محمود عبده

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمود عبده ..البطل المجاهد


بقلم / علاء ممدوح

أ- تعريف

اليوزباشي محمود عبده ... اسم سطر بأحرف العزة والبطولة و الصمود على صفحات تاريخ الجهاد الإخواني من أجل رفع راية الإسلام عالية في الآفاق .

إنه قائد كتائب الإخوان المتطوعين للجهاد على ثرى فلسطين الأباء ، وهو أيضا قائد العمليات البطولية الجريئة في القنال ضد الاحتلال البريطاني على أرض مصر الحبيبة .

إن أكثر ما يميز محمود عبده هو شدة حبه للجهاد في سبيل الله تعالى ، واشتياقه للقيا الله بشهادة ينالها مقبلا غير مدبر .

وكيف لا يكون حب الجهاد و الشهادة مستقرا في سويداء قلبه وهو أحد إخوان الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين .. هذا الرعيل الذي عايش الإمام حسن البنا عن قرب فتعلموا منه معنى شمولية الإسلام ، و حملوا هم الدعوة بل وافتدوها بأرواحهم و أموالهم و أهليهم .

فكيف بدأ الجهاد على أرض فلسطين ؟.. وكيف سطر و إخوانه روائع البطولات ورفعوا رايات النصر من أرض فلسطين ؟.. وما هي قصة المكافأة المفاجأة التي أعدتها الحكومة لهؤلاء الأبطال ؟!!..

وما المعارك البطولية الفذة التي قدمها الإخوان بقيادته على أرض القنال ؟.

وكيف قضى 19 عاما مع الإخوان خلف الأسوار ؟.

كلها تساؤلات .. تأتي إجاباتها في الأسطر الآتية .

ب- الكتائب الاستشهادية .. على ثرى فلسطين الأبية

أرض فلسطين .. إنها منية كل مجاهد ، تهفو إليها نفسه ،و ترنوا لها عيناه .. ولسان حاله يردد ما أحلى الشهادة في أكناف بيت المقدس وعلى عتبات الأقصى .

ومجاهدو الإخوان كانت لهم بصماتهم المتميزة من خلال بطولاتهم الفذة ، والتي كادت أن تغير الواقع و تعيد الدفة إلى الصفوف الإسلامية مرة أخرى ، لولا ما حدث من غدر وخيانة من قبل الحكومات مثبتة وموثقة على صفحات التاريخ .

ولكن كيف كانت بداية إعداد الإخوان للجهاد على أرض فلسطين ؟

1- البداية المباركة

بداية انطلق الإخوان في حملة لتوعية الناس بهذه الفريضة الغائبة عن الأذهان ،بل وغير المعروفة لكثير من الناس الذين كانوا لا يعرفون من الإسلام إلا الصلاة و الصوم و الزكاة ، فكانت تنظم المحاضرات في هذا الشأن .

يتكلم فيها الأخ عن فريضة الجهاد ، وما أعده الله تبارك وتعالى للشهيد من الكرامات والحور العين والنعيم المقيم في جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين.

وأثمرت هذه الفعاليات ليس على الصعيد الإخواني فقط ، بل وعلى الصعيد العام حيث أدى ذلك إلى دخول كثير من الناس في ركب جماعة الإخوان المسلمين

ثم قدمت استمارات التطوع كي يملأها المتطوعون من الإخوان ، وأقبل الإخوان أفواجا أفواجا ، ولا عجب فحب الجهاد قد ملك عليهم الفؤاد.

ثم بدأت مسيرة المجاهدين في الرحيل على أفواج ، يقول الأستاذ محمود الصباغ  :" سافر الفوج الثالث من متطوعي الإخوان إلى فلسطين عن طريق سوريا:

في مارس سنة 1948 سافر الفوج الثالث من متطوعي الإخوان إلى فلسطين، بعد أن تم تجهيزه بالسلاح والعتاد وكان يتكون من ثلاثة فصائل، وزعها الإمام الشهيد بنفسه وعين على كل منها قائدًا يتولى قيادتها، وقد كان الأخ علي صديق قائدًا للفصيلة الأولى والأخ مالك نار قائدًا للفصيلة الثانية، والأخ يحيى عبد الحليم قائدًا للفصيلة الثالثة، وتولى قيادة الكتيبة الأخ محمود عبده.

ففي الوقت الذي كانت فيه القوة الأولى ترابط في النقب وتفتتح أولى معارك الجنوب في ((كفار ديروم)) في (14 إبريل ستة 1948) كانت القوة الثانية بقيادة اليوزباشى (محمود عبده) تنتقل إلى معسكر ((قطنة)) بسوريا لتستكمل تدريبها ثم ترابط فترة في النقب وتشترك مع زميلتها الأولى وأخبرا تصحب الشهيد ((أحمد عبد العزيز)) في جولته الموفقة قبل أن يستقر في جنوب القدس ويكون من نصيب هذه القوة أن يوكل لها مهمة الدفاع عن مرتفعات ((صور باهر)) الحصينة وهناك تلحق بها قوة كبيرة من الإخوان المسلمين في شرق الأردن بقيادة المجاهد ((عبد اللطيف أبو قورة رئيس الإخوان في عمان وتندمج القوتان في فرقة واحدة متحدة القيادة ليكون لها الفضل بعد ذلك في المحافظة على تلك المرتفعات وعرقلة الخطط اليهودية التي كانت ترمى إلى احتلالها لتتحكم في القوات المصرية المتطوعة المرابطة في مناطق ((الخليل وبيت لحم )).

