تاريخ الإخوان في مدينة دمنهور

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تاريخ الإخوان المسلمين في مدينة دمنهور

إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين

تمهيد

خريطة توضح موقع مدينة دمنهور

لمدينة دمنهور خصوصية ومحبة لدي الإمام البنا حيث أنها البلد التي ولد فيها وتربى على ترابها، ونشأ بين شعبها، ونهل من علم علمائها، ثم كانت البلد التي ظل يحمل لها الوفاء لما تركه فيها من صحبة طيبة متمثلة في صديقه أحمد السكري وتمثل مدينة دمنهور نقطة هامة في حياة الإمام البنا فكانت محطة هامة في تكوين شخصيته القيادية والإسلامية المحاربة للشبهات والفساد وفكرة تكوين الجمعيات الإسلامية التي تطورت إلى إنشاء جماعة الإخوان المسلمين.

الموقع الفلكي:

مدينة دمنهور تقع في شمال غرب الدلتا على خط طول 03' 31° شرقاً و28' 30° شمالاً، تتبع إدارياً محافظة البحيرة، دمنهور تتوسط تقريباً منطقة شمال غرب الدلتا، يحيط بالمدينة أرض سهلية منبسطة من جميع الاتجاهات، واخترقها ترعة المحمودية.

الموقع الجغرافي:

مدينة دمنهور تقع في شمال شرق محافظة البحيرة حيث يحدها:

  • من الشمال: المحمودية.
  • من الشرق: مركزي الرحمانية وشبراخيت.
  • من الغرب: مركز أبو حمص.
  • من الجنوب: مركز الدلنجات.

المساحة وعدد السكان:

  • المساحة: 2 ميل2 (5.30 كم2)
  • عدد السكان(2006): 244,043
  • الكثافة السكانية 119,258.2/ميل2(46,045.8/كم2)

دمنهور، مدينة مصرية، تُلقب بعدة أسماء مثل: مدينة النور، ومدينة النصر، ومدينة البحيرة. تقع في شمال مصر، ودمنهور هي عاصمة لمحافظة البحيرة. تقع شمال غرب دلتا النيل، وتبعد عن الإسكندرية 60 كيلومتراً باتجاه الجنوب الشرقي. تشتهر بعدة مواقع ذات قيمة تاريخية وثقاقية مثل مسجد التوبة ومسجد الحبشي ودار أوبرا دمنهور.

تاريخ مدينة دمنهور:

ثار أهل البحيرة على الفرنسيين عدة مرات. وفي كل ثورة كان يشنق عدد من الاهالي والاعيان والعربان بها. وكانوا يتخذون منهم رهائن ليكفوا عن الثورة ليتوقف اهل البحيرة عن الثورة، حتي اتاهم (أبو عبد الله المغربي) أحد شيوخ المغرب ودعا اهلها إلى الجهاد وجعل دمنهور عاصمته. وانتصر على نابليون بونابرت في خمس معارك متتتالية انتهت باستشهاده واستشهاد الفين من رجال البحيرة بدمنهور وامر نابليون بإبادة سكان المدينة وحرقهم أحياء في بيوتهم وفي الطرقات وقدر عدد الشهداء بربع سكان المدينة وأرسل قائد كتيبة إبادة دمنهور لأحد القادة رسالة قائلا : أصبحت دمنهور كومة من الرماد ما تركنا فيها حجر فوق حجر وقتلنا من اهلها نحو ما يزيد عن ألف وخمسمائة شخص.

أصل التسمية:

عرفت دمنهور في النصوص المصرية القديمة باسم "دى من حور" أي مدينة الإله حور أو حورس، وذلك على اعتبار إنها كانت مركزاً لعبادة هذا الإله. وكذلك عرفت بأسماء أخرى، ففي النصوص المصرية عرفت أيضاً باسم "بحدت"، وفي النصوص اليونانية عرفت باسم "هرموبوليس برفا" أي مدينة هرمس الصغرى، وكذلك سميت "أبوللونوبوليس" نسبة للمعبود اليوناني أبولّو ، ثم أطلقوا عليها اسم تِلْ بَلاَمون، لكن المصريين أعادوا إليها اسمها المصري القديم ونطقوها "تمنهور"، وبعد الفتح الإسلامي حرفت بالعربية إلى اسمها المعروف الآن "دمنهور".

السياحة:

مسجد التوبة ثاني مسجد في أفريقيا بعد مسجد عمرو بن العاص ومسجد الحبشي بني في أوائل القرن العشرين وهو تحفة معمارية رائعة, ومسجد المرداني, وأوبرا دمنهور بُنيت في عهد الملك فؤاد تم تجديد دار الاوبرا وترميمها لتعود لشكلها الأول الجميل ومبني مكتبة البلدية بني في عهد الملك فؤاد ومبني مدرسة دمنهور الثانوية العسكرية تحفة معمارية رائعة بنيت في عهد الملك فؤاد ومبني دار الاسعاف بُني في عهد الملك فؤاد وبها مستشفى تعليمي وكوبرى إفلاقه المتحرك. بالإضافة إلى كاتدرائية القديسة العذراء مريم والقديس اثناسيوس الرسولي وهي مطرانية البحيرة. ش. سعد زغلول أو ش. السجن وهو أكبر شارع تجاري في المدينة.


بداية الدعوة في دمنهور

ما أن استقرت الدعوة في الإسماعيلية، وبدأت تنتقل للمدن والقرى الأخرى حتى وصلت إلى محافظة البحيرة عن طريق رافدين، الرافد الأول عن طريق الشيخ حامد عسكرية بمدينة شبراخيت، والرافد الثاني متمثل في أحمد السكري بمدينة المحمودية.

في العطلة الصيفية وبعد وضع حجر الأساس لمشروع الإخوان المسلمين بالإسماعيلية، ونتيجة للمعاكسات والشكاوى الكيدية تم نقل الشيخ حامد عسكرية من الإسماعيلية إلى شبراخيت، وقد تفاءل الإمام البنا والشيخ حامد عسكرية بهذا النقل، وقال كل منهم لصاحبه: خير إن شاء الله، ستستفيد الدعوة من هذه الحركة ولا شك، والمؤمن خير أينما كان.

انتقل الشيخ عسكرية من الإسماعيلية إلى شبراخيت بالبحيرة للعمل بها واعظًا بعد وشاية أرسلت إلى وزارة الأوقاف ضده، ومنذ أول يوم نزل فيه شبراخيت أخذ على عاتقه نشر دعوة الإخوان بها، وعمل جاهدًا على نشر الدعوة بها، فلم يمض على نقله سوى عدة شهور حتى تأسست شعبة شبراخيت، وتم افتتاح هذه الشعبة في المحرم لسنة 1349ه الموافق يونيو 1930م، في احتفال بالعام الهجري الجديد، وقد حرص الإمام الشهيد الذي حضر من الإسماعيلية ومعه بعض إخوانه منها على حضور افتتاح شعبة شبراخيت، وحضر معه عدد من الإخوان من كل مكان ليشهدوا حفل افتتاح الشعبة، وكان ذلك في يوم العاشر أو الحادي عشر من شهر المحرم، فنشطت هذه الشعبة لنشر الإسلام والتصدي للحملات التنصيرية التي غزت البلاد تحت رعاية الاستعمار، مستغلة ضعف وجهل كثير من طوائف الشعب المصري لتفتنه عن دينه، فكان لهذه الشعبة وأخواتها من باقي الشعب دور هام في دحض مزاعم المنصرين، وحماية الضعفاء من براثنهم، وكان من نتاج نشاط الشيخ أن قام بمعاونة الأخ قاسم جويد ببناء مسجد ومدرسة للإخوان في الشعبة كان لهما أثر عظيم في الدعوة للإسلام.

