قصة هيئة العلماء في برنامج الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
قصة هيئة العلماء في برنامج الإخوان

بقلم/ الدكتور رفيق حبيب


مقدمة

تركز الهجوم على برنامج الإخوان الذي طرح على مجموعة من الكتاب لإبداء الرأي ، عن دور هيئة كبار العلماءفيما يخص التشريع ، أي دورها مع المجلس التشريعي . ولقد حدد البرنامج في الجزء الخاص بالأزهر الشريف، تشكيل هيئة كبار العلماء والتي تقوم بانتخاب شيخ الأزهر وأكد البرنامج في الجزء الخاص بالتشريع أن هيئة كبار العلماء نفسها يجب أن تكون منتخبة من علماء الدين وأن تكون مستقلة عن السلطة التنفيذية .


وبهذا هدف البرنامج أولا إلى استقلال الأزهر الشريف عن السلطة التنفيذية استقلالا كاملا . وهو ما يجعل لرأي العلماء استقلاله عن جميع السلطات، ويجعله قائما على مايصل له علمهم من رأي دون أي ضغوط خارجية. واستقلال الأزهر وشيخه وهيئة كبار العلماء، يمنع السلطة التنفيذية من توظيف الرأي الديني لمصلحتها ،ويحرمها من التأييد الشرعي المستمر الذي تحظى به في حالة سيطرتها على المؤسسة الدينية .


وهذا الوضع يختلف عن الوضع الحالي حيث إن مجمع البحوث الإسلامية ومؤسسة الأزهر نفسها تتبع السلطة التنفيذية وشيخ الأزهر معين من قبل رئيس الجمهورية .

وعندما يؤخذ رأي مجمع البحوث الإسلامية في موضوع ما لا يمكن أن يأتي رأيه مستقلا عن رغبة السلطة التنفيذية وأيضا عندما يؤخذ رأي شيخ الأزهر يصعب أن يكون رأيه مخالفا لرأي السلطة التنفيذية إذن ما حققه برنامج الإخوان في هذا الجزء هو استقلال الأزهر الشريف مما يؤدي إلى استقلال الرأي الديني عن رغبات السلطة التنفيذية .

أما على صعيد التشريع فقد كان هدف البرنامج الأساسي أن يحدد آلية للتشريع فيما يخص تطبيق الشريعة الإسلامية أو جعل مبادئ الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع ، كما نص الدستور في المادة الثانية. فالبعض يسأل عن فكرة تطبيق الشريعة أو الاتزام بها ، ومن يكون له الحق في تحديد ما يتوافق مع الشريعة الإسلامية وما يختلف معها ، وكان من المهم في برنامج يقوم على مرجعية الشريعة تحديد الإجراءات المتبعة في التشريع ، حتى يتحقق الالتزام بالشريعة الإسلامية .

ولقد تبنى برنامج الإخوان الآلية الموجودة الآن بالفعل ، ففي الواقع الراهن يقوم مجلس الشعب بعرض القانون قبل إقراره على مجمع البحوث الإسلامية لأخذ الرأي و أحيانا تقوم الحكومة بعرض القانون الذي تقترحه على مجمع البحوث الإسلامية.

وفي الواقع الحالي يكون القانون المقترح من قبل الحكومة غالبا هو ما يوافق عليه مجمع البحوث الإسلامية وهو مايوافق عليه مجلس الشعب في نهاية الأمر وذلك بسبب أن مؤسسة الأزهر نفسها جزء من السلطة التنفيذية كما أن هذه السلطة تهيمن على مجلس الشعب من خلال الأغلبية .

وفي الوضع الراهن يحق لمن يقيم دعوى تتعلق بقانون معين أن يطعن في دستوريته أمام المحكمة الدستورية العليا فإذا كان القانون مخالفا لأي نص في الدستور بما في ذلك المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية ، فتحكم المحكمة ببطلان القانون وتطلب من السلطة التشريعية وضع قانون آخر.

تلك هي الآلية الراهنة والتي اتخذها برنامج الإخوان بعد أن جعل هيئة كبار العلماء بديلا عن مجمع البحوث الإسلامية وجعلها هيئة منتخبة ومستقلة وجعل المؤسسة التي تنتمي إليها الهيئة وهي مؤسسة الأزهر مستقلة أيضا وجعل شيخها منتخبا . ولكن البرنامج أضاف تعديلا آخرعلى الواقع الراهن بأن طلب من المجلس التشريعي عرض كل القوانين على هيئة كبار العلماء لمعرفة رأيها . وهذا الاختلاف يعني اهتمام البرنامج بمعرفة علاقة القانون بالشريعة الإسلامية وهل يتعارض معها ، مع العلم بأن رأي الهيئة في النهاية هو مجرد رأي استشاري . وقد يكون للهيئة أكثر من رأي أو يكون لها رأي يحدد بعض الأسس والقواعد ، دون رأي نهائي في القانون نفسه . وهنا وجدنا البعض يفسر فكرة عرض القوانين كلها على الهيئة ، بأنها نوع من الوصاية للهيئة على المجلس التشريعي وهذا أمر لم يقصد بل ماقصد يمثل فرقا بين برنامج الإخوان والوضع الراهن . فالنظام الحالي يلتزم بالشريعة الإسلامية انتقائيا ،أي عندما يقرر هذا وبالتالي يختار القوانين التي تعرض على مجمع البحوث الإسلامية ، وتلك التي لا تعرض عليه .

وهنا نجد نقطة مهمة يمكن مناقشتها وهي عن أهمية عرض كل القوانين على هيئة كبار العلماء خاصة مع اختلاف الأغلبية الحاكمة في المجلس التشريعي والتي يمكن ألا تكون راغبة في أخذ رأي العلماء في الاعتبار ، وعليه يمكن النظر في مسألة طلب رأي العلماء ، وعلى أية حالة فالرأي في النهاية استشاري وبالنسبة لجماعة الإخوان والتي يقوم برنامجها على الالتزام بالشريعة الإسلامية ، سيكون رأي العلماء بالنسبة لها مهماً ، رغم أنه استشاري أيضا . وهنا رأي البرنامج أنه على المجلس التشريعي إقرار القانون بالأغلبية ولكن عليه عدم مخالفة رأي قطعي الدلالة والثبوت وهذا التعبير ربما كان مصدر بعض الاتباس رغم أنه لم يكن في صيغة إجراء بل في صيغة رأي موجه للمجلس التشريعي . فهذا الأمر جعل البعض يتساءل عمن يملك تحديد الحكم القطعي ، فإذا كان هيئة كبار العلماء، عندئذ أصبح لهم سلطة تتجاوز الرأي الاستشاري . وبالنسبة لأصحاب الاتجاه الإسلامي نجد لديهم قناعة بأن الحكم القطعي معروف ومحدد ولكن في البرنامج السياسي يجب تحديد الإجراء ، وهنا يصبح الإجراء أن المجلس التشريعي هو صاحب القرار ، وهو الذي يحدد ما إذا كان رأي العلماء يقبل أم يرفض وما إذا كان عن حكم قطعي أم ظني . وبهذا تستقيم الصياغة من خلال التأكيد على ان رأي العلماء استشاري وايضا التأكيد على ان استشارة العلماء في أمور تخص الشريعة الإسلامية هي جزء من استشارة المتخصصين في أي أمور أخرى كعملية مساندة للمجلس التشريعي . مع ملاحظة أن النص أكد على أن على العلماء أخذ رأي أهل الاختصاص ، كإجراء ضروري وحدد أن رأيهم - وهذه نصيحة من صاحب البرنامج - يجب أن يأتي مرتبطا بسياق الموضوع أي مرتبط بظروف الواقع . ثم أكد البرنامج على دور المحكمة الدستورية العليا ولكنه أضاف لكل مواطن الحق في الطعن على دستورية القوانين وهو ما يعني تفعيل دور المحكمة الدستورية في وقف القوانين المعارضة للدستور . وقرر البرنامج في حالة قيام رئيس الجمهورية بإصدار قانون في غيبة المجلس النيابي ، أن يستشير هيئة العلماء أيضا .


هذا ما أراده البرنامج وضع آلية لتطبيق مرجعية الشريعة الإسلامية تؤكد على أن المجلس التشريعي هو وحده صاحب القرار التشريعي وأن رأي العلماء مهم ولكنه استشاري ، والمحكمة الدستورية العليا هي صاحبة الرقابة الوحيدة على القوانين ورقابتها لاحقة .ولكن ردود الفعل على هذا النص ذهبت بعيدا ، لدرجة أن بعضها اعتبر النص محاولة لتقليد ولاية الفقيه لدي الشيعة وأن النص يعطي حق الرقابة للعلماء على الحكومة ورئيس الجمهورية والقوانين ، وهذا أمر يخرج تمام عن النص ويتعارض مع فكر الإخوان المسلمين ويتعارض مع آليات العمل داخل جماعة الإخوان ويتعارض مع فكر أهل السنة والجماعة ولذا فهو احتمال غير وارد أساسا .


وكل ما قيل عن دولة الفقهاء والدولة الدينية أمر يخرج عن النص وعن المعنى المقصود له بل إن بعض الالتباس الحادث في النص لا يسمح بالقول بولاية الفقيه ، ولا بسلطة للعلماء . والبعض تصور أن هذا النص ، مع غيره ، يمثل عودة لسيطرة تيار على آخر داخل جماعة الإخوان المسلمين ، وبدأت كرة الثلج تبني تفسيرات على تفسيرات حتى بعدت تماما عن النص الأصلي .

والحقيقة أن كاتب هذه السطور هو صاحب الاقتراح بإضافة هذا الجزء ، وأنا أقول هذا لسبب واحد فقط ، وهو الـتأكيد على أن ما ذهبت إليه التعليقات بعيد تماما عن الحقيقة ، فكان المقصود من الاقتراح التأكيد على أن عملية تطبيق الشريعة تجري بنفس قواعد التشريع المعمول بها والتي تجعل الأمة مصدر التشريع من خلال نوابها المنتخبين . أما الاعتراض على دور العلماء فقد كان جزء منه رغبة في ألا يكون للعلماء أي دور حتى دور الناصح وأظن أن دور العلماء سيبقى ، فعليهم النصيحة .


تعليق الأستاذ فهمي هويدي علي برنامج حزب الإخوان

أثار برنامج الحزب الذي أعلنته جماعة الإخوانالمسلمين في مصر تعليقات كثيرة، خصوصاً أن مشروع البرنامج وزع على عدد غير قليل من aالمثقفين لإبداء الرأي فيه، قبل أن يصدر في صيغته النهائية. وفي حدود ما نشر حتى الآن في مصر على الأقل، فإن الأغلبية الساحقة من التعليقات جاءت سلبية، حيث وجهت سهام النقد الى البرنامج في ثلاثة مواضع هي: النص في البرنامج على هيئة من كبار العلماء يجب ان تستشيرها السلطة التشريعية فيما تصدره من قوانين الأمر الذي اعتبره البعض تكريساً لفكرة الدولة الدينية – الموقف من الأقباط ـ الموقف من المرأة. وبالتركيز على هذه النقاط فإن التعليقات في مجموعها ثبتت من الصورة النمطية التي تشكلت في الأذهان، عن الحركات الإسلامية التي يساء الظن بمشروعها دائماً من قبل البعض، ولا يكاد يذكر لها اسم إلا وتتهم في هذه المواضع الثلاثة.

