سيد قطب .. ضد العنف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سيد قطب..ضد العنف
سيد-قطب-ضد-العنف.jpg

موقع إخوان ويكي

إعداد أ/ أحمد طه


تقديم

صدر حديثا كتاب (سيد قطب ضد العنف) للدكتور منير الغضبان الداعية الإسلامي البارز وهو من مواليد ( التل – دمشق – سوريا ) عام 1942 م، كما أنه كان في فترة من الفترات المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين فى سوريا.

ويعتبر من أحدث إصدارات دار السلام للطباعة والنشر،وهو كما تقدم له الدار فى موقعها الالكترونى :يدور حول واحد من أكثر الكُتَّاب والمفكرين الإسلاميين والساسة الذين شغلوا – ويشغلون – حيزًا كبيرًا من الجدل الكثـير والشديـد، ويمثل هذا الكتاب «شهادة براءة» لهذا الكاتب والمفكر الإسلامي من هذا الاتهـام «سلوك طريـق العنـف لإحداث الإصلاح»؛ فهو في آخر كلماته التي خطَّها في حياته يعلن أنه ضد العنف.

مع المقدمة

قدم للكتاب أحد عمالقة الفكر الإسلامي وهو الدكتور محمد عمارة؛ فالكتاب إذا وثيقة فكرية تايخية من رجل كان مراقبا لجماعة الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية فى العصر الحديث، فى قطر من الاهمية بمكان فى جسد الأمة،ووقع على هذه الوثيقة رجل وصف بأنه المنظر الأول للفكر الإسلامى من المعاصرين؛مما يعطى للكتاب وزنا وثقلا فى الحكم على فكر رجل لطالما كان موضع جدل ومحل دراسة من كل الحركات الإسلامية بل والعلمانية فى العصر الحديث.

والكتاب يقع فى 223 صفحة؛ وهو سلسلة من فى عشر حلقات كما أراد المؤلف أن يجعلها حلقات منفصلة متصلة يكمل بعضها بعضا حتى يكتمل العقد الذى أراد المؤلف أن يهديه لنا .

قدم الدكتور محمد عمارة مقدمة ضافية عرض فيها للسيرة الذاتية لسيد قطب؛ فتكلم عن تاريخ ولادته ونشأته ثم دراسته، وتتلمذه على يد العقاد من بعد فترة إعجاب قصيرة ب "طه حسين"،ثم استقلاله الفكرى عن أستاذه العقاد لينهل مباشرة من المصادر التى نهل منها أستاذه..وتكلم عن انتماءاته السياسية التى تنقلت من حزب الوفد إلى الهيئة السعدية إلى الإخوان المسلمين .ثم عرج بنا الدكتور عمارة إلى حياته الفكرية أديبا وشاعرا وناقدا خاض غمار المعارك النقدية الأدبية فى الثلاثينات والأربعينيات على خلفية إسلامية لكنها لم تكن قد تألقت بعد؛ثم مرحلة التألق والتى بدأت إرهاصتها تلوح عندما نقد كتاب (مستقبل الثقافة فى مصر) لـ"طه حسين" و الذى أحدث ضجة كبيرة وقت صدوره،ففند سيد رحمه الله مزاعمه متخذا الإسلام وتاريخه قاعدة الانطلاق لاستئصال منطلقاته العلمانية والقومية المجحفة -فى الكتاب- و الذى يرسم من خلالها رؤيته لمستقبل مصر.

ويكمل الدكتور محمد عمارة فيعرض لنا بداية الإسلاميات الخالصة عند الشيخ سيد قطب منذ إصداره لكتاب التصوير الفنى فى القرآن الكريم 1945.

ويؤرخ الدكتور عمارة بداية الأستاذ سيد رحمه الله العلاقات التنظيمية بحركات التجديد والإصلاح ذات الصبغة الإسلامية بعام 1948 ؛حيث مشاركته لرئاسة تحرير مجلة الفكر الجديد التى كانت تصدر عن الإخوان المسلمين وفى تحرير صحيفة (الإشتركية) لسان الحزب الإشتراكي و(اللواء الجديد) لسان الحزب الوطني.

وفى نفس العام انتقد توفيق الحكيم فى مسرحيته (أوديب) لاستلهامه روحها من الأساطير اليونانية الوثنية،والتى تصطدم مع العقيدة الإسلامية الموحدة.

وفى نهاية 1948 سافرإلى الولايات المتحدة الأمريكية فى بعثة علمية؛ فرأى (أمريكا من الداخل) كما كتب فيما بعد كتابا يحمل هذا الاسم؛ وشهد فرح الدوائر الصليبية والصهيونية بمقتل الإمام حسن البنا..وأيقن بما يراد للإسلام والمسلمين.

وفى 1949 كتب كتابه "العدالة الاجتماعية فى الإسلام".

وفى 1951 كانت الانطلاقة الإسلامية فى كتابيه "معركة الإسلام والرأسمالية" و"السلام العالمى والإسلام"..وبدأ فى كتابة تفسير "الظلال"،وبدأ يكتب فى مجلة الإخوان "الدعوة" ؛ويعبر سيد عن هذه النقلة النوعية بقوله:((لقد ولدت فى 1951)).!

وفى 1952 كتب فى مجلة "الرسالة"،وحتى قيام الثورة كان لايزال من أصدقاء الدعوة ؛إلا أنه بعد قيام الثورة أعلن وجوده تنظيميا مع جماعة الإخوان المسلمين،وأشرف على قسم نشر الدعوة فى الجماعة.

وفى مرحلة الوفاق بين الثورة والإخوان _ولهم الدور الأكبر فى التمهيد للثورة وقيامها وحمايتها_دافع سيد قطب عن الثورة حتى اختير مستشارا لمجلس قيادة الثورة للشؤون الثقافية وعين سكرتيرا ل(هيئة التحرير)الذى تأسس 1953 .

