جابر قميحة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الدكتور جابر قميحة رحلة من العطاء في الدعوة والأدب

موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

أولا : المقدمة

حقيقة لقد بذل الإعلام جهودا كبيرة فى تشويه موقف الإخوان بصفة خاصة والحركة الإسلامية بصفة عامة من الأعمال الأدبية والنية ، وكأن الفن والإبداع من منظور الإعلام المغرض هو الفن الهابط الذى يحيى فى النفس رذائلها ويحرك أغراضها الدنيئة ، ومن يخرخ عن هذا الهدف المنشود من الفن فى عرفهم إنما هورجعى وعدو للفنون .

حقيقة لقد عاش الدكتور جابر قميحة حياته وجهاده فى أوقات عصيبة مرت بها مصر والعالم العربى والإسلامى وانعكست آثارها على حركة الإخوان المسلمين . وقد تربى بين الإخوان المسلمين منذ سنواته الأولى ، وتأثر بهم ، وظهر أثر ذلك فى أعماله ومواقفه المختلفة مما يعكس انتاجه وإبداعه نموذجا من جهد الإخوان ى مجال الن والإبداع .


ثانيا: النشأة والتعرف على الإخوان المسلمين

الدكتور جابر المتولي قميحة من أعلام الإخوان المسلمين فى مصر ،وأستاذ الأدب العربى بكلية الألسن جامعة عين شمس ، ولد في مدينة المنزلة التابعة لمحافظة الدقهلية عام 1934م، التحق بكتاب القرية وتعلم فيه مبادىء القراءة والكتابة ، وحفظ القرآن الكريم ،ثم المدرسة الابتدائية (ومدتها أربع سنوات)، ثم التحق بالثانوية ( وكانت خمس سنوات) وكان التخصص يتم من الصف الخامس، وكان تخصُّصه هو الشعبة الأدبية، فحازَ ترتيب الأول على المدرسة، وقد نما حبُّه للأدب واللغة العربية منذ سن مبكرة، ثم التحق في عام 1953م بكلية دار العلوم بدافع حبِّ اللغة، والارتباط بشخصية الإمام حسن البنا ليتخرج فيها عام 1957م.

وقد ظهر نبوغه منذ فترة مبكرة من حياته ، وبروز الناحية الإيمانية فى سلوكه ، فقد كان حافظا لكتاب الله محافظا على الصلوات ، يقول د. جابر قميحة عن حياته الأولى  : " كنت تلميذا في المرحلة الابتدائية, وكثيرا ما أؤم أهل بلدي في صلاة الجمعة وصلاتي العيدين."

وكان منذ الصغر نهِمًا بالقراءة، وكلما صعب عليه كتاب تصدَّى له من منطلق التحدِّي حتى يستوعب ما فيه، وكان يحكم على نفسه من خلال ما يقرأ وما يستوعب، وكان حفَّاظةً للشعر والنثر، حتى قال عنه الأستاذ الدكتور (عمر الدسوقي) أستاذ الأدب بدار العلوم فى ذلك الوقت وأحد أعلام الأدب فى مصر: " التحق بدار العلوم طالب اسمه جابر قميحة يحفظ حِمل بعير من الشعر، ومثله من النثر".

تعرف على دعوة الإخوان منذ بداية حياته الأولى وارتبط بهم فى مسقط رأسه ، وذلك فى أعقاب الحرب العالمية الثانية وما شهدته الدعوة من انتشار فى جميع البلاد .

وفى سنة 1953 التحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ، وشارك فى أنشطة الإخوان المختلفة داخل الجامعة، وشاهد الأحداث التى كانت تمر بها مصر فى أعقاب ثورة يوليو1952، وشارك فى المظاهرات التى قام بها الإخوان فى ذلك الوقت ، ومنها مظاهرة الإخوان أمام قصر عابدين :

" ففي سنة 1954م، في اليوم الذي عاد فيه محمد نجيب للحكم بإرادة الشعب استطاع الإخوان بقيادة عبد القادر عودة رحمه الله أن يحشدوا في ساحة عابدين قرابة مائة وخمسين ألفًا لتأييد نجيب، ولم يزحفوا للاستيلاء على سلطة أوحكم، بل وقف عودة في المنصة بجانب نجيب، وأمرهم بالانصراف الفوري، فانصرفوا ـ والله ـ جميعًا فيما لا يزيد على دقيقتين وكنت واحدًا ممن شاركوا في هذه المظاهرة، وأنا طالب في الجامعة.".

