حصاد 2007 (تحليل)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

سياسيًا

استحقت التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان المصري وطرحت في استفتاء شعبي لقب "حدث 2007 السياسي" نظرًا للجدل الذي أثارته في الحياة السياسية المصرية سواء قبل اقرارها أو بعده، بالإضافة إلى المخاوف المنتظرة جراء ادخال هذه التعديلات.

وضمت التعديلات المثيرة للجدل 34 مادة مختلفة، إلا أن أحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية ومعظم السياسيين المخضرمين اتفقوا على فشل تعديل المادتين 76 و88، بينما لم يفلح تعديل وضع قانون خاص بمكافحة الإرهاب بدلا من قانون الطوارئ الحالي في نشر حالة من الطمأنينة بين قلوب المصريين.

ورغم تمرير التعديلات عبر مجلسي الشورى والشعب ثم موافقة الناخبين عليه في استفتاء جاءت نتيجته 75.9% إلا أن الاحصاءات والأرقام تؤكد ضعف المشاركة الشعبية في هذا الاستفتاء، كما تلقى المجلس القومي لحقوق الإنسان 28 شكوى خاصة بالاستفتاء.

ومن توابع زلزال الاستفتاء إلى ملف التوريث، الذي رفع شعار "عرض مستمر" بسبب جملة من الظروف التي باتت تؤكد يوما بعد آخر اتجاه الأمور إلى هذا المصير، فقد شهد نهاية النصف الأول من 2007 زفاف جمال مبارك الأمين عام المساعد وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي ونجل الرئيس حسني مبارك، وبعدها لعب جمال مبارك دورًا كبيرًا في الإعلان عن اعادة فتح الملف النووي المصري بعد تجميده لسنوات طوال.

وجاء غياب الرئيس مبارك عن الساحة لبعض الوقت وإثارة شائعة مرضه الشديد كصفحة جديدة في ملف التوريث، إلا أن هذه الصفحة فتحت أبوابًا أخرى لم تكن على البال، إذ أدى تناول عدد من الصحف المستقلة والحزبية هذه الشائعة إما بالتحقيق في صحتها أو دعوة الجهات السيادية إلى توضيح الحقيقية، إلى توجيه قضايا رسمية لبعض رؤساء تحرير الصحف كان أبرزهم إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة الدستور.

وتجر السلسلة بعضها لينفتح بابًا جديدًا للمواجهة بين السلطة وحرية الصحافة، بسبب حكم ضد أربعة رؤساء تحرير بالسجن لمدة عام بعد إدانتهم بتهمة إهانة الرئيس ونشر مواد تسيئ لرموز الحزب الوطني، وتقرر الصحف المستقلة والحزبية "الاحتجاب" يوم 7 أكتوبر، لتبدأ جولة مناورات جديدة بين السلطة والصحافة.

ويأتي ملف محاكمات عناصر الإخوان المسلمين من بين الملفات الساخنة لعام 2007، إذ تزايد الصدام بين النظام الذي لم ينس فوز الحركة المحظورة بثمانين من مقاعد مجلس الشعب في انتخاباته الأخيرة، فبين يومي 12و19 من شهر مايو اعتقلت قوات الأمن 87 عضواً من الإخوان، معظمهم من مناطق كانت تتقدم فيها الجماعة بمرشحين في انتخابات مجلس الشورى، وفي 28 من الشهر نفسه اعتقلت الشرطة ثلاثة مرشحين ينتمون للجماعة ويخوضون الانتخابات كمستقلين.

وفي 4 فبراير أمر الرئيس حسني مبارك بتقديم خيرت الشاطر نائب المرشد الأعلى للإخوان المسلمين وعشرات من أعضاء التنظيم إلى محاكمة عسكرية، وهي القضية التي مازالت أمام القضاء، والتهم الأولى فيها غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والانتماء لجماعة محظورة.

ووسط الصراع بين النظام وجبهة المعارضة الأكبر في البلد متمثلة في جماعة الإخوان، وصدامه مع الصحفيين، ظهرت جبهة مواجهة جديدة لم يكن النظام ليحسب حسابها في بداية 2007، وهي الحركات العمالية والإضرابات التي ميزت النصف الأخير من العام، ففي شهير يونيو تظاهر العشرات من أعضاء "لجنة الدفاع عن الصحة" أمام مجلس الشعب، ضد قرار رئيس مجلس الوزارء بتحويل "هيئة التأمين الصحي" إلى شركة قابضة.