ولم يكن الإخوان في سوريا بأقل نصيبا من غيرهم إذ أدخلا قوة من رجالهم يقودها الأستاذ ((مصطفي السباعي)) رئيس الإخوان في دمشق عملت بهمة ونشاط في مناطق ((المثلث ))والقدس)) وساهمت مساهمة فعالة في الدفاع عن هذه المناطق الحيوية وكانت القوات غير النظامية التي شكلتها شعب الإخوان في فلسطين تعمل منذ بداية الحركة في المناطق الشمالية والوسطى تحت القيادات العربية المحلية وتقوم بغارات ناجحة على مستعمرات اليهود وطرق مواصلاتهم رغم الضعف الشديد الذي كانت تعانيه سواء في التسليح أو التدريب ."

وفيما يلي سوف نعرض لمعارك قادها محمود عبده على أرض فلسطين كبدت اليهود خسائر فادحة في العدد و العتاد ، بل و حطمت حالتهم المعنوية أيما تحطيم :

2- بئر سبع .. خندق ونصرة .. كغزوة الخندق

يقول الأستاذحسن دوح واصفا هذه المعركة :

" من أشهر المعارك الإخوانية في فلسطين.. معركة بئر السبع وقد أشرف على هذه المعارك القائد محمود عبده ومن أجمل ما فعله في بئر سبع أنه حفر حول المدينة خندقا كذلك الذي حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم حول المدينة، ولقد استعصى على العدو الصهيوني عبور هذا الخندق .. ولم تكتف قوة الإخوان بحماية المدينة ولكنها كانت تغير على المستعمرات المرابطة بالقرب من بئر السبع.. وتقطع الطرق المؤدية إليها وقد استشهد بعض الإخوان في هذه المعارك وقد ذكرت في كتاب شهداء على الطريق قصة الشهيد على صبري."

ويحكي الأستاذ كامل الشريف أيضا عن هذه المعركة ،يقول :

" ولقد حاول اليهود في (7) مايو توصيل بعض المؤن إلى مستعمراتهم المحصورة وكان فى الطريق نسف هذا الجسر حين مرور القافلة فوقه وفعلا قامت قوة من بئر السبع بقيادة المجاهد (على صديق )) وبثت الألغام تحت الجسر .

واختبأت داخل الشعاب والمنحنيات القريبة ولم يطل بها الانتظار إذ تقدمت قافلة العدو وهي جاهلة تماما ما ينتظرها .

فما إن توسطت الجسر حتى انفجرت الألغام الهائلة وتطايرت أجزاء الجسر في الهواء وانقلبت مصفحات العدو في الوادي السحيق وانتهز الإخوان الفرصة فقاموا يقتلون كل من تظهر رأسه تحت الردم .

وأسفرت المعركة عن قتل عدد من جنود الأعداء وأسر عدد آخر من المصفحات أطلق الإخوان على أكبرها اسم قائدها (محمود عبده) وكما أرهب محمود عبده (الضباط) اليهود بخططه وكمائنه فقد أرهبت محمود عبده (المصفحة) اليهود بعد ذلك حين كانت تشترك عمليا في جميع الدوريات الناجحة!"

ويقول أيضا الأستاذ كامل الشريف :

" وفي يوم (20) مايو زحف أحمد عبد العزيز إلى الخليل على رأس قوة صغيرة تاركا مهمة الدفاع عن مدينة (بئر السبع) ومنطقتها لليوزباشى (محمود عبده) وفصائل الإخوان المسلمين التي تعمل تحت قيادته ولندع أحمد عبد العزيز يواصل زحفه إلى الخليل ولنقف نحن قليلا مع حماة بئر السبع حيث نشهد طرفا من أعمالهم الرائعة .

قرر اليوزباشى ((محمود عبده )) محاصرة المستعمرة وإنهاك قوى العدو بالغارات المتواصلة على مواصلاته ومراكزه وأخذ يبعث بالدوريات المسلحة لتجوب الصحراء وتعترض طرق القوافل وترغمها على الفرار تاركة خلفها الكثير من الأسلحة ومعدات الحرب ."

ويحدث الأستاذ محمود الصباغ عن كتيبة الإخوان في بئر سبع قائلا :

" عسكرت كتيبة الإخوان في المدرسة الثانوية ببئر سبع وكانت الدراسة معطلة وأمر قائد الكتيبة الأخ محمود عبده سرعة تحصين المدرسة لأهميتها، وكلف أفراد الكتيبة بحفر الخنادق وإعداد الدشم من جميع الجهات، وتطوع كثير من أهالي البلدة وشبابها مساهمين في هذا العمل العسكري دفاعًا عن مدينتهم كما تطوع الكثير منهم لحمل السلاح وكانوا شجعانا أوفياء.

هجوم العدو على المدينة وإلحاق خسائر ضخمة به في كل مرة:

حاول العدو مرات ومرات مهاجمة المدينة بمصفحاته ومدفعياته ولكنه كان يرد في كل مرة تاركا خلفه الكثير من الجرحى والقتلى، حتى يئس وتقوقع داخل مستعمراته وبدأ دور الإخوان في الهجوم.

