حسابات خاطئة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

حسابات خاطئة

د. أحمد حسن

القدس تناديكم والأقصى يستصرخكم

هي حلقة من سلسلة التفسير الموضوعي للقرآن الكريم نتوقف اخوتي الأحبة عند كلمة "حسب" ومشتقاتها في كتاب الله جل وعلا ،فعند تدبر مشتقات هذه الكلمة.."ولا تحسبن".."ولا يحسبن".."أيحسب؟"..أم تحسب؟".."أفحسبتم؟"..وتحسبونه".. تدرك أن الله عز وجل ينعي علي الناس حسابات حسبوها وقدروا لها نتائج وفق حساباتهم فاذا بها...حسابات..خاطئة..!!


أنواع من الحسابات الخاطئة

1)عندما يحسب العبد أنه خلق لغير غاية ولا هدف..فان حسابه خاطئ والله يصحح له المفهوم"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون"المؤمنون.

2)عندما يحسب الكفار والفجار أن حلم الله عليهم واملاءه لهم انما هو نتيجة قبوله لهم ورضاه عنهم والحقيقة انها سنة الاستدراج:"ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب اليم"آل عمران178.

3 )عندما يحسب الجبابرة والطغاة حين يخضع الضعفاء لسطوتهم عليهم أنهم لا يقهرون وأنهم سبقوا وفازوا يصحح الله عز وجل لهؤلاء المهزومين نفسيا المفهوم ويقول:"ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهم لا يعجزون"الانفال59.

ويقول أيضا:"أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون".الجاثية21.

4)وأخطر تلك الحسابات الخاطئة هو ما نحسبه ذنبا حقيرا في حين يحسبه الله جل في علاه ذنبا كبيرا, فان من المسلمين من يقارف الذنوب ويتجرئ علي السيئات وهو مطمئن الي صغر المعصية ويحسب انه لن يؤاخذ بها فاذا بها يوم القيامة ذنبا عظيما:"وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم"النور15 .

وهذا باب عظيم اسمه "محقرات الذنوب" وهي آثام يقدم عليها العبد استهانة بها ويظن أنه لن يعاقب بها وهذامن الحسابات الخاطئة فيفاجأ يوم القيامة أنها استوجبت سخط الله عز وجل ففي مسند الامام أحمد باسناد حسن عن سهل بن سعد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:"اياكم ومحقرات الذنوب،فانما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد،فجاء ذا بعود وذا بعود حتي حملوا ما أنضج خبزهم،وان محقرات الذنوب متي يؤخذ بها صاحبها تهلكه".....وهكذا أخي الحبيب محقرات الذنوب،اذا انضم بعضها الي بعض كان لها من الاثر في اتلاف النفس،واظلام القلب،ما يكون لكبائر الذنوب وعظائم الخطايا..

واسمع الي عائشة رضي الله عنها وهي تقول:"قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم:"ياعاتشة اياك ومحقرات الذنوب فان لها من الله طالبا" صحيح رواه ابن ماجه وأحمد والدارمي.

5)وحساب آخر أحب أن أقف عنده وقفة تأمل أخي الحبيب ألا وهو حساب نحسبه جميعا معاشر الناس والداعين الي الله علي وجه الخصوص نظن فيه أن الايمان كلمات يسيرات لا اختبار فيها ولا ابتلاء من أجلها...لا وألف لا..ماأخطأه من حساب!!ذلك الذي تظن فيه أنك ستعلن ايمانك وتجهر بدعوتك وتظهر هويتك ثم بعد كل هذا لن تبتلي ولن تمتحن من ربك الذي أعلنت ايمانك به وتمسكك بدينه واتباعك رسوله...تأكد أنه سيبتليك..وسيمتحنك ليعلم...وهو سبحانه يعلم..أصادق أنت في دعواك؟أثابت أنت علي الطريق؟أيسبق كلمات الايمان التي تعلنها يقين جازم؟ أتنطلق من عقيدة راسخة رسوخ الجبال؟أم تراها دعوي زائفة!! وايمان مزعوم!!وكلمات لا روح فيها!!.

"ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولواآمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلم الكاذبين".العنكبوت.

