محمود شيث خطاب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمود شيث خطاب
(1337هـ = 1419هـ = 1919م ـ 1998م)
اللواء الركن محمود شيث خطاب في سطور


  • وُلد في الموصل سنة 1919م، في أسرة كريمة شريفة الأصل.
  • تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدارس النظامية، وواظب على حضور حلقات العلم في المساجد.
  • التحق بالكلية العسكرية سنة (1356هـ=1937م) وتخرج فيها ضابطًا.
  • شارك في ثورة "رشيد عالي الكيلاني"، وفي حرب سنة 1948م ضد اليهود.
  • اعتُقل في عهد "عبد الكريم قاسم" لمدة عام ونصف.
  • تولى عدة وزارات في حكومة عبد السلام عارف.
  • تفرّغ للتأليف والكتابة في الصحف والدوريات الكبرى.
  • تنبأ بموعد قيام إسرائيل بضرب مصر وسوريا في سنة 1967م، وحدد يوم الضرب بدقة شديدة.
  • ترك اللواء الركن ما يقرب من سبعين كتابًا في التاريخ العسكري والسياسي: وتراجم القادة، بالإضافة إلى عدد من الأعمال الإبداعية.
  • اختير في عدد من المجامع والهيئات العلمية.
  • تُوفي في سنة (1419هـ = 1998م).


توطئة

عرف التاريخ الإسلامي عددًا قليلاً ممن جمعوا إلى مهارة فنون القول مهارة الحرب والقتال، وإلى رهافة الحس والشعور، جسارة القلب الهصور، يجيدون التحليق في آفاق الخيال، كما يجيدون خوض ميادين القتال، واشتهر من هؤلاء "أسامة بن منقذ" الفارس الشاعر، و"محمود سامي البارودي" رب السيف والقلم، و"حافظ إبراهيم" شاعر النيل، واتضم إلى هذه الكوكبة "محمود شيث خطاب"، القائد العسكري، والكاتب البارع، والمؤرخ الحصيف، والمبشر بأمجاد الإسلام، والمستنطق لأحداثه، والمتتبع لأعلامه، لتكون مصابيح هدى، ومعالم طريق للأجيال اللاحقة.

المولد والنشأة

وُلد(محمود بن شيث خطاب) في مدينة الموصل، شمالي العراق، سنة (1337هـ= 1919م)، ونشأ في أسرة كريمة الأصل، شريفة النسب، فأبوه ينتهي نسبه إلى "الحسن بن عليّ بن أبي طالب"، وأمه بنت الشيخ مصطفى بن خليل، من علماء الموصل. وقد احتضنته جدته لوالده، وتعهدت بتربيته، وكانت امرأةً صالحةً تقوم الليل، وتعطف على الفقراء، وتجود عليهم بما تملك، وتغشى المساجد للصلاة وسماع دروس العلم، وكان لهذه النشأة الكريمة أثرها في نفس الطفل الصغير؛ فشب مفطورًا على الصلاح محبًا للخير.

وتلقى تعليمه الأوليّ في إحدى الكتاتيب، حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ نصف القرآن الكريم، ثم انتقل إلى المدارس النظامية، فأتم المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وحرص في العطلات الدراسية على دراسة اللغة العربية والعلوم الشرعية على ألمع شيوخ الموصل في المساجد.

في الجيش

وبعد أن أنهى دراسته الثانوية التحق بالكلية العسكرية العراقية سنة (1356هـ= 1937)، وتخرّج فيها في العام التالي برتبة ملازم، وعمل ضابطًا في سلاح الفرسان، وعندما اشتعلت ثورة "رشيد عالي الكيلاني" ضد الإنجليز سنة (1360هـ =1941م) اشترك في الثورة العارمة، وشارك فيها مشاركة فعالة، وجُرح في تلك المعارك جروحًا بالغةً كادت تقضي على مستقبله العسكري، لكن اللهَ سلَّم.

