علاقة السعودية وإسرائيل في عملية أولندي ماعوف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
علاقة السعودية وإسرائيل في عملية أولندي ماعوف


سفينة الصواريخ الإسرائيلية على الشواطئ السعودية عام 1981 (1)

مقدمة

تاريخ طويل من الصراعات جرى على أرض الحجاز، والتي احتضنت مختلف الفئات والطوائف، وعلى الرغم من انها تضم بلد الحرمين، إلا أنهما لم يؤثرا في سياسة من حكموا هذه البلاد والذين سعوا بكل جهدهم لتنازع الملك حتى ولو كان على حساب بعضهم البعض. فعلى الرغم من البيئة الصحراوية التي تشكل معظم أرض الحجاز، إلا أنها كانت في مرمى سياسة الغرب لقدسيتها في قلوب ملايين من المسلمين المنتشرين في ربوع الأرض.

لقد كان العصر الحديث ساحة صراع بين دولة الخلافة الضعيفة وبين منفذي السياسة الغربية في الخفاء، حيث تبوأت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا مكانة عالية في أوروبا وسعت كل واحد منها لبسط نفوذها على مقدرات الشعوب الفقيرة خاصة أن أراضيهم تزخر بالخيرات، بالإضافة لمحاولة طمس الهوية عن الشعوب الإسلامية، وهو الهدف الذي حققت فيه فرنسا بعض النجاح.

لم تنشأ القبائل ولا الدول في الدول الإسلامية من أجل التصدي للمستعمر الغربي، لكنها قامت ونشأت بمساعدة المستعمر الغربي مقابل تحقيق أهدافه سواء في السياسة العلانية أو السرية، وشبة الجزيرة العربية كانت مسرحا لهذه السياسة. فبعدما استطاع البريطانيين إخراج البرتغاليين من مدن الخليج العربي، سعوا بمخططاتهم لإحلال أنفسهم مكانهم، وقد بذروا بذور الشقاق في النفوس المهيئة للانقضاض على دولة الخلافة والانسلاخ منها.

فرص ضائعة

كان الصراع في شبة الجزيرة العربية يدور بين القبائل الكبيرة، فكل واحدة تسعى لبسط نفوذها على أكبر المناطق، حيث سعوا لتحقيق أهدافهم مع تقديم كافة التنازلات للقوى الغربية طمعا في نصرتهم على خصومهم.

فمنذ بداية تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1744م ويسعى أميرها لبسط نفوذه فكان التحالف بين الأمير محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، والإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث اتفق كلا الطرفين بما يُسمى "اتفاق الدرعية" على أن يكون الأمير محمد بن سعود إماماً للمسلمين وجميع نسله من بعده، وفقدت الدولة العثمانية السيطرة على مكة والمدينة حيث سعت لوقف هذا الانشقاق من جسد الخلافة

وحدثت حروب كان المستفيد منها المحتل الغربي المترقب، حيث استنجد نسل آل سعود بالغرب في مواجهة الدولة العثمانية، سواء ف الدولة السعودية الأولى أو الثانية (1824م-1891م) أو الثالثة والتي أصبحت عام 1932م المملكة العربية السعودية. (1)

حتى الفترة التي تخللت ما بين الدولة الثانية والثالثة والتي تولى فيها الحسين بن علي شريف مكة ومؤسس المملكة الحجازية الهاشمية والذي فتح الباب على مصراعيه أمام التدخل الغربي من أجل عرشة وعرش أبناءه، حتى انتهت بهزيمة الدولة العثمانية وعقد الانجليز وفرنسا اتفاقية سايكس بيكو 1916م تقاسموا فيها الدول العربية، وخسر الحسين حتى أن جزاءه النفي إلى قبرص عام 1925م. (2)

