عبدالمتعال الجبري

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبد المتعال الجبري الداعية الرباني


عبدالمتعال الجبري الداعية الرباني

مقدمة

إن عمر الإنسان ليس بوجوده فوق الأرض، ولكن بطول ذكراه على الأرض بعد وفاته، وهكذا المصلحين رسموا بأعمالهم صحائف من ضياء تظل تنير للناس درب الصالحين حتى يرث الله الأرض ومن عليها. ولقد خلف الإمام البنا رحمه الله وراءه جيلاً فريدًا من الدعاة والمفكرين الذين حملوا دعوة الإسلام في عزم ومضاء وبلغوها إلى الأجيال التالية بدقة وأمانة، حتى غدوا مصابيح وأدلاء للخير والهدى.

لقد عرفت الأجيال الحاضرة بعض هؤلاء وجهلوا بعضهم الآخر، لذلك آثرنا أن نسلط الضوء على هذا البعض الآخر، وفاءً وعرفانًا بجهاده وتاريخه، من هؤلاء الدكتور عبد المتعال الجبري.

بطاقة حياة

عبد المتعال محمد الجبري (تلميذ الإمام البنا ورفيق حياته) وُلد بمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية في عام 1926م.

التحق بالتعليم وحصل على ليسانس اللغة العربية وآدابها والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة، ثم أكمل تعليمه وحصل على دبلوم التربية وعلم النفس من كلية التربية جامعة عين شمس، كذا حصل على دبلوم الدراسات العليا في النحو، ثم حصل على الماجستير ثم الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص التاريخ والحضارة الإسلامية من كلية دار العلوم.

عرف الإخوان مبكرًا، وتعرَّف على الإمام البنا شخصيًّا في الأربعينيات، وشارك منذ أن كان طالبًا في أحداث عديدة، وتحمَّل كثيرًا من صنوف الأذى في سبيل إيمانه ومعتقده، جمع بين الفكر والتربية في آن واحد.

عمل بالتدريس ثم تفرّغ للدعوة الإسلامية وهاجر إلى أمريكا الشمالية واستقر به المقام في ولاية نيوجيرسي حيث فرغ وقته للدعوة للإسلام والدفاع عنه، ومبينا لغير المسلمين الذين يجهلون ما للإسلام من حضارة عظيمة.

وسط الإخوان

تعرف على الإخوان في وقت مبكر، كما عرف الإمام البنا واقترب منه ونهل من علومه، وظل وفيا على دعوته رغم تعرضه للمحن في عهد الملكية وفي عهد عبدالناصر.

فقد عرفهم وهو طالب في المعهد الأزهري بالزقازيق في بداية الأربعينيات، ما يدل على انتشار وتغلغل الدعوة في الأقطار المصرية في ذلك الحين

يقول رحمه الله عن هذا اللقاء:

"كان أول ما سمعته من الإمام البنا في حفل جامع اشترك فيه كلٌّ من أعلام جمعيات الشبان المسلمين والإخوان المسلمين، والمحافظة على القرآن الكريم، وشيخ معهد الزقازيق الديني سليمان نوار، وكان نموذجًا في الفصاحة والبلاغة، ولا ريب أني أعجبت بشيخ المعهد، لما في أسلوبه من ديباجة، وألفاظه من جرس قوي.
كما أعجبت بالشيخ محمد رضا رئيس جمعية المحافظة على القرآن والواعظ العام، لما فيه من انطلاق وانسياب فقد كان يهدر بالقول هدرًا، وجاء دور المرشد العام حسن البنا، فكان حديثه هادئ الكلمة، سهل العبارة، كثير المعاني، استطاع أن يجتذب الجماهير بما لم تستطعه عبارات محمد رضا السيابة، ولا الشيخ النوار بقعقعة العبارة وطنينها
فكانت صيحة "الله أكبر ولله الحمد" صيغة التعبير عن الإعجاب به، وكان ذلك فى أوائل سنة 1940م، لقد حاز إعجاب الجميع، وكنت في الرابعة عشرة من عمري، تهزني عبارة سليمان نوار، وشقشقة مشايخنا الأزهريين، وربما كان ذلك من قُبيل التعصب الفئوي بحكم الانتماء الدراسي".

