جازية متولي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
زوجة عبد المنعم سليم جبارة .. جازية متولي .. زوجة في بيت صحفي


من هي؟

زوجها الأستاذ عبد المنعم سليم جبارة

نشأت في بيت أحد رجال الشرطة الذين يقومون على خدمة الشعب وحمايتهم في عهد الملكية غير أن والدها تميز عن رجال «البوليس» الآخرين الذين لا يراقبون الله، بكونه رجل شرطة يخاف الله ويراقبه ويعمل من خلال شريعته،

ولم يكن كذلك فحسب بل كان أحد رجال الإخوان المسلمين الذين تربوا على يدي الإمام الشهيد حسن البنا يرحمه الله فتعلم منه حسن الخلق، الذي بثه في روع أبنائه، فنشؤوا على مكارم الأخلاق.

في هذا الجو المشبع بالإيمان نشأت هذه الفتاة الصالحة وتربت وترعرعت واستقت من هذا المعين الطاهر عبق سيرة الصحابيات ونساء السلف الصلح.

ففي يوم 7 نوفمبر 1952م زف إلى الحاج رمضان أحمد متولي نبأ مجيء مولودته جازية، فكانت باكورة أبنائه، التي تبعها ستة من الإخوة والأخوات على فترات مختلفة.

نشأت في مركز الحوامدية بمحافظة الجيزة، والتحقت بمراحل التعليم المختلفة حتى حصلت على ليسانس الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة عام 1975م، ولم تكتف بذلك بل حصلت على الدبلومة في العلوم الإسلامية من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة كما انتسبت إلى جامعة الأزهر وحصلت على درجة الليسانس من كلية أصول الدين واختتمت مشوارها العلمي بالحصول على دبلومة في التفسير (1) .

كان والدها الحاج رمضان متولي يعمل «كونستابل» في البوليس، والتحق بجماعة الإخوان المسلمين، وانضم إلى قسم الوحدات، الذي كان يشرف عليه القيادي الإخواني اللواء صلاح شادي وهو قسم تابع للنظام الخاص، ولقد قام بدور مهم أثناء تهريب نجيب جويفل، فيذكر صلاح شادي أنه عندما حكم على نجيب جويفل بالسجن في تهمة باطلة قرر الإخوان تهريبه، فعهد الأستاذ حسن العشماوي إليّ بهذه المهمة، واستطعنا أن نلبسه لبس خادمة خرساء، ونستخرج له جواز سفر بذلك، وقد عاوننا في هذه المهمة الأخ رمضان متولي الذي كان يعمل كونستابل شرطة في مطار القاهرة، حيث سهل علينا مهمة استقبال أسرة حسن العشماوي ومعهم الخادمة، وقد أخبر الأستاذ صلاح شادي الأخ رمضان بخطورة المهمة، فرحب بها وهو راضٍ، ووصل الركب إلى المطار بصحبة الحاجة آمال العشماوي زوجة منير الدلة وأخت حسن العشماوي لتطبع جو الأسرة على المسافرين في وداعهم في صالة المطار، واستقبلهم رمضان متولي وسهل لهم إجراءات السفر حتى بلغ الجميع الطائرة في أمان وأقلتهم إلى لبنان (2) .

في وسط المحن

وما كادت تأتي إلى الدنيا إلا وقد واجهتها المحن، فما كاد يبلغ عمرها سنتين حتى أقيل والدها من منصبة في المذبحة التي نفذها جمال عبد الناصر ضد ضباط ورجال البوليس المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين عام 1954م، ومن ثم أصبحت الأسرة دون مصدر دخل، غير أن الوالد سعى للحصول على ليسانس الحقوق، وعمل في شركة النشا والجلوكوز بـ«طره».

سارت الحياة وئيدة حتى وقعت حادثة المنشية، غير أن الله نجي والدها من الاعتقال في هذه المحنة، لكن كانت المحن تنتظرها، فبالرغم من أن والدها لم يعتقل إلا أن زوج خالتها الحاج طه محمد أبو الليل اعتقل، وزج به في أتون السجن الحربي، وقدم للمحاكمة التي حكمت عليه بالسجن عشر سنوات، فعاشت الأسرة في هم وغم وكرب بسبب المراقبة من قبل المخبرين (3) .

مرت السنوات العشر بثقلها، وخرج زوج خالتها غير أن شيئاَ عظيماً كان في انتظارها، فما كاد عام 1965م يحل حتى أطلت الفتنة برأسها، وبدأ عبدالناصر وزبانيته يتحرشون بالإخوان، ويعدون لهم ضربة أخرى يجهزون بها عليهم.