لما شاهد الأهالي تتابع هجمات كتيبة الإخوان على مستعمرات العدو في هذه المنطقة تحمسوا وقرروا التعاون مع أفرادها، فأسر الشيخ سلامة بن سعيد من أثرياء المدينة إلى قائد الكتيبة بأخبار عن تحرك العدو في طريق مجهولة، ويمكن لقناصة الإخوان اقتناصه، وعلى الفور أمر الأخ محمود عبده قائد الكتيبة تجهيز سرية من سبعة أشخاص بقيادة الأخ علي صديق، يكونون جميعًا من أمهر الكفاءات القتالية مع تجهيز الألغام الكهربائية اللازمة لنسف الجسر الذي تمر فوقه مصفحات العدو.

وفي المساء تحرك علي صديق ومعه أفراد الكمين في سيارة وحملوا كل لوازمهم من ذخيرة وألغام مضادة للمصفحات وجهاز لاسلكي ومواد تموينية جافة تكفي لمدة ثلاثة أيام، وألبس أفراد السرية ملابس بدوية حتى وصلوا إلى الطريق الإسفلتي، ثم وضعوا أمتعتهم فوق ظهر الجمال حتى يظنهم الرائي من البدو الرُّحَّل، وقادهم دليل من اختيار الحاج سلامة وهم في طريقهم إلى المستعمرة يسترهم ظلام الليل البهيم.

قد سر قائد الكتيبة فور إبلاغه لاسلكيا يبدأ المعركة وأرسل فرقة لضرب إحدى المستعمرات لتعطيل خروج أي نجدات منها، أما المستعمرة الثانية فقد أخرجت نجدة إلى أرض المعركة وبدأت في نقل القتلى والجرحى في عربات نقل تحت وابل من نيران الإخوان وهم في خنادقهم لا يراهم أحد، وقد وقع في هذه النجدة العديد من الإصابات.

ثم انسحب الإخوان عندما رأوا عربة جنود تحاول تطويقهم، وشاءت إرادة الله أن تصل فرقة من إخوان بئر سبع بمجرد رؤيتهم لهذه السيارة حاملة الجنود أسرعوا في إطلاق النار عليها فولت هاربة إلى داخل المستعمرة ولم يجرؤ أحد من اليهود على الخروج.

ثم قام الإخوان بجمع السلاح المتخلف عن الأعداء، وقضوا ليلة في حراسة المصفحة التي لم تصب من الضربة لمتانتها حتى حضر الأخ محمود عبده في الصباح ومعه جرار كبير استطاع أن يرفعها لتقف على عجلاتها، ثم تمت قيادتها إلى بئر سبع وسط فرح الأهالي وتكبيرهم."

3- التبة " تبة الإخوان"

يحكي لنا وقائعها الأستاذ محمود الصباغ فيقول :

" احتلال تبة «اليمن» وإطلاق اسم تبة الإخوان المسلمين عليها:

حاول اليهود الهجوم على (صور باهر) غير أن هجماتهم المتكررة تكسرت تحت تحصينات الإخوان القوية، فقرروا الاستيلاء على المرتفعات المجاورة، للانقضاض منها على (صور باهر)، وعلى قيادة القوات الخفيفة في بيت لحم، وحشدوا حشودهم لهذا الغرض.

فأرسل الأخ محمود عبده قوة كبيرة لتقوم بهجوم مضاد، تستعيد به تبة «اليمن» التي كانت أولى المرتفعات التي احتلها اليهود، وعين لقيادة هذه القوة الملازم أول خالد فوزي.

وقد نجح الإخوان في الهجوم الذي شنوه على اليهود الذين تراجعوا بعد مقاومة شديدة وخسائر من الطرفين، وقد وصفت قيادة بيت لحم هذا الهجوم في إشارتها إلى قيادة الجيش بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1948 تقول:

قام العدو بهجوم عنيف على جميع مواقعنا الدفاعية تحت ستار غلالة شديدة من نيران الأسلحة الأوتوماتيكية والهاونات وقاذفات الألغام والمدفعية الثقيلة، صدت قواتنا الهجوم وتمكن العدو من الاستيلاء على مواقعنا بجبل «اليمن."

4- عسلوج .. وغلبة الفئة الصغيرة المؤمنة

يقول عنها الأستاذ محمود عبد الحليم :

" كان احتلال العسلوج يعني قطع مواصلات الجيش المصري في الجبهة الشرقية ؛ مما دعا القيادة العامة إلي تنظيم خطة لاستردادها .

وفي اليوم التالي تحركت قوة كبيرة من الجيش النظامي تعاونها المدفعية والسيارات المدرعة ، ولكنها فشلت في الاقتراب من القرية لاستماتة العدو في الدفاع عنها .

فاستنجدت القيادة العامة بالبكباشي أحمد عبد العزيز الذي وكل الأمر لليوزباشي محمود عبده قائد الإخوان في " صور باهر " ليتولي إرسال قوة من رجاله تسترد هذه المواقع ، وأترك وصف النتيجة لسعادة اللواء أحمد محمد المواوي بك القائد العام وهي مقتبسة من شهادة أدلي بها بين يدي القضاء في إحدى قضايا الإخوان المسلمين التي عرفت باسم " قضية سيارة الجيب " وكانت إجابته ردًا علي سؤال وجهه إليه الدفاع في القضية المذكورة .- هل كلفتم المتطوعين بعمل عسكري خاص عند مهاجمتكم العسلوج ؟..

- نعم ... العسلوج بلد تقع علي الطريق الشرقي واستولي عليها اليهود في أول أيام الهدنة .

ولهذا البلد أهمية كبرى بالنسبة لخطوط المواصلات ، وكانت رياسة الجيش تهتم كل الاهتمام باسترجاع هذا البلد ، حتى إن رئيس هيئة أركان الحرب أرسل لي إشارة هامة يقول فيها (لابد من كلا الطرفين من الجانبين ، فكلفت المرحوم أحمد عبد العزيز بك بإرسال قوة من الشرق من المتطوعين وكانت صغيرة بقيادة ملازم .

