حتى يعلم الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
حتى يعلم الإخوان القول الفصل
الإخوان المسلمون قسم نشر الدعوة 1954م

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه

أيها الإخوان الفضلاء:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ولعلكم في خير وعافية في دينكم ودنياكم ، قائمين بالحق لا يضركم من خالفكم حتى يأتي وعد الله .

وبعد:

فقد حملت إليكم الصحف بين الحين والحين أنباء متفرقة عن تفاصيل الأحداث الأخيرة التي مرت بها الجماعة ، وحرصًا منا علي إيضاح الحقائق وطمأنينة القلوب ، فنحن نضع تحت أنظار الإخوان تطورات هذه الأحداث ، ونلحقها بقرار لجنة العضوية مصحوبًا بالأسباب ، حتى يزداد المؤمنون إيمانًا مع إيمانهم ولا يرتاب أحد من الإخوان .

أولاً:موقف مكتب الإرشاد

فوجئ الإخوان بما حدث من شغب في المركز العام ، وما صدر من بيان خلال هذا الشغب يحمل توقيعات الأساتذة صالح عشماوي وأحمد عبد العزيز جلال ومحمد الغزالي والدكتور محمد سليمان .

زاعمين أنهم غضبوا لأربعة من الإخوان فصلهم المكتب دون تحقيق مخالفًا بذلك كما أرجفوا قانون الجماعة ومبادئ الإسلام . وهم يعلمون كما يعلم المفصولون أن المكتب اتخذ قراره هذا في حدود ما خوله القانون من اختصاص صريح في مادته السابعة .

كما يعلمون أن المكتب لم يلجأ إلي ذلك إلا بعد معاناة الدعوة لثلاث سنوات لأخطائهم التي كانت أداة تفرقة ومثار خلل في الصفوف ، وبعد أن فشلت جميع المحاولات التي اتخذها لإلزامهم نظم الجماعة وأوضاعها .

ومع كل ذلك فقد تحري المكتب صحة الأدلة دون أقل إخلال بواجب التبيين والتحقيق ، بل زاد أمر هؤلاء الأربعة رعاية واهتمامًا فتلقي بالقبول أول ظلامة وردت من أحدهم في اليوم التالي لقرار المكتب ووضعها موضع النظر ، وكذلك الظلامة الثانية .

ولم يكن ليأبي مثل هذه الرعاية سائر المفصولين لو تقدموا إليه متظلمين ، ولا تزال اللجنة المشكلة من الأساتذة : محمد فرغلي وعمر التلمساني ومحمد حامد أبو النصر توالي بحث هذه الظلامات بجانب عملها في تحقيق الأحداث الأخيرة وما أعقب من مسئوليات .

ورغم وضوح الخطأ وثبوت التبعة ، فقد رأي مكتب الإرشاد أن يطيل الحبل ويفسح الصدر ، فأوضح استعداده لأن يقبل هذه العثرة ، مكتفيًا بأن يصدر الموقعون علي البيان بيانًا آخر يدفعون فيه عن أنفسهم إثم الخروج علي آداب الإسلام ونظام الجماعة وما كاد الأخ الدكتور محمد سليمان يصدر بيانه في هذا الصدد حتى قبل عذره ، ولم يقدم للجنة العضوية اكتفاءً بهذا البيان .

كذلك لم يشأ مكتب الإرشاد أن يعامل الأستاذ أحمد عبد العزيز جلال كما عامل زميليه،لأنه وعد بإصدار بيان يوضح فيه موقفه .

وهكذا لم يستعمل المرشد العام حقه في إيقاف الخارجين علي أنظمة الجماعة إلا في أضيق نطاق،وهو الحق المخول له بمقتضي المادة 39 من القانون الأساسي ، ولم يستعمله إلا بعد الاستئناس برأي مكتب الإرشاد العام .

ولم يكن مناص من تحويل المخطئين،من أوقف منهم لإصراره ، ومن لم يوقف اعتمادًا علي إبداء رغبته في تصحيح موقفه وحملاً لأمره علي أحسن الوجوه إحالة هؤلاء جميعًا للجنة العضوية لتتولي تحقيق القضية .

ثانيًا:لجنة العضوية

ولجنة العضوية كما تعلمون المشكلة بمقتضي المادة 37 من القانون الأساسي ، والمختارة من بين أعضاء الهيئة التأسيسية وتنتخبها الهيئة كما تنتخب مكتب الإرشاد ، فهي لجنة مستقلة لا ولاية للمكتب عليها ، وهي المختصة بمحاكمة أعضاء الهيئة التأسيسية بمقتضي المادة 37 نفسها .

وقد أحال المكتب إليها الأمر مبينًا وجهة نظره،ومستعدًا لتقبل قضائها في هذا الأمر . ولكن الموقعين علي البيان رفضوا أن يتحاكموا إلي اللجنة ؛ زاعمين في بيان نشروه بالصحف أن مكتب الإرشاد الذي أحالهم إليها يعتبر طرف خصومة ، مدعين في مكابرة عجيبة أنه لا يملك الفصل في القضية علي هذا الوجه إلا الهيئة التأسيسية ، ولو أخذ إليها من المكتب ، وبذلك لا يملك المكتب أن يؤدي أمانته في إحالة ما يراه للتحقيق ، ولا تملك اللجنة أن تباشر اختصاصها في التحقيق علي نحو ما أشارت إليه في تقريرها الفياض وبعد أن استمعت إلي شهادة الشهود ومنهم الأستاذ عبد العزيز كامل والأستاذ الشيخ محمد فرغلي .

ولذلك مضت اللجنة في عملها فرأت أن التهمة بالنسبة لهؤلاء ثابتة ، والأدلة قائمة . وقد أصدرت حكمها بعد أن يسرت لهم كل أسباب الدفاع عن أنفسهم فأبوا إلا الرفض والإعراض ، وهو مرفق بهذا مع أسبابه وحيثياته ..

وقد شاء فضيلة المرشد العام ألا يستعمل حقه المقرر في القانون باعتماد هذا القرار إلا بعد الاستئناس برأي مكتب الإرشاد . وقد انعقد المكتب وحضر الجلسة جميع أعضائه ماعدا الأستاذ الشيخ عبد المعز عبد الستار لغيابه في الحجاز .

أما الحاضرون وعددهم اثنا عشر عضوًا فهم الإخوان الأساتذة:

  1. محمد خميس
  2. البهي الخولي
  3. محمد فرغلي
  4. محمد حامد أبو النصر
  5. أحمد شريت
  6. حسين كمال الدين
  7. كمال خليفة
  8. عبد الرحمن البنا
  9. عمر التلمساني
  10. عبد القادر عودة
  11. عبد العزيز عطيه
  12. عبد الحكيم عابدين

وقد قرئ عليه تقرير لجنة العضوية بإزالة صفة العضوية في الدعوة عن ثلاثتهم،وطلب فضيلة المرشد رأيهم اعتماده فوافقوا بالإجماع عليه،وعندئذ وقع فضيلته باعتماد القرار .

وقد بالغ المكتب في إعطائهم كل فرصة للدفاع عن أنفسهم فعرض فضيلة المرشد العام أن يعرض أي استئناف يقدم منهم علي الهيئة التأسيسية في اجتماعها القادم دون رجوع إلي المكتب ، وأبلغهم السكرتير العام ذلك مع قرار اللجنة المعتمد في مساء الأربعاء السابق لجلسة الهيئة التأسيسية ليوجه نظرهم إلي حقهم في الاستئناف أمامها .

ثالثًا:الاستئناف للهيئة التأسيسية

ثم كان أن عقد اجتماع الهيئة التأسيسية الذي كان مقررًا عقده منذ الجلسة الماضية لاستكمال بعض ما ورد في جدول أعمالها مما لم يتسع له الوقت .

