سيف عبدالفتاح يكتب: طبيب كبار الفلاسفة المداوي.. ادعاء ودعاوي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سيف عبدالفتاح يكتب: طبيب كبار الفلاسفة المداوي.. ادعاء ودعاوي


(6/14/2015)

سيف عبدالفتاح

الطبيب الفيلسوف هو الشيخ الرئيس ابن سينا.. هكذا عرفت حضارتنا وكذلك عرف خبراء التاريخ وكبار فلاسفة العالم، لكن عدو سينا وعدو كل ابن لسينا كيف يرى نفسه طبيبًا يعرفه كبار الفلاسفة ويدعون الناس للاستماع إليه؟ ما هذا؟ ومن هذا؟.

الأمر جد لا هزل فيه، ولا يحتمل أن يضحك الناس عليه.. إنه من الخطورة بمكان. إن حكاية الطبيب الذي يسمعه كبار الفلاسفة وراءها ما يستحق التخوف والحذر والاحتراز منه.

في خطابنا الحديث أناس ادعوا أنهم أطباء، فقد سمعنا المغني عن (حكيم عيون)، و(حكيم روحاني حضرتك) الذي يعرف كل أخبارك ويقرأ كل أسرارك، وغنوا ـ(طبيب الروح)، و(طبيب القلب)، و(طبيب جراح).. أغنية تتكرر مع كل من يرى نفسه خبير الخبراء وطبيب الأطباء وحكيم الحكماء حتى يحتفي به بعضهم ويقول له مادحًا: (يا سلام سلّم.. على مخك البلالنط، يا بحر العلم، يا ترعة المفهومية، يا فيلسوف ؟؟؟...)، تتكرر خاصة مع حكاية أكل المصريين للحوم الحمير من زمن بعيد، وبينما يعلن طبيب أنها لا تضر بالصحة البدنية.. ينسى الطبيب المحترم: أنها بالتأكيد تؤثر في الصحة العقلية والذهنية وهذا ما نتخوف منه!!.

فاليوم تجد من يرى نفسه مبعوث العناية الإلهية، ويصوره هكذا بعض المعممين، وأن صاحبه نبي أرسله الله تعالى كما أرسل موسى، وأنه مؤيد من الله، وتصفه بعض جواريه بالقوي أو الصادق الأمين، وتصفه أخرى بأنه الحفيظ العليم، وقال أحد المعممين مخاطبا المصريين: (أحبوا من أرسله الله ل[[مصر]ي، ليكن فاتحا لها، ناصرا لشعبها، مؤيدا لكرامتها الفريق..)، ويكتب متشاعر أن نساءهم حبلى بنجمه.

كل هذا من الرجل وممن حوله فيه، يفسر حالة تعاظم الأنا" والشعور المغالي في "ذاته"، و"ولايته" و"خصوصيته" الكونية والوجودية التي يعلن عنها كلما ضاق به الكلام وتعسر عليه الحديث..

(يعني.. اوعوا تفتكروا إن أنا بااا .. دا ربنا خلقني .. طبيب أوصف، طبيب أوصف الحالة، هو خلقني كده.. ابقى عارف الحقيقة وأشوفها ..ودي نعمة من ربنا إداهاني.. اسمعوها مني لأن حتى هما دلوقت كل الدنيا واللا إيه؟ بقى يقولك لأ اسمعوه.. مين الدنيا؟.. خبراء المخابرات والسياسيين والاعلاميين وكبار الفلاسفة لو حبيتو.. بقوا يبتدوا يفهموا ان الكلام اللي احنا بنقولوه انه كلام نقي وشريف وأمين ومخلص مافيش منه هدف الا المصلحة..).. مصر كانت ع الحرف هتقع حد مسكها وقالها استنّى! .

هذا كلام مهم وخطير من ناحية تصور الرجل عن نفسه وعن موضعه ودوره.. إنه يعتقد أنه مخلوق مخصوص ليس كسائر الناس، هل يعتقد أنه المهدي المنتظر؟ أنه ولي من أولياء الله ذوي الكرامات وأهل الخطوة والحظوة؟

هذا ما حاول البعض تقريره ونشره بين الناس، ولعله راج على البعض (راجع مقال: السيسي قابل الله مرتين في جريدة الفجر بتاريخ: الأحد 11/مايو/2014).