وأرسلت قوة كبيرة من الغرب تعاونها جميع الأسلحة ولكن القوة الصغيرة هي التي تمكنت من دخول القرية والاستيلاء عليها .

ولما سألوه المحامون عن السبب في تغلب القوة الصغيرة أجاب :

القوة الغربية كانت من الرديف وضعفت روحهم المعنوية بالرغم من وجود مدير العمليات الحربية فيها إلا أن المسألة ليست مسألة ضباط .. المسألة مسألة روح ، إذا كانت الروح الطيبة يمكن للضابط أن يعمل ما يشاء ، ولكن إذا كانت الروح ميتة فلا يمكن للضابط أن يعمل شيئًا ... لابد من وجود الروح المعنوية ."

ويقول أيضا الأستاذكامل الشريف:" كان احتلال هذا الموقع يعنى قطع مواصلات الجيش المصري في الجبهة الشرقية مما دعا القيادة العامة إلى تنظيم خطة لاسترداده وفي اليوم التالي تحركت قوة كبيرة من الجيش النظامي تعاونها والسيارات المدرعة ولكنها فشلت في الاقتراب من القرية لاستماتة العدو في الدفاع عنها .

فاستنجدت القيادة العامة بالبكباشى أحمد عبد العزيز وكل الأمر لليوزباشى محمود عبده قائد الإخوان في ((صور باهر)) ليتولى إرسال قوة من رجاله تسترد هذه المواقع وأترك وصف النتيجة لسعادة اللواء أحمد محمد على المواوى (بك) القائد العام للقوات المصرية وهي مقتبسة من شهادة أدلى بها بين يدي القضاء في إحدى قضايا الإخوان المسلمين التي عرفت باسم (قضية سيارة الجيب).وكانت إجابته ردا على سؤال وجهه إليه الدفاع في القضية المذكورة

-هل كلفتم المتطوعين بعمل عسكري خاص عند مهاجمتكم العسلوج؟

-نعم العسلوج بلد تقع على الطريق الشرقي واستولى عليها اليهود في أول يوم الهدنة ولهذا البلد أهمية كبرى بالنسبة لخطوط المواصلات وكانت رئاسة الجيش تهتم كل الاهتمام باسترجاع هذا البلد حتى إن رئيس هيئة أركان الحرب أرسل إلى إشارة هامة يقول فيها : (لابد من استرجاع العسلوج بأي ثمن) فكانت الخطة التي رسمتها لاسترجاع هذا البلد هي الهجوم عليها من كلا الطرفين من الجانبين فكلفت المرحوم أحمد عبد العزيز بإرسال قوة من الشرق من المتطوعين وكانت صغيرة بقيادة ملازم وأرسلت قوة كبيرة من الغرب تعاونها جميع الأسلحة ولكن القوة الصغيرة هي التي تمكنت من دخول القرية والاستيلاء عليها .

ولأهمية موقع القرية وتحكمها في الطريق وقربها من الحدود المصرية -طلب رئيس هيئة أركان حرب الجيش المصري من القائد العام ضرورة استردادها من اليهود بأي ثمن، وأرسل مساعد مدير العمليات الحربية إلى فلسطين لهذه المهمة، فصدرت الأوامر إلى كتيبة من الجيش المصري بأسلحتها المساعدة مع سرب من سلاح الطيران المصري في 17/ 7/ 1948 لتتحرك لمهاجمة العسلوج والاستيلاء عليها، وأخذ سلاح الطيران في ضرب موقع العدو ثم تلاه سلاح المدفعية، ولما جاء دور المشاة تعذر عليها دخولها.

استنجدت القيادة العامة بقوات المتطوعين، واتصلت بالمرحوم أحمد عبد العزيز لإرسال قوة تقتحم القرية، وتمهد لقوات الجيش احتلالها، واتصل هو بدوره بقائد الإخوان المسلمين الأخ اليوزباشي محمود عبده بموقع «صور باهر» على مشارف القدس.

وقد كلف الأخ اليوزباشي محمود عبده الأخ يحيى عبد الحليم باختيار فصيلة للقيام بهذه المهمة فاختار عشرين أخًا.

وكانت مهمة الاختيار عسيرة وصعبة فالكل والحمد لله على روح متساوية في الإيمان والجميع يبغي الشهادة والجميع يتمثل بقول القائل:

ركضًا إلى الله بغير زاد

إلا التقى وعمل الميعاد

والصبر على الله في الجهاد

وكل زاد عرضة للنفاد

غير التقى والبر والإرشاد

وهكذا وبمجرد أن شعر الإخوان أن هناك مهمة فدائية حتى تسابق وتدافع الجميع واقتحموا مكتب قائد القوة وكل منهم يريد أن ينال شرف الشهادة ويحصل على إحدى الحسنيين، وكان على رأس هؤلاء المطالبين بإلحاح في الاشتراك في هذه العملية الأخ شرف الدين قاسم من إخوان بورسعيد، فدخل مكتب القائد وصرخ بأعلى صوته أنت تحابي وتختار للشهادة غيري!!!.

وما كان القائد ليحكم العاطفة في هذا الموقف وأمره بالعودة إلى مكانه وذكره بحديث رسول الله (ص): «عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» فعاد الأخ شرف ليكون عينًا ساهرة في سبيل الله حقًا، ولكن بدموع باكية."