ورأي هؤلاء الثلاثة أن يتقدموا للهيئة التأسيسية يطلبون عرض الأمر عليها،وهنا نسجل للإخوان الحقائق الآتية:

  1. أن مكتب الإرشاد قرر تفويض المرشد العام في تلقي الطلب الكتابي من هؤلاء المفصولين وعرضه علي الهيئة في اجتماعها علي وجه السرعة،دون الحاجة إلي نظر هذا الطلب أمام المكتب مجتمعًا في جلسة قانونية طبقاً للمادة 37 من القانون،تمكينًا لهؤلاء من تيسير إجراءات التقاضي،والانتفاع بكل الفرص التي أعطاهم إياها قانون الإخوان .
  2. ورغم أنهم لم يذكروا كلمة الاستئناف في طلبهم وإصرار بعض أعضاء الهيئة التأسيسية علي رفض الاستئناف شكلاً لتقديمه علي وجه خاطئ يتضمن المضي في الخروج علي أوضاع الجماعة ، فقد رأي المرشد العام أن تعتبر الهيئة هذا الطلب الكتابي استئنافاً قانونيًا وتنظر فيه .
  3. وهكذا أذن لهم بالحضور،ومكنتهم الهيئة أن يسردوا موقفهم ثلاث ساعات كاملة لم يجدوا خلالها أدني معارضة أو مقاطعة .
  4. بعد استيضاحات ومناقشات هادئة ظهر من روح الهيئة التأسيسية الإجماع علي إدانتهم وإن بدت رغبات محدودة في تمييز بعضهم عن بعض، وفي الرأفة ببعضهم مع وجوب العقوبة .. وأخيرًا أصدرت الهيئة قرارها بتأييد قرار لجنة العضوية بأغلبية 92 صوتًا ضد 23 كانت مخالفتهم منصبة علي نوع العقوبة .

أيها الأخوة الفضلاء:

هذه هي صحائف تلك الأحداث جلية واضحة ؛ لتتبينوا مدى الدقة والأمانة اللتين تحراهما فضيلة المرشد العام ومكتب الإرشاد في تطبيق قانوننا الأساسي،بل ما فوق الدقة من سماحة في بعض الأحيان،رغم ما أبداه هؤلاء من جنوح عن النظام أولاً وأخيرًا .

ونحن نختم هذا البيان بما صرح به فضيلة المرشد العام غداة نشر القرار وتعقيبًا علي رد هؤلاء عليه،حيث قال:

" إن الإخوان المسلمين كانوا ولازالوا صفاً واحدًا،ولا يستطيعون أن يعملوا إلا وهذا شأنهم .. وينبغي أن يأخذ كل أخ مسلم نفسه بهذا المعني ، ويروضها علي احترام أنظمة الجماعة ومقرراتها،فإذا خرج أي إنسان علي ذلك علمنا أنه لا يستطيع أن يلائم بين نفسه وبين هذه الأنظمة،واضطررنا إلي إقصائه عنا،داعين له بحسن التوفيق في خدمة الإسلام والمسلمين .
وهذا هو شأن إخواننا الذين أزيلت عنهم عضوية الجماعة،وفيما عدا هذا المعني الذي أسلفنا فليس لنا بهم شأن،لا تطعن علي إيمانهم ولا علي سلوكهم،والله يتولانا جميعًا بالمعونة والسداد " .
وإننا نرجو أن تحيطوا علمًا بهذه التفاصيل ، وأن تذيعوها مع قرار لجنة تحقيق العضوية بأسبابه علي كافة الإخوان؛تمكينًا لهم من فهم الحقائق،ووقاية من الاستماع إلي أقوال أو بيانات تخالف الحق وتند عن الصدق والأمانة .
كما نرجو أن يكتفي الإخوان من الموقف بالعلم بهذه الحقائق ، وألا يجعلوها فيما بينهم محل جدل أو نقاش .. وأن يجعلوا موقفهم وحديثهم عمن أعفتهم الهيئة من عضوية في حدود الأدب الكامل والسماحة الإسلامية التي تمثلت في تصريح المرشد العام . والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ... والسلام عليكم رحمة الله وبركاته " .
السكرتير العام عبد الحكيم عابدين
من مكتب الإرشاد إلي لجنة العضوية

بسم الله الرحمن الرحيم

" حضرة الأخ الكريم رئيس لجنة تحقيق العضوية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد:

