سليم عزوز يكتب : "شفيق".. وجع في قلب "السيسي"!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سليم عزوز يكتب : "شفيق".. وجع في قلب "السيسيي"!


(6/22/2015)

مقدمة

سليم عزوز

يكفي أن تقرأ ما قاله، اللواء "وليد النمر"، أحد قيادات المخابرات الحربية المصرية سابقاً، في مقابلته مع جريدة "الوطن"، لتتأكد أن "عبد الفتاح السيسي"، يقف على الرمال المتحركة، مهدداً بالابتلاع الذي جرى لجيش "قمبيز"، في سالف العصر والأوان!.

"وليد النمر"، ينتمي للجهاز الذي ترأسه عبد الفتاح السيسي، والذي يعطيه ثقته كلها، وهو الجهاز الذي يحكم منذ ثورة يناير، بعد تنحية الأجهزة الأخرى، ومن بينها جهاز "الأمن الوطني"، وجهاز "المخابرات العامة"، وقد تحول ضباط الشرطة، إلى مجرد "عساكر مراسلة"، ومع هذا يأتي "وليد النمر" ليعلن أن الفريق "أحمد شفيق" هو من فاز في الانتخابات الرئاسية، وليس الدكتور "محمد مرسي"!.

أهمية هذا الإعلان، أنه جاء بعد إعلان عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الصحفي الذي عقد مع ميركل في زيارته الأخيرة لألمانيا، أن "مرسي" فاز في انتخابات نزيهة.

ولم يكن بهذا الكلام يريد أن يبدو موضوعياً، ولكن لأنه كان يريد طي ملف نجاح الفريق "أحمد شفيق"، بعد إعادة فتحه من جديد والقول إنه هو الأحق بالرئاسة، فالاعتراف بشرعية الدكتور "محمد مرسي" هي أخف الضررين، لأنه يمكن أن يقال فيها ما قاله السيسي في "اعترافاته الألمانية" من أن الجماهير خرجت وأسقطت شرعيته ولم يجد الجيش مندوحة إلا الانحياز لإرادة الشعب، فمرسي نجح بـ 51% فقط، ومن الجائز أن تتآكل هذه النسبة!

الضرر الأكبر، هو في العزف على ذات الأسطوانة المشروخة، التي كان يتم العزف عليها قبل الانقلاب العسكري، والتي تتمثل في أن "شفيق" هو الفائز، لكن الإخوان هم من زوروا الانتخابات، أو أنهم هددوا بتدمير البلد، فلم يكن هناك بد، من إعلان فوز مرسي.

وهناك من يقول إن إعلان فوز المرشح الإخواني من قبل الجيش، كان من أجل إنهاء تنظيم الإخوان، بإظهار فشلة في الحكم أمام الرأي العام!.

خلصنا من الإخوان

وهي ذرائع سقطت الآن، فقد تم إسقاط حكم الرئيس "محمد مرسي" بعد حملة الإبادة الإعلامية التي تعرض لها كشخص، وكحكم، وكجماعة، فلم يعد لدى من ينحازون للسيسي الآن من إنجاز يمكن أن ينسبوه له، بعد فشله في البر والبحر، إلا أنه هو الذي "خلصنا من الإخوان".

وهي عبارة تحولت إلى "إكليشيه"، يرددها القائل، معتمداً على أنك لن تناقشه، وقد انشغلت لفترة في سؤال هؤلاء: وما هو الضرر الذي وقع عليكم من حكم الإخوان؟، فيفاجأ القائل بالسؤال، و"يضرب لخمة"، فلا يجد إجابة يمكن أن يقولها!.

قبل الانقلاب العسكري، كان أحد شباب الصحفيين متحمساً لفكرة إسقاط حكم الإخوان..

وكان رأيي أنه: فليستكمل الرئيس مدة رئاسته، وإن خفتم ضياعاً للبلد بسبب سوء أدائه، فما دامت المعارضة تملك الأغلبية التي ستمكنها من إسقاطه في الانتخابات الرئاسية المبكرة، فينبغي التركيز على الانتخابات البرلمانية، لنحصل على الأغلبية، ونتمكن من تشكيل حكومة غير إخوانية، وبأغلبية البرلمان يتم تشكيل لجنة لتعديل الدستور، وانتزاع صلاحيات الرئيس الدستورية، لصالح الحكومة، لنمنع مرسي من أن "يخرب البلد".