وعقب الخلاف بين الإخوان والثورة بعد توقيع اتفاقية الجلاء فى 1954 ؛كان فى صفوف الإخوان المسلمين ورئيسا لمجلة الجماعة السرية(الإخوان فى المعركة)المناوئة للثورة..ودخل السجن عقب أكتوبر 1945 ،وحكم عليه بالأشغال الشاقة 15عاما..ولكن الرئيس العراقى عبدالسلام عارف -والذى كان معجبا ب "الظلال"-طلب الإفراج عنه فصدر له عفوا صحيا فى مايو 1964..وبعد 10 سنوات من السجن والتعذيب،انتقلت بفكره نقلة نوعية ؛فحكم على المجتعات الإسلامية كلها بالكفر والجاهلية..بل وحكم بارتداد الأمة وانقطاع الإسلام منذ قرون..وعن هذه المرحلة عبرت كتبه(هذا الدين) و(المستقبل لهذا الدين)و(معالم فى الطريق)والإضافات التى أدخلها على(الظلال)و(العدالة الاجتماعية في الإسلام)

وبعد15شهرا من الإفراج عنه،أدخل السجن من جديد فى أغسطس 1965 ..متهما بقيادة تنظيم جديد يتبنى نظرية فكره الجديد..فحوكم..وأعدم فى- 26 أغسطس 1966 -تاركا من الآثار الفكرية 24 كتابا،وديوان شعر،و 110 قصائد،وأربع صور قصصية،وكتاب خواطر،وكتاب خواطر بالاشتراك مع إخوته، وروايتين،وسيرة ذاتية و487 مقالة..وثلاث قصص للأطفال..وعددا من المقدمات للعديد من الكتب.

ويرى الدكتور عمارة أنه سواء كان تفكيره وكتاباته فى أواخر حياته يمثل اجتهادا خاطئا ؛أو أن أدبياته الملتهبة قد فسرت خطأ بقصد أو بغير قصد، كما شهد بذلك إخوانه بالسجن فى أيامه الأخيرة حيث أكدوا نفيه لما فهم من عباراته من أنه يكفر المسلمين؛فسيظل سيد قطب ((المفكر..المجاهد))الذى قتل مظلوما على يد النظام الذى وضعه على المحرقة وسط تصفيق من الجماهير..

ويختم الدكتور عمارة ترجمته لسيد قطب مبرءا لسيد رحمه الله من الشباب الذى انحرف عن الطريق متخذين من فهمهم الخاطىء لعبارات سيد ولفتاوى ابن تيمية سندا لحمل السلاح وللعنف العشوائى..قبل أن يعلنوا مراجعاتهم الفكرية..

فهل تكمتل المراجعات ويتم تبرئة سيد قطب؟؟

وعلى كل ..فإن هذا الكتاب شهادة براءة لسيد قطب من الاتهام بسلوك طريق العنف لإحداث التغيير والإصلاح المنشود..

الحلقة الأولى

يقول الدكتور "منير محمد الغضبان" أنه منذ فترة طويلة مضت وهو عازم على إخراج هذا العمل لكن كان ينقصه أن يطلع على الكتاب الممنوع والمصادر من قبل أنظمة الدولة وهو كتاب ( معالم فى الطريق)...لكنه أدرك أن هذا التأخير كان خيرا له ولنا ،حيث أهداه القدر الكتاب وهى وثيقة (لماذا أعدمونى)بخط سيد قطب، وهى وثيقة وجدت مبعثرة بين كتبه وكتيباته وقامت بنشرها جريدة (المسلمون)..وينبهنا المؤلف أنها منقوصة غير كاملة لأن سدنة الطغيان من المحققين والحكام قد حذفوا منها ما من شأنه فضحهم..لكن ما تبقى منها كان بخط يده.

ويرى الدكتور منير أن سيد قطب قد تعرض تاريخه لسيل من الكتابات المزيفة والمضللة وحتى الإعلام المرئى أقام ضده اللقاءات والبرامج والأفلام الوثائقية والذى اتهمه أحدها بالعمالة لحزب "المحافظين الجدد" بأمريكا ،ويؤكد المؤلف أن هذه المحاولة منه لتبرئة سيد قطب لن تكون كافية للوقوف فى وجه هذا السيل الجارف من الهجوم على سيد،وأنه ما كتب هذا الكتاب إلا إعذارا إلى الله..

ويؤكد أنه يدافع عن سيد قطب والذى لم يكن يدعو إلى العنف ، فإذا هذا الكتاب ليس دفاعا عن العنف.

وأن الوسيلة المثلى للدفاع عن سيد قطب هى من خلال كتاباته ،حين يرد هو بنفسه على من يتهمونه بالعنف والتطرف.

ويؤكد المؤلف أن المقاومة للدفاع عن الأرض ليست عنفا ولا وإرهابا وإن رآها الغرب كذلك..

والكاتب يعدنا بالموضوعية فى بحثه وقد كان..ويعقب المؤلف على أن قادة التطرف وعلى رأسهم أيمن الظواهرى قد حكموا بتكفير (الإخوان المسلمين) مع أن سيد قطب قد اعتبر نفسه أنه قام ليحيى الإخوان المسلمين،بعد أن أبادتهم المخططات الصهيونية والأمريكية بتنفيذ رجال الثورة .

ويعترف المؤلف بأنه يعد من تلاميذ سيد قطب وأنه أثر فى نشأته وتكوينه..وأنه جمع مادة هذا الكتاب من خلال كل ما كتبه سيد قطب بخصوص موقفه من التغيير والإصلاح لكنه جعل الوثيقة هى المرجع الأساس فى الترجيح بين كل آراءه لأنها آخرما كتب بخط يده.

ويرى أنه يقدم وشهادة براءة لرجل ذبح من المتطرفين والمعتدلين على السواء..

