جماعة الإخوان المسلمين في مصر: ضغوط غير مسبوقة ومسار مجهول

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
جماعة الإخوان المسلمين في مصر: ضغوط غير مسبوقة ومسار مجهول


بقلم : ناثان براون, ميشيل دنّ

توطئة

55شعار-الاخوان.jpg

جماعة الإخوان المسلمين، التي تُعدّ من بين أقدم الحركات المعارضة في مصر وأكبرها، محشورة بين حملة غير مسبوقة من جهاز أمن الدولة وبين جيل الشباب الإخواني الذي يلحّ على اتّخاذ إجراءات أكثر حزماً ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. وبوصفها حركة تبنّت منذ فترة طويلة التغيير التدرّجي، لكنها تتحوّل إلى فكرة أخرى تدافع عن التغيير الثوري، وتعاني بشأن ما إذا كان ذلك يعني اعتماد استراتيجية عنف ضد الدولة، فإن الآثار المترتّبة على مصر والمنطقة بأسرها تبدو هائلة.

  • آراء متباينة وسط حملة غير مسبوقة

في حين واجهت جماعة الإخوان حملات قمعية عدّة، ولاسيّما الحملة الطويلة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، فإنها لم تشهد أبداً حقبة شديدة من القتل والسجن والتعذيب، وسوى ذلك من أشكال القمع، كتلك التي شهدتها منذ انقلاب تموز/يوليو 2013 ضد الرئيس السابق محمد مرسي، العضو القيادي في الجماعة.

خلصت المراجعة الداخلية التي قامت بها جماعة الإخوان للسنة الكارثيّة التي أمضاها مرسي في السلطة، إلى أن الجماعة فشلت في أن تكون ثورية بالقدر الكافي، وأن الصفقات السياسية التي حاولت عقدها مع أطراف أخرى من الدولة أتت بنتائج عكسية.

قادة الإخوان قلقون بشأن فقدان ولاء الشباب، الذين يتحمّلون وطأة القمع، وأصبحوا عرضة إلى أن يتطرّفوا على يد الجماعات المتطرّفة.

أصبح قادة الجماعة أكثر إذعاناً إلى الأعضاء الأصغر سنّاً في الجماعة، والذين يقودون هذه الأخيرة على نحو غير مسبوق.

  • توجّه أكثر ثورية

انتصبت جماعة الإخوان، كتنظيم داخل مصر وخارجها، على قدميها مجدّداً، وأجرت انتخابات لشغل المناصب القيادية السريّة، بما في ذلك منصب المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد، فضلاً عن مكتب الشؤون الخارجية الجديد في اسطنبول.

لايزال قادة ونشطاء الإخوان في مرحلة مبكرة على طريق تحديد ماسيعنيه تحوّل التنظيم إلى حركة ثورية. الشيء الوحيد المؤكَّد هو أن ذلك يعني مقاومة الدولة المصرية التي خلصوا إلى أنها غير قابلة للإصلاح.

في حين لايزال الموقف الرسمي لجماعة الإخوان ملتزماً إلى حدّ كبير بالمقاومة اللاعنفية، إلا أن مايقوله الأعضاء والقيادات في السرّ والعلن يبدو أكثر تناقضاً، حيث أيّد العديد من بيانات جماعة الإخوان الانتقام. ويعبّر بعض الأعضاء عن تخوّفهم من التخلّي عن عقودٍ من اللاعنف، ويخشون الانجرار إلى صراع مسلّح مع قوات الأمن، يكون مدمّراً إلى حدّ بعيد ولا يمكن كسبه. ويقول آخرون إن الاستمرار في الدعوة إلى المقاومة السلمية لامعنى له، في سياق عنف الدولة غير المسبوق ضد الإخوان وجميع أطياف المعارضة الأخرى.

زاد النظام من وتيرة حملته القمعية على جماعة الإخوان، بما في ذلك التهديد بإعدام كبار القادة، بعد تصاعد أعمال العنف ضد أهداف الدولة من جانب متطرّفين في سيناء في صيف العام 2015، على الرغم من أن الدولة لم تحمّل الإخوان مسؤولية ذلك العنف. وقد أدّى ذلك إلى زيادة المخاطر أكثر من أي وقت مضى.

مقدّمة

خرجت جماعة الإخوان المسلمين في مصر من وضع الانكماش الدفاعي الذي كانت تتأرجح فيه خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى بعد انقلاب العام 2013 الذي أطاح محمد مرسي من الرئاسة، واختارت هيئات قيادية جديدة. وبناءً على مقابلات أجراها مؤلّفا هذه الورقة مع مجموعة من أعضاء ومراقبي الجماعة بين أيار/مايو وحزيران/يونيو 2015، يبدو واضحاً أن أعضاء وقادة جماعة الإخوان أجروا مراجعة داخلية واسعة، ومثيرة للجدل على مايبدو، للأخطاء التي حدثت في الفترة الفاصلة بين سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في العام 2011، وبين عزل مرسي من السلطة. وقد وصلوا إلى نتيجة مماثلة بصورة مذهلة للنتيجة التي عبّرت عنها الجماعات المعارضة العلمانية عن جماعة الإخوان، ومفادها أن الجماعة لم تكن "ثورية" بصورة كافية. أما كيف يُترجم هذا الحكم إلى استراتيجية سياسية محدّدة، فيبدو أقلّ وضوحاً وربما حتى لم يتقرّر بعد.

مع ذلك، يبدو واضحاً أن قادة الإخوان قلقون بشأن الاحتفاظ بأعضائهم الشباب. فقد أصبح أعضاء الجيل الأصغر سنّاً الهدف الرئيس للانتهاكات غير المسبوقة لحقوق الإنسان وعمليات تجنيد المتطرّفين، سواء من جانب عصابات صغيرة أو جماعات كبيرة مثل أنصار بيت المقدس، التي تتّخذ من سيناء مقرّاً لها، والتي ألحقت نفسها بتنظيم الدولة الإسلامية. وأصبح قادة الإخوان من كبار السن، الذين كانوا يصرّون في الماضي على الانضباط الصارم من جانب الرتب الدنيا، والصبر والتدرّج وتجنّب المواجهة الكاملة مع النظام، يذعنون بصورة متزايدة إلى أولئك الذين يرغبون في اتّباع نهج أكثر حزماً تجاه جهاز أمن الدولة المصري.

تسبّب تصاعد العنف في مصر في صيف العام 2015، عندما قتل المتشدّدون في 29 حزيران/يونيو النائب العام هشام بركات، وهو أرفع مسؤول يتم اغتياله في البلاد منذ عشرين عاماً، وكذلك شنّ أكبر هجوم على الجيش في سيناء حتى الآن في الأول من تموز/يوليو، في حدوث تصعيد مقابل في حملة القمع التي شنّتها الدولة ضد الإخوان، بما في ذلك الحكم بإعدام أعضاء في الجماعة. حدث ذلك على الرغم من فشل الحكومة في تقديم أي دليل علني على وجود علاقة بين الجماعة والجماعات المتشدّدة المسؤولة عن هذه الهجمات. وقد تعهّد الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 30 حزيران/يونيو 2015، بتنفيذ أحكام الإعدام، مايزيد من احتمال أن يتم إعدام بعض أو كل قادة الإخوان المسلمين (بمن فيهم مرسي، والمرشد العام السابق محمد بديع الذي يقبع في السجن، ورئيس البرلمان السابق سعد الكتاتني) وآخرين ينتظرون حالياً تنفيذ حكم الإعدام بحقّهم، ويزيد عددهم عن 60 شخصاً.1 وكانت قوات الشرطة قتلت تسعة أشخاص يُشتبه في أنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، من بينهم عضو سابق في البرلمان، في القاهرة في 1 تموز/يوليو، في إطار ماوصفته السلطات بأنه اشتباك مع إرهابيين مسلّحين، في حين وصفته مصادر الإخوان بأنه إعدام خارج نطاق القانون. 2 هذه التطورات تثير احتمالات تصاعد العنف غير المنضبط على نحو أعلى من أي وقت مضى.