وفي ليلة ظلماء من شهر سبتمبر 1965م وجدت الفتاة من يطرق بشدة على باب بيتهم، وما كاد الباب يفتح حتى انفرج عما وراءه، قوة هائلة من البوليس جاءت لتأخذ مصدر الحنان لدى أبنائه، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل طيرت الأخبار إليهم من حلوان بأن زوج خالتها الحاج طه أبو الليل اعتقل هو أيضًا للمرة الثانية، وكانت المفاجأة أن جاءها بعد أيام الخبر بأن خالتها الحاجة تحية تم اعتقالها هي أيضاً وسيقت إلى سجن القناطر وهى حامل!!

عاشت الأسرة في هذا الجو المرعب من تهديد دائم ووعيد؛ فالأب وزوج الخالة لا يعلمان عنهما شيئاً، والخالة لا يراها أحد بعد أن ذهبت إلى سجن القناطر، فاحتضنت الفتاة التي لم تكد تبلغ الرابعة عشرة إخوتها، وأخذت تكفكف دموعهم، وظلوا يبحثون عن الوالد أين ذهب؟ وأين يجدونه؟

وظل الحال كذلك في ظل انقطاع مرتب الوالد وعدم وجود من يكفلهم ويتكفل بمتطلباتهم الضرورية حتى اندلعت حرب يونيو 1967م ووقعت النكسة التي أذلت الجيوش العربية، وتغير الوضع بعدها وقُدِمَ قادة التعذيب إلى المحاكمة بتهمة الخيانة وانقلابهم على عبد الناصر.

ثم سُمِحَ لهم بالزيارة في عام 1968م، فالتقت الأجساد الضئيلة بالجسد المعذب، ولم يمض وقت كبير حتى خرج الوالد، غير أن الفرحة لم تكتمل بسبب تغيب زوج الخالة خلف السجون ولم يفرج عنه إلا عام 1971م.

مرت الحياة وخرج زوج الخالة وما كادت تصل في المرحلة الجامعية إلى السنة النهائية إلا وكانت تنتظرها مفاجأة وقعت عليها كالصاعقة وهي وفاة والدها، ففي عام 1975م وهو العام الذي تخرجت فيه أصيب والدها أثناء العمل بذبحة صدرية، ووافته المنية على إثرها وكان عمره 52 عامًا وبهذا فقدت الأسرة للأبد مصدر الرعاية والحماية.

وعند تغسيله اكتشفت مفاجأة أكثر ألمًا حيث اكتشفت درجة التعذيب التي وقعت على الوالد أثناء فترة اعتقاله في سجن طرة، وأثرها على ظهره، ولم يكن يعرف بذلك سوى الوالدة التي كانت كل يوم تجلس تضمد له هذه الجراح ، بل كانت تخفى صوته أثناء الحلم وهو نائم، عندما كان يتمتم بكلمات التعذيب التي وقعت عليه (4) .

بين الدعوة والزواج

عاشت فترة حياتها محبة للدعوة بسبب ما شاهدته من والدها وزوج خالتها وخالتها، فتعلقت بالدعوة وأحبتها، ومما زاد حبها للدعوة تعرفها على أختي الشهيد سيد قطب ، حميدة وأمينة، بل تذكر المداعبات التي كان يتحفها بها الشهيد سيد قطب وقت أن كانوا في مصيف رأس البر عام 1965م، فكان يحذرهم من ارتداء المايوهات أو الكشف عن أجسادهن، فكن يسمعن هذا الكلام وينفذنه، حتى وقعت المحنة، كما أنها كانت حريصة على قراءة كتب الحاجة زينب الغزالي.

وبعد خروج الإخوان من السجون سارع كل واحد منهم للبحث عن زوجة تكمل معه المشوار، وإن كانوا قد واجهوا مصاعب جمة في هذا الأمر بسبب كبر سن معظمهم غير أن الكثيرات من بنات الإخوة سارعن بالموافقة على الارتباط بهؤلاء الشرفاء الذين قضوا أعمارهم وزهرة شبابهم خلف السجون دفاعًا عن دينهم ودعوتهم.

لم تكن تعلم في يوم من الأيام أن حياتها سترتبط برجل نذر كل وقته لدعوته، ففي أحد الأيام تحدث الأستاذ عبد المنعم سليم جبارة جبارة مع صديقه الحاج عبد العزيز زعير عن كونه يبحث عن زوجة توافق على ظروفه، والأستاذ عبدالمنعم (وُلد في بيئة ريفية لعائلة ميسورة في مركز فاقوس بمحافظة الشرقية في 22 من أكتوبر 1930م).