ولقد أعجب الشيخ عبد المتعال بالإمام البنا أيما إعجاب وسجل إعجابه ذلك في العديد من كتبه، من ذلك قوله:

"كان الرجل مصنوعًا لقيادة الحركة الإسلامية بسمته البسيط، ولحيته الخفيفة، ومظهره الذي لا تجد فيه تكلُّف بعض العلماء ولا العنجهية ولا السذاجة، فكان وقورًا مهيبًا، وكان قديرًا على فهم الأشخاص، فيحتال على الدخول إلى قلوبهم بفكرته ورأيه حتى يخرج فكرته تعبيرًا على ألسنتهم، ويتحولون إلى مرتبطين بالفكرة مجندين لحماية ما قالوا.. لا يضيق بفكرة ولا معارضة.
وكان يقول لنا: كيف تتصورون ألا يختلف الناس فيكم وفيما تدعون إليه وقد اختلف الناس في الله الذي لا ينبغي أن تخفى حقيقة وجوده، فقالوا: الله ثالث ثلاثة.. وهكذا؟.
وكان يستطيع أن يوجز الفكرة التي تُشرح في مجلدات، فيقولها في سطور أو صفحات حتى يعيها كل أتباعه على مختلف المستويات، وكان قديرًا على عرض أفكاره الجديدة بلباقة لولاها لوقف الناس ضده وحاربوه فنقلهم من وارثياتهم وأصلح مفهومهم للدين وحوّل اتجاههم في الحياة وأعطاهم الهدف وملأ صدورهم بالأمل في الحرية والقوة".

يروي ذكريات اللقاء الأول مع الإمام الشهيد حسن البنا:

"... كان أول ما سمعته منه في حفل جامع اشترك فيه كل من أعلام جمعيات الشبان المسلمين، والمحافظة على القرآن الكريم، وشيخ معهد الزقازيق الديني، فكان حديثه هادئ الكلمة، سهل العبارة، كثير المعاني.. وكان ذلك في أوائل سنة 1940م، وكنت في الرابعة عشرة من عمري.
وفي محاضرة للأستاذ المرشد حسن البنا في دار الإخوان بالزقازيق، في ربيع 1941م يتذكر الدكتور عبد المتعال الجبري كلمات اللقاء وبيعته للجماعة منذ تلك الليلة: "... وابتدأ الإمام يخطب بعبارات طيبة، واستشهد بفقرات يحفظها من أدب مصطفى صادق الرافعي، فاستوقفني بعباراته التي تتوائم والميول الأزهرية، ثم عرض إلى بيان حكمة التشريع، وضرورة الإسلام لإصلاح حال البلاد والعباد، ثم عرض إلى كيفية الوصول إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.
فماذا قال الإمام الشهيد: في مصر أربعة آلاف قرية ومدينة، فيجب أن يكون في كل قرية ومدينة مركز ثابت لتعليم الدين حتى نزيل الأمية الدينية، فلا يكون الدين مجرد تقليد، وأنما دين الواعي الفاهم الذي يثور عن عقيدة قوية لا ينطفئ بوعيد أو تهديد أو خداع، وتترابط هذه الفروع بقيادة واحدة
فإذا هبت العواصف لم تستطع أن تقتلع تلك الدرجة العظيمة التي تمتد وتتفرع بجذور وفروع تبلع أربعة آلاف فرع أو تزيد، ويومها تغلب إرادة الشعب المؤمن المتكتل المصمم شهوات الحكام الجائرين الذين رضعوا ثقافة الغرب الملحد الفاجر.
وهنا علت الهتافات: نحن معك يا إمام.. إلى الأمام يا إمام.. فقال مخاطبًا الباب: أيها الشباب! أنتم على أبواب الامتحان، لم يبق عليه إلا شهران، والمطلوب أن تكرسوا جهودكم لتنجحوا، وتعوضوا ما فاتكم، ومن ينجح يذهب إلى قريته ليقيم فرعًا للجماعة يبصر الناس بالدين علمًا وعملاً، فإن استطاع أن ينجح في ذلك فليأت أبايعه
أما الذي لا يستطيع اجتياز امتحانه في الدراسة، وامتحانه في تجميع أهل قريته وأسرته على الإسلام بخلقه وعلمه فلينتظر حتى يستطيع، فإنها دعوة لا يحملها إلا ذوو الهمم العالية {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً}، وكانت بيعة عامة علنية على هذا القدر المحدود من المطالب".