لم يكن هم فحسب لكن يبدو أن أمراء الحجاز كلهم كانوا يسعون لاسترضاء الانجليز لحماية عروشهم، ففي وثيقة مؤرخة بـ 24 أبريل 1907م أرسل كوكس إلى رؤسائه في حكومة الهند البريطانية برقية جاء فيها لجوء أمير حائل سلطان بن حمود آل الرشيد إلى الشيخ مبارك الصباح أمير الكويت طالبا منه في مناسبتين مختلفتين أن يتوسط لدى الحكومة البريطانية لوضع إمارته تحت حماياتها، نكاية في العثمانيين الذين تجاهلوه ولم يعودوا يرسلون له المخصصات المالية التي كان يرسلها الباب العالي في إسطنبول إلى أمير آل رشيد كما جرت العادة. (3)

الدولة السعودية الحديثة واليهود

استمر الملك عبد العزيز بن آل سعود على سياسة ترضية الغرب من أجل الحفاظ على مملكته، حتى أنه توطدت علاقته ببيرسي كوكس – والذي استطاع أن يُخضع المتصارعين من رجال المشيخات والقبائل والدول الناشئة في تلك البلاد المتناحرة منذ جاهليتها، بل وفوق ذلك يتحد معهم ليُسقط أعظم وآخر خلافة جمعت العرب والترك في تلك المنطقة منذ عصر العباسيين، ألا وهم العثمانيون!- المندوب السامي البريطاني في بغداد والذي زار عبدالعزيز بن آل سعود في العقير في سبتمبر 1920م، حتى أن كوكس قام توفير طبيب من البعثة التبشيرية العربية لابن سعود. (4)

لقد عقد كوكس اتفاق مع بن سعود في ميناء العقير في 2 ديسمبر 1922 حيث فرض بيرسي كوكس حدود نجد مع الكويت محدثا منطقة محايدة بين السعودية والكويت لا تزال حتى يومنا هذا، وعين الحدود بين نجد والعراق محدثا منطقة محايدة أخرى ماتزال هي الأخرى حتى الآن. وكانت هذه من بدايات التواصل بين السعودية واليهود حيث أن كوكس ولد في هيرون بيت في منطقة إكسيس البريطانية، لأبوين يهوديين. (5)

الغريب أنه يتداول وثيقة صادرة عن الملك عبدالعزيز إلى كوكس عام 1915م جاء فيها:

انا السلطان عبدالعزيز ابن عبدالرحمن الفيصل السعود أقر و أعترف الف مرّة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظماء لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود او غيرهم كما تراه بريطانية التي لا أخرج عن رأيها، حتي تصيح الساعة... لكن لا نقف على مصدر موثوق لهذه الوثيقة ولا نستطيع أن نجزم بصحتها أو كذبها. (6)
سفينة-الصواريخ-الإسرائيلية-على-الشواطئ-السعودية-عام-1981-(4).jpg

إلا أن عدد من الباحثين في القضية الفلسطينية المصادر والمراجع العربية، يبرزون وثائق تعود إلى الأرشيف البريطاني والأرشيف العبري. من بين المستندات التي توضح علاقة عبدالعزيز بالحركة الصهيونية وثيقتان تاريخيتان محفوظتان في الأرشيف البريطاني تحت رقم CO 733/443/18 و CO 733/443/19، وتعودان إلى عام 1943.

خلاصة الوثيقتين أن مؤسس المملكة السعودية دخل في مفاوضات سريّة لجهة بيع فلسطين مقابل 20 مليون جنيه، فيما تقول وثائق أخرى أنه حين بدأت ثورة فلسطين الكبرى (1936-1939) كان الفضل الأكبر لإخمادها للملك عبدالعزيز. (7)

عملية أولندي ماعوف

من المعروف للعلن مدى العداء بين الدول العربية خاصة والإسلامية عامة وبين إسرائيل والتي سعدت لاحتلال قطعة في جسد الأمة وهي فلسطين، حيث يسعى الغرب للحفاظ على كيانها وأمنها، كما عمل الحكام العرب على الحفاظ على أمنها وعدم المساس بها، حرصا على رضاء الكفيل الذ يحمي عروشهم.