وفي بداية شهر أكتوبر انطلقت في شركة غزل المحلة الكبري أكبر مظاهرة لعمال مصريين، تجمع فيها قرابة 27 ألف عامل أمام بوابات الشركة ضد تصفية وبيع القطاع العام، وضد الفساد في مصر، وتزوير انتخابات العمال، وما فجر هذه الاحتجاجات خفض أرباح العمال وحوافزهم ومكافآتهم، واستمر إضراب العمال حتى خضعت الإدارة لمطالبهم.

ولم يطغ على احتجاجات عمال غزل المحلة إلا إضراب موظفو الضرائب العقارية الذين أمضوا عشرة أيام أمام مجلس الوزراء احتجاجاً على التفريق بينهم وبين موظفو مصلحة الضرائب، ولم يتحركوا من مكانهم إلا بعد الوعد بتنفيذ مطالبهم، وإلا سيعودون في التاسع من أول شهور عام 2008 ليعيدوا مشهد الإضرابات للشارع المصري.

وفي النهاية، صبت كل هذه المشكلات فوق رأس حكومة الدكتور أحمد نظيف الذي شكك بعض نواب المعارضة في دستوريتها بسبب عدم توافقها مع التعديلات الدستورية التي اقرت مؤخرًا والذي تلزم الحكومة بتقديم بيان إلى مجلس الشعب، وهو ما لم تقدم عليه حكومة نظيف "الذكية"، ولكن خرج بعض فقهاء القانون الموالين للحكومة ليؤكدوا أن هذه التعديلات تسري على الحكومات القادمة وليست حكومة نظيف المشكلة قبل التعديلات.

وكانت آخر الضربات الموجهة للحكومة هي شائعة التغييرات التي ستطرأ على بعض أعضائها، وهو ما خرج الدكتور نظيف شخصيًا هذه المرة لينفيه علنًا أمام وسائل الإعلام.


اجتماعيا

لن ينسى المسئولون قبل المواطنين في مصر "ثورة العطشى" التي حدثت للمرة الأولى في بلد يمر به أعظم أنهار العالم، حين خرج المواطنون المنسيون للطريق الدولي الساحلي وعطلوه لتوصيل صوتهم للعالم والمسئولين، بعدما كادوا يموتون عطشا.

وستبقى أزمة المياه نقطة سوداء في ثوب الحكومة مهما مرت السنين، فلا يمكن أن ينسى مواطن مصري أنه يعيش في بلد النيل ومحروم من أبسط حقوقه في الحصول على نقطة مياه نظيفة للشرب، في حين يرى السيارات الفارهة والبهوات والباشاوات يمرون أمامه ليل نهار بالمايوه للاستمتاع بالصيف على الساحل الشمالي.

وإعلاميا، كادت حلقات الإعلامية الشهيرة الدكتورة هالة سرحان عن (بنات الليل) في برنامجها الشهير "السينما والناس" تزج بها في السجن، بعد اتهامها من قبل الفتيات اللاتي ظهرن معها في البرنامج بفبركة الحلقة، وتحفيظ عدد من الفتيات أدوار يقدمنها أمام الكاميرا.

ولم يكن الاتهام يحتمل التكذيب أو النفي بعد ظهور الفتيات على إحدى القنوات الأخرى، واعترافهن بالصوت والصورة، وتكمن أهمية هذه القضية في أنها، جعلت البعض يتهمها بوصف فتيات وسيدات مصر بالساقطات، وتصوير الفتاة المصرية في صورة غير كريمة، وكأنها جاهزة لبيع جسدها بكل سهولة مقابل المال.

لفتت قضية هالة سرحان نظر الفضائيات، إلى مدى الجدل الذي يمكنها إحداثه في المجتمع، فبدأت حملات منظمة تستهدف طرح قضايا غريبة، تثير الاهتمام وردود الأفعال، بغض النظر عن مدى جديتها أو أهميتها، وكانت الأمور الدينية من أكثر المسائل التي تحقق هذه المعادلة.

فعلى الصعيد الديني، لم تخل قناة من برنامج أو اثنين متخصصين في الفتاوى على الهواء، ولا يتطلب الأمر سوى تلقي مكالمات المشاهدين الذين يديرون الحلقة، وما على الضيف الذي غالبا ما يكون أحد المشايخ إلا الإجابة عن الأسئلة.

ومتابعة نصف ساعة فقط تكفي للكشف عما يدور في أذهان المشاهدين، من أفكار غريبة بل وشاذة، كالتي تسأل هل تغيير ملابسها أمام الكلب حلال أم حرام؟ والذي يسأل هل أكل لحم الجن حلال أم حرام؟ والغريب أننا نجد مشايخنا الأفاضل ينساقون وراء هذه النوعية من الأسئلة.

