نحو جيل مسلم في التربية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نحو جيل مسلم في التربية

إعداد: محمد عبد الله الخطيب

تقديم

نحمد الله عزوجل ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد بن عبد الله وصحبه ومن والاه وبعد :

فلقد حرصت دار الطباعة والنشر الإسلامية على نشر كل ما هو مفيد للشباب المسلم في هذه السلسلة .

وهذه الرسالة برغم طبعها الطبعة الأولي في أغسطس 1954 م إلا أن الحاجة إليها ما زالت ماسة فهي توجيه سديد للشباب المسلم اليوم في مجال التربية الأمر الذي جعلنا نحرص على طبعها مرة ثانية .

ونسال الله أن تكون رسالة خير وأن ينفع بها شبابنا المسلم في هذه الأيام ..

والله من وراء القصد وهو حسبنا وكفي بالله حسيبا .

الإدارة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلي آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين

نواة هذه الرسالة محاضرة ألقيت في مدرسة النقباء بالمركز العام بالقاهرة في أكتوبر سنة 1953 وتشمل ثلاث نقاط :

1- الإخوان والمجتمع الإسلامي بين القوي الاستعمارية

2- خطوط عملية

3- وليس من اليسير الوفاء بحق البحث التفصيلي لكل من هذه النقاط وإنما هي إشارات سريعة تصلح لأن تكون رؤوس موضوعات وقد وجهت أكبر الاهتمام نحو الواجب وما أحرانا أن نهتم بواجباتنا كما نهتم بحقوقنا .

والله نسأل أن يعصمنا من فتنة القول والعمل ويجعل عملنا خالصا لوجه لا نريد به علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين

الإخوان والمجتمع

تمهيد :

تعلمون أيها الإخوة أن هدف الإخوان تكوين جيل من المسلمين يفهم الإسلام فهما صحيحا ويعيش به ويجاهد فيه ويجمع العقول والقلوب عليه ويقيم حضارة تستند إلى أسسه وتحقق أهدافه . ونحن في هذا متبعون لا مبتدعون لم نأت بشي من عند أنفسنا وغنما نحاول التحقيق بالإسلام أفرادا وجماعة ووضوح هذا الأساس يساعدنا كثيرا على إتباع الكتاب والسنة وهدي سلفنا الصالحين :

( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحين أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفي بالله عليما )

ولقد كان لجهود الإخوان آثار واضحة في المجتمع المصري والإسلامي أود أن أجمل بعضها فيما يلي :

1- تجميع الشباب المتعلم :

ففي نظمنا التعليمية المصرية يتميز تياران :

أ‌- ديني : يمثله الأزهر بتاريخه الحافل الطويل وكلياته ومعاهده في القاهرة والأقاليم وأبنائه الذين يتجمعون من مشارق الأرض ومغاربها يقضون في رحابه فترات تطول أو تقصر ثم يندفعون من هذا القلب دماء حارة تغذي العالم الإسلامي .

ب‌- ومدني : تمثله الجامعات ومجموعة ضخمة من المدارس والمعاهد منتشرة في القطر وتستقبل جامعاتنا الآن أعدادا كبيرة من أبناء العروبة والإسلام يتثقفون بثقفاتها ويتأثرون بطابعها .

وقد حاول الاستعمار – تؤيده في ذلك عهود الظلم البائدة – أن يوقع العداوة والبغضاء بين شباب الأمة المتعلم وأن يوجد فجوة بين النظامين لا يرجي معها اتفاق ولا تعاون وظهر من أبناء الجامعات من حمل أعنف الحملات على الأزهر ومن أبناء الأزهر من اشتد في هجومه على الجامعات وسالت أنهار الصحف بمقالات نارية عن التجديد والجمود والتقدم والرجعية والإيمان الإلحاد خرج بعضها عن مجال البحث العلمي إلى المهاترات والفكاهات والدسائس ونفخ في كير الفتنة صحفيون متحللون وكتاب إباحيون ...

ورغم هذا الغبار المتطاير كان هناك نفر من أبناء الأزهر والجامعات حافظوا على الدين حيا في نفوسهم وعقولهم الروح والعدد والإنتاج .

وقد ظل أثر هذه الطليعة قاصرا – إلى حد بعيد – على المجالات العلمية دون أن يصل إلى توثيق الصلات العامة بين كتل المتعلمين نفسها وقام الإخوان –والله الحمد والمنة – بجانب كبير في هذا الأمر واستطاعوا أن يقيموا المعابر فوق الهوة السحيقة وها أنتم أولاء ترون – أيها الإخوة – كيف يتعاون شبابا الأزهر والجامعات من أجل لهدف الواحد , ويعطي كل أخ إخوانه من خير ما عنده .

وذلك من فضل الله عليكم وعلى الناس ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ) .

2- تجميع الأمة :

واتسمت حركة الإخوان من أول الأمر بجمع العناصر الصالحة من أبناء الأمة جميعا وفى اجتماعنا تري الغني والفقير والموظف والعامل والمتعلم والأمي وأستاذ الجامعة والطالب والشيخ والشاب يجمعهم حب الإسلام والرغبة الصادقة في تعلمه والعمل به ونشره بين الناس .

3- الاتجاه التطبيقي:

ولم يكتف الإخوان بالحديث عن الإسلام وتصويره وإنما حاولوا من أول الأمر تطبيقه على أنفسهم ولعل هذه الناحية كانت من اقوي ما جمع القلوب عليهم .

وجاءت معارك فلسطين والقنال نماذج كريمة لجهاد الإخوان وتقدم زهرة شبابهم من أبناء الجامعة الأزهر والعمال والزراع فخاضوا المواقع معا وهناك على سفوح جبال فلسطين وديانها وفوق رمال القنال اختلطت دماؤهم وأشلاؤهم .

وأخذت حياة الإخوان مظهرا عمليا في تكوين الأسرة المسلمة وتنشئة وأخذت حياة الإخوان مظهرا عمليا في تكوين الأسرة المسلمة وتنشئة جيل من ألأبناء على حب الإسلام والعمل به وأصبح الرضيع يسمع كلمة الإسلام في مهده ويهتف بها الصبي في معلبه ويجاهد لها الشباب في مجالاته ويبشر بها الشيخ ويسلمها أمانة عزيزة لجيل مقبل .

وعندما ابتلي الإخوان بعد معركة فلسطين سنة 1948 وفتحت السجون والمعتقلات أبوابها تتلقي زهرة شباب الأمة وحيل بين الأب وولده , والشاب وأهله والطالب ومعهده والعامل ومصنعه والزارع وحقله , وكان الإخوان يقتسمون مؤنهم وتقدمت الأخوات في تلك الأيام التي لطخها الظلم – تحفظهن عين الله التي لا تغفل ولا تنام يحملن العزاء إلى قلوب أرهقا البلاء والمال إلى بيوت غاب رجالها فكن نجوما مضيئة أشرقت في ليل حالك الظلام .

وجاء تاريخ المحنة ثابتا في ميادين متنوعة البلاء افتقدت الثابتين من وقت طويل واحتمالا كريما للأذى خشع أمامه بصر الجلاد وفناء في ذات الله عز على فن الأرض أن تستهويه وعاش الإخوان في " الليمان " يجرون سلاسلهم وفي السجون تقطع السياط ظهورهم وفي المعتقلات يحوم الموت حولهم وفي المنافي يسلمهم المهجر إلى مهجر..

عاشوا فى الفترة لا يرجون إلا وجه ربهم ذاكرين قول نبيهم عليه الصلاة والسلام :" إن لم يكن بك علىّ غضب فلا أبالي "

4- الثقافة الإسلامية :

وبينما كان جمهور شباب الأمة لاهيا في الروايات الرخيصة والقصص التافهة التي تخاطب الغرائز وتستثير الشهوات قوي اتجاه إسلامي يضع في أيدي الأبناء كتب الأبوة الماجدة وتعلم شبابنا كيف يحسن تلاوة كتاب الله ويطلع على كتب التفسير والحديث والتشريع والتاريخ الإسلامي يستمد من ذلك كله أسس اتجاهه في حياته محاولا أن يوجه الحياة إلى الهدي الذي وضعه رب الناس للناس محتفظا بموقف متزن بين ماض كريم وحضارات مقبلة يأخذ خير ما فيها ويحول دون طغيان مفاسدها على أرضه وعقله واستطاع الإخوان أن يقوموا بقسط كبير في تدعيم الاتجاه الإسلامي وأوجدوا صحافة إسلامية ومؤلفات إسلامية وعقولا تجعل الإسلام محور تفكيرها .

صحيح أن هذه العقول لم تتجمع في مدرسة فكرية اتضحت مناهجها وأن عددا كبيرا من الذين يعملون بإخلاص في هذا الميدان لا زالوا شبابا محتاجين إلى صقل وطول تمّر ورعاية ولكن لا ريب فيه أن بذورا كريمة ألقيت في الأرض الطيبة وروادا مخلصين يجوبون منطقة الكنز القديم ويحاولون أن يذودوا الطير الغريب عن أرضهم , وأن يطهروا ديارهم لصالحين .