النقطة الأولى استأثرت بالاهتمام الأكبر سواء من جانب الذين لا يرون في المشروع الإسلامي إلا استنساخا للدولة الدينية في الخبرة الأوروبية، ومن ثم فإن لديهم أحكاما راسخة مسبقة في هذا الصدد، ليسوا على استعداد لتغييرها، أو من جانب بعض العقلاء الذين قرأوا البرنامج قراءة متعجلة، وصدمتهم الإشارة إلى هيئة كبار العلماء والدور المنوط بها، فاصطفوا مع الناقدين، ووجهوا سهامهم بدورهم إلى البرنامج، منددين بموقفه ومحذرين من انزلاق الجماعة نحو تبني فكرة الدولة الدينية. وكانت النتيجة أن اجتمع على نقد البرنامج والتشهير به المغرضون وبعض المخلصين، برغم اختلاف ودوافع ومقاصد كل منهما.


في الأسبوع الماضي نشرت على هذه الصفحة مقالة قدمت نموذجاً لما نتحدث عنه، كان محورها وعنوانها هو: دولة الإخوان الدينية في مصر. وقد حدد كاتبها موقفه مقدماً حين ذكر في البداية أن الجمع بين الدين والدولة فاشية من نوع جديد وحين دخل في الموضوع قال إن برنامج الإخوان مزق إرباً كل المفاهيم المتعلقة بالدولة المدنية، وأقاموا مكانها دولة دينية، تستبعد غير المسلمين من الوظائف العامة، وتقيم هيئة دينية لها المرجعية العليا في القرار، على الأقل في الأمور قطعية الثبوت والدلالة.

هذه الفكرة عبر عنها أكثر من تعليق، بأساليب اختلفت باختلاف موقف كل كاتب، وجميعهم استندوا إلى نص ورد في الفصل الخاص بالسياسات والاستراتيجيات من البرنامج يقرر أن مرجعية الشريعة الإسلامية تطبق بالرؤية التي تتوافق عليها الأمة، من خلال الأغلبية البرلمانية في السلطة التشريعية المنتخبة انتخاباً حراً.. ويجب على السلطة التشريعية من ذوي الخبرة والعلم في سائر التخصصات.. ويسري ذلك على رئيس الجمهورية عند إصداره قرارات بقوة القانون في غيبة السلطة التشريعية.. ويكون للسلطة التشريعية في غير الأحكام الشرعية القطعية القرار النهائي بالتصويت بالأغلبية المطلقة على رأي الهيئة. ولها أن تراجع الهيئة الدينية بإبداء وجهة نظرها فيما تراه أقرب الى تحقيق المصلحة العامة».


هذا النص أثار دهشتي، لأنه يبدو غريباً على خطاب الإخوان، الذي خلا في كل أطواره من الإشارة الى مسألة السلطة الدينية. بل إن الحركة ذاتها لم تجسد هذه الفكرة على مدار تاريخها، إذ باستثناء مؤسسها الشهيد حسن البنا الذي كان من خريجي كلية دار العلوم، فإن مرشديها الستة الذين تعاقبوا بعد البنا لم يكن أحد منهم من علماء الدين، فثلاثة منهم كانوا من خريجي كليات الحقوق (حسن الهضيبي و عمر التلمسانيو مأمون الهضيبي) والرابع من خريجي كلية العلوم (مصطفى مشهور) والخامس من ملاك الأراضي الزراعية (حامد أبو النصر) والمرشد الحالي محمد محمد مهدي عاكف من خريجي المعهد العالي للتربية البدنية. حتى مكتب إرشاد الجماعة ظل 90% من أعضائه من المهنيين والتكنوقراط، ولم تزد نسبة الأزهريين فيه على 10% طيلة نصف القرن الاخير.


المفاجأة الأكبر وقعت حين راجعت نسختين لبرنامج حزب الإخوان، الأولى أشير إلى أنها «الإصدار الأول»، وقد وزعت على عدد محدود من الباحثين في شهر أغسطس الماضي. وهي والثانية ـ جرى التنويه إلى أنها «القراءة الأولى» ـ التي وزعت في شهر سبتمبر الفائت على عدد أكبر من المثقفين. إذ اكتشفت أن «الإصدار الأول» خلا من كل الإشارات التي أثارت اللغط والجدل. ولم أكن بحاجة إلى بذل جهد لملاحظة أن لغة «الإصدار الأول» اختلفت عنها في «القراءة الأولى»، وأن النسخة الأولى كان واضحا فيها تأثير المتمرسين بالعمل السياسي، في حين النسخة الثانية وضحت فيها بصمات المنشغلين بالدعوة، الذين يعانون من ضعف الإدراك السياسي، وإذا صح ذلك فإنه يكشف ربما لأول مرة في العلن عن وجود تيارين على الأقل داخل قيادة الجماعة،


أحدهما إصلاحي منفتح والثاني محافظ ومنغلق. ويبدو أن كفة التيار الثاني هي الأرجح في دائرة القرار، بدليل أن عناصره استطاعت أن تضيف رؤيتها وتفرضها في النسخة الثانية من البرنامج التي وزعت على نطاق واسع، وحملت عنوان «القراءة الأولى». وفيما علمت فإن الإصلاحيين فوجئوا بإضافات المحافظين على البرنامج، الأمر الذي يدعونا الى القول بأن الرؤية السياسية داخل الجماعة لم تنضج بعد، وأن الحوار بين قياداتها مطلوب لبلورة تلك الرؤية، قبل إجراء الحوار مع المثقفين ونخبة المجتمع الذين وزع عليهم البرنامج.

تسوغ لي هذه الخلفية أن أدعي بأن الإخوان في البرنامج بدوا ظالمين ومظلومين في الوقت ذاته. هم ظالمون لأنه أساءوا التعبير عن أنفسهم، وقدموا صيغة لبرنامج وفر للمتصيدين ذخيرة استخدموها في تخويف الرأي العام وإثارة النفور من الجماعة. وقد سبقت الإشارة إلى أن أصدقاءها المتفهمين لأوضاعها وجدوا أنفسهم مدفوعين إلى التنديد بالبرنامج. وكانوا محقين لدرجة كبيرة فيما ذهبوا إليه. وإذا سألتني لماذا هم مظلومون فردي أن ذلك راجع إلى أمرين: الأول أن النصوص التي انتقدت في البرنامج لم تكن بالتعاسة التي صورت بها، والثاني أن تلك النصوص التي استأثرت بالاهتمام حجبت نقاطا ايجابية في البرنامج لم يلتفت إليها أحد.


خذ مثلاً فكرة هيئة كبار العلماء التي أثيرت من حولها الضجة الكبرى، وأعتبرها فكرة ساذجة لا لزوم لها في الدولة الإسلامية المفترضة، لأن إعداد القوانين في أي دولة ديمقراطية يمر بقنوات ولجان تتحقق من صوابها من جوانب عدة، داخل البرلمان أو مجلس الدولة، ولا حاجة لتأسيس كيان جديد من خارج تلك المؤسسات للقيام بمهمة عدم تعارض القوانين مع الشريعة. مع ذلك فليس صحيحاً أن قرار هذه الهيئة المقترحة ملزم، كما أنها لا تمثل مرجعية عليا في شيء، كما ادعى البعض. فالنصوص واضحة في أن رأي الهيئة استشاري، والمجلس النيابي المنتخب هو السلطة الوحيدة التي لها حق إصدار التشريعات، وللمحكمة الدستورية العليا سلطة الفصل فيما إذا كان القانون مطابقاً للدستور أم لا، بما في ذلك مادته الثانية المتعلقة بمرجعية الشريعة للقوانين، وهو النظام المعمول به حالياً في مصر.


خذ أيضاً الموقف من الأقباط، الذي جرى التعسف في تفسيره على نحو يصعب افتراض البراءة فيه، حين ذكر كاتب مقال الأسبوع الماضي الذي سبقت الإشارة إليه أن البرنامج يستبعدهم من تولي الوظائف العامة، واستطرد مشيرا إلى أنه « يكاد» يستبعدهم من حق الدفاع عن الوطن، الأمر الذي يفتح الباب لعودة فكرة الجزية مرة أخرى. وهو أسلوب في النقد مسكون بالتضليل والتدليس. ذلك أن الإشارة إلى غير المسلمين وحظوظهم من الوظائف العامة وردت في الجزء الخاص بمدنية الدولة، الذي تحدث صراحة عن أن تولي الوظائف في الدولة الإسلامية يتم على أساس من الكفاءة والخبرة. وسبقته إشارات أخرى إلى أن المواطنة هي الأساس وأن جميع المواطنين سواء في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين والجنس. غير أن معدي المشروع استثنوا منصبي رئيس الدولة ورئيس الوزراء من الوظائف التي يتولاها غير المسلمين،

واستندوا في ذلك إلى أن للدولة الإسلامية وظائف دينية، يعفى منها غير المسلم وقد يسبب القيام بها حرجاً عقيدياً له. وأرادوا بذلك أن يسوغوا استئثار المسلمين بهذين المنصبين فقط. وهو ما يعني أن ما قيل عن حرمان غير المسلمين من تولي الوظائف العليا لا أساس له من الصحة، وأن حكاية الحرمان من الوظائف العسكرية والعودة الى نظام الجزية، هي من قبيل الاختلاف الذي أريد به التشويه لا أكثر.


بالمناسبة فإن فكرة الاحتفاظ بمنصب رئاسة الدولة لأتباع دين معين ليست بدعة في الدساتير الحديثة. إذ هي موجودة في اليونان والدنمارك وإسبانيا والسويد وانجلترا وبعض دول أمريكا اللاتينية. أما إضافة منصب رئيس الوزراء، وقصره على المسلمين دون غيرهم، فهي من أصداء الفكر التقليدي المحافظ الذي عبر عنه الماوردي في «الأحكام السلطانية»، حين فرق بين وزير التفويض (الذي يقابل رئيس الوزراء) ووزير التنفيذ، واشترط الإسلام في الأول دون الثاني. وهي الفكرة التي تم تجاوزها عند الباحثين المسلمين المعاصرين، الذين اعتبروا أنه لا وجه للمقارنة بين وزير التفويض في الازمنة القديمة وبين رئيس الوزراء في زماننا. حتى رئاسة الدولة التي يميل أغلب الفقهاء والباحثين على أن تبقى للمسلمين في الدولة الإسلامية، هناك أكثر من اجتهاد بصددها. حيث يذهب كثيرون ـ منهم الدكتور يوسف القرضاوي ـ أن ذلك لا يحول دون حق غير المسلم للترشح لهذا المنصب.


أما موضوع المرأة، فالبرنامج لم يعترض على توليها الوظائف العامة، وإنما دعا إلى حوار يحدد التفاصيل، بحيث يتم التوصل فيه إلى «توافق مجتمعي تشارك فيه المرأة والرجل بالرأي والقرار» ـ في حين ارتأى واضعو البرنامج ضرورة الاحتفاظ بمنصب رئيس الدولة وحده للرجل، لأن أعباءه لا تناسب المرأة. وهي مسألة اجتهادية لم تحسم تماماً في أوساط الباحثين المسلمين.


فضلاً عن ذلك فإن البرنامج لم يخل من إشارات إيجابية، تمثلت في أمور عدة منها ما يلي: ـ رفع التناقض بين الشورى والديمقراطية، واعتبار أن الديمقراطية بمعنى المشاركة والمساءلة هي من صميم الشورى.