ثم التحق بكلية الأركان والقيادة، وتخرج فيها سنة (1367هـ = 1947م) برتبة نقيب ركن، وشارك في حروب سنة (1368هـ = 1948م) ضد اليهود في فلسطين بطلب منه قدمه إلى قادته؛ ليكون ضمن القوات العراقية المتجهة إلى فلسطين، وقد شارك في عدة معارك، وضرب أروع الأمثلة في الشجاعة وحسن التصرف، ومكث في جنين أكثر من عام، ثم جاءت الأوامر بعودة الجيش العراقي!!، فعاد معه.

ثم التحق بكلية الضباط الأقدمين في العراق، ونال شهادتها سنة (1374هـ = 1954م)، ثم أُوفد إلى بريطانيا سنة (1375هـ = 1955م) في بعثة دراسية عسكرية عليا، وكان الأول على من معه من الدارسين في هذه البعثة، وكانوا نحو مائة ضابط من جنسيات مختلفة.

دخول المعتقل

تولّى (محمود شيث خطاب) مختلف المناصب القيادية والأركان حتى وصل إلى رتبة لواء ركن، وظل طوال هذه الفترة ضابطًا ملتزمًا متمسكًا بأخلاق الإسلام والمثل العليا الكريمة، جادًا في عمله، بعيدًا عن مواطن الشبهات التي كان كثير من زملائه يقعون فيها، وكان الاحتلال الإنجليزي قد أفسد حياة الجندية في الجيش العراق، وسرّب إليه قيمًا فاسدةً، ولم يكن من الضباط من يستطيع مقاومةََ هذا الانحلال إلا من كان مُزودًا بالحصانة القادرة على الثبات في وجه الأعاصير.

وفي أثناء المد الشيوعي خلال حكم "عبد الكريم قاسم" تصدَّي (محمود شيث خطاب) للشيوعيين، وحال بينهم وبين التنكيل بالناس، والتعدي على الحقوق والأعراض، فأغضبهم ذلك، ووشَوا به إلى "عبد الكريم قاسم"، فأمر باعتقاله سنة (1379 هـ = 1959م)، وتعذيبه في السجن، وبقي في السجن عامًا ونصف ذاق خلالهما صنوفًا من العذاب الوحشي، وتكسرت عظامه، فأخرجوه من السجن وهم لا يشكون أنه هالك لا محالةَ، لكنَّ اللهَ عافاه وعاد إلى ما كان عليه من قوة وفتوة.

في الوزارة

بعد تولِّي "عبد السلام عارف" تقاليد الأمور في العراق سنة (1382هـ = 1962م) استدعى صديقه "شيث خطاب"؛ ليكون إلى جواره، وأصرّ على أن يكون معه في المسئولية؛ لأمانته وكفاءته، وكان الرئيس "عبد السلام" محبًا للخير مُريدًا للإصلاح، وإزاءَ إصرارِ الرئيس شارك اللواء "خطاب" في عدة وزارات، ثم انتهز أولَ فرصة سنحت له، فاستقال سنة (1384هـ = 1964هـ) وآلى على نفسه أن يتفرغ للعلم الذي يريد أن ينصرف إليه بكليته.

ثم اختير في سنة (1388هـ = 1968م) وزيرًا للمواصلات، وكان في ذلك الوقت في القاهرة يعمل رئيسًا للجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية، واعتذر عن قبول المنصب، وآثر العمل في المجالات العلمية على العمل في المناصب الحكومية، وعندما عاد إلى بغداد سنة (1393هـ = 1973م) عرض عليه الرئيس العراقي "أحمد حسن البكر" عدةَ مناصب حكومية رفيعة، لكنه اعتذر عنها وتفرغ للعمل العلمي وتأليف الكتب.

مواقفه واتجاهاته

لم يكن اللواء الركن (محمود شيث خطاب) رجلاً عسكريًا يهوى الدراسات التاريخية والعسكرية، بل كان مفكرًا نافذَ العقل على بصيرة من أمره، مُلمًا بقضايا أمته، لذلك كانت له مشاركاتُُ شتّى في مختلف مناحي الحياة.