فبعد حروب طويلة بين مصر وبعض الدول العربية وإسرائيل والتي انتهت بانتصار مصري عربي في حرب 1973م إلا أن الجميع سارع لترضية اليهود ووقفت الحرب بل سارع السادات لإقرار معاهدة سلام بموجبها لا تقترب مصر لأن إسرائيل، وهو ما رفضته معظم الدول العربية وقتها إلا أنها سارعت للتطبيع معها بل والعمل على حماية أمنها.

ففي الظاهر ومنذ نشأتها عام 1948م، وبلاد الحرمين تنظر إلى الكيان الصهيوني المغتصب على أنه دولة معادية، لا يمكن بأي حال من الأحوال الدخول معها في أي مفاوضات أو حوار، وفي المقابل تنظر تل أبيب للرياض كونها أكثر الدول العربية عداءً معها، لاسيما وهي تمثل التيار السني الرافض للوجود اليهودي تمامًا على أي أرض عربية إسلامية، والمنبع الرئيسي لفتاوى الجهاد ضد بني صهيون لتحرير المسجد الأقصى من دنس اليهود.

وفي الوقت الذي كان العداء مستحكما – ظاهريا – بين السعودية وإسرائيل تعاونت السعودية على أعلى مستوياتها مع إسرائيل في عملية أولندي ماعوف. وأوضحت هاآرتس أنه في أواخر سبتمبر 1981 تمت عملية الإنقاذ التي أطلق عليها اسم "أولندى ماعوف" بنجاح، وظلت في سرية تامة لأكثر من 10 أيام عن وسائل الإعلام الإسرائيلية، مشيرة إلى أن قارب الصواريخ الإسرائيلي كان في طريقه إلى إيلات، ونتيجة عطل فنى جنح على الساحل السعودي من مضيق تيران.

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن سفينة الصواريخ "ساعر INS" كانت قد بنيت خصيصا للقوات البحرية في فرنسا وتم تهريبها إلى إسرائيل في عام 1969 في ظل الحظر الفرنسي على بيع الأسلحة لإسرائيل بسبب الأوضاع في المنطقة والحرب بينها وبين مصر.

وأضافت هاآرتس، أن السفينة غادرت ميناء حيفا في 22 سبتمبر، وكانت في طريقها إلى القاعدة البحرية فى إيلات للصيانة، وعبرت ميناء أشدود وبورسعيد وقناة السويس على أن وصلت إلى مضيق تيران فى طريقها إلى إيلات، وفى صباح يوم 24 سبتمبر حدث عطل فنى أدى لتعطيل أنظمة الرادار والملاحة وبسبب سوء تدريب الملاحين على متنها جنحت إلى أراضي المملكة العربية السعودية.

وقالت هاآرتس إن وزير الدفاع الإسرائيلي في حينها آرييل شارون، قد أصدر تعليماته للجيش الإسرائيلي بإنشاء لجنة تحقيق لفحص انحراف السفينة، وذلك بعد أن تمت عملية الإنقاذ بوساطة أمريكية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. (8) كان ذلك أول تعاون مشترك بين الرياض وتل أبيب منذ نشأة الأخيرة، وقد ظلت العملية سرية حتى كشفت عنها صحيفة "هآرتس" العبرية في عام 16 أبريل 2016.

تاريخ طويل من التطبيع

سفينة الصواريخ الإسرائيلية على الشواطئ السعودية عام 1981 (2)

إن علاقة السعودية بإسرائيل لم تنقطع – وإن كانت العلاقات كلها في السر – ففي 8 يونيو 1978م قالت صحيفة لوماتان الفرنسية أن وزير الدفاع الإسرائيلي حينها، عزرا وايزمن، التقى سراً بولي العهد السعودي (الملك فهد فيما بعد) أثناء زيارة الأخير لأسبانيا قام بها.

و نشرت مجلة التايم الأميركية في (14/8/1978م) تحت عنوان (موعد إسرائيلي في المغرب) نشرت خبراً يفيد بأن الملك الحسن الثاني المعروف بعلاقاته الوثيقة باسرائيل، رتّب لقاءً بين الأمير فهد (ولي العهد) باسحاق رابين. ولم توضح المجلة تفاصيل اللقاء أو الموضوعات التي نوقشت.