ـ تأكيد أهمية تداول السلطة ـ تأكيد مدنية الدولة ـ التمسك بالتعددية السياسية مع إطلاق تشكيل حرية الأحزاب دون اشتراط موافقة السلطة.

ـ الدعوة إلى إقامة الوحدة العربية قبل التوجه إلى الوحدة الإسلامية.. وفي ذلك تفصيل كثير، لا مفر من الاطلاع على نص البرنامج للوقوف عليه.

تعليقي علي برنامج حزب الإخوان المسلمين بقلم مجدي مهنا

مشكوراً.. أرسل لي المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ مهدي عاكف.. نسخة من برنامج الحزب الذي تزمع الجماعة تأسيسه.. طالبا مني التعليق عليه.. وقد حرصت الجماعة علي أن تؤكد في كل ورقة في البرنامج أنها نسخة أولية وليست نهائية لبرنامج الحزب وإلا ما كانت، في خطوة غير مسبوقة، قد أرسلته إلي بعض الكتاب والمفكرين والسياسيين للاطلاع والتعليق عليه. وقد لاحظت أن البرنامج قد خلا من اسم مقترح للحزب.. واكتفي بكتابة «برنامج الحزب» في إشارة إلي أن المسألة تقديرية ومفتوحة، فقد يحمل اسم الإخوان المسلمين أو أي اسم آخر غيره.. هذا بافتراض أن الجماعة سوف تتقدم ببرنامجها في صورته النهائية إلي لجنة شؤون الأحزاب السياسية، وبافتراض أنها اختارت له اسما غير الإخوان المسلمين ، وبافتراض أن لجنة الأحزاب التي يسيطر عليها الحزب الوطني الحاكم وجهاز الأمن، قد أعطيا موافقتهما علي قيام حزب الجماعة وهذا لن يحدث في عهد الرئيس حسني مبارك بالتأكيد - طال أم قصر - إلا أن القوي السياسية والشارع السياسي سوف يتعاملون مع الحزب في حالة قيامه علي أنه حزب الإخوان المسلمين حتي ولو حمل اسما آخر غير ذلك. وقد كان تقديري خاطئا عندما تسرعت وقلت إن جماعة الإخوان لن تتقدم ببرنامجها إلي الرأي العام كما وعدت، وأنها تستخدم الحديث عن حزب الإخوان وعن برنامجه السياسي كورقة سياسية أو مناورة تريد من خلالها طرح رغبتها في الاندماج في الحياة السياسية وردا علي المطالبين لها بتشكيل حزبها السياسي المدني. وبعد قراءة البرنامج.. فليس لي اعتراض علي كل ما جاء فيه سوي علي الفقرة التي تحدث فيها عن تشكيل هيئة من كبار علماء المسلمين، تتولي مراقبة ومحاسبة سلطات الدولة جميعا ومراجعة قراراتها قبل صدورها بما فيها سلطة رئيس الجمهورية.. وهو كلام غير مقبول بالمرة ولن يستطيع أحد من خارج جماعة الإخوان المسلمين بمن فيهم المتعاطفون مع حقهم المشروع في تشكيل حزبهم السياسي أن يوافق علي فكرة مثل هذه. نعم لفكرة المحاسبة والمساءلة فأكبر ما يعاني منه نظام الحكم هو غياب المساءلة والمحاسبة، فرئيس الجمهورية مثلا يملك سلطات وصلاحيات لا تقابلها محاسبته ومساءلته إذا أخطأ وهذا وارد لأنه بشر يشرب ويأكل وينام ويسير علي رجلين مثل بقية البشر. لكن المحاسبة والمساءلة لا تكون من خلال هيئة كبار علماء المسلمين كما اقترح برنامج حزب الإخوان، فهذه الفكرة تثبت علي الإخوان اتهامهم بالرغبة في إقامة الدولة الدينية كما يقول خصومهم السياسيون وما الدولة الدينية سوي سيطرة رجال الدين علي الحكم في البلاد وعلي سلطة اتخاذ القرار في مؤسسات الدولة. فكرة غير موفقة تماما ومن الخطأ طرحها منذ البداية وقد عارضها جميع من اطلعوا علي البرنامج من خارج جماعة الإخوان وكنت أظن أن المرشد العام للإخوان المسلمين سوف يبادر بإعلان التراجع عن تلك الفكرة وعدم تمسك الجماعة بها، وأنها طرحت كشكل من أشكال المحاسبة والمساءلة وأن هناك اقتراحات وبدائل أخري. اعتراض آخر عن استبعاد الإخوة الأقباط من تولي بعض المناصب في الدولة فأنا كمسلم ليس لي اعتراض علي أن يتولي مصري قبطي منصب رئيس الجمهورية مع أن هذا لن يحدث خلال الخمسين عاما المقبلة، وليس لي اعتراض علي تولي أي منصب آخر في الدولة، وإلا فالحديث عن حق المواطنة والوحدة الوطنية يكون ضربا من الخيال.

برنامج حزب الإخوان كما نتمناه !

ـ د. محمد جمال حشمت

كثر الحديث حول برنامج الإخوان وحزب الإخوان فى السنوات الأخيرة وبين مناخ خارجى يحذر الإخوان من مجرد التفكير فى انشاء حزب أو حتى إعلان برنامج له تارة وأخرين يناشدون الإخوان لإعلان الحزب وبرنامجه ليتضح للجميع موقف الإخوان التفصيلى بعيدا عن الشعارات الضخمة الموغلة فى العمومية وبين مناخ داخلى يرى عدم الجدوى من انشاء حزب فى ظل المطاردة والحصار الحكومى للإخوان وسوء المناخ السياسى وآخرين يجدون خطورة لاختزال الجماعة بتاريخها فى حزب سياسى وآخرين يريدون أن ينفصل العمل السياسى باعتباره نشاطا ضمن أنشطة الجماعة فى شكل حزب سياسى حتى لو كان تحت التأسيس بعد تقديم برنامج سياسي يعلن على الملأ !! وزادت سخونة الحديث بعدما نجح حزب العدالة والتنمية فى زيادة وجوده فى الشارع السياسى التركى وتمكن من تشكيل حكومة بمفرده بعد انتخابات حرة كانت مهرجانا واحتفالا من الشعب التركى بديمقراطيته التى نضجت على أيد الإسلاميين الجدد فى حزب العدالة !


كل ما نرجوه فى برنامج الحزب الذى طال انتظاره أن يراعى عدة أمور إجمالية وتفصيلية بغض النظر عن موقف الحزب الوطنى المزوراتى ولجانه المختلفة ( سياسات وأحزاب) من الإخوان وبرنامجهم وحزبهم !

01 أن يصاغ بلغة سياسية بعيدا عن الصيغات التراثية الدينية - رغم مرجعيته الإسلامية- كى يفهمها الجميع ولكى يتجمع عليها كل من يقتنع بها بغض النظر عن مرجعيته أو ديانته هو ! وهى مهمة لاشك فى صعوبتها

02 أن يقدم رؤية واضحة لمصر المستقبل مغايرة تماما لمصر الحالية التى هرب منها أبناؤها واستعر منها بعض مواطنيها وحزن عليها كل شعبها وانكفئت على نفسها فلا أصلحت حالها ولا أبقت على وضعها الأقليمى والدولى المستحق لها

03 أن يقدم تصورات متميزة لقضايا الداخل والخارج لم يتقدم بها أحد من قبل وهى ما تحتاج معه آليات محددة يجب أن تذكر للإنتقال من حال البؤس الذى نحياه الى حال الكفاية لا الكفاف لكل المصريين

04 البعد عن المبهم من الأفكار والتصورات والغامض من الحلول المطروحة التى قد تفهم على أكثر من وجه

05 توضيح الرؤية العامة فى كل مجال ننتقل بعده لتصورات واقتراحات محددة يمكن من خلالها تغيير الواقع الذى نعيشه فى مدة زمنية محددة إن أمكن

06 بالنسبة للوضع الاقتصادى لابد من وضع تصورات لعلاج المشكلت المزمنة فى الاقتصاد المصرى بسبب أداء حكومات الحزب الوطنى والتى أهمها انخفاض معدلات الادخار القومي وضعف التكوين الرأسمالي والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتدني معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، وحدة الفقر الاقتصادي، وتفاقم مشكلة البطالة، والارتفاع الجامح في الأسعار، وتمويل العجز المستمر فى الموازنة العامة عن طريق القروض وما يترتب عليها من العبء المتزايد للدين العام الداخلي والمديونية الخارجية، وزيادة الطاقات الإنتاجية العاطلة وضعف الإنتاجية، وضعف القطاعات السلعية (الزراعة والصناعة والتعدين والتشييد والبناء)، وتدهور مستويات القطاعات الخدمية (النقل والمواصلات والتخزين، والتجارة والمال، والسياحة، والصحة والتعليم، والخدمات الاجتماعية والثقافية والإعلامية)، وزيادة تلوث البيئة، وتفشي الفساد والاختلال المتزايد في الميزان التجاري والعجز المزمن في ميزان المدفوعات، والاعتماد المتزايد على الخارج والتبعية الاقتصادية وكذلك ضعف الموارد السيادية وانهاء الإعتماد على المعونة الأمريكية التى تدعم الاقتصاد الأمريكى لا الإقتصاد المصرى !!

07 التأكيد على أن هذا البرنامج برنامج وطني خالص يقوم على أسس الحرية والعدل والمساواة فى دولة وطنية دستورية مدنية تحترم القانون يصون ويحفظ الأسس التى قامت عليها وتقدس الحريات ليجد فيه كل مصرى نفسه, يتعبد البعض به لله فى نفس الوقت الذى يحقق به البعض آماله وأحلامه !

هذا ما نتمنى أن نراه قريبا فى برنامج حزب الإخوان المسلمين كى يصبح نقلة نوعية لأداء الإخوان وأفكارهم وللمصريين الذين يروا فى الحركات الإسلامية عامة وفى الإخوان خاصة الأمل الأخير للإصلاح بعد فشل كل من أتيحت لهم الفرصة فسقطوا فى أوهام الشرعية وشباك السلطة ترغيبا وترهيبا ولم يقدموا شيئا لشعبهم ولا لوطنهم سوى الكلمات والسباب والصراخ!! يومئذ يفرح المسلمون وغيرهم بنصر الله ليستمتع الجميع بخيرات الله فى مصر ويشف صدور قوم مؤمنين والله على كل شئ قدير

برنامج الإخوان المفترى عليه بقلم الدكتور محمد يوسف

قامت جماعة الإخوان المسلمون بطرح برنامجها الحزبي على عددٍ من المفكرين والكُتَّاب لأخذ رأيهم والاستنارة بالملاحظات التي يبدونها حتى يتم أخذها في الاعتبار قبل أن يعرض البرنامج على الجمهور، وبما أن النخبة المثقفة التي عرض عليها البرنامج هم طليعة الفكر والرأي في مصر على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية فإن المأمول من هذا الطرح الخلوص لأهم الملاحظات والتحليلات التي يمكن أن يخرج بها المفكرون من هذا البرنامج، وعرض البرنامج على هذه النخب له عدة دلالات:

1- احترام الجماعة وتقديرها لهذه النخب وبذلك تكون الجماعة قد سجَّلت هدفًا في مرمى القائلين بأن الجماعة معزولة وغير مندمجة مع النخب المثقفة وتستأثر بالرأي والفكر وكأنها وحي منزل.