وكانت صفة الجندية تغلب عليه، وهي تعني الانضباط والالتزام ونجدة الملهوف، ومد يد العون إلى من يحتاج إلى مؤازرةٍ ومعاونة، فوقف إلى جانب دعاة الإسلام في محنتهم، فسعى إلى الرئيس "عارف" أن يتدخل لدى "جمال عبد الناصر" للإفراج عن صاحب الظلال "سيد قطب"، ونجحت مساعيه الكريمة في الإفراج عنه، وزاره اللواء الركن في السجن وبشره بخبر الإفراج عنه، فخرج "سيد قطب" من السجن، ثم عاد إليه مرة أخرى بعد فترة قصيرة حيث قضى نحبه شهيدًا على أعواد المشانق.

وكان اللواء الركن يحذر من استعمال اللهجات المحلية، ويراها تقف حاجزًا دون الوحدة الفكرية بين العرب، وهاجم دعاتها هجومًا عنيفًا، وقرن بين الدعوة إلى استخدام العامية والدعوة إلى استخدام الشعر الحر، وكان يرى أن "الشعر الموزون المقفىَّ هو من دعائم اللغة العربية، والدعوة إلى الشعر الحر أصلها صهيوني.."، وكان يرى أن اللغة العربية عالميةُُ متغلغلةُُُ في العالم شرقًا وغربًا، وقد دخلت في كثير من لغات العالم، كالروسية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، فضلاً عن اللغات الإسلامية كالتركية والفارسية، وهاجم الدعوة إلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية تحت أية ذريعة، لأن في ذلك قطع صلة المسلمين بقرآنهم.

ودعا إلى الوحدة العربية "فالوحدة قدر، والقدر أقوى من البشر، بها يكون العرب كلَّ شيء، وبدونها يكون العرب لا شيء، وهي سلاح يقضي على إسرائيل، والتفرقة سلاح يقضي على العرب، وآمن أن الإسلام هو الحل لسائر قضايا الأمة السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، فنحن أمة أعزنا الله بالإسلام، فإذا طلبنا العزة بغيره أذلنا الله.

كتبه ومؤلفاته

كان اللواء الركن (محمود شيث خطاب) كاتبًا غزير الإنتاج عميق الفكر، قدّم للمكتبة العربية والإسلامية سلسلةَ كتب لتراجم قادة الفتح الإسلامي، مدفوعًا برسالة حملها في نفسه بعد أن لمس أن هؤلاء القادة على عظمتهم وقيمة تضحياتهم لا تُعرف حتى أسماء أكثرهم، وما يُعرف عن بعضهم لا يتجاوز بعض المعلومات السطحية. فنهض لهذه المهمة، وقدم نحو عشرين كتابًا في هذا المضمار، منها:


ـ الرسول القائد.

ـ الصديق القائد.

ـ خالد بن الوليد المخزومي.

ـ قادة النبي- صلى الله عليه وسلم-.

ـ سفراء النبي-صلى الله عليه وسلم-.

ـ قادة فتح العراق والجزيرة.

ـ قادة فتح بلاد فارس.

ـ قادة فتح بلاد المغرب العربي.

ـ قادة فتح السند وأفغانستان.

  • وقدّم في الدراسات العسكرية نحو ثلاثين كتابًا، منها:

ـ بين العقيدة والقيادة.

ـ إرادة القتال في الجهاد الإسلامي.

ـ جيش النبي-صلى الله عليه وسلم-.

ـ أهداف إسرائيل التوسعية.

ـ دراسات في الوحدة العسكرية العربية.

ـ العدو الصهيوني والأسلحة المتطورة.