5- جبل المكبر ..و إصابة محمود عبده

يصف لنا أحداث هذه المعركة الأستاذكامل الشريف بقوله :

" يقع جبل المكبر إلى الجنوب الشرقي من القدس القديمة وهو مرتفع منيع يستطيع من يحتله أن يهيمن على القدس كلها ويقطع الطريق الرئيسي الذي يصلها بعمان فضلا عن أنه يتحكم في القوات المتطوعة التي ترابط في جنوب القدس وكان هذا المرتفع إحدى حلقات الدفاع التي يتولاها الإخوان المسلمون المرابطون في قرية (صور باهر).

ولقد كان اليهود يؤملون مهاجمة الإخوان على غزة فبدأت جموعهم تتحرك في الساعة الثامنة من مساء (18) أغسطس من أحياء القدس اليهودية ومن المستعمرات الواقعة في جنوبيها ثم بدءوا يزحفون في سكون وهدوء غير أن نقطة المراقبة الأمامية فطنت لهذه الحركة وأرسلت تخبر قائد (صور باهر) بهذا النبأ وتطلب توجيهاته السريعة وبدأ (محمود عبده ) يفكر في الموقف ويضع خطته على أساس الأنباء التي تصل إليه تباعا ولم يكن يعنيه وقف الزحف اليهودي والاحتفاظ بالموقع ولكنه كان يريد إبادة هذه القوات وتلقين اليهود درسا قاسيا يحفظونه عن الإخوان وشدتهم في القتال .

وحين بدأ يتحرك بقوته من (صور باهر) كانت عواصف الرصاص تثور في قمة الجبل وكان التليفون أن طلائع العدو قد اشتبكت مع مواقع الإخوان الأمامية .

وما إن وصل حتى كانت المعركة في أعنف مراحلها وكان واضحا أن العدو يستميت في احتلال هذا الموقع ويقذف كتلا هائلة من قواته لتحقيق الغرض في أقصر وقت ممكن وكلما تكسرت موجة تحت أقدام الأبطال المؤمنين تدفقت في أثرها موجة أخرى .

ولا عجب في ذلك فقد كان طريق الإمداد مفتوحا على مصراعيه والقدس اليهودية وفيها عشرات الألوف على مرمى حجر من أرض المعركة فصمم (محمود عبده) على التصرف السريع وكانت أولى الخطوات التي أقدم عليها أن أمر فصيلة من جنوده فدارت إلى اليمين واقتربت من الطريق الذي يستخدمه العدو في تحركاته وأخذت تطلق النار على القوافل التي تتحرك صوب المعركة وفي نفس اللحظة كان يصدر أمره للمدافعين عن الجبل بالانسحاب إلى الوراء فظن العدو أن المقاومة قد انتهت فتقدم ليحتل المواقع التي أخلاها المجاهدون وفي نفس الوقت كانت أفواه المدافع تنفتح من كل صوب وتقذف كتلا من اللهب على قمة الجبل ولم يكن لليهود ما يحتمون فيه فقتل منهم عدد كبير فبدءوا يتراجعون في ذعر وارتباك .

تقدمت بعد ذلك قوات من المشاة وحاصرت قمة الجبل واشتبكت مع العدو في قتال عنيف وحاول اليهود التراجع إلى القدس بعدما يئسوا من وصول النجدات المطلوبة ولكن القوة الخلفية فاجأتهم بالنيران الحامية وبينما كانت المعركة تسير على هذا النحو المرسوم إذا أصيب اليوزباشى(محمود عبده) بطلقات طائشة فحمله مرافقوه للخلف دون أن يفطن أحد وبعثوا برسالة مستعجلة لقيادة بيت لحم يخبرونها فيها بإصابة القائد ولم تمض إلا لحظات حتى جاء الأخ المجاهد (لبيب الترجمان) ليتولى قيادة المعركة في مرحلتها الختامية .

أخذ اليهود يتسللون فرادى إلى المنطقة الحرام ودار الحكومة حيث يوجد بعض مراقبي الهدنة ورجال هيئة الأمم وفطن الإخوان للأمر فتابعوهم إلى هناك وضربوا حصارا محكما حول دار الحكومة وهددوا بتدميرهم مما اضطر رجال هيئة الأمم إلى الاستغاثة بالبكباشى (أحمد عبد العزيز) الذي جاء لتوه واستجاب لرغبة مراقبي الهدنة بوقف إطلاق النار ولكنه أصر على احتلال مرتفع يدعى (رأس الأحرش)يمثل خطرا شديدا يهدد القدس الجديدة واتخذوا من هذا الموقع نقطة يراقبون منها حركات اليهود وسكناتهم ."

وعنها أيضا يقول الأستاذ الصباغ :

" دحر اليهود فوق جبل المكبر واحتلال رأس الأحرش:

كان جبل المكبر واحدًا من المرتفعات التي يتولى الإخوان الدفاع عنها تحت إشراف الأخ محمود عبده قائد معسكر الإخوان في صور باهر.

وفي مساء 18 أغسطس سنة 1948م فكر اليهود أن يهاجموه على غرة من الإخوان

، فبدأت جموعهم تتحرك في الساعة الثامنة من مساء هذا اليوم من أحياء القدس اليهودية ومن المستعمرات الواقعة في جنوبها، ثم بدئوا يزحفون في سكون وهدوء.

ولكن نقط المراقبة الأمامية للإخوان فطنت لهذه الحركة وأرسلت تخبر قائد صور باهر بهذا النبأ وتطلب توجيهاته السريعة.