وهي "الأسطوانة" التي كانت رائجة: "مرسي سيخرب البلد"!.

لم أقل هذا الكلام للصحفي الشاب، لأني كررته كثيرا، وكنت في كلامي أتحدث بصيغة "نستطيع"، "نحصل"، "نتمكن"، باعتباري منتمياً للقوى المدنية!

قلت للزميل، لنترك مرسي يكمل دورته.. فماذا يمكن أن نفعل لو أجريت الانتخابات الرئاسية ونجح مرسي مرة ثانية؟!.

اندفع الشاب المتحمس ليقول لي: كيف نترك مرسي في الحكم؟، وماذا لو حقق إنجازات دفعت الناخبين لانتخابه لدورة ثانية؟!

عندما قال هذا الكلام نظرت إليه ولم أعقب، وصمت هو وكأنه فوجئ بما جرى على لسانه.

لا بأس، فقد تم إسقاط حكم الرئيس "محمد مرسي"، واختطافه، وتقديمه للمحاكمة، ونصبت المجازر للإخوان، وعزف البعض على "الربابة" عن فشل الإخوان.

فما هو المبرر الآن للاستمرار في عدم إحقاق الحق وإعلان الفائز في الانتخابات وهو الفريق "أحمد شفيق"؟!.

حضور شفيق

لقد بدأت حركات تتشكل، وتعلق لافتات ليلاً تعلن أن "شفيق" هو رئيسها، وبدا "شفيق" نفسه ليس متنازلاً عن هذا الحق، فيناور في حدود قدراته المتواضعة على المناورة، لكنه لا يتنازل ليس فقط عن حلمه في أن يكون رئيساً للبلاد مستقبلاً، وهذا وحده كفيل بإثارة الرعب في أوصال "عبد الفتاح السيسي"، لكن في تأكيده على أنه هو الرئيس الفائز في الانتخابات الرئاسية التي تم إعلان فوز مرسي فيها.. ثم إنه لم يتقدم بالتهنئة للسيسي بعد إعلان فوزه في الانتخابات التي أجراها ونافس نفسه فيها!.

في ألمانيا كان "عبد الفتاح السيسي" يستهدف من كلامه حول فوز مرسي في انتخابات نزيهة وشفافة، ضمن ما استهدف، قطع الطريق على "شفيق".. لكن ها هو أحد قيادات المخابرات الحربية في فترة إجراء الانتخابات الرئاسية يؤكد في حواره مع جريدة "الوطن" أن الفريق أحمد شفيق هو الفائز في هذه الانتخابات، وأنه تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء "كمال الجنزوري" يهنئه فيه بفوز الفريق "أحمد شفيق"!.

الحديث عن "كيف عرف رئيس الوزراء، ولماذا هنأه وهو المسؤول في جهاز الأصل فيه أنه على الحياد؟"، هو فائض قول، لا يقدم ولا يؤخر، وكأننا صدقنا ما أذيع عن أن المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد علم باسم الفائز من التلفزيون ولحظة إعلان رئيس المحكمة الدستورية العليا اسمه!.

وهو ما حاول الفريق "سامي عنان" رئيس أركان الجيش، واللواء "مراد موافي" تأكيده في تصريحات سابقة، تعليقاً على ما قاله أحمد شفيق في حواره مع برنامج "عمرو أديب": ربما كان المبرر لهذا الاندفاع في النفي، والتأكيد أنهما علما باسم الفائز في الانتخابات الرئاسية لحظة إعلان رئيس المحكمة للنتيجة، هو أن ما قاله المرشح الرئاسي السابق حمل إهانة للأول واتهاماً للثاني!.

وبحسب كلام شفيق، فإن "سامي عنان" عندما أبلغه بفوزه قال له "لا تنسانا"، في إشارة إلى تهافت الرجل لمنصب في البلاط. وبحسب كلامه أيضاً فإن "موافي" قد مارس فعل التخابر المجرم قانوناً، عندما أبلغ أجهزة مخابرات لدول أخرى بنتيجة الانتخابات قبل إعلانها رسمياً، وكان الفائز بحسب الإعلان هو الفريق "أحمد شفيق"، مما دفعهما للتحرك لنفي ما جاء على لسان المذكور!.

