كيف تقرأ الرسائل وتفهمها وتشرحها؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
كيف تقرأ الرسائل وتفهمها وتشرحها ؟

لما كانت الرسائل تمثل المنطلق الفكري والتربوي لحركتنا، لذا كان من التوجيهات الخاصة بالجانب التربوي ( التأكيد على التركيز على رسائل الإمام البنا لضمان عدم الانحراف فكريًّا ودعويًّا...).


كيف تقرأ الرسائل ؟

الإمام حسن البنا

كيف نقرأ فكر الأستاذ الإمام البنا وعقله كذلك ؟ ولكي يتحقق هذا الهدف :

1-علينا أن نلم بالظروف التاريخية التي كتبت فيها هذه الرسائل.

2-وعلينا أن نعرف القواعد التي اتبعها الأستاذ الإمام البنا في كتابتها.

3-ثم مقارنة هذه القواعد بالتوجيهات المطروحة في الكتابة الحديثة التي يتكلمون عنها في العصر الحديث.

4-وقد صدرت هذه التوجيهات في الكتابة الحديثة عن إحدى جامعات إنجلترا، وقد أنشئت كلية فيها تسمي كلية الرواية، يدخلها أناس ليس عندهم دراية بالكتابة فيدرسون تقنية الكتابة، والسرد ، ويتخرجون منها روائيين على مستوى جيد، قد يصل إلى العالمية.

5-تبقى الكتابة فنًّا ، وتبقى الموهبة هي التي تمنح الخلود.

6-أصبحت الكتابة نوعا من التقنية التي يمكن تعلمها.

7-هذه الكلية أصدرت عدة مقالات، عن القواعد التي جعلتهم يحسنون الكتابة وأننا لو تحدثنا عن هذه التوجهات، نستطيع فعلا من خلالها أن نقرأ رسائل الإمام ونستطيع كذلك – أن نعيش في ظلالها.


توجيهات كلية الرواية ( كيف تكتب؟ ) وإسقاطها على واقع الأستاذ الإمام البنا

1-الكتابة امتداد طبيعي للقراءة ، فالإنسان لكي يكتب عليه أن يقرأ كثيرا، ويطالع كثيرا، حتى يحسن الكتابة. وأن الجوهر الخّلاق للكتابة هو القراءة. وأن الأفق الحقيقي للكتابة هو اكتشاف القراءة في سنِّ مبكرة.

2-لو طبقنا ذلك على الأستاذ الإمام البنا ، نجد أنه اهتم منذ صغره بالقراءة، كما عبر عن ذلك في أول رسالة المؤتمر الخامس: ( طالعت كثيرا وجربت كثيرا وخالطت أوساط كثيرة وشهدت حوادث عدة.. الخ.

3-المعروف أن الأستاذ الإمام كان يحفظ أكثر من ثمانية عشر ألف بيت من الشعر ومثلها من النثر عندما تقدم للاختبار التقويمي في دار العلوم.

يقول الإمام البنا : وقد أعددت من الوسائل العملية درسا طويلا سأحاول أن تشهد لي به الأوراق الرسمية ولقد حفظت كثيرا من المتون في العلوم المختلفة، فحفظت ملحة الإعراب للحريرى ثم الألفية لابن مالك والياقوتية في المصطلح والجوهرة في التوحيد والرحبية في الميراث وبعض متن السلم في المنطق وكثيرا من متن القدوري في فقه أبي حنيفة ومن متن الغاية والتقريب لأبي شجاع في فقه الشافعية، وبعض منظومة ابن عامر في مذهب المالكية، وحاولت حفظ متن الشاطبية في القراءات.

4-لكي نفهم الرسائل جيدا، لابد من أن نقرأ كثيرا حول الأفكار التي طرحتها هذه الرسائل.

5-القراءة يجب أن تكون بشكل انتقائي ونقدي، وذلك باستخراج الأفكار المفيدة في الموضوع، فعلينا ونحن نقرأ الرسائل أن نستخرج الأفكار المهمة المفيدة في كل رسالة.

6-الكتابة أخيلة لا حدود لها. وقد أشار الإمام إلى هذا المعنى عندما قال : ( وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة وكذلك عندما كان يتكلم عن أحلام اليوم حقائق الغد وحقائق اليوم أحلام الأمس. وكان لا يجعل الخيال يستبد به وإنما كان يلزمه صدق الحقيقة والواقع.

