محمود العريني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمود العريني


الدكتور محمود العريني وقلوب كالزهور

إخوان ويكي

مقدمة

في زمن زادت فيه انبعاثات الخلق الذميم، وسيطرت الأمراض المدمرة على المجتمعات، وزاد عدد رحيل العلماء والفقهاء، رحل الدكتور محمود العريني بعد رحلة طويلة من التربية العملية.

بداية الرحلة

في مركز (ملوي) بمحافظة (المنيا) ولد محمود العريني عام 1924م، حيث حرص والده على إدخاله المدارس والتي تدرج فيها حتى حصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة (عين شمس) عام 1947م، ثم عمل مُعيدًا بالكلية، وحصل على (الماجستير) في علوم الأراضي، وعمل أستاذ كرسي أراضي بجامعة الأزهر عام 1969م، وأصبح عضو بمجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين.

بين الإخوان

كانت ملوي أول مركز من مراكز المنيا يحتضن دعوة الإخوان المسلمين عندما افتتحت شعبة سنجرج – والتي كانت تتبع محافظة أسوان قبل أن تضم للمنيا – وكان نقيبها الأستاذ علي أفندي شعبان، وما إن فتح الإخوان هذه الشعبة إلا وانتشرت الدعوة في المحافظة.

كان محمود العريني أحد الشباب الذين تعرفوا على الدعوة في هذا المركز في أربعينيات القرن العشرين عندما التحق بالجامعة في القاهرة، حيث انضم إلى قسم الطلاب وعمل به، وتقابَل مع الإمام الشهيد عدة مرات، يقول في شاهد على العصر: في الفترة التي ظهرت فيها الجماعة كان المجتمع مغلقًا والاستعمار متسلطًا، والأحزاب الموجودة متفرقةً ومنقسمةً على بعضها، وفي هذا الوقت كان يستهوينا (الوفد)؛ حيث كانت له شعبية قوية في الثلاثينيات؛ لكنَّ اتجاهي الإسلامي جعلنا نتَّجِه إلى (الإخوان)، خاصةً بعد أن اعتنقنا الطرقَ الصوفيةَ لفترةٍ، وكانت طبيعتي عندما أتَّجِه إلى المولد النبوي أذهب لأصحاب الطريقة (الميرغنية) فكانت أكثر الطرق اعتدالاً، وكل جلساتهم يقرأون فيها القرآن الكريم، ويحاوِلون جمعَ الشباب، وكنت وقتَها أرى جوَّالة (الإخوان المسلمون) عام 1943م، وأخذ (الإخوان) في هذه الفترة ينتشرون ويؤثرون في المجتمع لدرجةِ أنهم سحبوا البساط من تحت أقدام (الوفد)، وذلك بجهد وإخلاص الإمام الشهيد، وجهود من ربَّاهم.

وبدأ المجتمع تسود فيه السلوكيات الإسلامية، فعلى سبيل المثال كان شرب الخمر عادةً مألوفةً، فبدأتْ هذه العادة في التقلُّص، ورغم تضييق الإنجليز الخناق على مصر إلا أنه كانت هناك حرية، ولم يضيقوا الخناق على (الإخوان) إلا فترة الحرب العالمية الثانية، بعدما أصبح (الإخوان) منتشرين في كل مكان.

و"كنا ننتظر الإمام الشهيد في المركز العام كل صلاة مغرب، وذات مرة كنت مسافرًا إلى (شبين الكوم)، وعندما دخلت القطار وجدتُ الإمام الشهيد وقد اصطحبه بعض الإخوان"،