وبعدما خرج مع إخوانه في فترة السبعينيات شاركهم جمع شمل الصف مرة أخرى، وكان أحد الإخوان النشطين في هذا المجال وكان يجوب المراكز والقرى والمدن من شمال البلاد لجنوبها يدعوا إلى فكر الإخوان المسلمين، وقد كان أحد أعضاء مكتب الإرشاد الذين تم اختارهم ليديروا هرم الجماعة مع الأستاذ عمر التلمساني عام 1975م.

ويكشف السيد عبدالستار جانب لنشاط الدكتور عبدالمتعال الجبري فيقول:

(ومن ناحية أخرى فقد واكبت هذه الفترة الإعلان عن ميلاد أول اتحاد للجمعيات الخيرية الإسلامية مع جماعة الإخوان المسلمين وسمي هذا الاتحاد باسم "مؤتمر الدعوة الإسلامية الدائم".
وضم هذا الاتحاد جمعيات الخلفاء الراشدين ويمثلها الشيخ سليمان ربيع، وأبي بكر الصديق ويمثلها اللواء راشد، وشباب محمد، والهداية الإسلامية ويمثلها الشيخ حافظ سلامة، ونخبة من علماء الأزهر الشريف ويمثلها الشيخ محمد المطراوي إلى جانب ممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين (أ. عمر التلمساني، د. أحمد الملط، أ. جابر رزق، أ. عبد المتعال الجبري، أ. محمد عبد المنعم (الإسكندرية)، أ. محمد المسماري (محامي).
وزيادة في إيضاح وجهة هذا الاجتماع فقد اختير الأستاذ عمر التلمساني المرشد العام للإخوان المسلمين، مسئولا عاما عن هذا المؤتمر).

الجبري وسط المحنة

كان كغيره من كبار الإخوان الذين تعرضوا للمحنة والاعتقال خاصة فترة حكم عبدالناصر. فقد تم اعتقاله ضمن الطلبة الذين اعتقلوا عام 1948م وزج بهم في سجن الهايكستب، وضاع عليه الإمتحان مثل غيره.

وفي عام 1954م اعتقل عبدالمتعال الجبري وحكم عليه من قبل المحاكم العسكرية، كما اعتقل عام 1965م وحوكم الشيخ الجبري في القضية الخامسة مع فضيلة الأستاذ الهضيبي، والأستاذ مأمون في أحداث 1965م، وحكم عليه بسنتين، وأفرج عنه بعد وفاة عبد الناصر، بتهمة إحياء جماعة الإخوان المسلمين.

كما اعتقل في أحداث سبتمبر 1981م، وقد عُذِّب عذابًا شديدًا بعد اغتيال السادات من مباحث أمن الدولة ظنًا منهم أنه المرشد الخفي لجماعة الإخوان المسلمين. ولقد نال الدكتور الجبري نصيبه من الاعتقال كغيره من الإخوان المسلمين في سجن طرة وغيره من السجون والمعتقلات في السبعينيات والثمانينيات مع إخوانه، وتحمّل من صنوف الأذى ما تحمّل غير هياب ولا وجل، راجيًا أن يكون ذلك الأذى في ميزان حسناته.

ولقد روى المهندس خالد حفظي رفيق الدكتور الجبري، بعض الوقائع التي كان يتعرّض لها الإخوان داخل السجون أو السلخانات، كما كانوا يسمونها، ولا مجال لسرد هذه الوقائع هنا لأنها معروفة للجميع وسجلها العديد من الكتاب والمؤرخين المنصفين في كتاباتهم، حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الكفاح الوطني والإسلامي في العصر الحديث.

من مواقفه

حفلت حياة الجبري بالعديد من المواقف الدعوية والجهادية، ولكنه كغيره من فضلاء الإخوان الذين لا يكثرون الضجيج حول أعمالهم وجهادهم وتضحياتهم، وإنما يؤثرن الصمت ويحتسبون ذلك عند الله تعالى. وعلى الرغم من ذلك لا تعدم أن تجد إشارة من قريب أو بعيد إلى بعض أعماله ومواقفه المبثوثة في بعض الكتابات.