5- العالم الإسلامي :

وعبرت الموجة المؤمنة حدود مصر يحملها جهاد الإخوان ويبشر بها شباب العالم الإسلامي من أبناء الأزهر والجامعات وبدأت تتساقط أستار القوميات الضيقة أمام الإسلام الزاحف وأصبحنا نري في مجتمعاتنا الشباب الإسلامي من أفريقيا وآسيا وأوربا لا تستخفهم عصبيات محلية , بل يجمع بينهم الإسلام , واستروحنا العبير الجميل الذي يتضوع حين نقرأ قول الرسول عليه السلام واصفا تجمع الدنيا وإخاءها في المجتمع الإسلامي الأول " أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق الفرس وبلال سابق الحبش.

وبدت مظاهر التعاون الثقافي بين الإخوان والهيئات الإسلامية العاملة فنقلت إلى العربية مؤلفات السيد أبي الأعلي المودودي أمير الجماعة الإسلامية بباكستان ونشرت بعض آثار المرحومين السيد سيلمان الندوي والسيد مسعود الندوي كما ترجمت في باكستان والهند وأندونيسيا بعض رسائل الأستاذ البنا رحمه الله وبعض رسائل كتاب الإخوان .

وتعاونت الهيئات الإسلامية معا في القضايا الإسلامية وأصبح المركز العام مثابة للعاملين يجدون فيه رجالا يحبون أن يعملوا لدينهم وتنعكس على نفوسهم آمال الأمة الإسلامية وآلامها .

الإسلام بين القوي الاستعمارية وهذا الإنتاج الذي وصلتم إليه إنما هو ثمرة جهودكم جميعا , ونتيجة طبيعية لإحساسكم بحق الله عليكم فأنتم تعملون من أجل دينكم غير طامعين في منصب في الجماعة ولا جاه بين إخوانكم أو بين الناس لا تخشون أحدا إلا الله وتقولون الحق لا تخافون لومة لائم لا تعبدون أفرادا ولا تقدسون مناصب ولا تعظمون إلا من عز في ميزان التقوي ولا تتبعون إنفاقكم مناّ ولا أذي – أحسبكم كذلك ولا أزكي على الله أحدا .

من قديم :

1- وأود أن تذكروا دائما موقف القوي الاستعمارية من جهادكم فأنتم تقابلون بعداوات مريرة من كل أعداء دينكم الذين يجدون في الإسلام حائلا دون تحقيق مطامعكم فى أرضكم .

هذه العداوات التي تمتد جذورها إلى صدر الإسلام حينما دبر اليهود المكيدة بعد المكيدة وتعاونوا مع المنافقين والمشركين في محاربة الإسلام . فقد حاولوا قتل النبي صلي الله عليه وسلم بإلقاء حجر على رأسه عندما كان في بني النضير وقدموا إليه شاة مسمومة بعد فتح خبير وبقي الرسول بعدها ثلاث سنوات حتي كان وجعه الذي توفي فيه فقال " ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر عدادا صلي الله عليه وسلم .

وتعرض النبي صلي الله عليه وسلم من قبل الخطر الموت أكثر من مرة في مكة والهجرة والمغازي وحاول اليهود التشكيك في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم واقرءوا الكثير من مكائدهم في سورة براءة وفيها تحليل رائع لمجتمع المدينة وقاموا بدور كبير في تأليب الأمصار على عثمان رضي الله عنه وتولي عبد الله بن سبأ اليهودي كبر هذه الفتنة فافتتن به بشر كثير من أهل مصر وكتبوا إلى جماعات من عوام أهل الكوفة والبصرة فتمالوا على ذلك وتكاتبوا فيه وتواعدوا أن يجتمعوا في الإنكار على عثمان ...

وعلت الموجة المسمومة حتي طوت ذا النورين وسجلت في تاريخ الإسلام صفحة دامية تركت أثرها العميق في نفوس أبنائه .

2- بعد هزيمة الفرس والروم ظلت الحروب قائمة بين أصحاب المجد القديم والدين الزاحف المنتصر , تأخذ صورا عنيفة في ميدان القتال أو تستر وراء المذاهب الهدامة التي تحاول أن تعود بالمسلمين إلى الجاهلية مرة أخري ورأي الإسلام فرقا ومذاهب يحمل أهلها اسم الإسلام أما عقائدهم وطقوس عبادتهم فيمكن – في سهولة – أن تربطها بوثنيات فارس والهند واتجاهات المسيحية واليهودية وعقائد الإغريق والرومان .

3- وقابل الإسلام طغيان أوربا وزحفها على دياره زحفا بربريا وصفه كاتب غربي فقال " إن الصليبيين ارتكبوا جرائم وفظائع جعلت الطبيعة تهتز خوفا وفزعا من هولها كذلك كانوا يقتلون الأطفال في أحضان أمهاتهم وينثرون أشلاءهم في الهواء " وجمعت هذه الحملات بين المتحمسين الذين يعتقدون في قداسة جهادهم وبين نفر " انهمكوا في الدعارة ونسوا بيت المقدس وراحوا يمثلون مناظر صاخبة من هتك الأعراض إلى النهب والقتل وكانت جميع هذه الفظائع تترك آثارا فاضحة تدل على فعالهم أينما رحلوا .

ولم تفقد هذه الأحداث المسلمين اتزانهم فقد ظلوا على خلق رفيع يصفه كاتب غربي فيقول " إن كثيرا من المسيحيين الذين غادروا بيت المقدس ( بعد انتصار صلاح الدين ) رحلوا إلى أن أنطاكية غير أن يوهميند أميرها لم يحرمهم الضيافة فحسب بل سلبهم أيضا أموالهم في حين كان هؤلاء البائسون أينما ساروا في بلاد المسلمين يلاقون ضرب العطف والكرم "

4- ويقابل الإسلام بعد هذا موجات التتار ومصائب القرامطة التي وصلت إلى أن قتلوا الحجيج وألقوا جثثهم في بئر زمزم اقتلعوا الحجر الأسود وبقي عندهم اثنتين وعشرين سنة .

5- وحينما انحسر المد الإسلامي بسقوط الأندلس اشتد الهجوم على أرض الإسلام واستطاعت قوي الغرب في القرون الأخيرة أن تقتسم أرض الإسلام بعد أن مهدت لذلك ببعثات من المبشرين والمستكشفين والعلماء والتجار .


الصهيونية :

ولقد ظل اليهود على صبرهم حتي استطاعوا - بمعونة الدول الكبري – أن يقيموا إسرائيل في قلب العالم الإسلامي ولا يزالون يطالبون بملكهم القديم الذي كان يمتد من الفرات إلى النيل وتطلعت أبصارهم إلى نقطهم التجارية القديمة في بلاد العرب وبصفة خاصة في المدينة المنورة .

وها أنتم أولاء ترون تطور الأحداث في الشرق الأوسط وما يحمل في طياته من نذر . واليهود لا يعرفون الأخلاق وهم الذين يقودون حملات التحلل الأخلاقي والفجور ويبثون عملاءهم من علماء وتجار وراقصات وسيدات ( الطبقة العليا ) أما شعارهم فهو ( القوة والرياء ) ولا يكتب الفوز في السياسة إلا للقوة لا سيما إذا كانت كامنة بين المناقب اللازمة لرجال الحكم فيقتضي الأمر – إذا - أن يتخذ العنف مبدأ والمكر والرياء قاعدة وهذا الشر هو الذي يؤدي بنا إلى الخير لذلك لا ينبغي أ، نحجم عن اللجوء إلى الرشوة والخداع والخيانة في سبيل بلوغ مآربنا والسياسة تقضي بالإقدام دون تردد على اغتصاب ملكية الغير إذا كان فيها ما يؤمن لنا الخضوع والطاعة )

وهذا النص يلقي ضوءا قويا على ما بين أيدينا من محن ويرينا القيمة الحقيقية لأي نفاهم " ودي شريف!!" مع إسرائيل ويحدد المنهاج الوحيد الذي يجب على الإسلام أن يتبعه إزاء الصهيونية .

الاستعمار الغربي :

ورغم كل ما نادي به ساسة الغرب من تعاون وإنسانية عالمية فإن حقائق الأحداث التي نمر فيها ترينا ما يراد بنا وما يجب علينا إن الاستعمار ما زال يعمل وذلك عن طريق المعاهدات وكبار الموظفين الذين ينتسبون إلينا شكلا وإليهم موضوعا والشركات الاستغلالية الكبيرة خصوصا في نواحي الثروة المعدنية والزراعية ...

والجندي على استعداد إذا لزم الأمر : فقد دفعت أمريكا بزهرة شبابها إلى ثلوج كوريا .