وكان ثراء عائلته عاملاً قويًّا في التحاقه بمراحل التعليم المختلفة، حتى تخرَّج في كلية الآداب بجامعة القاهرة (قسم الجغرافيا)، والتحق بجماعة الإخوان المسلمين في المرحلة الثانوية، واعتُقل عام 1955م في تنظيم التمويل، وحضر مذبحة طرة التي حدثت ضد الإخوان غير أنه نجا منها.

وبعد أن خرج من غياهب الظلمات، وهو في الرابعة والأربعين من عمره، انضمَّ إلى مجلة «الدعوة» عام 1976م ، ثم أُعير إلى الإمارات العربية المتحدة؛ ليعمل في مجال التدريس، وأسَّس مع آخرين مجلة «الإصلاح»، ثم ترك الإمارات، وعاد إلى مصر بعد سنوات، ليعمل صحفيًّا في مجلة «الدعوة» ثم «لواء الإسلام» وكتب في كثير من الصحف المحلية والعالمية.

كان الأخ عبد العزيز يعرف الحاج رمضان متولي، ويعرف أن له بنات، فأراد إكرامه في بناته فذهب إليهم وأخبرهم بالعريس، الذي ذهب وتعرف على الأسرة، غير أن الأم اعترضت عليه بسبب كبر سنه، وتحت الضغط ذهبت جازية مع عمها لمقابلة الأستاذ عبدالمنعم في مجلة «الدعوة» في اليوم السابق للشبكة ليعتذروا له، غير أنهم لم يجدوه هناك فعادوا، وفي اليوم التالي ذهب عبدالمنعم وأسرته، وتمت الخطبة بعد توفيق الله، ثم تم الزواج في عام 1978م.

ومنذ أول يوم أدركت جازية طبيعة عمل زوجها الذي وهب حياته كلها للدعوة إلى الله، فرضيت بذلك واحتسبت حياتها لله، ورزقهما الله بثلاثة أولاد، هم: طارق وزياد وتسنيم.

وقد تعرض زوجها للمراقبة، والمنع من السفر، وتردد الأمن على بيتها، مما أعاد لها ذكريات الستينيات، غير أنها تحلت بالصبر والرضا، وقد تكيفت على ظروف ووضع الإخوان، وكثرة تغيب زوجها، فكانت تحترم زوجها وظروفه، ومن المواقف أنها لم تفتش في جيوبه يومًا ما، ولم تفتش حقيبته قط، بل لم تسأله يومًا عن سبب تغيبه أو مكان سفره، أو المدة التي سيغيبها، ما لم يخبرها هو، وكان ذلك مما لمسته فيه بأنه لا يرغب في أن يسأله أحد في هذه الأمور، فأدركتها كزوجة وطبقتها، ومع ذلك راعت أولادها في غياب أبيهم.

وفاة الزوج

وفي صباح يوم الجمعة 27 رمضان 1423هـ الموافق 21 نوفمبر 2003م توفي عبدالمنعم سليم جبارة جبارة.

وبعد وفاة زوجها انشغلت بالعمل الدعوي في محيطها، بل والعمل التطوعي، وأصبحت رمزًا للعمل التطوعي في محيطها، فأصبح الفقراء يعرفونها، ويعرفون باب بيتها، فكونت مع مجموعة من الأخوات فريق عمل للبحث عن الفقراء والأيتام وكفالتهم، كما عرف بيتها الأغنياء المخلصون الذين يحملون زكاة أموالهم إليها لتوزعها على الفقراء بمنطقة فيصل بمحافظة الجيزة حيث تقيم.

كما أصبحت على صلة بمدرسة التربية الفكرية والعناية بالتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة، والعناية بذويهم الفقراء، وأيضاً فتحت خطاً مع مدرسة الصم والبكم، لتتكفل بالتلاميذ وأسرهم، تعاونها في ذلك نساء وطالبات كثيرات، حتى أنهن أصبحن يخرجن الرحلات الترفيهية لهؤلاء الأطفال، ويقمن على إطعام ذويهم كل شهر، كما عملن على توفير الأكفان لغير القادرين من موتى المسلمين، وأصبح عملها التطوعي يملأ عليها حياتها.

المراجع

  1. حوار أجراه عبده مصطفى دسوقي مع الحاجة جازية .
  2. صلاح شادي: صفحات من التاريخ (حصاد العمر)، ص 80 ، دار التوزيع والنشر الإسلامية، الطبعة الأولى، 2006م.
  3. حوار أجراه عبده مصطفى دسوقي مع الحاجة تحية أحمد بشير 1/6/2008م.
  4. موقع إخوان أون لاين .
  5. مجلة المجتمع عدد1817

للمزيد عن الإخوان المسلمون والمرأة

من أعلام الأخوات المسلمات

.

.

أقرأ-أيضًا.png

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخرى

وصلات فيديو

.