يمكن أن تكون لإعادة تنظيم وتوجيه جماعة الإخوان آثار بعيدة المدى على الحركة، والإسلام السياسي بصورة عامة، ومستقبل مصر السياسي. فجماعة الإخوان ليست في أي حال حركة المعارضة أو الجماعة الإسلامية الوحيدة في مصر (نمت السلفية بصورة كبيرة في العقد الماضي3). كما أن بعض القضايا المطروحة بالكاد مرّت مرور الكرام، حيث استقطبت الصراعات على توجّه الجماعة وغزلها مع العنف الكثيرَ من التعليقات. 4 غير أن جماعة الإخوان لاتزال مهمّة ومؤثرة في مصر والمنطقة العربية. وقد يكون التحوّل الذي تشهده الجماعة وإيديولوجيتها وهيكلها، وكذلك المكانة التي تحتلها في صفوف المعارضة في مصر، أعمق مما توحي به المشاحنات اليومية.

حقبة لامثيل لها

ربما تكون جماعة الإخوان المسلمين في مصر المنظمة غير الحكومية الأنجح في تاريخ البلاد، حيث كانت تزدهر عندما يتم التساهل معها، وتبقى حية عندما تُقمع، وتجدّد نفسها بين حين وآخر على مدى مايقرب من تسعة عقود. وتُعدّ موجة القمع الحالية أشدّ من أي موجة شهدتها الحركة على الأقلّ منذ عهد ثم الرئيس جمال عبد الناصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وبعد محاولة اغتيال عبد الناصر الفاشلة في العام 1954، والتي نُسِبت إلى جماعة الإخوان، تم حظر الجماعة وحوكم أكثر من 1000 من أعضائها، وسُجن آخرون كثر في معسكرات اعتقال في الصحراء من دون توجيه أي تهمة إليهم. 5 كان سيد قطب من بين ستة تم إعدامهم في نهاية المطاف في العام 1964، والذي شكّلت أفكاره مثل التكفير (الادّعاء بأن المجتمعات القائمة ليست إسلامية حقيقية وبالتالي فهي أهداف مشروعة للحرب) النصوص التأسيسية لأجيال عدّة من المتطرّفين الإسلاميين، مثل كتابات الذين اغتالوا الرئيس أنور السادات في العام 1981. وقد تحوّل الراديكاليون إلى اتجاهات مختلفة، فقد أطلق بعضهم حركة تمرّد هزّت مصر في تسعينيات القرن الماضي، في حين انجذب بقيّتهم نحو قادة تنظيم القاعدة، مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.

ميشيل دنّ هي باحثة أولى في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، حيث تتركّز أبحاثها على التغييرات السياسية والاقتصادية في البلدان العربية، وخصوصاً في مصر، وعلى السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

ميشيل دنّ

باحثة أولى في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط

وفي حين أنتجت حملة القمع الناصرية التطرّف، فإن حركة الإخوان لم تتبنّ الفكرة القائلة إن الدولة المصرية جزء من الجاهلية. وسعت بدل ذلك إلى المشاركة في النظام وفي إعادة صياغة وتشكيل المجتمع من خلال الإصلاح والتدرّج. في سبعينيات القرن الماضي، سمح السادات لجماعة الإخوان بالظهور مجدداً، ربما كثقلٍ موازن للقوى اليسارية. وفي الثمانينيات، سمح حسني مبارك لأعضاء جماعة الإخوان، التي ظلت منظمة غير قانونية، بخوض الانتخابات على القوائم الحزبية للأحزاب السياسية المرخّصة الحريصة على جمع أصوات إضافية. وشيئاً فشيئاً بنت جماعة الإخوان وجودها السياسي، وحصلت على نسبة 20 في المئة من المقاعد في مجلس الشعب في انتخابات العام 2005، والتي كانت أكثر حرية نسبياً من الانتخابات الأخرى في عهد مبارك.

غير أن التقدم السياسي لجماعة الإخوان لم يكن ثابتاً، حيث وقعت الجماعة ضحية لعبة القط والفأر مع النظام الذي سمح لها بالعمل ضمن حدود متغيّرة باستمرار. وشهدت فترة التراجع في الحريات السياسية والمدنية من العام 2006 حتى العام 2011 سجن عدد من كبار قادة الإخوان وتم منع الجماعة عموماً من الترشّح في الانتخابات.

بعد أربعة عقود من الانفتاح والانغلاق السياسي المتشنّج، بدا أن جماعة الإخوان فوجئت مثل معظم المصريين بانتفاضة العام 2011 الشعبية ضد مبارك، والتي أوجدت فرصة سياسية مفاجئة سمحت للجماعة بتشكيل حزب الحرية والعدالة. تبعت ذلك سلسلة من الانتصارات الانتخابية للإخوان (بلغت ذروتها بفوزها في الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو 2012)، الأمر الذي جعل الجماعة عرضة إلى التمحيص والتدقيق، وحتى إلى سلسلة دولية ومحلية غير عادية من التسريبات وتبادل الاتهامات بشأن الصراعات الداخلية، بصورة أكبر بكثير مما عرفته في أي وقت مضى.

كانت فترة السنة التي أمضاها محمد مرسي في منصب الرئاسة صعبة وغير مستقرّة بالنسبة إلى جماعة الإخوان التي لم تكن مهيّأة للحكم. لابل كانت أكثر صعوبة لمعارضي وحلفاء الجماعة السياسيين على حدّ سواء، الذين أغضبهم أسلوب جماعة الإخوان الذي يعتمد على الأغلبية، وعدم اهتمامها بمساهمات غير الإسلاميين في الدستور، والمواجهة التي خاضتها مع السلطة القضائية، والميل إلى عزل نفسها أو الانخراط مع السلفيين.

في أعقاب التظاهرات الكبيرة المناهضة للإخوان التي كانت تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة، تسبّب انقلاب الجيش على مرسي في تموز/يوليو 2013 في حدوث موجة من الفعل وردّات الفعل، حيث قاومت جماعة الإخوان وحلفاؤها السلفيون والإسلاميون الآخرون الانقلاب عن طريق المظاهرات الكبيرة والمستمرة. قمعت السلطات تلك المظاهرات بوحشية كبيرة (بما في ذلك القتل الجماعي لأكثر من 1150 من المتظاهرين المؤيدين لمرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة في آب/أغسطس 2013 6). أثارت عمليات القتل الجماعي موجة من الهجمات من جانب أنصار جماعة الإخوان على الشرطة والكنائس (دعم البابا القبطي تواضروس الثاني الانقلاب علناً)، وأهداف أخرى. واستمرت عمليات الانتقام والردّ بالمثل.

