قول قال حسن البنا هل فيه تقديس؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٥:٤٢، ١٩ أبريل ٢٠١١ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قول قال حسن البنا .. هل فيه تقديس ؟


مقدمة

الإمام حسن البنا

كان حسن البنا متبعاً في الأصول والفروع .. واجتهد في فهم الواقع والتعامل معه

مرّ أكثر من نصف قرن منذ أن لقيّ الإمام حسن البنا ربه شهيداً مظلوماً، وماتزال الحملات الظالمة تطارد الرجل ميتاً كما طاردته حيّـاً، وماتزال دعوته هدفاً مستمراً للتشويه والملاحقة والحصار.

من هذه الحملات ـ التي بدأت مع بداية دعوة الرجل وماتزال مستمرة حتى يومنا هذا ـ إدعاء البعض أن حسن البنا قد دعا إلى تقديس نفسـه، وأن أتباعه يقدسونه، ويستدل على ذلك بكثرة استشهاد أتباعه بأقواله وآرائه في كل مناسبة.

وهذا الادعاء قديم بدأ منذ بداية الدعوة في الإسماعيلية، ذكره الإمام البنا في "مذكرات الدعوة والداعية".

وإذا كان هذا النوع من الإرجاف والتشويه والتشكيك مبعثه الحسد، فإن هذا الأسلوب قد أصبح متجسِّداً في الحرب الإعلامية المسلطة على دعوة هذا الرجل إلى يومنا هذا، ولو أن هذا الأسلوب قد اقتصر على أعداء الإسلام ومن والاهم لما استحق الرد، فقد جرت سنة الله تعالى مع دعوة الإسلام أن يتعرض الدعاة إلى الله إلى حملات الإرجاف والتشويه والتشكيك، لكن المؤلم أن يأتي التركيز على دعوى التقديس من داخل المعسكر الإسلامي المعاصر والذي تعد جماعة الإخوان طليعة فصائله إن جماعة الإخوان ما قامت إلا لترد الناس إلى منهج السلف والعمل به، وسوف نناقش شبه التقديس في هذه المقالات وفق منهج السلف، لعل الله أن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق.

إن معنى "مقدس" عربياً وإسلامياً هو: المطهَّر، وهو الـمُنزَّه عن العيوب، ولم تُستعمل كلمة مُقدّس في تاريخ الإسلام إلا بهذا المعنى، لكن النصارى قد استعملوا كلمة مُقدَّس في غير معنى المطهر والمنزه عن العيوب، فقد استعملوه بمعنى وثنيٍ شِرْكيٍ لا يعرفه تاريخ الإسلام، فالمقدس في النصرانية هو الشيء أو الشخص الذي حل فيه الله أو روحه أو شيء منه تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

أصحاب البدع الشركية في تاريخ الإسلام: وحين انحرف بعض الطوائف في تاريخ الإسلام إلى أنواع من الشرك التي انحرف إليها النصارى مثل الحلول وغيره لم يستعملوا المعنى النصراني للمقدس، ولم يصفهم أهل السنة بأنهم يُقدّسون، وإنما قالوا: الحلولية والباطنية وما أشبه.

ومن هنا نرى أن الذين يرمون الإخوان بتهمة التقديس يستعملون هذا المصطلح بمعنى نصراني لم يجر عليه مصطلح العربية ولا مصطلح الإسلام، وبالتالي لم يجر عليه مصطلح السلف في وصف البدع الشركية.

وهذا يعني أنهم وهم يحاولون الطعن في عقيدة الإخوان قد كشفوا عن تأثرهم بالمصطلحات النصرانية التي تسللت إلى الاستعمالات العربية المعاصرة مع الغزو الثقافي.


تحرير المسألة من تراث السلف

قول : قال فلان : متى يجـوز ومتى لايجـوز؟.

إن قول يجوز أو لا يجوز هو حكم فقهي، لا يجوز القول به بمجرد التحكم أو الظن، لأنه قول على الله تعالى، شأنه شأن أي حكم شرعي، والأصل الذي انعقد عليه الإجماع أن: الحكم التشريعي هو حق الله وحده، فلا يجوز في شرع الله تعالى أن يقال هذا: حرام وهذا حلال، وهذا جائز وهذا غير جائز إلا بدليل شرعي، ولذا فإن من الواجب حينما نقول يجوز أن يقال قال فلان، أو لا يجوز أن نعرف حكم الله في المسألة حتى لاندخل تحت الوعيد في قوله تعالى: "ولا تّقٍولٍوا لٌمّا تّصٌفٍ أّلًسٌنّتٍكٍمٍ الًكّذٌبّ هّذّا حّلالِ وهّذّا حّرّامِ لٌَتّفًتّرٍوا عّلّى اللَّهٌ الًكّذٌبّ إنَّ الَّذٌينّ يّفًتّرٍونّ عّلّى اللَّهٌ الًكّذٌبّ لا يٍفًلٌحٍونّ 116 مّتّاعِ قّلٌيلِ ولّهٍمً عّذّابِ أّلٌيمِ" 117 (النحل).