من قبل نشر كثيراً، عن أن "سامي عنان" هو من أبلغ "أحمد شفيق" بفوزه في الانتخابات الرئاسية ولم يجد الرجل في ذلك ما يستحق النفي، لكنه فعل هذا مؤخراً للسبب السابق، فضلاً عن حساسية اللحظة، والسيسي يتخذ شفيق عدواً، ويراه مهدداً لعرشه!.

رئيس اللجنة العليا؟

أن يعلم، المشير، والفريق، واللواء سامي عنان، من هو الفائز قبل إعلان نتيجة الانتخابات أمر طبيعي، فلم تكن اللجنة المشرفة عليها منبتة الصلة بأجواء الفساد السياسي الذي أفرزه نظام مبارك، بل إن رئيس اللجنة القضائية، هو أحد إفرازات دولة مبارك، فافتراض النزاهة في أعلى درجاتها لا يصدقه إلا أهل الغفلة.

لقد كان رئيس اللجنة يشغل منصب رئيس محكمة جنوب القاهرة، في وقت كان لهذا المنصب أهميته لدى نظام مبارك ودوائره الأمنية، بعد القانون الموحد للنقابات المهنية، الذي تم القضاء مؤخراً بعدم دستوريته، وهو القانون الذي أُقر بهدف السيطرة على النقابات المهنية بالنص على أن انتخاباتها لا تجرى إلا تحت إشراف لجنة قضائية برئاسة رئيس محكمة جنوب هذا، بعد أن سيطر الإخوان على معظم هذه النقابات بالانتخابات، ففرضت الحراسة القضائية على نقابتي المهندسين والمحامين، وغيرهما!.

واللافت، أن كل رؤساء هذه المحكمة خرجوا من الوظيفة القضائية لمناصب في السلطة التنفيذية، فأول رئيس بعد القانون تم تعيينه محافظاً لدمياط، والثالث محافظاً لكفر الشيخ، وإن كان الثاني وهو "محفوظ شومان" لم يسر عليه هذا لأسباب لا أعرفها، مع دوره الذي قام به في حينه من المماطلة في إجراء انتخابات نقابة المحامين. ومعلوم أن اللجنة القضائية أجلت الانتخابات في نقابة الأطباء لقرابة العشرين عاماً، إلى أن قامت ثورة يناير!.

أما المستشار فاروق سلطان، فقد حرص نظام مبارك على مجاملته بشكل سريع وهو في الخدمة القضائية، فكان القانون الذي صدر بإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى ليكون رئيس محكمة جنوب القاهرة "الابتدائية" عضواً في المجلس، وهو الأمر الذي استقبلته الدوائر القضائية والقانونية بالرفض أو التململ.

ولأن مبارك كان شخصاً عنيداً بطبعه، فقد رد على الرفض والتململ، بأن رفعه رئيساً للمحكمة الدستورية العليا، وجاء به كما وصفته حينئذ أكثر من مرة، "متخطياً الرقاب".

ورئيس هذه المحكمة هو عضو في المجلس الأعلى للقضاء في التشكيل القديم والجديد!.

كان مبارك بعد رئاسة المستشار "عوض المر" قد عمد إلى تدمير المحكمة الدستورية العليا، بالدفع برؤساء من خارجها، ومخالفة تقليد تعيين الأقدم في تشكيلها رئيساً في حال خلو موقع رئيس المحكمة.

مزاح فتحي سرور

وقد جاء مبارك بالمستشار سلطان متخطياً الرقاب بعد التعديلات الدستورية التي ألغت النص على قيام رئيس البرلمان بصلاحيات الرئيس في حال غيابه أو عجزه عن القيام بمهام وظيفته، وأعطى النص الجديد الصلاحيات لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وذلك بعد المقال الذي كتبه "إبراهيم سعده" في جريدة "أخبار اليوم" عن الحديث في جلسة خاصة لفتحي سرور ومجموعة من أصدقائه على أحد الشواطئ، عن هذا الدور له وما ينتظر سرور!.

