ضرب هناك.. وكذب هنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ضرب هناك.. وكذب هنا
أحداث هندسة منوف

هذه قضية وقعت أحداثها في مدينة منوف في قلب الدلتا، إذ في حين كانت جامعة عين شمس تستقبل المطرب محمد حماقي، في حفل غنائي أقيم لإلهاء الطلاب وصرفهم عن التضامن مع مظاهرة 6 أبريل، وانتهى بحفل من نوع آخر للتحرش الجنسي،فإن نفرا من طلاب كلية الهندسة الإلكترونية في منوف كانوا يعدون لحفل افتتاح «مهرجان الفن الإسلامي الرابع عشر لمناصرة المسجد الأقصى»، وفي أثناء الإعداد لافتتاح الحفل فوجئ الطلاب بإغلاق البوابة الرئيسية من قبل رجال الأمن، وتطويق الكلية بأكثر من 8 عربات للأمن المركزي، واحتجاز الطلاب خارج البوابة، مع التضييق الشديد على الدخول والخروج.


وهم في هذا الوضع ظهر عميد الكلية ووكيلها لشؤون الطلاب في الثانية عشرة ظهرا، وطلبا من منظمي الحفل تعطيل مكبرات الصوت مقابل السماح لهم بإتمام الحفل، وإطلاق سراح أربعة من زملائهم كان قد ألقي القبض عليهم في أثناء دخولهم إلى الكلية للمشاركة في المناسبة، وافق الطلاب على ذلك احتراما لرغبة العميد والوكيل، فأوقفوا مكبرات الصوت وواصلوا احتفالهم في هدوء.


(بعد قليل فوجئ الطلاب بدخول مجموعة من حرس أمن الكلية وموظفي رعاية الشباب الذين قاموا بتمزيق اللوحات والملصقات التي قام الطلاب بتعليقها للمناسبة، في محاولة للتحرش بهم واستفزازهم، لكن الطلاب الذين أدركوا مقاصد «الغارة» التزموا الهدوء وواصلوا الاحتفال،وأخيرا قرروا أن يخرجوا في الساعة الرابعة بعد الظهر، لكنهم فوجئوا بأن الباب الرئيسي للكلية مغلق، وعندما أبدوا رغبتهم في الخروج لقائد القوة التي حاصرت الكلية ـ وهو ضابط برتبة لواء ـ كان رده أنه سيسمح لهم بالمغادرة بأمان إذا ما خرجوا فرادى من باب آخر صغير، وحين فعلوا ذلك فوجئوا بمخبري أمن الدولة وجنود الأمن المركزي ينهالون عليهم بالهراوات والجنازير ويرجمونهم بالطوب، وبعضهم اعتدى على الطالبات بالعصي والسب والقذف،.


وتكفل ضابط أمن الدولة (أ.ص) بتوجيه أقذع الشتائم وأكثرها بذاءة للطلاب والطالبات، وفي أثناء ذلك تم اعتقال 50 منهم، وتم نقلهم إلى قسم شرطة منوف، حيث احتجز 11 منهم (لدي قائمة بأسمائهم) وأطلق سراح الباقين بعد القيام بـ«اللازم» نحوهم. وتم تحرير محضر للمحتجزين برقم 2237 لسنة 2010، وتقرر حبسهم لمدة 15 يوما، وترحيلهم إلى سجن وادي النطرون.


لقد سلطت الأضواء على ما جرى في القاهرة يوم 6 أبريل، سواء في ميدان التحرير أو في الحفل الغنائي الذي استضاف محمد حماقي،ّ ولكن القمع الذي يتعرض له الناشطون خارج العاصمة لم ينتبه إليه أحد، وربما لأن بقية المدن بعيدة نسبيا عن المراسلين الصحافيين والتلفزيونيين والديبلوماسيين الأجانب، فإن رجال الشرطة يأخذون راحتهم في التعامل مع أي تحرك شبابي أو شعبي يتم خارج نطاق الحزب الوطني.


في مساء اليوم الذى تلقيت فيه رسالة طلاب هندسة منوف شاهدت برنامجا تلفزيونيا استضاف كاتبا من المتحدثين باسم الحكومة، تكلم باعتباره رجلا ليبراليا. وتطرق الحوار إلى ما تعرّض له شباب 6 أبريل في ميدان التحرير، فقال بمنتهى الثقة والهدوء:


إن من حق الناس أن يتظاهروا، لكن ليس من حقهم أن يشلوا الحركة ويعطلوا مصالح الناس في العاصمة. وأضاف أن المتظاهرين ما كان لهم أن يخالفوا تعليمات الأمن الذي منعهم من التظاهر، وخلص بهذا المنطق «الليبرالي» إلى أن المتظاهرين هم الذين أخطأوا، في حين أن الشرطة قامت بواجبها في تنفيذ القانون والحفاظ على مصالح الناس.


الطريف أن السيد الليبرالي قال في سياق كلامه إن المتظاهرين كان عددهم 70 شخصا فقط، وهو رقم متواضع يقارب عدد الجالسين على أي مقهى على أحد أرصفة الميدان، ومع ذلك اعتبر أنهم هددوا الحركة في قلب العاصمة بالشلل، متجاهلا أن جنود الشرطة هم الذين أغلقوا الميدان، لأن عددهم تجاوز خمسة أضعاف المتظاهرين.


حين سمعت هذا الكلام قلت إنه إذا كان الأمر كذلك، فلابد أن يكون اللواء الذي أوقع طلاب هندسة منوف في كمين الضرب، وكذلك ضابط أمن الدولة الذي أشرف على الضرب وتولى القذف والسب من فصيلة أولئك الليبراليين الجدد، لأن الذين يقمعون لا يختلفون عن الذين ينافقون ويكذبون.


المصدر : مدونة فهمى هويدى