الجيروزاليم بوست في 23/6/1994 أجرت لقاءً بضابط مخابرات اسرائيلي (رافي سينون) حول كتابه (الفرص الكبرى المبدّدة) والذي أشار فيه الى لقاءات اسرائيلية مع مسؤولين عرب. في ذلك اللقاء أكد ما نشره في كتابه بأن فهد حين كان ولياً للعهد أجرى اتصالات سرية مع اسرائيل للتوصل الى تفاهم بين البلدين، وأنه أرسل مبعوثاً من قبله للقاء موشي ديان، وزير الخارجية الإسرائيلي.

الصحيفة قالت أن المبعوث هو الصحافي الفلسطيني (ناصر الدين النشاشيبي) الذي قال في مقابلة مع الصحيفة نفسها أنه التقى بالكولونيل (سينون) في عام 1976م، ثم قابل ولي العهد فهد الذي سلّمه رسالة شفهية منه الى دايان، وأضاف النشاشيبي بأن الإسرائيليين احتفوا به في القدس، وأنه التقى بعد ذلك التاريخ بستة أعوام أي في حدود 1982م، وهو عام احتلال بيروت، وعام تولي فهد كرسي الحكم كملك، التقى بشيمون بيريز في نيويورك، وانه استلم من الأخير رسالة الى الملك فهد نقلها اليه ولم يعرف محتوياتها.

ألكساندر بلاي، الباحث المعروف، كتب مقالاً في مجلة جيروزاليم كوارترلي الفصلية، تحدث فيه عن عمليات بيع النفط السعودي لإسرائيل، وذكر أن ناقلات النفط تغادر الموانئ السعودية، وما إن تصل إلى عرض البحر حتى تزيف أوراقها وتحول حمولتها إلى الموانئ الإسرائيلية.

في عام 1976، حمل وزير الخارجية التونسي محمد المصمودي رسالة سعودية الى اسرائيل. ويبدو أن التونسيين قد سبقوا السعوديين في توطيد العلاقات مع اسرائيل، ولعل دعوة شارون لزيارة تونس عام 2005 تكشف عمق تلك العلاقات. وقالت مجلة (هغولام هزة) الإسرائيلية في 26/10/1980م، أن الرسالة السعودية تتضمن تعويضاً مالياً سعودياً بمليارات الدولارات لإسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967م وقيام دولة فلسطينية، على أن تعترف جميع الدول العربية بالدولة العبرية في المقابل وتطبّع العلاقة معها.

وفي عام 1967، احتلت اسرائيل جزر صنافير وتيران في خليج العقبة، وهي الجزر التي كانت السعودية تجادل عبد الناصر بملكيتها، فلما احتلت سكتت عن الأمر، كما احتلت اسرائيل في السنوات التالية ست جزر سعودية في البحر الأحمر، يعتقد أنها تحاذي المنطقة الجنوبية السعودية، وحتى الآن لم تطالب السعودية بها.

وفي عام 1980م، تخلّت اسرائيل عن معارضتها بيع أميركا للسعودية طائرات الأواكس، شريطة الحصول على كامل المعلومات التي توفرها تلك الطائرات، وفي العام التالي هاجمت اسرائيل المفاعل النووي العراقي مارة بالأجواء السعودية والأردن.

ومنذ بداية الثمانينيات تزايدت الخروقات الإسرائيلية للأجواء السعودية، التي أخذت بالتحليق فوق قاعدة تبوك والمدن الشمالية، وكانت تلقي بخزاناتها الإضافية الفارغة تحدياً. ولم تقم السعودية طيلة التاريخ حتى اليوم إلا بالاعتراض مرة واحدة لدى الأمم المتحدة! كان ذلك عام 2005.