كان واضحاً أنه حديث مزاح، فلم يعاقب بسببه "فتحي سرور" فقد كانت الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وسمح له مبارك بالترشح على قوائم الحزب، وسط حديث متواتر يتردد عبر وسائل الإعلام عن أن رئيس البرلمان الجديد سيكون "مصطفى الفقي"، أو "مفيد شهاب"، ليفاجأ الجميع باستمرار "فتحي سرور"، ربما كان ما تردد هو رسالة بأنه لا يتجاوز الحديث في لقاءاته ولو الخاصة لهذا الموضوع ولو كان مزاحاً، ولم يكن من مزح هو "فتحي سرور"، وإن كان "إبراهيم سعده" أخذ عليه أنه لم يعنف من قال هذا الكلام!.

بحسب سياسة الكيد، المعتمدة لدى مبارك، فقد سحب ما يرتبه الدستور لرئيس البرلمان، ومنحه لرئيس المحكمة الدستورية العليا، ولم يشأ أن يتخلص من "سرور" كليا، فقد كان يجد فيه "الأمان التشريعي"، إذ كان قانونياً مرموقاً لكنه في الوقت ذاته موظفاً خانعاً، ويفتقد للكاريزما والحضور، اللذين كان يتمتع بهما رئيس البرلمان السابق له الدكتور رفعت المحجوب!.

المهم، أنه لا يمكن لأحد أن يعتقد في أن المستشار رئيس اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية، قد حجب النتيجة عن قيادات الدولة، وقادة الأجهزة الأمنية، وهو من كان يسمع لمن دونهم في رئاسته للجنة الانتخابات النقابية.

وأذكر أنني التقيت في حضور شهود، لمناقشة مخالفة اللجنة للقانون في انتخابات نقابة الصحفيين، ولم يشأ أن يدافع عن موقفه القانوني، فقال إنه هنا ليس القاضي رئيس محكمة جنوب القاهرة، ولكنه رئيس لجنة إدارية، وأدهشني هذا الاعتراف، فقد ظننت أنه سيدخل معي سجالاً قانونياً أرى خلاله منطق الباطل في تفسير القانون.

ومع هذه الدهشة أردت أن أجرح كبرياءه القضائي، بما يدفعه للغضب وقد ينادي على أمن المحكمة، فأتمكن من "تفريغ غضبي" أمام طائفة من الناس!.

قلت له بما يمثل خروجاً على اللياقة: أنت تعمل هنا بتعليمات من مباحث أمن الدولة، فلست قاضياً، ولست رئيس لجنة!.

وأدهشني أنه لم يغضب، فقمت واقفاً ومد يده مصافحاً ومودعاً، ونظرت إلى يده وأعلنت أنني لن أصافحه. كان معي محام وصحفي فقالا له كلاماً مثل الذي قلت، ورفضا أن يصافحاه أيضاً!.

ربما كان هناك تفكير بصوت مسموع، بإعلان فوز الفريق "أحمد شفيق"، وتم العدول عن ذلك، لأن المشير طنطاوي وقف على أن ثمن تزوير إرادة الناخبين سيكون باهظاً، لاسيما وأنه لم يكن على ارتياح مع "أحمد شفيق"، إلا في ما يختص بالانتصار الشكلي إذا صار الرئيس منتمياً للقوات المسلحة، وهو أمر لا يستحق الفاتورة الباهظة!.

مرسي هو الفائز ولكن..

ليس لدي أدنى شك في أن الرئيس "محمد مرسي" هو الفائز، لكن الحديث عن فوز الفريق "شفيق"، كان ورقة جرى استغلالها في محاولة إسقاط مرسي، لكن المستفيد الوحيد من ذلك هو "عبد الفتاح السيسي" والإقرار بنجاح الفريق معناه أن يخرج هو من "المولد بلا حمص".

وعندما يقول السيسي إن الرئيس مرسي نجح في انتخابات نزيهة وشفافة، فهو يقطع الطريق على "شفيق"، وعندما يعلن "وليد النمر" أحد قيادات "المخابرات الحربية" السابق أنه تلقي اتصالاً من رئيس الحكومة يهنئه بفوز الفريق شفيق، فالرسالة هنا ليست لمرسي وإنما للسيسي!.

