محمد إقبال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
محمد إقبال (1873 -1938م)


موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

حياته

  • ولد محمد إقبال في مدينة سيالكوت من ولاية بنجاب بالهند سنة 1289هـ و1873م من أبوين عرفا بالتقوي والصلاح فأبوه محمد نور كان متصوفا عاملا كادحا في كسب رزقه يعمل لدينه ودنياه .

قال لأبنه محمد إقبال حين رآه يكثر من تلاوة القرآن الكريم: إذا أردت أن تفقه القرآن فاقرأه كأنه أنزل عليك .

وكانت أمه تقية ورعة بلغ من ورعها أنها كانت تتحرج أن تأكل من وظيفة زوجها إذا كان يعمل مع رئيس عرف بالرشوة , مع أن وظيفة زوجها لم تكن من مال هذا الرئيس.

  • بدأ إقبال التعليم في طفولته على أبيه ثم ادخل مكتبا لتعليم القرآن الكريم فحفظ الكثير منه , والتحق بعد ذلك بكلية في بلده حيث تعهده صديق والده الأستاذ مير حسن أستاذ اللغتين الفارسية والعربية في الكلية , وكان من خير المربين فتأثر به إقبال وحبب إليه الثقافة والآداب الإسلامية ولما أنهي دراسته هذه سافر إلى لاهور عاصمة البنجاب والتحق بكلية الحكومة فيها , وكانت لاهور تحفل بالمعاهد والمجالس الأدبية والعلمية , ونال من الكلية درجة أستاذ في الفلسفة واللغة الانكليزية وعين مدرسا في الكلية الشرقية في لاهور . وفي هذه الفترة من حياته نظم إقبال الشعر وبرع فيه وذاعت شهرته .
  • سافر محمد إقبال سنة 1905 إلى لندن والتحق بجامعة كمبرج ونال شهادة عليا في الفلسفة وعلم الاقتصاد وأقام في لندن ثلاث سنين يلقي محاضرات في موضوعات إسلامية أكسبته الثقة والشهرة وتولي كذلك تدريس آداب اللغة العربية في جامعة لندن .
  • كما درس القانون واجتاز امتحان المحاماه وسافر إلى ألمانيا وأحرز من جامعة ميونخ الدكتوراه في الفلسفة .
  • عاد محمد إقبال إلى الهند سنة 1908 فاستقبله أصدقاؤه والمعجبون بأدبه ونظموا القصائد في الترحيب به واشتغل بالمحاماه وكان في عمله مثال الاستقامة والأمانة .

لا يتوكل في قضية حتي يعلم أن موكله صاحب حق فيها وأنه يستطيع أن يأخذ له حقه كما عمل في التعليم ف فكان يدرس الفلسفة والأدب العربي في كلية الحكومة في لاهور ولكن عمله في التعليم لم يطل بل استقال وقال عندما سئل عن أسباب استقالته (إن خدمة الانكليز عسيرة ما فيها أني لا أستطيع أن أحدث الناس بما في نفسي ما دمت في خدمتهم وأنا الآن حر ما شئت قلت وما شئت فعلت) ولكن صلته بالتعليم لم تنقطع فكان على صلة دائمة بالكلية الإسلامية في لاهور كما اشترك في لجنة تولت تنظيم التعليم في بلاد الأفغان بدعوة من حكومتها ولم ينقطع عن إلقاء المحاضرات العلمية في مختلف لجامعات الهندية .

  • اشترك محمد إقبال في توجيه سياسة بلاده وكانت فلسفته السياسية الأمل والعمل والجهاد ودعوة العزة والكرامة وكان شعره أناشيد مسلمي الهند الجاهدين فقد أشعل النفوس ثورة على سلطان الإنجليز في الهند وأمن المجاهدين بالأمل والعزم والإقدام وانتخب سنة 1926 عضوا في الجمعية التشريعية في البنجاب , وعمل في حزب الرابطة الإسلامية .
  • وفي سنة 1930 خرج على الناس برأيه الخاص في إنشاء دولة الباكستان وأن تقسيم الهند على أسس جنسية ودينية ولغوية وكتب بذلك إلى محمد علي جناح رئيس الرابطة الإسلامية ونادي بهذا الرأي في شعره وخطبه وشهد مؤتمر الطاولة المستديرة الذي عقد في لندن سنة 1932 للبحث في دستور الهند وأصيب الشاعر إقبال بمرض طالت مدته رغم عناية الأطباء ولقي الموت راضي مبتسما كما قال في شعره:
آية المؤمن أن يلقي الردي
باسم الثغر سرورا ورضا
  • وكانت وفاته سنة 1938 .

صفاته

ولد محمد إقبال في بيت تقي وصلاح فنشأ تقيا ورعا قوي الإيمان وتعهده في صباه أستاذه وصديق والده مير حسن وهو معلم قوي الشخصية يؤثر في طلابه ويطبعهم بطابعه فنمي في نفسه قوة العقيدة وحبب إليه الثقافة الإسلامية .