كانت حملة النظام القمعية قاسية. ويقال إنه اعتباراً من أواخر العام 2014، كان مايقدّر بـ42 ألف شخص قيد الاعتقال، 7 بمن فيهم كل القيادة العليا لجماعة الإخوان، فضلاً عن آلاف عدّة من أعضائها أو مؤيّديها، والذين اعتقل الكثير منهم خلال المظاهرات. وقد وثّقت الجماعات الحقوقية المصرية والدولية المئات من حالات التعذيب والوفيات في الحجز بسبب سوء المعاملة أو الافتقار إلى الرعاية الطبية، والاعتداء الجنسي كأداة للتخويف، وحالات الاختفاء القسري بين المنشقّين المنتمين إلى جماعة الإخوان، فضلاً عن العديد من الجماعات الإسلامية أو العلمانية الأخرى. 8 ذهب المئات من أنصار مرسي من داخل وخارج جماعة الإخوان إلى المنفى، حيث توجّه أكثرهم إلى تركيا، فيما ذهب البعض إلى أوروبا أو أميركا الشمالية. لم تفقد جماعة الإخوان وضعها القانوني وحزبها السياسي ووسائل إعلامها وحسب، بل تم تصنيفها أيضاً باعتبارها منظمة إرهابية، وهي الخطوة التي سمحت للحكومة بإغلاق أو السيطرة على مئات المنظمات غير الحكومية، وكذلك الشركات التجارية التي يقال إنها تابعة للجماعة أو كبار أعضائها.

وفي سياق مجموعة موازية من التطورات، استغلّ المتشدّدون في سيناء الانقلاب والفوضى التي أعقبته كفرصة لتصعيد حربهم على القوات المسلحة المصرية. كانت جماعة أنصار بيت المقدس ضمن تلك المجموعة، وهي التي ركّزت في البداية على أهداف إسرائيلية، لكنها بدأت بالفعل بمهاجمة الجنود المصريين أثناء رئاسة مرسي، ما أسفر عن مقتل ستة عشر جندياً في كمين في سيناء في آب/أغسطس 2012. 9 وبين خريف العام 2013 وصيف العام 2015، تصاعد التمرّد، الأمر الذي أدّى إلى شنّ هجمات شبه يومية صغيرة وهجمات كبيرة في بعض الأحيان على مواقع للجيش أسفرت عن مقتل المئات من الجنود والمسلّحين. وبسبب التعتيم الإعلامي، كان من الصعب الحصول على أرقام دقيقة. وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية لم تقدّم، اعتباراً من صيف العام 2015، دليلاً على وجود علاقة بين الإخوان وجماعات مثل أنصار بيت المقدس (عدا تصريح جرى نقله كثيراً عن محمد البلتاجي أحد قادة الإخوان يقول فيه إن العنف الذي يحدث في سيناء ناجم عن الانقلاب 10)، فقد استمرت وسائل الإعلام الحكومية في تعزيز العلاقة المزعومة في كثير من الأحيان. على سبيل المثال، ربط فيديو صادر عن القوات المسلحة، تم نشره بعد هجوم واسع شنّه المتشدّدون في سيناء في الأول من تموز/يوليو 2015، مرسي وقادةً آخرين في جماعة الإخوان بالهجوم ضمناً، عن طريق عرض صور أرشيفية لهم. 11

التجارب الصعبة المتمثّلة في الانفتاح السياسي القصير والفوضوي من أوائل العام 2011 إلى حزيران/يونيو 2013، فضلاً عن المتاعب الشديدة التي واجهتها من تموز/يوليو 2013 حتى العام 2015، حدت بجماعة الإخوان المسلمين إلى التشكيك في القيمة الدائمة للعديد من الإنجازات التي تحقّقت في العقود السابقة، والتي تمكّنت خلالها من الصعود رويداً رويداً بعد حملة القمع التي تعرضت إليها في الحقبة الناصرية. تنظيم متجدّد لكنه مختلف

من الواضح أن جماعة الإخوان تمرّ الآن في مرحلة تحوّل صعبة وذات آثار بعيدة المدى، كتلك التي مرّت بها في أعقاب اشتباكها مع النظام في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. كما أن التحوّلات الجارية في الجماعة واضحة هي الأخرى. فقد أصبح التنظيم أقلّ هرميّة وأقلّ تركيزاً على الجدوى التنظيمية الخاصة به، وأقلّ إصراراً على تمييز نفسه عن الجماعات الإسلامية والثورية الأخرى. حصيلة هذه التغيّرات تجعل الحركة مختلفة عما كانت عليه في الماضي القريب. وكما لاحظ بعض المراقبين، فإن جماعة الإخوان المسلمين التي لم تعد هرميّة ومنضبطة وحذرة وجامدة، ليست ببساطة الجماعة التي كانت موجودة سابقاً.

لم يعد السؤال يتعلّق بما إذا كانت هذه الاتجاهات حقيقية. فهي واضحة ولاتبذل قيادات الحركة أي جهد لإنكارها. السؤال هو إلى أي مدى سوف تمضي هذه الاتجاهات قدماً.

الخطوة الأولى، بعيداً عن التسلسل الهرمي الجامد، تبدو لافتة. فعندما كانت جماعة الإخوان تنمو، كانت تحوي ميولاً ورؤىً متعدّدة، غير أن القيادة العليا، مكتب الإرشاد والمرشد العام، مارست سيطرة محكمة على المسائل التنظيمية. وفي حين كان أعضاء جماعة الإخوان يتمتّعون في الغالب بحرية المناقشة والتعبير عن آرائهم بشأن العديد من المسائل، وعندما يتعلّق الأمر بالأفعال (أو حتى التعبير عن آراء فردية بشأن بعض القضايا العقائدية والمذهبية التي تحدثت عنها الجماعة بصورة حاسمة)، كان يتوقّع منهم جميعاً أن يمتثلوا للأوامر أو يواجهوا إجراءات تأديبية. كما أن وجود خلايا ضيّقة مترابطة بصورة هرميّة، سمح للجماعة بالعمل بصورة متماسكة عندما كان قادتها يرون أنها بحاجة إلى ذلك. والواقع أن أحد الأسباب التي مكّنت الجماعة من أن تبلي بلاءً حسناً في استطلاعات الرأي، تمثّل في قدرتها على تحويل نفسها إلى آلة لفرز الأصوات. لكن لم تبدُ براعة الجماعة في القيادة والسيطرة مثيرة للإعجاب في وقت الانتخابات وحسب. فقد سمح التسلسل الهرمي للجماعة بأن تنفّذ قرارات صعبة، وتحافظ على نفسها في ظل ظروف غير مواتية، وتوزّع مواردها بطرق بارعة من الناحية التكتيكية.