تنفيذًا لقرار مكتب الإرشاد العام بتاريخ 22 ربيع الأول سنة 1373هـ والموافق 29 ديسمبر سنة 1953م، نحيل إليكم الأساتذة صالح عشماوي ومحمد الغزالي وأحمد عبد العزيز جلال ، للفصل في أمرهم، مع العلم بأن المكتب وقف الأول والثاني .
أما التهم التي من أجلها أحيلوا للجنة من وقف منهم ومن لم يوقف فهي:
أولاً: أنهم ظاهروا فكرة التمرد علي النظم والأوضاع بوقوفهم إلي جانب الشبان المتمردين علي المرشد العام ومكتب الإرشاد واعتصامهم معهم في دار المركز العام مساء يوم الجمعة بتاريخ 20 من ربيع الأول 1373هـ الموافق 27 ديسمبر 1953م .
ثانيًا: أنهم أكدوا وقوفهم أنصارًا لهذا التمرد بل زادوه اندفاعًا وأغروهم بالاسترسال إلي أسوأ الحدود؛ببيانهم الذي نشرته الصحف صباح السبت وما فيه من الإرجاف بالدعوة والافتراء علي قيادتها،بما زعموا من أن المرشد العام أعلن استقالته علي الملأ؛
وبما اصطنعوا لأنفسهم من حقوق ليست لهم في:
(أ) إلغاء قرار مكتب الإرشاد السابق صدوره بفصل أربعة من أعضاء الجماعة .
(ب) ادعاء وقف مكتب الإرشاد العام،مع أن هذا الحق لا تملكه أية سلطة في الدعوة،فضلاً عن أفراد من أعضاء الهيئة التأسيسية ليست لهم أية صفة في وقف عضو واحد في أية شعبة من شعب الإخوان .
ثالثًا: أنهم أسفروا عما في نفوسهم من أهواء ومآرب شخصية بما اجترأوا عليه من إعلان أنفسهم أوصياء علي الجماعة وقوَّما علي شئون الدعوة ، حيث لا أثارة من صفة تخولهم ما يدعون .
رابعًا: أنهم عمدوا إلي إذاعة السوء وإشاعة أنباء التفرقة بين الصفوف بما أقدموا عليه من نشر قراراتهم الواهمة في الصحف ، بل إن إصدار بيان بتوقيعهم هو الذي خلق كيانًا لهذه الهفوة التي وقع فيها شبان أبرياء ، إذ لولا نفر من كبار الإخوان بجانبهم لما تشجع المتمردون ، ولا عنيت الصحف بإصدار بيان لنفر أكثرهم من النشء المخدوعين .
خامسًا: أنهم أعطوا الفرصة لتبيين ما في نفوسهم لتوضيح موقفهم باستجواب بعضهم أمام مكتب الإرشاد ، فظهر إصرارهم علي ما صنعوا رغم إبراز المكتب لهم ما في تصرفاتهم من خطأ جسيم وخروج عن الدعوة .
سادسًا: أن الأستاذ صالح عشماوي لم يمثل أمام المكتب رغم تبليغه رغبة المكتب في سماع أقواله مساء يوم السبت ، وتبليغ كل مظان وجوده يوم الأحد لضرورة حضوره ، وأنه قد استبان موقفه من المعلومات التي أدلي بها الأستاذ محمد فرغلي عضو المكتب والأستاذ عبد العزيز كامل عضو الهيئة التأسيسية ، ويمكن سؤالهما عن تفاصيل ما يعلمان .
سابعًا: أن الأستاذ أحمد عبد العزيز جلال أبدي أمام المكتب استعداده للعودة إلي الحق،ووعد بإصدار بيان يقرر فيه التزامه بأوضاع الجماعة وثقته في المرشد والمكتب . ثم فوجئنا في صباح الأحد ببيان جديد اشترك في توقيعه يدل علي تمسكه وزملائه بموقفهم السابق إزاء الجماعة .
ثامنًا: أنهم مجتمعين قد اشتركوا في إصدار بيان نشر صباح الأحد بالصحف ادعوا فيه تكوين لجنة تحكيم بين الإخوان بفريقيهم كما يزعمون ، وأنهم في هذا البيان نفسه أكدوا تمسكهم بمضمون البيان الأول بقولهم:ومازلنا عند موقفنا في تحري الحق وإقرار العدل وإصلاح ذات البين . فضلاً عما في ذلك من إشعار الرأي العام بوجود خصومة ضخمة في موقف لا يعدو أن يكون قيامًا من الجماعة بواجبها في مؤاخذة بعض المخطئين من أعضائها .
تاسعًا: أنهم أصدورا بيانًا نشرته الصحف صباح الاثنين 23 ربيع الأول 1373هـ الموافق 30 ديسمبر 1953م ضمنوه كثيرًا من الانحراف عن الحق والمغالطات التي تزيد في توضيح اعتدائهم علي مكتب الإرشاد ، وهو السلطة الشرعية في الدعوة،
من مثل قولهم:ويعلم الله لولا مواجهتنا الإخوان الذين لجئوا للمركز العام بعد أن تخلي عن هذه المواجهة أعضاء مكتب الإرشاد في حين أنهم يعلمون أن الأمر دبر خلسة من مكتب الإرشاد وفي ليلة عطلة الدار، وأنهم وحدهم هم الذين علموا من قبل أو من بعد بأمر هذا التجمع، وكانوا وحجهم موضع الرضا من هؤلاء الشبان ، كما يعلمون أنه ما من عضو من أعضاء المكتب وصله النبأ إلا وحضر علي الفور وحاول علاج الموقف ولكنه لم يستطع لأسباب يعلمها الشبان المجتمعون وهؤلاء المتظاهرون أو المدبرون ، بل بلغ الأمر بهؤلاء الشبان أن منعوا السكرتير العام من البقاء معهم ، ورفضوا الاستماع إلي الأستاذ عبد القادر عودة رغم الجهد الذي بذله لإبلاغهم كلمة الحق .بينما كانت كلمات أصحاب هذا البيان تقابل بالارتياح كأنهم لها في انتظار أو كأنهم معهم علي اتفاق .
عاشرًا: أنهم بهذا البيان الأخير أكدوا بكل مظاهر التأكيد إصرارهم علي موقف الخروج الذي اختاروه لأنفسهم رغم بذل النصح لهم ، وضرب المثل الذي ضربه لهم زميلهم الدكتور محمد سليمان برجوعه إلي الحق وعدوله عن موقفه .
حادي عشر: أن الموقعين علي البيان كانوا المستشارين الحقيقيين للشباب المعتصمين، وأن الأستاذين صالح عشماوي وسيد سابق كانا في خلوة معهم طوال الوقت ، وكانوا يستمدونهما الرأي في كل خطوة كما يشهد بذلك الأخ محمد هارون المجددي . فإذا أضيف إلي ذلك أن الشبان رفضوا إدخال العقلاء من الإخوان إلي الدار بعد وقت قضاه الحراس في الاستئذان من الداخل ، أمكن القول بأن رفض دخول العقلاء كالأستاذ سيد قطب كان ثمرة الاستشارة التي يتلقاها الشبان من الأستاذ صالح وزملائه .
ثاني عشر: أن الأستاذ صالح عشماوي كان عقبة في سبيل المسعى الرشيد الذي قام به الأخ عبد العزيز كامل لإخلاء الدار من هؤلاء الشبان،وذلك لإصرار الحاج صالح شخصيًا علي ضرورة البقاء في الدار والمبيت فيها حتى رغم خروج الثائرين أنفسهم . وإن تمسكه علنًا بالبقاء وطول مجادلته في ذلك للأستاذ عبد العزيز كامل أمام بعض الشبان كان دليلاً قاطعًا علي أن فكرة الاعتصام بالدار وليدة رسمه أو علي الأقل موضع ارتياحه وتأييده .
ويكفي أن تعلموا أن الأستاذ صالح عشماوي بقي بالدار بعد خلوها من الجميع متشبثًا ألا يغادرها ، وأن أقصي ما أمكن الوصول إليه مع صالح هو أن يغادرها بعد الأخ عبد العزيز كامل بنحو ساعة ريثما تعود سيارته من توصيل الأخ عبد العزيز كامل لمنزل المرشد العام . ومن البداهة بمكان أو مبيت الأستاذ صالح عشماوي بالدار لا يثير شيئًا من الاهتمام ولكن له دلالته علي مظاهرته لفكرة الاعتصام بالدار .
ثالث عشر: أن الأستاذ عبد القادر عودة طلب من الأستاذ صالح عشماوي الحضور إلي منزل المرشد العام فأبي الاستجابة له ، وكذلك رغب إليه الأستاذ عمر التلمساني في هذا لم يسمع لرجائه .
رابع عشر: أن الأستاذ صالح عشماوي وزملاءه لا يزالون مع المفصولين علي صلة خاصة لا يمكن تفسيرها مع هذه الملابسات إلا بأنها مشاركة لهم في التآمر الذي ظهرت ثمرته مساء الجمعة ، وقد ثبتت هذه الصلة من رؤية الأستاذ عبد العزيز كامل للأستاذين صالح عشماوي وسيد سابق في خلوة مع الأستاذ عبد الرحمن السندي بدار الكتاب العربي يوم السبت ومن اعتراف الأستاذ أحمد جلال أمام المكتب .
خامس عشر: أن مجلة الأستاذ صالح عشماوي المسماة "مجلة الدعوة" نشرت بجوار مقالة رئيس التحرير خبرًا مكذوبًا زعم فيه استقالة الأخوين عبد العزيز كامل ومحمد سليمان بقصد بلبلة الخواطر ، والإبهام بأن الإخوان لازالوا علي خلاف مع القيادة ومكتب الإرشاد .
سادس عشر: أن مقاله الافتتاحي في نفس المجلة وتصوير المجلة للحادث ينطوي علي أكذب المغالطات والمهاجمة لقيادة الإخوان ومكتب الإرشاد،ويعتبر إصرارًا علي التمادي في موقف النكث والخروج .

يا حضرات أعضاء اللجنة:

(أ) ومن جملة الاتهامات يري مكتب الإرشاد العام أن أصحاب البيان الثلاثة ، قد عرضوا أنفسهم لزوال صفة عضوية الهيئة التأسيسية عنهم وفقاً للمادة 39 من قانون النظام الأساسي لهيئة الإخوان المسلمين؛لفقدانهم أحد الشروط التي تؤهلهم للعضوية والمنصوص عليها في البند " د " من المادة 36 من هذا القانون؛إذ أن ما صنعوه لا يتفق بحال من الأحوال مع الصفات الخلقية والعملية التي تؤهل الرجل لعضوية الهيئة التأسيسية .
(ب) أنهم فقدوا بهذه التصرفات أهلية العضوية العادية في جماعة الإخوان المسلمين والمنصوص عليها في المادة " 4 " من القانون وفيها اشتراط أن يتعهد العضو باحترام نظام الدعوة . ولا ريب أن ما اجترحوه ليس من احترام الدعوة ولا النهوض بواجبات عضويتها وتحقيق أغراضها في قليل أو كثير .
(ج) أنهم حنثوا باليمين التي يعطيها العضو العادي في أي شعبة والموضحة بالفقرة الثانية من المادة " 4 " من هذا القانون،وفيها القيام بشرط عضويتها والثقة التامة بقيادتها،والسمع والطاعة في المنشط والمكره.ومن البداهة بمكان أن ما اقترف الموقعون علي البيان من تصرفات بمنأى عن رعاية هذا القسم الغليظ.