ويعيش ( اللاجئون) على أطراف فلسطين رموزا حية للحضارة الأوربية ..!

بين المعسكرين:

وقد كاد النزاع في القديم يفرغ بين المعسكرين الكبيرين على الوحدات السياسية خارج العالم الإسلامي وستبقي أرضنا ميدان الصراع الحالي والمقبل يساعد على هذا وضعها الجغرافي وامتدادها كالمعبر الضخم بين المحيطين الأطلسي والهادي و( البترول) الكامن في أرضها وملايين البشر الذين يضطربون فوقها والعقيدة القوية التي يعتنقها أهلها ويجتهدون في نشرها خصوصا في قلب إفريقيا ولا نكون مغالين إذا قلنا إن مستقبل السلام مرتبط بالإسلام وإن عقيدتنا هي التي تملك – وحدها – مقومات البقاء الحقيقي لو وجدت رجالا !!

ماذا يقولون عنا ؟

من أجل ذلك تدرس هذه المعسكرات العالمية الوعي الإسلامي حراسة دقيقة وتهتم بالحركات العاملة له ومما يدعو إلى الأسف – وإن كان لا يدعو إلى العجب – أن نري الهجوم السافر على الإخوان المسلمين في مؤلفات ( علماء ) أبسط ما يفترض فيهم الأمانة العلمية !!

وقد نظم معهد الشرق الأوسط في واشنطن مؤتمرا في مارس سنة 1951 ألقيت فيه بحوث كانت نموذجا لما يقولون عنا ... ومن ذلك ما جاء في بحث الدكتور " فيليب حتي " عن دراسة الوحدة الإسلامية .

" ويمثل هذه الرجعية أيضا حركة الوحدة الإسلامية وفي حين تحاول الوحدة العربية أن تجعل من اللغة والثقافة الوحدة المشتركة فإن الوحدة الإسلامية تجعل الدين هذه الوحدة العربية تنظر إلى الأمام الوحدة الإسلامية تستلهم الأفكار التي ترجع إلى قرون الوسطي فهي مخالفة للغرب ومخالفة للديمقراطية والإخوان المسلمون يمثلون هذه الحركة في أسوأ مظاهرها.

ويقول الدكتور وندل كيلاند عن الحركات القومية :

" إن بعض العناصر المحافظة تحاول أن تبذل جهدا في توجيه هذه الحركات نحو المثل القديمة الساذجة فنحن نسمع أحيانا عن ظهور شخص يريد أن يكون المهدي , وقد سمعنا من حين إشارات إلى حركات كالإخوان المسلمين ..

ولكن الغرب – برغم هذا الهجوم – يعترف بأثر الإخوان في الحياة العامة في مصر ففي كتاب ضخم عنوانه " دليل الرجل الذكي في عالم ما بعد الحرب "

عقد الأستاذ " كول " مؤلف الكتاب – فصلا عن مشكلات مصر وذكر فيه أن عدم توقيع معاهدة بين مصر وبريطانيا لا يرجع إلى رفض الزعماء المصريين ذلك , ولكن إلى ظهور " وعي وطني ديني " يحول بين الزعماء وتوقيع معاهدة لا تحقق آمال البلاد ".

وتبذل القوي الإستعمارية والطامعة جهودا كبيرة منظمة لتهذيب الإسلام ! وتريد هدفا من اثنين:

1- إحلال الأفكار المادية محله كما تنادي بذلك الشيوعية .

2- تحويل الإسلام إلى دين فردي كهنوتي لا علاقة له بالحياة العامة والكفاح الإيجابي وفي سبيل ذلك تشجع المذاهب ( المستأنسة ) التي لا تعرف الجهاد والتي تنتسب ظلما إلى الإسلام كالقاديانية والبهائية .

3- فنحن نؤمن أن دينا أساس حياتنا وحضارتنا وهم يرون تنحية الإسلام عن وضعه الأساسي ,واعتباره مظهرا اجتماعيا إذا أصررنا على وجوده .

4- ويتخذ كفاحهم ضد الإسلام والحركات التحريرية صورا متعددة نذكر بعضها فيما يلي :

1- هناك – أولا – الاتجاه الدراسي العلمي الذي يرمي إلى جمع كل ما يمكن جمعه من المعلومات الدقيقة عن الحركات الإسلامية .

2- والاتجاه النقدي الذي يستتر وراء البحث المجرد ليهدم مقدسات الإسلام وليؤكد استحالة تطبيقه وضرورة تطويره وتهذيبه , والتهوين من شأن تاريخنا وإرجاعه إلى أسباب مادية محدودة وقد رأينا نماذج من أقوال فيليب حتي ووندل كليلاند.

3- التبشير بمعالم حضارة جديد لها مقوماتها الخاصة ولكل من الشيوعيين والمعسكر الغربي – بفرقه المتعددة – مناهجه المتميزة ومن أوضح مظاهرها الغزو الفكري المنظم الذي تقوم به أمريكا الآن في العالم الإسلامي ويمثله الطوفان العالي من الكتب والمجلات والمبعوثين الثقافيين .

4- السيطرة الاقتصادية باسم المعونة الفنية وما وراءها من امتداد النفوذ السياسي ودوران الدول في الفلك الاستعماري .

5- الكفاح المسلح السافر الذي نراه ف يكوريا وكينيا والمغرب والهند الصينية .

6- الإبادة المنظمة كما نراها في مشكلة اللاجئين, وضحايا معركة فلسطين وقضية البريمي وكما حدث في ليبيا وشمال إفريقيا .

7- والذي لا ريب فيه أن الاستعمار – في كل صوره – يسعده أن يتخلص من الإخوان المسلمين والجماعات العاملة في العالم الإسلامي – بأى طريق من طرق التخلص – ويسعده جدا أن يحيا المسلمون أفرادا لا تربطهم روابط أشتاتا لا تنتظمهم جماعات مضطربين لا تنتظمهم وحدة فكرية متكلمين لا يدفعون يدا عنهم مكتفين بالاستنكار والاحتجاج ... وما أهون!!

خطوط عملية

1- هذا الفتور: ما أسبابه ؟ وما علاجه؟

2- أخلاقنا .

3- مناهجنا.


من هذا العرض السريع نستطيع أن نري بعض مظاهر نشاط الإخوان في تجميع القوة الإسلامية وتوجهيها وجهة عملية منتجة وكيف قوي التيار فاهتم به الاستعمار وكاد له مرة بعد مرة ( ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم إن استطاعوا )

وما أحرانا – في هذه المرحلة من تاريخنا – أن نذكر واجبنا ونحاول تخطيط الطريق فلعل في ذلك تبصرة وذكري .

من المحتاج؟

والسؤال الأول الذي ينبغي أن يوجهه كل منا إلى نفسه هو :

من المحتاج إلى الآخر : أنا أم الإسلام ؟

وقد يبدو الأمر بديهيا ولكن قد تمر على الإنسان فترة يحتاج فيها إلى مراجعة البديهيا في أمر دينه .

والله سبحانه وتعالي وضح هذا الأمر في كتابه العزيز فقال موجها الخطاب إلى أنفر أصحاب النبي عليه السلام  :( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل , إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير)

وفي آية أخري يقول ربنا عن البذل والإنفاق ( هأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) .

الافتقار إلى الله :

فإذا سري هذا في نفوسنا , وتذكرنا دائما أن لله عبادا غيرنا وليس لنا رب سواه قوي إحساسنا بالافتقار إلى الله وطال وقوفنا بين يديه نسأله القوة والعون و وفرغت نفوسنا من حب الدنيا وخوف الظالم والحرص على المنصب والجاه وتملق القادة والجماهير فإننا نؤمن أن أحدا منا لا يدري حين صبح هل يدركه المساء وحين يمسي هل يدركه الصباح , وأن الله قائم على كل نفس بما كسبت ومجازيها بما عملت .

هذا الافتقار إلى الله ليس أمرا سلبيا في حياة الأفراد وإنما هو استغناء بالله عن سواه يدفع إلى العمل والإنتاج الخالص القوي الذي لا ترتفع إلى آفاقه رهبة ولا رغبة إلا لله وفيما عنده والناس من وراء ذلك تراب حي يسير فوق تراب ميت فهل تحقق هذا فينا ؟

1- هذا الفتور : ما أسبابه؟

واسمحوا لى أيها الإخوة أن أكون معكم في هذه الرسالة صريحا إلى حد قد يؤلمكم ويضيق به بعضكم فمن الخير أن نتكاشف فذلك خير وأولي من ترك العلل تسري في الجسم دون تشخيص وعلاج .


إنني أري أحيانا مظاهر الفتور تعرو بعض الذين يعملون في الجماعة وينعكس على نشاطها العام وأمام هذا تتشعب بنا السبل .