في المقابل، يبدو أن من هم في القاعدة يحكمون الحركة، في البيئة الجديدة، أكثر ممن هم في قمتها. ويظهر أن المزيد من كبار الأعضاء مستعدّون للإذعان إلى الأعضاء الأصغر سنًا. فقد أكّد عضو بارز في اسطنبول التزام الحركة بنبذ العنف بيد أنه تحدث عن دوافع جيل الشباب بنوع من التسليم إزاء شعور الشباب بـ "الطاقة الشخصية." وأشار هو وآخرون إلى ما اعتبروه رغبة مفهومة للانتقام لن يكون من المجدي معارضتها أو التصدّي لها. وتحدّث عضو بارز عن الأعضاء الشباب باعتبارهم "أكثر جرأة"، ووصف دور القيادة على أنه يقوم على توجيه تلك الدوافع بوسائل مثمرة. ولاحظ أحد الأعضاء ممن انخرطوا مع الشباب على نطاق واسع مدى اختلاف الجيل الصاعد، حيث يرجع ذلك جزئياً إلى التجارب التكوينية بين عامي 2011 و2013. وقال: "هم لم ينشأوا على قيم جماعة الإخوان، بل نشأوا في المظاهرات ومنتديات الإنترنت، وأفكار الحرية الشخصية المستفادة من الخارج، وحتى من أفلام هوليوود". وقال إسلامي آخر ليس عضواً بل مراقب لجماعة الإخوان عن كثب إنه "لايوجد زعيم له سلطة معنوية الآن. ولا أحد يستطيع أن يقول ’ثقوا بي‘، فالقاعدة تستفسر عن كل شيء". وتحوّلت جماعة الإخوان إلى تنظيم مختصر نوعاً ما، وقيّدت نفسها بالبيانات الرسمية التي يبدو أنها تخفي الخلافات، مايسمح للأفراد بالكلام بطريقة حماسية ووصف مواقفهم بأنها شخصية وليست منسوبة للتنظيم.

قد تجعل موجة القمع التي تقودها الدولة الإدارة الجزئية أكثر صعوبة في أي حال، كما أن الحالة المزاجية للقاعدة تنتشر ببطء عبر الجماعة بوسائل هامة. ويبدو والحالة هذه أن ثمّة شعوراً بأن الجيل الأكبر سنّاً جرّب مجموعة من الأساليب (اعتمد بتأنٍّ على قدر ضئيل من الانفتاح لزيادة الأنشطة الاجتماعية والسياسية تدريجياً) التي إما أنها فشلت أو لم تعد ملائمة. كما أن هناك غضباً يمور بطيئاً ويجعل التأنّي، وهو الفضيلة التي طالما اعتزّت بها الجماعة، أقل تقديراً. فقد قال أحد الشباب الإسلاميين بشأن الأحداث التي وقعت في آب/أغسطس 2013: "كل شيء تغيّر في اليوم الذي وقعت فيه مجزرة رابعة". وأضاف أن "صعود تنظيم الدولة الإسلامية، تزامن مع تدمير التجربة الديمقراطية في مصر، وأصبح عامل الوقت في صالح الراديكاليين". وأشار العديد من الشباب الذين تمت مقابلتهم إلى تصريحات أو خطوات محدّدة من جانب مرسي أو عضو مكتب الإرشاد خيرت الشاطر (كان يعتبر قوة دافعة رئيسة للجماعة إلى أن تم اعتقاله بعد الانقلاب)، توحي بأنها تعرّضت إلى الخديعة من السيسي وآخرين في الدولة.

ثانياً، لم تعد جماعة الإخوان تركّز على الحماية الذاتية كما كانت تفعل في السابق. فقد بدا، في بعض الأحيان، أن الأعضاء الذين أعادوا بناء الجماعة رويداً رويداً من سبعينيات القرن الماضي فصاعداً، يعملون ولديهم شعور بأنهم يؤدّون دوراً تاريخياً على المدى الطويل. إذ أسندت إليهم مهمة كانت تتطلّب استمرار سلامة الحركة وقدرتها على البقاء، وكانوا يفكرون بلغة العقود أو الأجيال لا بلغة الأشهر. لم تكن الاحتياجات التنظيمية غاية في حدّ ذاتها، بل كانت وسيلة لتحقيق الأهداف الإصلاحية والدينية للجماعة. ولكن من خلال الحفاظ على جماعة الإخوان وحمايتها، أمكن لقادة الجماعة أن يورّثوا للأجيال اللاحقة الأدوات اللازمة لرفع مستوى المجتمع حتى لو لم تكن الظروف تبشّر بالخير في تلك المرحلة المعيّنة من الزمن. كان هذا، على الأقل، هو موقف القادة، وهو يساعد على تفسير حذرهم وتردّدهم في العديد من اللحظات الهامة.

مع ذلك، تبدو جماعة الإخوان الآن أقلّ نفوراً من المجازفة. وربما يكون حجم القمع هو الذي يجعل الأعضاء يشعرون بأنه ليس لديهم الكثير ليخسروه. بيد أن التحوّل يبدو أيضاً نتاج القوة المتزايدة للشباب داخل الجماعة، بما في ذلك ترقية الأعضاء الأصغر سنّاً إلى المناصب القيادية، ويرجع ذلك جزئياً إلى سجن معظم كبار القادة.

أخيراً، لم تعد جماعة الإخوان تميّز نفسها بصورة حادّة عن بقية معسكر المعارضة. ذلك أن شعور الحركة القوي بالتنظيم والانضباط، أدّى بها سابقاً إلى رسم خطوط فاصلة حادّة جداً بين من كان عضواً في الحركة، وبين من لم يكن، وبين التدرّج في العضوية. كان الانضمام إلى جماعة الإخوان التزاماً كبيراً من حيث الوقت والطاقة وحتى الموارد. كانت لدى الجماعة نزعة إلى أن تكون شأناً أسرياً، حيث كان يتم تشجيع الأعضاء على مزاملة بعضهم بعضاً وأن يتزوجوا من داخل الجماعة. وقد أسفر ذلك عن مجموعة من الروابط الشخصية المُحكّمة التي ساعدت الحركة، غير أنه يمكن أيضاً أن يجعلها انعزالية وأحياناً عديمة الحساسية في أفضل الأحوال عند تعاملها مع غير الأعضاء.

البيئة الجديدة، التي أصبحت فيها القاعدة أكثر تمكيناً، تعطي زمام المبادرة لمن أمضوا قدراً أقلّ من حياتهم في الجماعة، ويبدون أكثر استعداداً للتواصل مع من لديهم أفكار مماثلة ممن لم يلتزموا بالتنظيم. فقد وصف إسلامي شاب مقرّب من الحركة، لكنه ليس عضواً فيها، الموقف بالقول "الآن لم يعد بإمكاننا الاستماع إلى الإخوان وهم يتحدثون بما يفوق قدرتنا على الفهم". بدلاً من ذلك، يتحدّث النشطاء الأصغر سنّاً العن مناقشات حيويّة تجري بين الأعضاء وغير الأعضاء في المنفى وفي مصر حول اتجاه حركات المعارضة والإسلام السياسي عموماً. ربما تكون المظاهرات التي جرت في أعقاب سقوط مرسي، والتي شارك فيها المتعاطفون من خارج الحركة، قد عزّزت بعض الروابط الشخصية وخلقت شعوراً عميقاً بالظلم إزاء العنف الذي يمارس. والآن يأتي التأثير من الأفعال والمظالم، تعويضاً عن الزمن الذي كان فيه التفاني التنظيمي والتاريخ هما العملة الرئيسة في الحركة.