ويروى تفصيل ذلك ومشاركته فيها بقوله:" خلاصة رؤيتي الميدانية للمظاهرة التي قام بها الإخوان، وتجمعت داخل سور قصر عابدين وخارجه، وبلغ عدد المتظاهرين مائة وخمسين ألفًا تقريبًا في 28/2/1954م, وخطب فيهم محمد نجيب, وطلب منهم الانصراف فلم يستجيبوا للأمر, فاستعان بالأستاذ عبد القادر عودة, فصرف المظاهرة في دقيقة واحدة.

وإليكم التفصيل...

- تنفيذًا لأمر القيادة الإخوانية؛ تجمعنا في جامعة القاهرة في الصباح الباكر يوم 28/2/1954م، ثم تحركنا وانضم إلينا طلاب المدرسة السعيدية، وخرجنا من الجامعة قاصدين الانضمام إلى التجمع الرئيسي في عابدين، لم يكن كوبري الجامعة قد بُني بعد، فسرنا إلى كوبري قصر النيل سالكين شارع "مراد"، لم يكن هناك هتاف واحد للمظاهرة لضخامتها، فقد قُدر عدد المتظاهرين بستة وثلاثين ألفًا.. في "كراديس" أي مجموعات متجاورة بهتافات متعددة ذات مضمون أساسي واحد، ومنها: إلى الثكنات إلى الثكنات.. إلى الثكنات رجال الجيش"، "انتصر الشعب فجاء نجيب"، "الحرية.. الحرية يا أعداء الإنسانية، إسلامية قرآنية، لا شرقية ولا غربية"... إلخ, وكان للتجمع السوداني تميز واضح.

ووصلنا إلى كوبري قصر النيل وقطعناه إلى حيث يصب في ميدان التحرير، حتى ننطلق منه إلى قصر عابدين؛ حيث يوجد محمد نجيب وتجمعات الإخوان من جهات متعددة.

كنت في طليعة المظاهرة التي غص بها كوبري قصر النيل، وكان معي من المنزلة مسقط رأسي الإخوان:

أمين منصور عميش، وأحمد عامر الزيني رحمهما الله، رأيتهما لدقائق، ثم ذابا في الجموع، وكان قائد الطليعة بهتافاته القوية الأخ حلمي حنفي (من المعادي)، نظرنا فرأينا الكوبري قد سُدَّ بالجنود موجهين "السونكيات" إلينا، ورأيت وراءهم عددًا آخر يرقدون على الأرض وأمامهم مدافع "البرن" وأصابعهم على "الزناد".. ترسانة حربية في وضع الاستعداد وكلهم في عدة كاملة.

زاد الضغط علينا من الخلف- وكنا في الصف الأول من المظاهرة- لأن الإخوان خلفنا لا يرون ما نراه.. حتى أصبحت السونكيات ملاصقة لصدورنا وبطوننا، كل ذلك رأيناه، ولآخر لحظة كنت أعتقد أن ذلك لن يتعدى التهديد النظري، إلى أن رأيت الضابط الكبير يصيح مشيرًا بيده لجنوده: "اضْرب".. وبدأت المجزرة: سقط من إخواننا شهيدان.. وجرح عشرات.. وتفرقت المظاهرة.. "

ثالثا : الشهادات العلمية

حصل على ليسانس دار العلوم جامعة القاهرة 1957 ، وبعد الجامعة عيِّن مدرسًا بالتربية والتعليم ثم موجِّهًا، والتحق بكلية الحقوق و حصل على ليسانس في القانون من جامعة القاهرة 1965ودبلوم في الشريعة الإسلامية 1967، يقول عن نفسه :" وفي السادس من سبتمبر سنة 1970م سافرت للعمل مدرسًا بالكويت معارًا من الحكومة المصرية، وانتُدبت للعمل بقسم اللغة العربية بجامعة الكويت لتدريس الثقافة الإسلامية واللغة العربية لغير الناطقين بها، كان القسم- الذي يرأسه الأستاذ عبد السلام هارون- يضم أساتذة عظامًا منهم: د. شوقي ضيف، د. عبد الهادي محبوبة، وزوجته الشاعرة الناقدة نازك الملائكة (عراقيان) ."