7-الكتابة تحتاج إلى ذاكرة جيدة، فكتابة جيدة تعنى ذاكرة جيدة، وذاكرة جيدة تعنى امتلاك لأحداث الواقع ولتجاربه ولوقائعه الحياتية.

وهذا ينطبق على كلام الأستاذ الإمام ، الحصيلة الضخمة جدا التي كما قال : ( شهدت حوادث عدة وخالطت أوساطا كثيرة، وخرجت من هذه السياحة القصيرة المدى الطويلة المراحل بما استطاع أن يقدمه كتابة للناس.

8-توظيف هذه التجاريب والوقائع والأحداث لخدمة الهدف.

9-القدرة على الصدق في اختيار الكلمات البسيطة البعيدة عن التعقيد، لأنها دليل على صدق الكاتب وعلى ثقته في نفسه ، وابتعاده عن الخوف والخجل والكذب وعدم الثقة في النفس، ولذلك كان الأستاذ الإمام يكتب كأنه يتحدث، يتكلم ارتجالا، حاضر البديهة متمكنا من علمه، يسوق الآيات، يدلل بها على ما يقول فتجدها كأنما أنزلت في مواضعها .

10-القدرة على نقل الإحساس بأحداث الحياة ، فكما يقولون : الظلم وحده لا يحدث الثورات، إنما الإحساس بالظلم. فالكاتب الجيد هو الذي ينفعل بالأحداث من حوله، وتكون لديه القدرة على تجسيد هذا الإحساس والأستاذ الإمام كانت لديه هذه القدرة.

11-الوحدة الأساسية في النص هي المقطع ( الفقرة أو عدد فقرات) وليس الجملة، بحيث تستطيع أن تفهم ما هو مكتوب، فالفكرة يتضمنها مقطع كامل، حتى يعين على الوحدة الموضوعية في الكتابة، وهذا الكلام واضح في رسائل الإمام الشهيد.

12-أصعب شيء في الكتابة هو الخواتيم، فإنهاء الكتابة بخاتمة جيدة من أصعب الأشياء، وكان الأستاذ الإمام موفقا في ذلك، فتجد أن الخاتمة لديه ملخصًا لأفضل ما طرح وأهم ما كتب في الرسالة، فانظر إليه مثلا في رسالة التعاليم حيث يقول في ختامها " أيها الأخ الصادق: هذا مجمل لدعوتك، وبيان موجز لفكرتك، وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات : الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن شريعتنا، والجهاد سبيلنا، والشهادة أمنيتنا. وأن تجمع مظاهرها في خمس كلمات هي : البساطة والتلاوة والصلاة والجندية والخلق.

فخذ نفسك بشدة بهذه التعاليم وإلا ففي صفوف القاعدين متسع للكسالى والعابثين " فالنهاية قوية جداً ومركزة وهكذا كانت خاتمة كل رسالة .. أسلوب الإمام في كتابة الرسائل


يقول الشيخ الغزالي : " أهم ما يمكن أن تصف به الأستاذ الإمام البنا رحمه الله ، أنه فيه ثلاث مميزات مهمة جدًّاً:

1.الفقه المتمكن.

2.حسن الدراية بالمجتمع الذي يعيش فيه.

3.التجربة الميدانية.

وأكثر الأدلة على ذلك رسالة التعاليم، وبخاصة الأصول العشرين للفهم، فقد قرأ الإمام أكثر من ثلاثين كتابا من أمهات كتب الفقه حتى يكتب الأصول العشرين ، وهذا ليس غريبا، فقد قرأ الإمام محمد عبده خمساً وعشرين كتاباً حتى يفسر آية واحدة. فكان الأستاذ الإمام موسوعيا في اطلاعه.

أما عن حسن الدارية، فإنه ما من أحد يقرأ رسالة من رسائل الإمام إلا ويقع في حسه أنه يقرأ لشيخ عاش الأحداث وفهمها وفقهها وحاول إصلاحها. وانظر إليه عند حديثه عن المشكلة الاقتصادية المتعلقة بالأفراد في رسالة المؤتمر السادس. ثم حسن الدراية بواقع الإسلام في العالم من حوله، فكان عنده حسن الدراية بالواقع من حوله محليا وعربيا وعالميا..

