هل ستعترف أمريكا بدولة فلسطين ؟؟ / النائب د. أيمن دراغمة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠١:٥٣، ٧ يناير ٢٠١١ بواسطة Opsa (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center>هل ستعترف أمريكا بدولة فلسطين ؟؟</center>''' '''بقلم:النائب د. أيمن دراغمة''' لا يجب أن نق...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل ستعترف أمريكا بدولة فلسطين ؟؟



بقلم:النائب د. أيمن دراغمة

لا يجب أن نقلل من أهمية اعتراف بعض دول العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية وأوروبا بدولة فلسطين مستقلة على حدود عام 1967، من الناحية السياسية الشكلية ومن الناحية الدبلوماسية وكذلك من حيث المضمون المعنوي الذي يتبع، وما ستكون عليه مواقف الدول جمعاء من موضوع الاعتراف بدولة فلسطين، وما يتحقق من هذا الاعتراف من النواحي القانونية والإنسانية، ومنها دخول فلسطين بشكل رسمي في العديد من المؤسسات الدولية، ومؤسسات الأمم المتحدة.

لكن مع كل ذلك فحقيقة الاعتراف التي تمت والتي ستتلاحق لا تعالج متطلبات الاعتراف بشكل كامل ومحدد حيث لا تجيب على مسائل الخلاف الأساسية، فالاكتفاء بالإعلان عن دولة على حدود 1967، لا يجبب على متطلبات أساسية لقيام الدولة مثل إزالة الاستيطان، والإعلان عن القدس عاصمة لدولة فلسطين بشكل صريح وواضح، وكذلك حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وحق الشعب الفلسطيني في المطالبة بتعويض عن سنوات الاحتلال.

وتتباين مواقف الدول من ذلك ، والغريب أن موقف الرباعية _ راعية السلام _ لم يُعلن بشكل واضح وفيما يخص الموقف الأوروبي، لا زال الموقف الأوروبي غير موحد ويترك المجال لكل دولة لتحديد سياستها، لأن السياسة الخارجية الأوروبية غير موحدة في جميع المسائل، ولذا فليس من المفاجئ أن لا نجد أن الموضوع غير مطروح وربما يؤجل طرحه على المجموعة الأوروبية بانتظار الموقف الأمريكي كما جرت العادة.

أمريكا لم تحسم موقفها من عدم الإعلان فحتى الآن لم يصدر أي موقف رسمي قاطع بذلك، وكما هي السياسة الأمريكية تميل أحياناً لعدم الإجابة على الأسئلة الصعبة وتجده أكثر سهولة من تقديم إجابة ينتج عنها إشكالات، ومع أننا جميعاً وبنسبة كبيرة مقتنعون بانحياز الموقف الأمريكي لصالح الاحتلال، إلا أن ذلك لا يعفي الإدارة الأمريكية دبلوماسياً من الإجابة على سؤال تطرحه مواقف الدول بشكل تلقائي من خلال اعترافها المتتالي بدولة فلسطين، فالسياسة الأمريكية لن تحرج نفسها مع الاحتلال الإسرائيلي في مواقف تبدو فيها أنها عاجزة أو غير قادرة على تحقيق مواقفها السياسية ووعودها على الأرض من ناحية، فقد كان هناك ضمانات باستخدام الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن إذا ما طرح الموضوع على مجلس الأمن، وهذا الموقف ينسجم مع مواقف أمريكا التاريخية من قضايا السياسة الخارجية التي لا تراها الإدارة الأمريكية إلا بعيون المصالح الأمريكية، حيث تجد أن المعيار الوحيد الذي يحكم سياسة أمريكا تجاه الآخرين هو مصلحتها بالدرجة الأولى فأمريكا التي أعلنت أنها على استعداد لمساعدة السودانيين على القيام بالاستفتاء، وأعلنت بشكل صريح أنها ستعترف بدولة الجنوب، لم تقدر في ذلك إلا مصالحها التي تقوم على تقسيم أراضي السودان وإنشاء دولة جنوبية تحقق أهدافاً إستراتيجية لمشاريع الغرب في القارة السمراء على المشارف الجنوبية لوطننا العربي.