2- إشراك المفكرين وأصحاب الرأي في صياغة البرنامج؛ لأن أي ملاحظاتٍ مهمة سيتم أخذها في الاعتبار ووضعها في البرنامج، وبذا تكون بصمات أصحاب الرأي قد وضعت في البرنامج.

3- الزخم الفكري والموضوعي الذي ينتج عن التجاذبات بين البرنامج والمفكرين مما يُثري الحياة السياسية وينعكس بالإيجاب على البرنامج.

غير أن النتائج الأولية لرؤية الكُتَّاب والمفكرين كانت صادمةً لحدٍّ ما للأسباب الآتية: أولا: لم يُطلَب من المفكرين نقد البرنامج، ولكن طُلب رأيهم في البرنامج كقراءةٍ أولى قبل أن ينزل للجمهور، ولكن فوجئنا بأنهم ينتقدونه ويطرحونه هم للجمهور بهذا النقد، وكأنَّ البرنامج في صيغته النهائية.

ثانيًا: يبدو أن مجموعةً كبيرةً من الكُتَّاب لم تقرأ البرنامج أو قرأته على عجل؛ لأنهم قاموا بانتقاء بعض الأفكار وصبوا عليها جام غضبهم وبخاصةٍ المتعلقة بهيئة كبار العلماء وتولي المرأة والأقباط للولاية العامة لأن طرح هذه الأفكار لم تستغرق سوى صفحةٍ واحدةٍ والبرنامج أكثر من مائة صفحة.

ثالثًا: لم يتفوه أحدٌ من هؤلاء الكُتَّاب عن أي إيجابيةٍ ممكنةٍ في البرنامج، بل عملوا بالمثل القائل "أول القصيدة كفر"، فلم يبرحوا مكانهم في نقدِ ما يريدون انتقاده.

وحتى نُبيِّن لماذا هذا البرنامج مفترى عليه، وجب توضيح الآتي:-

1- البرنامج قراءة أولى للمفكرين والمثقفين قبل أن ينزل للجمهور حتى يتم تعديله وإخراجه في الصياغة النهائية.

2- تحديد رئيس الجمهورية بأن يكون مسلمًا ليست بدعةً، وهو معمولٌ به في كثيرٍ من الدول، وإلا لماذا يحدد الدستور اللبناني رئيس الجمهورية بالمسيحي الماروني.

3- رحمةً بالمرأة لظروفها وتكوينها حيث لا تتحمل مسئولية الولاية العامة وبخاصة رئاسة الجمهورية وطبيعة المجتمعات تختلف من مكانٍ لمكان، وإلا فقل لي لماذا فشلت في الحصول على مقاعد مناسبة في أي انتخاباتٍ في مصر.. هذا إذا سلمنا جدلاً بأن الأمر محسومٌ من الناحية الفقهية لتولي المرأة المناصب العليا في البلاد؟

4- من الناحية العملية حتى لا أكون مجافيًا للواقع من المستحيل أن يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي أو امرأة حتى ولو بعد مائة عام في مصر لطبيعة المجتمع الذي نعيش فيه، فهو مجتمع ذكوري والأغلبية الساحقة منه مسلمة (95 %)، وحتى لا نذهب بعيدًا بالنسبة لوضع المرأة في مجتمعاتنا الشرقية أذكر فقط للذين يتشدقون بالديمقراطية على الطريقة الأمريكية؛ حيث ترشحت لأول مرة امرأة كنائبةٍ للمرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي وولتر مونديل عام 1984م وهي جيرالدين فيراروا وكانت سببًا مباشرًا للهزيمة المدوية التي لحقت بالديمقراطيين أمام الجمهوريين، وأذكر أن النكات اللاذعة انتشرت بسرعة البرق في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء الحملة الانتخابية إذ كيف ستتصرف نائبة الرئيس في شئون البلاد في حالة غياب الرئيس وهي حامل أو في حالة وضع؟ وهذا يدل على أن المجتمع الأمريكي ذكوري وليست مجتمعاتنا فقط.

5- ألا ترى أن الإخوان كانوا صادقين مع أنفسهم ومع الناس حين وضعوا رؤيتهم لهذا البرنامج وصارحوا الجميع بما يعتقدون دون مواربةٍ أو خداعٍ، وهم يعرفون أن هذه الأطروحات ستسبب قلقًا لدى بعض الاتجاهات، وهذا دليلٌ على حرجِ هذه الفئة وبخاصة العلمانيين واليساريين؛ حيث زعموا أن الإخوان يطرحون ما لا يؤمنون به ويخادعون حتى يصلوا بالديمقراطية للسلطة مرةً واحدة ثم ينقلبوا على هذه الديمقراطية وكأنهم علموا ما في الصدور وقرأوا النوايا وحكموا عليها.

6- لم يتحدث أحد في المحددات أو الجوانب الأخرى في البرنامج، وبخاصةً الجانب السياسي والإصلاحي والاقتصادي، وركزوا فقط على نصف الكوب الفارغ ورفعوا شعار "رمتني بدائها وانسلت".

7- قال الإخوان إن هذا البرنامج هو رؤيتهم لبرنامج حزب للجماعة، ولم يقولوا إنه دستور البلاد القادم أو قرآن منزل من السماء- معاذ الله- فلِمَ كل هذه الضجة المفتعلة حول البرنامج حيث لم يفرضوا هذه الرؤية على أحد.

8- لماذا نتجاهل رأي المواطن العادي الذي ربما أيَّد بقوةٍ ما اعترض عليه بعضُ الكتاب والمفكرين؛ حيث في أي آليةٍ ديمقراطيةٍ يجب الرجوع للشعب لحسم الأمور المختلف عليها؟

9- لماذا تجاهل الكُتَّاب والمفكرون المرجعية الإسلامية لبرنامج حزب الإخوان وكأنهم يريدون تجريد البرنامج من كل ما هو إسلامي فإن قال الإخوان إن مرجعيتهم إسلامية هاجوا وماجوا وزعموا بقدوم الدولة الدينية التي تتحدث بالحق الإلهي.

أزعم بأن الإخوان لو قدموا برنامجًا علمانيًّا- وهذا مستحيل- فيه كل ما يطلبه العلمانيون واليساريون لتمَّ انتقاده بعنفٍ على خلفية..... وما هو الجديد الذي قدَّمه الإخوان؟

برنامج الإخوان وحديث في النفس

– محمد ابن معافى المهدلي

لّعل من أهم أسباب وعوامل انتشار وتوسع حركة الإخوان المسلمين أنها حركة تعتمد الإسلام شرعةً ومنهاج حياة، وأنها كذلك استطاعت أن تخرج بالإسلام من الفكرة إلى الحركة، ومن مجرد العقيدة إلى ميادين وضروب الحياة المختلفة، فقدّمت هذه الحركة الإسلام إلى الأمة بمفهومه الواسع والشامل والمتجدد، وفق أصول الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح، هذا القدر من الاستمساك بالإسلام عقيدة وشريعة أمر تحسد عليه هذه الجماعة، منذ نشأتها، وإلى يومنا هذا، وقد لَقيت في سبيل هذا الطريق الكثير من العنت والضيم والإقصاء والمحن والفتن، مالا يخفى على أحد .

بيد أن هذا الحديث لا يعني الانتقاص من أخواتها الأخريات من الدعوات الإسلامية الراشدة التي قدمت الكثير أيضا للإسلام وللأمة، على اختلاف في الدرجات والفضل والسابقة، فإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

ولا يعني هذا أيضاً أن هذه الحركة غير قابلة للنقد والتصويب والنصح وتقويم وتقييم المسار والسير، على أساس من منهاج النبوة، فالدين النصيحة، كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .

كما أن النصح أيضا لا يستلزم دوماً النهي عن المنكر في كل الأحوال، بل يعني ابتداءً الأمر بالمعروف، وهذا الأخير هو الأسبق والأوجب في دنيا التناصح بين المؤمنين .

ولعل من أكثر القضايا الفكرية التي حظيت بالنقاش من نخبة من المفكرين والمثقفين، في الأوساط الإعلامية والصحفية هو برنامج الإخوان، وقد لقي هذا البرنامج الكثير من الحوارات والنقاشات والأطروحات الصحفية، لعل من أبرزها مقال الدكتور فهمي هويدي في الشرق الأوسط "الإخوان في برنامج حزبهم.. ظالمون ومظلومون" بتاريخ: الأربعاء 22 رمضـان 1428 هـ 3 أكتوبر 2007 العدد 10536، والمقال مع روعته كعادة مقالات الأستاذ هويدي إلا أني أختلف معه في بعض النقاط، كما سيأتي:

من أكثر القضايا التي نقوشت في البرنامج، قضية هيئة كبار العلماء التي يجب أن تكون هيئة استشارية للسلطة التشريعية، وخلو برنامج الجماعة من الإشارة إلى أحقية المرأة، وأحقية الأقباط في رئاسة الدولة، هذه القضايا الثلاث، تحدثت عنها الصحافة كثيراً، فيما لم يتحدث عنها علماء وفقهاء الشريعة ولم يدلوا بدلوهم بالشكل المطلوب، رغم أنها تمثل قضية من قضايا الدين الهامة، ومن قضايا الأمة الأكثر إثارةً للجدل، لا يجوز بحال غض الطرف عنها .


أولاً: قضية وجود هيئة من كبار العلماء وأنه يجب على السلطة التشريعية أن تطلب رأي هذه الهيئة التي فيها كبار علماء الدين في الأمة على أن تكون منتخبة أيضا انتخابا حرا ومباشرا من علماء الدين، حيث ضج الكثير من هذه المسألة، فيما الناظر الحصيف لا يرى ثمة إشكالاً في الأمر، إذا ما كان في الأمة أخصائيون شرعيون، لديهم آلة النظر والاجتهاد الشرعي الصحيح، فالنوازل والحوادث في مسيرة المجتمع الإسلامي متجددة دوماً وتتطلب هذا، بل وتفرضه، وعدم وجود علماء مجتهدين، أو عدم كفايتهم، في مراكز القرار في الأمة، يخشى أن يودي هذا إلى انحراف بسير الأمة ونظامها عن جادة الصراط المستقيم، حيث لا تكفي النوايا الحسنة والطيبة نحو الإسلام، بل لا بد أن يعزز هذا بالعلم الشرعي الكافي، سيما وأنّ تاريخ الأمة الإسلامية وفي أزهى عصوره كان هذا ديدنه على طول وعرض التاريخ الإسلامي، بداءً من عهود الخلفاء الراشدين، وإلى يومنا هذا، فالذين يريدون حذف هذه القضية من برنامج الإخوان هم يريدون من الأمة إما التخبط وإما الاحتكام إلى الهوى، وإلا فما الإشكال في الأمر؟!، والله تعالى يقول: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }النحل43.

والتعلل والتحجج بالخوف والخشية من فكرة "الدولة الدينية" أمر لا مبرر له، فلعمري أليس الدستور المصري ينص على أن الإسلام دين الدولة، فما الغضاضة أن تنحو مصر نحو الإسلام، دين الله رب العالمين، وأن تقترب من دينها وثقافتها الأصيلة؟!!.

إن الدولة الدينية مرفوضة جملة وتفصيلا على الطريقة التجربة الكنسية الغربية، لكن قيام الدولة على أساس الدين الحق، وهو الإسلام، واجب وجوباً شرعياً دينياً، قال الله تعالى :{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }الشورى13 ، ومن المعلوم أن وظيفة الحاكم في الإسلام التي تعارفت عليها الأمة هي إقامة الدين وسياسة الدنيا به .