  • عام 1982م، تبنّت القمة العربية في فاس، مشروع الملك فهد للسلام، الذي يعترف لأول مرة بإسرائيل، وقد سبق الإعلان ضغوط سعودية على سوريا والفلسطينيين، ومحاولات تسويقه في اتصالات عديدة بين مسؤولين سعوديين واسرائيليين. عدنان خاشقجي قدّم نسخة من المشروع قبل إقراره لضابط المخابرات يعقوب نمرودي الذي يقيم معه إضافة الى آل شويمر علاقات ذات صلة بتجارة السلاح، ونشاطات استخبارية.
  • في عام 1986، دبّر بندر صفقة مع الصين للحصول على صواريخ بعيدة المدى، سميت حينها (رياح الشرق). كانت الصفقة موجهة لإيران، حيث لاتزال الحرب قائمة مع العراق، وقد سارع بندر - حسب نوسمي مايلو - كاتب سيرة بندر، الى طمأنة الإسرائيليين بأن الصفقة ليست موجهة ضد اسرائيل، وتلقى وعداً من الإسرائيليين بأنهم لن يهاجموا تبوك.
  • كشف النقاب مراراً على أن عدنان خاشقجي، رجل الأعمال السعودي، ورفيق فهد في دربه، ومستثمر أمواله، كان أحد أهم القنوات مع الإسرائيليين، إضافة الى الأمير تركي الفيصل الذي كان يتولى رئاسة الاستخبارات العامة. وبالنسبة للخاشقجي الذي تضعضعت مكانته في الثمانينيات بسبب مشاكل قانونية في أوروبا أدت الى حجز أمواله، فإنه كان على صداقة مع العديد من القيادات الإسرائيلية مثل شيمون بيريز، وكان كثير التردد على اسرائيل بطائرته الخاصة.
  • ومشهور عن الخاشقجي أنه هو الذي حمل عرض تقديم مليارات من الدولارات للإسرائيليين مقابل رفع العلم السعودي على الأماكن الفلسطينية المقدسة، منافسة من السعوديين للنفوذ الهاشمي قبل فك الارتباط بين الضفة والأردن. وكان شارون قد اعترف بهذا الأمر في لقاء مع الإذاعة الإسرائيلية في 20/2/1898م.
  • وفي عام 1986م، رتّب وزير الداخلية المغربي لقاءً في المغرب بين شخصيتين اسرائيليتين مقرّبتين من شيمون بيريز، مع مبعوثين (2) سعوديين. قيل أن الإسرائيليين سلموا السعوديين معلومات عن مخطط اغتيال أمراء من العائلة المالكة.
  • وفي 18/11/1991، التقى السفير السعودي بندر بن عبدالعزيز مع زعماء الجالية الصهيونية في أميركا، في لقاء علني مكشوف تحدثت عنه معظم وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية وعدد من وسائل الإعلام العربية، وذلك في منزل المليونير اليهودي تسفي شلوم في نيويورك. في ذلك اللقاء، تحدث بندر ـ وبدون تفويض الدول العربية المعنية ـ من أن تلك الدول ستلغي المقاطعة الاقتصادية وتوقف الانتفاضة الفلسطينية إذا جمدت اسرائيل الاستيطان!

وقال بندر بأنه يتحدث باعتباره ممثلاً للملك فهد، وأن السعودية (لا تعتبر نفسها طرفاً في النزاع الشرق الأوسطي) وأن دورها بمثابة (قابلة تعمل على توليد المسيرة السلمية) وينحصر في إقناع الأطراف مختلفة بالسلام (سمسار)!، وتمويل مشاريع اقتصادية بين اسرائيل والعرب. رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، هنري سيغمان، الذي كان حاضراً لقاء بندر، قال بأنه هو (أي سيغمان) الذي اقترح على بندر عقد اللقاء، وأكد عقد اجتماعات كثيرة سابقة مع زعماء يهود خاصة خلال حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت).

وقالت شخصيات حضرت اللقاء لصحيفة معاريف في 19/11/1991، أن بندر قال بأن بلاده لا تعترض على سياسة اسرائيل لمواجهة العنف الفلسطيني، وأن بلاده تضغط على منظمة التحرير لتعترف بإسرائيل. ذكرت الصحافة الإسرائيلية، وبينها صحيفة (حداشوت) في 20/5/1991م، أن الأمير السعودي تركي بن عبد العزيز، شقيق الملك فهد، والذي اختار القاهرة كمنفى اختياري له، أرسل برقية لحجز جناح له في فندق بالقدس، ولكن الأمير تراجع عن الزيارة بعد تسرب خبرها.