وكان حاد الذكاء مرهف الإحساس نظم الشعر ونبغ فيه وهو لا يزال في مرحلة الشباب وخلف ثروة عظيمة من جيد الشعر , ترجم كثير من قصائده إلى عدة لغات وكان واسع الثقافة عزيز العلم نال الإجازات العلمية العالية في مختلف العلوم في الآداب والفلسفة والاقتصاد والحقوق وهو لم يتجاوز الثانية والثلاثين من عمره وله عدة مؤلفات في الدين والفلسفة ترجم بع1ها إلى لغات كثيرة .

وصفه القائد الأعظم محمد علي جناح عندما خطب في ذكراه فقال : (ما كان إقبال بالواعظ والفيلسوف وكفي بل كانت تتمثل فيه مع التفكير والإلهام مزايا الشجاعة والعمل والثبات والاعتماد على النفس والإيمان قبل كل شئ بالله والإخلاص للدين , وكانت تتلاقي في نفس آمال الشاعر المثالية وسليقة الرجل الذي ينظر إلى وقائع الأمور ,وبهذا يتجلي لنا مسلما حق الإسلام)

دعوته الإصلاحية

لمحمد إقبال فلسفة وآراء في الحياة ضمنها شعره وفيها دعوة الإصلاح تبرز في النواحي الآتية:

1- كان إقبال معجبا بالإسلام والمسلمين ويري في العرب الأولين , المثل الأعلى في اكتمال الشخصية والإخلاص والتضحية فالمسلم لا تعرف أرضه الحدود ولا يعرف أفقه الثغور, قد وسعت عاطفته الشرق والغرب له عهود في التاريخ خالدة وله حكايات ومواقف في البطولة لا تزال موضع الدهشة والعجب .

والإسلام بعقيدة التوحيد وما تبعثه في نفس الفرد من روح القوة والحرية وبما جاء به الرسول الأعظم في رسالته الخالدة من الآداب والأحكام كفيل بسعادة البشر أجمعين .

كان يتغني في شعره بماضي الإسلام وما أسداه للعالم من خير فالأمة الإسلامية أمة لا تفني لأنها قائمة على أصول خالدة لا ينال منها تقلب الزمان وكرّ الأيام مرت عليها فتنة التتار وغيرها من الفتن ولكنها سلمت وبادت الأقوام وفنيت الأجيال وثبتت الأمة الإسلامية على الخطوب الجسام ولحوادث العظام .

أمة الإسلام تبقي ابدا
وأذان الحق فيها خلدا

أحيث العشق قلوب تسعر

شبها من (لا إله) الشرر

وإذا مر ببلاد كان للإسلام فيها ماض مجيد هاجه الحنين إلى ذلك الماضي وبكاه , مر بجزيرة صقلية في عودته من أوروبا إلى الهند سنة 1908 فنظم قصيدة افتتحها بقول ( ابك أيها الرجل دما ولا دمعا فهذا مدفن الحضارة العربية )

وزار اسبانيا بعد حضور مؤتمر الطاولة المستديرة في لندن سنة 1932 ووقف في مسجد قرطبة وقفة شاعر مؤمن وقفة خاشع أمام الإيمان الذي جاء بهذه الحفنة العربية المؤمنة إلى هذه البلاد النائية فأخضعوها لعزمهم وعقيدتهم وتوجه إلى القبلة وصلي ركعتين في هذا المسجد المهجور الذي لم يسمع فيه أذان ولا أقيمت صلوات منذ مئات السنين .

وهو شديد التفاؤل عظيم الإيمان بمستقبل المسلمين يقول مخاطبا نهر قرطبة (الوادي الكبير) : (إن على شاطئيك أيها النهر العزيز رجلا يري حلما لذيذا , يري في مرآة المستقبل عصرا في طيات الغيب يري عصرا قد بدت تباشيره وظهرت طلائعه ليعينه ولكنها لا تزال محجوبة عن أعين الناس لو كشفت هذا الغطاء عن وجه هذا العالم الجديد وبحث بما في صدري من أفكار وأسرار لشق ذلك على أوروبا وفقدت رشدها وجن جنونها ).

ورغم أن الشاعر محمد إقبال تعلم في جامعات أوروبا وعاش بين أهلها ردحا من الزمن لم تخدعه حضارتها وكان يري أن الحضارة الأوروبية لا تحقق رخاء الإنسانية وسعادتها فهي حضارة مادية أخضعت العالم لعلمها وتنظيمها وسخرت الطبيعة لمقاصدها ومصالحها ولكنها حائرة مضطربة لا تملك الإيمان ولا تملك العاطفة ولا تملك الغايات الصالحة لذلك حذر المسلمين وخصوصا الشباب من الوقوع في حبائلها والانخداع بزخارفها .

وقد وقعت بعض الأمم الإسلامية في شراكها ففقدت عزتها وأنفتها وأصبحت شعوبا ضعيفة ودعا المسلمين إلى دراسة الإسلام دراسة جديرة وطلب منهم لتمسك بدينهم وعقيدتهم فهو مصدر عزتهم وحريتهم وفخارهم وتأخذ إقبالا الهزة والاعتزاز عندما يتحدث عن الرسول والإسلام فيقول : (العجب إذا انقادت لى النجوم وخضعت لى الأفلاك والكواكب فقد ربطت نفسي بركاب سيد عظيم لا يأفل نجمه ولا يعثر جده ذلك هو البصير بالسبل خاتم الرسل وإمام الكل محمد صلي الله عليه وسلم الذي وطئت قدمه الحصباه فأصبحت أثمدا يكتحل به السعداء).