وأضاف: جلست معه، وكان في الدرجة الثانية، وكنت قد حصلت على تذكرة درجة ثالثة وجاء (الكمسري)، وقال الإمام الشهيد، نرجع معًا إلى الدرجة الثالثة، وكان (الكمسري) يعرف الإمام الشهيد فقال لي: خلاص يا أستاذ خليك، وجلست مع الإمام الشهيد ساعتين كاملتين. وأثناء الجلوس- وكنا في شهر رمضان- سألني عن اسمي، قلت له: "محمود العريني"، فقال: هل الشيخ "العريني" والدك؟ فقلت له: وكيف عرفته؟ فقال لي: أول من قابلته بالمنيا، وطلبت منه أن يعرفني بالإسلاميِّين في المنيا، وبالمناسبة ذات مرة صلَّى في مسجد (الفولي) بالمنيا "جمال عبد الناصر" و"عبدالحكيم عامر" وكان والدي شيخَ المسجد (الفولي) فقال لي: أنا قابلت أناسًا كثيرين، وقال لي: قابلت "عبد الناصر" وعبدالحكيم"، فقلت له: هل قابلت "حسن البنا"؟ قال: نعم.. هذا رجل فاضل، قلت له: وما رأيك في "عبد الناصر" و"عبدالحكيم عامر"؟ قال لي: "شوية عيال"!!

وعندما حصلت على البكالوريوس وتم تعييني، وذات يوم كنت أجلس على مدخل المركز العام، ودخل الإمام "البنا"، ونادى يا "محمود العريني"، ما أخبارك؟! هل عملت؟! قلت له: أعمل بتعيين مؤقت، فقال لي: خذ هذا الكارت لوزير الزراعة "أحمد عبدالغفار" باشا، فقلت له: "عبدالغفار" باشا؟! لأني كنت أعلم أنه رجل سعدي وفظٌّ في التعامل مع الناس، وقلت له: يا فضيلة المرشد.. مديروه يخافون منه، قال لي: لا تشغل بالك، خذ هذا الكارت واذهب إليه، وكتبَ فيه: سيدي وزير الزراعة، وذهبت بالكارت، وفورَ تسليمي الكارت لـ(سكرتير) الوزير أرسل على الفور في طلبي، وقال لي: أهلاً يا ابني، كيف حالك؟ وكيف حال الأستاذ؟ هل صحتُه جيدة؟ ثم قال: إن شاء الله سوف نعيِّنك قريبًا، وقال لي: سلِّم على الأستاذ كثيرًا وبلِّغه تحياتي.

بعد أن خرج من المحنة أقام في السعودية عدة سنوات حيث أشرف على مشروع زراعة القمح بالمملكة والذي حقق فائضا تم تصديره للخارج .

و بعد عودته إلى مصر في أوائل التسعينيات من القرن الماضي تلقى دعوة - عن طريق الجامعة - لزيارة الكيان الصهيوني فرفضها رغم الضغوط التي مورست عليه.

تولى مسئولية المكتب الإداري للجيزة فترة حيث يقول الأستاذ ثابت توفيق في كتابه أيام العمر: وفى تلك الفترة انضممت إلى إحدى الأسر لنلتقي مرة فى الأسبوع على حفظ القرآن والحديث ومدارسة التفسير والفقه والسيرة وأذكر ممن كانوا يرحبون بى ويحسنون استقبالي فى أول الطريق الأخ كامل راتب رحمه الله ثم عملت بعد ذلك مع الأخ الدكتور محمود العريني وكان نائبا للشعبة بعد ذلك.

رؤية تاريخية للأحداث

كان للدكتور محمود العريني رؤية في الأحداث التي جرت للجماعة سواء مع الإنجليز أو التمويل فيقول: الإنجليز كانوا يرصدون تحركات (الإخوان)، وكانوا يعملون لهم ألف حساب؛ لكن لم يحاولوا استفزاز (الإخوان) في أي وقت من الأوقات؛ لأن الإنجليز- بطبيعتهم- يفضلون العمل في جوٍّ هادئ، فكانوا مع (الإخوان) متحفِّظين.. حاولوا الاقتراب من الإمام الشهيد وإغراءه بالمال، فقال لهم: "إن الله آتاني خيرًا مما آتاكم"، فضلاً عن ذلك فإن الإمام الشهيد كان يرفض أيةَ تبرعات من خارج الجماعة، وليس صحيحًا أنه تلقَّى تبرعات من شركة (قناة السويس)؛ حيث كان يعتمد على جيوب (الإخوان).

