ممدوح الولى يكتب: استمرار استيراد الغاز بعد الحقل الجديد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ممدوح الولى يكتب: استمرار استيراد الغاز بعد الحقل الجديد


(9/20/ 2015)

يشير التوزيع النسبي لموارد الطاقة في مصر خلال العام الماضي إلى تصدر الغاز الطبيعي بنسبة تفوق 50 %، يليه البترول بنسبة تقل عن 45 %، وهكذا يستحوذ الغاز والبترول على نسبة 95 %، لتتبق نسبة 5 % من موارد الطاقة موزعة ما بين أقل من 4 % للطاقة الكهرومائية من السد العالي غالبًا، وأقل من 1 % للفحم ونصف بالمائة للطاقة المتجددة وهي الرياح و الطاقة الشمسية.

وفيما يخص البترول وحسب بيانات أوبك، فقد بلغ الاستهلاك المحلي 826 ألف برميل يوميًا خلال العام الماضي، بينما بلغ الإنتاج المحلي من الخام 532 ألف برميل يوميًا ، لتصل نسبة الاكتفاء الذاتي 64 %، ليتم استيراد حوالي ثلث الاستهلاك، وهو ما كلفنا حوالى 800 مليون دولار شهريًا.

وفيما يخص الغاز الطبيعي صاحب النصيب الأكبر من استهلاك الطاقة فى مصر، فقد ظل الإنتاج المحلي يزيد عن الاستهلاك المحلي لسنوات، ليتم تصدير الكميات الفائضة منذ عام 2003، وهي الكميات التي كانت تتجه لحوالى 20 دولة، إلا أن الإنتاج المحلي بدأ يتناقص منذ عام 2009 وحتى العام الحالي بسبب التناقص الطبيعي للحقول، بينما اتجه الاستهلاك المحلي للنمو بمعدل 7 % سنويًا، الأمر الذى أدى إلى خفض كميات التصدير تدريجيًا منذ عام 2009.

وهكذا تم توجيه الإنتاج كليًا للاستهلاك المحلي المتزايد، لكنه لم يكف فى ضوء الاحتياج المتزايد للغاز الطبيعي، لتشغيل محطات توليد الكهرباء التى تعتمد عليه بنسبة 90 % من إجمالي الوقود الذي تستهلكه.

وحتى يتم تدبير احتياجات محطات توليد الكهرباء، فقد تم خفض كميات الغاز المتجهة إلى مصانع السماد والأسمنت والحديد والسيراميك وغيرها، وتم توجيه شركات الحديد والأسمنت لاستخدام بدائل للغاز لخفض استهلاكها منه، كما تم السماح باستيراد الفحم، والسماح لشركات القطاع الخاص باستيراد احتياجاتها من الغاز الطبيعي.

وحلًا لأزمة نقص الغاز، تم اللجوء لاستيراده فى أبريل من العام الحالي، باستئجار مركب نرويجية تقف بميناء السخنة، تقوم باستقبال شحنات الغاز الطبيعي المسال لتعيد تحويلها للحالة الغازية، حيث يتم ضخها إلى الشبكة القومية للغاز لتوصيله إلى جهات الاستهلاك المحلية.

ونظرًا لتزايد الاستهلاك المحلي من الغاز فقد تم الاتفاق مع شركات بالجزائر وروسيا وشركات أجنبية أخرى لاستيراد الغاز، كما تم الاتفاق على استئجار مركب ثانية لتغويز الغاز، أى تحويله من سائل إلى غاز طبيعي، بعقد لمدة خمس سنوات.

كما بدأ التفاهم مع قبرص لإقامة خط أنابيب لاستيراد الغاز من خلاله، والسماح لشركات القطاع الخاص التفاهم مع شركات إسرائيلية لاستيراد الغاز الطبيعي منها، وأعلن وزير البترول أن استيراد الغاز سيستمر حتى عام 2020، حينما يبدأ إنتاج حقول غاز محلية تغطي الاستهلاك.

وفى آخر أغسطس الماضي، أعلنت شركة إينى الإيطالية عن اكتشافها حقل كبير للغاز الطبيعي بمنطقة ظهر داخل امتياز شروق الذى تعمل به، وذلك بالمياة العميقة للبحر المتوسط على بعد 190 كيلو متر من الشواطىء المصرية.

وقالت أن كميات الاحتياطي بالحقل الجديد يمكن أن يصل إلى 30 تريليون قدم مكعب، وهي كميات ضخمة ترشحه ليكون من الحقول الكبرى بشرق البحر المتوسط.

وتلقف الإعلام الرسمي - المفتقد للمتخصصين فى شؤن الطاقة – الخبر ليحول الحقل إلى الحقل الأكبر بالعالم، ومن خلاله تستغنى مصر عن استيراد الغاز وتتحول إلى التصدير.

ولكن وزير البترول المصري فاجأ الجميع بإعلانه بعد اكتشاف حقل ظهر عن الاتفاق على استئجار مركب ثالثة لتغويز الغاز المسال المستورد خلال بدايات العام القادم واستئجار مركب تغويز رابعة أواخر العام القادم، لمواجهة الاحتياجات المحلية المتزايدة من الغاز.

وأوضح الوزير فى تصريحاته لوكالات أنباء دولية أن الرقم الذى أعلنته شركة إيني والبالغ 30 تريليون قدم مكعب، هو تقدير أولي للاحتياطي قد يزيد أو يقل مع حفر الآبار، وأن حفر الآبار سيبدأ أواخر ديسمبر من العام الحالى أو أوائل يناير القادم، وأن عدد الآبار التى سيتم حفرها سيتحدد حسب خطة التنمية التي ستقدمها شركة إيني ، وهي الخطة التى لم تقدمها الشركة بعد، وقال أن الخطة الاستثمارية للحقل لم تُوضع بعد، وأن تنمية الحقل تحتاج من ثلاث إلى أربع سنوات، وأنه يتوقع بدء الإنتاج من الحقل فى عام 2018.