من تلك المواقف، مشاركة الجبري ضمن الحركة الطلابية في معهد الزقازيق الأزهري في حركة المطالبة بالشريعة الإسلامية، تأييدًا لما قاله الإمام المراغي عام 1941م حول تطبيق الشريعة الإسلامية

يقول الجبري:

" نزلنا إلى القرى نبصر الناس بعظمة ومزايا الحكم الشرعي، وأخذنا توقيعات الجماهير بتوكيل شيخ الأزهر، وتأييده فيما يطالب به، ولكن جُبن بعض العُمَد في القرى دفعهم إلى أن حرّضوا الضعفاء ضدّنا فطالبوا بشطب توقيعاتهم
غير أننا لاحظنا أن شباب الإخوان ثابت معنا، فلما دعوا الشيخ حسن البنا لمحاضرة فى دارهم بالزقازيق ناسب أن نجاملهم فاستقبلنا - نحن الشباب الأزهري - زعيمهم من محطة القطار إلى مقر الجمعية بشارع عباس الأول فى هتاف قوي "الإسلام أساس الحكم" "القرآن دستورنا" "الجهاد سبيلنا" حتى بلغنا الدار.

نشاطه في الحركة الطلابية بمعهد الزقازيق الديني

في ربيع العام الدراسي 1941م، جلس الشيخ المراغي يلقي درسًا بالجامع الأزهر، وتناول في السياسة واجبنا نحو الحرب العالمية الثانية.

وقال:

هذه حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، كما تناول الحدود الإسلامية، وأنها الكفيلة بإقرار الأمن في البلاد، انتهز الإخوان الفرصة وأشعل قسم الطلاب الأزهريين بالمركز العام للإخوان حركة المطالبة بالشريعة الإسلامية، تأييدًا لما قاله الشيخ المراغي
وكنت ضمن الحركة الطلابية في معهد الزقازيق، وأعلنت الحركة الأحزاب حتى تتحقق المطالب، ونزلنا إلى القرى نُبصِّر الناس بعظمة ومزايا الحكم الشرعي، وأخذنا توقيعات الجماهير بتوكيل شيخ الأزهر، وتأييده فيما يطالب به، ولكن جُبْنُ بعض العمد في القرى دفعهم إلى أن حرضوا الضعفاء ضدنا فطالبوا بشطب توقيعاتهم، غير أننا لاحظنا أن شباب الإخوان ثابت معنا...".

اجتماع المطرية الحاسم

بعد مذبحة طرة، تمت دعوة قيادات الإخوان، خارج دائرة الاعتقال لحضور هذا الاجتماع، الذي تم في منزل المرحوم نصر عبد الفتاح محمد نصر (إخوان الشرقية)، وقد ترك لهم المنزل في حرية كاملة، ولم يحضر الاجتماع معهم؛

لأنه لم يكن من قيادات التنظيم، وحضر من القاهرة: علي عشماوي، أحمد عبد المجيد، أمين شاهين، وآخرون، ولكنهم استضافوا العالم الجليل الشيخ عبد المتعال الجبري، وتناقشوا كثيرًا، ماذا نفعل تجاه دماء هؤلاء الشهداء الأبرياء (إحدى وعشرون شهيد، بخلاف الجرحى الذي تجاوز عددهم المئة)، وهل هناك مجازر أخرى؟ وأين مشاعر الأخوة التي بايعنا عليها مع الإمام البنا؟!

وبعد انتهاء كلمات الحضور، وانفعالاتهم وبكائهم، بدأ الشيخ عبد المتعال يناقش الجميع ليلة كاملة، حتى اقتنع الجميع بعدم جدوى أي عمل طائش، ولابد من جمع كلمة الإخوان وتربيتهم حتى يأذن الله بالفرج، الذي يراه الناس بعيدًا، ويراه هو قريبًا - إن شاء الله - وطال الاجتماع حتى الصباح، وصلى الجميع الفجر بعد أن اقتنعوا برأي الشيخ عبد المتعال الجبري".