فالذين يخشون من الدولة الدينية قد يكون لديهم الحق كله إذا كانت هذه الدولة الدينية قائمة على مبدأ "أغمض عينيك واتبعني" لكن أن تقوم دولة دينية على أساس الإسلام الدين الحق، القائم على الإخاء والحب والسلام والعلم والهدى، واحترام حقوق الأقليات، وضمان حمايتهم وسلامتهم، وتحقيق العدالة والمساواة والحرية، بين كل رعايا الدولة الإسلامية ومواطنيها، فتخوف أحسب أنه لا مبرر له، ولا يجوز أن نستحي من المناداة بالدولة على هذه الأسس الربانية العظيمة .

إن الدولة في الإسلام في حقيقتها دولة مدنية يقودها الدين والوحي المعصوم، ويحكمها النظام المؤسسي، وقائمة على أساس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعدالة والمساواة، والتعاون والتناصح بين الحاكم والمحكوم، وهو ما يختلف تماماً عن فكرة الدولة الدينية في الغرب، القائمة على السطو والظلم والاضطهاد ومصادرة حرية الرأي والفكر.

لكن يبقى القول أن فكرة هيئة استشارية من كبار العلماء والتي وردت في برنامج الإخوان، فكرة صائبة ورائعة ورائدة، غير أنه يجب أن يكون فيها قدر من حق الإلزام والرقابة، ولا يكفي أن تكون هيئة استشارية، مجردة من كل شيء، بل يجب أن يكون القرار فيها للأغلبية من العلماء المجتهدين، ولهذا القرار صفة الإلزام إذا ما صدر من أهل الاختصاص والعلم والاجتهاد، لأن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر، وأولو الأمر على الراجح من الأقوال هم العلماء والأمراء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59.

وإذا كنا نعيب على الحكومات الاستبدادية تسخيرها العلماء للفتيا حسب حاجة الحكام وأمزجتهم، فلعمري لعل الصورة تتكرر هنا حذو القذة بالقذة، إذا ما كان كبار العلماء فقط يستأنس برأيهم في الأمة، وتصبح آراؤهم للبركة وإضفاء المشروعية وحسب، دون أن يكون لها صفة الإلزام الشرعي، لا سيما في المسائل القطعية، غير المحتملة للخلاف .

الأمر الآخر: يظهر جلياً أن الحاجة ماسة لاسيما في مصر لهذه الهيئة من العلماء، حيث يقل كثيرا ذوو الاختصاص الشرعي، وقد يغض الطرف عن الفكرة في بعض البلدان، إذا ما كانت مراكز القرار فيها العدد الذي فيه الكفاية الشرعية للفتيا، لكن تشتد الضرورة والحاجة في تقديري في مصر، إذا قلّت أو خلت المجالس التشريعية والتنفيذية، وبالأخص الصف الأول من القيادات من العلماء والمجتهدين، فهنا يتعين الأمر ويصير لازماً وضرورياً.

وبالتالي فليس هنا ما يدعوا لدهشة واستغراب الأستاذ هويدي ولا غيره، من فكرة الدولة الدينية، وأن الجماعة لم تكن يوماً تكرس هذا المبدأ، إلا في عهد المؤسس حسن البنا، كما قال، بل الصحيح أن الفكرة نابعة من صميم الإسلام، وحاجة الأمة وظروفها، لا سيما في ظرفها الراهن، لكن على أن تكون هذه الهيئة ذات سيادة، وتتاح لها حرية البحث العلمي الشرعي وفق ظروف النص ومتعلقاته الواقعية.

وهذا لا يعارض بحال وجود سلطة تشريعية ومجلس نواب، حيث يبقى دور المجلس التشريعي سن القوانين فيما لا نص شرعي فيه إضافة إلى الرقابة والمحاسبة والمساءلة، ودور هيئة العلماء هو النظر في ما إذا كانت القوانين والتشريعات توافق الشرع الحنيف ولا تعارضه، وبالتالي لا معارضة بين الوظيفتين، إلا في حالة واحدة أن يكون المراد هو تبييت النية المسبقة في سن قوانين تخالف الشريعة باسم الشعب، ومن تحت قبّة البرلمان! .

ثانياً: فكرة خلو البرنامج من الإشارة إلى ولاية المرأة للدولة، هذه نقطة إيجابية تحسب للجماعة وبرنامجها الأصيل، ولست أفهم هنا سبباً للمناداة بولاية المرأة الولاية العظمى، في الوقت الذي أجمعت فيه الديانات السماوية الثلاث على كون المرأة ليست أهلا للولاية العظمى، من ذلك ما ورد في الإنجيل (العهد الجديد):

"أيها النساء اخضعن لرجالكن، لكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة، ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن في كل شيء" .

وهذا الخضوع الذي أشار إليه العهد الجديد، يتنافى مع ولاية المرأة على الرجال، فضلاً عن دين الإسلام الذي أجمع علماؤه من المتقدمين والمتأخرين على أن المرأة لا يجوز أن تتولى رئاسة الدولة، وهذا الإجماع قائم منعقد لم ينخرم بعد بإجماع آخر مثله أو أقل منه، ممن يعتد بهم من العلماء المجتهدين وإلى يومنا، ولي رسالة مفتوحة، نشرها موقع مأرب برس عن ولاية المرأة أهديتها إلى الأستاذة توكل كرمان رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود بعنوان "رسالة مفتوحة إلى الأستاذة توكل كرمان" سردت فيها أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين في المسألة وبعض التفاصيل والتفريعات في الموضوع، مما لا أرى لزوماً لتكراره هنا، فليرجع إليها في موقع مأرب برس .

هذا في الجانب العقدي الفكري، أما الجانب العملي فالدول المسماة بالعظمى وإلى هذه اللحظة ليس فيها رئيسة دولة واحدة، فكيف يريد منا المبطلون أن نكون أمريكيون أكثر من الأمريكيين؟!!، وأن نزج بالمرأة المسلمة إلى أتون محرقة السياسة، رغم أن العالم الأول لم يصل بعد إلى هذا المستوى من التحلل والتفسخ .

إن برنامج جماعة الإخوان الذي ألغى حق المرأة في الولاية العظمى(رئاسة الدولة) أحسب أنه برنامج نابع من صميم الإسلام، ويوافق ولا يخالف المتبقي من الديانات السماوية، ونابع أيضا من ضمير الأمة وثقافتها وهويتها الأصيلة، يجب أن تعض عليه الجماعة بالنواجذ، وألا تستجيب لنداءات المبطلين وذوي الأهواء والأمزجة والأذواق غير السليمة، أو أن تستجيب للضغوط الدولية، بصورة أو بأخرى، والواجب أن تتتشبث هذه الجماعة بالإسلام، ولا يستخفنها المبطلون .

ثالثاً: مسألة حق الأقباط في الولاية العامة (رئاسة الدولة)، فالمسألة ليست أيضاً محل إشكال لا عند المسلمين ولا حتى لدى النصارى، على الحقيقة، وكما قال هويدي في مقاله الآنف الذكر" فكرة الاحتفاظ بمنصب رئاسة الدولة لأتباع دين معين ليست بدعة في الدساتير الحديثة، إذ هي موجودة في اليونان والدنمارك وإسبانيا والسويد وانجلترا وبعض دول أمريكا اللاتينية" .

ولا أجد زيادة تذكر بعد كلام الأستاذ فهمي، حيث لا عطر بعد عروس، كما قيل، إلا اللهم التأكيد على مبدأ الحرية الدينية في الإسلام، وأن الإسلام يرعاها غاية الرعاية، ولا يعني في الإسلام أن يكون رئيس الدولة مسلماً لا يعني هذا اضطهاد الأقليات غير المسلمة، كما فعلت الكنيسة الغربية في تاريخها الأسود، مع أتباعها وأعدائها على حد سواء، فالإسلام وعلى مدى تاريخه الطويل يحظى كل أتباع الديانات فيه بالحرية والسلام والعدالة والكرامة، وقد طفحت الكتب الغربية قبل الإسلامية بالحديث عن هذه الحقيقة .

ختاماً: رغم اختلافي مع جماعة الإخوان في بعض الرؤى والتفاصيل والاجتهادات، غير أني أجدني هنا في نهاية المطاف أقف في صف الموافق غير المخالف لما ذهبت إليه الجماعة في برنامجها لاسيما هذه النقاط الثلاث، كما أدعوا أن يقف علماء ومثقفو الأمة إلى صف دينهم وأصالتهم وقيمهم وعروبتهم، وألا ينجروا وراء الدعوات الغريبة على أصالتنا وترابنا وتراثنا الإسلامي المجيد، وأسأل الله الكريم أن يلهم المسلمين أجمعين جماعات وفرادى، حكاما ومحكومين للعمل بدينه، والاعتزاز بشرعه والحياة والموت على ذلك .

برنامج حزب الإخوان .. ما له وما عليه

ـ عصام تليمة

تابعت الضجة التي أثيرت حول برنامج حزب الإخوان، والنقاش حوله، والخلاف على بعض المواد التي وردت فيه، وللأسف في ظل النقاش المحتدم ضاعت حقائق، وطمست معالم، ولم ينظر للموضوع من كل جهاته نظرة إنصاف. فبرنامج الحزب، أو ورقة الإصلاح التي قدموها، فيها جهد بذل، وتعب على صياغة العبارات والأفكار، وفيها ما يتفق عليه وهو كثير، وفيها ما يختلف فيه وهو قليل جدا.


يؤخذ على الإخوان: أنهم لم يحسنوا صياغة هذه الأفكار التي هي أشبه بعش الزنابير (دبابير)، ويعلمون مسبقا أن داخل هذه الأعشاش لسعات ولسعات لن تكل ولن تمل من تكرار لسعها، وكان عليهم أن يستفيدوا من لباقة إمامهم الشهيد حسن البنا، الذي اشتهر عنه في مثل هذه المواقف التعبيرية: الميل إلى التوسط في إبداء الرأي، وعدم إثارة مواطن الخلاف،

ويخيل إلي ـ بحكم تخصصي في دراسة تراث حسن البنا ـ أن البنا لو أحيلت إليه هذه المواد لتعامل معها مثلما تعامل مع الملفات الشائكة في الأمور الشرعية، فمادة: هيئة العلماء التي اقترحها الإخوان، لو كتبها حسن البنا لكتبهاـ فيما أتصور ـ هكذا: وللحاكم أن يتخذ هيئة من العلماء تشير عليه بالرأي، وإبداء النصح، وهذا حق مكفول لكل عالم في الأمة، خبير بشؤونها، والعلماء في الإسلام هم: أولو العلم في كل تخصص (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). أي أنه سيبدأ بحرف اللام (لكل) الدال على جواز ذلك، وعدم وجوبه، ولن يبدأ بعبارة: يجب، التي تلزم، ولا وجاهة في إلزامها ولا مستند! وهو نفس ما فعله حسن البنا في الأصول العشرين، عندما تحدث عن قضية اتباع مذهب من المذاهب الأربعة، والقضية شائكة، بين طرفي نقيض، طرف يقول بوجوب اتباع مذهب من المذاهب، وطرف يرى اتباع المذهبية عصبية، وليست من الدين أصلا، فقال فيها حسن البنا قوله: ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر أن يتبع إماما من أئمة الدين. فقال: ولكل، ولم يقل: وعلى كل. والفرق بين واضح.