سفينة الصواريخ الإسرائيلية على الشواطئ السعودية عام 1981 (3)

وأشرف بندر في أكتوبر 1992م على ترتيب زيارة قامت بها شخصيات يهودية أميركية واسرائيلية الى الرياض، حملت تلك الشخصيات جميعاً جوازات سفر غربية، وكان على رأس الوفد ديفيد كيمحي، الذي اشتهر بأن له علاقات واسعة مع الأمير بندر، وأصبح فيما بعد أحد كبار وزارة الخارجية الإسرائيلية. في 8/2/1993، التقى رئيس اتحاد غرف التجارة الإسرائيلية داني جيرلمان مع وزير المالية السعودي محمد أبا الخيل في سويسرا، وذلك لمناقشة مستقبل العلاقات الاقتصادية المستقبلية بين البلدين.

وقالت أنباء صحفية نقلاً عن مصادر أميركية وإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إسحق رابين عقد اجتماعا مع سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في الأسبوع الأخير من ديسمبر 1993. ورجح أن الاجتماع الذي دام نحو ثلاث ساعات قد تمّ في العاصمة الفرنسية، تلاه بأيام اجتماع آخر بين خمسة ضباط أمن سعوديين يتبعون الاستخبارات التي يرأسها الأمير تركي الفيصل وبين نظراء لهم من الإسرائيليين، وقد عقد الاجتماع في العاصمة اليونانية.

يعبر عن هذه الانطلاقة الجديدة في العلاقات، بل (العناق الاستراتيجي) الكاتب الصحافي سيمون هيرش في مقالته (إعادة التوجيه) في مجلة نيويوركر (5/3/2007)

بقوله:

"إن التحول في السياسة دفع السعودية وإسرائيل إلى ما يشبه العناق الاستراتيجي الجديد، لا سيما أن كلا البلدين ينظر إلى إيران على أنها تهديد وجودي، وقد دخل الطرفان في محادثات مباشرة حيث يعتقد السعوديين أن استقراراً أوسع في إسرائيل وفلسطين سيعطي لإيران نفوذاً أقل في المنطقة، ومن ثم أصبح السعوديون أكثر تدخلاً في المفاوضات العربية ـ الإسرائيلية.
وخلال العام الماضي 2006، توصّل السعوديون والإسرائيليون وإدارة بوش إلى سلسلة من الاتفاقات ـ غير الرسمية ـ حول توجههم الاستراتيجي الجديد، وقد شمل هذا الأمر عناصر أهمها: طمأنة إسرائيل إلى أن أمنها هو الأمر الأسمى، وأن واشنطن والسعودية والدول الخليجية الأخرى تشاركها قلقها حول إيران.
ولقد بدأت الرياض اتصالاتها مع الإسرائيليين والجمعيات اليهودية المؤيدة للدولة الصهيونية في الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد، وهو تقارب حظي بمباركة الإدارة الأمريكية على طول الخط، ولكنه لم يكن علنياً بل ظل مقتصراً على القنوات الدبلوماسية المفتوحة بين الجهتين، وكان مهندس هذه القنوات الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي الأسبق لدى واشنطن، الذي اعتبرته الصحف الإسرائيلية صلة الوصل بين الدولة الصهيونية وجيرانها".

وإذا كان مؤتمر مدريد انطلاقة متقدمة للقاءات سعودية اسرائيلية، ظهر فيها السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر، ونائبه الذي يمثل يده اليمني: عادل الجبير (السفير الحالي في واشنطن)، فإن الرجال لم يتغيروا، فمفاصل الارتباطات مع اسرائيل يديرها بشكل أساس بندر، ثم عادل الجبير، وتركي الفيصل، الذي رغم استقالته كسفير لازال فاعلاً في ذات الاتجاه.

