياة كلها، وهذا من أكبر الأخطار التي تسللت إلى عقول أبناء المسلمين، وخاصةً المثقفين بثقافة الغرب المتأثر بالعداء بين العلم والكنيسة.

وإن علاج هذه المشكلة يكون بعرض الإسلام بكل جوانبه دون تجزئة أو انتقاص، بل كما جاء من عند الله في كتابه الكريم وسنة نبيه العظيم، جامعًا شاملاً، محيطًا بكل شيء، لم يغادر صغيرة ولا كبيرة، وإفهام المسلمين جميعًا حقيقة الإسلام وشموله وعمومه وكماله واستمراريته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ضرورة الالتزام:

ثم الالتزام بهذا الإسلام قولاً وعملاً وخلقًا وسلوكًا ونظامًا ومعاملات وتشريعات وعبادات، وبناء المجتمع ـ أفرادًا وجماعات وشعوبًا وحكومات ـ وفق المنهج الإسلامي الصحيح المستقى من الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة والتابعون لهم بإحسان.

وبعد هذا يأتي التصدي لأعداء الإسلام، ومواجهة الباطل وتعريته والوقوف في وجه الظالمين والمفسدين الذين يكيدون للإسلام وأهله، ويريدون تحكيم شريعة الإنسان ومحاربة شريعة الرحمن والصمود بكل صلابة وقوة أمام قوى البغي والعدوان باتخاذ كل السبل المشروعة لتحقيق مرضاة الله (عز وجل) وإقامة حكمه وتطبيق شريعته.

التربية والتوعية:

ولعل من المفيد مع الاهتمام بتربية الأفراد وتوعية الجماهير وإشاعة الوعي الإسلامي لدى عامة المسلمين أن تتخذ كل وسائل التعريف والتكوين، والاستفادة من مستجدات العصر في مجالاته المختلفة لتحقيق ما نصبو إليه من رفعة ديننا وسعادة مجتمعنا والارتقاء بأمتنا، بإقامة المؤسسات والمراكز والجمعيات والمدارس والمعاهد والجامعات والمجلات بسائر اللغات ولكل المستويات بأسلوب مبسط وعرض شيق يقدم الحقيقة الأصيلة لكل الناس على اختلاف مداركهم، بحيث يستوعبونها ويدركون مراميها وأهدافها، وتفنيد كل الدعاوى والمقولات الباطلة التي تطلقها ألسنة السوء من أعداء الإسلام وتلامذة الفكر الغربي وسماسرة الاستعمار الشرقي والغربي على حدٍ سواء.

مواجهة الشيوعية والنصرانية:

فالنشاط التبشيري الصليبي الذي يهدد كثيرًا من بلدان العالم الإسلامي، وخاصةً في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا، والنشاط الشيوعي الذي يغزو الكثير من البلدان الإسلامية في آسيا والتغلغل الصهيوني الذي يهدد العالم العربي، وتمتد جذوره إلى بقية أنحاء العالم الإسلامي والأنظمة الدكتاتورية الموالية للشرق أو للغرب... كل هذه تحتاج إلى مواجهة إسلامية منظمة تأخذ بالأسباب المستطاعة، وتعد العدة، وتستكمل القوة بكل صورها، وتضع في الاعتبار أهمية الجهد البشري بعد التوكل على الله وإخلاص النية له والتدرج في تحقيق الأهداف خطوة إثر خطوة مراعية الأولويات في الترتيب وتقديم الأهم على المهم، ومدركة لظروف الزمان والمكان والإنسان، وملتزمة بمنهج الرحمن الذي سار عليه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) في نصرة دعوة الحق والخير وجمع الناس عليها، وتنشئتهم على مفاهيمها وسلوكياتها، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

المصدر