وحول التمويل يقول: كل ذلك مجرد دعاية كانوا يروِّجون لها؛ بهدف إلحاق الضرر بـ(الإخوان).. هذا بالإضافة إلى الدور الذي لعبَه (الوفد) و(مصر الفتاة)؛ للترويج لمثل هذه الأقاويل، وذلك بعد بروز قوة (الإخوان المسلمون)، فـ"أحمد حسين" عندما شاهَد (الإخوان) بهذه القوة كان ينتقدهم، وكان فضيلة المرشد يعرف كل شيء، وعندما قال له "أحمد حسين" ذات مرة إن (الإخوان) يأخذون أموالاً من الإنجليز، قال له الأستاذ "البنا": (الإخوان) لم يمدوا أيديهم لأحد، ومن يتكلمون هم الذين يمدُّون أيديَهم، وذكر الإمام الشهيد وقتَها حادثةً معينةً، قال فيها: إنه يوم كذا وشهر كذا حصلت (مصر الفتاة) على أموال كذا.

وحول ما أثير عن علاقة الإخوان بالقصر يقول: الإخوان) لم يروِّجوا أن فاروق خليفة المسلمين؛ ولكنَّ شيخ الأزهر الشيخ "المراغي" كان يروِّج إلى أن الملك هو خليفة المسلمين، وكان ذلك في بداية توليه العرش، وقبل أن تلتف حوله البطانة السيئة، وكان في بداية توليه قد سلك طريقًا يأمل فيه أن يكون خليفةَ المسلمين، وأوعزوا لشيخ الأزهر أن يؤيده؛ لكن (الإخوان) لم يفعلوا ذلك؛ لأن الإمام "البنا" كان يبعد عن الاحتكاك بأصحاب السلطة.

وحتى تسوء سمعة (الإخوان) ادعوا أن (الإخوان) على صلة بالملك تارةً، وعلى صلة بالإنجليز تارةً أخرى، وحتى عام 1951م عندما دعا الملك المستشار "حسن الهضيبي"- رحمه الله- لمقابلته، وكانت مقابلة الملك تتم ببدلة التشريفة، فعندما أرسلوا إلى الأستاذ "الهضيبي" قال له السكرتير: لابد أن تلبس بدلة التشريفة، قال له: ليس لديَّ بدلة تشريفة، فقال له: سوف نحضرها لك، فقال: لن أرتديها، فقال: الملك يأتي بأي شيء، وعندما وصل لمقابلة الملك استقبله الأخير، ولم ينحنِ الأستاذ "الهضيبي" لتحية الملك، وكان الملك في ذلك الوقت يرتَجِف من (الإخوان)؛ لأنه كان متَّهمًا بقتل الإمام الشهيد "حسن البنا"، وبالتالي يريد نفيَ هذه التهمة؛ لذلك عندما جلس مع "الهضيبي" قال له: الذي قتل الإمامَ (السعديُّون).. فقال له الأستاذ: نحن نعرف كل حاجة، وعرض الملك على الأستاذ "الهضيبي" بعض الخدمات، وألمَحَ له إلى تشكيل وزارة لإرضاء (الإخوان)، وخرج الإمام "الهضيبي" ورافَقَه الملك، وأحضر السكرتير صورةً تذكاريةً للملك، فأخذها "الهضيبي" ووضعها في المطبخ.

وحول ما قيل عن علاقتهم بالأمريكان: (الإخوان) لم يتَّصلوا بالأمريكان، وقد اتصلوا بالإنجليز فقط بعد حرب القناة؛ حيث رغب الإنجليز في الخروج من مصر، وأرادوا التفاهم مع (الإخوان)، وقد قال جنرالهم في الإسماعيلية: "طالما أن هناك (الإخوان المسلمون) فليس لنا وجود في مصر"؛ ولذلك بدأ الإنجليز الاتصال بـ(الإخوان) أواخر 1953م؛ ولكنهم شعروا أن "عبد الناصر" يعمل ضد (الإخوان) فأخَّروا هذا القرار.