في حين يبدو واضحاً أن جماعة الإخوان أصبحت تنظيماً مختلفاً، لاتزال الهياكل القديمة قائمة. والواقع أن قادة الجماعة يدّعون أنهم وجدوا طريقة لالمجرّد إحياء الهياكل القديمة وحسب، بل لإعادة صياغتها وتشكيلها بما يتلاءم مع البيئة الجديدة. ويدّعي القادة أنه تم ملء العديد من المناصب الشاغرة في مكتب الإرشاد ومجلس الشورى، على الرغم من أنه لن يتم الإعلان عن أسماء الأعضاء بسبب الخوف من خطر الاعتقال. وقد تم وضع خطط طوارئ لاستبدال جميع القادة إذا تم القبض عليهم، وفي بعض الحالات يشمل خط الخلافة طبقات عدّة. وتزعم القيادة أن الخلية الأساسية للإخوان المتمثّلة بالأسرة فعّالة في جميع أنحاء البلاد. وقد تم إنشاء هيئة خارجية جديدة للإشراف على أعضاء الإخوان في المنفى. ويرأس الهيئة التي تتّخذ من اسطنبول مقراً لها أحمد عبد الرحمن، عضو مجلس الشورى، والشخص الذي يعطي انطباعاً بأنه نصير تنظيمي من الطراز القديم، غير أن الجماعة تضمّ أيضاً بعض الشخصيات ذات الأفق العالمي مثل عمرو درّاج ويحيى حامد، وكلاهما كانا وزيرين في عهد الرئيس مرسي. ومع ذلك، لم يُكشَف النقاب عن معظم أسماء الأعضاء. إذ لاتقدّم مجموعة اسطنبول نفسها باعتبارها القيادة، وهي تجاهر بالولاء لمكتب الإرشاد في مصر، لكنها موجودة للتفاعل مع المحاورين الدوليين.

من الصعب القول إلى أي مدى تبدو هذه الأوصاف للانتعاش التنظيمي نوعاً من التبجّح، ولكن حتى لو كانت صحيحة، فإن قادة الإخوان يقرّون بضرورة أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة التحدّيات الجديدة. لم تكن الحركة مضطرّة أبداً لتحقيق التوازن بين جناح خارجي وآخر داخلي فيها (الواقع أن الممثلين الدوليين الأكبر سنّاً في الإخوان شكوا من مجموعة اسطنبول الجديدة). وفي خطوة غير معهودة، يعترف قادة الإخوان بأنهم يتشاورون مع الحركات الإسلامية في أماكن أخرى حول كيفية التصدّي للتحدّيات الناشئة، على غرار حركة النهضة في تونس، التي اضطرّت هي الأخرى إلى الربط بين القادة الخارجيين وبين الحركة الداخلية التي تتم قيادتها سراً.

ارتبكت الجماعة بين التصريحات الناريّة للعديد من أعضائها وأنصارها، وبين المتحدّثين الرسميين الأكثر حذراً إلى حدٍّ ما. فقد أصبحت قاعدة الجماعة هي التي تضع أجندتها على نحو متزايد، ويبدو أن من يتم اختيارهم للقيادة يستنفدون بعض طاقتهم في المتابعة بدل القيادة.

قد يكون قادة الإخوان الجدد أقلّ حذراً ممن سبقوهم جزئياً، لأنهم منشغلون بكيفية الاحتفاظ بولاء الأعضاء الشباب. ويدرك القادة وكبار السنّ في جماعة الإخوان تماماً، ويتم تذكيرهم باستمرار، بأن الجماعات المتطرّفة، مثل جماعة أنصار بيت المقدس، تنشط في عمليات التجنيد. ويتابع الأعضاء الشباب الحملات التي تقوم بها هذه الجماعات في وسائل التواصل الاجتماعي بعناية، والسبب في ذلك، جزئياً، هو البحث عن المتشدّدين الذين ربما أتوا من جماعة الإخوان أو من الجماعات العلمانية التي كانت ناشطة في انتفاضة العام 2011. ويشعر قادة الإخوان بالقلق إزاء تأثير الحملات الإعلامية التي ينظمها المتطرّفون، حيث أشار أحدهم إلى صورة تم تعميمها على نطاق واسع تظهر صورتين جنباً إلى جنب: إحداهما للمرشد العام السابق للإخوان محمد بديع الذي يقبع في السجن وهو يرتدي الزي الأحمر الخاص بالمحكومين بالإعدام، والأخرى لأحد قادة تنظيم الدولة الإسلامية وهو يتباهى بالدبابة التي استولى عليها. وقال أحد قادة الإخوان في المنفى: "الإسلاميون المعتدلون والراديكاليون يتقاتلون للاستحواذ على فئة الشباب نفسها".

بدا أن الإسلاميين الشباب الذين تمت مقابلتهم في ربيع العام 2015، والذين ينتسب بعضهم إلى جماعة الإخوان المسلمين، فيما البعض الآخر غير منتسب إليها، لايزالون غاضبين من قيادات الإخوان بعد عامين من الانقلاب وليسوا في مزاج للتخفيف من انتقاداتهم. ويبدو أن القادة الأكبر سنّاً قبلوا هذه الانتقادات الداخلية برضوخ، واتفقوا على منح الأعضاء الشباب مساحة زمنية كبيرة في المناقشات الداخلية وكذلك نصيباً أكبر من الأدوار القيادية. ويقال إن ربع أعضاء مكتب الإرشاد الجديد في مصر تحت سن الخامسة والأربعين، وهناك عضو واحد على الأقلّ تحت سن الثلاثين. استعراض أخطاء الماضي يصل إلى نتيجة مماثلة لتلك التي وصل إليها النقّاد

يتمثّل جوهر النقد الذاتي داخل جماعة الإخوان، الذي اقترحه الأعضاء الأصغر سناً، في أن القيادة فشلت في إدراك أن ماحدث في العام 2011 كان ثورة حقيقية في المجتمع المصري وفي التصرّف وفقاً لذلك. لم تعمل قيادات الإخوان بالتعاون مع من يرغبون في إحداث تغيير حقيقي، بل ختارت بدلاً من ذلك دخول الدولة المصرية من خلال انتخابات سريعة (تم الاتفاق عليها مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولّى زمام الأمور بعد مبارك) ثم حاولت ترتيب إصلاحات متواضعة، وهي الخطة التي فشلت فشلاً ذريعاً. وقال أحد الشباب الإسلاميين: "لقد فشلنا في البناء على القيم العميقة التي ظهرت أثناء الثورة. وبدلاً من أن نأخذ الوقت اللازم في المرحلة الانتقالية، اخترنا إيجاد حلول سياسية سطحية." وأضاف آخر: "كان الانتقال نحو الانتخابات بهذه السرعة يمثّل إشكالية، لأن أجزاء كثيرة من الثورة لم تكن ممثّلة في العملية السياسية". تحدث القادة الشباب بأسف عن المواطنين من أجزاء أخرى من الطيف الإيديولوجي الذين تُركوا في حال من الذل والهوان، عندما سارع الإخوان إلى جني مكافأة الانتخابات، ليصطدموا بالكيان الراسخ للدولة المصرية.

اتفق المتحاورون الكبار والصغار على أن الثورة كانت "غير إسلامية" و"غير إيديولوجية". وأشار أحد كبار أعضاء جماعة الإخوان بأسف إلى أنه "كان لدى الإخوان مشروع معّين لمدة قرن وحاولوا تنفيذه بعد العام 2011، ولم يدركوا أنه لم يعد مناسباً لدولة ثائرة". وقال عضو بارز في الجماعة إنها لم تكن قادرة على التكيّف بسرعة كافية، مع الحاجة إلى وجود "برامج واسعة تستند إلى القيم"، وهو الأمر الذي كان يتطلّب التخلّي عن عقيدة راسخة تقول إن الحركة مسؤولة عن "تحمّل العبء نيابة عن الأمة". ويستذكر قادة الإخوان قرارهم، عندما واجه مرسي تحدّيات علمانية صاخبة بصورة متزايدة، بتغيير موقفهم والتحالف مع السلفيين ضد القوى العلمانية في البرلمان الذي انتخب في أوائل العام 2012 باعتباره كارثة. إذ قال أحدهم: "لم يكن هذا ما أرادته الثورة". إذ كان من شأن مسار أكثر ثوريّة أن يأخذ على عاتقه القيام بعملية إعادة هيكلة جدّية للمؤسّسات القوية، على غرار إصلاح القطاع الأمني وكوادر الخدمة المدنية، بيد أن جماعة الإخوان اختارت استرضاء هذه المؤسسات.

