قراءة أولية في الرسائل القسامية / سوسن البرغوتي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٠:٢٩، ٧ يناير ٢٠١١ بواسطة Opsa (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center>قراءة أولية في الرسائل القسامية</center>''' '''بقلم:سوسن البرغوتي''' لم تكن خطابات القادة ال...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قراءة أولية في الرسائل القسامية


بقلم:سوسن البرغوتي

لم تكن خطابات القادة العسكريين في كتائب القسام، في ذكرى انطلاقة حركة حماس متزامنة مع ذكرى الاعتداء الصهيوني على القطاع قبل سنتين، مجرد إلقاء تصريحات وبيانات إحصائية في غاية الدقة والتنظيم، فإعلان القسام عن بعض العمليات، وليس كلها، نقلة نوعية في أداء مقاومة محاصرة من كل الجهات في فلسطين المحتلة، وليس فقط في القطاع. ومع ذلك، يبدو للبعض أن كتائب القسام لم تعد العدة واستكانت للتهدئة المؤقتة، واكتفت بغزة كقاعدة لها. الرسائل المتعددة جاءت على النحو التالي:

- للقسام الكلمة وموقف الحسم، وهذا لا يتأتى إلا بموافقة ومشاركة ودعم الفصائل المقاومة، والأقرب إلى المنطق أن الجبهة المقاتلة متوحدة، اللهم بعض الذين يلعبون على وتر "الانقسام" وتوظيفه، وقد يكون هذا ما قصده الدكتور محمود الزهار حول المتمردين، أي إطلاق الصواريخ دون تنسيق، وبأوقات الهدف منها، إرباك جبهة المقاومة الإسلامية في القطاع على وجه الخصوص.

- انتهاج وسائل أخرى غير إطلاق الصواريخ، وأن عملية القدس الاستشهادية التي قادها البطل علاء أبو الدهيم، اختلفت عن سابقاتها، بتحديد المكان والقصد في إيجاع العدو في عقر دار المدارس اليهودية، التي تخرج إرهابيين قتلة، تحت ذريعة التمسك بـ(أرض الالتقاء والميعاد)، فضلاً عن عدد القتلى الصهاينة.

- تبيان ما أنجزته كتائب القسام، خلال مسيرة ثلاثة وعشرين عاماً، وهي رسالة موجهة مباشرة إلى سلطة "المفاوضات" التي لم تجنِ إلا الخيبة والتفريط بحقوق الشعب وقضيته، والموت الحتمي لحياة التفاوض. فهذا بيان القسام، ولكل مقام مقال، فاتونا بماذا حققتم من تلك المفاوضات؟!. أما الرسالة الثانية لسلطة محمية رام الله، أن المقاومة هي الوسيلة الأهم والأولى في التصدي للاحتلال، وأن أرض فلسطين المحتلة كلها متاحة للمقاومين.

- رسالة مشجعة لا شك للمقاومين العرب بالكلمة والسلاح، فالإنجازات تتحدث عن نفسها، وهذا الأمر يشكل حافزاً قوياً، للتفكير بالانضمام إلى ساحة المعركة الموجهة، ونبذ الأوهام وترهات السلام المزعوم، وإدارة الظهور لكل من يحسب أن الأوطان تُحرر بأوراق كاذبة، منافقة، والعون بعد الله، بالاعتماد على جبهة الممانعة السياسية بالخارج، وإمدادها بالمال والسلاح والمتطوعين المخلصين.

- رسالة للعالم، ورغم الحصار، مجتمع قطاع غزة يبني صرحاً مقاوماً على جميع الأصعدة، فالأطباء يجرون عمليات جراحية، يعجز عنها أندادهم في أماكن تتاح لهم كل فرص النجاح، وكذلك ينشط في القطاع الأدب المقاوم الملتزم، وثقافة التمسك بالأرض والحق، ولعل أطفال القطاع خير سفير لهذه التربية المتأصلة بشعب يأبى الركوع والإذلال، وصولاً لتفكيك قواعد الجواسيس وتطور صناعة الأسلحة قدر المستطاع، ووفق إمكانيات متواضعة. ولهذا كله، فإن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة ويستحق الحرية، ورفع الحصار وإلى الأبد.