وفي مادة: رئاسة الدولة، ربما لو صاغها في زماننا الإمام البنا لجعلها مفتوحة، رغم قناعته برأي معين قد يكون هو التضييق، إلا أنه سيصوغها صياغة تتفق مع التجميع لا التفريق، ولو أنهم صاغوها بصيغة عامة دون تحديد، أي التركيز على الوصف لا الموصوف، مركزين على أنهم: يسعون إلى إقامة دولة المؤسسات التي يصبح فيها الحاكم مجرد منفذ للدستور، وحامي للقانون، وحارس للقيم، بحيث يكون كأشبه بمن يملك ولا يحكم، أو هو ترس في آلة كبيرة هي المؤسسات الحاكمة، لا تتوقف عنده أَزِمَّة الأمور في الدولة، بحيث يصبح الفرد الذي يتصرف في كل أمر، وبيده كل شيء، بيده يعدل أو يظلم، يكبت الحريات أو يهبها. ونحرص على توافر الضمانات التي تمنع استبداد الحاكم أو ظلمه، والتي تحفظ على الأفراد والمؤسسات حقوقها وصيانتها، وتحفظ على الحاكم مكانته وتعينه على أداء رسالته. وليترك للشعب قراره، عن طريق صناديق الاقتراع، وليختر من يلبي له مصلحته العامة، ويحفظ عليه كيانه وحضارته وتقدمه، وليرض الجميع بما تأت به صناديق الاقتراع الحر، الذي لا يشوبه شائبة تزوير ولا تلاعب). ربما لو صيغت بعبارات من هذا القبيل لكانت أدعى للتوافق، وأبعد عن الجدل. وهكذا كان مؤسس الجماعة حسن البنا، فقد كان هكذا في كل عباراته، يميل إلى عدم ترك باب الجدال،

والنقاش، والفهم الخاطئ لدعوته، رغم أن للرجل رأيا واضحا في القضايا التي يعرضها، فمثلا: قضية (التوسل) بالصالحين، لحسن البنا فتوى تجيز الدعاء إلى الله متوسلا إليه بأحد الصالحين، وبالرغم من ذلك عندما كتب في الأصل السادس عشر من الأصول العشرين، عن التوسل: قال: والدعاء إلى الله بأحد من خلقه مختلف فيه، وهو من مسائل الفروع. ولم يرجح رأيا، رغم أن له رأي واضح فيها، ولكنه كان في مقام توحيد الجهود، ولم الشمل.


وكان للإخوان مندوحة في أمر لا يؤاخذون عليه دينا ولا سياسة، وهو أن يصوغوا العبارة بجواز الترشح لغير المسلم وللمرأة، أو بترك فتح باب الترشيح، وأنه حقو مكفول للجميع. وللإنصاف: فقد وجدت المادة موجودة في برنامج حزب الإخوان ولكن بصيغة أخرى، لم يفطن إليها من هاجموا المادة، ولم يفطن إليها المدافعون من الإخوان، وهو مادة: حق تكوين الأحزاب، وفيها إجازة لتكوين أحزاب غير إسلامية، علمانية وشيوعية أيضا، وما أفهمه من المادة الموافقة على وصول هؤلاء جميعا للحكم، وهل يتقدم أحد بإنشاء حزب سياسي إلا بغية الوصول للحكم؟!!! أي أن هدفه: من بداية تأسيس الحزب الانتهاء والوصول بحزبه إلى سدة الحكم، إما مشاركة جزئية بوزارة أو وزارتين أو أكثر، أو أين صل بأغلبية ساحقة إلى الحكم.

بقيت وقفة أرى من المهم أن نقفها مع أنفسنا قبل الإخوان، ولنكن فيها منصفين وصرحاء: إن قضية تولي المرأة لرئاسة الدولة، وتولي غير المسلم لا نجد في تراثنا الفقهي فقيها واحدا قال به، وبخاصة تولي غير المسلم، ولا ننسى أن جماعة الإخوان جماعة دينية، والعجيب: أنه لما خرج تصريح الدكتور عصام العريان عن التعامل مع إسرائيل، هاجت الدنيا وماجت، رغم أن لرأيه وجهة شرعية ممكن أن يناقش منها، وقال برأيه من قال من قبل، على خلاف قضية تولي غير المسلم رئاسة الدولة.

فالذين وجهوا اللوم والنقد لموقف الإخوان من تولي القبطي والمرأة لرئاسة الدولة، كان ينبغي عليهم أن يوجهوه إلى الأمة الإسلامية كافة، من لدن أبي بكر الصديق رضي الله عنه حتى آخر فقيه في الأمة، فهو رأي موجود وله وجاهته، وبالمناسبة: رأي الإخوان في رئاسة القبطي والمرأة منقول بالنص من كلام الدكتور يوسف القرضاوي بحروفه كاملة. فهل ذنب الإخوان أن تبنوا رأي جمهور الفقهاء، بل يكاد يكون قريبا من الإجماع.

والعجيب: أن عقلاء النصارى يتفهمون الأمر، ولا يجعلون من رئاسة القبطي مشكلة ، فقد نقل المستشار طارق البشري في مقدمته لكتاب (الأقباط في السياسة المصرية) للدكتور مصطفى الفقي، حوارا دار بينه وبين أحد كبار المفكرين الأقباط، حول رئاسة الدولة، وحرمان القبطي منها، فضرب له مثلا: بالشافعية، وهم أصحاب المذهب الغالب بين المسلمين في مصر، وقد اختص الحنفية بوظائف القضاء الشرعي كلها دونهم. ومع ذلك لم نسمع شكاة من الشافعية، ولا وصفوا أنفسهم أنهم يعانون اضطهادا وتفرقة. ولا يكون من الإنصاف وصف مصر بأنها تضطهد الشافعية لو أن الحنفيين يمتازون عليهم، وحسب الشافعية وغيرهم الكثير من وظائف الوعظ والإرشاد والتعليم.

والعجيب أيضا: أن يخرج الناعقون من أبواق السلطة، وكتاب أمن الدولة، يلقون باللائمة على الإخوان هذا الرأي، ويعتقدون أنها فرصة لا بد من اغتنامها، ولا أدري ما قولهم في جماعة قالت هذا الرأي، هل هي أفضل وليس بيدها سلطة، أم حاكم لا يقبل أن يتولى أو يترشح قبطي، أو امرأة، أو مسلم أساسا، ولا يقبل أن يصل إلى الحكم سوى ابنه؟!! وليس هو وحده الذي يقف وراء هذا التوجه، بل وراءه حزب بالكامل يجمع بين صفوفه نخبة من كبار المفكرين والسياسيين، ليس لهم هم إلا تلميع الوريث، وتهيئة ملف التوريث وتسويقه؟!!

لم يبق إلا أن نقول للإخوان: افتحوا صدوركم للنقد مهما كان، وتأسوا في ذلك بخير البشر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بمرشدكم حسن البنا الذي كان يرحب بكل نقد بناء مهما كان قائله. ونقول لغير الإخوان: رفقا في النقد والنصح، ولا تتوقفوا عنه، مهما ضاقت صدور به، فمن كان مخلصا في نقده ونصحه لا يعنيه قبول المنصوح من عدمه

حزب الإخوان بين الموضوعية والالتباس

ـ د.جمال نصار

لا شك أن طرح برنامج حزب الإخوان المسلمين في الآونة الأخيرة أثار بعض التساؤلات والشكوك وخصوصًا ما ورد في القراءة الأولى التي وُزعت على مجموعة كبيرة من رجال الفكر والثقافة والرأي باختلاف توجهاتهم وتنوع أيدلوجياتهم .

وأتصور أن قرار الإخوان بتوزيعه على هذه المجموعة من المفكرين يحمل في طياته عدة معان منها :

• أن الإخوان المسلمين بالرغم من اختلافهم مع البعض في المرجعية إلا أنهم يأنسون بالرأي الآخر ولا يحجرون عليه , ويستمعون له طالما أنه يصب في إطار النقد البناء والنصح الرشيد أخذًا بالقول المأثور (الحكمة ضالة المؤمن أنّا وجدها فهو أحق الناس بها) .

• حرص الإخوان على أخذ الآراء المتنوعة حول البرنامج يؤكد أنهم لا يعملون بمفردهم على الساحة السياسية , بل هم شركاء لكل أبناء الوطن الشرفاء في مسيرة الإصلاح والتغيير مهما اختلفت الآراء والأيدلوجيات , فالهدف واحد والهم واحد والتحديات واحدة .

• حرص الإخوان على الالتقاء بهؤلاء المفكرين والسياسيين لتفعيل الحوار البنّاء حول البرنامج , وفك نقاط الالتباس والاستفادة من الرؤى المختلفة والآراء المتنوعة .

• أتصور أن ما ورد في البرنامج ما هو إلا قراءة أولية , يمكن بعدها أخذ الآراء المختلفة والاستفادة منها طالما أنها تصب في الصالح العام , ولا تخرج عن فهم الإخوان لطبيعة العمل السياسي .

الإخوان المسلمون لهم اختيارهم الفقهي في مسائل الحياة الذي يميزهم عن غيرهم , ولا يجبرون أحدًا عليه , ويأملون من الآخرين أن يحترموا اختيارهم .

ومن خلال متابعة بعض هذه الكتابات التي وردت في الصحف المصرية والعربية ومواقع الانترنت لكثير من الكتاب والمفكرين منهم الأستاذ السيد ياسين والأستاذ فهمي هويدي والدكتور عبد المنعم سعيد والدكتور وحيد عبد المجيد والدكتور عمرو الشوبكي والدكتور ضياء رشوان والدكتور رفيق حبيب والأستاذ خليل العناني ، وغيرهم كثير كان لي بعض الملاحظات على كتابات بعضهم منها :

• أنه من الأهمية أن نفهم طبيعة دعوة الإخوان المسلمين فهم أصحاب مشروع حضاري متكامل لنهضة الأمة , وقد حدد الإمام البنا ذلك بقوله : (إنها هيئة إسلامية جامعة) بمعني أنهم يهتمون بكل شئون الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتربوية والرياضية , يقول الإمام البنا في رسالة "إلى أي شيء ندعو الناس" (يا قومنا إننا نناديكم والقرآن في يميننا والسنة في شمالنا ، وعمل السلف الصالح من أبناء هذه الأمة قدوتنا , وندعوكم إلى الإسلام , فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا , وإن كان من يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيًا فنحن أعرق الناس والحمد لله في السياسة , وإن شئتم أن تسموا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم فلن تضرنا الأسماء متى وضحت المسميات وانكشفت الغايات) .

• أن كلا منا له ثقافته وأيدلوجيته التي تميزه عن غيره , وهذا الأمر لا بأس به طالما أنني أحترم رؤيتك , وتحترم أنت رؤيتي , ولكن تكمن المشكلة والالتباس إذا أجبرتك على الاقتناع بفكري ورؤيتي ، أو أجبرتني أنت على ذلك , أو بمعنى آخر إذا ظن كل واحد منا أنه على حق وغيره على الباطل , وما أجمل قول الإمام الشافعي في هذا السياق : (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ، وقوله أيضًا : (والله لوددت لو أن الله يظهر الحق ولو علي لسان خصمي) , فهدف الإخوان الوصول إلي الحق والتوافق مع شركاء الوطن والمصير في إيجاد حلول ناجعة لما تعانيه مصرنا الحبيبة من فساد مستشري واستبداد مستحكم , ولن يتأتى ذلك إلا إذا استمع كل منا للآخر ، وعرف فقه الاختلاف والتنوع , واحترم ثقافة الآخر وأيدلوجيته .