وتمثل الرافد الثاني في الأستاذ أحمد السكري الذي كان صديقا للإمام البنا منذ الصغر، حيث استقبل رسالة من الإمام يخبره فيها بأنه أنشأ جماعة الإخوان المسلمين، فتوجه السكري لزيارته بالإسماعيلية وبعدما عاد حول مقر الجمعية الحصافية لمقر شعبة الإخوان بالإسماعيلية، لكننا لا نعرف تحديدًا متى تغير اسمها من الجمعية الحصافية، إلى شعبة الإخوان المسلمين بالمحمودية، ويَذكر الأستاذ محمود عبد الحليم أن الطابع العام لهذه الشعبة كان يختلف عن باقي شعب الإخوان المسلمين حتى سنة 1938م.

ولم يأت شهر فبراير 1935م إلا وكان للإخوان في مصر أكثر من خمسين شعبة لها عناوين ومقرات ويخرج عن نطاق ذلك الحصر شعب الإخوان خارج مصر، وقد نشرت مجلة الإخوان المسلمين حصرًا بتلك العناوين تحت عنوان: "عناوين جمعيات الإخوان المسلمين" وكانت منطقة البحيرة متمثلة كالتالي: شعب شبراخيت المحمودية وكفر الدوار والوسطاتية والبسلقون كلها بمديرية البحيرة.

كما كانت خريطة الشعب والمناطق التي نشرتها صحيفة الإخوان كالتالي:

شعب-البحيرة.jpg

كما توسعت الشعب والمناطق بعد ذلك فقد وضح من الخريطة التي صدرت عام 1940م بالشعب حيث كانت البحيرة هي المنطقة الرابعة حيث شملت البحيرة والواحات والصحراء الغربية وكان مندوبها العام الأستاذ الشيخ أحمد عبد الحميد بكفر الدوار وكان تشكيلها كالتالي:

شعب-البحيرة2.jpg

وظلت الشعب تتوسع وتنتشر حتى قرار الحل عام 1948م وحينما عادت الجماعة مرة أخرى عام 1951م شهدت الجماعة توسعا كبيرا.


إخوان دمنهور في الهيئة التأسيسية والجمعية العمومية

تشكلت الهيئة التأسيسية عام 1945م وجمعت الرعيل الأول من الإخوان وكان لكل محافظة عدد في الهيئة وقد كان في هذه الهيئة من محافظة البحيرة كلا من الحاج عبد القادر عثمان – تاجر بدمنهور، الشيخ أحمد عبد الحميد حامد الطحان – كفر بولين البحيرة، عبد الغفار الديب – كوم حمادة، محمد فهمي القراقصي – دمنهور، محمود عبد الحليم.

ومن الأنشطة المشهودة التي تعد نقلة كبيرة في حياة الإخوان المسلمين باعتبار ما تمخض عنها من قرارات وما ترتب عليها من آثار ذلك الاجتماع الكبير الذي عقده المركز العام للإخوان المسلمين في اليوم الثاني من عيد الفطر الموافق 2 من شوال عام 1364هـ الموافق 8 من سبتمبر 1945م ودعا إليه رؤساء المناطق والشعب ومراكز الجهاد في جميع أنحاء المملكة المصرية للنظر في موقف الإخوان من الحقوق الوطنية في الظروف الحاضرة، وقد حضر ايضا من كل محافظة عدد وقد حضر من البحيرة كلا من:

عبد الرحمن أحمد الشاذلي . أحمد محمد السنباطي . محمد عبد المنعم عبد الهادي . السيد محمد شرف . سيف النصر إبراهيم . عامر مبارك محمد هلال . عبد القادر محمد عثمان . مبروك محمد هنيدي . محمد أحمد القرط . أحمد محمد سالم . محمد محمد الدمياطي . محمود علي السمكري . علي عبد المطلب سلام . محمد بشير . محمود محمد عبد الحليم . أحمد جمال عمار . حامد عبد الوهاب الطمان . علي محمد عبد المجيد الجالي . حلمي الجالي . محمد عبد المقصود . عبد الونيس بهنس . عثمان محمود مهنا . أحمد القاضي . محمود إبراهيم حلبي . إبراهيم محمد الكايكيت . عبد الرءوف شبابيك . علي خليل . عبد اللطيف شعبان . عبد الحليم سليمان . مصطفى سليمان .


بعض ذكريات الإمام البنا بدمنهور

عاش "حسن البنا" خلال فترة المراهقة حياةً صوفيةً بكل ما فيها من تأثير في حياته، ومنها الاستغراق في التعبد والتصوف، لكنه لم يتخلَّ عن أي مشاركة فعلية في الواجبات الوطنية التي أُلقيت على كواهل الطلاب حينذاك، ثم التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور عام 1920م، واستمر بها حتى عام 1923م، وكان عمره آنذاك أربعة عشرة عامًا، وظل بها حتى السابعة عشرة من عمره.

منذ أن جاء من المحمودية ارتبط "حسن البنا" بالطريقة الحصافية، وأخذ العهد على شيخه "السيد عبدالوهاب"- ابن مؤسس الطريقة الشيخ "حسنين الحصافي"- وشيخها في ذاك الوقت في يوم 4 رمضان سنة1341هـ الذي أذن له بأدوار الحضرة بمسجد التوبة بدمنهور ووظائفها، ولقد استفاد "حسن البنا" من شيخه هذا أجلَّ استفادة من الجِد في الأمور، والتحرر من صرف الأوقات في غير العلم أو التعلم أو الذكر أو الطاعة أو التعبد، سواء كان الإنسان وحده أم مع إخوانه ومريديه، وحسن التوجيه لهم، وصرفهم عمليًا إلى طاعة الله، كما تعلم منه عدم السماح للإخوان المتعلمين أن يكثروا من الجدل في الخلافيات أو المتشابهات، أو أن يرددوا كلام الملاحدة والزنادقة أو المنصرين أمام العوام من الإخوان، وكان يقول لهم: "اجعلوا هذه فيما بينكم، أما أمام العوام فتحدثوا بالمعاني المؤثرة العملية التي توجههم إلى طاعة الله؛ لأنه لا يجوز أن تتعلق بنفس أحدهم شبهة ولا يفهم الرد عليها فيتشوش اعتقاده بلا سبب".

ولأن دمنهور كان بها ضريح الشيخ "حسنين الحصافي" ونخبة صالحة من الأتباع الكبار للشيخ- رحمه الله- فكان طبيعيًا أن يندمج "حسن البنا" في هذا الوسط، وضاعف من هذا الاستغراق أن أستاذه الحاج "حلمي زكريا" كان مثالاً من أمثلة التعبد والصلاح والتقوى والتأدب بأدب الطريق، كما كان الشيخ "حسن خزبك" زميل الحاج "حلمي" يعقد كثيرًا من الاجتماعات العلمية والوعظية في بيته، وكان يدرس كتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي "حامد الغزالي" قبل صلاة الفجر من رمضان في مسجد الجيش بدمنهور، وكان الحاج "حلمي" يصحب الشاب "حسن" معه في هذه الاجتماعات، فيقول الإمام الشهيد في مذكراته: "فكنت أجد نفسي- وأنا الطالب الصغير- مع رجال كبار فيهم الأساتذة الذين يدرسون لي في المدرسة، وغيرهم من العلماء الفضلاء، وكلهم يشجعونني ويشجعون أمثالي من الشباب على السير في هذا الطريق- طريق طاعة الله- فكانت هذه كلها عوامل للتشجيع على هذه الخطة التعبدية الصوفية.