الحلقة الثانية: سيد قطب قبل انضمامه للإخوان المسلمين

وينقلنا مباشرة إلى الوثيقة حيث يتحدث سيد مباشرة عن فترة بعثته إلى أمريكا حيث كان يعرف القليل عن الإخوان المسلمين..لكنه دهش للاهتمام البالغ والفرح الغامر لدوائر الفكر والإعلام والصحف بمقتل الإمام "حسن البنا" ولخص كله هذا بقوله"كل هذا لفت نظرى إلى أهمية هذ الجماعة عند الصهيونية والاستعمار الغربي"،وقد كان لسيد موقفه الإسلامى المبكر..وحين صدركتاب (العدالة الاجتماعية فى الإسلام) فى طبعة 1949 مصدرا بإهداء لشباب الإسلام الذى يحمل الخير لهذه الأمة.ففهم الإخوان أنه لهم ولم يكن الأمر كذلك،فتبنوا الكتاب وعدوا صاحبه صديقا.وبدأ بعض شباب الإخوان يزوره فى 1950 حيث لم تكن لهم دار بعد حل الجماعة.

و(معركة الإسلام والرأسمالية) 1951 كان الكتاب الذى ألفه بعد عودته مباشرة من أمريكا مباشرة،وهو الرابع فى سلسته الإسلامية بعد:

1- التصوير الفنى فى القرآن 1945.

2-مشاهد القيامة فى القرآن الكريم 1945 .

3-العدالة الا جتماعية فى الإسلام 1947.

4- معركة الإسلام والرأسمالية 1951 .

5-السلام العالمى والإسلام 1951.

وكانت كتاباته وخطبه ما نفهم من الوثيقة تتمحور حول الأوضاع الملكية الفاسدة ،والرأسمالية والإقطاع،وكشف مخططات الإستعمار الأوروبى والأمريكي والصهيونية التى تحاك ضد الشرق المسلم، والدعوة إلى نصرة قضية فلسطين إيمانا منه بأنها قضية كل مسلم وعربي..وكان مؤمنا أشد الإيمان بضرورة التغيير..


الحلقة الثالثة: سيد قطب رائد الثورة المصرية

كان سيد- كما وصفه أحد أصدقائه -قبيل الثورة يسبح منفردا و بكل ما أوتى من قوة ضد التيار..غير عابىء بما قد يلقاه جراء ذلك؛وكان رد سيد والذى صار شعاره منذ هذه اللحظة إلى أن وصل إلى المقصلة.. أن الموت والحياة غيب من غيوب الله..

ويتحدث المؤلف عن تأثر ضباط الجيش الوطنيون بسيد قطب كما وصفه د.صلاح الخالدي فى كتابه(سيد قطب من الميلاد حتى الاستشهاد) حيث تأثربه الضباط الوطنيون فكانوا يطالعون كل ما يكتبه بشغف وتطلع ،حتى إن قيادة تنظيم الضباط الأحرار بقيادة - عبد الناصر-طلبت من الضباط قراءة مقالات سيد والتثقف بكتبه. ويؤكد هذا الدكتور "الطاهر أحمد مكي" فى مقال له ب "الهلال" عن الثورة حيث يقول إنه" ميرابو" الثورة المصرية ،وميرابو هذا هو الذى مهد بكتاباته للثورة الفرنسية.

سيد مع قادة الثورة قبل قيامها

يسوق المؤلف الأدلة والبراهين التى تؤكد أن بيت سيد كان موئلا لقادة الثورة يأون إليه ليستشيروه فى التخطيط والتنظيم للقيام بالثورة ،ويسوق شهادة "سليمان فياض" وأحد ضباط الإخوان وهو "سليمان العزب" بأنه كان ممن حددوا التوقيت لبدء التحرك.وأن سيد ذكر ذلك أثناء مرافعته عن نفسه.

رجال الثورة يكرمون "سيد"

وقد أقام رجال الثورة حفلا لتكريمه بحضور عبد الناصر و"السادات" وأهدوه رسالة من "محمد نجيب" الذى وصفه برائد الثورة،وقام وارتجل خطبة كان أعظم ما ذكره فيها أن الثورة إنما قامت للعودة بالبلاد إلى الإسلام..ولكن وكأنه كان يستطلع سحب الغيب فإنه ما لبث أن قال أنه كان يتوقع السجن والاعتقال بل والإعدام فى العصر السابق أى عصر الملك ،وأنه لا زال مستعدا لذلك فى هذا العصر أيضا فى سبيل تمسكه بكلمة الحق..بيد أن عبد الناصر قام هاتفا: نفديك بأرواحنا ياسيد ..لن يصلوا إليك إلا ونحن جثث هامدة..نفديك بأرواحنا يا سيد،وكان هذا آخر الهتاف من عبدالناصر لهظ قبل أن يتفرقا،ثم يلتقيان لكن على هتاف آخر..


الحلقة الرابعة: سيد قطب عضو فى جماعة الإخوان المسلمين

يقول سيد قطب فى مرافعته أمام محكمة الثورة أنه بعد استنفد جهده ووقته فى العمل مع رجال الثورة فى "هيئة التحرير" رأى أن فكره وفكر رجال الثورة بدأ يفترق، حيث بدأ رجال جمعية "الفلاح" الأمريكية يتسللون إلى الهيئة ويسطرون عليها بأفكارهم العلمانية،وفى الوقت نفسه كانت علاقته بالإخوان المسلمين تتوثق بعد أن عرف لهم قدرا،وفى البداية رحبوا به و جعلوا عمله فى الأمور الثقافية لقسم نشر العوة، ودرس الثلاثاء،وكتابة بعض الرسائل الشهرية للثقافة الإسلامية،أما الأعمال الحركية فكان بعيدا عنها.

وأصدر فى 1953 كتابه(دراسات إسلامية)والذى جعل آخر دراسة فيها للحديث عن حسن البنا و عبقرية البناء..وكان فى هذا العام تدخل عبد الناصر ليوقع بين الإخوان بيد أن سيد كان على علم بما سيقع من شقاق قبل وقوعه وذلك من خلال الصحفى على أمين ،فقام بين الإخوان يؤكد أن هذه خطة صهيونية أمريكية للقضاء على الإخوان.