يا حضرات أعضاء اللجنة:

هذه هي الوقائع التي تدين أصحاب البيانات الطائشة والتي تستوجب بأدلتها المعروضة تطبيق المادة " 39 " بزوال صفة عضوية الهيئة التأسيسية والمادة " 4 " بزوال صفة العضوية العادية كما حددتها النصوص القانونية أما الأضرار البليغة التي ترتبت علي تصرفات هؤلاء الإخوان،والبلبلة التي شاركوا في إيجادها في الصفوف،والفجيعة التي كانوا من أكبر عوامل سوقها إلي نفوس المسلمين في أنحاء العالم ..
بما أهموا من انشقاق الجماعة،فذلك أمر من الخطورة وجسامة الخطأ والتبعة بحيث يلمسها كل أخ مسلم أكثر مما تحدده النصوص القانونية.والمكتب يرجو أن تسرع اللجنة في اتخاذ إجراءات المحاكمة في أقرب وقت ممكن،حسمًا للموقف وإنقاذًا للدعوة من كثرة التخرصات والأقاويل .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السكرتير العام

المرشد العام

تحريرًا في 24/3/1373هـ 31/12/1953م

التقرير التفصيلي للجنة تحقيق العضوية

في قضية الأساتذة صالح عشماوي والشيخ محمد الغزالي وأحمد عبد العزيز جلال

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . اللهم ألهمنا الصواب ، وجنبنا مزالق القول ونوازع الهوى.

16 اتهامًا:

في يوم الأربعاء 25 من شهر ربيع الأول 1373هـ الموافق 2 من ديسمبر 1953م أحال إلينا مكتب الإرشاد العام تقرير اتهام موجه إلي الإخوان الأساتذة صالح عشماوي ومحمد الغزالي وأحمد عبد العزيز جلال للفصل في أمرهم،باعتبارهم موضع اختصاص اللجنة لأنهم أعضاء في الهيئة التأسيسية .
وفي أول جلسة عقدتها اللجنة في مساء اليوم المذكور،تقدم الأخ الأستاذ عبد العزيز كامل رئيس اللجنة برغبته إلينا في التنحي عنها خلال فترة نظر هذه القضية لأنه شاهد فيها،فأقرت اللجنة رغبته وانتخبت الأخ الأستاذ محمود عبد الحليم رئيسًا لها خلال هذه الفترة .
وبعد أن قرأت قائمة الاتهام وهي تتضمن ستة عشر اتهامًا،رأت استدعاء بعض من وردت أسماؤهم في التقرير مكتوب بشهادته ثم الأستاذ محمد فرغلي فالأستاذ هارون المجددى اللذين أدليا بشهادتيهما .
ثم استدعت اللجنة الأخ الأستاذ نجيب جويفل واستمعت إلي شهادته في واقعة معينة ورد ذكر اسمه فيها في شهادة الأستاذ محمد فرغلي .

8 جلسات:

وقد استغرقت شهادة هؤلاء ومناقشتهم ثماني جلسات عقدتها اللجنة بحجرة نائبة في دار المكتب الإداري للقاهرة ، وأخذت من الزمن أربعًا وثلاثين ساعة.
وبعد أن رأت اللجنة الاكتفاء بهذه الشهادات قرر دعوة الإخوان الموجه إليهم الاتهام لنستمع إلي ما لديهم من دفاع،فكتب إلي كل منهم خطابًا تدعوه فيه إلي المثول أمامها للاستماع إلي ما عنده،وحددت اليوم والساعة .. وحرصًا من اللجنة علي الاطمئنان إلي وصول الدعوة إليهم كلف الأخ محمد هاشم الموظف بالمركز العام بتوصيلها بنفسه إلي مظان وجودهم ..
وفي اليوم المحدد لم يحضر منهم إلا الأخ الأستاذ أحمد عبد العزيز جلال الذي طلب أولاً الاستماع إلي نص قرار الاتهام فقرئ عليه فكان رده هو هذه الكلمات بنصها:" أولاً هذا البيان مليان أكاذيب " ثم أخرج من حقيبته خطابًا موقعًا منه ومن زميليه الأستاذين محمد الغزالي وصالح عشماوي هذا نصه:حضرة الأخ الكريم الأستاذ سعد الدين الوليلي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد وصلنا خطابكم للحضور أمام لجنة تحقيق العضوية مساء اليوم (الأحد) للتحقيق في شأن ما ورد خاصًا بكم في تقرير مكتب الإرشاد العام ... إلخ .
ونحب أن نؤكد لكم أن لجنة العضوية لا تملك الصلاحية للتحقيق معنا فيما ورد في تقرير مكتب الإرشاد العام،لأن موضوع التحقيق هو خلاف بيننا وبين أعضاء مكتب الإرشاد العام .
ولجنة العضوية ليس من حقها ولا زلا من سلطتها التحقيق مع أعضاء المكتب وهم أحد طرفي الخلاف ولذلك يجب أن يرد الأمر كله إلي الهيئة التأسيسية نفسها،وستنعقد في يوم الخميس القادم،فهي اللجنة المختصة لمحاسبة المكتب ومحاسبتنا أيضًا.ويمكن عرض الخلاف عليها لتفصل فيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

توقيعـات:

  1. أحمد عبد العزيز جلال
  2. محمد الغزالي
  3. صالح عشماوي

حرص اللجنة علي مصلحة المدعي عليهم

فشرعت اللجنة في مناقشته في هذا المبدأ الخطير علي نحو يلمس المطلع علي محضر تسجيله مقدار حرص اللجنة علي مصلحة هؤلاء الإخوان المدعي عليهم.غير أن ساعتين كاملتين لم تزحزحاه قرره خطابهم من سابقة خطيرة .

وإمعانًا من اللجنة في الحرص علي مصلحة المدعي عليهم، قررت أن تتيح لهم فرصة أخري بتوجيه الدعوة إليهم للحضور ثانية في اليوم التالي،وأشارت في كتاب الدعوة إلي ملخص المناقشة التي جرت بين اللجنة وبين الأستاذ أحمد عبد العزيز جلال ، وأكدت فيه أن اللجنة هي وحدها موضع الاختصاص ، وأنها مستقلة تمامًا عن مكتب الإرشاد ، وأن المكتب لا سلطان له عليها ، وأن لا مرجع لها إلا ضمائرها .. ثم حددت لهم الموعد باليوم والساعة كما حددت المكان .

وكلفت الأخ محمد هاشم بتوصيل هذه الخطابات فسلمها إليهم بنفسه . وانعقدت اللجنة قبل الموعد المحدد بنصف ساعة وظلت منعقدة حتى الساعة العاشرة دون أن يحضر منهم أحد ودون أن يصل منهم اعتذار .

هذا هو القانون الأساسي للإخوان:

وقبل أن نبدأ في النظر في وقائع القضية نري أن نناقش أولاً المبدأ الذي بني عليه المدعي عليهم اعتراضهم علي صلاحية اللجنة للتحقيق معهم فيما ورد في تقرير مكتب الإرشاد .