أما عن تجربته الميدانية التي كانت تتميز بها رسائله، فأبلغ شيء على ذلك هو مذكرات الدعوة والداعية، التي رصد فيها كل تجربته منذ نعومة أظفاره حتى أقام هذا الصرح الشامخ. وقد وقف وقفات طويلة جدا عند بعض المنعطفات الهامة في حياته مثل :

-مدرسة الرشاد.

-مدرسة المعلمين وحفظ المتون.

-وقفته عند أستاذه في دار العلوم – محمد عبد المطلب – الذي تعلم منه التوسع والاستطراد.

-موقفه عند الصوفية كموقف هام في حياته.

-انتقاله إلى الإسماعيلية .. الخ.

فرسائل الإمام اتسمت بالتجربة الميدانية، كما اتسمت بالإلحاح والعاطفة، ذلك الذي أعطاه هذا الصدق ، الذي تجد أثره في السمع.

هذا هو الأسلوب العام لكتابة الرسائل.


ثم يتحدث عن الظروف التاريخية التي نشأ فيها، وكان من أهم الأحداث في عهده:

1.الاحتلال ووقوع العالم الإسلامي في قبضة الغاصب الأجنبي.

2.سقوط الخلافة الإسلامية.

وكان هناك – في هذا العهد – الخصوم الأقوياء والجيل المخضرم الذي تأثر بالحضارة الغربية والاتجاه العلماني التغريبي الذي أراد أن يدفع الأمة عن مغافلة منها لا إلى ما يريد بل إلى ما أَلِف.

وكان هناك ردود الفعل الباهتة الضعيفة للنخب الحائرة التي تمثلت في رجال الدين من ناحية مثل الشيخ يوسف الدجوى،وفي المثقفين الملتزمين من ناحية أخرى مثل أحمد تيمور باشا. كانت ردود فعل باهتة أنتجت في النهاية حالة من الجمود ومن الواقع البئيس، كما قال أبو الحسن الندوي: أصبح العالم الإسلامي طبعة واحدة من كتاب واحد تشابهت نسخه أو مسرحية من فصل واحد أحكم إخراجها. فلا قلق ولا اضطراب ولا طموح ولا استشراف.

جاء الإمام الشهيد ففاجأ العالم الإسلامي بشخصيته الفذة التي جمعت فيها محاسن تفرقت في غيره. وقد استفاد من تجارب كل من سبقوه، وهو بلاشك مجدد سبعة قرون خلت كما يقول أبو الحسن الندوي في مقدمة كتاب الدعوة والداعية.


أقام هذا الرجل – الأستاذ الإمام – مهمة دعوته على أصول ثلاثة

أولها : إعادة الثقة في صلاحية الإسلام وخلود الرسالة – وعلى هذا المحو تدور رسائل الإمام البنا – بين أبناء هذا الجيل الذي كان قد تأثر بالاتجاه العلماني التغريبي .

ثانيها : مقاومة مركب النقص وعقدة الدونية ، وهي الهزيمة الداخلية التي ليس هناك هزيمة أبشع منها.

ثالثها : معالجة روح الميوعة والاستهتار والانسياق تحت ربقة الشهوات والآثام وأن يستبدل بذلك الرجولة والجد، التي تعنى الوقار والرزانة والعبوس والخشونة.

هذه هي القواعد الأساسية التي بنى عليها الأستاذ الإمام دعوته وكتب من أجلها رسائله.

وتحدث الشيخ مصطفى المراغي عن الأستاذ الإمام الشهيد وهو يتكلم عن خصائص الداعية الفذ فقال: ( والشيخ حسن البنا رجل مسلم غيور على دينه يعرف الوسط الذي يعيش فيه، ويفقه أسرار الإسلام، ويضع يده على الأدواء في جسم الأمة الإسلامية. وقد اتصل بالناس اتصالا وثيقا،

وشغل نفسه بنواحي الإصلاح على النحو الذي كان عليه سلف الأمة الصالح)..

هذه الصفات الفذة التي كانت تنتظرها دعوة الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري ( فكل دعوة تنتظر صاحبها) فجاء الإمام البنا مجهَّزًا بهذه الصفات.

وهذا مجمل الحديث عن الأستاذ الإمام البنا والظروف التي كتب فيها الرسائل.

وبالله التوفيق،،،