بدأ محمود عبده يفكر في الموقع ويضع خطته على أساس الأنباء التي تصل إليه تباعًا، ولم يكن يعنيه وقف الزحف اليهودي والاحتفاظ بالموقع، ولكنه كان يريد إبادة هذه القوات وتلقين اليهود درسًا قاسيًا يحفظونه عن الإخوان وشدتهم في القتال.

كانت أول خطوات محمود عبده أن أمر فصيلة من جنوده، فدارت إلى اليمين واقتربت من الطريق الذي يستخدمه العدو في تحركاته، وأخذت تطلق النار على القوافل التي تتحرك جنوب المعركة، وفي نفس اللحظة كان يصدر أمره للمدافعين عن الجبل بالانسحاب إلى الوراء، حتى ظن العدو أن مقاومتهم انتهت، فتقدم ليحتل المواقع التي أخلاها المجاهدون، وفي هذه اللحظة أمر محمود عبده مدفعيته لتقذف الموقع من كل صوب، ولم يكن لليهود ما يحتمون فيه، فقتل منهم عددًا كبيرًا وبدأوا يتراجعون في ذعر وارتباك، ولكن القوة الخلفية فاجأتهم بنيران حامية أسقطت منهم عددًا كبيرًا وقد أصيب (محمود عبده) في هذه المعركة فحمله مرافقوه للخلف دون أن يفطن لذلك أحد.

واستدعوا الأخ المجاهد (لبيب الترجمان) ليتولى قيادة المعركة في مرحلتها الختامية، حتى أخذ اليهود يتسللون فرادى إلى المنطقة الحرام وإلى دار الحكومة حيث يوجد بعض مراقبي الهدنة، فاتبعهم الإخوان وضربوا حصارًا محكمًا حول دار الحكومة وهددوا بتدميرها، مما اضطر رجال هيئة الأمم إلى الاستعانة بالبكباشي أحمد عبد العزيز الذي حضر ووافق على وقف إطلاق النار بشرط أن يحتل جنود الإخوان مرتفع (رأس الأحرش)، وبذلك أصبح الإخوان خطرًا شديدًا يهدد القدس الجديدة، من موقع يتيسر لهم فيه مراقبة حركات اليهود وسكناتهم.

وقد تكرر دحر اليهود في اليوم التالي حيث حاولوا استرداد هذين الموقعين، بقوات كبيرة، ولكن يقظة الإخوان واستماتتهم في الدفاع وقفت سدًا منيعًا دون وصولهم لهذه الغاية."

6- رامات رحيل

يقول الأستاذ أبو الفتوح عفيفي:" فى اقتحام رامات رحيل :

استمر تواجدي مع المتطوعين في بيت لحم ناحية القدس بالقرب من مستعمرة يهودية تسمى (رامات رحيل) وقعت بها مناوشات كثيرة بيننا وبين الصهاينة حيث كانت مهمتنا هي منع يهود المستعمرة من تهديد بيت جالا وبيت ساحور وصور باهر، ولذلك قمنا بهجوم على رامات رحيل شارك فيه أخي حسن الجمل رحمه الله, تم الهجوم تحت قصف مدفعي مكثف للمستعمرة, حيث اقتحم المتطوعون بقيادة الأخ أحمد لبيب الترجمان حصون العدو مكبرين: الله أكبر ولله الحمد, وكان الأخ لبيب قد تولى قيادة قوات الإخوان في صور باهر بعد الأخ محمود عبده الذي أصيب وسافر إلى القاهرة للعلاج.

حاول اليهود استرداد المستعمرة مرة أخرى نظرًا لأهميتها في تموين المستعمرات اليهودية الأخرى حيث كانت غنية بالماشية وتوافر الغذاء, ولذلك كانت غنائمنا كثيرة من هذه المعركة التي فشل اليهود في حسمها لصالحهم بسبب استبسال المتطوعين وصدهم لهجمات العدو حتى وصلت تعزيزات عسكرية من القيادة دعمت خطوط الدفاع عن المستعمرة وحالت دون سيطرة العصابات اليهودية عليها مرة أخرى.

وأذكر بعد هذه المعركة أن الأخ أحمد لبيب الترجمان حاول ضمي إلى كتيبة الإخوان في صور باهر فطلبت منه أن يستأذن لي من اليوزباشى معروف الحضري قائدي في المعسكر الذي رفض ذلك تمامًا."

7- الاستيلاء على مستعمرة " كفار ديروم"

يقول الأستاذ الصباغ  :" استمر الشهيد أحمد عبد العزيز محاصرًا لمستعمرة دير البلح لفترة طويلة بعد معركة دير البلح الثانية، حتى رفع اليهود العلم الأبيض فوقها دليلا على التسليم، فأرسل الشهيد أحمد عبد العزيز إلى الأخ محمود عبده قائد كتيبة الإخوان بمعسكر النصيرات يطلب فصيلة مشاه للاستيلاء على مستعمرة «كفار ديروم».

وقد كلف الأخ محمود عبده فصيلة بقيادة الأخ علي صديق مجهزة بأسلحة سريعة الطلقات تساعدها فرقة ألغام لنسف ما قد يكون بداخل المستعمرة من ألغام.

وما إن مالت الشمس للمغيب حتى كانت الفصيلة قد سلمت نفسها للقائد أحمد عبد العزيز وتقدم قائدها لتحيته، فأصدر إليه تعليمات باحتلال المستعمرة التي أعلنت التسليم برفع العلم الأبيض، وقدم إليه أحد البدو دليلا إلى طريق اقتحام المستعمرة.