وقول القائل في الإسلام كائناً من كان لا يخرج عن أن يكون قولاً بتحريم ما حرم الله ورسوله، أو أحل الله ورسوله، أو مما ترك للإجتهاد يصيب فيه من يصيب ويخطئ فيه من يخطئ، ولكل مجتهد أجـره، ولا خلاف في أن القول على الله وفي دين الله بغير علم هو قول محرَّم، لا يجوز قوله، ولا يجوز نقله عن قائله على سبيل التأييد والمشايعة، أما على سبيل التسفيه والرد فإن ذلك جائز بل مطلوب.

ولا خلاف في أن القول بتحليل ما أحل الله ورسوله، وتحريم ما أحل الله ورسوله قول جائز بل بيانه هو من فروض الأعيان أو فروض الكفايات حسب واقع الحال.

ولا خلاف في أن المجتهد له أن يقول برأيه في موارد الإجتهاد، ولا حرج عليه أصاب أم أخطأ، ولا خلاف في جواز نقل قول المجتهد مع اعتقاد صوابه، أو نقله مع بيان خطئه، وعلى ذلك جرى عمل الأمـة إلى وقتنا هذا، وكتب التفسير والفقه طافحة بقول: قال فلان، وقال فلان، سواء كان نقل القول على سبيل التعضيد أو سبيل التفنيد.


شرط القول بعلـم

وشرط القول في دين الله هو القول بعلم، وقد حرّج الله تعالى تحريجاً شديداً على من يقول في دين الله بغير علم، قال تعالى: " قٍلً إنَّمّا حّرَّمّ رّبٌَيّ الًفّوّاحٌشّ مّا ظّهّرّ مٌنًهّا ومّا بّطّنّ والإثًمّ والًبّغًيّ بٌغّيًرٌ الًحّقٌَ وأّن تٍشًرٌكٍوا بٌاللَّهٌ مّا لّمً يٍنّزٌَلً بٌهٌ سٍلًطّانْا وأّن تّقٍولٍوا عّلّى اللَّهٌ مّا لا تّعًلّمٍونّ" 33 (الأعراف).

قال ابن القيم في تفسير الآية: "فرتب المحرمات أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريماً منها وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريماً من ذلك كله وهو القول عليه بغير علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله ودينه وشرعه، وفي الحديث عن عوف بن مالك الأشجعي أن رسول الله ص قال: "تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة قوم يقيسون الدين برأيهم يحرّمون به ما أحل الله، ويُحلون به ما حرّم الله".


تحريم نقل القول بغير علم

وإذا كان القول في دين الله بغير علم محرماً، فإن نقل هذا القول على سبيل التأييد والمشايعة هو أيضاً محرَّم، قال الإمام مالك: قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تم هذا الأمر واستُكمل، فإنما ينبغي أن نتتبع آثار الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نتبع الرأي فإنه من اتبع لرأي جاء رجل آخر أقوى منه في الرأي فاتبعه، فأنت كلما جاء رجل غلبك اتبعته؟".


هل قال حسن البنا في دين الله بغير علم؟ وهل نقل الإخوان عنه ذلك ؟

والآن نسأل هل قال حسن البنا على الله وفي دين الله بغير علم؟ وهل نقل الإخوان عنه ذلك على سبيل الاستحسان والتعصب والمشايعة؟ هل هناك حادثة واحدة، أو موقف واحد يمكن أن يُسجّل بهذا الخصوص، ويُستدل به على أن حسن البنا قد قال على الله وفي دين الله بغير علم، وأن الإخوان نقلوا ذلك عنه مشايعة وتعصباً وأذاعوا به؟

وإذا لم يكن قد حدث قط أن حسن البنا قد قال على الله وفي دين الله بغير علم، وإذا لم يكن قد حدث قط أن الإخوان قد نقلوا عن حسن البنا قولاً على الله وفي دين الله بغير علم على سبيل التعصب والمشايعة وأذاعوا به، فكيف يجوز لمسلم أن يرمي مسلمين بتهمة شنيعة هي تهمة التقديس النصراني والتي هي الشرك الأكبر، والذي لا يكون إلا إذا كان حسن البنا قد أحل الحرام وحرّم الحلال، وأن الإخوان قد أطاعوه في ذلك؟

ألم يكن يتوجب على هؤلاء أن يعرفوا على وجه التحديد ماذا قال حسن البنا، وماذا نقل عنه الإخوان، وإذا كان فيما قال وفيما نقل شبه تقديس؟!


حسن البنا كان متبعاً لا مبتدعاً

إن من يتتبع أقوال حسن البنا، وينظر فيها بإنصاف وتجرد، ويزنها بموازين السلف سوف يعلم عن يقين أن حسن البنا كان متبعاً لا مبتدعاً، وأنه كان متبعاً في الأصول والفروع، وفي العقائد والعبادات وسائر الأحكام، وأن ما قاله منشور في رسائل وكتب أذيعت في كل الدنيا، وليست هي منشورات سرية، وأنه لم يقل في السر شيئاً لم يعلنه على الناس، وأن كل ما قاله وكتبه في متناول كل إنسان اليوم.


المصدر: مجلة المجتمع: رقم العدد :1415 - 29/8/2000


للمزيد عن الإمام حسن البنا

Banna banner.jpg


للمزيد عن الإخوان والعقيدة

كتب متعلقة

ملفات ورسائل متعلقة

مقالات متعلقة

مقالات متعلقة

وصلات فيديو