ويواصل الإمام "البنا" حديثه في مذكراته عن هذه الفترة الصوفية بقوله: "ولست أنسى في دمنهور ليالي مسجد الجيش أو مصلى الخطاطبة، فلقد تطور حضور درس الأستاذ الشيخ "حسن خزبك" قبل صلاة الفجر في رمضان إلى اعتكاف ليالٍ بطولها مع لفيف من الإخوان الحصافية الصالحين... نصلي العشاء ثم نتناول قليلاً من الطعام بحضرة بعض الإخوة الكبار... ثم نذكر الله بعض الوقت، ثم ننام قليلاً، ونقوم نحو منتصف الليل؛ للتهجد ثم صلاة الفجر ثم قراءة القرآن والوظيفة والأوراد، وبعد ذلك ننصرف إلى الدراسة، وكثيرًا ما كنا نستيقظ ونحن في بيوتنا قبل الفجر بوقت طويل- لم تكن المساجد قد فتحت فيه أبوابها- فنمضي إلى مصلى على شاطئ ترعة الخطاطبة؛ حيث نصلي إلى قبيل الفجر، ونسرع إلى المسجد لندرك صلاة الجماعة، وكانت لنا أيام ننذر فيها الصمت والبعد عن الناس.. فلا يتكلم أحدنا إلا بذكر أو قرآن، وإذا صادف وجاءني خطاب في هذه الأحيان.. فلا أحاول فتحه؛ حتى لا يشغلني عن ذكري... فإن الصوفي متخفف يجب عليه أن يقطع علاقته بكل ما سوى الله، وأن يجاهد في سبيل الله ما أمكنه من ذلك".

هكذا انشغلت عواطف الشاب "حسن البنا" بالطاعة والبر والتقوى أو شغلت بالطريقة الصوفية، ولكنه كان تصوفًا يقظًا يقوم على العلم والمجاهدة دون انحراف.

جمعية الحصافية الخيرية:

في هذه الفترة لم ينسَ "حسن البنا" الدرب الذي سار عليه منذ نعومة أظافره من الجمعيات التي تنشر الخير والفضيلة في المجتمع، فكان من نتائج اندماج الشاب في الطريقة الحصافية، وعمله وهو طفل في جمعيات متعددة، أن تكونت عنده فكرة عن الدور الاجتماعي للإسلام، فدعا إلى تكوين جمعية حصافية خيرية، وحدد لها ميدان العمل كالتالي:

الميدان الأول: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومقاومة المنكرات والمحرمات الفاشية... كالخمر والقمار وبدع المآتم.

الميدان الثاني: مقاومة الإرساليات الإنجيلية التنصيرية التي جاءت إلى دمنهور، واستقرت فيها، وكان قوامها ثلاث فتيات ترأسهن مسز "ويت"، وأخذن في التنصير عن طريق: تعليم التطريز، إيواء الصبية اليتامى والفقراء، التمريض، وقد استطاعت هذه الجمعية أن تؤدي رسالتها في ذلك.

ولقد شغلت هذه الحركة الإمام البنا منذ صغره وأحس بخطورتها على الإسلام والمسلمين، فبدأ في التفكير في مقاومتها، عندما أسس الجمعية الحصافية وهو في مدرسة المعلمين الأولية بدمنهور (1920 - 1923م) التي كان من أهم أعمالها مقاومة الإرسالية الإنجيلية التبشيرية التي هبطت المحمودية واستقرت فيها، وكان قوامها ثلاث فتيات ترأسهن مسز "وايت" وأخذن يبشرن بالمسيحية في ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية بنين وبنات، وقد كافحت الجمعية في سبيل رسالتها مكافحة مشكورة.


زيارات الإمام البنا لدمنهور

الإمام حسن البنا

كان الإمام البنا دائب الزيارات للمحافظات للاطمئنان على سير العمل الدعوي ولنشر هذه الدعوة في أماكن أخرى في المحافظات، وبطبيعة الحال كانت محافظة البحيرة لها مكانة كبيرة في قلب الإمام البنا، وقد حرص على زياراتها كثيرا، ففي عام 1933م تحرك الإمام البنا في ثاني زيارة له للشعب وكان جدول زيارته للشعب كالتالي:

وفي خلال شهري يوليو وأغسطس من عام 1936م قام الإمام الشهيد برحلته السنوية وكان تفصيلها في محافظة البحيرة كالتالي:

  • يوم الأحد 30 ربيع الآخر ، 19 يوليو دمنهور بحيرة.

وكانت رحلات الأستاذ البنا في شهر رمضان المبارك سنة 1357هـ الموافق عام 1938م ففي يوم الجمعة 19 رمضان زار مدينة دمنهور وقوبل بالترحاب من الشيوخ والنواب والأهالي، ولبى دعوة الوجيه الحاج عبد القادر عثمان أفندى التاجر ورئيس شعبة صلاح الدين لتناول طعام الغداء، وقد شاركه الغداء حضرات الوجهاء: أحمد محمد الوكيل بك، وعبد العزيز مخيون النائب بالبرلمان، وسعيد الحبشي بك، والحاج محمد الخراشي، والحاج محمد عبد الكريم سكرتير الغرفة التجارية، والحاج سيد شرف التاجر. وقد أخذت لهم صور تذكارية مع المرشد العام.

هذا فضلاً عن زيارات المرشد ومندوبى المركز العام إلى شعب الأقاليم عام 1940م. والتى كانت كالتالى:

زيارة-المندوبين.jpg

وفى 3 أكتوبر 1941م عقد الإخوان للإمام البنا اجتماعًا فى مدينة دمنهور بمسجد سيدى عمر هاجم فيه السياسة البريطانية هجومًا عنيفًا، وعلى أثر ذلك قام مأمور بندر دمنهور ورئيس مباحث مديرية البحيرة بعمل تقريرين بهذا الاجتماع فى 6 أكتوبر، وتم إرساله إلى رئيس الوزراء حسين سري فى 8 أكتوبر الذى قام بالتوقيع عليها بالعلم فى 10 أكتوبر، وبعدها مباشرة صدر أمر اعتقال الإمام البنا في 14 أكتوبر من نفس العام.

وفي عام 1947م الموافق ذو القعدة 1364 هـ زار فضيلته أيضًا مدينة دمنهور، وألقى محاضرة عن الشئون الداخلية والدولية والمشاكل التي تحيط بالأمة العربية والإسلامية.

ويذكر الحاج علي أبو شعيشع عن زيارة الإمام البنا قوله: زار الإمام البنا دمنهور في وقت كان النزاع فيه على أشده بين الوفد والإخوان، وكان مقررًا أن يحضر الأستاذ المرشد حفلاً بالإسكندرية مساء يوم الخميس على أن يخطب الجمعة في دمنهور، واختار له الإخوان مسجد الزرقا الذي يتوسط المدينة. واستغل الوفديون الفرصة لتنفيذ مخططهم العدواني، فبعد أن دعا الإخوان الناس إلى الصلاة في هذا المسجد وقبل موعد الصلاة اكتظ المسجد بالمصلين داخله وخارجه بينما اندس شباب الوفد في الداخل استعدادًا لتنفيذ مخططهم.

وما إن صعد الأستاذ المنبر حتى سمع الإخوان أصواتًا تنادي (انزل، انزل) وتعالت الأصوات، ونزل الإمام البنا إلى الدرجة الأخيرة بالمنبر ونادى في الناس قائلاً: "من أم قومًا وهم له كارهون لم تجاوز صلاته أذنيه، ابحثوا لكم عن خطيب آخر" ولكن المصلين أصروا على أن يخطب الجمعة وقام الإخوان متكاتفين بحمل الوفديين من بين الصفوف والقذف بهم خارج المسجد وكانوا يخفون بين طيات ملابسهم أسياخًا حديدية.

وخطب الأستاذ خطبة قصيرة خرج بعدها ليركب سيارة الأخ منير الدلة التي كان يقودها بنفسه، وكانت قوات من البوليس قد حضرت.

وعن زيارة الإمام البنا لمدينة دمنهور يحكي لنا الأستاذ عباس السيسي تفاصيل هذه الزيارة فيقول:

غادر فضيلة المرشد وصحبه الإسكندرية إلى دمنهور، وعند المسجد كان المشهد مثيرًا حيث حاصرت قوات الأمن المسجد من كل مكان ودخل الأستاذ المرشد مع نهاية الأذان، وفوجئنا بمعركة بين الإخوان والوفديين بالأيدي وسط جلبة من الهتافات، وجرفت موجة الغضب الإخوان ولم يقدروا خطورة الموقف وما يترتب على ذلك من مخاطر على حياة فضيلة المرشد في هذا الزحام الذي يختلط فيه الحابل بالنابل ومن نعرف بمن لا نعرف.