وما إن قربت الفصيلة من المستعمرة عبر حقول الشعير حتى اختفى البدوي عن الأنظار واستلم مدفعًا من وراء دشمة كان قد أعدها ثم أخذ يطلق سيلا من الرصاص على أفراد الفصيلة، فانبطحوا مسرعين متخذين من أعواد الشعير سواتر، ثم فوجئوا بالمستعمرة تفتح عليهم أتونا من النيران غطت بها جميع الجهات.

فتحركت الكتيبة في قول يتكون من مائة عربة ناقلة جنود وعربات مدرعة ومدفعة مضادة وعربات تموين وأسلحة وذخيرة وسيارات نقل مياه وعربات إسعاف، وتوغلت في صحراء النقب مارة بالكثير من المستعمرات اليهودية.

وكانت الكتيبة تطلق قنابل الدخان في اتجاه كل مستعمرة تمر بها، حتى استطاعت اجتياز هذه المناطق ووصلت مدينة العوجة، حيث تركت كتيبة من القوات الخفيفة بقيادة اليوزباشي محمد سالم، ثم واصلت السير نحو بلدة عسلوج، حيث تركت بها كتيبة أخرى بقيادة الأخ عبد المنعم عبد الرؤوف لحماية خط العوجة- عسلوج، ثم واصلت السير في اتجاه بئر سبع عاصمة النقب، وهي محاطة بعدد من المستعمرات، وقد استقرت كتيبة الإخوان ببئر السبع بقيادة الأخ محمود عبده، وواصل القول سيره نحو الشمال، وفي الطريق فتحت القوات الخفيفة مدفعيتها الثقيلة على المستعمرة الغربية من بئر سبع لتحطيم روح اليهود المعنوية فلا يفكروا في الهجوم عليها، ثم واصلت سيرها في اتجاه الظاهرية حتى وصلت مدينة القدس فعسكرت هناك قرب المسجد الأقصى.

عندما سمحت الحكومة لبعض ضباط الجيش المصري الراغبين في التطوع للقتال في فلسطين بتحقيق رغبتهم بأن قبلت طلبات إحالتهم للاستيداع وفتحت لهم مخازن الجيش المصري يتسلحون بما يشاءون من أسلحته، وانضم هؤلاء الضباط بقيادة البكباشي أحمد عبد العزيز إلى المتطوعين من الإخوان، وتم تنظيم قيادة المجموعة على النحو التالي، وقد حضر هذا الاجتماع الشهيد الشيخ محمد فرغلي، والأخوة محمود عبده، والصاغ محمود لبيب:

1- البكباشي أحمد عبد العزيز .. قائدًا للقوات.

2-اليوزباشي عبد المنعم عبد الرؤوف .. أركان حرب.

3- الملازم أول معروف الحضري .. مساعد أركان حرب العمليات.

4- بكباشيزكريا الورداني .. أركان حرب إمداد وتموين.

5- ملازم أول حمدي ناصف .. مساعد أركان حرب إمداد وتموين.

6- يوزباشي كمال الدين حسين .. قائد لمدفعية الهاوزر 3.7 بوصة.

7- ملازم ثاني خالد فوزي .. مساعد لقائد مدفعية الهاوز."

ج - البطولة و الإقدام .. في معارك القنال

كان بطلنا الأخ محمود عبده هو قائد المتطوعين الإخوان في منطقة القنال ويشهد له التاريخ كيف خطط ونفذ مع إخوانه عمليات بطولية نادرة ضد الاحتلال البريطاني في مصر ، والتي تدل دلالة واضحة على أنه مع إخوانه قد استرخصوا أرواحهم في سبيل الله يبتغون سلعة الله الغالية .. الجنة الثمن .

وفيمايلي بعض من نماذج تلك الروائع البطولية :

1- مهاجمة مطار كسفريت

يروي أحداثها الأخ الأستاذ الصباغ فيقول :

" وضع الصاغ محمود عبده قائد المتطوعين الإخوان في منطقة القنال خطة نسف هذا المطار وتطوعت لهذه العملية من إخوان النظام بقيادة الأخلبيب الترجمان، وقامت المجموعة محملة بأسلحتها وذخائرها بعبور الصحراء القاحلة المحيطة بالمطار سيرًا على الأقدام من طرق جبلية لا تسير عليها إلا جمال البدو في رحلات متباعدة، وقد كمنوا بين الحفر عندما أصبح المطار مكشوفًا أمامهم استعدادًا للهجوم عليه بالليل، ولكن الصدفة وحدها أنقذت هذا المطار، حيث تصادف ظهور دورية سيارة وراءهم، فتقدمت نحوهم واضطروا إلى تبادل إطلاق النار معهم حتى أمكنهم الانسحاب والعودة إلى قواعدهم بسلام."

2- نسف القطار الحربي الإنجليزي بالكاب

يحكي القصة الأستاذ الصباغ حيث يقول :

" كانت مفاوضات الجلاء تسير بين الإنجليز وبين حكومة علي ماهر، والبلاد تريد التخلص من هذا الكابوس الجاسم على صدرها، فقرر الأخ محمود عبده ضرب الإنجليز بعملية مذهلة حتى يستطيع تقوية ظهر المفاوض، وكلف الأخ علي صديق بتنفيذ القرار.