وهكذا فإنه على مصر استمرار الاستيراد من الخارج لمواجهة الاستهلاك المتزايد خلال السنوات القادمة وحتى يبدأ إنتاج حقل ظهر، ومن هنا كان قرار استئجار مركب ثالثة ومركب رابعة للتغويز، واستمرار التفاوض مع قبرص لإنشاء خط أنابيب لاستيراد الغاز منها من خلاله، واستمرار تفاوض شركات القطاع الخاص المصري مع إسرائيل لاستيراد الغاز منها، خاصة أن تغطيته للاستهلاك المحلي تساعد فى حل قضايا التحكيم التى رفعتها شركات أجنبية على مصر بعد إيقافها ضخ الغاز لمحطتي الإسالة فى كلا من دمياط وإدكو، من خلال ضخ الغاز الاسرائيلي أو القبرصي إليهما، ثم إعادة تصديره بعد تحويله إلى غاز سائل.

واستبعد وزير البترول المصري أن يعجل الحقل الجديد بالوصول إلى هدف الاكتفاء الذاتي قبل عام 2020، وعند سؤاله عن تمكين الحقل الجديد من العودة لمصر لتصدير الغاز، قال أن الأولوية ستكون لتوجيه الغاز إلى السوق المحلية.

وأوضح خبراء أن تقرير شركة إيني عن الحقل الجديد هو تقرير مبدئي عن اكتشاف محتمل، وأن التقرير صدر قبل إجراء عملتي تنقيب على الأقل للتحقق، وذكروا بإعلان شركة شل عام 2004عن اكتشافها للغاز داخل امتيار شروق نفسه، وأن حجم الاكتشاف وقتها سيغير من خريطة أقاليم الغاز بالعالم، ثم توقفها عن العمل بالعام التالي، بحجة أن الكميات المكتشفة أقل مما توقعت.

وفيما يخص كمية الاحتياطي بالحقل الجديد فقد قال وزير البترول أنه إذا كانت الكمية ستصل إلى 30 تريليون قدم، فمن المعتاد استخراج ما بين 60 إلى 70 % منها لعوامل تتعلق بصعوبة استخراج كل الكمية فى مجموع الحقول المكتشفة.

وهكذا يمكن أن نصل إلى 22 تريليون قدم مكعب، فإذا أضفناها إلى الاحتياطي الحالي البالغ 67 تريليون قدم، فإننا سنصل إلى حوالي 90 تريليون قدم مكعب، وقال الوزير إنه رقم تقديري وليس رسميًا.

وبالعودة إلى البيانات الدولية عن الاحتياطيات فى الحقول بدول العالم، فإن الحقل المصري حتى فى حالة بلوغ احتياطاته 30 تريليون قدم مكعب، يحتل المركز العشرين بين حقول العالم، حيث تسبقه حقول أكثر ضخامة منه فى إيران وروسيا والجزائر وتركمنستان والولايات المتحدة وهولندا وكازاخستان وأزربيجان.

وبالعودة إلى بيانات شركة البترول البريطانية الخاصة باحتياطي الغاز الطبيعي بدول العالم، فقد احتلت مصر المركز السابع عشر خلال العام الماضي بنصيب 1 % من الاحتياطى الدولى ، وبإضافة حقل ظهر باحتياطى 30 تريليون قدم، يتحسن موقع مصر إلى المركز الخامس عشر دوليًا، ويتحسن نصيبها من العالم إلى 4ر1% ، بالمقارنة إلى نصيب إيران البالغ 18 % من العالم، ونصيب وروسيا البالغ 5ر17 % ونصيب قطر البالغ 13 % من الاحتياطى العالمي.

ويقول خبراء أن مشكلة الطاقة فى مصر تعود إلى البنية التحتية والخلافات مع الشركات العاملة بمصر، بدليل حدوث نقص فى إنتاج الغاز رغم زيادة الاحتياطى خلال السنوات الأخيرة.

ويدعم ذلك تصريح رئيس هيئة البترول المصرى طارق الملا بأن أزمة الطاقة في مصر تعود إلى صعوبة التمويل لتدبير الاحتياجات، وليس إلى الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، ذاكرًا أن مصر تستطيع إنتاج 7 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعى بدلًا من 5ر4 مليار قدم التى تنتجها يوميًا حاليًا، لكنها لا تستطيع أن تدفع للشريك الأجنبي حتى يستطيع رفع معدلات إنتاجه.

التصريح يعزز مخاوف البعض من طول المدة حتى يمكن الاستفادة من حقل ظهر - فى حالة ثبوت حجم احتياطاته - بسبب ضخامة تكاليف استثماراته البالغة 7 مليار دولار، وبسبب طول خط الأنابيب المطلوب توصيله من الحقل في عمق البحر المتوسط بطول 190 كيلو حتى الشواطىء المصرية، خاصة وأن مشكلة التكلفة كانت السبب فى تأخر الاستفادة من حقل ليفيثيان الإسرائيلى الذي تم اكتشافه عام 2010 بحجم احتياطات 22 تريليون قدم مكعب، ويتوقع بدء إنتاجه عام 2018، مع الأخذ فى الاعتبار أن نصيب مصر من عوائد حقل ظهر - فى حالة ثبوت أرقام احتياطاته - سيكون 39 %، مقابل نسبة 61 % من العوائد لشركة إيني الإيطالية.

المصدر