ولكن الأستاذ المرشد لم ينتظر، فقد صعد المنبر في الحال وصاح بأعلى صوته:

(يا أبناء الإسلام ... يا أتباع محمد عليه الصلاة والسلام... يا من جئتم لعبادة الله وحده...).

وظل الأستاذ ينادي بمثل هذه المعاني إلى أن جلس الناس جميعًا، وهدأت الثائرة وخيم الصمت الرهيب على الجميع، ثم بدأ يخطب الجمعة محلقًا بالمصلين في سماء الحب والأخوة في الله تعالى، وتناول كيف وحد الإسلام بين الأوس والخزرج وبين الأبيض والأسود وبين العربي والعجمي، واستشهد بآيات القرآن وأحاديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه حتى تجاوبت القلوب ودمعت العيون...

وبعد أداء صلاة الجمعة أسرع فضيلته في إلقاء كلمة أخرى ، حتى لا يدع فرصة للشقاق والخلاف واستمر حديثه أكثر من ساعة حتى انفض الناس في هدوء، وخرجوا من المسجد وقد ظهر عليهم الألم والحزن إذ أوقع بينهم الشيطان وألقى بينهم العداوة والبغضاء...

وهكذا استطاع الأستاذ المرشد بما ألهمه الله وبما وهبه من قوة العزيمة وسرعة الحركة والمبادرة أن ينقذ الموقف ويملك زمامه ويرد إلى الجماهير رشدها ووعيها دون أن يشير في خطبته إلى أي اتهام أو تجريح أو مفاضلة، ولكن رد الناس جميعًا إلى أصل عقيدتهم التي من الله عليهم بما حيث يقول: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ﴾ [آل عمران: 13].


أنشطة الإخوان في دمنهور

لقد تعددت أنشطة الإخوان في محافظة البحيرة ما بين عمل خيري أو مناصرة لفلسطين أو احتفالا، ولقد تنوع في أنشطتهم ومن هذه الأنشطة:

النشاط الرياضي

لقد تشكلت في كل محافظة عدد من الفرق الرياضية المختلفة سواء كرة قدم أو كرة سلة وغيرها، وكان لكل منطقة مندوب في القسم وكان مندوب الإخوان في البحيرة لقسم الرياضة هو الأستاذ صابر الشافعى.

ومن الأنشطة التي قام بها القسم في [[[البحيرة]]]، أن نظمت منطقة دمنهور حفلا رياضيا كبيرا عام 1947م فى المصارعة والملاكمة وحمل الأثقال على أرض النادي الرياضي للإخوان بدمنهور , وقد اشترك نادى الكمال الرياضي بالإسكندرية فى هذا الحفل وقام الأخوين الحاج عبد القادر عثمان والأستاذ عرين المسلمان رئيسا لنادي بمجهود طيب لنجاح الحفل.هذا غير الأنشطة الأخرى التي نشط فيها الإخوان كألعاب القوى وغيرها.

كما اجتمع مجلس الرياضة الأعلى للإخوان في 1947م وقرر إقامة مسابقة رياضية على كأس تذكارية باسم فضيلة المرشد العام يتنافس على إحرازه منتجات كرة القدم بالمكاتب الإدارية, ولقد استقبل الإخوان ذلك بالفرح والسرور.

ولقد اعتبرت اللجنة أن مكتب أدارى البحيرة منسحبا أمام فريق مكتب أدارى المنوفية لعدم حضوره المباراة التي كانت مقررة إقامتها على أرض شبين الكوم.

وفى الإسكندرية تبارى فريق الإخوان بدمنهور مع نادى الترسانة بالإسكندرية على أستاذ البلدية فى تمام الساعة الثالثة والربع ظهرا.


نشاط الجوالة

لقد نشط الإخوان بالبحيرة وشكلوا فرقا للجوالة كان على رأسها المهندس علي أبو شعيشع ومبروك هنيدي وغيرهم.

ففى دمنهور قامت جوالة الإخوان بزيارة لزاوية غزال المتاخمة لدمنهور، وعسكروا فيها يومى الخميس والجمعة 4 و5 من المحرم 1358هـ الموافقين 24 و25 فبراير 1939م. وقد تفرق الإخوان فى مساجد زاوية غزال لصلاة الجمعة؛ وذلك حتى يتمكنوا من تعريف أهل القرية جميعًا بدعوة الإخوان، وحثهم على الانضمام إليها.

كما زار دمنهور الأخ سعد الدين الوليلي سكرتير جوالة الإخوان ومعه بعض رهوط جوالة القاهرة، وتوافد على دمنهور أيضًا وفد من جوالة الإخوان بالإسكندرية، وتم إقامة معسكر للجوالة فى معسكر الجيش المرابط؛ حيث سرح أفراده بمناسبة إجازة العيد. وفى يوم العرض والمهرجان توافدت جوالة الإسكندرية وجوالة القاهرة بقيادة الأخ سعد الدين الوليلي، وتحركت الفرق جميعها مخترقة شوارع دمنهور فى استعراض جذب الأنظار حتى صلاة الظهر، ثم تناولت الفرق الغداء على دفعات فى المعسكر، ثم اتجهت إلى ملعب البلدية، وقاد الأخ سعد الدين الوليلي استعراض الجوالة، ثم ألقيت الأناشيد والكلمات، ثم عادت فرق الجوالة إلى معسكرهم؛ حيث باتوا ليلتهم، وفى الصباح انصرف الجميع.

كما أقام فريق الجوالة برهط صلاح الدين بدمنهور عام 1947م معسكر بالنادى الرياضى, وعسكر فريق الجوالة برهط أبى الريش بدمنهور بعزبة الوسط وقام الرهط بعرض حفل سمر.

كما قامت جوالة منطقة دمنهور برحلة إلى السوالم وأشليمة وأقاموا حفلا تمثيليا بشعبة السوالم وكونوا رهطين بنطلا العنب.


نشاط الطلبة

لقد نشط قسم الطلبة في التعريف بدعوة الإخوان حتى أنه عام 1936م شكل لجانا أوفدها للمحافظات فكانت محافظة البحيرة ومراكزها كفر الدوار، أبو حمص، دمنهور رشيد، المحمودية، الدلنجات، شبراخيت، إيتاي البارود، كوم حمادة، أبو المطامير، من نصيب الأستاذ محمد عبد الحميد أفندي بالآداب، ومصطفى أبو رية أفندي بالهندسة، غير أن مكتب الإرشاد عدل جدول الزيارات وجعل البحيرة من نصيب رشاد سلام أفندي – الشيخ عبد اللطيف الشعشاعي.

ولم يقتصر النشاط على الطلبة فقد اشترك بعض الوجهاء من البحيرة في محاولة لإصلاح التعليم حيث ذكرت مجلة الإخوان المسلمين عام 1937م أن حضرات أعيان مراكز فوه وشبراخيت ودسوق وكفر الزيات وعلى رأسهم سعادة محمد المغازي باشا الرجل المسلم الصالح العامل لدينه من أعيان القطر بالإسكندرية والبحيرة، وفيهم فضيلة الأستاذ الشيخ محمد عبد الله دراز المدرس بكلية أصول الدين، وفضيلة الأستاذ المرشد العام للإخوان المسلمين، وفضيلة الأستاذ الشيخ حامد عسكرية رئيس الإخوان بشبراخيت، والأستاذ أحمد فضيلة أفندي المدرس بشبراخيت وكثير من ذوي الوجاهة. وقد قام الوفد بمقابلة كل من سمو الأمير عمر طوسون ومعالي كبير الأمناء ودولة رئيس الوزراء ودولة رئيس الوفد المصري وفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الأزهر وسعادة وزير المعارف وعرضوا عليهم مطالبهم في إصلاح التعليم الديني في المدارس ورفعوا إلى حضراتهم عريضة بمطالبهم.