ومرجعنا بطبيعة الحال هو قانون النظام الأساسي لهيئة الإخوان المسلمين فنثبت منه هنا المواد الآتية:

مادة 36: لهذه الهيئة (الهيئة التأسيسية) أن تقرر في أي اجتماع،أو بناءٌ علي ترشيحات اللجنة المنصوص عليها في المادة التالية منح بعض الإخوان حق العضوية للهيئة التأسيسية بشرط أن تتوفر فيمن يراد منحه إياها هذه الشروط (وذكرت الشروط) .
مادة 37: تنتخب الهيئة التأسيسية من أعضائها (ومن غير الأعضاء المنتخبين لمكتب الإرشاد) لجنة من سبعة أعضاء،ويفضل غير القاهريين وذوو الإلمام والصلات بالفقه الإسلامي والإجراءات القانونية.(مهمتها تحقيق ما يحال عليها من المرشد العام أو مكتب الإرشاد أو الهيئة نفسها خاصًا بما يمس الأعضاء في سلوكهم أو الثقة بهم أو أمر آخر . ولهذه اللجنة أن توقع ما تشاء من الجزاءات حتى الإعفاء من العضوية علي أن تعتمد ذلك من المرشد العام) .
وعند اختيار هؤلاء الأعضاء يقسمون أمام الهيئة "بالله علي أن يؤدوا ما عليهم بالذمة والصدق والأمانة".وتختار اللجنة رئيسها وسكرتيرها بين أعضائها عقب اختيارها مباشرة،وتدون قراراتها ومحاضرها في سجل هاص بها ويكون اجتماعها صحيحًا بحضور خمسة من أعضائها متى كان فيهم الرئيس وتكون قراراتها صحيحة إذا صدرت عن الأغلبية المطلقة للمجتمعين ويتجدد اختيارها مع اختيار المكتب .
ولا مانع من اختيارها كلها أو بعضها لأكثر من مرة.وتجتمع بدعوة من رئيسها وللعضو الذي يتقرر فصله أن يستأنف هذا القرار بطلب كتابي يرفع إلي مكتب الإرشاد العام ليعرض علي الهيئة التأسيسية في أول اجتماع لها،ورأيها فيه حاسم .
مادة 38: إذا قصر واحد من أعضاء الهيئة التأسيسية في الواجبات الملقاة عليه نصحه المرشد العام . فإذا تكرر التقصير أحاله علي اللجنة المنوه عنها في المادة السابقة ، إلا إذا كان عضوًا بالمكتب فيتخذ في شأنه ما نص عليه في المادة 25 .

وهذه المواد تتضمن القواعد الآتية:

أولاً: أن الهيئة التأسيسية وهي السلطة العليا في الجماعة فوضت هذه اللجنة في مباشرة حق التحقيق مع أعضائها فيما ينسب إليهم ، وناطق بها الاضطلاع بأعباء هذه الناحية من سلطتها ، ومنحتها الصلاحية له ولإصدار قرار بالعقوبة حتى الفصل من العضوية .
ثانيًا: حصرت الهيئة الشروط التي متى توفرت مجتمعة قبل عضو من أعضائها كان للجنة الصلاحية في مباشرة حق التحقيق معه وتوقيع الجزاءات عليه في شرطين لا ثالث لهما وهما:
  1. أن يكون الأخ المنسوب إليه الاتهام عضوًا في الهيئة التأسيسية .
  2. أن يحال هذا الاتهام إلي اللجنة من المرشد العام أو مكتب الإرشاد أو من الهيئة نفسها .
ثالثًا: لم تستثن المادة (38) أحدًا من أعضاء الهيئة التأسيسية الذين توفر قبلهم الشرطان السابقان من وجوب المثول أمام اللجنة لمباشرة حقها معه إلا أعضاء مكتب الإرشاد ماداموا متمتعين بهذه الصفة،أما إذا زالت عنهم هذه الصفة سواء أكان ذلك بعد تجديد انتخابهم أو بقرار من المكتب نفسه علي الصورة التي وضحتها المادة (25) فمردهم كذلك إلي اللجنة .
رابعًا: أن الهيئة التأسيسية حين جعلت للجنة مهتمين أولاهما تختص بإدخال أعضاء في الهيئة (المادة 36) والأخرى تختص بالتحقيق مع أعضائها وتقرير العقوبات عليهم (المادة 37) قيدت اختصاص اللجنة في الإدخال بقصره علي مجرد الترشيح ، في حين أنها في المهمة الأخرى وهي التحقيق والعقوبة حتى الفصل من العقوبة أطلقت للجنة الحق في ذلك وجعلت قرارها نهائيًا بعد اعتماده من المرشد العام ، ولم تجعل لنفسها الحق في إعادة النظر في القرار بعد صدوره وإعلان العضو به إلا في حالة واحدة هي أن يكون القرار فصلاً من العضوية وتقدم العضو المفصول بطلب كتابي فيه إلي مكتب الإرشاد عرض طلبه باستئناف القرار علي الهيئة التأسيسية في أول اجتماع لها ورأيها فيه حاسم .
رخامسًا: تقديرًا من الهيئة لخطورة السلطة المخولة لهذه اللجنة أحاطتها بشروط وضمانات بينتها المادة (37) في الصفات الواجب توافرها في عضوها وفي تحديد أغلبية خاصة لجلساتها وفي القسم الذي يؤديه أعضاؤها أمام الهيئة عند اختيارهم وفي اعتماد قراراتها من المرشد العام .
سادسًا: ليس لمكتب الإرشاد العام سلطة من قريب ولا من بعيد علي هذه اللجنة فقد اشترطت المادة (37) أن يكون أعضاؤها من غير المنتخبين للمكتب . كما أن المادة نفسها جعلت انتخابها من حق الهيئة التأسيسية نفسها التي تنتخب المكتب وبذلك قسمت الهيئة سلطتها بين لجنتين ، فعهدت بسلطتها التنفيذية إلي المكتب وعهدت بسلطاتها القضائية إلي لجنة العضوية .
ويتضح ذلك جليًا فيما يقرره القانون من أي قرار يمس كيان الجماعة يصدر من أية إدارة من إدارات الدعوة لا يكتسب صفته إلا إذا اعتمده مكتب الإرشاد،ماعدا قرارات هذه اللجنة فإنها تكتسب صفتها الشرعية دون عرضها علي المكتب أو اعتمادها منه .

من الناحية الشكلية:

وعلي ضوء هذه القواعد المستقاة من قانون الجماعة نحب أن نناقش موقف هؤلاء الأعضاء الثلاثة من اللجنة من ناحية الشكل علي الوجه الآتي:

(أ) صفاتهم:
أولاً: أعضاء في الهيئة التأسيسية .
ثانيًا: ليسوا أعضاء مكتب الإرشاد العام .
(ب) شكل اللجنة:
أولاً:أخطرت اللجنة أحد أعضائها وهو الشيخ محمد الغزالي أحد المدعي عليهم بخطاب مسجل بأن قرار وقفه قد نحاه عن عضوية اللجنة حتى يفصل في أمره .
ثانيًا:التقي قرارها برغبة رئيسها الأستاذ عبد العزيز كامل في تنحيته عن رياسة اللجنة وعضويتهاخلال نظرها هذه القضية لاعتباره شاهدًا فيها .
ثالثاً:انتخبت الأستاذ محمود عبد الحليم رئيسًا لها خلال نظر هذه القضية .
رابعًا:أخطرت بذلك فضيلة المرشد العام .
خامسًا:حافظت طوال جلساتها علي العدد القانوني لأعضائها فكانوا خمسة دائمًا منهم الرئيس .
(جـ) الإجراءات:
أولاً: أحال مكتب الإرشاد العام إلي اللجنة تقرير اتهام ضد هؤلاء الأعضاء الثلاثة.
ثانيًا: سمعت اللجنة شهادة من وردت أسماؤهم في قرار الاتهام وبعض من ورد ذكرهم في شهادة هؤلاء الشهود واستجوبتهم وناقشتهم.
ثالثاً: حددت اللجنة الموعد والمكان لحضور هؤلاء الأعضاء المدعي عليهم أمامها وأخطرتهم بذلك.ولما تخلفوا أتاحت لهم فرصة أخري بالكتابة إليهم كذلك .
رابعًا: لم يرد المدعي عليهم أعضاء اللجنة كلهم أو بعضهم لمأخذ عليهم .
ومن ذلك يري الناظر بعين القانون المجرد عن الهوى أن جميع الشروط والضمانات والإجراءات التي تضمنها قانون النظام الأساسي للجماعة لإلزام هؤلاء الأعضاء الثلاثة بالمثول أمام اللجنة لإجراء التحقيق معهم قد توفرت كاملة .
وكان يجب علي هؤلاء الأعضاء الدين لم يعتذروا عن الحضور بعذر شرعي أن يحضروا في الموعد والمكان المحددين لهم لدفع التهم الموجهة إليهم بما عسي أن يكون لديهم من أدلة .