موقفه من العنف

ويروي الأستاذ محمد سليم، أحد الشخصيات التي شاركت في قضية الفنية العسكرية 1974م، وحكم عليه بالشغل المؤبد، وأفرج عليه بعد عشرين سنة، عندما بدأت بوادر اقتناعهم بالتغيير عبر العنف والانقلابات الدموية:

"... أوفد الأستاذ الهضيبي، الأستاذ عبد المتعال الجبري، وأظنه كان بمنزلة نائب المرشد في ذلك الحين، ليجتمع بثلاثة منا، وهم: طلال الأنصاري، وكامل عبد القادر، ومحمد أبو العينين في منزل الأخير بالإسكندرية، حيث أكد الأستاذ الجابري أن منهج الجماعة هو منهج سلمي يقوم على الإصلاح التدريجي عبر العمل الدعوي والتربوي، وصولاً إلى: الفرد المسلم، فالأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم، وأن هذا المنهج يرفض أية أفكار تدعو إلى التطرف أو الصدام، وبناء عليه.. فإن الإخوان قد أحلونا من أي ارتباط بهم".

انطلاق للعمل للإسلام

طاف الشيخ الجابري رحمه الله بكثير من أقطار مصر داعية إلى الله، وزار العديد من شعب الإخوان، وحل ضيفًا على المعسكرات والندوات والحفلات الإخوانية في طول البلاد وعرضها، كما أسهم في نشر الدعوة الإسلامية في كثير من الأقطار العربية والأوربية

وشارك في ترشيد الصحوة الإسلامية في فترتي السبعينيات والثمانينيات، بعد مقتل السادات وظهور الفكر المتطرف والجماعات الدينية المتشددة مع رموز الجماعة في ذلك الوقت، من أمثال الأستاذ عمر التلمساني والأستاذ مصطفى مشهور والأستاذ جابر رزق، حيث قاموا بإدخال معظم أبناء الجيل الجديد داخل الإطار التنظيمي للجماعة، ووصل الأجيال بعضها ببعض.

أعماله ومؤلفاته

أثرى الجابري رحمه الله المكتبة الإسلامية بالعديد من روائع الكتب والمصنفات، فكتب في كلّ فن بأسلوب سهل يناسب القارئ المسلم أيًّا كانت ثقافته، فكتب في علوم السنة مجموعة من الكتب أهمها:

مؤلفاته

عبدالمتعال-الجبري.1.jpg
  • الاستشراف وجه للاستعمار الفكري: دراسة في تاريخ الاستشراف وأهدافه وأساليبه، 1995م.
  • الاستشراف: وجه للاستعمار الفكري: دراسة في تاريخ الاستشراف وأهدافه وأساليبه الخفية في الغزو الفكري للإسلام، 1995م.
  • الحضارة والتمدن الإسلامي بأقلام فلاسفة النصارى، 1993م.
  • السيرة النبوية وأوهام المستشرقين، 1988م.
  • الضالون كما صورهم القرآن الكريم، في التفسير الموضوعي للإمام محمد عبده، 1984م.
  • المرأة في التصور الإسلامي، 1981م.
  • المشتهر من الحديث الموضوع، والضعيف والبديل الصحيح، 1987م.
  • جريمة الزواج بغير المسلمات فقهًا وسياسة، 1983م.
  • حجية السنة ومصطلحات المحدثين وأعلامهم، 1986م.
  • حوار مع الشيعة حول الخلفاء الراشدين وبني أمية، 1985م.
  • غريب كلمات صحيح البخاري، 1996م.
  • لا نسخ في السنة في أحاديث العقائد وأحكام العبادات والمعاملات والجهاد والقضاء، 1995م.
  • لا نسخ في القرآن.. لماذا؟
  • المصطلحات الأربعة بين الإمامين المودودي ومحمد عبده، الدين، العبادة، الرب، الألوهية، 1976م.
  • الناصرية في قفص الاتهام، 1979م.
  • الصلاة على النبي (ص): أحكامها، وآثارها التربوية والاجتماعية، 1985م.
  • الأضحية: أحكامها وفلسفتها التربوية، 1985م.
  • النسخ في الشريعة الإسلامية، كما أفهمه، 1961م.
  • عمير بن سعد (مسرحية)، 1962م.
  • التاريخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي، 1987م.
  • عالمية رسالة الإسلام، 1990م.
  • فقه الأخت المسلمة في الصيام والاعتكاف والتراويح، 1991م.
  • أصالة الدوارين والنقود العربية، 1989م.
  • العقلية والثقافة العربية في الجاهلية، 2003م.
  • السيرة النبوية وكيف حرَّفها المستشرقون، ترجمة: محمد عبد العظيم علي، نقد وتحقيق وتصويب الشيخ عبد المتعال الجبري.

