د. أمير بسام يكتب: السلمية...والثورية.....توضيح للحقيقة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. أمير بسام يكتب: السلمية...والثورية.....توضيح للحقيقة


(5/29/2015)

مقدمة

تداولت الصحف قضية انتهاج الإخوان للمنهج الثوري واعتراض بعض القيادات علي هذا المنهج ،وحاول البعض تصوير الأمر أنه انقلاب داخلي، وأود في هذا المقال أن أوضح بعض النقاط المتعلقة بالمنهج السلمي والمنهج الثوري وتحرير نقاط الخلاف.

أولا: السلمية معناها ونشأتها

نشأت جماعة الإخوان في وقت كانت مصر وجل العالم الإسلامي تحت الاحتلال ولهذا تم إنشاء النظام الخاص لتحرير الوطن ومحاربة الصهاينة.وسطر الإخوان المسلمون صفحات خالدة في تاريخ الأمة الإسلامية في جهادهم في حرب 48 ضد اليهود على جميع الجبهات وفي جهادهم ضد الإنجليز علي ضفاف قناة السويس.

ومبدأ استخدام القوة بعد استنفاذ الوسائل الأخرى أقره الأستاذ البنا وتكلم عنه في رسائله. بعد خروج الإخوان من السجون بعد وفاة عبد الناصر قرر مكتب الإرشاد إلغاء العمل السري وإعلان أن الإخوان " دعوة عالمية ،علنية ،تجمع بين دقة التنظيم وعلانية العمل" وقرروا استخدام النضال الدستوري ( والذي ذكره الإمام الشهيد في رسائله) كوسيلة للتغيير والإصلاح .

ومن هذا المنطلق خاض الإخوان المسلمون الانتخابات الطلابية والمهنية والبرلمانية ثم كان قرارهم بالتظاهر السلمي في 4 مايو2005 اعتراضا علي تعديلات مبارك الدستورية، كان هذا القرار بداية لتظاهرات سلمية للإخوان وغيرهم وكانت هذه التظاهرات أحد الممهدات لثورة يناير بثقافتها السلمية.

حدث الانقلاب وصعد المرشد على منصة رابعة وأعلن "سلميتنا أقوى من الرصاص" كانت هذه العبارة قبل مذابح العسكر واغتصاب النساء والتصفية الجسدية وأحكام الإعدام بالجملة.

فهل كان المرشد العام سيكون له اجتهاد آخر إذا رأى تصرفات العسكر.

إننا أمام حالة جديدة تحتاج إلي اجتهاد جديد تماما كما اجتهد مكتب الإرشاد بعد خروجهم من سجون عبد الناصر واختاروا النضال الدستوري فمن حق الإخوان قيادة وأفرادا أن يجتهدوا بعد وجود مستجدات علي الساحة.

هذا الاجتهاد حدث بالفعل ونتج عنه رأيين أحدهما ينادي بالنضال السلمي ونبذ العنف والأخر يطالب بالمنهج الثوري ، ولابد للحكم على الأمر من تحرير المصطلحات والتعرف من قرب علي المقصود من كلا المنهجين.

التغيير السلمي

المقصود بالتغيير السلمي ليس المظاهرات السلمية وفقط ولكن تشمل أمورا عدة منها؛ الاعتصامات والإضرابات و العصيان المدني والإضراب عن الطعام والإفشال الاقتصادي والحصار الدولي والتواصل مع المنظمات الدولية وغيرها من الوسائل، وكلها وسائل فاعلة ولكن آلة القمع الأمنية تجعل الكثير ممن يعترض على الانقلاب يخشي المشاركة كما أن التواطىء الدولي يقلل من فاعلية التحركات الدولية.

ولكن لا أحد ينكر أن المقاومة السلمية لها أثر علي المدي الطويل سواء في إنهاك الانقلاب أو إفشاله اقتصاديا وسياسيا ولكن مع القتل والقمع قد لا تستمر الوسائل السلمية حتي تؤتي ثمارها.

ولابد أن نضع في اعتبارنا ــ حتى نحسن الظن ببعضنا ــ أن خيار السلمية هو اختيار للمنهج الأصعب ؛لأن مواجهة الرصاص بصدر عار والنزول للشارع مع علمك أنك قد تقتل أو تضرب أو تعتقل كل ذلك معناه أن السلمية ليست ضعفا ولقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن "سيد الشهداء من قام إلي سلطان جائر فأمره ونهيه فقتله "وهو بمصطلحنا أن الرجل قام بمقاومة سلمية.

كما أن السلمية لها فوائد منها استمرار الحاضنة الشعبية و تكوين وعي لدي المجتمع قد يؤدي لمشاركة أوسع ، كما انه سيحافظ علي الفكرة المعروفة عن جماعة الإخوان أنها جماعة لا تنتهج العنف وهذا له أثره في المحافظة على التواجد العالمي للإخوان المسلمين في المجتمعات والأمم المختلفة.

ولكن السؤال الآن : ما هو مضاد السلمية وما هو تعريف كلمة العنف التي ينكرها من يريدون السلمية خيارا لهم؟

إن مضاد السلمية هي المليشيات العسكرية، والعنف يعني عشوائية القتل والتدمير.