  • انها سنة الله الالهية..تلك التي فهمها الراهب وهو يقول لرسولك صلي الله عليه وسلم:"ليتني فيها جذعا اذ يخرجك قومك قال:أومخرجي هم؟!قال:مات جاء أحد بمثل ما جئت به.....الا عودي!!!"
  • انها سنة الله الالهية التي فهمها أيضا راهب غلام الاخدود وهو يقول له:يابني قد بلغ من أمرك ما أري.....وانك ستبتلي فاذا ابتليت فلا تدل علي!!!فكيف علم الراهب أن الغلام يبتلي؟لقد رأي أن دعوة الغلام قد ظهرت وانتشر أمرها وذاع وأن الغلام يقدم حلولا لمشكلات أمته بالاسلام الذي آمن به واعتنقه وأن شأن الطغاة في كل زمان ومكان أن يضيقوا ذرعا بأمثاله لظنهم أنه سيزاحمهم في دنياهم التي هي منتهي أملهم...فمهد له الأمر بقوله.."وانك ستبتلي!!"..وهكذا يصحح الله عز وجل تصورات أولئك الذين ظنوا أن التزام نهج أصحاب الدعوات يكون بلا ضريبة والذين تصوروا أن طريق الايمان مفروش بالورود.

6)وأختم هذه الحسابات الخاطئة بحسبة يلزمنا حسابها من جديد خاصة مع أحداث جسام تمر بها أمة الاسلام ويمر بها اخواننا المحاصرون في فلسطين...فعندما يبدأ اليهود مخططهم القديم الحديث في تهويد القدس وتغيير هوية مقدسات المسلمين فيها...عندما يستهان بالأرض والعرض والتاريخ والجغرافيا وعندما يتجرأ أبناءالقردة والخنازيروعبد الطاغوت علي أمة الاسلام فلا يقيموا لها وزنا....عندذاك يتعين جهادهم بكل وسيلة ممكنة بالنفس والجهد والمال والكلمة..كل بوسعه وهو ماسماه الله عز وجل.. حق الجهاد..:"وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وماجعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء علي الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولي ونعم النصير".الحج78 .

أقول..عندما يصبح الأمر جد ليس بالهزل ويتواري كثير من الملتزمين خلف أعذار واهية ومبررات تافهة..عندها يقرع الله عز وجل آذان الجبناء ويصحح مفاهيم القاعدين ويستثير نخوة عموم المسلمين بقوله تعالي:"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين".آل عمران142 .

أخوتي الأحبة..مفتاح الجنة..جهاد في سبيل الله وصبر علي ذلك..والآية واضحة لكل ذي عينين..فوالذي لا رب غيره مهما صمت وصليت وحججت وزكيت وأنت لم تبذل جهدا من أجل نصرة اخوانك في فلسطين وفي كل بقاع الأرض فلن تلج باب جنة رب العالمين..وهي سنة الله الماضية الي يوم القيامة...ولن تجد لسنة الله تبديلا..ولن تجد لسنة الله تحويلا..

واسمع الي كلام سيد المرسلين:"من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات علي شعبة من النفاق"خرجه الامام مسلم من حديث أبي هريرة.

  • ولئن كانت الشهادة في سبيل الله تعني الموت ومفارقة الأحبة ومغادرة الديار وزوال المتاع والأموال...لئن كان كل هذا وارد الحدوث..قريب الحصول..ولئن كان البشر بطبعه يجزع من هذا ويكره الأذي والألم ولايحب الموت مما يجعلهم يتثاقلون عن بذل الأموال والمهج في سبيل الله فان الله عز وجل يصحح المفاهيم ويوضح حقيقة الأمر في آيات واضحات جليات:"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين"آل عمران169 ـ 171.
  • وأختم حديثي اليكم أيها الأحبة بآية من كتاب ربنا من سورة البقرة هي الآية214 ."أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتي يقول الرسول والذين آمنوا معه متي نصر الله ألا ان نصر الله قريب".

فاذا كانت تلك هي حسابات الناس الخاطئة والتي استدعت أن يوضح الله لهم خطأها واستدعت أن يصححها لهم في آيات عديدة من كتابه جل وعلا بقوله:أم حسبتم؟أحسب؟وتحسبونه.....فاني أذكرك أخي الحبيب بأن الوقت لايزال فيه فرصة لك أن تبادر بالتصحيح وفق منهج الله من قبل أن يأتي وقت لا تجد فيه الا الحسرة والندم أعاذني الله واياك منهما وصلي الله وسلم وبارك علي رسوله ومصطفاه محمد وعلي آله وصحبه وسلم.