لقد كتب الكثير عن دور بندر بشأن اتفاق مدريد، وكيف أنه كان دائم التردد أيام أوسلو على السفير الإسرائيلي في واشنطن هكتيفو نيبار راماتي، وأيضاً كيف أن بندر كان يعمل أمام كل مأزق يعترض المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية على أساس الضغط على الطرف الأضعف الفلسطيني للتنازل.

أما السفير السعودي الحالي في واشنطن، عادل الجبير، فكان اليد الضاربة لبندر، ثم أصبح مستقلاً بعد أن صار سفيراً.. فقبل نحو عام مثلاً، أي في مارس 2007، رتّب ديفيد وولش، رئيس قسم الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية لقاءً بين الجبير وإفرايم سنيه، نائب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، وكان اللقاء قد تمّ قبيل انعقاد قمة الرياض التي أكدت من جديد على (المبادرة العربية للسلام) أي المبادرة السعودية التي سوقها توماس فريدمان الصحافي الأميركي الصهيوني أثناء زيارته للرياض ولقائه بالملك عبدالله (كان ولياً للعهد) (9)

المملكة التي دومًا ما تفاخرت بأنها الدولة العربية الوحيدة التي لم تتورط في فخ التطبيع مع الكيان المغتصب منذ نشأته، سرعان ما عادت خطوة للوراء قليلاً، لتعيد النظر في سياساتها تجاه تل أبيب بداية الألفية الثالثة، لاسيما بعد تعاظم دور إيران الإقليمي، والذي تمثل في دعم حزب الله والمقاومة اللبنانية وانتصارها في حرب 2006 على إسرائيل، حيث شهد عام 2008 سيل غير مسبوق من التصريحات الإيجابية لمسؤولين سعوديين تجاه تل أبيب

على رأس هؤلاء المسؤولين، الأمير تركي الفيصل، الذي يعد "عرّاب" التقارب السعودي - الإسرائيلي، حيث ضمن ما دعا إليه في هذا التاريخ إدماج إسرائيل جغرافيًا مع دول المنطقة، وغيرها من التصريحات والدعوات التي جوهرها انتهاء عداء السعودية مع الكيان، والتي جاءت بمثابة الصدمة للكثير من السعوديين إلا أنها قد أعطت مؤشرًا أن الإمبريالية السعودية تفوقت على المعتقد، وباتت المصلحة فوق كل اعتبار.

ألبوم صور

سفينة-الصواريخ-الإسرائيلية-على-الشواطئ-السعودية-عام-1981-(1).jpg
سفينة-الصواريخ-الإسرائيلية-على-الشواطئ-السعودية-عام-1981-(2).jpg
سفينة-الصواريخ-الإسرائيلية-على-الشواطئ-السعودية-عام-1981-(3).jpg
سفينة-الصواريخ-الإسرائيلية-على-الشواطئ-السعودية-عام-1981-(4).jpg

المراجع

  1. مديحة احمد درويش: تاريخ الدولة السعودية، حتى الربع الاول من القرن العشرين، دار الشروق للنشر والتوزيع 1983م.
  2. أحمد بن يحيى آل فائع: العلاقة بين الملك عبد العزيز والملك الحسين بن علي وضم الحجاز 1328-1344 هـ. - 1910-1925م، دارة الملك عبد العزيز، 2012م.
  3. نجدة فتحي صفوة: الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، دار السواقي، بيروت لبنان، 2000م.
  4. مراسلات بين المسؤولين البريطانيين في البحرين وبوشهر وبغداد: الورقة رقم 20 و 26.
  5. هارولد ديكسون: الكويت وجاراتها، ترجمه فتوح عبد المحسن الخترش، ذات السلاسل للطباعة والنشر والتوزيع، 1956م
  6. أخطر وثيقة سعودية في تاريخ العرب بشأن فلسطين
  7. خير الدين الزركلي: شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز، د ار العلم للملايين 1985م
  8. أخطر وثيقة سعودية في تاريخ العرب بشأن فلسطين
  9. العلاقات السعودية الإسرائيلية (حقائق مرّه)