حصل على الماجستير في الأدب من جامعة الكويت 1974, ودكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة القاهرة 1979, وعمل مدرساً للأدب العربي الحديث بكلية الألسن بجامعة عين شمس, ثم أستاذاً مساعداً. وعمل أستاذاً مشاركاً بجامعة الملك فهد بالظهران. .

رابعا : ابداعات د. جابر قميحة الأدبية

تنوع الانتاج الأدبى للدكتور جابر قميحة بين المقال والشعر والتأليف الأدبى والنقدى ، وأسهم فى كل منهم بعطاء متجدد حيث يضفى على كتاباته وأشعاره جوانبه شخصيته وما بها من الميل إلى الكتابة الساخرة فى كثير من الأحيان ، ونلاحظ غزارته في هذه المختارات من إبداعاتِه ، أما تميزه فنراهُ جَلِيًّا في تنوع هذا الإبداع تارة فى النقد الأدبي، وتارة نراه في رياض الشعر .

ـ والمقال عند الدكتور جابر قميحة ينقسم من حيث الناحية الفنية إلى ذاتى وعام ، ومن الناحية الموضوعية حسب مادته سياسي أواقتصادى أواجتماعى ، وقد تطرق الدكتور جابر قميحة إلى الكتابة فى مختلف الصحف ،وأسهم بموضوعات مختلفة ، ومنها على سبيل المثال :

"أيها الحاكم : حَصِّنها بالعدل،" دين حق .. لا دين إرهاب "، " فؤاد علام ومنطق الافتراء والسذاجة " ،" سيادة القانون لا سيادة الرئيس " ، " لا .. لأبناء الرؤساء!! " ، " أدعياء التنوير يعبدون الظلام "، " الكاتب الفحل والسقوط الكبير .. وبلعٍتَ الطُّعٍم يا ثروت.!! " ، " الأدب الإسلامي بين التحدي والتصدي"، " الإخوان ومظاهرة فبراير 1954م"، " العاطفة عند الإمام البنا ،إخوان " ، " الخطابة عند الإمام الشهيد حسن البنا " .

ـ أما الإبداع الشعرى ، فنجده ينظم الشعر فى موضوعات متنوعة تبعا للتجربة الشعرية التى تؤثر فيه ، فلم ينفصل عن ما يحيط به من أحداث ، بل يتفاعل معها ويجسدها فى صورة تصويرية ، ويضفى عليها بخفة ظله حتى يصبغها بشخصيته

ويستلهم فى إبداعه روح التراث فى ألفاظه وشخصياته وأمثاله ومواقفه ، فترى شعرا يمزج بين الأصالة والمعاصرة ويحتوى على مجالات جديدة فى الإبداع الشعرى ،فهو لا يجنح إلى التحرر من التحرر من نظام القصيدة العربية على نحو ما يسير عليه معاصره حتى اتجهوا بالشعر إلى الانحطاط لا الإبداع تحت مسمى الحداثة ، وظهر من ينتسب ظلما وزورا إلى الشعراء وهو فى الحقيقة لا يعدو شيئا ، ومن أمثلة قصائده الشعرية التى تعبر عن ذلك:

قصيدة فى رثاء الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام للإخوان المسلمين يصف مشاعره ومشاهدة الجموع الغفيرة المشيعة للأستاذ مصطفى مشهور ، فيقول : وقد اهتزت مشاعري بما رأيت، فرأيت قلمي يجري بقصيدة طويلة منها الأبيات الآتية:

في جمعة الأحزان ماذا؟ ما أرى؟

سيلاً من البشر الطهور يمـــــــورُ
عجبًا!! ولكن كيف كيف تجمعوا؟

عجبًا!! وإن نشاطهم محظـــــــورُ؟

لا تعجبـــــوا فاللــــه جمــّع جنــده

والحظر محظــــــــــورٌ هنا مقْهور

والظـــالم الباغي ضلالٌ سعيُـــــه

ورأيت منهم ألف ألف مــوحــد

من جند طــــه يقودهمْ مشهــورُ

وفي سوق العجائب العربية يستلهم أسلوب المقامة العربية فى لوحة شعرية فى قصيدة : (من يوميات بصير التراثي)

مشاهدات عبد الله التراثي في سوق العجائب العربية

تجولت في السوق الكبيـرة آمـــلاً
ألاقي الغوالي: من نفيس وأنفــــــس

فشاهدت فيهــــا جــدولاً متوعـــدًا

سيغرق موجَيْ ما دعوْه بأطلـــــسِ"

طاولت الأرض السماء سفاهـــة

وقال الدجى للصبح "أنت مؤسسـي"

وقالوا لظلمات الليالي تنفســــــي

وقالوا لشمس الصبح "مالكِ عسْعسي

وشاهدت غوريلا "تباهي" بحسنها قطيع ظبــاءٍ مائســات وكنــــــــــسِ

وشاهدت من يشري العزيز بدرهم

ومن بــاع ماء الوجه فيـها بأبخـــسِ

وأصبح للشــــوك الأثيم مَعــارض

ولم أر فيهــــــا من ورود ونرجـــسِ

وجاء "ضرير" القوم يلعن مبصرًا

ويسخر من "سحبائها" كل أخرسِ

وفى قصيدة : ( أنا ونصر أكتوبر) يقول : وفي انتصار جيشنا نظَّمتُ قصيدةً طويلةً، منها الأبيات الآتية:

وأصبح سبتُ القوم بحرًا من الدما
وصار لنا في السبت عيدٌ هو النحرُ

ومن لم يمت بالنار أرداه رُعبُــــهُ

ومن لم يفزْ بالفَرِّ أقعده الأســـــــــر

"سلوه "يا جوري" إذ تبخر كِبْرُه

فسلم فــــي ذل يمزقـــــــه الذعــرُ

ومـا هي إلا ساعةٌ بل سُــــــوَيْعة

وأذن داعي الحق "قد حُقق النصرُ"

- والشعرالمسرحى عند جابر قميحة من الملامح المهمة التي تحققت في قصائده ، وهي بعض العناصر التي تُسهم في خلق القصيدة العصرية هو الحرص على ما يُسمَّى بدرامية القصيدة، وهي تقنية عابرة من جنس القصة والرواية إلى القصيدة، وهو ما يعني بناء القصيدة وتصميم معمارها من خلال صناعة الأزمة والعقدة والتدرج نحو لحظة تنوير وإضاءة طلبًا لتفاعل الجمهور وسعيًا لتحقيق اتحاده مع القصيدة، وهو الأمر الذي نلمسه في عدد من القصائد ذات الروح الملحمية والدرامية.

وقد كانت هذه الروح الدرامية باعثًا لظهور عددٍ من ألأعمال المسرحية، ولا سيما الشعري منها تطويرًا بعيد المدى للملمح الفني الذي ظهر في بنية عدد ضخم من قصائد المجموعة.ومن ثَمَّ فإن المسرح عند جابر قميحة يمكن أن يعد في صوره صورة تتطور منطقيًّا وطبيعيًّا لدرامية القصيدة في دواوينه المختلفة.

وهذه الروح الدامية المتذرعة بروح (أوبرالية) تجعل للغناء والتراقص وانفتاح المدى اللغوي للكلام وعموميته ملمحًا ظاهرًا في المسرح الشعري المعاصر عند صلاح عبد الصبور في مأساة الحلاج وعند عز الدين إسماعيل في محاكمة رجل.

المجموعة الشعرية والمسرحية لجابر قميحة تتعدى حدود كونها أعمالاً كاملة دالة على حالة من الحضور والشاعرية والتكريم لصاحب المجموعة إلى حدود أبعد مدى على اتهام العصر النقدي الراهن في تجاوزه، وممارسته الاغتيال بالإهمال لقامة كجابر قميحة.