وكانت أعجب فتاوى 2007 ما جاء على لسان شيخ الأزهر بأن مروجي الشائعات يستحقون الجلد، وهي الفتوى التي يدرك الكثيرون أنها مغازلة غير عفيفة للحكومة بعد شائعة مرض الرئيس.

ولم يترك مفتي الجمهورية الدكتور على جمعة الفرصة فشارك بفتوى لا داعي لها من الأساس تقول إن الشباب الذي غرقوا في البحر أثناء محاولتهم التسلل بطرق غير مشروعة إلى السواحل الأوروبية ليسوا شهداء، وكأن أسر هؤلاء الضحايا كانت تحاج شهادة المفتي لتعرف مصير أبنائها في العالم الآخر.

وكانت هذه الفتوى رغم ما تثيره في النفس من شجون أحد أسباب فتح ملف "الهجرة غير الشرعية" وتسليط الضوء على ما يجري من سنوات على أرض هذا الوطن، بينما ترفع الحكومة شعار "المركب اللي تودي".

ومن الأوضاع المادية المحبطة للمواطن المصري، التي تدفع بعض الشباب إلى الهجرة من البلد ولو في قارب خشبي بحثا عن لقمة عيش، أو إلى بيع الوطن أيضا لو استدعى الأمر ليس بسبب المال فقط، ولكن بسبب كثير من المال وكثير من الشهرة، إنه الجاسوس محمد سيد صابر مهندس الطاقة الذرية الذي أدانته المحكمة بالتجسس لحساب إسرائيل، ليظهر في النهاية أن الفقر والبطالة والفساد جميعها وجوه قبيحة لعملة واحدة.

ويرفض عام 2007 أن يرحل دون أن يسجل بعضا من الأحداث الطائفية، التي تندلع من وقت لآخر لأتفه الأسباب، وربما تكون ورائها أسباب أخرى متخفية في عباءة الدين، فكانت أحداث إسنا التي اندلعت بسبب اشتباه في علاقة مشبوهة بين شباب مسيحيين وفتاة مسلمة، نموذجا للاحتقان الطائفي الذي يبحث عن أي شرارة للانفجار.


اقتصاديا

بعيدا عن التصريحات الوردية التي تسوقها الحكومة برئاسة الدكتور أحمد نظيف بين الفينة والأخرى عن انتعاش الاقتصاد المصري وارتفاع معدل النمو وتراجع معدل البطالة للدرجة التي أطلقت معها السيدة عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة والهجرة تصريحاً أكدت خلاله أن هناك وظائف لا تجد من يشغلها ، إلا أن المواطن المصري لا يشعر بأي من هذه كله.

وفضلا عن الشهادة المحلية من نظيف ووزيرة القوى العاملة، جاءت شهادة عالمية من رئيس البنك الدولي روبرت زوليك، أكد فيها أن مصر قطعت خطوات واسعة على طريق الإصلاح الاقتصادى، مشيرا إلى أن ما حققه هذا التقدم من فرص أتاحت أساسا صلبا لاستمرار الشراكة بين مجموعة البنك الدولي والحكومة المصرية والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية.

وعلى الرغم من التصريحات المتفائلة للمسئولين المحليين والدوليين إلا أن المواطن المصري البسيط مازال لا يشعر بتحسن الاقتصاد بسبب الارتفاع اللامتناهي للأسعار سواء كانت أساسية أو غير أساسية ، كما أن بيع الشركات والمؤسسات والبنوك العامة تسبب في الكثير من المشاكل الاقتصادية وعلى رأسها تكدس الاف العاطلين جراء الخصخصة والمعاش المبكر.

عام 2007 شهد العديد من الأحداث الاقتصادية الهامة التي سيتواصل تأثيرها خلال عام 2008 وربما ما بعده وعلى رأسها بيع مؤسسة عمر أفندي، وبنك القاهرة، والارتفاع الجنوني لأسعار النفط والغاز، وتراجع سعر الدولار بشكل كبير أمام الجنيه، ودخول شركتا "اتصالات" و"إعمار" الإماراتيين السوق المصرية بقوة.

جاء بيع شركة عمر أفندي وبنك القاهرة بمثابة الحجر الأخير في بناء القطاع العام الذي يتهاوى يوما بعد يوم، فقد تم بيع عمر أفندي بعد مشكلات كبيرة بين الشركة القابضة وشركة "أنوال" السعودية المالك الجديد ومازالت تلك المشاكل مستمرة ويعاني منها الموظفون.