بلغت شهرة الدكتور الجبري رحمه الله في الأوساط الإسلامية مبلغًا عظيمًا؛ حيث عرفته أجيال الصحوة الإسلامية في مصر والعالم الإسلامي وفي أوربا، ونشرت مؤلفاته في مختلف دور التوزيع والنشر الإسلامية المحلية والعالمية مثل: مكتبة وهبة، دار الاعتصام، دار الصحوة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، دار الأنصار، وفي جيرسي سيتي بأمريكا، المركز الإسلامي لجيرسي سيتي، ودار الكتاب الإسلامي العربي الأمريكي.

وهكذا خلف الدكتور الجبري وراءه أعمالاً قيمة بلغت أكثر من 40 مؤلفًا في مختلف المعرفة الإسلامية، وهي مجموعة جديرة بأن تكون من مقتنيات كل بيت لأنها وحدها تكون مكتبة إسلامية متكاملة.

وأهم ما يميز كتابات الجبري

  • كثرة الاستشهادات بأقوال المفكرين الغربيين؛ ما يدل على سعة اطلاعه وتعدد قراءاته.
  • التأريخ للحركة الإسلامية في العصر الحديث بحيدة وموضوعية؛ حيث كان شاهد عيان على كثير من الأحداث والوقائع الهامة.
  • الاعتزاز بالدعوة التي تربى على مبادئها والاعتراف بفضلها والاحتفاء بأعلامها وكشف ما يخطط لها ويثار حولها.
  • إيثار التفكير العملي الذي يلمس المشكلة ويشخص الداء ويقدم الدواء على التفكير النظري المجرد الذي يعيش بمعزل عن الأحداث والوقائع.
  • شمول النظرة التربوية العميقة التي نفتقدها في كثير من كتابات الإسلاميين، تلك النظرة التي تنفذ إلى القلب بسهولة ويسر وتصطبغ بالتجارب والخبرات العديدة، التي تجعل من انتشارها واستمرارها أمرًا أكيدَا.

قالوا عنه

يقول الدكتور إبراهيم الزعفراني عن الشيخ الجبري عبر لقاءه معه في سجن "أبوزعبل" في أحداث سبتمبر 1981م:

"... رأيت الرجل وهو الحافظ للقرآن الكريم بأكمله يقوم الليل إلا قليلاً يتلو القرآن يرتع ويسجد ويبتهل ويدعو خاشعًا متبتلاً، وجدتني أمام رجل رباني واسع الأفق كثير القراءة في الكتب والاطلاع، كان يقضي أكثر من ست ساعات يوميًا في القراءة والكتابة - كان دقيق العبارة شديد الإصغاء لمحدثه
وبعد الإصغاء ينطلق بسيل من الأسئلة، بعضها معرفة مصدر الكلمات ومدى دقتها، مدلولاتها أن صمت حتى جعلني لا أنقل له خبرًا إلا وأنا على استعداد لأذكر مصدره، وأن أكون مستوعبًا لمعظم ألفاظه وحاولت فهم مدلولاته ودوافعه والعواقب المتوقعة لهذا الخبر (فتعلمت منه الدقة في القراءة والفهم والنقل).
لقد سمعته يخطب أربع جمع متتالية في السجن تحت شعار كان الرئيس حسني مبارك بعد انتخابه رئيسًا لأول مرة قد أعلنه وهو (مصر المستقبل)، فاختار الشيخ الجبري عنوانًا للخطب الأربعة يتناول فيها نقطة واحدة (حد السرقة في الإسلام ودوره في صناعة مصر المستقبل).
أربع خطب على مدار أربع ساعات يشرح ويقارن بين عقوبة السرقة في الإسلام والعقوبة في غيرها من التشريعات الوضعية موضحًا بالأرقام والإحصاءات العلمية ما سوف يوفره تطبيق هذا الحد على الصعيد المادي والمعنوي والفردي والجماعي في المجال الصناعي والزراعي والتجاري، سواء على المجني عليه أو أسرة الجاني، أو على الأجهزة الرقابية، أو الشرطية، وعلى المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لقد أبهرني حصيلة هذا الرجل من العلم الشرعي وعلم بالواقع في هذه المجالات جميعًا..".