وتتعدى حالة استحقاق الشاعر جابر قميحة في الوعي الأدبي المعاصر على اختلاف توجهاته والأفكار الحاكمة له إلى حالة تتطلب فتح آفاق أرحب من دراسة الحالة الشعرية والأدبية المنتمية عند رموز كثيرة طمرتها مياه التنكر للفكرة الإسلامية.وهو الأمر الذي كان جابر قميحة أول من أخلص لتركيز الضوء عليه في عمله المرجعي المهم: "التاريخ الأدبي للإخوان".

أما النقد الأدبى عند الدكتور جابر قميحة ، فنرى فيه حرصًا على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وربما كان لدراسته في دار العلوم دورٌ ما في ذلك؛ حيث لم تنجرف أدواته النقدية إلى ما انجرف إليه نقَّاد كبار من إغراق في المعميات النقدية التي تجعل القارئ ينفر من النقد والأدب معًا.

ولعل من يقرأ للدكتور جابر قميحة يجده حريصا على توثيق مصادره التى قد لا يصعب على الباحثين إثباتها فى كتاباتهم لما فيها من مشقة الاطلاع والصبر على الوصول إليها ، فروح الباحث العلمي لم تغب عنه في مقالاته حيث كثيرًا ما يستدعي مقالات من مجلاَّت وصحف مرَّت عليها عقود ، ونجد الدكتور جابر يستدعي التراث فى كثير من كتاباته .

يقول المستشارعبد الله العقيل فى مقدمته للمجموعة الكاملة لإبداعات الدكتور جابر قميحة :

الداعية المجاهد والكاتب الناقد والأديب الشاعر من أبرز الأدباء الذين حملت أعمالهم الأدبية همَّ الدعوة إلى الله، ودافعت عن الدعوة والدعاة، فقد وقف قلمه لله تعالى، وسخَّر كل إمكاناته ووقته لكتابة فنون الأدب المختلفة من شعر ونثر وقصة ومسرحية مجاهدًا بالكلمة، وخادمًا لقضايا الأمة، ومدافعًا عن مقدساتها وحرماتها.وهوينطلق من إبداعه الشعري ومرتكزات رؤيته الفنية والشعرية في ثلاثة محاور هي:

أولاً: الإيمان الصادق المتين بالإسلام بمفهومه الشامل.

ثانيًا: حب اللسان العربي والوفاء له بما هو لسان الدين ولسان القومية، وبما هو رمز الاتصال بالتراث، وبما هو لسان غني وافر الميزات.

ثالثًا: الانطلاق من طبيعة التربية الإخوانية بما هي أصل حاكم لإنتاجه الأدبي،فمكونات قصائده: شهادة واضحة على انتمائه.

وتحليل قصائد جابر قميحة من خلال بوابة اللغة كاشف عن رؤية واضحة المعالم، حاكمة على رؤيته للعالم، وتصوره للكون، وهو الأمر الذي عكس روحًا إسلامية وإنسانية.

وعند فحص معجمه الشعرى نجده موزعا على مجموعة من الحقول الدلالية قائد إلى ما نقرره من التزام ورسالية. فعلى مستوى حقل القصيدة تنتشر تعابير أُعيد تخليقها شعريًّا من مثل: عقيدة في ديوان "حسبكم الله" و"عقدي مع الله" و"الراحلون مع الله" "ويح ووثيقة الولاء".وفي ديوان "على هؤلاء بشعري بكيت" يرد مثل: في موكب الملائكة، في ذمة الله.