ليتحول "شفيق" إلى وجع في قلب "السيسي"!

فجبهة "عبد الفتاح السيسي" تصدعت، ولم يعد له سوى بعض الأنفار من تجار السياسة، الذين يقدمون أنفسهم له ليكونوا في خدمته، ويطالبونه بأن يحسم خياراته، والحسم يكون باستخدامهم هم، وهو لديه حساسية مفرطة من كل من له علاقة بالسياسة وكل من له مرجعية سياسية، وإن كان في الوضع منبطحاً!.

ولم يعد السيسي هو المهيمن على المشهد، ليمكنه من أن يحسم خياراته، فهو في خوف مقيم من أن يكون من يظنهم معه قد حسموا خياراتهم لصالح "أحمد شفيق"!.

قال محمد أبو الغار، رئيس أحد الأحزاب المكونة لتحالف جبهة الإنقاذ، ما نقله عنه عبد الله السناوي، إن جهاز الأمن الوطني كان يراهن على من ينتمون للحزب الوطني وقدرتهم على حسم الانتخابات البرلمانية القادمة، لكن حدث ما كان أحد أسباب تأجيل الانتخابات، وهو ما أكدته تقارير الأمن الوطني من أن ولاء هؤلاء هو لشفيق وليس للسيسي!.

لقد كان "حلف الانقلاب"، يرى أنه لا يوجد أمامه إلا أن يتمسك بالسيسي باعتباره رجل المرحلة واختيار الضرورة، فإذا سقط سقطوا معه، ولذا كان قبولهم به، حتى وهو يعلن أنه لا يوجد لديه ما يقدمه، فيترشح بدون برنامج، ولا يوجد ما يقدمه سوى مقولته المأثورة "ما فيش"، وعلى قاعدة "انتخبوني واشكروني".. وعندما يجد نفسه مضطراً ليقدم وعوداً للجماهير فإذا بها وعود هلامية عن مصر التي ستصبح "أد الدنيا"، ومع ذلك قبله حلفه، فلم يكن هناك بديل!.

السيسي ليس قدرهم

وفي لحظات الخوف الشديد وقف حلفاؤه على أنه المشكلة وليس الحل، وأنه "العقدة" التي وضعت في "المنشار"، وأنه من الخطر وضيق الأفق أن ينظروا إليه على أنه الخيار الوحيد، فالرأي العام المنحاز للدولة القديمة كان الأسبق من نخبة الانقلاب في الوقوف على أن "السيسي ليس قدرهم"، ربما لأن خيارهم منذ البداية كان "أحمد شفيق"، فلم يحدث حماس يقود للتدافع في الانتخابات الرئاسية لانتخاب السيسي.

لقد عمد "عبد الفتاح السيسي" إلى تغييب "أحمد شفيق" ومنعه من العودة إلى مصر، ليسري عليه في بعده المثل الشعبي "البعيد عن العين بعيد عن القلب"، لكن مع فشله، ويأس الناس من قدرته على الصمود، كان التفكير في "الحاضر الغائب" أحمد شفيق، لتستيقظ القاهرة ذات صباح على لافتات تغرق جدران الشوارع عن "شفيق الرئيس".

وفي لحظات غضب، وبعد أن تعرض لوعكة صحية، قيل إنه نقل خلالها للخارج للعلاج، عاد أكثر ضيقاً، وأقل حذراً، فتكون مقابلته مع قناة "العاصمة" سبباً في أن يفرض اسمه نفسه بقوة من جديد!.

الحوار ليس السبب، ولكن قرار منعه، قبل أن يجد السيسي نفسه مضطراً إلى إلغاء القرار وربما البث مع تهذيب المقابلة قدر الإمكان!.

وإزاء هذا الحضور الطاغي، يتولى مدير مكتب السيسي "عباس كامل" بنفسه مهمة اغتيال "أحمد شفيق" إعلامياً!.

