بين يدى الموضوع

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
بين يدى الموضوع


الإمام الشهيد حسن البنا وأول هيئة بالإسماعيلية

شهدت نهاية العقد الثالث من القرن العشرين نشأة جماعة الإخوان المسلمين التى تعد من أكبر الجماعات الإسلامية فى العصر الحديث، وانتشرت بسرعة بين فئات الشعب المصرى، بل وانتقلت فى زمن وجيز لكافة الدول العربية، وعدد كبير من الدول الغربية، وبذل الإخوان المسلمون الجهود الجبارة لى ميادين التربية والدعوة والجهاد، والتى ظهر أثارهـا فى الأجيـال التاليـة، التى شكلـت نـــــواة الصحـــوة الإسلاميــة المعاصرة، ويرجع الفضل فى ذلك لعبقرية مؤسسها الإمام حسن البنا رحمه الله، ولعموم أهدافها وشمولها، وإحكام تنظيمها، والمنهج المعتدل الذى سلكته.

وتتميز دعوة الإخوان بالوضوح والبساطة والواقعية كما يقول الأستاذ سيد قطب: » إن دعوة الإخوان دعوة واضحة صريحة بسيطة لا تعقيد فيها ولا غموض، ولكن الجهل بحقيقة الإسلام الذى يسمح لذوى الأغراض والمتعصبين أن يطلقوا هذه الأوهام، فتجد من يصدقها بحكم الجهل الفاشى بين المسلمين أنفسهم فى هذه البلاد.

إن الإنصاف يقضى أن نقول: إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة مجردة من التعصب وإن الذين يقاومونها هم المتعصبون، أو الجهلاء الذين لا يعرفون ماذا يقولون( ) « .

ودعوة الإخوان ليست مجرد رد فعل سواء لعوامل سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية، أو حتى كرد فعل لتيار التغريب، وإن كانت أهدافها ومنهاجها يغطى كل الجوانب ويتصدى لها.

وإنه من الأمور اليقينية أن حركة الإخوان لم تدفع إليها عوامل سياسية تتعلق بقضايا الاستقلال والدستور، أو رفض النظام القائم، ولكن دفع إليها إيمان ركيز بأن الإسلام نظام حياة شامل لا يستقيم ظله إلا بالإيمان بالكتاب كله، والدولة جزء من منهاج الحياة الذى رسمه الإٍسلام، وليست هناك بدائل عن هذا النظام، كما أنه ليست هناك بدائل عن وسيلة التغير التى رسمها رسول الله ^ .

والقارئ لكلمات البنا رحمه الله فى رسائله يدرك هذا جيداً؛ شومل وضوح الأهداف والغايات منذ أول يوم انطلقت فيه الدعوة، وإن كان التنفيذ العملى يقتضى التدرج فى الخطوات والإعداد الجيد مثلما فعل رسول الله ^ «.

وبالطبع لم يرض أعداء الإسلام عن هذه الجماعة، فشنوها حرباً ضارية عليها، وسلطوا وحرضوا أنظمة الحكم الفاسدة على أفرادها، والتى استخدمت بدورها جميع وسائل القمع والإرهاب، والاعتقال والسجن والتعذيب، ليس ضد كل من ينتمى إلى هذه الجماعة فقط، بل حتى مع من يتعاطف مع أسر المسجونين من الإخوان المسلمين. ولم تفلح وسائلهم، ولم يزد ذلك الدعوة إلا انتشاراً، وأضيف إلى قائمة الشهداء العديد من رجال الإخوان، وهذا هو النصر المبين، وانتشرت دعوة الإخوان المسلمين حقيقة واقعية فى معظم أنحاء العالم.

ولما لم يجد أعداء الإسلام جدوى لجهودهم الصريحة فى محاربة جماعة الإخوان، عمدوا إلى إتباع وسيلة أخرى اشد خطراً وتأثيراً، ألا وهى العمل على زرع الفرقة والشقاق بين الإخوان وإخوانهم من أفراد الجماعات الإسلامية الأخرى، وذلك بإثارة الفتنة والبغضاء بينهم، وافتعال قضايا خلافية بينهم، ودفع بعض الأشخاص المغرر بهم أو العملاء المأجورين إلى تبنى مثل هذه الخلافات والاتهامات، ومهاجمة الآخرين، والعمل على تفرقة الناس من حول تلك الجماعات، وإذكاء الفتنة والوقيعة.

وللأسف الشديد انساق إلى هذه الفتنة العديد من الإسلاميين، وانجرفوا فى تيارها، فاندفعوا فى توجيه الاتهامات إلى دعاة وأفراد الجماعة، وأثاروا الكثير من الشبهات حول منهج الجماعة، دون مراعاة آداب الاختلاف، أو القواعد العلمية المعمول بها عند علماء الأمة، ولا لقواعد آداب النصح المنصوص عليها فى كتاب الله وسنة رسول الله ^ .