نشاط سيد قطب العالمى..حيث تم إيفاده خارج القطر لرحلتين هامتين إحداها لدمشق والتى التقى فيها بإخوان سوريا وألقى محاضرات يدور محورها حول "التربية سبيل التغيير" و"الإعجاز البيانى فى القرآن الكريم".

وبعد عودته رأس تحرير جريدة الإخوان المسلمين لمدة 12 عددا قبل أن يوقفها باختياره بسبب الرقابة التى كانت تحجب معظم مقالات الجريدة..!

واعتقل مع قيادات الإخوان فى يناير 1945 ثم كان ممن افرج عنهم فى مارس ؛ثم فى أكتوبر 1945 فى المنشية كانت التمثيلية واعتقل مع قيادات الإخوان وشكلت لهم محكمة الثورة، واتهم بأنه من الجهاز السرى ورئيس قسم المنشورات، وكان يرى سيد أن حادثة المنشية مدبرة من الخارج وخصوصا من "جمعية الفلاح الأمريكية" كما نقل لصلاح الدسوقى عندما كان يستجوبه..وبعد أن يستطرد المؤلف فى عرض حقيقة حادث المنشية ..أوضح رأيه فى أن سيد ضد العنف فى نقاط ،من واقع كلام سيد فى هذه الفترة..مجمل هذه النقاط أن سيد كان يؤمن بأن رسالته هى "الكلمة والكتابة" وأن "التربية هى طريق التغيير"،وأن الصراع بين الأنظمة والذى ينتهى بتدمير الحركة الإسلامية هو مخطط أعداء الإسلام،وإيمان سيد بنهج الإخوان المسلمين الإصلاحى الذى يرفض العنف هو الذى جعله يتأكد أن حادث المنشية مدبر بأيد أمريكية،وهو الذى جعله يدفع ثمن المطالبة بالحرية حيث الاعتقال الأول والثانى والثالث ثم الإعدام.


الحلقة الخامسة: تدمير الإخوان المسلمين تحقق بنجاح

يرى المؤلف أن سيد كان يدرك المخططات الصهيونية الأمريكية بالمنطقة و كان يرى أن أمريكية هى نسخة أوروبا الاستعمارية لكن فى ثوب جديد وتحت اسم آخر،وكان متوقعا لبدء تنفيذ الخطة الأمريكية الصهيونية التى تعبث بمقدرات الثورة حتى تصطدم مع الإخوان وتدمرهم،وأن الدولة عمدت إلى تضخيم خطر الإخوان بعد حادث المنشية بإعدام ستة منهم فى حادث مفتعل،بعد اعتقال أكثر من 20 ألف منهم.

ويسوق المؤلف الأدلة على الخطة الأمريكية الصهيونية لتدمير الإخوان منها تقرير "جونستون" والذى يوصى بالقضاء على الإخوان المسلمين لضمان بقاء الكيان الصهيونى فى المنطقة.

..وكان الاعتقال الثانى لسيد فى 1957، وأدرك عزم قيادة الثورة على قتل قيادات الإخوان داخل المعتقلات.

وسرد بعض المحاولات للتحرش به شخصيا أو بمحاولة اغراءه بالقيام بثورة داخل السجن وأرسلوا له الصاغ عبدالباسط البنا أخا الإمام حسن البنا ليستدرجه لذلك عن طريقة خطة رسمها له عبد الباسط للثورة ووعده بالوقوف بجانبه بالسلاح والعتاد بل وبالعسكر ،لكنه فطن لما يحاك ضده فرد عليه بأن الإخوان أدوا رسالتهم وانتهى الحال بهم فى السجن وهنا فى السجن تنتهى رسالتهم فعلى من يريد أن يكمل الرسالة من بعدهم فليكمل وحده..،وتنبأ بمذبحة وكانت المذبحة فى ليمان طرة حيث قتل 21 وأصيب 21 من شباب الإخوان المسلمين.

ويرى المؤلف فى خاتمة هذه الحلقة أن سيد قد قدم مثالا للثبات على الموقف ،وأنه كان يعتقد أن سجنه أو حتى إعدامه ليس إلا فى سبيل الكلمة..كلمة الحق والتى أبى إلا أن يصدح بها ..وأن دوره كدور أى إخوانى هو الدعوة بالكلمة والتى قد بلغوها للشعب وللأمة وبهد الكلمة ينتهى دورهم.

الحلقة السادسة: سيد قطب من (1945-1962)

وفى محكمة الشعب أو كما يسميه المؤلف"مهزلة الشعب"حكم على سيد فى 1955 بالسجن 15 عاما،وكان الحكم غيابيا لأنه لم يستطع أن أن يشهد المحاكمة من جراء التعذيب الذى خلف له تمزقا فى الرئتين ونزيفا حادا فى المعدتين والأمعاء، فكان فى مصحة ليمان طرة..ثم إلى ليمان طرة ،ثم إلى مستشفى المنيل الجامعى لمدة ستة أشهرثم العودة إلى مستشفى سجن ليمان طرة.

و مع سيد قطب الجديد..يرى المؤلف أن الكثير من محبى سيد يعدون التطور الفكرى الجديد عنده بأنه ردة فعل للتعذيب الرهيب الذى نزل به ..وسيد ليس بحاجة لأن يعتذر عنه أحد.

لكن المؤلف ينقل لنا من الوثيقة الفقرات التى يتحدث فيها سيد عن هذا التطور الفكرى الزمنى والذى انبثق من مجموع دراساته فى المعتقل (1954-1962)مع الأخ محمد يوسف هواش ..من خلال دراستيهما لتاريخ الإخوان المسلمين وواقعهم،وما خلفه انتزاعهم من الشارع المصرى من تحلل وفساد حيث كانت هناك فتاة واحدة فقط ترتدى حجابا فى الجامعة وهى "خالدة" بنت الإمام حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين وكانت موضع سخرية من الزعيم الملهم عبد الناصر فى أحدى خطبه..ويرو المؤلف أيضا أنه كان الشاب الملتحى الوحيد فى الجامعة وأنه حين كان يجوب شوارع القاهرة كان لاير فيه أى مظهر يد على الإسلام سوى مآذن المسجد العتيقة.. ويستطرد المؤلف إلى توصل سيد وهواش لنظرية مفادها أن هناك تشابها يكاد يكون تاما بين الحركة اليوم والحركة فى فى العهد المكى من حيث (موقف المجتمع العدائى منها - جهل المجتمع بالعقيدة والقيم الإسلامية - وجود المعسكرات المعادية للإسلام).