أما القصاص من القاتل أو من قام بالتعذيب أو الاغتصاب فهذا مما أمر به الشرع ولا ينكره أحد بل لابد أن يجتمع عليه أصحاب المنهج الثوري والمنهج السلمي وأظن أن كلاهما متفق علي هذا الأمر.

كما أن إفشال الانقلابيين وإنهاكهم بعمليات نوعية دون خوض في دماء أو إصابة لأي بريء هذا أيضا محل اتفاق بين الفريقين.

ثم لنتكلم عن المنهج الثوري

لقد قام أصحاب المنهج الثوري بالالتزام بالمنهج السلمي لفترة ليست بالقصيرة؛ فقد ظلوا ملتزمين بسلميتهم بعد مذابح عديدة بدءا من الحرس الجمهوري ومرورا بالمنصة ومحرقة رابعة والنهضة و6 أكتوبر و25 يناير ورأوا أنه مع سلميتهم يزداد فجر العسكر وصمت الداخل والخارج ، ورأوا أنه لابد من حماية للمتظاهرين وردع للمعتدين، بدأ ذلك بصورة عفوية من شباب متحمس في صورة حرق سيارات الشرطة العامة والخاصة ،ولكن لضعف خبرتهم تم القبض على أكثرهم.

بدأ الشباب يطورون من أنفسهم وبدأت عملياتهم النوعية سواء في القصاص العادل أو إنهاك الانقلاب تكون أكثر دقة ولم يؤذي منها بريء حتي الآن.

وحتي الآن ليس ثمة تعارض بين المنهج الثوري والسلمي؛ أصحاب المنهج الثوري يرون في عملياتهم النوعية حماية للحراك السلمي وإنهاكا للانقلاب العسكري للإسراع بزواله و بالطبع كلا الفريقين متفق علي المنهج الثوري في إصلاح مصر بعد كسر الانقلاب من خلال تغييرات ثورية في أجهزة الدولة وخاصة المشاركة في الانقلاب ومحاكمات ثورية ناجزة للمتورطين في القتل والتعذيب والاغتصاب . إذا أين الخلاف:

أظن أن الخلاف سببه الرئيس في طريقة الإعلان

فقيام "منتصر" بالتهديد والوعيد وخاصة بعد أحكام الإعدام ثم قيام "غزلان و البر" بالتأكيد علي السلمية ونبذ العنف وكأنها موجهة ضد " منتصر" هذا ما أحدث الالتباس وبذر الشعور بالفرقة وهو ما كان يمكن تجنبه.

الفريقان متفقان علي استمرار المقاومة السلمية بجميع أشكالها، وقطاع كبير من الفريقين مع العمليات النوعية والقصاص العادل والذي يؤيده الشرع والعرف.

ولكن منشأ التخوف هو عسكرة الثورة وتحويل الثورة لمليشيات عسكرية وهذا ما لا يريده الطرفان وأتمنى ألا يفكر فيه أحد.

إن تحويل الثورة لمليشيات عسكرية معناها فناء الجميع وهو ما يتمناه الهاشتاج وأعوانه. إن أول مشكلة هو انعزال الثوار عن المجتمع وخروجهم للصحراء للتدريب والتجهيز مما يؤدي لعزلتهم و يسهل إبادتهم ويفقدهم شعبيتهم .

ومن الأسباب أيضا التخوف من لعبة المخابرات القذرة في صناعة ميليشيات على عينها لتكون مصيدة للشباب المتحمس ثم توجه رصاصها لرفقاء الثورة.

وكم سنفقد من داعمين داخل المؤسسات الانقلابية ـ لم يحن دورهم بعد ـ في حالة تحولنا لمليشيات عسكرية.

للأسباب السابقة وغيرها لا يفكر أصحاب المنهج الثوري في عسكرة الثورة ولكن ما يريدونه هو التوسع والشمول في العمليات النوعية وزيادة معدلات القصاص العادل. أما ما أثار حفيظة أصحاب المنهج السلمي هو خوفهم من عسكرة الثورة وتحولها لميليشيات.

ولو تريث الطرفان في العرض لما حدثت المشكلة ، ولو راعي المتحدثون فنون الكلام والسياسة لما أدي لهذا الالتباس.

من العرض السابق أؤكد أن الخلاف بسيط يسهل تداركه بإذن الله.

ولكن لا بد للقيادة التاريخية أن تعلم أنها بصدد واقع جديد وأن الشباب يحملونها كثيرا مما آلت له الأمور وأن من علي الأرض هو المتحكم في الأمر وأن دعوة الإخوان صارت ملكا للجميع وأصبحت كما عبر عنها البنا "روح تسري في الأمة فتحييها بالقرآن".

وما أود أن أؤكد عليه أن جماعة الإخوان لها نظامها وآلياتها التي تحسم أي خلاف. كما أن الاختلاف بينهم لن يفسد شيئا من أخوتهم وما أتمناه من الشباب أن يراعي في نقده وحديثه آداب الإسلام التي ربانا عليها الإخوان ومنهم من نعترض عليه الآن.

وإلي لقاء في مقال قادم أحدثكم فيه عن بعض الرؤى في تطوير الجماعة وطريقة حسم الخلاف القائم.

اللهم بارك في أخوتنا وانصرنا علي أعداء الإسلام

المصدر