طبيب الفلاسفة: طبيب العناية الإلهية، الواصف، العارف، الشايف، يرى ما لا يرى الناس، ويعلم ما لا يعلمون.."أبو العريف"، هذا الطبيب خلقه الله هكذا، واختصه بهذه النعمة، ولهذا يجب علينا جميعا أن نسمع له جيدا، وأن نصدقه، وأن نتبعه، لماذا؟ لأن كل الدنيا تسمعه الآن، وكل الدنيا تطالب كل الدنيا أن تسمعه، وخبراء المخابرات والسياسة والإعلام في كل الدنيا يؤكدون هذا: اسمعوا وعوا.. من الخبراء والساسة و... هؤلاء؟ .. لا يهم.. المهم أن الطبيب يقول لكم وعليكم أن تسمعوا الكلام وتسمعوا له! "وكبار الفلاسفة لو حبيتوا..".. تمام، لكن ماذا لو لم نحب ذلك؟

ومن هم هؤلاء الفلاسفة الكبار أو كبارهم؟ هل يعرف الرجل فيلسوفا واحدا في مصر أو في العالم يدلنا عليه؟ هل يمكن أن يذكر لنا اسم واحد .. واحد فقط، من كبار الفلاسفة هؤلاء أو صغارهم، ممن يسمعه أو يوصي بالاستماع إليه؟ هل قرأ أحد أو سمع عن واحد من صغار أو أشباه الفلاسفة قال له أو لنا أو لأي أحد من كل الدنيا: اسمعوه؟ وأين كلامهم عن أن كلامه نقي وشريف ومخلص و..؟

هل دخلنا في عالم التهيؤات والتهويمات..؟ وهل هذا امتداد لحالة تعاظم النفس عند صاحبها بحيث يصير كالرجل الذي دخل جنته وهو ظالم لنفسه (قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا . وما أظن الساعة قائمة).. وبعد هذا الإنكار لأمر الله يقول: (ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا)؟ ..

طبيب وفلاسفة وسياسيون؟ هل نحن أما طب وفلسفة وسياسة حقيقية أم خيالات يراد لنا أن نهيم فيها كما يفعل بعض المنبسطين من أكل لحوم الحمير (أحد الإعلاميين المشهورين وهو يتكلم عن الأطباء وأخطائهم يقول: أنا أكلت لحمة الحمير دي كتير، عشان كدة مخي معصلج شوي.. ثم في مرة تالية يحكي كيف أطعمته أمه كثيرا كفتة من لحم الحمير..).

طبيب الفلاسفة: نموذج مخيف لرؤية الذات المتضخمة، وخطرها يكمن في عدم القدرة على رؤية الواقع كما هو، بل الاستمرار في رؤيته مقلوبا بصفة دائمة: فالانقلاب إنقاذ للبلاد، والتقتيل والتنكيل ادعاءات، والآلاف التي تملأ السجون والقبور.. غير موجودين، والتعذيب في السجون وأقسام الشرطة وهم كبير لدرجة التحقيق يومين كاملين مع الحقوقي الشهير الذي أراد صياغة قانون لمكافحة التعذيب، والمعارضة والرفض السياسيان خيال لا حقيقة لهما، والتردي الاقتصادي سحابة صيف ستنقشع، وموت السياسة إغماءة قصيرة لا تضر، ورفض الشباب والشعب والعالم لما يجري على يدي المتضخم الواهم.. سوء فهم يتلاشى مع الوقت ومع الإصرار على نفس الطريق..

طبيب الفلاسفة لا يسمع من أحد (وهذا ما صرخ وزعق به أحد أبواقه)، وكيف يسمع هو الفيلسوف الحكيم الذي يرى ما لا نرى؟ وكيف يسمع أو يعقل عنا وهو مصدره العناية الإلهية مباشرة؟ وكيف يسمع وهو الذي تسمعه الدنيا كلها؟ وكيف يسمع وهو الذي يسمعه كبار فلاسفة الدنيا كلها؟ ثم هو الطبيب الذي يشخص ويصف العلاج والدواء.. فهل يسمع أو ينظر لنا نحن المرضى العاجزين الذين لم يخلقهم الله أطباء ولا فلاسفة؟

طبيب الفلاسفة خطر... يحتاج إلى علاج حقيقي يقوم عليه أطباء حقيقيون وفلاسفة متحققون..هذه التهويمات والمنامات لم تعد تجدى ،وجنون الاستبداد وغطرسة الطغيان لا تفيد ،إلا أن تنطلق جوقة المنافقين لتردد "ياسلام على مخك البلالانط" ،هكذا سنرى أكبر انتحال من واهم متوهم لمهنة ليست له حينما يحمل الساطور ويذبح ويقتل ويوهم الناس أنه الطبيب المداوى والجراح حامل المشرط الذى يملك الصيت العالى ،ولا يعرف الجميع أنها جميعا لم تكن منه إلا إدعاء ودعاية وكذب ودعاوى.

المصدر