• هناك بعض الصحف والمجلات تناولت البرنامج بعداوة شديدة ونقد هدّام , لا يرقي إلي مستوي النقد العلمي , بل الهدف منه معاداة الفكرة والمشروع الإسلامي بكل الوسائل المتاحة , ويستخدمون في ذلك التشويه تارة ، والربط الخاطئ بين الإخوان ونماذج إسلامية أخري سُنية أو شيعية , والحكم على النوايا دون معايشة الفكر في الواقع الملموس , وهؤلاء لا نهتم بهم ولا نعطيهم اهتمامًا , ولا نُضيع أوقاتنا في الاستماع إليهم , لأن ثقافتهم بُنيت على رفض وتشويه الآخر وعدم قبوله .

وفي النهاية أتصور أن الإخوان مازالوا في مرحلة الاستماع لكل الآراء حول برنامج حزب الإخوان المسلمين ولن تضيق صدورهم بأي رأي ، مهما اختلف مع رؤيتهم .

الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين في حوارٍ صريحٍ جدًّا

- 6 نقاط أساسية حرصنا على توضيحها، خاصةً ولاية القبطي والمرأة

- حسن الظن هو أفضل السبل لعلاج تضارب التصريحات بين قيادات الجماعة

- مكتب الإرشاد لم يستأثر بالبرنامج والمكاتب الإدارية أوسع من مجلس الشورى

- لم نتعمَّد حجب البرنامج عن أحد والظروف الشخصية للبعض هي السبب

أجرى الحوار: عبد المعز محمد

شهدت الساحة المصرية مؤخرًا ما اعتبره البعض بحرب التصريحات بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين ، خاصةً فيما يتعلق ببرنامج الحزب الذي طرحته الجماعة على عددٍ من الكُتَّاب والمثقفين كقراءةٍ أولى، إلا أنَّ بعضَ قيادات الجماعة قالوا إنهم لم يعرفوا أي شيءٍ عن البرنامج ولم يطلعوا عليه، ومع زيادة التصريحات المتضاربة زادت مساحة الحيرة والقلق عند البعض؛ فأي التصريحاتِ نُصدِّق؟ وهل هناك خلافات مكبوتة داخل صفوف الجماعة؟ وهل هناك مَن يستأثر بصناعة القرار داخل الجماعة؟ وكيف خرج برنامج الحزب للنور؟ وهل وافق عليه مجلس شورى الجماعة؟ وهل ممكن أن تُغيِّر الجماعة من موقفها في النقاط التي أثارها المفكرون والسياسيون حول الحزب؟

كل هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الدكتور محمود عزت- الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين - والذي كانت إجاباته كافية لغلق كثيرٍ من الملفات التي أُثير حولها الجدل في الفترة الماضية.

  • وفي بدايةِ الحوار سألنا الأمين العام للجماعة عن التصريحات المتضاربة التي صدرت عن عددٍ من قيادات الجماعة، خاصةً فيما يتعلق ببرنامج حزب الإخوان؟
    • عندما يصدر أي تصريحٍ عن أحد قيادات الجماعة، فالأصل فينا حسن الظن ببعضنا، مهما كانت لهجةِ هذا التصريح، ثم علينا بتبين حقيقة ما صدر من خلال الرجوع للشخص الذي صدر عنه التصريح، خاصةً أن لدى الجماعة قواعدَ عامة متفقًا عليها في مثل هذه الأمور، فهناك قضايا متفق عليها ومحسومة في فكر الإخوان، ومنهج الجماعة فيها أنَّ لكلِّ الإخوان الحق في التحدث فيها؛ لأنَّ الرأي فيها محسومٌ ومعروف.

أما القضايا التي تكون محل بحثٍ فإننا نُرجِئ الحديث فيها والتحدث بشأنها حتى يصدر قرارٌ عن الجماعة فيها، فمثلاً إن كان الموضوع فكري أو سياسي أو في أي قضيةٍ فإن مكتب الإرشاد، وهو أعلى هيئة في الجماعة، يُحيله للجانه المختصة لبحثه ودراسته وتقديم الرأي فيه للمكتب، فإن وافق عليه المكتب اعتمده كرأيٍّ للجماعة، وهكذا؟

  • ولكن ألا يمكن أن يحدث تصادمٌ بين صلاحيات المكتب ومجلس الشورى العام مثلاً، أو حتى بين اللجان والأقسام المختلفة؟!
    • لا يحدث مثل هذا التصادم؛ لأن أجهزة الجماعة تتشاور فيما بينها قبل اتخاذ القرار، وسأضرب لك مثلاً، ففي عام 2005م أُثيرت قضية كتابات الأستاذ سيد قطب سواء من خلال بعض التصريحاتِ لعددٍ من الإخوان أو في المقالاتِ التي كان يكتبها عددٌ آخر، بل وحتى من مذكرات شخصية من عددٍ من الإخوان، فيها أن هناك كلامًا للأستاذ سيد يُكفِّر فيه المجتمعَ باعتباره مجتمعًا جاهليًّا، وأنَّ هذا الكلام كان له تأثير على جماعاتٍ أخرى غير الإخوان أدَّت إلى انتهاجها منهج العنف.

وعندما ناقش مكتب الإرشاد هذه القضية قرر إحالتها لقسم التربية؛ حيث إنه القسم المهتم بفكر الجماعة، وللإخوان الذين عاصروا الأستاذ سيد قطب، وخاصةً الذين تعاملوا معه بشكلٍ مباشر، وبعد دراسة مستفيضة للموضوع وافق مكتب الإرشاد، وأعلن المرشد العام الأستاذ محمد مهدي عاكف موقف الجماعة؛ حيث قال إن كلام الأستاذ سيد قطب لم يخرج عن فكر الإخوان، وإن الإخوان عندما بدأ الأستاذ سيد في كتابه أثناء وجوده في السجن كانوا يراجعونه، وقد التقى الأستاذ عمر التلمساني- رحمه الله- الأستاذَ سيد قطب في سجن ليمان طرة، وسأله أسئلةً محددةً، وفي النهاية رأت الجماعة أن الأستاذ سيد قطب لا يحمل فكرًا مخالفًا لتوجهاتِ الجماعة، وأنه يؤمن بما قاله الأستاذ البنا في رسالة التعاليم.. "لا نُكفِّر مسلمًا- أقرَّ بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدَّى الفرائض- برأيٍّ أو بمعصية، إلا إن أقرَّ بكلمة الكفر، أو أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، أو كذَّب صريح القرآن، أو فسَّره على وجهٍ لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحالٍ، أو عمل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر".

وقد أضاف الأستاذ عاكف أنه إذا تلقَّى كتابات الأستاذ سيد مَن عنده قسطٌ من العلم أو ميزان سليم فسيستفيد منه استفادةً كبيرة، أما الذين ليس لديهم هذا القسط، فربما يخرجون بجهلهم عن المراد الذي كتبه الأستاذ سيد قطب.

وهذا الموقف من الإخوان ليس وليد عهد الأستاذ عاكف فقط، بل إنَّ كلَّ المرشدين السابقين كان لهم نفس الموقف، وأذكر أنه في سنة 1970م كنتُ مسجونًا في سجن قنا، وقد أرسل لنا الأستاذ حسن الهضيبي- رحمه الله-، وكان مسجونًا في سجن مزرعة طرة بحثه الذي تحوَّل لكتابٍ شهيرٍ وهو "دعاة لا قضاة"، وبعد أن درسنا البحث أثار عندي وعند بعض الإخوان سؤالاً.. هل نقرأ كتب الأستاذ سيد قطب أم لا؟ وبالفعل أرسلتُ بذلك للأستاذ الهضيبي، وجاءنا رد فضيلته بأن نقرأ كتب الأستاذ سيد قطب، ولكن علينا بالضوابط التي جاءت في بحث "دعاة لا قضاة".

وهذا الموقف وغيره يدلل على أن الجماعة لها موقف واضح من القضايا التي تُعرَض عليها ولا تصدر رأيها إلا بعد الدراسة والتشاور.

  • هذا ما يتعلق بالقضايا الفكرية.. فماذا عن القضايا السياسية؟!
    • المنهج واحد، ولكن المؤسسة المعنية أو القسم الذي يُحال له الموضوع هو الذي يختلف، فمثلاً في موضوع التعددية الحزبية، وحتى تصدر الرسالة الموجودة حاليًا كان هناك بحث من الفقهاء الشرعيين والقانونين والدستوريين، بل إنَّ مكتبَ الإرشاد في مصر طرح هذا الموضوع على عددٍ من العلماء على مستوى العالم الإسلامي مثل الشيخ فيصل مولوي في لبنان وعدد من علماء وفقهاء الشريعة في الأردن وغيرهم.

وكانت الخلاصة التي عادت إلينا في مصر أنَّ التعدديةَ الحزبية مثل تعدد المذاهب في الفقه الإسلامي، وهو ما أشار إليه الدكتور يوسف القرضاوي، وهذا الرأي اعتمده مكتب الإرشاد وأحاله إلى مجلس شورى الجماعة في مصر الذي أقرَّ المبدأ وترك لمكتب الإرشاد تحديد الوسيلة والوقت المناسب لتطبيق هذا المبدأ.

فكرة منذ 20 عامًا

  • هل أخذ برنامج الحزب نفس هذه الآلية؟
    • كما أشرتُ لقد سبق لمجلس الشورى عند إعداد وثيقة التعددية الحزبية الموافقة على المبدأ وترك لمكتب الإرشاد التنفيذ، وبالتالي فإن الفكرة مطروحة عند الجماعة منذ أكثر من 20 عامًا؛ ولأننا لا نعتبر التعددية الحزبية والسياسية مجرَّد تكتيكًا سياسيًّا نستخدمها وقت أن نريد ونرفضها عندما نهوى، فإننا أوضحنا موقفنا من مبدأ التعددية في وثيقةٍ رسمية، وهي مسألة نعتبرها دعوية في المقام الأول، وليست سياسيةً حسب مفهوم بعض المثقفين، ودعوتنا أوجبت علينا استخدام كافة الوسائل لنشرها؛ ولذلك كان التفكير في موضوع الحزب.
  • هل معنى ذلك أنه أثناء مناقشة فكرة التعددية طُرحتْ قضية حزب الإخوان؟
    • عندما أقررنا مبدأ التعددية الحزبية أصبح الحزب وسيلةً مشروعة، وعلينا أن نسعى إليها في المجال السياسي، باعتبار أن هذا المجال أحد مجالات العمل داخل الجماعة.
  • ولكن البعض يرى أن فكرة طرح الحزب كانت ردًّا متسرعًا من الجماعة للرد على حملة التصعيد الأمني ضد الجماعة، والتي تمثَّلت ذروتها في اعتقال المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام؟
    • بعد خروج الإخوان من السجون في السبعينيات عاد النشاط والعمل في كل المجالات الاجتماعية والسياسية فزاد التفاف الشعب المصري حول الإخوان فأقلق ذلك النظام، ومع بداية التسعينيات واجه النظام الإخوان بالعسف، والسجون منذ عام 1992م، والسجون المصرية لا تخلو من الإخوان، إما من خلال الاعتقالات أو المحاكمات العسكرية، وذروة التصعيد كانت عام 1995م؛ حيث تم إحالة عددٍ كبيرٍ من قيادات الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد إلى المحكمة العسكرية وحصلوا على أحكامٍ قاسية لمددٍ مختلفة؛ ولذلك فإن ربط الإعلان عن برنامج الحزب كردِّ فعلٍ على الاعتقالات كلامٌ غير صحيح، وقرار الإخوان كان واضحًا، وهو إعداد البرنامج وعدم التقدم به للجنة الأحزاب بشكلها الحالي؛ لأنها لجنة لمنع تأسيس الأحزاب.