ويرد معجم آخر ظاهر الدلالة على المذهب الفكري والوجداني المؤسسي في أشعار جابر قميحة محكومًا بطبيعة الصراع المعاصر الذي يواجه الفكرة الإسلامية، وهو معجم الجهاد الذي ظهر ظهورًا مكثفًا؛ حتى إنه طغى عنوانها على بعض دواوين المجموعة الشعرية وظهرت مفردات وتعابير هذا الحقل وقد حققت لنفسها قدرًا من العصرية مثل :صوت المقاومة، الجندي، والملحمة في ديوان الزحف المدنس، والجهاد والدماء والانتفاضة، والحجارة، وتحرير، والزحف، والدم في ديوان حسبكم الله ونعم الوكيل، وشيخ المجاهدين، وعمر المختار، والشهيد عزام، وهو ملمح عصري تحولت فيه هذه الأعلام إلى الانفتاح الدلالي لتصير أوسع من مجرد أعلام.وهو المعجم الذي طال مناطق كثيرة في مسرحياته كذلك.

أما على مستوى حقل الألفاظ الإسلامية العامة فهي كثيرة جدًّا، وموزعة توزعًا عجيبًا وشاملاً، فلا ينسرب في كل القصائد والمسرحيات ليغطي مساحات شاسعة جدًّا من الحفاظ بالظاهرة الإسلامية بملامحها المختلفة على مستوى الأفكار والموضوعات والأحداث والوقائع والأشخاص والمدن.. إلخ.

وقد انعكست هذه الملامح على مستوى الألفاظ لتدل على الانتماء الإسلامية للفكرة في المولد النبوي، وأبي أيوب الأنصاري، والإسراء، والإمام الشهيد حسن البنا، وعودة مصعب بن عمير، وشهيد من أرض الحرم.

ولم يقف الأمر عند حدود دلالة المعجم الشعري على انتماء جابر قميحة وانطلاقه من بوابة واضحة، تعلن وعيه الجارف بكيفية خدمة فكرة الشعرية عبر أهم بوابات العمل الفني والخلق الشعري وهي اللغة.

بل ظهرت أبعاد فنية تجعل من جابر قميحة قامة شعرية راقية، بما حققه فنيًّا؛ فقد جاء التصوير الفني والشعري رائعًا وراقيًا مع تناغمه مع القضايا الفكرية الإسلامية، ومن الصور الظاهرة التي تؤسس لنفسها اعتمادًا على ينابيع إسلامية وتصور إسلامي حاكم على وظيفة الكلمة.

وهويعيشُ آلام فلسطين وجراحها ويصورها فى لوحة فنية تشاهدها فى حينها ،وهو هنا يصور جهاد فلسلطين وأطفالها الأبطال . وتتألق الصورة الشعرية لتحقق الغرض الذي من أجله صممت القصيدة ؛ ففي رثاء أحمد ياسين في قصيدته ياسين في موكب الملائكة يقول:

فإلى أن أنت ماضٍ سعيدًا
وحواليك هالة بيضاء

موكب من ملائكة الله يشدو

وعلى الأفق بهاها بهاء

فقد خلق بهذه الصورة الشعرية المركبة جوًّا نفسيًّا، يحبب إلى المتلقي الشهادة، ويغمره بما يمكن أن يسمى بشعرية النور التي تهب النفوس سكينةً وأمنًا ورضا، فالعالم يتألق ويزدان ويعلوه البهاء. وفي قصيدة الإسراء والأطفال والحجارة يقول:

وسبح في جبين القدس
من أطياب لقياه

جبال هش شامخها

وزيتون وأمواه

وقد ظهر التأثير القرآني في بنية القصيدة عند الدكتور جابر قميحة في صوت تنامي استعمال المفردة القرآنية والتعابير الموصية المقتبسة من الذكر الحكيم؛ وهو الأمر الذي يحقق مستوى عميقًا من الفكرة ومستوى عاليًا من الشعرية، وخلق حالة متقدمة من الجمالية، وهو ما تمتلئ به صفحات المجموعة الشعرية والمسرحية .

وقد تخطى الأمر بالدكتور جابر قميحة إلى ظاهرة جديدة تحسب له صحيح أن لها سوابق في الشعر المعاصر؛ لكنها ظهرت فنيًّا بشكل جيد عند جابر قميحة، وهو ما يمكن أن نسميه التناص الإيقاعي، بمعنى أنه استثمر بعض تراكيب القرآن الكريم المميزة مما لا يملك القارئ إزاءه إلا استدعاء النص العزيز بما تحققه وحققته عبر الزمان من إيقاع مميز ثابت.