وقد أخبرني أحد الصحفيين الذي يعملون في إحدى الصحف الخاصة، التي يترأس تحريرها ثوري متقاعد، كيف أن "كامل" على اتصال دائم برئيس التحرير، يلقي بالفكرة، ثم يتصل به ليسمع للصياغة ويعدل فيها، ثم يتصل بعد قليل ليطلب منه حذفاً أو إضافة!.

وعندما حاولت عبر آخرين التأكد من صحة ذلك، فما الذي يمنع من أن يكون هدف الصحفي التشهير برئيس التحرير لسبب من الأسباب؟..

وكيف له أن يطلع على تفاصيل مكالمات الأصل فيها السرية، هالني أن الثوري المتقاعد يتحدث مع كامل هاتفياً بشكل عادي أمام الناس وينقل التصويب الجديد لمرؤوسيه باسم صاحبه، وذلك من باب الفخر، لأنه على اتصال بالرجل الثاني في الحكم، إن لم يكن الأول مكررا !.

وتصيب المرء الدهشة عندما تكون الخطة أن يقال في "أحمد شفيق" ما قال مالك في الخمر، لدرجة أن يزج به في قضية "المستريح"، وهو ذلك "النصاب" الذي جمع أكثر من مليارين من الناس، بحجة استثمارها ودفع فوائد كبيرة؛ إذ كتب رئيس التحرير أن بنات شفيق من المتعاملات معه!.

في مقالي "السيسي وشفيق: مبروم على مبروم" كتبت أن الدولة العميقة ترى ولأسباب ذكرتها أن "شفيق" وليس السيسي هو خير من يمثلها، وكان هذا تحليلاً مبنيا على شواهد كثيرة، أهمها عدم حماس وجهاء القبائل في الريف، والأعيان، والمنتمين للحزب الوطني لانتخاب السيسي، على العكس من فرق الرقص الشعبي، وها هي التقارير الأمنية تؤكد أن ولاء من كانت تراهن عليهم الأجهزة في الانتخابات البرلمانية لشفيق وليس للسيسي!.

في هذا المقال أيضاً ألمحت إلى تصريحات سابقة لشفيق حول حفظ قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق في بلاغه حول تزوير الانتخابات لصالح الدكتور مرسي!.

بيد أنه في حواره الهاتفي مع "عمرو أديب" أكد شفيق أن القاضي انتهى من التحقيقات وفي انتظار إعلان قراره، ويبدو واثقاً ثقتي أنا أيضاً في أن هذا القرار هو لصالحه، بإعلان أنه الفائز في الانتخابات الرئاسية، أو على الأقل القول بأن الانتخابات قد شابها التزوير بما يرتب الإعادة من جديد بين مرسي وشفيق!.

ثقتي مردها إلى الأزمة التي حصلت بين رئيس محكمة الاستئناف وقاضي التحقيق، إذ كان الأول بعد وقوع الانقلاب يطلب منه إغلاق الملف لكنه رفض، فقام بإلغاء قرار ندبه قبل صدور قرار محكمة النقض بإعادته!

كما أنه جرى مصادرة إحدى الصحف في المطبعة لأنها نشرت التقرير!.

لا أستبعد ضغوطا هنا أو هناك، لكن مهما يكن، فالسيسي وإن كان يرى في السابق مشكلته في الحديث عن الشرعية وعودة الرئيس الشرعي وربما فكر في التخلص منه، فإذا بشفيق يطل عليه، ليؤكد له أن تغيب مرسي لن يكون سبباً في استقرار الحكم له، فهذا الحكم حقه هو وليس حق "محمد مرسي"!.

والقلق من "شفيق" لأنه يلاعبه على أرضه. فكلاهما من خير أجناد الأرض، وكلاهما ينتمي لدولة مبارك. ولهذا خرج كثيرون من معسكر السيسي إلى معسكر شفيق، لدرجة أن يعلن ضابط كبير عمل في المخابرات الحربية أن شفيق هو الفائز بالانتخابات الرئاسية.

والحرج هنا سيكون عندما يرد عليه ولماذا لم يتم إعلان فوزه وتمكينه من الحكم الآن؟!

إنه وجع في قلب "السيسي" اسمه "أحمد شفيق"، إذا تخلص من "مرسي" بقي له، فمن خان لن يجد راحة أبداً.

سنة الله في الذين خلوا من قبل.

المصدر