وهذا يفترق عن فهم الحركة الإسلامية السابقة فى أن الخطأ فى الأنظمة الحاكمة فقط ،مما كان يدفعهم لمطالبة الحكام بتطبيق الشريعة الإسلامية ..

ونتج عن هذ التفكير إلى توصله إلى نتيجة هى أن الأسلوب الصحيح للإصلاح هو من القاعدة فى حيث يسير فى خطين واضحين:

أولا:تربية المجتمعات على الإسلام،وعدم الانشغال بالأنظمة.

ثانيا:حماية الدعوة بتدريب مجموعات فدائية قادرة على هذه الحماية.

وكما لم يتبن سيد العنف فى المرحلة السابقة فى الأربعينيات ،لم يلجأ إليه أيضا فى هذه المرحلة الجديدة بل صار أبعد عن العنف فى فكره الجديد، فهو يدعو إلى تربية المجتمعات على الإسلام حتى تكون هى المطالبة بتطبيق الإسلام مهما اقتضى ذلك زمنا طويلا.

ولعل اتهام سيد قطب بالعنف جاء من –الفهم الخاطىء- لمطالبته بحماية الدعوة من أعداءها،مع أن الرجل كان واضحا فى تقرير دور هذه الجماعة الفدائية المدافعة عن الدعوة وهو عندما يعتدى على الدعوة من أعداءها،لرد الاعتداء وليس لها دور إلا هذا الدور.

وأهم ما لخصه المؤلف عند سيد أنه ضد استعمال العنف ضد الأنظمة الحاكمة وضد محاولات الانقلاب عليه ،ورفض استعمال العنف ضد المجتمع من أجل التغيير،وإنما السبيل هو تربية المجتمعات على الإسلام،وضرب القوة المعتدية بالقدر الذى يسمح للحركة أن تستمر فى طريقها.


الحلقة السابعة: فى ظلال القرآن

يقولون إن سيد التكفيرى الذى زرع الإرهاب للإطاحة بخصومه هو سيد فى "معالم فى الطريق"وفى"الظلال"..ويقول المؤلف ونحن ماضون معكم إلى سيد فى ظلال القرآن حتى نستجلى الحقيقة..ويتحدث المؤلف عن مراحل تأليف الظلال وهى أربعة مراحل:

أولا: عندما كان ينشر خواطره التفسيرية فى مجلة "المسلمون"فى هيئة مقالات.

ثانيا: مرحلة الظلال قبل الاعتقال من أكتوبر 1952 إلى يناير 1954 حيث أصدر ستة عشرا جزءا من الظلال عن دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة.

ثالثا: سيد قطب يكمل الظلال فى السجن..حيث رفع الناشر دعوى على الحكومة ألزمها من خلاله بالسماح لسيد باستكمال الأجزاء الباقية من الظلال و التى تعاقد عليها معه وإلا أن تدفع له الحكومة آلاف الجنيهات كتعويض ،فسمح لسيد بالكتابة فى السجن –استثناءا- لقواعد السجن والتى تمنع الكتابة داخل السجون.

رابعا: الطبعة المنقحة للظلال..حيث كانت الطبعة الأولى للظلال هى عرض خواطر سيد حول الآيات وبيان جمال التصوير البيانى للآيات..لكن السجن قد أهداه إلى "المفتاح الحركى" والذى فتح به كنوز القرآن الحية ،ووقف به على المنهج الحركى فى الدعوة والحركة،وعلى الطبيعة الحركية للقرآن الكريم..ولقد استشهد سيد رحمه الله وقد ضمن فكره فى أكثر من نصف القرآن فى ستة عشرجزء؛ ثلاثة عشر من بدايته،وثلاثة من نهايته؛بينما عاجلته الشهادة قبل إتمام النصف الثانى من القرآن الكريم..

مقدمة الظلال..يرى المؤلف أن هذه المقدمة تحمل المرحلة الأولى من حياته،والتطور الفكرى الجديد فى المرحلة الثانية،فالقسم الأول وهو يقع فى أربع صفحات يتحدث عن تأثر سيد بالقرآن وما فاض عن ذلك من إدراكه لعظمة القرآن وشموله وهو على كل حال يكاد يكون شخصيا..أما القسم الثانى من المقدمة والذى يقع فى ثلاث صفحات يعطينا صورة القرآن الحى المتحرك الذى يغير البشرية إلى الطريق القويم وهذا هو فكر التغيير العام لسيد، وقد حلل المؤلف القسم الثانى من المقدمة إلى عشرة عناصر..ثم خرج المؤلف بنتيجة هامة من خلال هذه العناصر وهى أ ن سيد قد اكتشف منهج الحركة من القرآن ذاته،من طيلة معايشته معه؛وسيد لم يحدثنا فى المقدمة عن منهج الحركة بهذا الدين ،إنما كانت "الظلال" هى المنهج. والعنف غنما يكون فى منهج الحركة أولا يكون.

لقد عمل سيد على تصحيح العقيدة،و ما أسماه بعد ذلك التصور الإسلامى للكون والحياة والإنسان وذلك فى كتابه(خصائص التصور الإسلامى) ،وكتاب آخر بعنوان (مقومات التصور الإسلامى)

وعمل على ربط العقيدة بالشريعة من خلال أن الشريعة منبثقة من الشريعة وأن تطبيق الشريعة جزء لا يتجزأ من الدين، ولن تستقر البشرية دون إعادة القيادة لهذه الشريعة،فهى الكفيلة بالقضاء على الشقوة والنكد والتعاسة للبشرية.