أوضحنا لهم كل الحقائق:

وبالاطلاع علي محضر تحقيق مع الأستاذ أحمد عبد العزيز جلال،وعلي كتاب الدعوة الذي وجهته إلي الأعضاء الثلاثة المدعي عليهم للحضور في المرة الأخيرة،يتبين أن اللجنة لم تدخر وسعًا في تجلية حقائق القانون لهم،وفي مجاراتهم إلي أبعد الحدود في سبيل إدخال الطمأنينة إلي نفوسهم حتى يفيئوا إلي الحق ويستجيبوا لصوت القانون.
والإنسان بطبيعته إذا وجه إليه اتهام،وعلق سمعته شيء تواق إذا كان لديه دليل براءته أن يتلقف أول من يقابله،ويتلمس من يسأله ليفضي إليه بأدلة براءته،ليدحض هذا الاتهام،ويخلص سمعته مما علق بها،لاسيما إذا علم أن إفضاؤه بذلك لأول سائل لن يمنعه من الإفضاء لغيره .

القانون يبطل الادعاء:

والواقع أن الاحتجاج بوجود خلاف بين عضو الهيئة المدعي عليه وبين أعضاء المكتب يعد باطلاً.لأن من السهل علي كل عضو محال إلي اللجنة يدعي هذا الخلاف ليفلت من المثول أمام اللجنة .
خصوصًا إذا علم أن أكثر الحالات تحول إلي اللجنة عن هذا الطريق وهو المكتب وبذلك يكون مثار الخلاف ممكنًا وجوده بطبيعة الإجراءات ويمكن إثارة هذا الاحتجاج نفسه بنفس الصورة إذا ما كان التحويل إلي اللجنة عن طريق المرشد العام .. وبذلك يبطل عمل اللجنة ، ويبطل بالتالي ما قصد إليه القانون من إيراده إحدى مواده وهي المادة (37) .
والتحايل علي إبطال إحدى مواد قانون مقرر يعتبر باطلاً . وإذا فرضنا جدلاً أن الذي يمنعهم من الوقوف أمام اللجنة أن بينهم وبين أعضاء المكتب خلافاً كما ادعوا في كتابهم ، فهل هذا يمنعهم لو كانوا جادين أن يبرئوا أنفسهم أولاً أمام اللجنة مما هو منسوب إليهم ثم يرفعوا شكواهم بعد ذلك ضد أعضاء المكتب إلي الجهة التي يرونها موضع اختصاص ؟ كما أننا لو أخذنا بنظرية المدعي عليهم وقام خلاف بين عضوين أحدهما عضو في الهيئة التأسيسية والآخر ليس عضوًا فيها
إذن لما وجد المختلفان لجنة تحقيق يحتكمان إليها .. وبذلك تضيع الحقوق وتتبدد دون مراجع . وبعد أن يئست :اللجنة من حضورهم أو إذعانهم إلي القانون بعد أن أعذرت إلي الله وإليهم،ورأت أن من حقها أن تسير في القضية ، وأن تحاكمهم غيابيًا مكتفية بما تضمه محاضر تحقيقاتها .

وهنا ننتقل إلي الموضوع فنري ما يأتي:

أولاً : كانوا مع المعتصمين ولم يستنكروا عملهم.

في أول بيان أصدروه بتوقيعاتهم ونشروه في الصحف الصادرة يوم 28 نوفمبر 1953 ثبت أن المدعي عليهم الثلاثة كانوا مع المعتصمين بدار المركز العام يوم الجمعة الموافق 20 من شهر ربيع الأول 1373 الموافق 27 نوفمبر 1953،وأنهم لم يواجهوا تصرفات هؤلاء المعتصمين بالاستنكار،مع أنهم كانوا منهم موضع الرضا والقيادة؛
وكان ينبغي لمثلهم ممن يحسن النية والتصرف وقد حازوا هذا المكانة في نفوس هؤلاء الشبان أن يطمئنوهم إلي أنهم سيقومون عنهم بالتفاهم مع فضيلة المرشد أو مع مكتب الإرشاد،ويطلبوا إليهم الانصراف،فإذا أبوا كان عليهم هم أن ينصرفوا وما كان يضيرهم شيئًا في الدعوة ولا في أنفسهم أن يفعلوا ذلك لو كانوا حسنى النية والتصرف ..
أما في الدعوة فما كان في طوق هؤلاء الشبان المعتصمين أن يفعلوا أسوأ مما فعلوا،وأما في أنفسهم فقد وقف كثير من أعضاء المكتب والهيئة التأسيسية من هذا الشباب الموقف الذي أشرنا إليه وما ضارهم في أنفسهم شيء أمثال الإخوان الأساتذة عمر التلمساني وعبد القادر عودة وعبد الحكيم عابدين وعمر الأميري والشيخ محمد فرغلي وعبد العزيز كامل .
والأخير لم يكتف بالموقف السلبي بل ظل معهم طيلة الليل يحاول إخراجهم من المركز العام.وفي هذا تفنيد لادعاء الشيخ محمد الغزالي والأستاذ أحمد عبد العزيز جلال حين ادعيا للأستاذ عبد العزيز كامل بعد أن وقعا بيانهم الذي نشر بالصحف يوم 28 نوفمبر أنهما إنما فعلا ذلك تهدئة للثائرين وتخليصًا للدعوة من هذا المأزق .

ثانيًا:هذه بياناتهم تحكم عليهم:

أصدر المدعي عليهم بيانًا موقعًا منهم نشروه بالصحف الصادرة يوم 28 نوفمبر 1953 ضمنوه النقاط الآتية:
  1. ادعاءهم أن الأستاذ المرشد العام أعلن استقالته علي الملأ .
  2. إلغاءهم قرار مكتب الإرشاد العام بفصل الأربعة المفصولين،واعتبارهم إياهم موقوفين فقط حتى تحدد موقفهم لجنة خاصة تعرض تقريرها علي الهيئة التأسيسية .
  3. إصدار قرارًَا من ثلاثتهم مع الرابع بوقف مكتب الإرشاد العام حتى تبت الهيئة في مصيره .
  4. اعتبارهم أنفسهم هيئة تقوم بتصريف شئون الدعوة وإدارة المركز العام لحين اجتماع الهيئة التأسيسية .
وبتحقيق النقطة الأولي ثبت أن الأستاذ المرشد لم يستقل،فالمكتب وهو الجهة المختصة نفي ذلك،والمدعي عليهم لم يقدموا دليلاً مادياً ولا معنويًا علي ادعائهم وتبين بذلك أنهم ارتكبوا خطأين:الأول الكذب والافتراء والآخر إشاعة الذعر والارتباك في صفوف الإخوان بنشر هذا الكذب في الصحف .
وبتحقيق النقطة الثانية تبين أن مكتب الإرشاد لم يلغ قرار الفصل الذي أصدره ضد الأربعة المفصولين ، وأن مكتب الإرشاد لا يجعله القانون الأساسي مسئولاً أمام أية سلطة في الجماعة إلا أمام الهيئة التأسيسية وبذلك يكون المدعي عليهم قد انتخبوا لأنفسهم شخصية الهيئة التأسيسية مجتمعة ، وبذلك يكونون قد خرجوا علي القانون الذي بايعوا عليه وعلي الهيئة التي هم مجرد أفراد منها .
وبتحقيق النقطة الثالثة تبين أن موقف مكتب الإرشاد ليس من حق آية سلطة في الجماعة إلا هذه الهيئة التأسيسية كما ذكرنا،وبذلك يكون المدعي عليهم قد خرجوا مرة أخري علي القانون الذي أقسموا علي احترامه والخضوع لأحكامه .
وبتحقيق النقطة الرابعة تبين أن في تنصيبهم أنفسهم أوصياء علي الجماعة لا خروجًا علي القانون فحسب بل ابتداعًا لسابقة خطيرة تركت آثارها في كيان الدعوة الداخلي ومركزها الخارجي،ومكنت أعداء الدعوة من الإرجاف بالسوء ، وتهوين أمر الجماعة وبالتالي أمر العاملين للإسلام .. ذلك أنهم نصبوا أنفسهم أوصياء ومنحوا أنفسهم جميع السلطات فوق الجماعة دون أن يرجعوا إليها ، أو يأخذوا بذلك تفويضًا منها .
وأما هذا الافتيات علي الحقوق تقصر قوانين الهيئات الشعبية عن أخذ حقها من هؤلاء المفتاتين لأنها لا تملك عقوبة أشد من الإعفاء من العضوية .
هذه الأخطاء اشترك ثلاثتهم فيها،ولا سبيل إلي إنكارها أو التملص منها،لأنهم نشروها في الصحف ممهورة بتوقيعاتهم، ولم يلحقوها بعد أن ظهرت علي صفحات الصحف بتكذيب بل إنهم استمروا في إصدار البيانات المماثلة في الصحف أيضًا .
وقد لاحظت اللجنة أن المدعي عليهم كثيرًا ما يذكرون في بياناتهم أنه سيلجئون إلي الهيئة التأسيسية متظلمين من قرار الفصل الذي أصدره المكتب ضد الأربعة الأعضاء فمن أي نص في قانون الإخوان المسلمين الذي أقسموا علي الخضوع له فهموا أن وسيلة عرض تظلم علي الهيئة من قرار للمكتب هي أن يعتصموا بدار المركز العام وأن يتخذوا قرارات بوقف المكتب وإحلال أنفسهم محله ، والمسارعة بنشر هذه القرارات الضارة بسمعة الجماعة في الصحف ، واستباحة الكذب العلني بنشر خير كاذب باستقالة المرشد العام.
ثم هم لا يعلنون لجوءهم إلي الهيئة التأسيسية إلا بعد اتخاذ هذه الخطوات غير المسبوقة في تاريخ الجماعة ، مع العلم بأن الفرصة كانت متاحة لهم منذ صدور قرار الفصل لدعوة الهيئة بالطريق القانوني دون الوقوع في هذا الخطأ الجسيم ، أو الانتظار حتى تجتمع الهيئة في ميعادها المحدد وما كان بالبعيد .
وقبل أن تنتهي اللجنة من تحليل نقاط هذا البيان وتحقيقها،نحب أن نلفت النظر إلي أن قرارها في هذه القضية والمنسوب إلي المدعي عليهم كثير سواء في قائمة الادعاء أو في شهادة الشهود سيعتمد أعظم الاعتماد علي ما جاء في هذا البيان ، لأن مجموعة من الوقائع المادية سجلوها بتوقيعاتهم علي أنفسهم ،وبذلك لا يكون هناك مجال للتظلم من القرار بدعوي أنهم لم يحضر أمام اللجنة.

ثالثاً:النشر بالصحف:

ومما أكد للجنة سوء نية المدعي عليهم وسوء تصرفهم أنهم اتخذوا الصحف وسيلة لنشر كل ما يصدر عنهم ، حتى كتابهم الذي أرسلوه إلي اللجنة يذكرون فيه أنهم لم يمثلوا أمامها .. وهذه وسيلة للتشهير تتنافي مع الخلق الإسلامي ومع تقاليد الدعوة ، ولا يقدم عليها ذو نية حسنة ، والضرر الذي سببه هذا النشر لا يخفي علي أحد .

رابعًا:

" نشر المدعي عليهم بالصحف الصادرة يوم 29/11/1953 بيانًا ادعوا فيه أن الأخ الشيخ محمد فرغلي في الاجتماع الذي عقد في منزل نائب رئيس الوزراء اتفق معهم علي تكوين لجنة للتحقيق مع الإخوان المفصولين وبسؤال الشيخ محمد فرغلي قرر أنه طلب منه الأستاذ صالح تكوين لجنة للتحقيق مع المفصولين سأله قائلاً:أية لجنة تقوم بهذا التحقيق الذي تريد؟
فقال الأستاذ صالح: لجنتنا يقصد تلك التي تتكون منه ومن زملائه الثلاثة فقال له الأستاذ فرغلي:إن مكتب الإرشاد هو الهيئة الإدارية العليا للجماعة،وهو صاحب الحق المطلق في قبول الأعضاء وفصلهم،وهو مؤتمن علي أمور الجماعة،وليس لأحد أن ينازعه في هذا الاختصاص،ومع ذلك فإن مكتب الإرشاد حينما أصدر قرار فصل هؤلاء الشبان الأربعة أعطاهم حق التظلم،فمن أراد أن يتظلم فمن الطبيعي أن ينتدب مكتب الإرشاد لجنة التحقيق معه" .
" ونشر المدعي عليهم في نفس البيان أن الأستاذ عبد العزيز كامل أبلغهم أنه أفلح في إقناع أعضاء المكتب للموافقة علي تكوين لجنة للتحقيق ثم قالوا : وفي ساعة متأخرة من الليل اتصل خمسة من أعضاء مكتب الإرشاد هم:الدكتور خميس حميدة والأساتذة عمر التلمساني وعبد القادر عودة وعبد الرحمن البنا والسيد محمد حامد أبو النصر وأبلغونا أنهم وافقوا علي تأليف لجنة للتحقيق.
ثم قالوا:وعلي هذا الأساس نشر بيان الأمس وفيه ذكرنا تكوين لجنة للتحقيق ولكننا فوجئنا في الصباح بقرار بوقف 21 عضوًا وتأليف لجنة للتحقيق لا مع الإخوان المفصولين حسب الاتفاق ، ولكن مع الإخوان الذين احتجوا علي قرار الفصل".