بينما يبدي قادة الإخوان من كبار السن حساسية تجاه الإيحاء بأنهم خانوا ثورة العام 2011، يتفق الشباب والشيوخ على أن القرارات التي اتّخذتها القيادة للعمل مع الدولة كانت ساذجة. إذ قال أحد الشباب: "في زمن الثورة، نظرنا إلى الشرطة فقط كعدو، وليس إلى الدولة. الآن أصبح الجيش والشرطة والقضاء والبيروقراطية كلهم أشراراً". ويعزو وزير سابق في حكومة مرسي أخطاء قادة الإخوان إلى قلّة الخبرة في الحكم، قائلاً: "لم نكن أغبياء بل كنا مبتدئين".

وفقاً لما يقوله أحد القادة، يناقش أعضاء جماعة الإخوان داخل مصر وخارجها الآن، "لماذا قدمنا آلاف الشهداء والسجناء لمجرّد أن نكون جزءاً من دولة كانت تقوم على القمع، والقهر، والتخويل، والسعي إلى تحقيق مكاسب شخصية". وقال إسلامي شاب إن المشكلة الأساسية هي أن "الدولة تعتبر نفسها، وليس الشعب، مالكة البلاد".

الاستنتاج الذي يقول إن جماعة الإخوان لم تكن ثورية، يختلف تماماً عن الانتقادات الموجّهة إلى الجماعة من جانب العديد من النقاد الغربيين والمصريين الموالين للنظام، والتي تقول إن جماعة الإخزان تحرّكت بمنتهى العدوانية داخل الدولة، أو صنعت الكثير من الأعداء، أو فشلت في التواصل مع القوى الرئيسة المعارضة لها، أو أن أعضاءها كانوا ببساطة غير أكفاء في مناصبهم. غير أن لديها قدراً كبيراً من القواسم المشتركة مع انتقادات الناشطين الشباب العلمانيين المصريين الذين يتّهمون جماعة الإخوان بخيانة الثورة من خلال التحالف مع الجيش. قبلت جماعة الإخوان ضمنياً انتقاد حلفائها العلمانيين السابقين، حيث يتحدث الآن أعضاء جماعة الإخوان بلغة التعاون العابر للإيديولوجيا. غير أن هذا لايعني أنه سيتم قريباً ترميم الجسور. فلايزال هناك الكثير من الضغائن والأحقاد بين الناشطين الشباب العلمانيين وبين جماعة الإخوان. إذ يلقي الشباب العلماني باللائمة على جماعة الإخوان لأنهم أفسدوا فرصة مصر في إنجاز تحوّل ديمقراطي حقيقي، في حين تشعر جماعة الإخوان بالمرارة تجاه حلفائها العلمانيين السابقين الذين أيّدوا، في البداية على الأقلّ، انقلاب تموز/يوليو 2013، على الرغم من أن الكثير منهم انقلبوا بصورة حادّة ضدّ السيسي بعد القمع الدموي وبدء العمل بقانون منع التظاهر القاسي.

وبينما لاتزال جماعة الإخوان تتمتّع على الأرجح بدعم قاعدة كبيرة داخل مصر، فضلاً عن تعاطف كثير من الإسلاميين الآخرين معها، فقد تكون غير واقعية بشأن الاستعداد الحالي للجمهور الأوسع لإعطائها فرصة أخرى بعد فترة حكم مرسي الفاشلة والحملة القوية لشيطنة الإخوان في وسائل الإعلام الرسمية منذ ذلك الحين.14

هل تقوم جماعة الإخوان بثورة؟

في حين لايزال هناك أكثر من رأي داخل جماعة الإخوان، يبدو واضحاً أن الحركة تمرّ بمرحلة تحوّل، في ظل الضغوط الشديدة لفترة مابعد تموز/يوليو 2013. وهي تبتعد عن نهجها القديم في التغيير التدرّجي المتمهّل الذي يبدأ بالمجتمع باتجاه نهج تغيير ثوري يركّز على الدولة نفسها.

إذا كانت جماعة الإخوان الآن حركة ثورية على نحو خجول، فأي نوع من الثورة تسعى إليه؟ ذلك أن كلمة "ثورة" غامضة، وهي تعني على الأرجح أشياء مختلفة بالنسبة إلى الأشخاص المختلفين. وفقاً للبعض، قد تكون مجرّد نوع من تغيير النظام أكثر راديكالية من ذاك التي حدث في العام 2011، وربما تمتدّ إلى مجموعة أوسع بكثير من المسؤولين الذين يتولّون مسؤولية المؤسّسات الرئيسة في مصر. وبالنسبة إلى آخرين، لاتبدو المهمة ببساطة استبدال المسؤولين بل تغيير ثقافة الدولة القائمة، كما يرونها، على التحكّم والنفعية والفساد والهيمنة. ومن الممكن أن نسمع بين مؤيدي جماعة الإخوان من الشباب المزيد من المشاعر المتطرّفة لابشأن تغيير الهياكل السياسية وحسب، بل بشأن المجتمع والثقافة ككُل، مايجعلها أكثر عرضة إلى المساءلة وأقلّ هرميّة وسلطويّة.

ربما شهد أعضاء جماعة الإخوان العاديون طموحاتهم وهي تنمو، غير أن ثمّة شعوراً بالتصميم لايزال يسود الجماعة. ويعتبر النظام الحالي غير مستقرّ، حيث تؤدّي الإشاعات حول الصراع على السلطة والوقيعة بين كبار المسؤولين في مصر إلى انطباع بأن ثمّة اضطرابات أخرى مقبلة.

يبدو أن جماعة الإخوان لاترى نفسها باعتبارها مثيرة لتلك الاضطرابات، بقدر ماترى نفسها في المشاركة بتوجيهها عند حدوثها. ولا ينكر أعضاء الحركة أنهم ممقوتون من جانب شرائح في المجتمع المصري، لكن يبدو أنهم متفائلون بشأن احتمالات استعادة دور قيادي عندما يصبح الضغط من أجل التغيير لايقاوم. الرأي السائد هو أن هذه اللحظة لن تأتي في غضون أيام، لكنها لن تستغرق عقوداً أيضاً.