والمجموعة الشعرية والمسرحية مزدحمة ازدحامًا موظفًا فنيًّا بأسماء من مثل: جعفر الطيار في شهيد مؤتة، ومصعب بن عمير في شهيد الحرم، ومحمد الفاتح في سراييفو الدماء والأعراض.

وهو في كل ذلك وغيره يحقق تناغمًا وانسجامًا ووعيًا بطبيعة الشخصية التراثية "الدينية" المستدعاة؛ حيث يُظهر وعيًا بعوالق ذلك الاستدعاء في إطار خدمة الموضوع الذي تطرحه القصيدة في مجموعة الدكتور جابر قميحة.

ويذهب الأمر بقصيدة الدكتور جابر قميحة إلى مدى أبعد من توظيف الشخصيات التراثية ليطال المكان والحادثات بما هي شخصيات اعتبارية لها وجود وتعين مادي مؤثر، وهو ما يظهر في تواتر استعمال مصطلح الشخصية في الدراسات الجغرافية والعمرانية والحضارية والإستراتيجية على ما يظهر مثلاً في رائعة جمال حمدان شخصية مصر، وهو الذي نراه في استدعاء بدر وخيبر وعين جالوت وحطين.

وهذه الملامح الفنية تحقق تعميقًا لأفكار المجموعة التي غطت مساحات الاهتمام الإسلامي المعاصر أفكارًا ورجالاً وأحداثًا، وتحقق فوق ذلك كله واحدًا من أهم ما يجب أن تحرص عليه الرموز الأدبية الشعرية والقصصية والمسرحية المنتمية، وهو عصرية العمل الأدبي؛ وهو الأمر الذي تحقق لجابر قميحة بشكلٍ رائع يجعله شاعرًا كبيرًا بالمقاييس الإبداعية والفنية.

خامسا : المؤلفاته

أولا : من مؤلفاته الأدبية والنقدية

  1. منهج العقاد في التراجم الأدبية.
  2. التقليدية والدرامية في مقامات الحريري .
  3. أدب الخلفاء الراشدين.
  4. أدب الرسائل في صدر الإسلام.
  5. الشاعر الفلسطيني الشهيد عبدالرحيم محمود.
  6. الأدب الحديث بين عدالة الموضوعية وجناية التطرف.
  7. التراث الإنساني في شعر أمل دنقل.
  8. الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود.
  9. أدب الرسائل في صدر الإسلام.
  10. أدب الخلفاء الراشدين.
  11. صوت الإسلام في شعر حافظ إبراهيم.
  12. الأدب الحديث بين عدالة الموضوعية وجناية التطرف.
  13. صوت الإسلام في شعر حافظ إبراهيم.
  14. التراث الإنساني في شعر أمل دنقل.

ثانيا : داووينه الشعرية وأعماله المسرحية

وقد صدرت أخيرًا مجموعة الأعمال الشعرية والمسرحية للدكتور جابر قميحة في ثلاث مجلدات عن مركز الإعلام العربي بتقديم المستشار عبد الله العقيل.

ويمثل إبداعه بحق جزءًا من التاريخ الأدبي للحركة الإسلامية في بابها الشعري والمسرحي بوجه عام، كما أنه يمثل جزءًا أصيلاً من التاريخ الأدبي للإخوان المسلمين إن لم يكن أكثر شعراء هذه الحركة استحقاقًا للدرس والمتابعة والعناية لأكثر من جانب منها.

وقد جاءت مجموعة الأعمال الشعرية والمسرحية للدكتور جابر قميحة كبار، ضمت شعره ومسرحه الذي سبق نشره في مظانٍ مختلفة ومتنوعة وممتدة على خريطة العالم العربي والإسلامي؛ وهو الأمر الذي سيعين على دراسته وتقييمه فنيًّا وموضوعيًّا، وسيعين على دراسة الإبداع الشعري والمسرحي للحركة الإسلامية؛ مما هو كفيل برد عدد كبير من الاتهامات الظالمة الموجهة لرموزها الأدبية.