وحينما عقد معسكر الدخيلة بالإسكندرية في الفترة من 27 جمادى الأولى 1357هـ الموافق 25 يوليو 1938م حتى 29 جمادى الآخرة 1357هـ الموافق 25 أغسطس 1938م اشترك فيه بعض طلبة إخوان البحيرة مثل الأستاذ محمود عبد الحليم وبعض إخوان رشيد، والأستاذ محمد الدسوقي بقنيتة وبعض إخوان دمنهور.

كما قام الأخ حسن دوح مندوبًا عن القسم في فبراير 1945م بزيارة إخوانه الطلبة فى دمنهور حيث تفقد حالهم وسعد برؤيتهم.

ويقول الأستاذ حسن دوح معلقاً على هذه الزيارة بكتابه (25 عاما في جماعة الإخوان) فيقول:

وكان للأستاذ فريد عبد الخالق رئيس قسم الطلبة أثر كبير في ربطي بالدار، فقد كان الرجل يفيض إخلاصا ومحبة لعمله إلا أنه دفع بي إلى دائرة الضوء بسرعة ووضعني في مكانة المعلم ولم أكن قد تهيأت لها، ففي أواخر عام 1945 أرسل بي إلى دمنهور كمندوب لقسم الطلبة ووجدت نفسي أقف خطيبا في جمهور ليس بالقليل وأتحدث عن الإسلام وعن السياسة والأحزاب ثم يسألني الجمهور عن أخبار المركز العام وأخبار الإخوان في الجامعة ولا أدري هل وفقت في حديثي أم لا ولكني الآن أشعر أنني تبوأت مكانة لم أؤهل لها من قبل فعكس هذا على متاعب كثيرة لقد شعرت بأنني وجدت نفسي التي كانت قد أصيبت ببعض الضياع نتيجة الضغوط العديدة التي تعرضت لها ضغوط ولدها ضيق ذات اليد وما صاحبة من مرض وتخلف في الدراسة.

عدت بهذا الشعور من دمنهور ووجدت الطريق متسعا أمامي ووجدتني أتنقل من شعبة إلى أخرى ومن منبر إلى آخر، ثم أجوب عواصم الأقاليم وأخطب في الاحتفالات الكبرى وكغيري من خطباء الإخوان تحولت إلى خطيب مسجد، وخامرني إحساس بأن لدي قدرة على الارتحال في كل مناسبة تعرض لي حتى أنني غزوت الأفراح والمآتم.. وكانت خطبي تتسم بالعنف وتجنح إلى الهجوم ولو سألتني عن السبب في هذا لما وجدت إلا تفسيرين الأول افتقاري إلى العلم بأصول الدين من تفسير وحديث وسيرة أو على وجه الدقة افتقاري إلى الإحاطة بعلوم الدين والتي لم يكن لي حظ منها إلا ما كنت أقرؤه في صغري علاوة على بعض المعلومات التي كنت أتلقفها من الأستاذ حسن البنا ، والخطباء الآخرين الأزهريين منهم والذين كان لهم الفضل الكبير في الحفاظ على الجانب الفقهي والعلمي في الجماعة هذا بالإضافة إلى ما كانت توافينا به المجلات الإسلامية وخاصة مجلة الإخوان من دراسات إسلامية هذه السطحية في الدراسة أوقعتني في أخطاء أسأل الله أن يغفرها لي وكلما تذكرت ما قلته في إحدى خطبي في شعبة من شعب الإخوان ازددت خجلا من نفسي قلت في إحدى الخطب : «إن نوحا عاش تسعمائة وخمسين عاما على أحس الروايات» وطبعا نوح ذكر عنه في كتاب الله أنه عاش ألف سنة إلا خمسين عاما!!».

كما أقام طلبه الإخوان بكلية الزراعة بدمنهور حفل تعارف بين زملائهم بالكلية في أبريل عام 1947م، كما قام طلبه الإخوان بكلية الزراعة (قسم البكالوريوس) بدمنهور جامعه فاروق الأول برحله إلى الصعيد في نفس الشهر,وفى هذه الرحلة قاموا بزيارة إخوانهم طلاب معهد أسيوط, وأقام لهم المكتب الإداري بأسيوط حفل تكريم, كما قاموا بزيارة إخوانهم في كوم امبو وأسوان, ثم عادوا إلى بلادهم سالمين.


التصدي للتنصير

الأستاذ أحمد السكري نائب الإخوان بالمحمودية يتوسط مجموعة من الفتيات اللاتي قام بإخراجهن من دار التبشير

كان الإخوان في البحيرة وفى القلب منها مدينة دمنهور من المحافظات الأولى الذين وقفوا ضد جماعات التبشير والتنصير التي انتشرت في أرجاء القطر المصري، حتى أنهم خاطبوا مدير البحيرة لوضعهن في الملجأ والمحافظة عليهن من جماعات التبشير والتي حلت على المحمودية من عام 1920 وكان على رأسها ثلاث فتيات ترأسهن مسز "وايت" وأخذن يبشرن بالمسيحية في ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية بنين وبنات.

وحينما نزلت المحمودية تسع من المبشرات ومكثن مدة يحتلن على العقول بوسائل التغرير والخداع والمداواة، ودعوى تعليم البنات التطريز والحياكة ونحوهما، قامت جمعية الإخوان المسلمين بواجبها من تنبيه الناس إلى خطر الذهاب إليهن وتوسلت إلى ذلك بكل الوسائل المشروعة.

وحدث أن فتاة فقدت أمها، فاحتال المبشرات على أبيها حتى أودعها عندهن يقمن بتربيتها، فأخذن يعلمنها مبادئ مذهبهن، ويقدحن في دين الإسلام، وحاولن تعميدها وإرسالها إلى الخارج، فعلمت بذلك الجمعية فأسرعت إلى إنقاذها، وبعد جهد تمكنت من ذلك ولا تزال هذه الفتاة بمنزل حضرة نائب الجمعية بالمحمودية أحمد أفندي السكري.

وقد لفتت هذه الحادثة الأنظار إلى المسعى الجدي الذي يبذله هؤلاء المبشرات في أداء مهمتهن، ففكرت الجمعية في عمل مصنع للنسيج والسجاد تؤوي إليه البنات اللاتي يقعن في شراك المبشرات وتم لها ذلك، وكان من فضل الله عليها أن تمكنت من إنقاذ 35صبيًا و30 بنتًا من براثن التكفير والإضلال.

ولقد كلل الله جهود إخوان المحمودية بإخراج عدد كبير من البنات من دار التبشير هناك، وكان ذلك في جمادى الأولى 1352هـ - سبتمبر 1933م، وقد قام نائب الإخوان المسلمين بالمحمودية الأستاذ أحمد السكري أفندي بمخاطبة الجهات المختصة، فتفضل صاحب السعادة مدير البحيرة بإدخالهن الملجأ بدمنهور، ولا يزال عدد كبير غيرهن بدار الجمعية.

كما ذكرت مجلة التبشير الدولية أن بعثة مصر التبشيرية العامة افتتحت في دمنهور ناديًا للشبان ومصحة للنساء، وأنه أقيم المخيم الثالث للصبيان المصريين تحت إشراف لجنة بعض أعضائها أوروبيين، وهكذا أنشئت عدة أندية ومصحات ومدارس في البلاد لغرض التبشير.