لكن، إذا كان مصطلح "الثورة" غامضاً، ويستوعب العديد من المعاني، وغير مقترن إلى الآن باستراتيجية مميّزة، فإنه ليس خاوياً وبلا معنى. والفكرة القائلة إن جماعة الإخوان يجب أن تلتزم بالقواعد التي وضعها النظام هي الآن موضع سخرية. بادئ ذي بدء، يمكن القول إن جماعة الإخوان الثورية ليست مهتمّة في خوض الانتخابات، وتأمين مقاعد متناثرة في البرلمان، أو قبول دور مناط بها بأن تكون حركة اجتماعية غير سياسية. فالنضال من أجل التغيير السريع هو الآن في قلب أجندة الحركة التي تحدثت سابقاً عن التدرّج والإصلاح؛ ولم يعد يسمع إصرار كبار السنّ على أنه إذا كان التغيير السياسي مستحيلاً، فإن في وسع الأعضاء التركيز على تطوير الشخصية. كانت جماعة الإخوان المسلمين من الجيل الماضي متكيّفة تماماً مع فكرة سلطة الدولة، لكنها كانت تنتقد كيفية استخدامها. كانت تودّ أن يظهر أهل السلطة قدراً أكبر من الاحترام للتوجيه الأخلاقي الذي يقدّمه الإسلام. المزاج العام في العام 2015 يتحرّك ببطء وحذر باتجاه جماعة تشكّك في الدولة والسلطة القائمة بأشكالها الحالية. مسألة العنف

هل تعني الثورة العنف؟ هنا تبدو جماعة الإخوان متّسقة مع مبادئها لكنها غير واضحة. الموقف الرسمي للحركة يتمثّل في أنها تمقت العنف. ولبعض الوقت، كانت اللازمة الشائعة أن المرتكب الحقيقي للعنف هو النظام الحالي، وأن من تعرّضوا إلى التعذيب أو شهدوا مقتل أصدقائهم أو اغتصاب قريباتهم سيردّون حتماً.

ولكن حتى هذا النهج المراوغ، والذي يزعم النقّاد أنه ضوء أصفر للأعضاء الذين يحتمل أن يكونوا عنيفين، أفسح الطريق منذ أوائل العام 2015 لدفق مستمر من الكلام الأكثر حدّة (إذا كان لايزال عامّاً) عن الجهاد والردّة والانتقام. فقد حذّر بيان لجماعة الإخوان صدر بعد وقت قصير من مقتل تسعة من أعضاء الجماعة في الأول من تموز/يوليو من أن مرحلة جديدة قد بدأت "لن يكون من الممكن فيها السيطرة على غضب المظلومين"، ودعت المصريين إلى "الثورة للدفاع عن وطنكم". 15 وبعد إعدام عدد من الإسلاميين من غير الإخوان في أيار/مايو، أصدرت الجماعة بياناً قالت فيه إن الكلمات ضد النظام لم تعد تكفي، وإنه" لاصوت يعلو فوق صوت الانتقام". 16 ودعا بيان نشر على موقع الإخوان في 30 كانون الثاني/يناير، وتم حذفه بعد بضعة أيام بعد أن أثار جدلاً كبيراً، "الثوار" إلى الاعتراف بأن مرحلة جديدة من "الجهاد الذي لاهوادة فيه" قد بدأت، والتي "نطلب فيها الشهادة". 17 لابل إن وسائل إعلام مقرّها في تركيا تابعة أو متعاطفة مع الإخوان، مثل قناتَي "مصر الآن" و"مكملين" التلفزيونيتين، عرضت بيانات أكثر تحريضاً، غالباً من أئمة إسلاميين ليسوا أعضاء في جماعة الإخوان، باتت تشكّل جزءاً من نمط من التصعيد الخطابي المتبادل بين الإخوان وبين نظام السيسي.18

مع ذلك، يعبّر العديد من قادة الإخوان والشباب في السرّ عن تناقض حول النتائج المحتملة لاستخدام العنف ضد الدولة. فقد قال أحد الشباب: "نحن نعلم أنه فخّ، وأن النظام يحاول إغراءنا للدخول في معركة لايمكننا أن نكسبها". وقال مثقف مقرّب من الحركة إن كبار قادة الإخوان قلقون من أن القيادة الشابة الجديدة قد تعتمد استراتيجية عدوانية من شأنها تقويض عقود من العمل بنت خلالها الحركة بعناية إيديولوجية الاعتدال وسمعته.

لكن وفقاً لأحد الشباب الإسلاميين، فإن الحديث عن اللاعنف "لامعنى له" ببساطة في بيئة من العنف المتطرّف الذي تمارسه الدولة. ويسخر الإسلاميون الشباب بصراحة من شعار الإخوان "سلميتنا أقوى من رصاصهم [الشرطة]"، والذي يقولون إنه كاذب بصورة واضحة. وليس من المرجّح أن يحاول قادة الإخوان منع أو معاقبة الدفق العفوي من الغضب - الذي يستهدف المباني والسيارات أو حتى ضباط الشرطة المتورّطين في انتهاكات - من جانب من وصفهم أحد القادة بأنهم "شباب لديهم طاقة للانتقام"، إن كانوا قادرين في الواقع على القيام بذلك.

هل يمثّل امتثال القيادة الواضح إلى الفكرة القائلة بأن العنف يحدث بالفعل، وإلى الموقف الجديد للثوار، عودةً إلى فكر سيد قطب؟ إلى حدّ ما، الأساليب الناشئة هي بالضبط عكس أساليب من يعرفون بأنهم "قطبيون" داخل جماعة الإخوان. ينظر إلى القطبييين بين أعضاء الحركة على أنهم هم من يسعون إلى بناء طليعة بتأنٍّ ومنهجية، وهي الطليعة التي تعمل قليلاً بمعزل عن المجتمع. وبينما يُستَذكر قطب خارج الحركة بسبب إدانته لجميع الأنظمة القائمة، وهي الإدانة التي أنتجت الحركات الراديكالية والعنف في جميع أنحاء المنطقة، يميل من اتّبعوا قطب، داخل جماعة الإخوان المصرية، إلى تفضيل شعور بالتسلسل الهرمي والانضباط الصارم يبدو ملحوظا حتى بمعايير الإخوان؛ حيث كانت نوعية الأعضاء لاعددهم مثار خلاف. وهكذا ظل القطبيون حذرين إلى حدّ ما عندما انشغلت جماعة الإخوان في السياسة، في مسعىً منها إلى كسب الأصوات والتأثير على الكثير من الناس. وقد قاوم بعض الأعضاء البارزين المعروفين بأنهم قطبيون داخل الحركة التطور الحالي لجماعة الإخوان، معتبرين أنه محفوف بالمخاطر أكثر مما ينبغي، وصدامي قبل الأوان، ومن المرجّح أن يثير موجة قمع أسوأ بدل أن يفضي إلى تغيير مثمر.

بدل تشكيل طليعة قطبية من النخبة، أو نموذجٍ مثل حماس التي شكّلت جناحاً عسكريّاً مميّزاً، يميل الاتجاه الحالي نحو بناء حركة لامركزية من المرجّح أن تشارك في المواجهات المحلية الانتهازية ومعارك الشوارع، وأحياناً تبنّي مستوى منخفض من العنف، وكحدّ أدنى اعتبار النظام واستفزازاته المحسوسة على أنها المصادر الحقيقية لسفك الدماء. ومع ذلك، يبدو أن تجربة مرسي الكارثية في الحكم وحملة القمع التي تلتها على هذه الحركة، نجحت في تغيير الآراء داخل حركة الإخوان بطريقة لم يفعلها قطب قطّ، والمتمثّلة بالإيمان بأنه لايمكن إصلاح الدولة المصرية من الداخل وأن المسار الوحيد هو القيام بثورة كاملة.

