عياش .. نجمٌ ساطع رغم الغياب!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عياش .. نجمٌ ساطع رغم الغياب!!
الشهيد يحيى عياش

حينما يتعلق الحديث بالشهيد المهندس يحيى عبد اللطيف ساطي عياش، صاحب الكوفية الحمراء المسدلةِ على كتفيه كانسدالِ أوراق العنب الخضراء من على داليةٍ لوَّنها المحتل بلونٍ غير لونها في الخليل، حين تجرَّأ المجرم باروخ جولدنشتاين على ارتكاب مجزرة الحرم الإبراهيمي أثناء تأدية المصلين لصلاة الفجر من يوم الجمعة في منتصف رمضان من العام 1994م، حينها فقط أعلن الجانب الفلسطيني أن الثأر قادمٌ وبعشر عمليات مزلزلةٍ ستكون نارًا على المحتل الصهيوني وفي عقر داره، وهو ما كان بحق.

لأول مرةٍ تعلو أصواتُ الفلسطينيين المنددين، بل يتجاوز صدى التنديد إلى الوعيد الشديد فالتنفيذ الجريء، لأول مرةٍ تنتقل المعركة إلى قلب المغتصب الصهيوني، إلى منازلهم ومكاتبهم، إلى حافلاتهم ومقاهيهم، لأول مرة يكون الرد خاطفًا قاتلاً مزلزلاً في حيفا، وتل أبيب، والعفولة والخضيرة، وشارع ديزنغوف الذي بات يعرف فيما بعد بشارع الموت، للمرةٍ الأولى يشعر المحتل أن مجازره أصبح لها ثمنٌ، وثمنٌ قاسٍ لا يُطيق احتماله.

دمعت عينا الشهيد يحيى عياش، وربما كانت مشاعره مثل مشاعر ملايين العرب والمسلمين الذين هالهم مشهد المجزرة وطريقة تنفيذها، إلا أن المهندس كان له رأيٌ آخر في المجزرة، وأرسل استشهادييه كرسائل موقوتة بالدماء والدمار والأشلاء إلى بني صهيون، فكانت الأعراس تنطلق من العفولة والخضيرة وديزنغوف وتل أبيب في كل يوم أربعاء، وكان عرسانها المُزَنَّرُون بأحزمة الكرامة والكبرياء والعز، رائد زكارنة، عمار عمارنة، وصالح صوي، لبيب أنور، أيمن راضي، أنور سكر، صلاح شاكر، خالد الخطيب، عماد أبو أمونة، ومعاوية روقة وسفيان جبارين، ومن تبعهم بعد ذلك على ذات الدرب.

صامتٌ كصمت الحزن الكامن في أعماقنا، هادئٌ كهدوء الليل الساكن، غير أن قلبه يقود شررًا وحممًا تغلي على العدو، ومنذ صباه رسم العياش البسمة على شفاهنا، وأعادها للأرامل والأيتام والأمهات والآباء، وقد حُرمنا منها اليوم، فحين نستذكر اليوم الشهيد يحيى عياش، نستذكر عملياتِ الثأر التي كانت عنوانًا لمسيرته، وفقدنا بفقدنا للمهندس يحيى عياش أعراسًا كنا ننتظر أن تقرع طبولها انفجاراتٍ مدويةً، تذيق المحتل الغاصب ما أذاق أهلنا عبر القصف والاغتيال، والتشريد والاعتقال.

لقد حصد المحتل الصهيوني- وفي عقر داره- الموت والخراب الذي زرعه في الضفة الغربية وغزة، فكان الرد بالمثل، وسقطت معه "أسطورة الجيش الذي لا يُقهر"، وسجَّل الشهيد عياش بيديه الكريمتين مرحلةً جديدةً من الصراع، ونقلنا من مرحلة الحجر والمقلاع إلى مرحلة الرشاش والسيارات المفخخة، وأسطورة "اليحيى العياش" يختصر اسمه في الحياة والعيش الكريم لهذه الأمة، وتصديقًا لمقولة "الصديق" رضي الله عنه: "اطلبوا الموت تُوهب لكم الحياة".

المصدر