وكذلك، يروي الأستاذ محمد حسنين عيسى عن ذكرياته في سجن "أبو زعبل" عام 1981م، وتعلمه من الشيخ الجبري:

"... وجدتني ذات يوم أسأل فضيلة الشيخ الجبري - رحمه الله - قائلاً: يا سيدي: علام نأخذ الثواب؟ فقال: كيف؟ قلت: أنا شخصيًا - ومثلي في هذا كثير - لو خيرت بين الخروج من المعتقل أو البقاء فيه لفضلت البقاء، ففيم الثواب إذن؟ فرد الرجل بحكمة المربي قائلاً: يا بني.. إن السجن بلاء ولا شك، والصبر عليه له جزاء عند الله عظيم، وأما قد أنعم الله عليكم بالرضى بقضاء الله وقدره فتلك نعمة يجب أن تحمدوا الله عليها...".

ويقول الشيخ معوض معوض إبراهيم عن الشيخ الجبري:

"... فقد كان أخًا ثقة ومبعث إعزاز، وكان المدرس الأول للغة العربية لمدرسة ابن خلدون الثانوية التي كنت أمر عليها كل صباح في الطريق إلى عملي، مشرفًا على الدعوة في التوجيه المعنوي، فألقي حديث الصباح بمحضر مدير المدرسة والأساتذة...".

يقول المستشار عبدالله العقيل:

عرفته من خلال كتاباته أولاً ومن أحاديث الإخوان الذين رافقوه في السجن، ثم التقيته في الولايات المتحدة الأمريكية في إحدى زياراتي، وكنت معجبًا بعمقه في الفهم، وحصافة رأيه، وصلابة مواقفه في الحق، وثباته على المبدأ، وإصراره على الالتزام بالجماعة والعمل الجماعي في الدعوة إلى الله، وتقديم الخير للناس أيًا كانوا وحيثما وجدوا، وغيرته على الإسلام، والسعي الدؤوب لحل مشكلاتهم والوقوف إلى جانبهم
وكان لدروسه ومحاضراته في أمريكا وكندا الدور الكبير في تفقيه شباب الإسلام بحقيقة الدين وتوضيح مبادئه لغير المسلمين، وقد حباه الله بـ: سعة الصدر، وعمق الفهم، ودماثة الخلق، ولين الجانب، وسعة الصدر، واستيعاب الصغير والكبير، والصبر على طول الطريق، وعدم استعجال قطف الثمرة، بل الحرص كل الحرص على سلامة القصد، ووضوح المنهج.

وفاته

عبدالمتعال-الجبري.3.jpg


استقر به المطاف داعية إلى الله في الولايات المتحدة، وبقي في ولاية "نيوجرسي" اثنى عشر عامًا يدير المركز الإسلامي، وتوفي بعد أربعة سنوات من المرض في 1 فبراير 1995 الموافق 2 رمضان 1415هـ.


المصدر

  1. السيد شعيب: عبد المتعال الجبري.. الداعية المهاجر
  2. عبدالمتعال الجبري: لماذا اغتيل الإمام الشهيد حسن البنا، دار الإعتصام، 1978م.
  3. الزريكلي: تتمة الأعلام، الجزء 2، صـ32.
  4. السيد عبدالستار: تجربتي مع الإخوان، الزهراء للإعلام العربي، 2009م.
  5. مجلة المجتمع: الشيخ عبدالمتعال الجبري في رحاب الله، العدد 1137، 7 فبراير 1995م الموافق 8 رمضان 1415هـ.