وللأسف الشديد تفرغ نفر من هؤلاء وشحذوا كل همتهم، وجمعوا كل طاقتهم لاصياد هفوات وهنات الجماعة وأفرادها، وفضحهم بها، مستندين إلى أدلة طواعها لفهمهم السقيم وأمراضهم المشوبة، دون مراعاة لأصول أو قواعد علمية، واستغلال جهل وعاطفة بعض الشباب الملتزم المحب للإسلام والغيور عليه وجعلهم مطيتهم لترويج هذه الشبهات، كان الأولى بهم أن يستروا على إخوانهم هفواتهم وهناتهم، وأن يستبينوا منهم ما أشكل عليهم فهمه، وأن يطبقوا قول النبى صلى الله عليه وسلم :« ..أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىِّ السُّؤَالُ ..« . يقول الدكتور القرضاوى: »لا أعرف فى التاريخ جماعة ظُلمت وكليت لهم التهم جزافاً ، كما ظُلمت جماعة الإخوان، لقد ظُلمت – كما يقول المثل– ظلم الحسين Z وأعجب شئ يلحظه الدارس المراقب أنها تتهم بالشئ ونقيضه فى آن واحد، فيتهما قوم بشئ ويتمها آخرون بضده تماماً ، وهذا بدوره يسقط التهم كلها ، ولا يجعل لها اعتباراً « .

نقول:

•ألم يئن الأوان لوقف هذا الخلاف الصبيانى وفطم طفولة الواقع المر الأليم لنتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا فيما اختلفنا فيه.

•ألم يئن الأوان لتوحيد الجهود، واستغلال الأوقات المسروقة، وتوظف الطاقات والإمكانات المهدرة التوظيف الأمثل فى خدمة قضايا الأمة الكبرى، لتنكشف الغمة التى طال ظلالها عليها.

•ألم يئن الأوان لتعتصم السواعد بحبل الله لنقضى على كل سلطان ينازع سلطان الله ، ونقيم سلطان الله فى الأرض، ونفشل مخططات أعدائنا التى وضعت بليل لنا، لتحقيق حلمهم ( دولة من النيل إلى الفرات) (دولة صليبية).

وبعد: قد رأينا أنه من فروض العين علينا أن نساهم ولو بهذا الجهد البسيط فى تنبيه إخواننا ونحذرهم من الوقوع فى مصيدة الخلاف الهالك الذى يفنى البعض شباب عمرهم وزهرة حياتهم فى حكايات كلامية ودلالات سفسطائية وخلافات فرعية ومناظرات تجرحيه تاركين ورائهم رأس الأمر وعموده وهو التجمع حول لا إله إلا الله محمد رسول الله ^.

نقاط مهمة:

  • لم أدخل هذه الدراسة ولدى مقررات مسبقة أريد تأييدها واقتناص الأدلة لها، وإنما هدفى الذى ابتغى به وجه ربى هو بيان الحق الذى يرشد إليه ويؤيده النظر السليم.
  • هذه الدراسة لم تكن رد فعل لدراسة نشرة من قبل أو مقال كتب أو واقعة حدثت برغم كثرة الأقلام الجارحة التى نالت ما تزال من الإخوان، وبرغم تعدد الألسنة التى خاضت فى أعراضهم.
  • لم تكن هذه الدراسة دفاعاً عن الإخوان، لأن الشبهات التى تثار حولهم لم تزد منهجهم إلا وضوحاً، ولم يجدوا من الناس إلا إقبالاً، لأننى أحسب أنهم يطبقون فى كل أمورهم مبادئهم ( الله غايتنا ، الرسول قدوتنا ، القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا، الموت فى سيبل الله أسمى أمانينا).

وإنما كانت هذه الدراسة من أجل:

الرد على ذلك المنهج الخاطئ الذى نهجه هؤلاء.

  • ولتوضيح ما أشكل عليهم فهمه.
  • ولتبين ما غاب عنهم حكمه.
  • ولمناقشة ما كثر الجدال حوله.

ولا أدعى أنى أتيت بجديد فى هذا العمل غير تجميع وترتيب وتبويب ما كتبه العلماء.

وقد راعيت أن أنقل النصوص موثقة من مصادرها، وأرجع إلى الأصول التى نقلت منها، مع توثيق ما استشهد به من آيات وأحاديث وأقوال، وراعيت فى كل ذلك التركيز والاختصار ما أمكن دون إخلال بالمقصود.

كما أن الجديد فى الدراسة أنها دراسة من قلب ينبض بالحب للحركة الإسلامية وأنها دراسة ميدانية نشأت التعايش والاندماج مع الوسط الإسلامى، ومن قبل القرب من أفراد الجماعات الإسلامية. فلم تكن دراسة أكاديمية قائمة على مجموعة فروض نظرية، ثم نصائح فى صورة استطلاع رأى يمارس على عدد من أفراد الجماعات الإسلامية ثم على ضوء الاستطلاع تصاغ النظريات وتبين المواقف المطلوب أن تشكل فى عقليتنا فرضاً غالباً ما يكون قد سبق تحديده وبنيت الدراسة على أساس تحقيق ذلك الفرض المسبوق.

والله أسال أن يؤلف بين قلوبنا، وأن يهدينا سبلنا، وأن يملئ قلوبنا بنوره الذى لا يخبو، وأن يشرح صدورنا بنور الإيمان به وجميل التوكل عليه، وأن يحييانا بمعرفته، وأن يمتنا على الشهادة فى سبيله إنه نعم المولى ونعيم النصير، اللهم آمين، وصل اللهم على سيدن محمد وعلى أله وصحبه وسلم. وآخر دعونا أن الحمد لله رب العلمين؛