قام الأخ علي صديق برصد موعد تحرك القطار الحربي الذي يغادر بورسعيد إلى الإسماعيلية ثم رسم الخطة مع مجموعة فدائية من خمسة أفراد هم يوسف علي، وإسماعيل عارف، وفتحي العجمي، وسليمان، وارتدوا جميعًا ملابس خاصة بعمال السكة الحديد وبمساعدة أحد الإخوان العاملين بها، ثم ركبوا قطار بضاعة مصري من بورسعيد ومعهم سلال من الخوص ووضعوا فيها جميع أدوات النسف والمتفجرات والأسلاك الكهربائية اللازمة، وما استطاعوا حمله من سلاح، ثم غطوا ذلك كله بالخبز والبرتقال، كما يفعل عمال السكة الحديد في أسفارهم، ونزلوا في الكاب عندما توقف القطار وكان في انتظارهم رئيس الإخوان بالكاب ويدعى الحاج حسين وهو إمام المسجد، فأخذهم إلى داره واستضافهم دون أن يلفت الأنظار إليهم.

وبعد أداء صلاة الشكر لوصولهم سالمين إلى الكاب بدأوا فورًا في تعبئة الألغام وتجهيزها واختبار الأسلاك الكهربائية والمتفجرات، وقد استمر هذا العمل حتى منتصف الليل.

وقام الحاج حسين بتجميع رجال حرس الحدود بعيدًا عن مكان العملية بحجة السمر معهم والتحدث إليهم لما له من محبة في قلوبهم ".

3- عملية بورسعيد

كلف الأخ محمود عبده مجموعة بقيادة الأخ علي صديق للعمل بقطاع بورسعيد لأهميته وكان معه الأخوة يوسف علي يوسف، وفتحي العجمي، وإسماعيل عارف، والمرحومأحمد نصر، وفؤاد هريدي وغيرهم.وأخذت المجموعة طريقها إلى بورسعيد عبر مدينة المنصورة حيث التقت بالدكتور خميس حميده رئيس الإخوان بها، فقدم لهم التسهيلات الممكنة، ثم أخذت طريقها إلى المنزلة ومن هناك اتخذمحمد خميس حميدةوا طريقا خلفيًا بتوجيه من إخوان المنزلة يوصلهم إلى بورسعيد، وهو طريق بحري استخدم فيه الإخوان مركبًا شراعيًا ومعهم سلاحهم وذخيرتهم ونزلوا بها سرًا في جنح الظلام فوصولا إلى بورسعيد مع آذان فجر اليوم التالي وكان في استقبالهم إخوان بورسعيد الذين حملوا السلاح والذخيرة إلى منزل كانوا قد استأجروه لهم، وفي اليوم التالي قابلهم الأخ أحمد المصري رئيس الإخوان ببورسعيد والأخوة فتحي عبد الله، وأحمد خضر، وحامد المصري، من أمراء مجموعات النظام الخاص ببورسعيد.

وقد قسمت المجموعة نفسها إلى ثلاث مجموعات قامت بدوريات استكشافية حول مناطق تجمع الإنجليز ومعسكراتهم وطرق مواصلاتهم.

وقد لاحظت إحدى المجموعات أن هناك دورية إنجليزية تقوم صباحًا من كوبري الرسوة إلى المعسكر الإنجليزي لتغيير الحراسة على الكوبري، فقررت نسف هذا التجمع الإنجليزي أثناء تحركهم.

استأجرت المجموعة قاربًا صغيرًا حملت فيه الألغام ومتطلبات العملية، وعبرت بهذه المعدات القنال الداخل في اتجاه بلدة الأبوطي، وما إن وصلت الطريق الإسفلتي الذي يسير فوقه الإنجليز حتى قامت بحفر سريع تحت الحراسة ووضع الألغام لتفجيرها عند مرور الدورية فوقها، وقد تم ذلك تحت حراسة مشددة، وكان الفدائيون يضعون أياديهم في يقظة دائمة على الزناد لوجود الموقع داخل خطوط الإنجليز، وذلك حتى تم الحفر ووضعت الألغام ومدت الأسلاك عبر القنال إلى جهة الانسحاب بالبر الثاني استعدادًا للتفجير في الصباح."

ولا يمكن أن نترك الحديث عن جهاد الإخوان في القنال بقيادة محمود عبده بغير أن نشير إلى الطريقة التي كان يعتمدها في تنفيذه للعمليات العسكرية ...

يقول الأستاذ أبو الفتوح عفيفي في هذا الصدد :

" وأذكر أن الأخ محمود عبده رحمه الله وكان يقود المتطوعين من الإخوان في القناة أصدر تعليمات صريحة بعدم تنفيذ أية عمليات عسكرية في النهار مهما كانت مضمونة النتائج وذلك لتجنيب أهالي القرى المحيطة حملات التمشيط والتفتيش الإنجليزية وحرمانًا للعدو من استغلال ضوء النهار في مطاردة مجاهدي الإخوان.

ولذلك بدأ التخطيط لتنفيذ عمليات ليلية تؤدي نفس الغرض؛ من استنزاف العدو وبث الرعب في صفوفه.

إقرأ المزيد

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

مرشدو الإخوان والقضية الفلسطينية

الإمام البنا والقضية الفلسطينية

أ. محمد حامد أبوالنصر والقضية الفلسطينية

أ. مصطفي مشهور والقضية الفلسطينية

أ. محمد المأمون الهضيبي والقضية الفلسطينية

أ. محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

الدكتور محمد بديع والقضية الفلسطينية

متعلقات أخري

وصلات خارجية

ملفات وأبحاث خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

أخبار متعلقة

وصلات فيديو

.