النتائج الأوسع نطاقاً

تشكّل عملية تجديد ولامركزية جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والتي تظهر للعيان تدريجياً، جزءاً من صورة إقليمية أوسع نطاقاً يضغط فيها السكان الشباب الساخطون على مؤسّسات الدولة التي فشلت في توفير فرص كافية للتعليم والعمل والتعبير في العديد من الدول العربية. وتعتبر مصر حالة مستفحلة بصورة خاصة، سواء من حيث عدد السكان ومن حيث مستوى القمع الذي يمارس ضد الكثير من الشباب في البلاد. ومن المرجح أن يحدث المزيد من موجات التغيير التي أعقبت صدمات العامين 2011 و2013، على الرغم من أنه لايزال من غير المعروف متى ستحدث تلك الموجات – سلمية، مسلحة، إسلامية، غير إيديولوجية - وماستكون عليه طبيعتها.

تضرّرت جماعة الإخوان نتيجة حملة القمع التي شُنّت عليها بعد العام 2013، غير أنها تمكّنت من النجاة. ويبدو الآن أنها مصمّمة على لعب دور عندما تسنح الفرصة للتغيير لاحقاً في مصر، لكنه دور مختلف عن الدور الذي لعبته في المرة السابقة. اعتباراً من العام 2015، بات ينظر إلى هذا الدور على نحو غامض باعتباره أكثر "ثورية"، حيث تلحّ الحركة على إجراء تغيير أعمق مما كان عليه الحال في الفترة 2011-2013. وربما تحدّد جماعة الإخوان في الوقت المناسب أهدافها الثورية بصورة أكثر وضوحاً، وهي العملية التي من المرجّح أن تتشكّل جزئياً من خلال ما إذا استمرت الجماعة في كونها معزولة ولديها عدد قليل من الجماعات الإسلامية الأخرى الحليفة، أو ما إذا أصبحت جزءاً من حوار معارضة أوسع يشمل الجماعات العلمانية وكذلك الإسلامية.

وباعتبارها واحدة من أقدم الجماعات الإسلامية في العالم وأكثرها تأثيراً، يتعيّن متابعة جماعة الإخوان عن كثب، في الوقت الذي تندفع فيه، ومعها مصر، نحو مستقبل مجهول ستكون تأثيرات تموّجاته الصادمة ملموسة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم الإسلامي.

هوامش

1 Patrick Kingsley, “Egyptian President ‘to Change Law to Allow Faster Executions,’” Guardian, June 30, 2015, www.theguardian.com/world/2015/jun/30/egyptian-president-al-sisi-change-law-faster-executions-death-penalty.

2 أنظر السرديّتين المتضاربتين في الرابطين: “Egyptian Security Forces Kill Nine ‘Armed Men’ in Cairo Suburb,” Al Arabiya, July 1, 2015, http://english.alarabiya.net/en/News/middle-east/2015/07/01/Egypt-security-forces-kill-nine-armed-men-in-Cairo-suburb-.html;

“Muslim Brotherhood Statement on Cold-Blooded Assassination of Its Leaders Wednesday,” Ikhwanweb, July 1, 2015, www.ikhwanweb.com/article.php?id=32199.

3 للمزيد من المعلومات حول الحركة السلفية في مصر، أنظر: Ashraf El-Sherif, “Egypt’s Salafists at a Crossroads,” Carnegie Endowment for International Peace, April 29, 2015, http://carnegieendowment.org/2015/04/29/egypt-s-salafists-at-crossroads/i7y8.

4 أنظر، من بين مراجع أخرى: عبد الرحمن يوسف، "إعادة تموضع الإخوان"، صدى، 4 حزيران/يونيو 2015، http://carnegieendowment.org/sada/2015/06/04/ar-60318/i9h0;

Michael Wahid Hanna, “Egypt’s Next Phase: Sustainable Instability,” Century Foundation, July 1, 2015, http://www.tcf.org/work/foreign_policy/detail/egypts-next-phase; وإريك تراغر ومارينا شلبي، "«الإخوان المسلمون» في مصر يجددون صفوفهم"، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 20 أيار/مايو 2015، http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/egypts-muslim-brotherhood-gets-a-facelift;

Mokhtar Awad and Nathan J. Brown, “Mutual Escalation in Egypt,” Monkey Cage (blog), Washington Post, February 9, 2015, www.washingtonpost.com/blogs/monkey-cage/wp/2015/02/09/mutual-escalation-in-egypt.

5 Carrie Rosefsky Wickham, The Muslim Brotherhood: Evolution of an Islamic Movement, (Princeton: Princeton University Press, 2013), 27.

6 للمزيد من التفاصيل حول القتل الجماعي في آب/أغسطس 2013، أنظر: هيومن رايتس ووتش، "حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، آب/أغسطس 2014، https://www.hrw.org/ar/report/2014/08/12/256580.

7 "معتم ومتعثر: المسار الديمقراطي في مصر 2014"، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 3 آذار/مارس 2015، http://anhri.net/?p=141588.

8 هيومن رايتس ووتش، " مصر - عام من الانتهاكات في ظل قيادة السيسي"، 8 حزيران/يونيو 2015، http://www.hrw.org/ar/news/2015/06/08/270193;

حول التعذيب، وحالات الوفاة قيد الاحتجاز، والاختفاءات، أنظر: “May 2015 Archive,” El Nadim Center for the Rehabilitation of Victims of Violence and Torture, https://drive.google.com/a/pomed.org/file/d/0B2-QqOchi4gFXzlxZ21NN0YxdlU/view?pli=1;

حول الاعتداءات الجنسية، أنظر: الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، " خنق المجتمع المدني المصري: تصعيد في العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الأمن في عهد السيسي"، 19 أيار/مايو 2015، www.fidh.org/International-Federation-for-Human-Rights/north-africa-middle-east/egypt/stifling-egyptian-civil-society-sexual-violence-by-security-forces.

9 Zack Gold, “Security in the Sinai: Present and Future,” International Center for Counter Terrorism–The Hague, March 2014, www.icct.nl/download/file/ICCT-Gold-Security-In-The-Sinai-March-2014.pdf.

10يمكن مشاهدة الفيديو الذي يتضمن تصريح البلتاجي على الرابط التالي: www.youtube.com/watch?v=rt3t0SBdLDE.

11 يمكن مشاهدة الفيديو الذي نشرته القوات المسلحة بشأن هجوم 1 تموز/يوليو 2015 على الرابط التالي: www.youtube.com/watch?v=Oip7bk8VR6Q.

12هيومن رايتس ووتش، "حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر".

13 أنظر، على سبيل المثال: Michael Wahid Hanna, “Blame Morsy: How to Wreck a Country in 369 Days,” Foreign Policy, July 8, 2013, http://foreignpolicy.com/2013/07/08/blame-morsy.

14 Jonathan S. Landay, “In Egypt, the Press Turns Yellow as It Takes on Opponents of Military Takeover,” McClatchy DC, August 30, 2013, www.mcclatchydc.com/news/nation-world/national/article24755116.html.

15 “Muslim Brotherhood Statement on the Cold-Blooded Assassination of Its Leaders Wednesday,” Ikhwanweb, July 1, 2015, www.ikhwanweb.com/article.php?id=32199.

16 “Muslim Brotherhood Statement on the Execution of Defendants in the ‘Arab Sharkas’ Case,” Ikhwanweb, May 18, 2015, www.ikhwanweb.com/article.php?id=32144.

17 Oren Kessler, “The Brotherhood Declares Jihad—in Arabic,” Foundation for the Defense of Democracies, January 30, 2015, www.defenddemocracy.org/media-hit/oren- kessler-the-brotherhood-declares-jihad-in-arabic/.

18 Awad and Brown, “Mutual Escalation in Egypt.”