ـ الأيام الحاسمة قبل معركة المصير: وقد صدر هذا الكتاب في بغداد سنة 1967م، وهو مجموعة من الدراسات العسكرية كتبها ونشرها بين يومي 30 من شهر مايو، والخامس من شهر يونيه سنة 1967م، وفي هذا الكتاب حدّد اليوم الذي ستقع فيه المواجهة بين العرب واليهود، بعد أن استعرض استعداد القوات الإسرائيلية وحلّل خطتها، وأعلن هذا في عبارة دقيقة واضحة في المقالة التي نشرها قبل اندلاع الحرب بستة أيام، قال: "أما متى تبدأ الحرب؟ فالنفير الإسرائيلي يكمُل خلال أسبوعين، وقد بدأت بتنفيذ خطة نفيرها بتاريخ 23/5/1967م، وينتهي نفيرها يوم 5/6/1967م، وفي خلال هذه الفترة يمكن إنجاز خطط الحركات والخطط الإدارية، وخطط التنقل، وخطط تعيين القيادات وإصدار الأوامر إليها، وعلى ذلك ستهاجم إسرائيل القوات العربية يوم 5/6/1967م".

  • وفي مجال المعاجم اللغوية المتخصصة قدّم عددًا من الأعمال تشهد على تضلعه باللغة العربية، يشهد على ذلك عضويته في المجامع اللغوية العربية، ومن هذه الأعمال:

ـ المعجم العسكري الموحد (عربي ـ إنجليزي)

ـ المعجم العسكري الموحد (إنجليزي ـ عربي)

ـ المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم.

وإلى جانب هذه المؤلفات كان اللواء (خطاب) يكتب دراسات ومقالات متنوعة في عدد من الصحف والمحلات العربية والدوريات الرفيعة المستوى، مثل مجلة مجمع اللغة العربية بمصر، ومجلة الأزهر، ومحلة العربي، والوعي الإسلامي، ومجلة معهد البحوث والدراسات العربية، ومجلة المجمع العلمي العراقي، وغيرها، وقدم أحاديث في الإذاعة المسموعة والمرئية عن التاريخ الإسلامي العسكري.

في الهيئات والمجامع العلمية

كان اللواء (محمود شيث خطاب) معروفًا في الأوساط العلمية كما هو معروف في الأوساط العسكرية والسياسية، فسعت إليه المجامع العلمية بعضويتها، فكان عضوًا في المجمع العلمي العراقي منذ سنة (1383هـ = 1963م)، واختير عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر سنة (1388هـ= 1968م)، وهي الهيئة التي أنشئت بديلاً عن هيئة كبار العلماء بالأزهر، واختير عضوًا مراسلاً في مجمع اللغة العربية المصري سنة (1386هـ = 1966م) ومجمع اللغة العربية بدمشق في السنة نفسها، ثم اختير عضوًا في مجمع اللغة العربية الأردني سنة (1400هـ = 1979م)، وكان عضوًا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وفي المجلس الأعلى للمساجد بمكة المكرمة من سنة (1395هـ = 1975م)، ثم انضم إلى أعضاء المجمع الفقهي بعد ذلك بعامين بمكة، وهو المجمع الذي يضم أساطين الفقه في العالم الإسلامي.

وفاته

قضى اللواء الركن حياته في خدمة العروبة والإسلام، وشارك في التنوير والوعي وكشف اللثام عن جوانب مع تاريخنا المشرق، وقدّم نماذج وضاءة من أعلام التاريخ الإسلامي، وشاء الله له أن تمتد حياته ويرى ما حلّ بالعراق من مصائب، وما أصابه من تدمير بعد غزو الكويت، وما نزل به من ظلم وحيف بعد الحصار الظالم الذي فرضته دول الظلم الكبرى، حتى لقي الله وقلبه مخزون من أحوال أمته المتردية في صباح يوم (23 من شعبان 1419 هـ= 13 من ديسمبر 1998م) دون أن يشكو من مرض أو علة....

أهم المراجع

  • مهدي علام: الأعضاء المراسلون لمجمع اللغة العربية ـ القاهرة ـ 1985م.
  • أنور الجندي: أعلام القرن الرابع عشر الهجري ـ مكتبة الأنجلو المصرية ـ القاهرة ـ 1981م.
  • محمد المجذوب ـ علماء ومفكرون عرفتهم ـ دار الاعتصام ـ القاهرة.