ماذا قال الشهود؟

وبسؤال الأخ الأستاذ عبد العزيز كامل في هذا الصدد قرر أن كل ما وعدهم به هو أن يتوسط في الأمر دون أن يقيد نفسه بحل معين .
وبسؤال الأخ الأستاذ عمر التلمساني قرر:أن الذي دار بيننا في حضور الإخوة الأربعة من أعضاء المكتب،أن المكتب قرر تكوين لجنة من الشيخ محمد فرغلي والسيد محمد حامد أبو النصر وعمر التلمساني لتحقيق ما حدث مساء الجمعة من الشبان الذين اعتصموا بعد أن ذهبوا إلي منزل فضيلة المرشد،ونظر كل تظلم يقدم من الأربعة المفصولين؛إذ كان قد قدم إلينا تظلم من أحمد عادل كمال .
كما أن المكتب أحال إلي هذه اللجنة التحقيق مع الشيخ سيد سابق الذي صدر قرار بإيقافه."ولم نقل أبدًا إن هذه اللجنة للتحقيق مع المفصولين" .
ويقرر كذلك فيقول:وأحب أن أقول إن الأستاذ صالح عشماوي قرر لنا ونحن في دار الكتاب العربي ليلاً أنه علم تليفونيًا بأن المكتب الإداري أوقف واحدًا وعشرين من الإخوان ، فهو إذن لم يفاجأ في صباح اليوم التالي بشيء لأن ما يقرر أنه فوجئ به في الصباح كان يعلمه قبل أن تصدر جرائد الصباح .
وبسؤال الأخوين الأستاذين محمد حامد أبو النصر وعبد القادر عودة ، قررا نفس الذي قرره الأستاذ عمر التلمساني . وذكر الأستاذ عبد القادر عودة أنهم قالوا ذلك في دار الكتاب العربي للمدعي عليهم وكان معهم آخرون ذكر منهم عبد الرحمن السندي والشيخ سيد سابق .
وتري اللجنة أن الفرق بين ما نشره المدعي عليهم بالصحف يوم 30/11 عن لجنة التحقيق وبين ما قرره الشهود الذين أوردنا ملخص ما قرروه فرق شاسع . فالمنشور بالصحف لا يشعر بأن المكتب متمسك بقراره ولا بأن اللجنة المنوه عنها إن هي إلا لجنة للتحقيق مع الذين أحدثوا الشغب يوم الجمعة وللتحقيق في تظلم من يتظلم من المفصولين .
ولجنة العضوية وإن كانت تؤثر أن تمسك عن القطع برأي في هذه النقطة،إلا أنها تضع بجانب هذا أن الأستاذ صالح عشماوي اجترأ علي نشر خبر بمجلة الدعوة باستقالة الأخوين الأستاذ عبد العزيز كامل من لجنة العضوية والدكتور محمد سليمان من الهيئة التأسيسية وثابت أن إيراد ما يتصل بالأستاذ عبد العزيز كامل فيه تحريف ظاهر،وأن الدكتور محمد سليمان لم يستقل من الهيئة التأسيسية .
فإذا وضعنا هذه الوقائع من الأستاذ صالح عشماوي بجانب ما نشره عن لجنة التحقيق استطعنا أن نحكم علي روايته ونحن مطمئنون .

خامسًا:

قرر الأستاذ عبد العزيز كامل في شهادته أنه حاول ليلة الحادث أن يحمل الأستاذ صالح عشماوي علي مغادرة المركز العام بعد أن غادره كل المعتصمين تقريبًا فلم يفلح ، وظل في محاولاته هذه معه حتى قرب الفجر .
ولما سأله الأستاذ عبد العزيز كامل:ما الذي أقحمك في هذا الأمر وقد خرج المعتصمون أنفسهم؟قال الأستاذ صالح : "اعتبرني طرفاً في هذا الأمر" .
كما قرر الأستاذ عبد العزيز كامل أنه في ساعة متأخرة من الليل دخل علي الأستاذ صالح عشماوي في الحجرة المعتصم بها ليرجوه الخروج من المركز العام فوجده يتكلم بالتليفون مع آخر في الخارج ثم التفت إليه والسماعة في يده سائلاً الأستاذ عبد العزيز كامل:ما هي شروط جلائه عن المركز العام؟
كأن المتكلم معه في التليفون ينتظر من الأستاذ صالح عشماوي جوابًا علي هذا السؤال فغضب الأستاذ عبد العزيز وأبي أن يجيبه إلا إذا أخبره باسم الشخص الذي يتصل به بالتليفون ويريد أن ينقل إليه هذه الشروط ، فرفض الأستاذ صالح أن يذكر اسم الشخص .

من الذي يوجه المؤامرة ؟!

بعد ذلك يقرر الأستاذ عبد العزيز كامل أنه ذهب في اليوم التالي إلي دار الكتاب العربي،فوجد بإحدى الحجرات اجتماعًا يضم الأساتذة صالح عشماوي وعبد الرحمن السندي والشيخ سيد سابق .

وأخذوا يتحدثون معه في شأن وساطته بأسلوب عرف منه الأستاذ عبد العزيز من هو الشخص الذي كان يكلم الأستاذ صالح أمس في التليفون ورفض ذكر اسمه .

ويقرر الأستاذ عبد القادر عودة في شهادته أنه لما ذهب إلي دار الكتاب العربي لمقابلة المدعي عليهم مع بعض أعضاء المكتب في شأن التفاهم،وجد مع المدعي عليهم أشخاصًا آخرين منهم عبد الرحمن السندي والشيخ سيد سابق .

كما أن الأخ محمد هاشم الموظف بالمركز العام قرر في شهادته التي قدمها إلي اللجنة مكتوبة وكان موجودًا بالمركز العام ساعة اقتحامه أنه كان جالسًا بجوار مكتب المراقب وأمامه التليفون دق جرسه،فإذا المتكلم الأستاذ عبد الرحمن السندي .. يقول الشاهد : " فتكلمت معه فطلب الأخ علي صديق فجاء وكان رده كالآتي : " الحمد لله . كويس الحمد لله.كل حاجة كويسة " ..

وبعد قليل دق التليفون مرة أخري فأمسكت بالسماعة فإذا به عبد الرحمن السندي وطلب علي صديق أيضًا .. وجاء علي صديق .. وفي أثناء هذه المكالمة أحسست بوجود سيارات علي باب المركز العام فوقفت لانتظار من بها بجوار علي صديق فدخل الحاج حلمي المنياوي وكان علي يقول في التليفون " جه الحاج حلمي والحاج صالح والشيخ الغزالي والشيخ سيد سابق والحاج جوده والحاج عبده قاسم ومحمد شريف .. إن شاء الله وعليكم السلام ورحمة الله .. ووضع السماعة ودخل حضرات المدعوين " .

من مجموع هذه الشهادات يتضح أن هذه الحركة وعلي رأسها المدعي عليهم كانت علي اتصال بأحد المفصولين اتصالاً منتظمًا طول الليل .. وقرر مكتب الإرشاد بفصل هؤلاء الأربعة يقتضي أن يقطع الإخوان صلتهم في شئون الدعوة بهؤلاء المفصولين . فالاتصال بهم بل التلقي منهم فيه خروج علي القرار وتحد له ويشم منه رائحة التآمر .

سادسًا:

تبينت اللجنة من مراجعة البيان الأول الذي أذاعه المدعي عليهم بالصحف أن الحرص علي تصديره بإعلانهم استقالة المرشد العام يرتبط بسابقة للأستاذ صالح عشماوي تقرر من أجلها وقفه شهرًا في العام الماضي.هذه السابقة هي مخاطرته بإذاعة أمر قرار المكتب اعتباره سرًا .
وكان هذا السر الذي حرص الأستاذ صالح علي نقله بعد منتصف الليل إلي جريدة "المصري" هو إعلان استقالة المرشد العام أيضًا .. كأن في نفس الأستاذ صالح عقدة إزاء هذا الرجل الذي يشغل هذا المنصب ويقود هذه الجماعة .. مع أنه بايعه أمام الهيئة التأسيسية من قبل .
واللجنة تري في تصرفات الأستاذ صالح هذه إزاء الأستاذ المرشد،وتكرر هذه التصرفات نفسها بالرغم من وقفه شهرًا من قبل بسببها،نقضًا للبيعة ونكثًا للعهد،وتري في زميليه اللذين وقعا معه علي البيان الذي تضمن ذلك نفس الرأي الذي تراه فيه .
وقبل أن تختم اللجنة هذه الحيثيات لابد لها أن تشير إلي أن هناك أسماء جاءت علي ألسنة الشهود في مواقف غامضة ، ستطلب اللجنة فيما بعد إحالتها لاستجلاء هذه المواقف وتحديدها .
إمـضاءات
  1. حسني عبد الباقي
  2. عبد الله عامر
  3. حامد شريت
  4. سعد الدين الوليلي
  5. محمود عبد الحليم