1- فقد نحاول الآن التهرب من المشكلة أو تخفيف وقعها فنعتذر بمشكلات الحياة اليومية وضغط ظروف المعيشة وقلة الوقت الذي نستطيع أن نخصصه للعمل في الجماعة وفي الوقت نفسه تحمل " المسئولين " عبء الصغير والكبير ونسمع من هنا وهناك : نريد البرامج .. والكتائب .. اين الدعاة والخطباء ؟ وتعتمد الشعبة على المنطقة فتحول الخطاب إلى المكتب الإداري الذي يؤشر بتحويله إلى المركز العام فيحوله إلى عدد محدود من ألأفراد ترهقهم أعباء لا يمكن التغلب عليها إلا بالتعاون الصادق بين مجموعة أكبر عددا وأعمق فهما وأكثر تفرغا .

2- وقد يكون فينا – كلنا أو معظمنا – الإقبال الحقيقي على العمل فننتزع أنفسنا من دوامة الأحداث اليومية ونقتطع من وقتنا وقوتنا ما ندعم به أمر ديننا ونحاول أن نصنع لعقيدتنا حاضرا كريما يربطها بماض كريم فنرى العقبات التي بين أيدينا معالم الطريق الذي نجتاز , مستمدين العون من الله وقد اعتصمنا بالعزائم ولم نعتذر بالترخص وننسق جهودنا على أساس سليم وبأسلوب محكم يحقق لنا أهدافنا .


3- ومع أننا جميعا نحب الطريق الثانية ونهتف لها إذا سمعناها حديثا من خطيب أو قرأناها مقالا لكاتب , إلا أن أمر التطبيق يحتاج منا إلا عزائم لا تعرف الضعف وصبر لا يعرف الملل .

4- وأود أن أتناول قضية " الفتور " هذه تناولا موضوعيا ونحاول بعد التشخيص أن نصل إلى المخرج السليم مهما بدا طريقه صعبا طويلا فالمهم أن نسير على صواب ليصل الإسلام إلى غايته لا أن تصل ذواتنا ولا يستطيع عاقل أن يقول إننا في طرفة عين نستطيع أن نصنع الكثير فليست بين أيدينا عصا موسي نضرب بها الحجر فيتفجر منه الماء أو نشير بها إلى الماء فيصبح طريقا يبسا !!


أ- الفهم :

ولعل أهم الأسباب التي تؤدي بالفرد إلى الفتور عدم فهم الدين نفسه وقد يبدو هذا غريبا أول الأمر ولكن الأغرب منه أن نتصور مسلما ذاق حلاوة الإيمان وفهم دينه فهما صحيحا , ثم ينصرف عن العمل في ميدانه وأقصد هنا الفهم المعتمد على الكتاب والسنة والذي يستطيع أن يقيم في ذهن الأخ المعالم الرئيسية للحياة الإنسانية كما يريدها الإسلام .

إن الإنسان إذا اتضحت أمام ذهنه هذه الحقائق صعب عليه – أو استحال – أن يحيا دون إسلام ووجد نفسه مدفوعا – بصدق – إلى البحث عن المجموعات العاملة في هذا الميدان يهتدي بهداهم ويصلح أخطاءهم ويتعاون معهم على الوصول إلى الحق .

ويتصل بأمر الفهم أيضا ما يصيب الأخ من " ملال " من كثرة ما يسمع من حديث مكرر في الاجتماعات والحفلات والمؤتمرات فيحس أنه يعيش في دائرة ضيقة لا تتسع وأنه يدور في حلقة مفرغة وقد تكفيه هذه الأحاديث سنة أو أكثر أو أقل ولكنها – وحدها – لا تكفي أن تظل مادة فكره بعد وقت طويل .

والأخ في هذه المرحلة على مفرق طرق :

1‌- إما ن يتولاه السأم من أمره وممن حوله , فلا يواظب على حضور المحاضرات والكتائب والأسر وتتراخي صلته بإخوانه ثم تقل وتنقطع .

2‌- وإما أن يكون أخا يقظا لا يعتمد على ما يسمع فحسب ولكن على تحصيله فتتفتح أمامه – بجهوده – أبواب من المعرفة الإسلامية تزيده إيمانا بما يؤمن به واستمساكا بالحق الذي يعيش به وله ... هذا إذا كانت صلته بالمصادر الأصلية الصحيحة وقد يقع في أسر بعض الكتب التي تصور الإسلام تصويرا مشوها فيكون من وراء ذلك خطر على نفسه وعلى من يتصل بهم ويؤثر فيهم .


والقراءة – من ناحية أخري – قد تستولي على معظم وقت الأخ وتفكيره فتحول دون اتصاله المنظم بإخوانه ويتحول نشاطه إلى تكوين نفسه والعناية بها عناية قد تصرفه عن مساعدة إخوانه والأخذ بيد البادئ والتعاون مع الزميل والاسترشاد برأي الكبير ويصل أحيانا إلى مرحلة يكاد يكون من الصعب فيها التمييز الدقيق بين التكوين الفردي من ناحية والترف العقلي وإيثار الراحة بين الكتب والأهل من ناحية أخري وفي هذا يحتاج الأخ إلى مراجعة تصرفاته وتنظيم وقته ليستطيع إيجاد توازن بين التكوين والعمل في المجموعة .

والمفروض أن تكون الجماعة – بأنظمتها – بيئة صالحة يتعاون فيها أفراد يحاولون أن يتخذوا إلى ربهم سبيلا وهي حقل يغرسون فيه بذور الإسلام ويتعهدونها حتي تثمر فيزداد يقينهم بصلاحيتها أساسا للحياة فهل يستطيع إخوان الأسر أن يكونوا هذه البيئة الصالحة ؟...

ب- بروق المطامع :

وقد يقبل الأخ على العمل لدينه ويستشعر الأنس بنماذج معه في الميدان ويسمع عن فلان وفلان .. هذا خطيب .. وهذا كاتب ... وهذا مسئول.. ويراهم على المنابر يرسلون الصواعق أو ينقلونه إلى جو هادئ جميل وتمر الأيام والشهور والأعوام فإذا به يزداد اتصالا بهم ويبدأ في إدراك بعض الحقائق المرة ويري بعض من كان يثق فيهم ذواتا تضطرب في نفوسهم نوازع الدنيا ويحس الفارق الضخم بين أقوالهم وأفعالهم فيفجع ويزداد إحساسه بالفجيعة كلما كان أصفي قبلا وأطهر معدنا وأشد اندفاعا وتضيق نفسه ... وتضيق ! ويفضل أن ينصرف عن إخوانه إلى حياته الخاصة يدبر أمرها دون أن يتحمل تبعة عابث أو منافق عليم اللسان !!

ج- الأمجاد والمشكلات :

وناحية أخري تمتص حيويتنا امتصاصا رهيبا وهي إضاعة الوقت في الحديث عن أمجاد الجماعة ومشكلاتها وأود ألا تعجبوا من وضع الأمجاد والمشكلات في قائمة واحدة فكلاهما حديث عن الماضي يستهلك ما بين أيدينا فيما خلفنا . ولا أود أيها الإخوة أن أحجز على عقولكم فإن هذا لا يقول به عاقل وإنما أود – في هذه الطور – أن أتحدث عن الأثر الضار الذي تركه هذا الأسلوب في حياتنا فانصرفنا عن بناء الحاضر والتمهيد للمستقبل إلى أسلوب انطوائي يحيا في الماضي بخيره وشره .

وسلو أنفسكم كم أضعتم من شهور وشهور في أحاديث تنتقدون بها أنفسكم وغيركم يخرج منها الأخ ثقيل النفس ضيق الصدر وقد ألقي بين عينيه ستار جعل المستقبل أمامه مظلما مرهق الوحشة والترجمة الذين يقفون أمام الآثار يتحدثون عن المجد القديم يقدمون إلى المستقبل شيئا والخطباء الذين يتألمون من خطأ قائم لا يقدمون إلى المستقبل شيئا إنما يخط طريق المستقبل من يعرفون ماضيهم وحاضرهم ثم ينتقلون في سرعة وإحكام إلى وضع الخطوط العملية التي تتحول واضحة المعالم سليمة الأسس والأهداف .

نحو العلاج


1- صححوا الفكرة والأسلوب :

أ‌- وأول شئ – وأعلاه – يجب أن نبدأ به إذا أردنا أن نصحح أفكارنا وأعمالنا على هدي الكتاب والسنة ونحاول تطهيرها من الزيغ والهوي فلا شك في أن مجتماتنا بعدت كثيرا عن الإسلام وأخطر من هذا البعد عدم الاعتراف به أو التهوين من شأنه .

ولقد حدّث الزهري أنه دخل على أنس بن مالك رضي الله عنه بدمشق وهو وحده يبكي فقال " ما يبكيك؟" قال " لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة وقد ضيّعت!!"

ب‌- وفي هذا علينا أن نتحري وجه الحق دون الناس فقد ينفر الحق بحرارته أناسا والنبي عليه السلام حذرنا من الخضوع لتأثير الناس عندما سئل ن الشهوة الخفية فقال " هو الرجل يتعلم العلم يحب أن يجلس إليه ".