ومن خلال معايشته لكتاب الله، وعلى امتداد سبحاته فى الظلال عمل على تحديد المنهج التنفيذى للتصور الإسلامى ،معتمدا على ماورد فى كتاب الله عن المنهج الأول للأنبياء والرسل عامة،ثم لرسول البشرية فى امتداد الزمان والمكان خاصة،وكانت أحداث السيرة فى كتاب الله هى النور الهادى فى ذلك.

وبعد أن تناول المؤلف نماذجا من الأجزاء الثلاثة الأخيرة والأجزاء الثلاثة الأولى من الظلال.

أحكم المؤلف هذه الحلقة بمناقشة المقتبسين لجملته الشهيرة "مطاردة أعداء البشرية"من حسنى النية وسيئيها..وأوضح أنه لابد أن تفهم هذه الجملة من خلال سياقها ...لا أن تجتزأ هكذا ليفسرها كل ذى هوى كما يشاء ليتقول على الرجل ما لم يقل؛لابد أن تفهم من خلال تعقبها فى الظلال حيث نرى كيف تتم هذه المطاردة،و كيف يتعامل مع العدو فى عملية التهيئة لإقامة شريعة الله فى الأرض..

ووضح لنا المؤلف بعض هذه الملامح للمطاردة من خلال بعض الاقتباسات لسيد قطب من الظلال موضحا من خلالها أن كلامه يتمحور حول أهمية الشريعة وأهمية تطبيقها موضحا خطورة اعداء الدعوة عليها مبينا الطريق لتفادى هذه العقبات، التى تحول دون تطبيق هذه الشريعة الغراء..

ويختم بأن هذه العبارة الحادة التى وردت بمقدمة الظلال عن مطاردة أعداء البشرية لم يكن وراءها ما فهمه بعض الشباب المتحمس الغيور ؛فحملوا السلاح واختاروا العنف وسيلة للتغيير فظلموا أنفسهم وظلموا دعوتهم وساعدوا الانظمة الحاكمة لتزداد بوليسية وضراوة على كل أطياف الدعوة وعلى كل الدعاة إلى الله..هؤلاء الشباب ظلموا سيد وهو برىء..برىء منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب..


الحلقة الثامنة: سيد قطب ضد العنف من خلال الظلال

انتقى المؤلف من الظلال من الأجزاء (4-10) عينات من مواضيع من شأنها أن تتناول هذه المفاهيم،لفهم الأبعاد الكاملة لفهم فكره -رحمه الله .

يتحدث المؤلف عن الجزء الرابع فى نظرة على موقعة أحد..حيث استخلص من كلام سيد أن قيادة البشرية ليست خارجة عن القوانين والسنن الاجتماعية..وأن سيد رحمه الله لا يعتسف الطريق ،ولا يتسرع الخطا وإنما يدعو إلى الرضوخ لسنن الله فى الأرض والتى لاتحابى أحدا،ويدعو الدعاة إلى الصبر والتدرج فى العمل،والبعد عن العشوائية والهمجية.

ثم ينتقل المؤلف إلى الجزء الخامس..ويبدأه بذكر قوله تعالى(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم).. وبعد أن نقل المؤلف خواطر سيد حول الآيات يوضح المؤلف أننا قد نلتقى أو نفترق مع سيد فى تفسيره وفهمه للنصوص،أما منهج التطبيق فهى التى تعنينا فى الحديث عن نفى العنف عن سيد، ونفى الإرهاب عنه الذى لم يكن أصلا أبدا فى فهمه ..ويكمل المؤلف النقل عن الظلال إلى ينتقل إلى الجزء السادس حيث الحكم بما أنزل الله..((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون))[المائدة:44].لكن المؤلف الدكتور منير يختلف هذه المرة مع الأستاذ سيد قطب حيث يرى الشيخ سيد قطب أن "الكفر" هنا هو "الكفر" بمعناه الحقيقى المخرج عن الملة قولا واحدا،بينما ينقل الدكتور منير عن الطبرى خمسة معان للكفر هنا وردت عن أعلام المفسرين منها: اختصاصه باليهود وأهل الكتاب أوأنه كفر دون كفر، أو هو حكم لمن أنكر الحاكمية لله جحودا منه بها.

وكون كل هذه الآراء واردة بالتفسير تجعل فى الأمر سعة لا بالجزم والصرامة التى اختارها الأستاذ سيد رحمه الله.

ثم يعقب المؤلف بملحوظتين هامتين وهما:

أولا:سيد لم يكفر أحدا بعينه ،ويتحدى كل من يتهم سيد بالتكفير أن يأتى بنص واحد يكفر فيه سيد أحدا بعينه.

ثانيا:أن كلمة نحن "دعاة لا قضاة" هى بالأصل لسيد رحمه، كما ذكر أخوه المفكر العظيم محمد قطب؛وذلك عندما يطلب منه تكفير شخص بعينه،وقد احتج بها ضده فيما بعد..!

وينتقل المؤلف إلى الجزء السابع من مقدمة سيد لسورة الإنعام حيث طبيعة المنهج الحركى حيث يوكد سيد أن تربية الأمة على العقيدة حتى يصبح المجتمع كله مؤمنا بهذه العقيدة هو منهجه للعمل..والحركات الإسلامية لم تصبر على هذا المنهج،مع أن سيد قد أعلن فى كل ما يكتبه أن هذا الطريق طويل طويل،ولكنه الطريق الوحيد..ويتعجب المؤلف كيف يقرأ هذا الكلام أى قارىء،ثم يخطر فى ذهنه لحظة واحدة ان سيد يقبل العنف أو يتعامل معه..ويتحدى أن يأتى أحد بجملة واحدة من الظلال يدعو سيد فيها لاستعمال السلاح قبل الدولة المسلمة،وقبل وجود جيش لها يكون جزءا من مقومات وجودها كدولة تدفع الأذى عن نفسها.