إضافةً إلى أن برنامج الحزب أو إن جاز التعبير "البرنامج السياسي للجماعة" جاء استجابةً لمطالبِ العديدِ من السياسيين والمثقفيين، بل وبعض الإخوان بضرورة أن يكون لنا برنامجٌ يُوضِّح كيف يكون "الإسلام هو الحل" في كلِّ القضايا والمجالات، وهو يعد وثيقةً تُوضِّح فكر ومنهج الإخوان، واستشرافها لمستقبل العمل السياسي في مصر؛ ولذلك رأينا أن نضعه منهجًا أو برنامجًا نعرضه على الأمة؛ ولذلك تمَّ صياغته بهذه الصياغة التي تتكلم عن الأصول والمنطلقات، كما تتحدث عن كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ ولذلك لم نستهدف في البرنامج السياسيين أو الحزبيين فقط، وإنما الأمة كلها؛ لأن هدفنا هو أن يكون للأمة كلها، ولهذا طرحناه على السياسيين والمثقفيين وأصحاب الرأي لنستقبل منهم نصائحهم فيما كتبناه مع عدم التخلي عن ثوابتنا وأصولنا.

  • ولكن هناك من داخل الإخوان مَن يرى أن مكتب الإرشاد، وبالتحديد مجموعة معينة هي التي استأثرت بالبرنامج؟
    • هذا ليس صحيحًا على الإطلاق؛ فما حدث أن المرشد العام كلَّف لجنةً بإعدادِ البرنامج، وضمَّت هذه اللجنة عددًا من السياسيين والقانونين وأصحاب العلم الشرعي، وحصيلة ما أثمرته هذه اللجنة عُرِضَ على مكتب الإرشاد، وعُقدت جلسات خاصة داخل المكتب لهذا الأمر، وكان للمكتب ملاحظات أُعيدت للجنة، فقامت اللجنة بتعديلها ثم عرض البرنامج بعد التعديلات على المكتب مرةً أخرى، وعُقدت جلسات خاصة لأعضاء المكتب لمناقشة هذا البرنامج، ثم كانت هناك ملاحظات أخرى للمكتب بعد هذه الجلسات أخذتها اللجنة، وتمَّ تعديل البرنامج للمرة الثانية ثم عُرِضَ على مكتب الإرشاد الذي أصدر قرارًا بعرض البرنامج على المكاتب الإدارية في كلِّ المحافظات، وهذه المكاتب المنتخبة تضم أعضاء مجلس شورى الجماعة إضافةً إلى قيادات ومسئولي الجماعة في المحافظات.

وهو ما يُعيدنا إلى سؤالك السابق بأن مجلس الشورى بهذا الشكل قد وافق ليس على فكرةِ البرنامج فقط وإنما على البرنامج نفسه، وقد كان للمكاتب الإدارية العديد من الملاحظات التي صبَّت عند اللجنة مرةً أخرى، وتم ضم بعضها والاستفادة من البعض الآخر بعد جدولتها وتصنيفها بشكلٍ فني.

ثم صدرت نسخة البرنامج في شكلها الحالي، ووافق مكتب الإرشاد على إرسالها لعددٍ من الكُتَّاب والسياسيين والمثقفين بخطابٍ خاصٍّ لكلِّ شخصيةٍ مُوقَّعة من فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف، وتمَّ الاتفاق على أن تكون هذه النسخة قراءة أولى وليست نهائية، وطلبنا من هذه الشخصيات أن تُرسل لنا ملاحظاتها، وبالفعل أرسل البعض ملاحظاته لمكتب الإرشاد مباشرةً، بينما فضَّل البعضُ الآخر إبداء رأيه في مقالاتٍ بالصحف أو آراء في وسائل الإعلام المختلفة، وعندما تكتمل لدينا كل الملاحظات سنقوم بعقد سلسلةٍ من جلسات الاستماع والمناقشة المتخصصة للاستفادة من هذه الآراء معتمدين على القاعدة العامة "الحكمة ضالة المؤمن أيما وجدها فهو أحق الناس بها".

ولاية القبطي والمسلم

  • ما أبرز الانتقادات التي وُجهت للبرنامج؟
    • بعدما أرسلنا النسخ لهذه الشخصيات جاءنا أحد أصحاب الفكر الذين نُقدِّرهم، وهو بالمناسبة غير مسلم، وأكد لنا أنه من خلال لقاءاته ومناقشاته مع عددٍ من المفكرين والكُتَّاب والمثقفين، من قبل عرض البرنامج وبعد عرضه أنهم يرون أن الإخوان غير واضحين في عددٍ من القضايا تتعلق بممارسة الديمقراطية، والموقف من الإخوة الأقباط وبعض الموضوعات الأخرى، وعلى أثر ذلك حدد المكتب 6 نقاطٍ تمَّ توضيحها في البرنامج وهي:

- نظام الدولة هل هو رئاسي أم برلماني أم رئاسي برلماني (النظام الفرنسي) - ولاية غير المسلم لرئاسة الدولة - ولاية المرأة لرئاسة الدولة - الموقف من المعاهدات الدولية وتحديدًا من "إسرائيل" - مجانية التعليم - الموقف من وضع مجلس الشورى المصري، وهل يُضمُّ لمجلس الشعب ويصبحا غرفةً واحدةً أم يكون له اختصاص ويكون التشريع من خلال غرفتين.

وقد عُرِضت هذه النقاط الستة على مكتب الإرشاد، وقرر حسم 5 منها وترك النقطة السادسة لوقتها؛ باعتبار أن الظروف السياسية قد تشهد تغيُّرًا، وكان القرار كالآتي:

- في مسألة نظام الدولة اخترنا النموذج الفرنسي؛ أي النظام الرئاسي البرلماني، وهو الأنسب لمصر الآن.

- ما يتعلق بولايةٍ غير المسلم لرئاسة الدولة رأينا أنه لا يجوز رئاسة الدولة لغير المسلم، بينما يحق له تولي كافة المناصب الأخرى، وهو ما يدخل في قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وهذا هو إجماع الفقهاء على مرِّ العصور.

- وهو نفس الأمر في موضوع المرأة؛ حيث يجوز لها كافة المناصب عدا الولاية العامة المتمثلة في رئاسة الدولة، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء على مرِّ العصور.

- أما المعاهدات الدولية وخاصةً "كامب ديفيد" فإن موقف الإخوان من المعاهدة لم يتغير، وأن فلسطين ليست ملكًا لشعب فلسطين وحده، وإنما هي ملكٌ لكلِّ العالم العربي والإسلامي، ولا يجوز لأحدٍ أن يتنازل عن شبرٍ واحدٍ منها، أما باقي المعاهدات فنحن نحترمها، وكامب ديفيد مثلها مثل بقية المعاهدات خاضعة لآلية التعديل والإلغاء كما ينص القانون الدولي.

- وفي قضية مجانية التعليم كان رأينا أن المجانية تكون حتى نهاية الدراسة الثانونية، ويجب على الدولة توفير الإمكانيات للشعب كله، أما المرحلة الجامعية فعلى الدولة أن تُعطي الفرصةَ لأصحاب التفوق العلمي ثم تستعين بمؤسساتِ المجتمع المدني لتحقيق هذا التعليم لبقية فئات الأمة سواء كانت من خلال شركات استثمارية أو وقفٍ إسلامي أو جمعيات خيرية.

- وفي موضوع مجلس الشورى فإننا تركنا حسمه للوقت الموجود فيه، وطبقًا لتغير المناخ السياسي.

لجنة العلماء

  • ولكن ألا ترى أن فكرة هيئة كبار العلماء ترجمة أخرى لولاية الفقيه المعمول بها في إيران؟ وهو ما يعيدنا إلى الدولة الدينية؟
    • هذا غيرُ واردٍ على الإطلاق، وارجع للنص الموجود في القراءة الأولى للبرنامج التي تمَّ توزيعها على المثقفين والسياسيين، بل إنَّ هذا الفهم قد استغربه عددٌ غير قليل من المثقفين، وأعتقد أن السبب في هذا الفهم الخاطئ يرجع لعدم وضوح معنى المرجعية الإسلامية لدى بعض المثقفين داخل مصر وخارجها، وكذلك عند بعض الصحفيين الأجانب، وهو ما جعلهم يتصورون خطأً، أو أن يتعمد بعضهم ترويج هاجس أن هناك فئةً اسمها هيئة كبار العلماء ستكون هي الوصية على المجلس التشريعي، وهي التي ستقرر وترفض التشريعات حسبما تراه.

وعلى العموم فهناك أصل اتفق عليه عموم الشعب المصري، وهو أن مبادئ الشريعية الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وهذا ما أقرَّه الدستور، أما ما جاء في البيان فهو مجرَّد آلية يتخذها المجلس التشريعي ورئيس الجمهورية لتحري تطبيق الدستور، بطلبهم من هيئة ما الرأي الشرعي الراجح، ليعينهم على إصدر التشريع موافقًا لدستور، والمجلس التشريعي وحده- كما جاء في البرنامج- هو صاحب الحق في التشريع، وكل ما اشترطه البرنامج أن تكون هذه الهيئة منتخبة من العلماء، ومدعمة بالمختصين في كل المجالات، وإذا كان مجمع البحوث الإسلامية منتخبًا فإن الإخوان لا يتمسكون باسم هذه الهيئة، فالأمر عندهم سواء كانت هذه الهيئة هي مجمع البحوث الإسلامية أو هيئة استشارية أو هيئة كبار العلماء، فكما ذكرت هذه الهيئة مجرَّد آلية لتطبيق الدستور.


وهناك توضيح آخر، وهو ألا ينقض أي تشريع إلا المحكمة الدستورية العليا، وهذا أيضًا ما جاء في البرنامج؛ ولذلك فمسألة ولاية الفقيه غير واردة على الإطلاق في فكر الإخوان بل وفكر كل أهل السنة.

مواقف شخصية

  • ولكنَّ هناك عددًا من قيادات الجماعة البارزين أكدوا أن البرنامج لم يُعرَض عليهم بالفعل؟
    • كما أشرت فإننا نُقدِّم حسن الظن؛ لأننا لم نقم باستبعاد أشخاص بعينهم كما يقول البعض، وأعتقد أن مَن يقول إنه لم يطلع على البرنامج فقد يكون ذلك لظروفٍ شخصيةٍ متعلقةٍ به وليس لموقفٍ ضده.
  • هل هناك موعد زمني محدد للإعلان عن برنامج الحزب بشكلٍ نهائي؟
    • لا نستطيع تحديد موعدٍ محدد؛ لأن هذا الموضوع متعلقٌ بردود إخواننا المثقفين والسياسيين الذين أرسلنا لهم نسخة القراءة الأولى، حتى نستطيع الانتهاء من كافة الملاحظات، ويتم صياغة البرنامج بشكلٍ نهائي، وأعتقد أن ذلك قد يستغرق عدة أسابيع.