ت‌- فإذا سلمت لنا نياتنا واتضحت فكرتنا كانت مراجعتنا دقيقة شاملة لا تهتم بجانب دون آخر أو على حسابه فكثيرا ما يؤدي الاهتمام بناحية – أية ناحية - على حساب الفهم الكلي إلى الانحراف عن الطريق السوي ولعل هذا من أكبر أسباب نشوء الفرق الإسلامية .


ث‌- فصححوا عقائدكم والزموا سنة الدين واعتمدوا على النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وجردوا قصدكم لله فيما تقولون لتقلوا من الله التسديد كما قال عز وجل ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " ووثقوا صلتكم بالعربية حتي لا تلتبس عليكم وجوه الكلام .

ج‌- واحذروا القول بآرائكم دون سند من كتاب أو سنة ولقد وضح عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الظاهرة فقال " أصبح أهل الرأي أ‘داء السنة أيتهم أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنة برأيهم فإياكم وإياهم ".


وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال :

" وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله : كأنها موعظة مودع فأوصنا. قال " أوصيكم بتقوي الله , والسمع والطاعة وإن تآمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين , عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ".

2- فلنصارح أنفسنا :

أ‌- من الخير أن نعترف أن صلة الكثيرين منا بكتاب الله لا زلت محدودة ضيقة نقنع بقراءة الورد اليومي وقد لا نكلف أنفسنا عناء مراجعة المفردات أو قراءة تفسير مأثور قراءة منتظمة فاحصة بتوجيه سليم ونحاول أن ( نجتهد) في استخراج المعاني دون أن تكون بين أيدينا أدوات الفهم الصحيح وكثيرا ما نكتفي بآيات ( مختارة ) من القرآن لعلها تمثل ناحية أو أكثر من نواحي الإسلام دون تصور شامل لما يجب على المسلم أن يفهمه ويؤمن به ويعمل له .

نحن محتاجون – خصوصا شبابنا المتعلم – إلى أن نرتب لأنفسنا دراسة منتظمة طويلة الأمد واضحة الهدف تخرج جيلا من الذين يفهمون دينهم فهما صحيحا وفرق كبير بين أن نجعل محور دراستنا اختيار الآيات ( المؤثرة !!) والتفسيرات ( الفنية !!) نزين بها الخطب وننعش بها لحفلات ! وبين الدراسة الممتعة التي تحتاج إلى عناء وسهر وتكامل لا تستهدف إلا استنفاد النفس من الجهل وغضب الله دون اهتمام بما يرضي (الجمهور ) ولعل هذا هو الفرق الدقيق بين تملق الجموع والعمل الخالص لوجه الله تعالي .

ب‌- ونحن كثيرا ما نهتف في مجامعنا : القرآن دستورنا .. الرسول زعيمنا .. وأود أن يفرغ كل منكم إلى نفسه حيث لا تطلع عليه إلا عين الله ويحاول أن يسألها ماذا أحفظ من كتاب الله ؟ ماذا أفهم مما أحفظ ؟

ت‌- هل راجعت فهمي على كتاب التفسير المأثور والسنة المعتمدة , أو جمعته من هنا وهناك ؟ هل عملت بما حققت ؟ كم مّر من الشهور والأعوام دون أن أحفظ جديدا أو أفهم جيدا أو أطبق على حياتي جديدا ؟.


هل أعظم جهدي موجه نحو جمع ما يرضي الناس أم للعبادة في حياتي نصيب كريم ؟ هل حاولت استكمال نواحي النقص الفكرية والعملية في حياتي أم قعدتي بي همتي ؟

ولا شك في أن الكثيرين منا سيحسون الهوان .. وكلنا مقصرون ولا شك . ولا يستثني من التقصير أحد .. ذلك لأني أود ألا نقيس أنفسنا بمن نعيش بينهم وإنما التأسيّ بالنبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه ومنهاجنا نأخذه من الأجيال المؤمنة التي جاهدت من أجل الإسلام فنشرته في العالم دينا ولغة وحضارة ودولة ندافع عنه بالفكر والسيف ونغذيه بمداد العلماء ودم الشهداء .

3-طريق الحق :

ولا شك في صعوبة هذه الطريق .. ولكن علينا أن نعمل ونصبر ... ولقد تعلم آباؤنا كيف يثبت الواحد منهم على الحق ولو خالف الناس جميعا :

أ- قال عمرو بن ميمون الأودي :

صحبت معاذا في اليمن فما فارقته حتي واريته في التراب بالشام , ثم صحبت بعده أفقه الناس عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فسمعته يقول : عليكم بالجماعة , فإن يد الله مع الجماعة , ثم سمعته يوما من الأيام وهو يقول : سيلي عليكم ولاة يخرون الصلاة عن مواقيتها فصلوا الصلاة لميقاتها, فهي الفريضة وصلوا معهم فإنها لكم نافلة .

قال : قلت : يا أصحاب محمد ما أدري ما تحدثوننا ؟ قال : وما ذاك؟

قلت : تأمرني بالجماعة وتحضني عليها , ثم تقول صل الصلاة وحدك , وهي الفريضة وصل مع الجماعة وهي نافلة ؟!

قال : يا عمرو بن ميمون, قد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية , تدري ما الجماعة ؟

قلت : لا . قال : جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة . الجماعة ما وافق الحق , وإن كنت وحدك .

وفي طريق أخري أن جمهور الناس فارقوا الجماعة وإن الجماعة ما وافق طاعة الله عزوجل .

ب-وعن الحسن البصري :

السنة – والذي لا إله إلا هو – بين الغالي والجافي فاصبروا عليها رحمكم . فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضي وهم أقل الناس فيما بقي الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في أترافهم ولا مع أهل البدع في بدعهم وصبروا على سنتهم حتي لقوا ربهم فكذلك إن شاء الله تكونوا .

ج-والنبي صلى الله عليه وسلم يرغبنا في إتباع السنة ويحذرنا الهواء والزيع في حديث رائع التصوير :

عن معاوية رضي الله عنه قال :

قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفرق على ثلاث وسبعين : ثنتان وسبعين في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة وأنه سيخرج من أمتي أقوام تتجاري بهم الأهواء كما يتجاري الكلب بصاحبه لا يبقي منه عرق ولا مفصل إلا دخله ".

( الكلب داء يصب الإنسان إذا عضه كلب مصاب بهذا الداء ).

ومن السهل أن تتجاري الأهواء بصاحبها إذا لم تكن عنده حصانة من الفهم السليم لدينه وكيف طبقه أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم على أنفسهم واتبعهم في ذلك سلفنا الصالحون .

أخلاقنا

وعلى هذا الأساس أود – أيها الإخوة – أن نراجع معا بعض أخلاقنا – والدين النصيحة – ولقد نقرأ في كتاب الله كيف يعرض ربنا مشكلات المجتمع الإسلامي الأول في مكة والمدينة ويعالجها في وضوح لا لبس فيه ولا غموض والنبي صلى الله عليه وسلم يصف ديننا فيقول :" تركتكم على مثل البيضاء : ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ".

كيف كانوا يتعاملون ؟

والذي ألاحظه في أخلاقنا وعلاقاتنا أننا لا نعرف الاتزان الدقيق , فإذا رضينا عن أحد رفعناه إلى السماء وإذا كرهنا هبطنا هبه إلى أسفل سافلين وتسأل الأخ عن فيقول لك ( الإيمان حب وبغض!!) والفهم الأبتر لهذه الكليات يوقعنا في كثير من الخطأ ونحن كثيرا ما نكتفي بأشتات من المعرفة الإسلامية – نجمعها من الحفلات والقراءات السريعة – لا تصلح بحال لتكوين فكرة سليمة عن الإسلام :


أ‌- ولعل من أكرم صور الاتزان في الحكم وبعد الأفق وشمول النظرة ما قاله أبو داود عن عمر بن أبي قرة قال :

كان حذيفة بالمدائن فيأتون سلمان الفارسي رضي الله عنهما فيذكرون ذلك له فيقول : حذيفة أعلم بما يقول فيرجعون إلى حذيفة فيأتون سلمان الفارسي رضي الله عنهما فيذكرون ذلك له فيقول : حذيفة أعلم بما يقول . فيرجعون إلى حذيفة فيقولون له : قد ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذبك . فأتي حذيفة سلمان رضي الله عنهما فقال : ما يمنعك أن تصدقني فيما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في الغضب ويرضي فيقول في الرضا ثم قال : أبا حذيفة ! أما تنتهي حتي تورث رجالا حب رجال , ورجالا بغض رجال , وحتي توقع اختلافا وفرقة ؟! ولقد علمت أن رسول الله صلي الله عليه وسلم خطب فقال " اللهم إن اتخذ عندك عهدك , أيما رجل من أمتي سببته سبّة أو لعنته لعنة في غضبي فإنما أنا من ولد آدم , أغضب كما يغضبون و إنما بعثتني رحمة للعالمين – فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة " والله لتنتهين يا حذيفة أو لأكتبن إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

ب‌- وعندما شرح الإمام ابن كثير أحوال المنافقين في المدينة في سورة التوبة أورد قصة حرملة في الحديث الذي يرويه أبو الدر داء عن رسول أبو الدرداء عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ط ان رجلا يقال له حرملة أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال : الإيمان ههنا وأشار بيده إلى لسانه والنفاق ههنا. وأشار بيده إلى قلبه , ولم يذكر الله إلا قليلا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل له لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وارزقه حبي وحب من يحبني وصير أمره إلى خير فقال : يا رسول الله : إنه كان لى أصحاب من المنافقين وكنت رأسا منهم أفلا آتيك بهم ؟ قال : من أتانا استغفرنا له ومن أصر فالله أولي به , ولا تخرقن على أحد سترا ".