وإلى الجزء الثامن حيث يرى سيد أن التشريع بغير ما انزل الله شرك،وان التحريم والتحليل بغير ما أنزل الله هو والشرك سواء،وأن الحاكمية والتشريع لله هى قضية الألوهية والربوبية فى أضخم مجالاتها وأخطر مواقفها مستنبطا ذلك من جملة من الآيات فى سورة الأنعام.

ويختم المؤلف هذه الحلقة بالجزء التاسع حيث الجهاد فى الإسلام الهدف و المنهج حيث يثبت أن سيد لا يلتقى مع الإرهاب والعنف لحظة واحدة ،والذين يلبسون هذ المفهوم لسيد يتخبطون بين فهم الفكر،وفهم الأسلوب والمنهج ولا يفقهون أبدا،فى كل ما طرحه من آراء،بين مفهوم الدولة ومفهوم الدعوة.


الحلقة التاسعة: معالم فى الطريق

ينقلنا المؤلف إلى كتاب (معالم فى الطريق)والذى منه أربعة فصول مأخوذة من الظلال قد عرضها المؤلف من قبل..ومع بقية المعالم.

كيف تبدأ عملية البعث الإسلامى؟

لا بد من طليعة إسلامية ،تنشأ جيلا قرآنيا فريدا،هذا الجيل الذى يتربى على العقيدة الإسلامية ويتكون من خلالها هو من سيخرج الأمم الجاهلية من الظلمات إلى النور..وهذا الطريق صعب وطويل ولكنه الوحيد ..هذه هى مجمل أفكار سيد فى ثنايا المعالم؛ولكن الدكتور منير يعود ليختلف مع الأستاذ سيد هنا..فى مفهوم الأمة الجاهلية حيث يرى أنه وإن كانت المجتمعات "الشيوعية" و"الوثنية" وكذلك الأمم النصرانية واليهودية وغيرها هى أمم جاهية..فلا ينبغى أن ينسحب هذا الوصف على كل الأمم القائمة بالعالم الإسلامى .

لكن المؤلف يستدرك على المتربصين لسيد ،فيشير إلى أن الحكم على المجتمعات لا يعنى الحكم على الأفراد..وأن ما يمكن القطع به حسب كلام سيد هى الدول التى تعلن العلمانية فى دساتيرها

وتتبنى عقيدة الإشتراكية والقومية بديلا للإسلام ،أما غير ذلك فلا يسهل الحكم عليها بالجاهلية،وهى أقرب إلى الإسلام منها إلى الجاهلية.

وينقل المؤلف عن سيد كلاما بأن الإسلام هو الحضارة..فقاعدة الإنطلاق لهذا المجتمع الإسلامى ،وطبيعة تكوينه العضوى تجعلان منه مجتعا فريدا لا تنطبق عليه أى من النظريات التى تفسر قيام المجتمعات الجاهلية..وفى الطريق تكون المعركة ،ويرى المؤلف هنا أن مايطرحه سيد عن المجتمع المكى لا يتطابق تطابقا تاما مع مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة و إن كان السمة الغالبة واحدة ،وحكم كف اليد الذى يلزمنا واحد،وإذا كان سيد رحمه الله يقول أننا نعيش فى العصر المكى فبداهة هو لا يقر حمل السلاح لأنها مرحلة كف اليد عن الأعداء، وسيد ينقل رأى "ابن القيم" عن الجهاد من كتاب (زاد المعاد) والذى يؤكد ذلك.

ويرى سيد كما نقل المؤلف أن جنسية المسلم هى عقيدته،بيد أنه يختار الوسط للأمة الإسلامية فلا ينبغى أن تنقطع بالكلية عن الأمم الجاهلية ولا أن تجاريها؛انطلاقا من استعلاء الإيمان على الكفر لكنه يتنبأ بضجيج الباطل وانتفاشه لمحاربة الحق ووأده ،كما هى السنة المعهودة للتدافع بين الحق والباطل..لكن لابد أن يقف المسلم قابضا على دينه كالقابض على الجمر فى المجتمع الشارد عن الدين.

هذا هو الطريق..يتخيل المؤلف أن سيد قطب شاخصا أمامه فيسأله..كيف يكون الطريق؟

ما هو منهج السير؟

كيف تكون المعركة مع الجاهلية؟

كيف يتم التغيير؟

ويدع سيد يتحدث بجلاء وبوضوح فى الفصل الأخير من المعالم ليجيب عن هذه التساؤلات ويزيد..ويتجلى لنا سيد رحمه فى ذروة فكره وقمة عطاؤه لمن أن أراد أن يعرف طريق الدعاة إلى الله،لمن أراد أن يستجلى المفاصلة بين الحق والباطل بين الإسلام والجاهلية ..فى "قصة أصحاب الأخدود" تجد الإجابات كما وردت فى سورة البروج..وبعد أن يعرض سيد القصة التى تصف معالم طريق الدعاة إلى الله..يطل علينا المؤلف مقررا بأن سيد رحمه الله كان ضد العنف من واقع كلامه..فطريق أصحاب الأخدود كان الدعوة بالكلمة إلى الله ..وما كان من الفئة الكافرة إلا أن اغتالتهم فى أخاديد الأرض التى روت بدماء الفئة المؤمنة..لكن المعركة لم تنته فالفصل الثانى لما يأت بعد إنه هناك فى السماء بين يدى الواحد القهار سبحانه وتعالى..هذا هو ما قرره سيد..

ويتساءل المؤلف أين صوت الحرب وأين صوت قعقة السلاح أم أين العنف عند سيد....؟

ألا تشم رائحة اللحم المشوى للفئة المؤمنة على النار وهم صابرون محتسبون..ولماذا كل هذه الضحايا على أيدى الكافرين؟

"ومانقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد"

إن كان الاستسلام كان هو المطلوب من سيد فهو لم يكن ليركع وما كنا لنركع معه؛وهو الذى خير بين ان يكون وزيرا مقابل كلمة اعتذار وبين الإعدام من الطاغية الجبار،فاختار العقيدة على الحياة.