وطلب "أفنز"- مسئول السفارة الإنجليزية في القاهرة- من "محمد نجيب" و"عبد الناصر" أن يتحاوروا مع (الإخوان)، ووافقَ "نجيب" و"عبد الناصر" على هذا اللقاء، واتخذ "عبد الناصر" من هذه الواقعة تكأةً لإلصاق تهمةِ اتصال (الإخوان) بالإنجليز، رغم أن الإنجليز كان من مقدورهم أن يقبضوا على الثورة، لولا وجود (الإخوان المسلمون)، فالثورة نجَحت لأن (الإخوان) كانوا موجودين في القاهرة، ونجاح هذه الثورة كان يكمُن في عدم تدخل الإنجليز.

وعن معلوماته حول الثورة يقول: الإخوان) كان لهم دور فعَّال.. فالإنجليز أنفسهم قالوا: طالما أن هناك (إخوان) فلن ندخل القاهرة؛ فضلاً عن ذلك كان للصاغ "محمود لبيب" ومجموعة من ضباط (الإخوان) في الجيش دورًا فاعلاً في نجاح الثورة، والصاغ "عبدالمنعم عبدالرؤوف" أحد ضباط (الإخوان) كان لهم جميعًا دور بارز في نجاح الثورة، فهو الذي قام بالسيطرة على قصر (رأس التبِّين) بالإسكندرية، وأثناء حصاره لقصر (رأس التبين) أطلق "عبدالمنعم عبدالرؤوف" النارَ على القصر إلى أن طلبوا أن يسلموا السلاح ويستسلموا، ودخل "علي ماهر"- رئيس الوزراء في ذلك الوقت- على الملك وطلب منه أن يستسلم.

و (الإخوان) لم يطمعوا في الحكم، ولو كانوا يريدون الحكم لأخذوه أيام الملك، بعد أن عرض عليهم الوزارة ورفضوها، لأن (الإخوان) حركة إسلامية لا يمكن أن تأتي في مجتمع لا يطبق الإسلام، وبالتالي لم يحِن وقتُه، وإذا حدث فسوف تكون هناك مذابح.

وكان عبد الناصر يعلم قوة (الإخوان) وتأثيرَهم في الشارع المصري، فـ"عبد الناصر" كان يمكُر لـ(الإخوان) منذ أول يوم للثورة، و(الإخوان) كانوا يعلمون ذلك، و"الهضيبي" أدرك ذلك، وقال: إن "عبد الناصر" ليس من (الإخوان).. نحن بايعنا على العمل للإسلام و"عبد الناصر" بايع، إلا أنه لم يلتزم بهذه البيعة.

محن واعتقالات

ابتلى الدكتور العريني بالعديد من الاعتقالات حيث سُجِن عام 1948م لمدة عام، وسُجِن عام 1954م ثلاثة أشهر، ثم سُجن في محنة 1965م سنةً كاملة، وسُجِن عام 1996م ثلاث سنوات في قضية (حزب الوسط).

ففي قضية حزب الوسط (القضية رقم 1996/5 جنايات عسكرية) حيث تم اعتقال 13 من قيادات ورموز الجماعة علي رأسهم محمد مهدي عاكف وأبو العلا ماضي و 11 من قيادات الإخوان المسلمين

قائمة بأسماء المحالين في القضية :

  1. الدكتور عصام حشيش
  2. الدكتور عبد الحميد الغزالي
  3. الدكتور جمال عبد الهادي مسعود
  4. الدكتور رشاد البيومي
  5. الدكتور مصطفي طاهر الغنيمي
  6. مجدي العارف أنور
  7. محمد إبراهيم بدوي
  8. محمود أحمد العريني
  9. محمود علي أبو رية
  10. عبد العظيم المغربي
  11. حسن جودة عبد الحافظ،

حيث حكم علي ثمانية من المحالين للقضاء العسكري بثلاث سنوات وأطلق سراح 5 من المعتقلين علي ذمة القضية.

رحيل

عاش الدكتور محمود العريني وفيا لدعوته وظل كذلك حتى رحل بعد أن رحل شقيقه في عام 2012م وتقدم المرشد العام الدكتور بديع بمواساته إلا أنه وبعد أن رأى المحنة الشديد التي عاشتها الجماعة مرة أخرى رحل في صمت في يوم الاثنين 3 رمضان 1438 هـ، الموافق 29 مايو 2017 م.