أنشطة أخرى للإخوان في دمنهور

ولقد قام إخوان البحيرة ببعض الأنشطة الأخرى فقد احتفلت شعبة صلاح الدين بدمنهور في شعبان 1364هـ / يوليو 1945م بذكرى الإسراء والمعراج، ويذكر الحاج فتحي رخا موقفا فيها فيقول: الإمام البنا كان في احتفالية كبيرة في دمنهور بمناسبة الاحتفال بالإسراء والمعراج بالشعبة الرئيسة خلف بنك ناصر وانتهى الحفل في وقت متأخر وكانت جوالة البحيرة بأكملها تحضر اللقاء وكانت دمنهور بعد السادسة لا يوجد بها مواصلا أو وسائل انتقال تعين على التحرك فتم تقسيم الأخوة مجموعات قامت بالمبيت في بيوت الإخوان في دمنهور ومجموعة كبيرة ذهبت إلى سندرة مسجد الحبشي وباتت حتى الصباح فيها فسأل الإمام البنا على الإخوان وعن ماذا فعلوا وأين يبيتون فأخبر الإمام الشهيد حسن البنا بتقسيم المجموعات وتعذر تنقل القادمين من سفر وعلم بمجموعة مسجد الحبشي فطلب أن يذهب لهم وكانت طلباته أوامر وكان الوقت متأخر جدا وقمنا بالفعل وذهبنا إلى مسجد الحبشي وطرقنا الباب كثيرا لكن الإخوة كانوا متعبين جدا فاستغرقوا في النوم حتى شار الإمام علينا أن نلقي بحجر صغير من شرفات السندرة حتى يستيقظ أحد وبالفعل أستيقظ أحد الأخوة ونزل وفتح باب السندرة واستيقظ كل الأخوة ووقفوا أمام الإمام ليسألهم هل تناولتم عشائكم فصمتوا قليلا حتى قالوا لا فأمر الإمام بإحضار عشاء وتناولوا الطعام وكان هذا من حرصه الشديد على إخوانه وسن صلته بهم وتواصله فقد زرع الحب والإخوة في قلوبنا.

ويذكر الأستاذ علي أبو شعيشع: أنه أثناء الحرب العالمية الثانية اشتدت الغارات الألمانية على الإسكندرية، فهرب أهلها إلى دمنهور، فقرر مع إخوانه تشكيل فريق عمل لنجدة المنكوبين فكانوا يقومون بدور الحمَّالين لحمل الأمتعة والأطفال الصغار إلى أماكن الإيواء.

ويذكر الحاج فتحي رخا: أنه في عام 1946 كان الأمام حسن البنا يؤدي فريضة الحج وكان أحمد السكري وكيل الجماعة وكان إسماعيل صدقي رئيس الوزارة في ذلك الوقت وكان هناك توتر بالعلاقة بينه وبين الجماعة فكان هناك يوم أسمه يوم الحريق على مستوى الجمهورية بدأ هذا اليوم في مدينة دمنهور بعرض عسكري للجوالة وكانت الأوامر أن يرتدي كل أخ زى الجوالة وفوقه جلباب حتى يصل أمام شعبة الإخوان بالقلعة و هو مكان انطلاق العرض الذي جاب مدينة دمنهور كلها مرورا على شعب المدينة وكان هذا العرض في أول شهر محرم وصدرت الأوامر بخروج سيارات الأمن من سكناتها بالجنود لمنع هذا العرض ويقول رخا أن كانت دمنهور بها 3 سيارات أمن فقط وعداد العساكر كان خوذة حديد وعصاه فقط وتمركزوا عند نقطة الشرطة وكان مسئول العرض الأستاذ محمد القراقصي رحمه الله وبالفعل نجح العرض وفي أخر اليوم كان الحريق وهو عبارة عن تجمع الإخوان في الميادين الرئيسية وحرق كتب وعلم الإنجليز والتنديد بالنظام القائم والاحتلال الإنجليزي والهتاف ضدهم وبالفعل تم بميدان شلبي أمام عمارة شلبي وتحركت أول عربه أمن للوصول لمنع هذا الحريق لكنه قد تم وقام الاهالى بإطفاء الحريق قبل وصول الأمن وأخذ بعضهم باقي الكتب ليباع لصالحه ثم كان إخوان شبرا قد بدئوا أيضا بنفس المخطط وحرق العلم ولكنهم وضعوا العاب النارية الخاصة برمضان في وسط الحريق فخاف الجميع أن يقترب منها واستمرت ونجح اليوم وعندما وصلت سيارات الأمن كان اليوم قد نجح وأنصرف الإخوان .


إخوان دمنهور و قضية فلسطين

شغلت القضية الفلسطينية فكر الإخوان منذ نشأتها ومن ثم سارعت الشعب للتعريف بهذه القضية، فقد أرسل الإخوان المسلمون في دمنهور البرقية الآتية: صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء فلسطين في ذمتكم، وأرسلوا أيضًا البرقية التالية إلى سعادة السفير البريطاني "فلسطين تراثنا الخالد".

وما أن علم جماعة الإخوان بالبحيرة بمرور الوفد السوري بمحطة دمنهور في طريقه إلى مصر حتى توافد جمهرة من الأعيان والتجار والأطباء والمحامين والموظفين للقاء حضرات أعضاء الوفد السوري على محطة دمنهور في الساعة التاسعة والدقيقة العشرون من صباح يوم الأربعاء 5 أكتوبر 1938م، فلما أن أطل القطار استقبله المجتمعون بعاصفة من التصفيق والهتاف "الله أكبر ولله الحمد"، فأطل حضرات الأعضاء على المستقبلين فتقدم الأستاذ أحمد السكري أفندي نائبًا عن حضرات المستقبلين فحيا الوفد وشكر له سعيه، وتجشمه المشاق في سبيل هذه القضية العادلة، ورجاه أن يعنى بها ويهتم بأمر أولئك القوم المظلومين الذين يسامون الخسف، ويرهقون العسف، فتقدم فضيلة النائب المحترم سعيد العرفي بك نائب دير الزور فرد على المستقبلين شاكرًا، ووعدهم خيرًا، وقال: إنهم موطدون العزم على وجوب إيجاد حل لهذه القضية التي تعتبر قضية العالم الإسلامي جميعه، وإنه يحمد للمستقبلين اهتمامهم بهذه القضية واستقبالهم إياه، ثم تقدم الأستاذ أحمد السكري مرة أخرى وكرر شكر الجمعية لحضراتهم، ودعا لهم بالتوفيق والرعاية".

كما شارك عدد كبير من إخوان البحيرة في حرب فلسطين عام 1948م واستشهد منهم عدد.


صحافة الإخوان في دمنهور

غلاف-جريدة-الصدق.jpg

كان للإخوان صحيفة وهي جريدة الإخوان المسلمين غير أن بعض المحافظات كان لها صحيفة تتابع نشاط الشعب والجوالة وبعضها لم يكن مملوك للإخوان إلا أنها كانت تتبع أخبار الإخوان، وكان في البحيرة صحيفة الصدق.

أصدر هذه الجريدة الأستاذ عبد اللطيف عبد الله عام 1930م في دمنهور، واستمرت حتى عام 1949م، وكانت أسبوعية، وقد انضم للإخوان المسلمين عام 1936م.

وقد كتب فوق اللافتة ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾[الأحزاب: 23]، وتحتها جريدة إصلاحية عامة تصدر كل خميس، وعلى الجانب الأيمن مقولة سيدنا علي بن أبي طالب "علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك، على الكذب حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضل عن علمك، وأن تتقي الله في حديث غيرك"، وعلى الجانب الأيسر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقًا".

وكانت الجريدة تعنى بالشئون الإسلامية والجماعات العاملة على الساحة الإسلامية عناية خاصة، وتنظر إلى الإخوان المسلمين نظرة ملؤها الأمل في مستقبل إسلامي عظيم لبلادنا العزيزة على يد هذه الجماعة، كما كانت تقدر الإمام البنا تقديرًا خاصًّا، وقد عبرت عن ذلك على صفحاتها، كما كانت تهتم بنشر كل أخبار الإخوان العامة وأخبار شعب دمنهور، وقد احتفلت الجريدة احتفالاً عظيمًا بقدوم المرشد العام لدمنهور.