ويختم المؤلف هذه الحلقة بذكره لرفض سيد قطب لاغتيال جمال عبد الناصر بمنتهى السهولة حيث كان للإخوان أخ من حرسه الشخصى، كما ذكر ذلك "أحمد عبدالمجيد"رئيس تنظيم 1965 وأوضح له سهولة الخطة؛ فرفض وقال بحسم:"نحن نريد الإسلام فى نفوس وقلوب الناس قبل أى إجراء آخر.."ومضى يشرح لهم أن هذا ليس هوالطريق.


الحلقة العاشرة: سيد أمام القضاة

من خلال الوثيقة (لماذا أعدمونى) التى طلب منه المحققون إعدادها ،والتى لخص فيها فكره ومن خلال رأى أخيه الأستاذ محمد قطب انطلق المؤلف يعرض لسيد قطب فى الخاتمة ...خاتمة الفكر والجهاد والحياة..

أولا:سيد قطب كان يرى أن الحركة الإسلامية تبدأ من القاعدة عن طريق تربية أبناء الحركة على العقيدة الصحيحة،وعدم إضاعة الوقت فى الصراعات السياسية للوصول إلى سدة الحكم.

ثانيا:لابد من حماية هذه الحركة من الاعتداء عليها من الخارج .

ثالثا:هذه الحماية تقوم على يد مجموعة فدائية مرباه على العقيدة الإسلامية وهذه المجموعات :

-لا تبدأ باعتداء.

–لا تحاول قلب نظام الحكم.

-لا تشارك فى الأحداث السياسية المحلية.

وطالما هذه الدعوة ممكنة وتقوم بدورها المرسوم ،من دون مصادرة ولا تعذيب ولا تشريد ولا تقتيل،فإن هذه المجموعةلا تتدخل..ولا تتد خل إلا إذا تعرضت الدعوة للاعتداء.

رابعا:هذه هى صورة الدعوة واضحة فى ذهن قطب وفى ذهن الهواش،ولم يتبق إلا نقلها للإخوان أو لأفراد أخرى لبدء حركة عى أساسها وقد بدأت فى 1962 هذه الحركة فعلا.

خامسا:سيد قطب ضد التكفير..فهو كما يقول بالنص "إننا لم نكفر الناس ، وهذا نقل مشوه .........إنما هم صاروا إلى حال تشبه حالة المجتمعات الجاهلية."

سادسا:يلخص المؤلف أفكار سيد والتى عرضها من قبل فى فى ثنايا الكتاب.

سابعا:سيد قطب ينضم للتنظيم الجديد خوفا من تهور الشباب، وحين خرج سيد من المعتقل فى 1962 وجد تنظيما قائما يبحث عن قائد،لكنه لا يحمل مواصفات التنظيم الذى يحلم به وكان بين خيارين أحلاهما مر..وقرر العمل معهم وقيادتهم.

يعرض المؤلف لموقف سيد الواضح ضد العنف لكن مع إيمانه الواضح برد الاعتداء ضد الدعوة..وبدأت الاعتقالات من جديد فى (يوليو 1965)،وتبادر إلى الذاكرة عدوان 1945 على الإخوان وسحقهم وتدميرهم.

فقال سيد فى الاجتماع الذى عقد لذلك الأمر أن ذلك(كسيوف بنى هاشم فى مكة)حيث وافق الجميع على رد العنف،وبدأ الاستعداد لرد العنف والبحث عن الأفراد والسلاح ولضرب المخططات الأمريكية الصهيونية فى المنطقة..ولقد حاول سيد بكل ما أوتى من قوة تجنب هذ اللقاء الدامى كما ذكرت التقارير ذلك ،لكن العدوان بات وشيكا،وقبض على التنظيم فى أغسطس 1965

تاسعا:هل كان سيد قطب يخشى الإعدام؟؟ سؤال أجاب عنه سيد حيث أعلن عن استعداده لتقديم رأسه ثمنا للإعلان عن وجود حركة إسلامية ،متحملا كل التبعات عن إخوانه فى التنظيم،وأجاب سابقا عنه فى حفل تكريم الثورة له من قبل حتى أن يسأله..

كلمة ختامية ساقها الشيخ سيد قطب فى خاتمة الوثيقة أعلن فيها باعترافه الكامل بكل ما نسب إليه فى هذه الوثيقة؛شارحا لنظريته فى التغيير والإصلاح واستطرد مدافعا عن حركة الإخوان الذى ينتسب إليها قلبا وعقلا وتنظيما،وختمها بالدعوة إلى الإسلام الشامل للأمة المسلمة.."وهذه كلمات رجل مستقبل وجه الله، يخلص بها ضميره،ويبلغ بها دعوته غلى آخر لحظة والسلام على من اتبع الهدى (السجن الحربى فى 22 أكتوبر 1965م)"


وأخيرا.. سيد قطب ضد العنف

ويختم لنا المؤلف بحثه الشيق وكتابه الثرى ،والذى حرك به القلوب وأثار الشجون وحملنا معه عبء مسؤلية الدفاع عن سيد وعن إخوانه فى طريق الحق ..وحسب المؤلف أنه حمل البراءة لرجل مظلوم من الكل إلا من رحم ربي ..هذه هى كانت آخر كلماته قبل أن يحمله الطغاة إلى المقصلة ليعدم،وعلى هذه الحال وبرغم علمه أنه محكوم عليه لا محالة،ومن دون أن يطالب بالثأر لنفسه أو لإخوانه.. فإنه ظل يردد ويذكر بأنه ضد العنف.


للمزيد عن الأستاذ سيد قطب

كتب ودراسات في سيرتة

مؤلفاتة

مقالات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

.

تابع وصلات خارجية

مقالات متعلقة

متعلقات

شهادات

بعض أقوال أهل العلم فى الشهيد سيد قطب

.

وصلات فيديو

.