ت- والله سبحانه وتعالي أمرنا فقال : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )

فكيف يستبيح بعضنا السعي بأخبار بعض وإشاعة السوء بين المؤمنين وتمضية الوقت في الحديث عن فلان وفلان ؟!..

أنت إذا حدثتك أحد إخوانك عن آخر بسوء فصارحه من أول الأمر بأنك تريد أن تجمع بينهما أو ليذهبا معا إلى أخ يرضونه حكما ونق مجلسك من سماع السوء وقوله وذكر نفسك ومحدثك بما جاء في الكتاب والسنة عن ذلك ... أما أن يتسرب إلينا ما نهي الله عنه من الغيبة والنميمة والتجسس ويستباح باسم مصلحة الدعوة !! نهش لحوم الغائبين والخوض في أقدارهم وأعراضهم وتجد النفوس الضعيفة مما تزلف به تحت ستار الغيرة على الجماعة – فهذه أخلاق يبرأ منها الإسلام ولا يعرفها الرجال .

إن الله أنزل هذا الإسلام على الأمة العربية من أول الأمر واختارها لمزايا خاصة ... وأنت تقول لمن يحدثك " أعرب عما في نفسك " إذا أردت الإبانة والوضوح ... فهذه أمور وضوح , وديننا دي وضوح لا يضل عنه إلا هالك .

والإسلام لا يعرف الأجواء ذات الأضواء والظلال والبسمة المنافقة والوعد الكاذب والشماتة في المبتلي والتفاهة في الصداقة والخصومة وإنما تبرز معادن الرجال في المحن والضيق ويتجلي نبل الخلق حيت يشتد الأمر ولا يستطيع الإمساك بالحق إلا أهله الأوفياء الذين يعملون بواضح الكتاب والسنة غير فاتنين ولا مفتونين .

لا عصبية :

لا تستطيع جماعة أن تحيا دون أن يكون في رجالها الجرأة على قول الحق وله على أنفسهم وإتباعه غير متأثرين بمنصب أو جاه أو عصبية عمياء .

فعن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله : ما العصبية ؟ قال " أن تعين قومك على الظلم " ( أخرجه أبو داود).

ولا إتباع بغير دليل:

ونهانا ربنا عن أن يكون عملنا بغير دليل فقال ( ولا تقف ما ليس لك به علم غن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) وحذرنا سوء المصير في قوله ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم " لا يكونن أحدكم إمعة , قيل وما الإمعة ؟ قال : الذي يقول أنا مع الناس " وأعطانا ابن مسعود صورة حسية لهذا النوع من الناس فقال " كنا نعد الإمعة في لجاهلية الذي يتبع الناس إلى الطعام من غير أن يدعي وإن الإمعة فيكم المحقب الناس دينه ".

القوة والحق :

وينبغي أن يربي شبابنا على ذلك من أول الأمر فنحن لا نريد جيلا من الأرقاء الذين ذابت شخصياتهم في آلة ضخمة وإنما نريد المسلم القوي الذي يستطيع أن يكون دائما نقطة بدء في الوعي الإسلامي ويحافظ على حيويته ومقوماته ويهدف من تعاونه مع شخصيات قوية مثله إلى تكوين الجيل المسلم المرتجي الذي يعمل لدينه لا يستخفه انحراف ولا يقعد به عجز ولا يتلفه غرور .

وإليكم نماذج من تعاون الأقوياء وكيف عاشوا على الخلق العالي الذي عجزت عنه فتن الدنيا .

1- جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالا : يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلاّ ولا منفعة فإن رأيت أن تعطيناها لعلنا نحرثها أو نزرعها ولعل الله أن ينفع بها بعد اليوم , فقال أبو بكر لمن حوله : ما ترونه فيما قالا ؟

قالوا: إن كانت أرضا سبخة لا ينتفع بها فنري أن تقطعها لعل ألله أن ينفع بها بعد اليوم فأقطعهما إياها وكتب لهما بذلك كتاب وأشهد " – وعمر ليس في القوم – فانطلقا إلى عمر يشهدانه فوجداه يهنأ بعير له فقالا :" إن أبا بكر يشهدك على ما في هذا الكتاب فنقرأه عليك أو تقرأ ؟ قال : أنا على الحال التي ترياني فإن شئتما فاقرءا وغن شئتما فانتظرا حتي أ فرغ فأقرأ عليكما . قالا : لا . بل نقرأ فقرآه – فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما قم ثم تفل فيه فمحاه فتذمرا وقال مقالة سيئة . فقال : إ، رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألف كما والإسلام يومئذ ذليل وإن الله عزو جل قد أعز الإسلام اذهبا فاجهدا جهدكما لا رعي الله عليكما إن رعيتما قال وأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا والله ما ندري من الخليفة !! أنت أم عمر ؟ قال : بل هو لو كان شاء – قال : فجاء عمر وهو مغضب حتي وقف على ابي بكر فقال : أخبرني عن هذه الأرض التي قطعتها هذين, أرض هي لك خاصة أم بين المسلمين عامة ؟ قال : بل هي للمسلمين عامة . قال فما حملك أن تخص بها هذين دون جماعة المسلمين ؟ قال : استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا على بذلك . قال فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك أفكل المسلمين أوسعتهم مشورة ورضي ؟ قال أبو بكر : قد كنت قلت لك إنك أقوي على هذا مني لكنك غلبتني .

2- واربطوا هذه القصة بموقف أبي بكر يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وموقفه في بعث أسامة حين أرسلت الأنصار عمر إلى أبي بكر لحبس الجيش أو ليولي عليهم رجلا أقدم سنا من أسامة . فقال أبو بكر : والله لو علمت أن السباع تجر برجلي إن لم أرده ما ردته , ولا حللت لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : إن الأنصار أمروني أن أبلغك وهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة فوثب أبو بكر وكان جالسا فأخذ بلحية عمر فقال : ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب ! استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرني أن أنزعه ؟

فخرج عمر إلى الناس فقالوا له : ما صنعت ؟

فقال : امضوا ثكلتكم أمهاتكم حسبي ما لقيت في سبيلكم من خليفة رسول الله .

3- ثم موقفه في حروب الردة حين جاءه عمر يقول : تألف الناس وأرفق بهم فقال أبو بكر : رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك !! أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام ؟! إنه قد انقطع الوحي وتم الدين أو ينقص وأنا حي !!

قال عمر رضي الله عنه : فما هو إلا أنت رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال حتي عرفت أنه الحق .

فروضوا أنفسكم على قول الحق والخضوع له دائما واعملوا بهذا فيما بينكم فإذا نجحتم فحاولوا أن تجمعوا عليه الناس .

الاستمرار:

أ‌- ولقد لفتنا النبي صلي الله عليه وسلم إلى ظاهرة بشرية لها خطرها في حياة الأفراد والجماعات , ووضح لنا المنهج السليم حيالها .. فعن عبد الله بن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم : " لكل عمل شرة ولكل شرة فترة - فمن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك " ( الشرة : النشاط والهمة . وشرة الشباب : أوله وحدته والفترة : الضعف والانكسار)

وكثيرا ما نجد شبابنا مندفعا إلى العمل في الجماعة اندفاعا شديدا ثم يتولاه بعد سأم وانصراف ولقد عالجت بعض أسباب هذا الانصراف في الصفحات السابقة ولكن هذا الحديث يوضح القاعدة العامة ويبين أن الناس في الفترة قسمان :

1- قسم إذا أرهقه العمل وضعف عنه انصرف عن النهج الذي كان عليه ومال إلى غير السنة . وفي هذا لا يعدم ما يبرر به ضعفه من أسباب ويحاول أن يثبت أى شئ إلا ضعفه !!.. ويلقي المسئولية على سواه وتجده دائما يائسا يشيع اليأس فيمن حوله خوارا يشيع الاستكانة ويجسم أخطاء الناس ويهون أخطاء نفسه هذا إن اعتراف بها !