أما بيع بنك القاهرة فقد كان له مقدمات سبقته أبرزها بيع بنك الاسكندرية العام الماضي، إلا أن صدمة بيع بنك القاهرة كانت قوية نظرا لأن الحكومة سارعت بالإعلان عن قرار البيع ورفضت التراجع عنه.

وفور الإعلان عن قرار البيع سعى عدد من البنوك العربية والعالمية الراغبة في الاستحواذ على بنك القاهرة لإتمام الصفقة التي ستشهد منافسة حادة خاصة أنها تعد الفرصة الأخيرة لدخول السوق المصري عبر الاستحواذ على كيان ضخم.

اخفاض الدولار أمام الجنيه

علي عكس حالة الارتياح التي سادت الأوساط الاقتصادية عند انخفاض سعر الدولار أمام الجنيه، قوبل الوضع بحالة مضادة من القلق بين المصدرين والمستثمرين في قطاع السياحة خاصة عندما تواصلت موجة تراجع الدولار، حيث أكدوا أن استمرار تراجع الدولار لن يفيد الاقتصاد المصري على المدى الطويل خاصة في مجالي السياحة والتصدير اللذين يعتمد أن على المكون المحلي.

وأشاروا إلى أن هبوط الدولار بوضعه الحالي سيفيد الواردات، لكنه سيؤثر بشكل سلبي على التعاقدات التصديرية التي تم الاتفاق عليها في فترات سابقة وعلى الصناعات النسجية التي تعتمد بشكل أساسي على المدخلات المحلية وعلى الاستثمارات الأجنبية.

وأوضح المصدرون والمستثمرون أن تراجع الدولار أمام الجنيه لن يستمر طويلاً لأن التراجع تم لأسباب إجرائية وليس لعوامل اقتصادية ، مضيفين أن تذبذب سعر الجنيه بين الصعود والنزول ظاهرة غير صحية وأنه من الأفضل للنشاط الاقتصادي تحقيق الثبات عند سعر معين، حتى يتحقق في المقابل استقرار في أسواق الصادرات المصرية والسياحة.

ارتفاع أسعار النفط لمستوى قياسي

جاء ارتفاع أسعار النفط والغاز ليكمل سلسلة الأحداث الهامة في عالم اقتصاد 20074 ، حيث ارتفع سعر برميل النفط إلى أعلى مستويات على الإطلاق ، فقد ارتفع الخام الأمريكي الخفيف ليقترب من 95 دولارا إلا أنه تراجع من جديد ليستقر عند 90 دولارا للبرميل ما أدى إلى انتعاش اقتصاد الدول المصدرة وعلى رأسها دول الخليج الأعضاء في منظمة الدول المصدرة "أوبك".

وعزا متخصصون ارتفاع أسعار النفط إلى تلقي دعم من ضعف الدولار الأمريكي ومخاوف من نقص إمدادات النفط مع تواصل فصل الشتاء في النصف الشمالي من العالم وتزايد التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.

وساعد في ارتفاع أسعار النفط أيضا احتمالات فرض مجلس الأمن الدولي المزيد من العقوبات على إيران التي هي ثانية الدول المصدر للنفط بعد السعودية في منظمة "أوبك" ، كما أسهمت في صعود الأسعار مخاوف حول إمكانية اضطراب إمدادات النفط من الشرق الأوسط جراء الصراع بين الغرب وإيران بشأن ملف طهران النووي.

ورغم استمرار النفط في استقطاب اهتمام المستثمرين فإن ارتفاعه القياسي في الآونة الأخيرة يجعلهم حذرين حول فرص زيادة المكاسب.

تعاملات البورصة خلال 2007

شهدت البورصة المصرية نشاطاً قياسياً خلال 2007 ، حيث سجلت مؤشرات البورصة أكبر معدلاتها تاريخيا ، حيث استطاع مؤشر CASE 30 أن يكسر حاجز 10,000نقطة وهو مستوى لم يتحقق من قبل في تاريخ البورصة وليدفع رأس المال السوقي إلى الارتفاع إلى 746 مليار جنيه وهو ما يمثل 102% من الناتج المحلى الإجمالي، وسط ارتفاع ملحوظ في تعاملات الأجانب والتي اتجهت إلى الشراء.

فقد تأثرت كافة القطاعات المتداولة إيجابياً بالنشاط الملحوظ للسوق المصري، حيث سجلت جميعها تقريبا ارتفاعات ، وجاء في مقدمتها قطاع الاتصالات الذي يقود البورصة للارتفاع منذ ظهور الهواتف المحمولة.