دمنهور وخروج أحمد السكري

الأستاذ أحمد السكري

لقد انتقل الأستاذ أحمد السكري للقاهرة بعد أن تولى مهمة الوكيل العام لجماعة الإخوان المسلمين، غير أنه ما كاد عام 1947م يحل حتى حدثت أزمة فصل على إثرها الأستاذ السكري وعاد لبلده غير أن إخوان البحيرة بالرغم من كونه سب الإمام البنا كثير إلا أنهم تعاملوا معه برفق، فلم ينس الإمام البنا فضل الصحبة والعشرة الطويلة مع الأستاذ السكري فأرسل رسالة للإخوان عبر جريدة الإخوان اليومية يوصيهم فيها بعدم التعرض لشخص الأستاذ السكري أو النيل منه والقضاء على كل إشاعة. وذكر الأستاذ محمود رخا من أن الأخ عبد الجواد بركات من إخوان دمنهور وكان يعمل ميكانيكي, وكان الأستاذ السكري قد ذهب إليه لإصلاح سيارته ومعه أحد أصحابه ووقفا الاثنين يتجاذبان أطراف الحديث وتفوها بكلام لا يليق في حق الأستاذ البنا وسمعهما الأخ عبد الجواد وبعد الانتهاء من تصليح السيارة رفض الأخ عبد الجواد أخذ قيمة التصليح قائلا: " لقد أوصانا الإمام البنا بك خيرا, وقال لا تنسوا جهاد الرجل معنا عشرون عاما" فذهل الأستاذ السكري وغادر المكان.


الإخوان بدمنهور بعد الإمام البنا

لقد ابتلت الدعوة في محافظة البحيرة ومنها مدينة دمنهور كغيرها من محافظات الإخوان وتأثرت بقرار حل الجماعة في 8 ديسمبر من عام 1948م، ودخل كثيرا من أبناءها طور المحنة والمعتقلات، لكن حينما حكمت المحكمة للإخوان بالعودة في عام 1951م افتتحت الشعب مرة أخرى ونشط الإخوان فيها أمثال الأساتذة عباس السيسي ومبروك هنيدي وعلي أبو شعيشع وأحمد الجندي والحاج عبد الفتاح شريف وغيرهم من الرعيل الأول للإخوان، حتى أن الإخوان اشتروا قطعة أرض لإنشاء مركز عام للإخوان عليها باسم المستشار حسن الهضيبي يقول الأستاذ فتحي رخا: اتفق الإخوان في دمنهور على شراء قطعة أرض بدمنهور بأموال الإخوان ما بين عامي 1952 و1953م، وقمنا بتسجيلها باسم الأستاذ المستشار حسن الهضيبي المرشد العام، وما زالت حتى الآن مسجلة بالشهر العقاري والمساحة باسم الأستاذ الهضيبي، وقمنا ببنائها وتجهيزها لكي تكون مركزًا عامًّا للإخوان بدمنهور، وحضر افتتاحها الأستاذ الهضيبي، ولم يكن رحمه الله مستريحًا لهذه الخطوة، وقال يوم الافتتاح لبعض الإخوة "أنتم بتبنوا بيوت لضباط الجيش"، وكان يتكون من دور أرضي، به صالة كبيرة، يتم فيها الاجتماعات الكبيرة، والغرف يجتمع بها الأسر الصغيرة، وبدأت أحداث محنة الإخوان في الخمسينيات، وفُوجئنا بقيام الحرس الوطني بقيادة الضابط عبد المنعم حسين باقتحام المركز العام بدمنهور، والاستيلاء على كل ما فيه من أوراق ومعلومات، وكانت به تفاصيل وخطط العمل والأسماء، وصادروا كل المنقولات الموجودة فيه، واعتُقلت أنا ومحمود غزال يومين، وكان الأمن قد وصله كل الأسماء التي تم ضبطها بالمكان من المصادر، ورحلونا إلى بلوك النظام، واحتجزونا هناك يومين وأفرجوا عنا، ثم تحوَّل المبنى بعد ذلك إلى حضانة "ناصر" الكائنة الآن بجوار مبنى جهاز مباحث أمن الدولة.

لكن حينما جاءت المحنة عام 1954م شتت هذا الجمع داخل المحنة والمعتقل حيث حكم على بعضهم بالشغال الشاقة وعلى آخرين بمدد متفاوتة.


بعض مواقف أحد رموز الإخوان بدمنهور

الأستاذ محمد الدسوقي بقنينة.jpg

يقول أحد قيادات الإخوان فى دمنهور: فى أغسطس 1954 اعتقل الأستاذ محمد الدسوقي بقنينة (وهو أحد رموز الإخوان بدمنهور) وكان معه فى سجن دمنهور الأخ عبد المنعم التراس والذى طلب حلاقه الخاص ليحلق له في السجن وعندما سأله الإخوان عن الدسوقى قال : لا يوجد فى جسده جزء لا يؤلمه ولم استطع أن أحلق له فقد كان شعر رأسه مختلطاً بدمائه ولحمة .

ويحكى عنه أحد الإخوان الذين عايشوه فى السجن "كان الطغاة يأخذونه من بيننا ويقومون بتعذيبه تعذيبا شديدا ليجبروه على الاعتراف .. وما أعطى كلمة واحدة يريدها معتقلوه .. وما دمعت عيناه .. قوى .. صلب .. ويحكي أخ آخر عنه أنه كان يقوم على خدمتهم فى السجن فيخيط ثيابهم ويصلح أحذيتهم.

وكتب حسين القباني يقول: ذهب محمد الدسوقى بقنينة لأحد إخوانه ( سمكري ) فى دمنهــور –وأضيف هنا أن هذه الشخصية الحاج خضر الوكيل أحد الرعيل الأول وما زال علي قيد الحياة – وكان له معه موقف تعلم منه الأستاذ الدسوقى الكثير حيث إن الدسوقى كان وراء تجنيب هذا الأخ من الأعمال التى يقوم بها فقد كان هذا الأخ مسئولاً عن أسرتين وقائداً لثلاث عشائر جوالة في ذلك الوقت وكان هذا القرار نتيجة لوشاية ولكن الدسوقى لم يتأكد من صدقها .. وبعدما أثار الإخوان أمر هذا الأخ أرسلوا فى طلبه وذهب إليه الحاج عبد القادر العصار وقال له تعال معى على حالتك وذهب معه بملابس الشغل والسواد يغطى يده وملابسه وكانت المواجهة فى شعبة ميدان الساعة الجديدة فى حضور الأستاذ المرشد حسن الهضيبي الذي كان يزور دمنهور في الشعبة الجديدة بجوار ميدان الساعة وخلاصة الموقف أن تبين صدق هذا الأخ الذى قال أنا نشأت فى الإخوان وترعرعت بها ولا يستطيع أحد أن يمنعني من دخول دار الإخوان حتى ولو كان المرشد نفسه فليس عندنا هنا كبير أو صغير مثلى مثل المرشد .. والأستاذ الهضيبى يبتسم وقال له ترجع لأسرتك وتمسك ما تركته وفى عام 1954 حينما شعر الدسوقى بقرب اعتقاله ذهب إلى هذا الأخ حاملاً معه أهم الوثائق الخاصة بالعمل – نتائج انتخابات المكاتب على مستوى المحافظة – وقال له أنت زعلان منى .؟ فرد الأخ أنا زعلان من أفعالك ، فقال له لو طلبت منك شئ تعمله ؟ .. فقال له لو العمل ده لك فلا ، فرد عليه الدسوقى هذا العمل للإخوان فقال له الأخ .. لو للإخوان سأقوم به - وكانت هذه المقابلة فى شعبة ميدان الساعة الجديدة في الجانب المقابل للاتحاد الاشتراكي سابقاً - فقال له أحرق هذه الأوراق فاحتمال اعتقالي بين لحظة وأخرى كما أنني مراقب وربما يأتون إليك فور خروجك من هنا .. وتم اعتقاله فعلاً في نفس الليلة وقضى في المعتقل عشرين عاماً وكتب على ملفه " يعتقل مدى الحياة " وأيضاً أُحتجز هذا الأخ خضرالوكيل - فى مديرية الأمن القديمة بجوار المحطة لمدة خمسة أيام يُسأل فيها عن الدسوقى والأستاذ عبد الفتاح شريف وكان يحقق معه ولم يخرجوا منه بشيء ولم يعثروا على هذه الأوراق ثم أخلوا سبيله بعد ذلك أما الأستاذ الدسوقى فقد تم اعتقاله وجاءوا بزوجته وأولاده الصغار للضغط عليه لعلهم يفوزون باسم يعتقلونه فكان يقول لهم البحيرة ليس بها رجال ولم يذكر أي اسم من إخوانه وتم ترحيله وتنقل بين العديد من السجون وبعد عشرين عاما خرج من السجن في أوائل السبعينات .. فيقول الأخ بعد عشرين عاما بينما نحن خمسة أفراد نجلس عند الحاج فتحي رخا .. قلت للأستاذ محمد نريد تنشيط العمل ونرجَّع الإخوان زى زمان فقال لي ماذا فعلت في الأوراق فقلت له " لم أحرقها " .. وفرح الدسوقى بها وبدأ مع إخوانه من جديد وكان حديث الثلاثاء فى مسجد الهداية حيث يخطب الشيخ محمد العريان إمام المسجد وقتها.