2- وقسم يقبل على دينه إقبالا قويا , فإذا فتر نشاطه فللاقتصاد ولئلا يوقعه الإفراط في السأم فهذه الراحة محمودة .

ولذلك ينبغي أن نكون واضحين حين نفتر عن العمل فنسأل أنفسنا : هل هي فترة إلى السنة أو إلي غيرها ؟

ب‌- ويرتبط بهذا قول النبي صلي الله عليه وسلم " يا أيها الناس : خذوا من الأعمال ما تطيقون , فإن الله لا يمل حتي تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل ".

ت‌- أما الذين يصطدمون في الجماعة بما ينكرون فالإسلام يقتضيهم قول الحق ول كان مرا يخاصمون به ويخضعون له ويتحملون تبعة ما يؤمنون به وحين نتخلق بهذا الخلق نستطيع أن نقدم إلى الإسلام الكثير فسنكون عونا لكل أخ على شيطانه وننهي عن المنكر ونأمر بالمعروف ولا نستخذي أمام كبير ولا نتجبر على ضعيف فتسلم لنا عقائدنا وقلوبنا ووحدتنا ولا يستطيع المنافق والمتزلف أن يجد مجاله بيننا ونتقي صنفا من النفوس الضعيفة والأفئدة الهواء .

مناهجنا

قضايا كلية :

ويمكن – أيها الإخوة – أن تستحضروا في أذهانكم ما تسمعونه في الاجتماعات والحفلات والكثير مما تقرءون في الرسائل المختصرة التي بين أيديكم فستجدونها جميعا قضايا كلية لا تتدخل في التفاصيل إلا بقدر محدود والطابع الغالب على الفترة التي مضت من حياة الإخوان كان جمع الناس على هذه الكليات وتوجيههم نحو التطبيق العملي ولذلك فائدته في إيجاد تناسق فكري بين العاملين والخروج بالمسلمين من مجال اللسان وحده إلى نواح من الحياة العملية ظلت فترة طويلة بعيدة عن واقع حياتهم .

ولكنها لا تكفي :

1- وليس من المعقول أن تظل الجماعة حية في هذه الدائرة المحدودة ... فهذا إن صح فلن يكون إلا علي الصورة الآتية :

أن يحترف أفراد التبشير بهذه الكليات مع خلاف طفيف فيما يقولون ... ويظل واحدهم ينتقل بها في القطر من أقصاه إلى أقصاه وقد يضيف في رحلته إلى محصوله مجموعة من الأحاديث والشروح والقصص تحدث نوعا من اليقظة الوقتية لا تلبث أن تنطفئ وذلك لأنها غير مؤسسة على منهج متكامل .

ويمثل هؤلاء الدعاة – إلى حد كبير – مظاهر ( الثبات) في حياة الجماعة بينما يتلقون كل عام أفواجا أخشي أن أقول إن عددا غير قليل منهم لا يستقر في الجماعة وذلك لأننا حتي الآن – لأسباب كثيرة : بعضها يتصل بنا وبعضها لايد لنا فيه – لم نستطيع أن نكون البيئات المستقرة التي ينمو فيها الإخوان نموا متكاملا .

2- وهذا المظهر من التلقي والانصراف يؤثر تأثيرا عميقا على حياة الجماعة ... فسيظل جهد المسئولين موجها – إلى حد كبير – نحو رعاية المقبلين الجدد, وتحويل عدد منهم إلى ( نقباء ) يرعون إخوانهم من ورائهم مع أن من أدق موازين نجاح الجماعة أن تكون قادرة على الاحتفاظ بأبنائها وإتاحة الفرص لنمو مواهبهم وتوسيع مداركهم ليصبحوا طاقات وعقولا يمكن أن تخدم العقيدة وتتحول الجماعة - بذلك – من كائن بسيط تستطيع الخلية الواحدة فيه أن تقوم بكل الوظائف الحيوية إلى كائن نام متعدد الأجهزة واضح الهدف .

خطوة واجبة :

1- لذلك لابد من أن نتخذ كل السباب الممكنة حتي تخطو الجماعة هذه الخطوة فتنتقل من الحديث عن الكليات و العموميات إلى الدخول في التفاصيل , و ليس هذا الأمر يسيرا يستطيع أن يقول فيه من شاء ما شاء.. فلابد من دراسة عميقة سليمة لمصادر الإسلام من الكتاب والسنة وهدي سلفنا الصالحين ومن دراسة عميقة للمجتمعات الإسلامية ومشكلاتها . وتكوين شخصيات لا تستهدف إلا ما عند الله وهذه الشخصيات تستطيع تشخيص المرض وتحديد الدواء ثم الإشراف على العلاج وإعلانه بين الناس .

2- وليس في الأرض دولة تستطيع أن تقول إنها الصورة التطبيقية لما جاء به الإسلام وفي هذا يجد دعاة الإسلام عنتا كبيرا فدعاة الشيوعية وراءهم روسيا ومجموعة ضخمة من الدول تدور في فلكها وحروب دامية بذلت فيها الأموال والأرواح امتدت من ثلوج الشمال إلى الغابات الحارة .. ودعاة الغرب وراءهم أمريكا وبريطانيا ودول كثيرة يجمعها القيد الذهبي ويقف الإسلام فريدا في معركة المبادئ معتمدا على إيمان المؤمنين .

فلا اقل من أن نقيم في عالم الفكر صورة الإسلام الذي نريد ونحاول أن نجمع الناس على تصور عقلي ونقدم لهم كتابة حلول مشكلاتهم .

3- فإذا عجزنا عن إقامة هذه الصورة الفكرية فنحن عن التطبيق أعجز ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه .

إن الذين يعملون في الجماعة آمنوا بكليات الإسلام فلا حاجة إلى تكرارها لقوم يؤمنون بها فلنحفظ هذه الخطوة للإسلام ..ولنا . وللناس .

4- وأحس إحساسا – يصل في نفسي إلى مرتبة اليقين – أن هذه الخطوة من اقسي الامتحانات التي تواجه الجماعة , وبها سيتقرر في وضوح ما إذا كنا نستطيع أن نحتفظ بشباب الإخوان للإسلام أم سيتسرب هذا الشباب كالماء من بين أصابع الجماعة .

علاقة هذه الخطوة بمشكلاتنا:

وأحيانا أسائل نفسي :

لماذا لم نخط هذه الخطوة؟ ولماذا لم يكتب لمناهجنا التربوية أن تستمر وقت طويلا ؟

وأجلس إلى إخواني فأجد حديثا عن الماضي والمستقبل وألما من حاضر وتوجسا من أخ عامل وتستهلك هذه الجلسات من حيوية الإخوان الشئ الكثير .. فهل نحن نقبل عليها لأنها لا تكلفنا جهدا بينما تجعلنا نحس أننا بذلنا في الجماعة جهدا ؟ خاطر أرجو أن تفكروا فيه فلعلنا آثرنا هذا الشبع الكاذب على العمل الجاد وأضعنا الوقت تهربا من تبعات ثقيلة نجد بأسا في عملها .

ولا شك أن حالة الفراغ النسبي هذه تؤدي وحدها إلى مشكلات وتفرخ فينا الفتن وتتحول طاقات الأفراد إلى تفاهات لا تجدي يظنونها تقريرا لمصير الجماعة وتخطيطا لمراحل سيرها

التربية المتكاملة :

وحين يصبح هذا مناهجنا الحيوي سنحدد نظرتنا إلى الناس ونزنهم بميزان دقيق ونراجع القيم التي نعيش بها مراجعة لا يرجح فيها إلا الحق ولا نسمح بالتقدم في صفوف الجماعة وتحمل مسئولياتها إلا لمن يعبر عن دينه تعبيرا صادقا في فهمه وعلمه وعمله وتاريخنا حافل بهذه النماذج المتكاملة :

1- فلقد كان سالم مولي أبي حذيفة رضي الله عنهم – من أحسن الناس صوتا بالقرآن فعن عائشة رضي الله عنها قال "استبطأني رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات ليلة فقال ما حبسك ؟ قلت : إن في المسجد لأحسن من سمعت صوتا بالقرآن فأخذ رداءه وخرج يسمعه فإذا هو سالم مولي أبي حذيفة فقال : الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك ".

2- هذا القارئ الممتاز كان عتيقا وآخي النبي صلي الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدة عامر بن الجراح أمين هذه الأمة ويروري الواقدي عنه :" لما انكشف المسلمون يوم اليمامة قال سالم مولي أبي حذيفة : ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفر لنفسه حفرة فقام فيها ومعها راية المهاجرين يومئذ ثم قاتل حتي قتل شهيدا سنة اثنتي عشرة من الهجرة فعل هذا بعد أن شهد بدرا والمشاهد .