عرض بيان لمجمل ما ضمته المجلدات الثلاثة من أعماله الشعرية والمسرحية:

- المجلد الأول: وفيه:

  1. ديوان لجهاد الأفغان أغني.
  2. ديوان الزحف المدنس.
  3. ديوان حديث عصري إلى أبي أيوب الأنصاري.
  4. ديوان على هؤلاء بشعري بكيت.
  5. ديوان حسبكم الله ونعم الوكيل.

المجلد الثاني وفيه:

  1. ديوان لله والحق وفلسطين.
  2. ديوان حول أسماء الله الحسنى.
  3. ديوان الإقلاع في البحور السبعة.

المجلد الثالث وفيه:

  1. مسرحية محكمة الهزل العليا تحاكم الأيدي المتوضئة.
  2. مسرحية السيف والأدب ومسرحيات أخرى.
  3. مسرحية الرؤيا الأخيرة ليوسف الصديق.

وفاته

توفي الأديب الكبير الدكتور جابر قميحة عن عمر يناهز 78 عاما بعد صراع طويل مع المرض في 9 نوفمبر 2012، الموافق 24 ذو الحجة 1433 هجريا .

سادسا:ألبوم الصور

ألبوم صور الدكتور جابر قميحة
إضغط علي الصورة لتظهر بحجمها الكامل

 

جابر قميحة

الدكتور-جابر-قميحة-فى-حفل-الإفطار-01

جابر قميحة

الدكتور-جابر-قميحة-فى-حفل-الإفطار

جابر قميحة

الدكتور-جابر-قميحة-في-إفطار-الإخوان

جابر قميحة

الدكتور-جابر-قميحة-أثناء-إلقاء-القصيدة


سابعا: المراجع

  1. إخوان أون لا ين 2012 25 /1/ د. جابر قميحة (من يوميات بصير التراثي).
  2. جابر قميحة:أنا ونصر أكتوبر ، موقع إخوان أون لاين 20111/10/.
  3. د. جابر قميحة: يا فتى الانتفاضة (قصيدة) ، موقع المركز الفلسطينى ، الشعر والأدب الفلسطينى .
  4. د. عبد الله رمضان هريدي : الدكتور جابر قميحة.. أديب من الزمن الجميل ، موقع إخوان أون لا ين ، 15 / 8/ 2010.
  5. د. خالد فهمي:قراءة في الأعمال الإبداعية للدكتور جابر قميحة ، موقع إخوان أون لا ين، 16/1/ 2010م .
  6. مجموعة الأعمال الشعرية والمسرحية الكاملة للدكتور جابر قميحة ، مركز الإعلام العربى ، 2010، "الهابطون والصاعدون" ج1 ص 415-421،صدور الأعمال الإبداعية للدكتور جابر قميحة إخوان أون لاين 9/1/2010.
  7. د. وصفي عاشور أبو زيد: الدكتور جابر قميحة.. الجهاد بالقلم ، موقع إخوان أون لا ين 23/8/ 2007 .
  8. د. جابر قميحة الأديب السياسى الساخر، جريدة الشعب الإثنين, 16 مايو 2011 .
  9. د. جابر قميحة  : أنا ونصر أكتوبر موقع إخوان أون لا ين /200110/10.
  10. د. جابر قميحة  :الإخوان ومظاهرة فبراير 1954م ،موقع إخوان أون لا ين 22/ 20122/.
  11. د جابر قميحة: "النكتة.. أدب وفن وإبداع" ، موقع إخوان أون لاين ، قضايا ثقافية ،14 ديسمبر 2009 .
  12. د. جابر قميحة:إخوان أون لا ين أنا ونصر أكتوبر] 1 /201010/.
  13. د. جابر قميحة : يا فتى الانتفاضة|يا فتى الانتفاضة (قصيدة) ، موقع المركز الفلسطينى ، الشعر والأدب الفلسطينى .
  14. عبد الله العقيل : مقدمة الأعمال الشعرية والمسرحية للدكتور جابر قميحة ، جـ 1 ص8 ، مركز الإعلام العربي ، القاهرة .

للمزيد عن نظرة الإخوان إلى الفنون

.