ويخرج الإخوة عام 1964م غير أنهم سرعان ما يعودون إلي المعتقل في محنة تنظيم 1965م، حيث كان الأستاذ عبدالفتاح الشريف أحد قادة هذا النظام قبل أن تسند إلى الأستاذ عبدالمجيد الشاذلي بالإسكندرية، وظل الإخوان حتى منتصف السبعينيات.

وحينما خرجوا عمدوا إلى العمل الدؤب لنشر الدعوة وسط المجتمع البحراوي، يقول احد إخوان البحيرة: كان خالي عبد السلام القباني ترزياً من الإخوان القدامى ، وكان محله يقع خلف مركز الإعلام بدمنهور حالياً وكان قد أعد فى المحل مكاناً لاستقبال الضيوف .. وفى عام 1974 وعقب خروجى من الجيش كنت أذهب وأجلس عنده وكان يستقبل في محله بعض الزبائن والأصدقاء وكانت تدور مناقشات فى أحوال البلاد ، وفى يوم قابلت عنده رجل وجرت بيننا مناقشات في أمور الدين وحينما وصلنا إلى كيف الإصلاح قال : نحن الذين يهمنا الأمر وبيدنا الإصلاح .. فقلت كيف ذلك ؟؟ " فبدأ يشرح لى سنة الله فى العمل الجماعي وأن الرسول بدأ دعوته وحده ، واتفقنا على أن نتقابل مرة أخرى حتى انتظمت معه فى عمل الإخوان – وعرفت بعد ذلك من خالي أن هذا كان أسلوب الدسوقى يجلس عنده لينتقى الأفراد ويناقشهم بأسلوبه المقنع في الكلام والذي ينقلب في الحال إلى واقع عملي .

نشط الإخوان وأقاموا المؤتمرات التي حضر فيها الأستاذ عمر التلمساني وكبار الإخوان فيذكر الحاج فتحي رخا:أنه كان الموكل بالتفاوض مع الأمن وإحضار تصاريح المؤتمرات الكبيرة بميادين دمنهور وندوات التي تعقد في المساجد فبدا هذا الأمر عندما قرر الإخوان عقد أول مؤتمر وحفل جماهيري كبير حضرة الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله وإمام مسجد السيدة زينب بالقاهرة في ميدان الساعة بدمنهور واختارني الإخوان للتعامل مع الأمن كوني تاجر ومن الممكن أن أتحمل تكاليف إقامة هذا السرادق غير أن يكلف أخ موظف فيسأل من أين كل هذه الأموال لترتيب احتفالية كبيرة بهذا الشكل وكانت الاحتفالية بمناسبة الإسراء والمعراج وقمنا ببناء سرادق كبير وطلبنا من أصحاب محلات الفراشة 1000 كرسي وكنت أجلس أنا والأستاذ محمد الدسوقي بقنينة ننظر إلى حجم السرادق وندعو الله أن يسترنا اليوم ولا يفضحنا وكانت إجابة الدعاء فكان للحفل نجاحا لم يكن متوقعا وامتلأ السرادق ولم يكفى الألف كرسي وأكتظ الميدان بالناس فكان نجاح لم يسبق له مثيل ، ثم قررنا عمل حف أخر وأحضرت التصريح من الأمن بإقامة السرادق أيضا في ميدان الساعة لكن المطر حال بيننا وبين إتمام الحفل وتوجهنا وعقدنا الحفل في مسجد سيدي ضحوة وكان الأمن يستدعيني في كل مرة وننسق ونستخرج التصاريح وأكد على أن الأستاذ الدسوقي كان حريص كل الحرص أن يأتي التصريح بالحفل مختوم بختم قسم شرطة دمنهور ، وجاء حفل أخر عندما حدثت أحداث حماه بسوريا وقمنا بطلب عقد مؤتمر بمسجد التوبة حاشد وكان المأمور صديقي فقال لي لا نية لعقد هذا المؤتمر وبعدها بأيام قليلة جاء على طلبي بالتصريح رفض إقامة المؤتمر في مسجد التوبة وأي مكان وأخطرني القسم على يد مخبر من القسم بالرفض فقمت بالتوقيع بالعلم على أنه تم رفض المؤتمر بمسجد التوبة فقط وبالفعل أستقبل بيت الحداد بدمنهور هذا المؤتمر وعلقت مكبرات الصوت وندد الحاضرين بما حدث من نظام سوريا من مذابح بحق الأبرياء وقبل انتهاء الحفل جاء مساعد مدير الأمن وطالب بفض الحفل وقلت له من المقرر انتهاء المؤتمر خلال دقائق فنصبر عليهم حتى لا نسبب مشاكل للجمع الحاضر للمؤتمر ، وفي ثاني يوم المؤتمر قام الحكمدار باستدعائي وأخبرني أنني سأقابل مدير الأمن وكلا يشتهر عنه انه غير متزن ويستثير من أمامه وقال لي عندما قابلته انتم عايزين البيت يقع بيكم كل هذا العدد في منزل فبدئت بالرد فكان المأمور يقول لي استمع ولا ترد وانهي اللقاء وبالفعل حدث ذلك وقال لي مدير الأمن لو احتجت حاجة تعلالي وأنا انهيها .

ويقول الحاج فتحي رخا عن بيت الحداد قائلا "قدم لي بيت الحداد كل التربية ونشر الفكرة واحتضن شباب جدد هم حاملي الدعوة الآن " وأكمل رخا أن بيت الحداد عبارة عن دور واحد من شقتين لم يكن مكتمل الإنشاء وكان يزوره شخصيات وقيادات الإخوان منهم الأستاذ عمر التلمساني والأستاذ مصطفى مشهور والأستاذ لاشين أبو شنب وكان يعقد به اجتماعات عامة وخاصة فكان يوم الاثنين للعمال ولقاء الثلاثاء للشباب والأربعاء لمجلس الإدارة في غرفتهم ولقاءات أخرى قائمه بالخارج وكان به لقاءات يوميا للطلبة وكان مسئوله الأستاذ الدسوقي رحمه الله وكان يتوفر الطعام في البيت وكنا نقيم حفلات إفطار كبيرة حتى أننا في أخر إفطار لنا في رمضان الأخير في بيت الحداد قبل أحداث 1981 قمنا بشراء 100 كيلو لحم وتم تسويتهم وفطر كل جموع الإخوان الحاضرة والمدعوة لهذا الإفطار .

وتحرك الإخوان في البحيرة على جميع المسارات سواء العمل الخدمي أو السياسي والاشتراك في الانتخابات عام 1984م متحالفين مع الوفد ثم عام 1987م متحالفين مع حزب العمل والأحرار، نهيك عن العمل المتواصل في النقابات المختلفة، وتعرض شعب البحيرة لكثير من العنت الشديد على أيدي النظام وما زالوا يعطون بكل ما أوتوا من جهد في سبيل نصرة دعوتهم.

المراجع


للمزيد عن الإخوان في محافظة البحيرة

أهم أعلام محافظة البحيرة

.

.

أقرأ-أيضًا.png

روابط داخلية

ملفات متعلقة

.

مقالات متعلقة

محافظة البحيرة وثورة 25 يناير

.

روابط خارجية

مقالات وأخبار

وصلات فيديو