ويروي الذهبي عن الصحابي الجليل شقيق أبي وائل رضي الله عنه :" كان .... إذا خلا ينشج ( يبكي بصوت وتوجع) ولو جعل له الدنيا على أن يفعل ذلك وأحد يراع لم يفعل , وكان له خص يكون فيه هو وفرسه فإذا غزا نقضه وإذا رجع بناه ".

فهنا نجد طاقة رائعة من العبادة والعكوف على كتاب الله والجهاد العنيف المرهق ولم يحاول هذا الجيل – وحاشاه أن يفعل – أن يوفر جهوده على القرآن دون جهاد أو يكتفي بالجهاد دون علم وإنما أخذ الإسلام – كما تلقاه – كلا لا يتجزأ ووجدت روحه القوية مجالاتها في المحراب والميدان معا .

3- هذه الأرواح القوية والتربية الناضجة دفعت آباءنا إلى التجرد لأمر الدين فصاغوا حياتهم على أساسه وتوفروا على خدمته والدفاع عنه ولم يرضوا بأنصاف الحلول وأرباعها او تغيير حكم من أحكام الله أو كتم ما يعتقدون أنه الحق .

ومن ألأمثلة الكريمة على ذلك ما رواه ابن كثيرا عن العالم الجليل أحمد بن حنبل وموقفه في محنة خلق القرآن ، أمام الواثق الخليفة العباسي .." وكان أحمد ممن يدعون إلى القول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وكان الواثق من أشد الناس في القول بخلق القرآن فقام أحمد يدعو إلى الله وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاجتمع عليه جماعة من أهل بغداد والتف عليه ألوف , وانتظمت له البيعة في السر على القيام بالمعروف والنهي عن المنكر وعندما افتضح أمره استدعاه الواثق .. وكان أحمد قد استقتل وباع نفسه وحضر وقد تحنط وتنور ( تطيب استعدادا للموت ) وشد على عورته ما يسترها . وسأله الواثق : ما نقول في ربك أتراه يوم القيامة ؟ فقال : يا أمير المؤمنين , قد جاء القرآن والأخبار بذلك :

قال الله تعالي : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) وسأله : ما تقول في القرآن ؟ فقال : هو كلام الله قال : أمخلوق هو ؟ قال هو كلام الله وتدفق أحمد بن نصر في هذا الموقف الرهيب بين السيف والنطع يتلو الآية بعد الآية والحديث بعد الحديث وتكاتف عليه علماء الخليفة يحرضونه على العالم الأعزل وهوي سيف الواثق على رأس أحمد وهو يردد كلمة التوحيد , وقال عنه الإمام الجليل أحمد بن حنبل رحمه الله :" ما كان أسخاه بنفسه لله . لقد جاد بنفسه له !!"

4- ومر أحمد بن حنبل في هذه المحنة : دعوه إلى القول بخلق القرآن , وأمر بالمأمون بإحضاره فلما اقتربوا من جيش الخليفة , جاء خادم وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه ويقول : يعز عليّ يا أبا عبد الله أن المأمون قد سل سيفا لم تسله قبل ذلك وإنه يقسم بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلك بذلك السيف قال : فجثا أحمد على ركبتيه , ورمق بطرفه إلى السماء , وقال : سيدي ! غر حلك هذا الفاجر حتي تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل و اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤونته قال : فجاءهم الصريخ بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل . قال أحمد : ففرحنا ".

وسجن أحمد في زمن المعتصم وأحضروه وقد زادوا قيوده . قال أحمد فلم أستطع أن أمشي بها و فربطتها في التكة وحملتها بيدي ثم جاءوني بدابة فحملت عليها فكدت أسقط على وجهي من ثقل القيود وليس معي أحد يمسكني ! وبات أحمد- في المحبس ثم احضروه إلى الواثق وناظر من عنده من العلماء ثلاثة أيام يقيم عليهم الحجة ولا يتزحزح عن موقفه حاملا علمه في صدره متمكنا من الكتاب والسنة غير كاتم شيئا رغبة أو رهبة ... وأخيرا جاءوا الخليفة من ناحية السياسة العامة فقالوا له " ليس من تدبير الخلافة أن تخلي سبيله ويغلب خليفتين "!!! وأخذوا أحمد وجردّوه من ثوبه وضربوه بالسياط حتي أغني عليه مرارا وحملوه مغشيا عليه بعد ضرب مرهق ! حدث هذا وهو صائم فأصر ‘لى إكمال يومه صائما وصلي في دمه . ومضت فترة وقام أحمد من مرضه وصفح عمن آذاه إلا أهل البدع وكان يقول :" ماذا ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك ؟!" ورحم الله لبشرا لحافي في تعقيبه على المحنة إذ يقول " أدخل أحمد الكير فخرج ذهبا أحمد ".

هذه النفوس – أيها الإخوة – ثمار تربية كريمة على هدي الكتاب والسنة تملقها السلطان فما لانت واشتد عليها البطش فما وهنت وما ضعفت وجمعت من العلم الكثير ورضيت من الدنيا القليل وعبدت ربها بالدعوة إليه والجهاد في سبيله والدفاع عن دينه وعاشت بخلق أبي لم تستطع الشهوات أيا كانت أن تعلوه .

فهل تستطيع مناهجنا أن تستهدف هذه الغاية وأن توجد الجيل المسلم الذي عرف الحق ويتبعه ويقول للمحسن أحسنت وللمسئ أسأت وهذا طريق الإحسان لا يسيل لعابه إذا رأي الذهب ولا يضطرب إذا رأي السيف؟؟

نحن محتاجون إلى هذا المنهج المتكامل الذي ينتزعنا من خمول يمتص حيوتنا وكسل يشل جهودنا وتواكل يكاد يدمر حاضرنا وتفاهات توشك أن ـأتي على كل ما بناه العاملون .

عقلية المناظرات :

1- وأحيانا يحلو لبعض الذين يعملون أن يقارنوا بين نواحي العمل وأهميتها النسبية ويتساءلون : أيهما أولي باهتمام: الجهاد أم العلم ؟

وكأنه لا يجاهد إلا الجهلاء ولا يتعلم إلا الجبناء , ولا يجمع بينهما أحد !!

2- واسمحوا لي – أيها الإخوة – أن أناقش هذا الأسلوب من التفكير فلعلنا ورثناه عن شبابنا المبكر حينما كنا نؤمر بكتابة موضوعات إنشائية في مدارسنا تقوم على المفاضلة , مثل : أيهما أكثر تأثيرا في الأمة: رجال العلم أم رجال الأدب ؟ أيهما أكثر تأثيرا في الطفل : أمه أم أبوه ؟ ورسب هذا الأسلوب في عقولنا مدة حتي عملنا في الإخوان فجاء يفرض علينا مرة أخري لنجري مناظرة بين الجهاد والعلم .

3- وما أود أن يتعصب كل منا لناحية عاش فيها أكثر من غيرها فأصبح لا يري الدنيا إلا بمنظارها فهذا باب خطر يؤدي إلى فرقة ولا ينفع في حله جلسات الصلح الشكلي الذي لا يتناول جوهر المسائل .


فطلب العلم والجهاد فرائض لا يماري فيها مسلم سلم له دينه وينبغي علينا أن نؤمن بالإسلام كلا لا يتجزأ وأن نعد أنفسنا فندفع عن ديننا بالعلم والعمل .

4- ولكن الأفراد حين يعملون يحسون أنهم يستطيعون خدمة دينهم في ناحية أكثر من أخري دون انحراف عن الفهم الكلي أو مبالغة في أهمية الثغرة التي يقيمون عليها أو تهوين من ثغرة لا يتصلون بها وعلي هذا عاش أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم : اتضحت في نفوسهم أصول الدين وقواعده وطبقوا أمره على نواحي حياتهم وعبدوا ربهم ف يجوف الليل ووضح النهار وسالت دموعهم من خشية الله واقتحموا غبار المواقع ووجد كل منهم مجالا برزت فيه مواهبه : فخالد في القيادة ,وأبو هريرة في الحديث , ومعاذ في الفرائض وأبي بن كعب في القرآن وتميز منهم أفراد موهوبون في أكثر من مجال كأبي بكر في الأنساب والإدارة وعلى في الحرب واللغة وما نعرف أنهم كانوا يتناظرون في أهمية القيادة بالنسبة إلى الحديث والفرائض والتلاوة ؟!

5- فنحاول – أيها الإخوة – حين نعمل أن نحرر عقولنا من هذه القيود الفكرية وأن نكون لأنفسنا منطقا إسلاميا سليما يتصل اتصالا مباشرا بالعهد الزاهر الأول الذي كشف فيه وجه الصحراء عن عبقريات كان الإسلام أصلح تربة لإنباتها .


وبعد .....

فهذه خطوط عامة مجملة قد يكون فيها الكثير من الحق المر والعمل المرهق .. فإن يكن فيها خير فمن الله وإن يكن غير ذلك فني ومن الشيطان ..

(ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ) .