منهاج الحركة الدعوية لدى الأستاذ البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.

كان منهاج الأستاذ البنا أن يزور المركز العام في الصباح الباكر، ويترك فيه مذكراتٍ فيها توجيهاتٌ وأعمالٌ تتطلب إنجازًا، ثم يقصد مدرستَه، فإن كان مسافرًا يتوجه من المدرسة إلى المحطة، وإن لم يكن يعرج على المركز العام ثانيةً، يقابل ويوجِّه ويصرِّف ما يجدّ من عمل، وفي المساء يزور المركز ثالثةً، ويقضي فيه وقته مقابلاً الوفودَ والزائرين، أو مجتمِعًا في لجان أو محاضرًا، ولم يمنعه ذلك من متابعة أسفاره إلى الريف، في أثناء العطلة الدراسية، وكان يقطع الوجه القبلي كله بلدًا بلدًا وقريةً قريةً في عشرين يومًا، في بعض الأحيان يصبح في بني سويف ويتغدَّى في ببا، ويُمسي في الواسطى، ويَبيت في الفيوم، وكانت أسفاره في عطلته الأسبوعية وفي عطلته السنوية في الصيف، ففي الأولى يزور البلاد القريبة، وفي الثانية البلاد البعيدة" (الإخوان والمجتمع المصري- محمد شوقي زكي- 22).

وحين نطالع جداول رحلاته للدعوة في أنحاء مصر بوجهَيها البحري والقبلي نرى عجبًا.. نرى أولاً: قيامه برحلات الصعيد والوجه القبلي في فصل الصيف؛ حيث القيظ والحرارة الملتهبة، وما ذلك إلا للاستفادة من فترة الإجازة الصيفية للمدارس واستغلالها في رحلات الصعيد الطويلة، بينما تتم رحلات الوجه البحري في الشتاء حيث البرد والأمطار؛ حيث يتيح قرب الأماكن استغلال فترة إجازة نصف العام القصيرة، رغم مخالفة هذا النظام لطبيعة المناخ في الفصلين، وحيث تعارف الناس على تفضيل الصعيد شتاءً والوجه البحري صيفًا، ولكن ذلك لم يكن واردًا في حسابات الداعية المجاهد.

وكان ذلك الأمر موضع دهشة واهتمام أعوانه ومؤيديه وكذلك المتابعين لحركته والمراقبين لها، وسجَّل ذلك أحد إخوانه الشعراء في قصيدة بعنوان (مصيفة الأقصر الحرى وجيرتها) فقال:

مصيفة الأقصر الحرى وجيرتها والثغر مشتاه إذ سكانه هجروا قد يصبح اليوم في مصر وتشمله إسكندرية إن وافى به الظهر ويحتويه أصيل اليوم داعية في الـ"طنطا" وفي "بنها" له سهر وبالصعيد وما أقصى تراميه من طول جولاته الإعجاب مختمر يمشى بمنيته حتى إذا انتصف الليل استقلت بأقصى قنا القطر يدعو بها جل يوم ثم يبرحها عصرًا لأسوان حيث الدرس والعبر وينثني قافلاً من العشاء إلى مصر فيبلغها والفجر محتضر

(عبد الحكيم عابدين، نقلاً عن "حسن البنا حياة رجل"- أنور الجندي- ص 49)

ويدهش المتابع لحركة الأستاذ البنا من ضخامة المجهود المبذول في هذه الرحلات، فحين تطالع برنامج الرحلة تعجَب لهذا العدد الضخم من الزيارات في وقت قصير جدًّا، وعلى سبيل المثال ففي إحدى رحلاته للصعيد قام بزيارة 21 مدينة ومركزًا في الصعيد خلال سبعة أيام، أي بمعدل ثلاث مدن في اليوم الواحد، ويزداد عَجَبك حين تعلم أن هذه الزيارات تتضمن بصفة أساسية إلقاءَ محاضرات عامة ولقاءات خاصة للإخوان وزيارات لوجهاء هذه المدن ومشاركةً فيما يطرأ من مناسبات.