دائماً أمريكا تقدم مستقبل الدولار على المبادئ والقيم والقانون الدولي، وهذا ليس بحاجة لكثير من الشرح والتفصيل، فمنذ أول يوم وطئت فيه أقدام الأمريكان أرض أمريكا ارتكبوا من المجازر والجرائم، وأزهقوا من الأرواح ما لم يذهب خلال الحرب العالمية الثانية، وأيضاً أمريكا عندما احتلت العراق وسببت للعراق وللأمة العربية ما لم يسجل في التاريخ من مصائب، كان دافعها مصالح أمريكا في المنطقة، وكذلك الحال في أفغانستان، ولذا فالتجارب الأمريكية والتاريخ الأمريكي غني بالدروس التي ستفيدنا في تفهم مواقفها وتصوراتها لقضايا الأمم والشعوب، ولا ننسى أن أمريكا في سياستها الخارجية لا تعير كثير اهتمام للحرج الأخلاقي والقانوني، حيث تعتبر نفسها أنها فوق كل البشر، بل يعتبرون أنهم فوق القانون الدولي، فهذه الزاوية لا تشكل حرجاً للموقف الأمريكي إطلاقاً، فكم مرة استخدمت فيه أمريكا حق الفيتو ضد قضايا قانونية وإنسانية وأخلاقية، وخاصة فيما يخص القضية الفلسطينية، فلا يقول قائل أننا سنحاصر الموقف الأمريكي في الزاوية من خلال سلسلة الاعترافات الدولية، فالزاوية الحرجة التي تشكل عامل ضغط على القرار الأمريكي هو حشر مصالحهم بدرجة تشعرهم أنهم بحاجة لتغيير الموقف، وذلك لا يتم إلا إذا شعر المواطن الأمريكي الغير آبه بالسياسة أن هناك ما يمس أموره الحياتية والمعيشية.

كذلك كل ما تم سابقاً منذ أن بدأت مسيرة المفاوضات أعطى دلالات بعدم جدية بامتناع الإدارة الأمريكية في فرض أجندتها على الاحتلال لما لذلك من تداعيات داخلية وخارجية، فمن الناحية الأولى، لا يريد أياً من رؤساء أمريكا أن يظهر بمظهر المناصر للعرب والفلسطينيين والمعادي بالوجه الآخر لإسرائيل، حتى لو كان ذلك في صالح إسرائيل، فمصالح الحزبين الحاكمين تتأثر بسياق تاريخي فيما يخص سياسات أمريكا في دعمها للمشروع الإسرائيلي من منطلق أمريكي وطني، كون وجود إسرائيل يشكل راعياً وحامياً لمصالح أمريكا في المنطقة، فإسرائيل بالنسبة لهم تعتبر أكبر وأفضل وأنجح حاملة طائرات تقدم خدماتها للمشروع الأمريكي والغربي، بشكل آمن وناجح، ودون أي عقبات، ومع ذلك هم مقتنعون بضرورة حل مشكلة الشعب الفلسطيني كما يسمونها بإقامة دولة فلسطينية، ولكن معايير هذه الدولة وحدودها وإمكانياتها يجب أن تكون بمقاييس إسرائيلية، وبدرجة أولى فيما يخص موضوع الأمن، فعندما يقدم قادة الاحتلال موقفهم من إقامة دولة على حدود 1967، ويوضحون المخاطر الأمنية التي يمكن أن تنجم، يشكل ذلك أساساً لمنطلقات وأسس ومبادئ التفكير الاستراتيجي الأمريكي لقيام دولة فلسطينية، ولذا تجد أن المواقف الأمريكية ضبابية، تقوم على سياسية الرعاية، والرعاية غير الملزمة وغير العادلة، ويستخدم الملف الفلسطيني بشكل دائم لأهميته ولانعكاساته على مجمل السياسة الخارجية الأمريكية بشكل رمزي فيما يخص العالم العربي والإسلامي.

وليس بسر أنهم يبعثون لنا بوعود عريضة ولكنها غير محددة وغير ملزمة، وفي المقابل موقفهم الداخلي مع الاحتلال يقوم على نفس الرؤيا المنطلقة من مصالح أمريكا أولاً، وهذا بديهي، فهكذا تضع الدول الحديثة سياساتها على أسس المصالح وليس على قاعدة الأخلاق والمبادئ.

وعليه، فحتى موضوع أن تقدم أمريكا بمبادرة للاعتراف بدولة فلسطينية على الخارطة ليس مضموناً، لما يشكل ذلك من إحراج يزعج الاحتلال.

وسؤال هام يسأله كل فلسطيني يمر على خبر الاعتراف يتناوله بنفسية اليأس والإحباط ويسأل نفسه ما أهمية كل ذلك، ما أهمية الاعتراف حتى لو تم، فمع أهميته التي تناولناها إلا أنه فعلياً وعملياً وبلغة المواطن الغلبان لن يجيب على السؤال الهام، ولا يقدم فيما يخص رغبات شعبنا بالحصول على دولته المستقلة، والخلاص من نار الاحتلال وإفرازاته المتعددة والتي ستظل هي الهم الأكبر والشغل الشاغل لكل غيور فنحن نريد عنباً وليس حصرماً.