2- تربية الذات الإنسانية :وهي أساس فلسفته فهو يري أن تربية الذات واكتمالها هو أساس الحياة ومصدر سعادة الإنسان لذلك فهو يدعو إلى إدراك الذات وتقويتها والعمل الدائب والجهاد الذي لا ينقطع ويري أن الحياة في العمل والجهاد وأن الموت في الاستكانة والسكون .

ومما يقوي الذات الثقة بالنفس والاعتداد بها والاعتماد عليها والاستغناء بها فيقول: (لا تبغ رزقك من نعمة غيرك ولا تستجد ماءا ولو من عين الشمس واستعن بالله وجاهد الأيام ولا ترق وجه الملة البيضاء , سقطت درة عمر رضي الله عنه وهو راكب فنزل ليأخذها وأنف أن يسأل أحد الرجال أن يناوله درته).

ومما يقوي الذات ضبط النفس عن لخوف والشهوات فالذي لا يحكم في نفسه خليق أن يحكم عليه غيره .

والإسلام عني بالنفس الإنسانية ودعا إلى اكتمالها وتجميلها بالأخلاق الفاضلة وهو في أصوله يحقق ذلك فعقيدة التوحيد تنفي عن النفس الاستكانة للمخاوف والشهوات وتميت لخوف والشك وتحي الأمل والعمل وتقهر كل صعب وتذلل كل عقبة وأحكام الإسلام تحقق للذات الإنسانية الحرية والمساواة والعدل .

وهو بهذا يخالف الصوفية الذين انتشرت مذاهبهم في بلاد الهند بل لعله يرد عليهم في قولهم بوحدة الوجود وإنكار الذات وسمي التصوف المتضمن هاتين العقيدتين تصوفا غير إسلامي .

3- الدولة الإسلامية : بني إقبال فلسفته على الذات الإنسانية ودعا إلى تربيتها وتقويتها فهو يعترف بالفرد ويؤمن بقواه الكامنة ولكن هذه الذات لا تتم تربيتها واكتمالها إلا في لجماعة وإن عمل لجماعة إن تمكن الفرد من بلوغ كماله وإظهار كوامن فطرته ومنتهي قدرته فالصلة بين الفرد والجماعة صلة وثيقة فالفرد مرآة الجماعة , الجماعة مرآة الفرد , فإذا غفل الفرد عن واجبه أو تجاوز وحده أرشدته الجماعة وعلمته .

فإذا الواحد في الجمع انتمي
فهو كالقطرة صارت خضرما

روحه من قومه والبدن

سره من قومه والعلن

وهذه الجماعة لابد لها من رسالة تجمعها وقانون ينظمها وغاية تسعي إليها , ولا بد أن تتحقق في هذه الرسالة وفي هذه القوانين ما يوفر للفرد والجماعة السعادة ى والخير ولابد أن تكون الغاية التس تسعي إليها سعادة البشر أجمعين . ويري ان رسالة الإسلام تحقق كل ذلك .

لذلك فهو يدعو إلى قيام دولة إسلامية ترعي هذه المبادئ وتعمل على تطبيقها لخير المسلمين وخير البشر أجمعين وهو في دعوته لا يري الوطن أساس الآمة ويقول (إن العصبيات الوطنية قطعت أرحام الأم) .

لذلك دعا إقبال دولة باكستان في الهند لتضم المسلمين الذين تجمعهم عقيدة واحدة وهدف واحد في الحياة ولتقوم بواجبها الذي تفرضه شريعة الإسلام على المسلمين ولقيت دعوته في أول الأمر معارضة حتي من زعماء المسلمين ولكن واقع الحياة في لهند واختلاف طوائفها اختلافا كبيرا في العقيدة والعادات واللغة والأخلاق جعل انفصال باكستان عن الهند ضرورة لا محيد عنها .

نتائج دعوة إقبال

كان من أهم نتائج دعوة إقبال قيام دولة باكستان بعد وفاته بتسع سنوات سنة 1947 وبذلك تحققت للمسلمين أمنية من أعز الأمنيات وهي جمع شتات المسلمين في الهند وتعاونهم في العمل لخير المسلمين والعالم أجمع وتحقيق أهداف رسالة الإسلام السامية .

وتقوم الباكستان بجهود جبارة في العمل والإصلاح كانت مثارا إعجاب جميع من راقبوها وهي تسير في حياتها الاستقلالية بخطي ثابتة كتب أحد الباحثين بعد قيام باكستان فقال :(ليس في وسع منصف أن ينظر إلى العمل الرائع الذي تم في هذه الدولة الناشئة خلال خمس سنوات بغير نظرات الإكبار وليس فيوسع منصف أن ينكر عليهم صدقهم واقتدارهم وحسن تصرفهم للأمور التي تجل أحيانا عن التعريف)