- رسائل مركبة للعدو، منها ما أظهرته الكتائب، ومنها ما ينتظر الوقت المناسب للإعلان عنه، وأن كتائب القسام ليس ساحتها القطاع، فحسب، وقد تنتهج أساليب أخرى غير إطلاق الصواريخ. فالتطور من انتفاضة الحجر والعمليات الاستشهادية، والجرافات والسيارات، إلى أخرى أكثر تعقيداً، إنما يدل على تأهيل الفعل وليس رد الفعل، طالما بقي الاحتلال جاثماً على أرضنا، من البحر إلى النهر. وأن القسام أقوى وأصلب عوداً من سنتين ماضيتين، وإن فكر الكيان الصهيوني بشن حرب على غزة، لن يجني منها، إلا فوضى عارمة في سياسته وارتباك جيشه الجبان، وازدياد في عزلته شعبياً على مستوى العالم. ففرق كبير بين قاتل معتدٍ وآخر مدافع عنيد يرفض الاستكانة لواقع الاحتلال وممارساته الوحشية.

- ما يُسمى بـ"الحزام الأمني" منطقة (عازلة) أنشأها جيش الاحتلال داخل القطاع، وهذا التسلل يُعتبر اعتداءً على القطاع، وجب الرد عليه من المقاومة، لذا فقد جيش العدو صوابه، عندما أُصيبت إحدى دباباته بصاروخ "كورنيت" قبل فترة، عملت في نطاق هذه المنطقة، بالإضافة إلى إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، فكانت الصدمة الأولى من التطور النوعي للمقاومة، والثانية رفض المقاومة المطلق، لمسوغات "المنطقة الأمنية"، وحقها بالرد بالوقت والمكان المناسبين على الاعتداء.

- منهجية متطورة على الدوام، والصواعق ستنزل على العدو كحمم البركان، من كل مكان وبكل وقت، تختاره المقاومة بالوسيلة وتحديد موقع المواجهة وكيفيتها، ليس لانتقام آني، إنما للتصدي وإحداث توازن في عامل الردع، وهو ما أكده القائد أحمد الجعبري (إن عيوننا ستبقى دوماً صوب القدس والأقصى ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دوماً إلى كل أرضنا المغتصبة، إن عاجلاً أم آجلاً).. وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية تطور المقاومة الإسلامية بلبنان، والاستفادة مما حققته، وتوظيفه لصالح مشروع إستراتيجية المقاومة.

- لم تيأس حماس من صفقة إطلاق الأسرى، وقد اتضح بتأكيد القائد محمد الضيف على تحرير الأسرى، وعلى الرغم من التحركات الشعبية ومؤتمرات ومساندة أسرانا في سجون العدو، إلا أن أسر المزيد من الجنود الصهاينة، يعزز مطالب المفاوض الفلسطيني، ولربما تخبئ الأيام مفاجآت أخرى، تشكل صدمة للعدو ومن لف في فلكهم، فمن يدري، وعند القسام ورفاق الجهاد، الخبر اليقين.

- مسألة الإيمان بالله والعقيدة الإسلامية، وهي تبرِز ميثاق حماس، وذلك حينما وجه القائد محمد الضيف كلامه للصهاينة اليهود (إنكم إلى زوال وإن فلسطين ستبقى لنا بقدسها وأقصاها ومدنها وقراها، من بحرها إلى نهرها ومن شمالها إلى جنوبها، لا حق لكم في شبر منها، مهما طال الزمن ومهما حاولتم طمس معالمها، ولن نرفع لكم راية بيضاء ما دام هناك مسلم واحد على وجه هذه البسيطة)، والمعالم والمقدسات لا تخرج عن تاريخ، جغرافية وثقافة أبناء الوطن العربي، بأي حال. كذلك ما قاله القائد أحمد الجعبري (بعون الله ثم بما أوتيت من قوة وعنفوان ستظل حماس تحمي ثوابت الشعب والقضية الفلسطينية، وستظل شوكة في حلق اليهود المعتدين).

نأمل أن يحصد الجناح السياسي في حماس، ثمار مقاومة مشرّفة، وإن كانت بعض التصريحات، تبعد عن ثوابت القضية العادلة وجوهر الصراع، وتضر بحركة مقاومة أولاً وأخيراً، والحكم المحلي والشراكة الوطنية الصادقة وسيلة لتمكين الجبهة الداخلية، ويا حبذا لو تناغم وتطابق العمل المقاوم الإبداعي مع الأقوال، لتقود الحركة بكل ثقة مع رفاق النضال المسلح، مسيرة تحرير فلسطين وعودتها إلى أمتها العربية وبعدها العالم الإسلامي.

كلمة أخيرة لسادات المقاومة وقادتها بكل الفصائل المقاتلة، فلسطين كل فلسطين، أمانة بأعناقكم، ولن يرحل هؤلاء اليهود المغتصبين إلى بلدانهم، إن لم يعيشوا بقلق وخوف مستمر على أولادهم ومستقبلهم.. بالقدس قلب الصراع إن شاء الله موعدنا، وإنّا على العهد باقون.